q

ما تزال الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي أصبحت أكثر قوة وتسلط بعد وصول الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب الى البيت الابيض، تواصل انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك عن طريق قتل المدنيين والاعتقالات التعسفية وأعمال تعذيب وهدم البيوت وتوسيع مشروعها الاستيطاني، وقد كشف تقرير منظمة العفو الدولية "أمنستي" وكما نقلت بعض المصادر، عن ان اسرائيل ارتكبت في العام 2016 جرائم حرب، وإعدامات خارج نطاق القضاء، وعمليات تعذيب، ومخالفات واسعة ضد حقوق الانسان، بما في ذلك اعتقال او مواصلة اعتقال فلسطينيين من دون محاكمة، وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، وعرقلة تحركات الفلسطينيين بشكل بالغ.

وبحسب تقرير منظمة "أمنستي" العالمية، فقد "قتلت القوات الإسرائيلية مدنيين فلسطينيين، بينهم أطفال، بصورة غير مشروعة، في إسرائيل كما في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واعتقلت آلاف الفلسطينيين من أهالي الأراضي الفلسطينية المحتلة ممن عارضوا استمرار الاحتلال العسكري الإسرائيلي، واحتجزت المئات منهم رهن الاعتقال الإداري. واستمر تفشي التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة للمعتقلين، ولم يعاقب أحدا على ذلك". وواصلت السلطات الاسرائيلية "تعزيز المستوطنات غير الشرعية في الضفة الغربية، بما في ذلك السعي إلى "شرعنة" المستوطنات التي أقيمت على أراض فلسطينية مملوكة لأهالي الضفة الغربية، بأثر رجعي؛ وفرضت حالة حصار على بعض المناطق عقب هجمات قام بها فلسطينيون ضد إسرائيليين. كما واصلت القوات الإسرائيلية حصارها لقطاع غزة، فأخضعت سكانه البالغ عددهم 1.9 مليون فلسطيني للعقاب الجماعي، وهدمها منازل الفلسطينيين في الضفة الغربية والقرى البدوية في منطقة النقب، لتخلي سكانها من ديارهم قسرا.

تهدم المنازل

وفي هذا الشأن قالت منظمة حقوقية إسرائيلية إن العام 2016 شهد عددا قياسيا من منازل الفلسطينيين التي هدمتها إسرائيل في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وأضاف مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم) في تقرير "هدمت السلطات (الإسرائيلية) شرقي القدس 88 منزلا سكنيا و48 مبنى. في بقية أنحاء الضفة الغربية هدمت السلطات 274 منزلا و372 مبنى استُخدمت لغير أغراض السكن."

وقالت المنظمة في تقريرها "تعكس أعمال الهدم هذه سعي إسرائيل للحدّ من الوجود الفلسطيني في المناطق التي تحاول السيطرة عليها مستخدمة لأجل ذلك الوسائل التخطيطية والإداريّة." وأضافت المنظمة أن عمليات الهدم في الضفة الغربية باستثناء القدس "خلفت بلا مأوى 1134 شخصا من ضمنهم 591 قاصرا." وجاء في التقرير أن " نطاق الخراب الذي زرعته إسرائيل في هذا العام (2016) يفوق عدد المنازل التي هدمتها في الضفة في العامين 2014 و2015 معا."

وأورد التقرير تفاصيل عمليات الهدم التي شملت معظم أنحاء الضفة الغربية. ويحتاج الفلسطينيون من أجل البناء في المناطق المصنفة (ج) حسب اتفاق أوسلو والتي تشكل 60 بالمئة من الضفة الغربية إلى موافقة من الجانب الإسرائيلي والذي نادرا ما يوافق على منحها. وقالت (بتسيلم) في تقريرها "تنفذ السلطات (الإسرائيلية) أعمال الهدم بذريعة البناء غير القانوني. إنّها ذريعة ساخرة حين تمنع السلطات نفسها الفلسطينيين من البناء بشكل قانونيّ (لكنها) ترفض المصادقة على خطط التطوير والبناء للفلسطينيين أو تعرقل المصادقة عليها."

وأضافت المنظمة قائلة "عدد تراخيص البناء للفلسطينيين التي يتمّ إصدارها بناءً على طلب الفلسطينيين في المنطقة (ج) يكاد لا يُذكر." واستعرض التقرير عمليات الهدم التي جرت في عام 2016 في مدينة القدس. وقال "هدمت السلطات الإسرائيلية 73 منزلا شرقيّ القدس. إضافة إلى 15 منزلاً آخر هدمها أصحابها بأنفسهم بعد أن تلقّوا أوامر هدم من البلدية وذلك لكي يتجنّبوا دفع تكاليف الهدم والغرامات المالية التي تفرضها البلدية." بحسب رويترز.

وأضاف التقرير أن عمليات الهدم في القدس "خلّفت 295 شخصًا من بينهم 160 قاصرًا بلا مأوى." وأشار التقرير إلى أن "هذا هو عدد المنازل الأكبر الذي جرى هدمه خلال عام واحد منذ عام 2004 حين بدأت بتسيلم بتوثيق أعمال هدم المنازل في شرقيّ القدس." قال التقرير إن السلطات الإسرائيلية هدمت في القدس 48 مبنىً استخدمت لغير أغراض السكن." وأضاف التقرير "تعكس هذه المعطيات ارتفاعًا كبيرًا في نطاق أعمال الهدم شرقيّ المدينة. وعلى سبيل المقارنة ننوّه أن السلطات هدمت هناك 47 منزلاً في عام 2015."

الأطفال في سجون إسرائيل

في السياق ذاته قال مسؤولون فلسطينيون وهيئات في مجال حقوق الإنسان إن هناك زيادة في أعداد الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية في السنة الأخيرة صاحبها سوء معاملة لهم. وقال قدروة فارس رئيس نادي الأسير الفلسطيني "اللافت في العام 2016 أن هناك ارتفاعا في حالات اعتقال الأطفال إضافة إلى تحويل عدد منهم إلى الاعتقال الإداري." وأضاف "ونحن حينما نتحدث عن أطفال نتحدث عن أعمار 11 و12 و13 و15 سنة إلى 18 سنة ولكن الغالبية هم من أعمار 13 و14 و15."

ويرى فارس أن "هناك سياسة إسرائيلية واضحة لإرهاب الأطفال سواء كان ذلك من حيث عدد حالات الاعتقال المرتفع أو الأحكام العالية التي يتم الحكم بها على عدد منهم." وتشير الإحصاءات الفلسطينية إلى ارتفاع عدد الأطفال المعتقلين في السجون الإسرائيلية حيث بلغ المعدل الشهري احتجاز 420 طفلا خلال العام 2016‭ ‬مقارنة مع 220 طفلا في العام 2015.

وقالت متحدثة عسكرية إسرائيلية إن فلسطينيين دون السن القانونية شاركوا في مئات من "الحوادث الإرهابية" في الضفة الغربية العام الأخير من عمليات طعن إلى إلقاء الحجارة والقنابل الحارقة. وأضافت أن الجيش أخذ عدة خطوات لتقليل هذه الظاهرة منها استدعاء أهالي الأطفال المشاركين في الأحداث ومناقشتهم وإحالة بعض الحالات إلى السلطة الفلسطينية والاعتقال إذا اقتضت الضرورة.

وتشير إحصائية رسمية إسرائيلية إلى أن عدد المعتقلين من الأطفال في 2015 بلغ 190 قاصرا وارتفع العدد إلى 226 قاصرا في 2016. وتفتقد مئات العائلات الفلسطينية أطفالها الذين تعتقلهم إسرائيل في سجونها بتهم مختلفة منها المشاركة في عمليات طعن وإلقاء الحجارة على قواتها والمستوطنين في الضفة الغربية. وتشير أحدث الإحصائيات الفلسطينية إلى أن هناك ما يقارب من 300 طفل بينهم 13 فتاة في السجون الإسرائيلية. ويروي عدد من أهالي الأطفال معاناتهم في ظل اعتقال أطفال لم تتجاوز أعمارهم 13 عاما وما يسببه غيابهم من ألم ومعاناة لهم.

وقال عصام إبراهيم والد الطفل صهيب (12 عاما) الذي اعتقل من منطقة قريبة من منزله في بلدة بيرزيت إلى الشمال من رام الله "ما عدت أعرف طعم النوم من ما اعتقلوا ابني إلي بدرس في الصف السادس وأنا أفكر فيه طول الليل." وأضاف "المرة الأخيرة التي شاهدت ابني فيها في نفس اليوم الذي تم اعتقاله... تركوني أشوفه لفترة قصيرة جدا خلال وجوده في مركز التحقيق وكان مبين أنهم ضاربينه." وأوضح إبراهيم أن ابنه نفى التهمة الموجهة إليه وهي إلقاء الحجارة وقال إنه تم اعتقاله من مكان قريب من البيت ولم يكن هناك إلقاء للحجارة في المنطقة. وأضاف "ما يحاول جيش الاحتلال القيام به هو إرهاب الأطفال وأهلهم."

يروي بعض الأطفال الذين أفرج عنهم بعد اعتقالهم شهادات عن تعرضهم للضرب خلال فترة التحقيق معهم. وقال الطفل جبر بدوي (13 عاما) الذي أفرج عنه في الآونة الأخيرة "نزلت على المقبرة أقرأ الفاتحة على قبر سيدي مسكوني مستعربين (قوات خاصة إسرائيلية) حط المسدس في رأسي رقعني (ضربني) في الأرض." وأضاف "أعطوني للجيش وطبوا (بدأوا) في الضرب وربطوا ايدي وحطوا عصبة على عيني." وقال إن الجيش وجه له تهمة نفاها وهي ضرب الحجارة. وأضاف "قعدت في التحقيق خمسة أيام كان بيقول لي (المحقق) كل الوقت اعترف بس أنا ما اعترفت وحكموني شهر وحطوني في سجن عوفر في قسم الأشبال."

وأفرج عن بدوي بعد قضائه نصف المدة وقال والده إنه لم يره منذ اعتقاله حتى تم الإفراج عنه. ويروي الطفل أسامة زيدات محنته وهو على سرير في مستشفى رام الله الحكومي الذي وصل إليه بعد الإفراج عنه عقب أربعة شهور قضاها في مستشفى إسرائيلي وعيادة سجن الرملة وتبدو إصابة واضحة في ساقه اليمني المثبتة بهيكل من الحديد إضافة إلى إصابة في ظهره. وقال "إلي صار معي انو الجيش طخ علي وهجموا علي ودعس جندي على إيدي وقعدوا يحققوا معي ورفعوني بعد عشر دقايق على حمالة كان يوم جمعة وبعدين أغمي علي وصحيت يوم الأحد لقيت حالي في المستشفى (في إسرائيل)."

وأضاف "الدكتور قال لي إنك اطلعت من الموت لحقناك... قلتله أنا عرفت إني متصاوب وقضيت 18 يوما في مستشفى شعاري تصيديق وعانيت فيها كثير كان علي حراسة وكانوا مكلبشين (مكبلين) ايدي ورجلي." وتابع "حققوا معي لما اتصاوبت قبل ما يسعفوني سألوني ليش أنت جاي هون (أرض جنب بلدهم بني نعيم) وشو بتعمل هون وبعدين حملوني بالحمالة وبعدها ما دريت عن الدنيا... بعد عشرة أيام رجعوا حققوا معي ما سمحوا لأهلي يزوروني وأنا بالمستشفى."

وتابع قائلا "أنا ما بخاف من الاحتلال لما طخوني كنت لحالي وقف جنود حكوا في العبري فهمت إنو لازم أروح على البيت لفيت حالي وبعدين وقعت على الأرض ما كان معي سكين وما كان معي شي كنت في أرض جنب البلد (بني نعيم)." ويأمل زيدات العودة إلى المدرسة وقال "إن شاء الله برجع على المدرسة أنا بالصف التاسع وبدي أرجع على المدرسة." ويصف والد الطفل أسامة فترة احتجاز ولده بأنها "مرحلة صعبة جدا مرت علينا لأنو ابني أسامة ترك فراغا كبيرا في البيت." وأضاف الأب الذي يعمل مدرسا في المدرسة التي يتعلم فيها ابنه "كان مرحا وهو الأول على صفه ومتفوق ومتميز كان إلو بصمة كثير في حياتنا مرح اجتماعي الكل بحبه."

وقال الأب فيما كان يقف إلى جانب السرير الذي يرقد عليه ولده "مش قادر أوصف لك الفترة التي مرت علينا لما عرفنا انو أصيب وكان وضعه حرجا كنا بصعوبة نعد الأيام والساعات وزرناه بعد 3 شهور زرناه في عيادة سجن الرملة وقبلها كنا نشوفه في المحكمة عن بعد خمس أمتار لدقيقتين وبعدين يأخذوه." وأضاف "كان يجي على المحكمة على سرير في سيارة إسعاف مكبل في ايديه ورجليه رغم إصابته."

ويحاول والد أسامة إخفاء دمعته وهو يصف شعوره "شعور لا يوصف أن ترى ابنك مصابا وأن لا تستطيع أن تحضنه حتى لما كنا نزوره في الرملة كان يكون في جدار من الزجاج بينا." وترى والدة أسامة أن عمرا جديدا كتب لولدها وقالت "ابني رجع للحياة بقدرة ربنا إصابات وحشية خمس شهور ما عشت فيها لما أسامة ما كان عندي ما كنت أحس بالأيام." وأضافت "أسامة أمبارح (بعد يوم من الإفراج عنه) في الليل كان مرة يضحك ومرة يعيط (يبكي) سألته ليش بتضحك وبتعيط قال أنا هيك بضحك وهيك بعيط من إلي شفته بعيادة الرملة وبطلت أحس في ألمي وصار يضرب في رأسه."

وينتظر أسامة تحديد موعد لمحاكمته حيث تم الإفراج عنه بكفالة مالية قدرها 25 ألف شيقل والتي يخشى والده أن يتم تحديد موعد لها قبل تماثله للشفاء. وقال عيسى قراقع إن الطفل أسامة ليس الوحيد الذي كان معتقلا وهو مصاب فهناك 40 طفلا تم اعتقالهم بعد إصابتهم. وأضاف خلال تواجده في المستشفى لزيارة الطفل أسامة "هناك أكثر من 40 طفلا مصابا موجودين داخل السجون الإسرائيلية كانوا من المستهدفين من قبل قوات الاحتلال بالرصاص ومن قبل القناصة الإسرائيليين."

وتابع "هذه جريمة حرب والطفولة الفلسطينية مستهدفة والطفولة الفلسطينية تتعرض للقتل والانتقام من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي." وأوضح قراقع أن "الأطفال في العامين الأخيرين هم الذين كانوا مستهدفين سواء بالاعتقالات الواسعة أو القتل أو بإصدار الأحكام الرادعة بحقهم من قبل المحاكم العسكرية الإسرائيلية." وقال "إسرائيل تستهدف كل المجتمع الفلسطيني من خلال هذه الممارسات سواء الاعتقالات أو القتل. تريد أن تخمد غضب هؤلاء الفتية على واقع الاحتلال الصعب والقاسي جدا." قالت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال فرع فلسطين إنها رصدت بعد عام 2015 حالات فرض اعتقال إداري على الأطفال.

وأضافت الحركة في تقرير أنها لم توثق منذ ديسمبر كانون الأول عام 2011 وحتى شهر أكتوبر تشرين الأول 2015 أي حالات اعتقال إداري لأطفال فلسطينيين في الضفة الغربية. وأوضحت الحركة في تقريرها أن "سلطات الاحتلال تعتمد على قانون الطوارئ الذي يسمح باستخدام الاعتقال الإداري في القدس واستخدمته ضد الأطفال الفلسطينيين في القدس الشرقية لأول مرة في شهر تشرين أول (أكتوبر) 2015." وجاء في التقرير أن "إسرائيل تعتبر الدولة الوحيدة في العالم التي تحاكم بشكل منهجي ما بين 500 و700 طفل فلسطيني أمام المحاكم العسكرية كل عام بشكل يفتقر إلى الحقوق الأساسية للمحاكمة العادلة."

وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في منظمة التحرير الفلسطينية إن هناك 10 أطفال تم تحويلهم إلى الاعتقال الإداري خلال عام 2016. وقالت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في تقريرها "تنص المعايير الدولية لعدالة الأحداث الملزمة إسرائيل بتنفيذها بعد أن صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل في عام 1991 على أن حرمان الأطفال من حريتهم يجب أن يكون الملاذ الأخير وأنه لا يجوز الاحتجاز بشكل غير قانوني أو تعسفي."

وأوردت الحركة أمثلة على أحكام لفترات طويلة على الأطفال ومنهم الحكم على الطفل أحمد مناصرة (14 عاما) من بيت حنينا بالسجن 12 عاما إضافة إلى "تعويض" مالي قدره 180 ألف شيقل وعلى الطفلين منذر خليل أبو ميالة (16 عاما) ومحمد طه (15 عاما) وهما من مخيم شعفاط بالسجن الفعلي لمدة 11 عاما و"تعويض" مالي بقيمة 50 ألف شيقل لكل منهما. ويرى مسؤولون فلسطينيون أن إسرائيل تفرض أحكاما "جائرة" على الأطفال الفلسطينيين والتي كان أحدثها يوم الأحد بالحكم على الفتاة منار الشويكي (16 عاما) من مدينة القدس بالسجن الفعلي 6 سنوات بتهمة "التخطيط لعملية طعن".

وقال رئيس نادي الأسير "الحكم على طفلة بالسجن لست سنوات هو حكم جائر يعكس مستوى استخفاف الاحتلال بالقانون الدولي." وقال أمجد أبو عصب رئيس لجنة أهالي الأسرى في مدينة القدس "الحكم على الفتاة منار الشويكي بعد 14 عشرا على اعتقالها بالسجن لست سنوات بتهمة التخطيط لعملية طعن دون أن تحاول أو تطعن أحد هو حكم جائر." وأضاف "الاحتلال يريد استعادة حالة الردع عبر سلسلة من الأحكام العالية ضد الأطفال التي يريد من خلالها إرسال رسالة أنه يضرب بيد من حديد."

وشهدت المواجهات الأخيرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي اندلعت منذ أكتوبر تشرين الأول عام 2015 مشاركة عدد من الأطفال الفلسطينيين بعمليات طعن ضد الإسرائيليين. وتتهم إسرائيل الفلسطينيين بإتباع سياسة تحريض تقود الأطفال إلى المشاركة في عمليات طعن أو إلقاء حجارة على الإسرائيليين. وقال أوفير جندلمان المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي في تغريدة على تويتر قبل أيام "من خلال هذا التحريض الوحشي والممنهج السلطة الفلسطينية تبذل قصارى جهودها لتؤكد أن الصراع سيستمر ويتصاعد من قبل الأجيال القادمة." بحسب رويترز.

وترفض القيادة الفلسطينية هذه الاتهامات وتدعو إلى إعادة تفعيل لجنة ثلاثية فلسطينية إسرائيلية أمريكية شكلت بعد التوقيع على اتفاق أوسلو للسلام مهمتها مراقبة التحريض لدى الجانبين. وتشير آخر الإحصائيات الفلسطينية أن هناك 7000 معتقل فلسطيني في السجون الإسرائيلية بينهم أطفال ونساء.

التحفيز على القتل

من جانب اخر اتهمت الحكومة الفلسطينية إسرائيل بإعطاء "الضوء الأخضر" لجنودها من أجل ارتكاب "جرائم" بعد قرار محكمة إسرائيلية سجن جندي إسرائيلي أجهز على فلسطيني جريح لمدة 18 شهرا. وقال الناطق باسم الحكومة الفلسطينية طارق رشماوي "الحكومة الفلسطينية ترى هذا الحكم المخفف على الجندي القاتل بمثابة منح الضوء الأخضر لجنود الاحتلال لمواصلة جرائمهم بحق شعبنا". وقررت المحكمة المكونة من ثلاثة قضاة عسكريين الحكم على الجندي إيلؤور عزريا لإدانته بقتل الشاب الفلسطيني عبد الفتاح الشريف في شهر آذار/مارس الماضي، بعد إصابته. ووثق ناشط فلسطيني بكاميرته لحظة إطلاق الجندي الإسرائيلي النار على الفلسطيني وهو مصاب وممدد على الأرض.

وتقول وسائل الاعلام أن عزريا البالغ من العمر 21 سنة هو أول جندي إسرائيلي يدان بمثل هذه التهمة منذ 2005 بعد أن أحدثت قضيته انقساما كبيرا في الدولة العبرية. فوصفت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان الحكم الإسرائيلي على الجندي بـ "المهزلة" وقالت إنه "لا يتناسب مع فداحة الجريمة وهو بمثابة تصريح آخر بقتل الفلسطينيين". وقال مدير الهيئة وهي منظمة غير حكومية عمار الدويك في بيان له على صفحته الخاصة "هذا يؤكد على حق الفلسطينيين في اللجوء إلى المحاكم الدولية في ظل تواطؤ القضاء الإسرائيلي مع القتلة".

وكانت الحكومة الفلسطينية استنكرت مسبقا ما وصفته بـ"الحكم المخفف الصادر عن محكمة الاحتلال العسكرية على الجندي القاتل الذي ارتكب جريمة إعدام الشهيد عبد الفتاح الشريف في الخليل". وأكدت الحكومة كذلك في بيان "في الوقت الذي أخفت سلطات الاحتلال معظم الجرائم والإعدامات الميدانية التي نفذها جنود الاحتلال بحق الفلسطينيين الأبرياء ومن ضمنهم النساء والأطفال ولم يتم تقديمهم إلى العدالة، فإن هذا الحكم يعطي الضوء الأخضر لجنود الاحتلال لمواصلة ارتكاب جرائمهم بحق شعبنا الأعزل". بحسب فرانس برس.

و بدورها نددت عائلة الشاب الفلسطيني الذي قتل بمحاكمة "هزلية". وفي الخليل، تابع يسري الشريف في منزله عبر التلفاز قرار المحكمة الإسرائيلية الصادر بحق قاتل ابنه. وصرح يسري الشريف للصحافيين بتأثر بعد النطق بالحكم، "سنة ونصف. هذه مهزلة (...) لو قام أحد منا بقتل حيوان لقاموا بحبسه لفترة لا يعلمها إلا الله وقاموا بتدفيعه غرامات. إنهم يسخرون منا". وتابع "(هذه) ليست محاكمة عادلة ولا غيره. هذه مجرد مسرحية لإسكات الناس والعائلة. ماذا يعني عام ونصف؟ لقد أنهاها في القاعدة (العسكرية التي يحتجز بها)". وأضاف "هل كان (ابني) حيوانا ليقتله (عزريا) بهذه الطريقة الوحشية. لم يكن حيوانا بل إنسانا مثله تماما". وأكد فتحي الشريف وهو عم الشاب، للصحافيين أن "هذه المحاكمة كانت محاكمة هزلية بكل صورة. شاهدنا كيف يدخل الجندي الإسرائيلي قاعة المحكمة مبتسما ومبتهجا وعائلته بكاملها ترحب به وتحضنه وتقبله".

اضف تعليق