الى متى تستمر سلسلة الانتهاكات الحقوقية في البحرين؟ ومتى ينتهي التمييز الطائفي؟ هل تعتبر الاحتجاجات لمطالبة المواطن بحقوقه جريمة يعاقب عليها؟ وهل فعلا إيران هي التي تأجج احتجاجات شيعية في البحرين؟ أسئلة كثيرة تسألها عندما تشاهد الوضع المأساوي المعقد الذي يعيشه الشعب البحراني ذو الأغلبية الشيعية من قمع حريات واتهامات وقتل واعتقالات.
ان موضوع البحرين شائك ومعقد وله الكثير من الأسباب والمؤاخذات الغير مبررة ففي عام 2011 خرج الشيعة ذو الأغلبية السكانية في البحرين للمظاهرة ضد التمييز الطائفي الذي يعيشونه من قبل الحكومة وطالبوا بنصيب أكبر من حكم البلاد وقد قمعت الحكومة البحرانية هذه المظاهرة بأشد العقوبات واتهمت إيران بأثارة العنف وتأجيج الاحتجاجات الشيعية في البلاد بينما تنفي إيران التدخل في شؤون البحرين على الرغم من اعترافها بمساندة جماعات معارضة تسعى للحصول على مزيد من الحقوق للشيعة في البحرين.
فقد أقر مجلس الشورى تعديلا دستوريا يسمح بمقاضاة من يشتبه بأنهم متشددون أمام المحاكم العسكرية. ووافق مجلس الشورى على التعديل على أساس أنه سيحمي أمن المملكة من هجمات المتشددين. لكن المحللون السياسيين رفضوا هذا القرار واعتبروه انه سيوسع اختصاص المحاكم التي تنظر في تجاوزات قوات الأمن لتشمل المدنيين.
لاتزال سلسلة القمع والاعتقالات مستمرة الى يومنا هذا حيث تشهد البحرين اضطرابات بين الحين والأخر ويقبع آلاف في البحرين ذات الأغلبية الشيعية في السجون بتهم تتراوح من المشاركة في مظاهرات مناهضة للحكومة إلى المشاركة في هجمات مسلحة على قوات الأمن. حيث تم اعتقال الناشط إبراهيم الشريف بسبب تغريده نشرها في تويتر ينتقد من خلالها ديمقراطية الدولة المزيفة وجاء فيها "ماذا يبقى من ديكور الدولة الديمقراطية؟"، وذلك بعد تهديد سلطات البحرين بحل مجموعات سياسية أخرى، بعد حل جمعية "الوفاق"، أبرز قوى المعارضة الشيعية.
أيضا تم اعتقال صحافية بحرينية متهمة بالعمل لوسيلة إعلام أجنبية من دون ترخيص، بالرغم من تأكيد محاميها انها كانت تملك تصريحا، بحسب ما أفاد مصدر قضائي. لكن يرى المختصون ان تعرضها للاعتقال بسبب تغطيتها لقمع احتجاجات لعام 2011 التي قادتها الغالبية الشيعية وعند الافراج عنها قالت الصحفية انها تعرضت للضرب المبرح والاهانة من قبل عدة شرطيات بعد اتهامها بالكذب في تغطيتها الصحافية.
ان أوضاع الانتهاكات الحقوقية في السجون وخارجها التي يعيشها الشعب البحراني ذو الاغلبية الشيعية اثارت قلق المجتمع الدولي حيث قدمت سويسرا بيان لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وانتقدت فيه سجل البحرين في مجال حقوق الإنسان والانتهاكات التي تحدث في البلاد وخاصة في السجون واستخدام التعذيب وعدم كفاية ضمانات المحاكمة النزيهة والاستخدام المفرط للقوة خلال المظاهرات السلمية بالإضافة إلى عمليات الانتقام من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان.
لكن البحرين تنكر حدوث هكذا مخالفات وتدعي الديمقراطية الظاهرة فقط، حيث قام مجلس النواب البحراني بتوجيه دعوة مفتوحة للمفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان الأمير زيد رعد الحسين لزيارة البحرين وستكون الزيارة بدون قيود وسيسمح للأمير زيد بزيارة أي مكان أو قرية أو سجن حسب ماصرح به نواب من البحرين وأضافت الصحيفة "قال النواب خلال مناقشاتهم إنه لن تكون هناك قيود على تحركاته.
زيارة مراكز الاحتجاز
قالت وسائل إعلام بحرينية إن برلمان البحرين دعا المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان لزيارة البلاد ووعده بأنه لن تكون هناك أي قيود على تحركاته وسيسمح له بزيارة السجون والقرى الشيعية وذلك في أعقاب انتقاداته لسجل المملكة الحقوقي. ورحب مسؤول بارز بمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف بالدعوة وقال إن أي زيارة يجب أن تتناول قضايا منها تقارير عن تعذيب وحملات على النشطاء والأحزاب السياسية في البلد.
وفي جنيف قال محمد النسور رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان لرويترز إن بعثة فنية برئاسته لم تتمكن في فبراير شباط من العام الماضي من زيارة مراكز احتجاز. وقال النسور إن المكتب لديه الكثير من المخاوف فيما يتعلق بالبحرين. وأضاف قائلا "أكثر ما يقلقنا هو أن لدينا مزاعم عن تعذيب... وانكماش الحيز الديمقراطي للنشطاء السياسيين والجمعيات السياسية (الأحزاب) في البلاد."
وتنظر دول خليجية عربية أخرى يحكمها السنة مثل السعودية إلى البحرين، التي تستضيف الأسطول الخامس الأمريكي، على أنها خط دفاع في مواجهة نفوذ إيران الشيعية. ويقول شيعة البحرين إن الحكومة التي يهيمن عليها السنة تميز في المعاملة ضدهم في حين تنكر السلطات ذلك وتقول إن الساسة المعارضين يحاولون تقويض الأمن.
قمع المجتمع المدني
استدعت دولة الإمارات العربية المتحدة سفيرة سويسرا للتنديد ببيان قدمته سويسرا لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وانتقدت فيه سجل البحرين في مجال حقوق الإنسان. وذكرت وكالة أنباء الإمارات (وام) إن وزارة الخارجية بدولة الإمارات أبلغت السفيرة السويسرية "انه كان من الأجدر أن تحل مثل هذه المسائل عبر القنوات الثنائية التي تم إنشاؤها بين البحرين وسويسرا لهذا الغرض."
وكان فالنتين زيلويجر سفير سويسرا لدى الأمم المتحدة بجنيف قد يزور البحرين إلى التعاون مع إجراءات مجلس حقوق الإنسان وأبدى قلقه بشأن "قمع المجتمع المدني" في البحرين. وقال إن "استخدام التعذيب وعدم كفاية ضمانات المحاكمة النزيهة والاستخدام المفرط للقوة خلال المظاهرات السلمية بالإضافة إلى عمليات الانتقام من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان أو من يتعاون مع الأمم المتحدة يثير القلق." بحسب رويترز.
وتقول جماعات لحقوق الإنسان إن البحرين شنت حملة واسعة على المعارضين منذ انتفاضة وقعت في 2011 بقيادة الشيعة الذين يمثلون أغلبية في البلاد للمطالبة بدور أكبر في الحكومة. وحظرت السلطات الجماعة الشيعية الرئيسية في البحرين وطبقت إجراءات قانونية لحظر جماعة علمانية أخرى واعتقلت نشطاء وجردت الزعيم الروحي للشيعة في البلاد من جنسيته. وتقول البحرين إن إجراءاتها موجهة ضد الأشخاص الذين يثيرون أعمال عنف وتوترات طائفية ونفت اتهامات نشطاء بأنها تستهدف المعارضين.
قمع الصحفيون
بدأت محاكمة نزيهة سعيد، مراسلة قناة "فرانس 24" وإذاعة "مونتي كارلو دولية" الناطقة بالعربية، في 16 كانون الثاني/يناير، بتهمة العمل كمراسلة رغم انتهاء صلاحية ترخيصها. ودفع محامي سعيد ببراءة موكلته، قائلا إنها كانت بالفعل تملك تصريحا وقدمت طلبا لتجديده قبل يوم من انتهاء صلاحيته، بحسب المصدر.
وحددت المحكمة تاريخ 25 أيار/مايو موعدا للنطق بالحكم. ودعت منظمة "مراسلون بلا حدود" وراديو "فرانس ميديا موند" السلطات البحرينية إلى "إسقاط التهم" ضد سعيد. وأشارت "مراسلون بلا حدود" إلى أن سعيد كانت تواجه غرامة محتملة تصل إلى ألف دينار بحريني (2653 دولار) في حال ادانتها، بعد دعوى قدمها مسؤول في وزارة الإعلام الصيف الماضي.
وقالت المنظمة إن سعيد في وضع حساس منذ حزيران/يونيو "عندما علمت أن السلطات رفضت تجديد اعتمادها كمراسلة لفرانس 24 وراديو مونتي كارلو دولية". وواجهت الصحافية مشاكل مع السلطات بسبب تغطيتها لقمع احتجاجات العام 2011 التي قادتها الغالبية الشيعية. بحسب فرانس برس.
وفي تشرين الاول/اكتوبر 2012 برأت محكمة بحرينية شرطية أتهمتها الصحافية بتعذيبها اثناء احتجازها المؤقت. وقالت الصحافية في ذلك الوقت انها تعرضت للضرب المبرح والاهانة من قبل عدة شرطيات بعد اتهامها بالكذب في تغطيتها الصحافية. وافرج عنها بعد منتصف الليل، وبعد ايام اعلنت وزارة الداخلية البدء في اتخاذ اجراءات ضد المتهمات باساءة معاملتها.
ماذا يبقى من ديكور الدولة الديمقراطية
أوضح معهد البحرين للحقوق والحريات ومقره بريطانيا في بيان، أن المعارض إبراهيم الشريف استجوب بشأن تغريدات نشرها حول عدة مواضيع، وأنه علاوة على رسائل الدعم لمعتقلين سياسيين، كتب الشريف في تغريدة، "ماذا يبقى من ديكور الدولة الديمقراطية؟"، وذلك بعد تهديد سلطات البحرين بحل مجموعات سياسية أخرى، بعد حل جمعية "الوفاق"، أبرز قوى المعارضة الشيعية.
وكانت وزارة العدل قد بدأت في مستهل آذار/مارس إجراء قضائيا لحل مجموعة العمل الديمقراطي "وعد"، التي أسسها الشريف ويتولى أمانتها العامة. وقالت منظمة العفو الدولية في بيان أن الشريف "يعاقب ظلما فقط لأنه مارس حقه في حرية التعبير". من جانبها، قالت لين معلوف، المديرة المساعدة للبحوث في مكتب منظمة العفو الدولية ببيروت، "إن الاتهام الموجه إليه سخيف ويجب التخلي عنه فورا"، مضيفة أن السلطات البحرينية تسعى إلى "التضييق وترهيب كل من يجرؤ على التعبير بشأن انتهاكات حقوق الإنسان" في المملكة. بحسب فرانس برس.
وكان قد تم الإفراج عن الشريف في تموز/يوليو 2016، بعد أن أمضى سنة في السجن بداعي "الحض على كراهية النظام" أيضا، وأدين بهذه التهمة بعد أن انتقد الحكومة أثناء موكب لإحياء ذكرى قمع الحركة الاحتجاجية في 2011 وأودع السجن بعد نحو شهر من الإفراج عنه بموجب عفو ملكي في حزيران/يونيو 2015. وكان قد أمضى أكثر من أربع سنوات في السجن بعد الحكم عليه بالسجن خمس سنوات، بداعي مشاركته في تظاهرات 2011 في خضم "الربيع العربي".
محاكمة مدنيون عسكريا
وافق مجلس الشورى المعين من الملك ويضم 40 عضوا في جلسة على مشروع تعديل الدستور، بحسب اعضاء في المجلس، بعد اقل من اسبوعين من موافقة مجلس النواب المنتخب الذي يضم 40 عضوا ايضا على التعديل. واقر مجلس الشورى التعديل بالأجماع، وفقا لما افاد به الاعضاء في المجلس وكالة فرانس برس، ليكون المشروع بذلك قد حظي بموافقة كامل السلطة التشريعية، وليرفع عبر الحكومة الى الملك حمد بن عيسى ال خليفة ليصادق عليه.
وفي حسابه في تويتر، قال مجلس الشورى في تغريدة "توافقا مع ما جاء به من تعديل يحفظ أمن واستقرار المملكة، الشورى يوافق بالاجماع على التعديل الدستوري". ويستبدل التعديل فقرة في الدستور تنص على حصر المحاكمات العسكرية بالجرائم التي يرتكبها عسكريون ورجال امن.
وتقول الفقرة "ب" من المادة 105 "يقتصر اختصاص المحاكم العسكرية على الجرائم العسكرية التي تقع من افراد قوة الدفاع والحرس الوطني والأمن العام، ولا يمتدُّ إلى غيرهم إلا عند إعلان الأحكام العرفية، وذلك في الحدود التي يقررها القانون". وألغت الفقرة الجديدة هذه الحصرية، مشيرة الى ان القانون هو الذي ينظم من الآن فصاعدا عمل القضاء العسكري. ونصت على "ينظم القانون القضاء العسكري، ويبين اختصاصاته في كل من قوة دفاع البحرين والحرس الوطني وقوات الأمن العام". بحسب فرانس برس.
وبحسب مسؤولين في وزارة الداخلية والقوات المسلحة، فان التعديل الدستوري يسمح للجهات المختصة باحالة بعض الجرائم التي تشكل "ضررا على المصلحة العامة" الى القضاء العسكري. ويشير هؤلاء الى ان التعديل يهدف الى "حماية الأجهزة الأمنية، بما في ذلك منشآتها وأفرادها وضباطها من جميع الأعمال الارهابية".
توترات بين إيران والبحرين
قالت البحرين إنها كشفت عن تنظيم متشدد يضم 54 عضوا وله صلات بإيران يشتبه في ضلوعه في هجمات على قوات الأمن منها تدبير هجوم على سجن في يناير كانون الثاني وإنها ضبطت أسلحة رشاشة. وهذه واحدة من أكبر العمليات الأمنية ضد من يشتبه بأنهم متشددون تلقي عليهم البحرين باللوم في تزايد الهجمات المسلحة على قوات الأمن في المملكة التي يتمركز فيها الأسطول الخامس الأمريكي.
وتصاعدت التوترات في البحرين منذ العام الماضي بعد أن كثفت السلطات من حملة أمنية ضد المعارضة وحظرت جمعية الوفاق الوطني المعارضة واعتقلت ناشطا بارزا ومنتقدا للحكومة وأسقطت الجنسية عن الزعيم الروحي للأغلبية الشيعية. ونقلت وكالة أنباء البحرين عن أحمد الحمادي المحامي العام رئيس نيابة الجرائم الإرهابية قوله إن قوات الأمن اعتقلت 25 عضوا وضبطت 11 مسدسا وبنادق كلاشنيكوف في سلسلة من العمليات منها محاولة تهريب أسلحة في ديسمبر كانون الأول.
وذكرت الوكالة أن الحمادي أضاف أن تحقيقا في واقعة الهجوم على سجن في يناير كانون الثاني كشف أن قائد التنظيم المقيم في ألمانيا ساعد في تنظيم رحلات لأعضاء من البحرين إلى إيران والعراق للتدريب. وقال الحمادي "التحريات كشفت أن عمليات تنقل الإرهابيين إلى عدد من الدول كانت تنطلق عبر أحد قادة التنظيم في جمهورية ألمانيا الاتحادية الذي عمل على تدبير إجراءات سفر عدد من أعضاء التنظيم إلى إيران والعراق للتدريب على استعمال المتفجرات والأسلحة النارية في معسكرات الحرس الثوري لإعدادهم لتنفيذ الجرائم الإرهابية داخل البلاد". بحسب رويترز.
وقالت السلطات وقتها إن قوات الأمن قتلت ثلاثة رجال واعتقلت سبعة خلال تبادل لإطلاق النار في البحر لدى محاولتهم الفرار إلى إيران. وأعدمت البحرين في فبراير شباط ثلاثة رجال أدينوا بقتل ثلاثة من أفراد الشرطة من بينهم ضابط إماراتي في هجوم بقنبلة في 2014. وتتهم البحرين بشكل متكرر إيران بالوقوف وراء هجمات بقنابل استهدفت أجهزة أمنية وتأجيج احتجاجات شيعية في البلاد. وتنفي إيران التدخل في شؤون البحرين على الرغم من اعترافها بمساندة جماعات معارضة تسعى للحصول على مزيد من الحقوق للشيعة في البحرين.
اضف تعليق