الحديث عن قضايا الإصلاح والاحتجاجات والمظاهرات الشعبية في العراق، والمطالبة بتغير النظام السياسي الحالي المبني على المحاصصة الحزبية والطائفية التي دمرت البلاد، ماتزال محط اهتمام واسع خصوصا بعد تجدد تلك الاحتجاجات من جديد، بعد ان عجزت الحكومة عن تطبيق العديد من خططها وقراراتها الإصلاحية السابقة، بسبب ضعف القوانين والإجراءات وسيطرة الأحزاب المتنفذة، التي أصبحت تسيطر على مركز القرار في العديد من مؤسسات الدولة، ويرى بعض المراقبين ان الحكومة العراقية تواجه اليوم ومع تجدد المظاهرات الشعبية، تحديات كبيرة قد تدخل العراق في أزمة جديدة وخطيرة ، خصوصا وان العراق يخوض اليوم معركة مهمة لتحرير مدينة الموصل ثاني أكبر المدن العراقية من سيطرة تنظيم داعش الارهابي، الذي مني بخسائر كبيرة امام تقدم القوات العراقية المشتركة.
ويرى بعض الخبراء ان اطراف داخلية وخارجية ستسعى الى الاستفادة من اي ازمة ومشكلة جديدة قد تحدث في العراق، لضرب وحدة العراق وإضعاف حكومته وانقاذ عصابات داعش الإرهابي بهدف تحقيق مكاسب خاصة، ومنها الأحداث الأخيرة التي جرت في بغداد بعد مظاهرات شعبية دعا إليها التيار الصدري للمطالبة بإقالة مفوضية الانتخابات وتغيير قانون الانتخابات. والتي تتزامنت مع الذكرى الاولى لدعوة الصدر، اواخر شباط 2016، إلى تظاهرة "حاشدة" على أبواب المنطقة الخضراء، لكنها تحولت الى اعتصامات مفتوحة استمرت لأسبوعين وشارك فيها الصدر بنفسه.
وقد دعا رئيس الجمهورية فؤاد معصوم إلى الهدوء والالتزام بالقانون وضبط النفس جراء ما خلفته تظاهرات ساحة التحرير من سقوط ضحايا وجرحى. وطالب بتغيير قانون ومجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عقب أحداث ساحة التحرير وتغليب الهدوء والالتزام بالقانون وضبط النفس. كما طالب السلطات الأمنية إلى التحقيق العاجل في الحادث الذي حصل يوم التظاهرات وضرورة محاسبة المقصرين.
تصاعد حدة التوتر
وفي هذا الشأن تصاعدت حدة التوترات بين بعض الزعماء في العراق مع ارتفاع عدد ضحايا الاحتجاجات في وسط بغداد إلى ستة وهم شرطي وخمسة من المتظاهرين. في الاشتباكات بين الشرطة وأنصار الصدر الذين احتشدوا للمطالبة بتغيير تشكيل اللجنة المشرفة على الانتخابات قبيل انتخابات محلية مقررة في سبتمبر أيلول. واندلعت الاشتباكات عندما حاول المتظاهرون عبور جسر يربط بين ساحة التحرير التي احتشدوا فيها والمنطقة الخضراء شديدة التحصين التي تضم العديد من المباني الحكومية والسفارات والمنظمات الدولية. وفي بيان قال الصدر "دماء شهدائنا لن تذهب سدى" ووعد برد سلمي.
وقال مسؤول في وزارة الداخلية إن أربعة من القتلى الخمسة في صفوف المتظاهرين سقطوا بالرصاص فيما قتل الخامس لأسباب غير معروفة وتلقى أغلب المصابين العلاج من اختناق بسبب الغاز المسيل للدموع. ويشتبه الصدر في أن أعضاء اللجنة الانتخابية موالون لغريمه الشيعي رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. كما يلقي الصدر باللائمة على المالكي في فشل الجيش العراقي في احتواء تقدم تنظيم داعش عام 2014 إذ كان وقتها رئيسا للوزراء وقائدا أعلى للقوات المسلحة.
وقال الصدر إن أنصاره أرادوا الاقتراب من المنطقة الخضراء لإيصال أصواتهم إلى صناع القرار ولم تكن لديهم نية لاقتحامها مجددا. وأمر العبادي بإجراء تحقيق في أحداث العنف بعدما قالت وزارة الداخلية إن بعض المتظاهرين كانوا يحملون أسلحة وسكاكين فيما يصر الصدر على أن أنصاره كانوا سلميين. ويجاهر الصدر بمعاداته للسياسات الأمريكية في الشرق الأوسط. والصدر سليل عائلة من رجال الدين عانت إبان حكم صدام حسين الذي أطاح به غزو قادته الولايات المتحدة في 2003. وفر منافسون شيعة للصدر من اضطهاد صدام لكنهم عادوا للعراق عقب الغزو. وحذر الشيخ قيس الخزعلي من التصعيد وقال إن على الرغم من وقوفه إلى جانب حرية التظاهر فإنه يؤكد على الحاجة لعدم السماح للأحداث بالخروج عن نطاق السيطرة لتقود إلى عواقب وخيمة. بحسب رويترز.
ونظم أتباع الصدر عدة مظاهرات العام الماضي للمطالبة بإصلاحات لمكافحة الفساد واقتحموا المنطقة الخضراء بعد اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن. وأكملت القوات العراقية الشهر الماضي المرحلة الأولى من عملية استعادة الموصل التي بدأت في أكتوبر تشرين الأول. وتستعد الآن للهجوم على الشطر الواقع غربي نهر دجلة.
قصف المنطقة الخضراء
الى جانب ذلك قال متحدث عسكري إن صواريخ كاتيوشا سقطت على المنطقة الخضراء دون وقوع إصابات. واطلقت العديد من الصواريخ من داخل بغداد على المنطقة الخضراء المحصنة التي تضم معظم المؤسسات الحكومية الرئيسية والسفارات، بحسب ما افاد مسؤولون. وقال بيان لقيادة العمليات المشتركة ان "العديد من صواريخ كاتيوشا اطلقت من منطقتي البلديات وشارع فلسطين وسقطت في المنطقة الخضراء". وتقع هاتان المنطقتان شمال بغداد وعلى الجانب الاخر من نهر دجلة الذي يعبر المدينة. بحسب فرانس برس.
وافاد نائب يقيم داخل المنطقة الخضراء ان ستة صواريخ على الاقل سقطت في المنطقة، بينما قال دبلوماسي انه سمع دوي اربعة صواريخ. واكد مسؤولون في الشرطة ووزارة الداخلية ان العديد من الصواريخ اطلقت على المنطقة الخضراء، الا انهم اوضحوا انهم لا يعلمون هدفها المحدد وما اذا كانت اسفرت عن سقوط ضحايا. ونفى الجناح العسكري لجماعة الصدر "سرايا السلام" في بيان إطلاق الصواريخ ردا على المتحدث العسكري الذي قال في بيانه إن الصواريخ أطلقت على الأرجح من منطقة البلديات التي تضم الكثير من أتباع الصدر. ويأتي التصعيد في الأزمة مع الصدر في وقت غير ملائم لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي يحاول التركيز على إخراج تنظيم داعش من مدينة الموصل بشمال البلاد.
الشرطة العراقية
قالت وزارة الداخلية إن شرطيا عراقيا قتل وأصيب سبعة آخرون في اشتباكات مع محتجين تجمعوا في بغداد للمطالبة بإصلاحات سياسية. وتجمع الآلاف في ساحة التحرير للمطالبة بتعديل تشكيل اللجنة المشرفة على الانتخابات قبيل انتخابات محلية تجرى في سبتمبر أيلول. وحاولت الشرطة تفريقهم عندما حاولوا عبور الجسر الذي يربط بين الساحة والمنطقة الخضراء شديدة التحصين التي تضم العديد من المباني الحكومية والسفارات والمنظمات الدولية.
ولم تؤكد وزارة الداخلية أعداد القتلى والمصابين التي أعلنتها مصادر موالية للصدر والتي تقول إن خمسة من المحتجين قتلوا وأصيب نحو 320. وأمر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بإجراء تحقيق في هذه الادعاءات. وقال شهود إن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع لمنع المحتجين من الاقتراب من المنطقة الخضراء مما أدى لاختناق نحو عشرين محتجا وفقا لما ذكره منظمو الاحتجاج. وسُمع دوي إطلاق نار لكن لم يتضح مصدره. وقال بيان وزارة الداخلية إنه تم العثور على أسلحة نارية وبيضاء مع بعض المحتجين. وأظهر مقطع مصور بثه التلفزيون شبانا يحمل العديد منهم العلم العراقي ويغطون وجوههم يهرولون مبتعدين فيما ملأ الدخان ساحة التحرير. بحسب رويترز.
وقال إحسان الشمري المعلق السياسي المقرب من العبادي إن المحتجين لم يحسنوا اختيار التوقيت لكن هذا لن يؤثر على الحملة العسكرية التي تدعمها الولايات المتحدة في الموصل. وأضاف أن الاحتجاجات لا تؤثر على الاستعدادات العسكرية الحالية لاستعادة الموصل لكن المشكلة هي أنهم في هذا الوقت يتسببون في اضطراب الوضع الأمني. وأنهت القوات العراقية في الشهر الماضي المرحلة الأولى من عملية الموصل التي بدأت في أكتوبر تشرين الأول. وتستعد الآن للهجوم على الشطر الواقع غربي نهر دجلة من المدينة.
اضف تعليق