قرار الرئيس الامريكي الجديد دنالد ترامب القاضي بمنع دخول مواطني سبع دول اسلامية بينها العراق الى الولايات المتحدة، الذي اثار موجة من الانتقادات وردود الأفعال الغاضبة في مختلف دول العالم، وسط اتهامات له بتبني سياسات عنصرية لاسيما تجاه العرب والمسلمين، هذا القرار ما يزال محط اهتمام كبير داخل العرق خصوصا وان بعض الجهات والشخصيات السياسية قد طالبت الحكومة العراقية بـ"التعامل بالمثل"، ويرى بعض الخبراء ان قرار ترامب الذي صدر تجاه دولة حليفة ترتبط بشراكة إستراتيجية مع الولايات المتحدة، يعد تحدي جديد للحكومة العراقية خصوصا وانه جاء في وقت حساس جدا يتزامن مع استمرار معركة تحرير مدينة الموصل والانتصارات المتواصلة، التي تحققها القوات العراقية بدعم من التحالف الدولي على عصابات (داعش) الإرهابية.
حيث صوّت البرلمان العراقي بالإجماع على قرار (غير ملزم للحكومة) بالتعامل بالمثل مع الولايات المتحدة بشأن قرار منع العراقيين من دخول أراضيها. وذكر بعض المصادر أن لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب قدمت ورقة للتصويت عليها، تضمنت بندا ينص على التعامل بالمثل مع الولايات المتحدة، بإصدار قرار يمنع دخول الأميركيين إلى العراق. واكد بعض المراقبين ان قرار ترامب سيسهم ايضا في تعقيد المشهد السياسي في العراق وسيجعل رئيس الوزراء حيدر العبادي في موقف صعب، بسبب اختلاف الاراء وتضارب مصالح الدول الداعمة منها ايران وامريكا اهم حلفاء العراق. حيث طالبت بعض الجهات المؤيدة للتحالف مع ايران حكومة العبادي بأتخاذ موقف حازم وقوي ضد الإدارة الأمريكية، وهو ما عارضته أطراف أخرى كون مثل هكذا إجراءات ضد أهم واكبر قوة عسكرية واقتصادية في العالم، ستضر بمصالح وامن العراق الذي يخوض معركة كبيرة ضد الإرهاب نيابة عن المنطقة والعالم، ووقع ترامب، في وقت سابق أمرا تنفيذياً يقضي بتعليق السماح للاجئين بدخول الولايات المتحدة لمدة 4 أشهر، وحظر دخول البلاد لمدة 90 يوماً على مواطني سوريا والعراق وإيران والسودان وليبيا والصومال واليمن.
الرد بالمثل
وفي هذا الشأن قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إن العراق لن يرد بالمثل على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حظر دخول المواطنين العراقيين إلى الولايات المتحدة لأنه لا يريد أن يخسر تعاون واشنطن في الحرب ضد تنظيم داعش. وفي معرض رده على سؤال في مؤتمر صحفي بشأن تصويت البرلمان العراقي بالموافقة على مطالبة الحكومة "بالرد بالمثل" على قرار ترامب قال العبادي "لا نريد اتخاذ أي شيء من هذا القبيل. لكن ندرس كل القرارات. لدينا معركة ولا نريد الإضرار بالمصلحة الوطنية."
وتقدم الولايات المتحدة دعما جويا وبريا حاسما للقوات العراقية التي تقاتل متشددي داعش الذين اجتاحوا ثلث العراق في 2014. وينتشر أكثر من خمسة آلاف جندي أمريكي في العراق. وحظر ترامب بصورة مؤقتة دخول مواطنين من سبع دول ذات أغلبية مسلمة - إيران والعراق وسوريا وليبيا والصومال والسودان واليمن - إلى الولايات المتحدة.
ورفض رئيس الوزراء العراقي خطوة اتخذتها بعض الجهات المؤيدة للتحالف مع ايران في حكومته كانت تريد الرد على حظر السفر الذي فرضه د ترامب. ويظهر هذا الصراع الموقف الصعب الذي وجد الزعيم العراقي نفسه فيه فهو بين مطرقة أقوى جيرانه وسندان الولايات المتحدة تحت حكم ترامب. وبالنسبة لحيدر العبادي بدا الموقف صعبا. فخلال اجتماع واجه دعوات للرد بالمثل على حظر دخول الولايات المتحدة الذي يشمل سبع دول ذات أغلبية مسلمة منها العراق.
وأصر البعض أنه يجب أن يرد العراق بحظر دخول المواطنين الأمريكيين إليه على غرار ما فعلته طهران. لكن تم حل المسألة بسلاسة لصالح العبادي. وحذر رئيس الوزراء من أن حظر دخول الأمريكيين سيعرض دعم واشنطن للحرب على تنظيم داعش للخطر وبالتالي أصبحوا مستعدين في الوقت الحالي على الأقل لرفض مطالب الفصائل الموالية لإيران.
وقال النائب حسن الخلاطي "هم قد وعدوا أن الخارجية الأمريكية سوف تراجع القرار وأن القرار مؤقت لثلاثة أشهر و خاضع للمراجعة. إذا استمر القرار سيكون ضغطا بالتأكيد" على الحكومة لترد. وفي علامة على استمرار عدم الرضا أظهر تصويت برفع الأيدي في البرلمان أن أغلبية النواب كانوا يفضلون الرد بمنع دخول الأمريكيين للعراق. وأشار سياسي عراقي مخضرم طلب عدم نشر اسمه إلى أن علاقة بغداد بواشنطن ليست انعكاسا مباشرا للمساعدات التي قدمتها للعراق. وقال "حين تنظر إلى مستوى الدعم العسكري والمالي الذي يحصل عليه العراق من واشنطن تتوقع أن يكون حليفا مقربا من الولايات المتحدة على غرار الأردن أو المغرب. "لكن العراق يبدو حليفا مترددا للولايات المتحدة. نادرا ما نسمع المسؤولين العراقيين يشيدون بالأمريكيين حين يتحدثون إلى الجماهير العراقية." بحسب رويترز.
وقال النائب العراقي خلاطي "العراق لن يصبح ساحة لتصفية الحسابات ما بين أمريكا و بين إيران. فإيران دولة تدعم العراق و أمريكا تدعم العراق. نحن مصلحتنا أن نتخلص من الجهات الإرهابية." وعقب الاجتماع طلب وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري من السفير الأمريكي بالعراق توصيل طلب لإعادة النظر في الحظر يشير للحاجة للتعاون في التصدي لداعش وإلى أنه لم يشترك عراقيون في هجمات على الأراضي الأمريكية.
معصوم و قرار ترامب
من جانب اخر اعتبر الرئيس العراقي فؤاد معصوم ان قرار نظيره الاميركي دونالد ترامب بعدم السماح بدخول رعايا سبع دول بينها العراق الى الولايات المتحدة شكل "صدمة" خصوصا وان العراق يقاتل الارهاب "نيابة عن كل العالم". وقال الرئيس العراقي في بيان ان ادراج ترامب "لأسم العراق ضمن الدول التي يمنع مواطنيها من السفر إلى الولايات المتحدة شكل صدمة لنا". ودعا البيان الذي نشر على الموقع الالكتروني لرئاسة الجمهورية الى "انصاف شعب يقاتل الارهاب بدماء ابنائه وموارده نيابة عن كل العالم بما فيها الولايات المتحدة"، وفقا للبيان. كما طالب الرئيس العراقي الادارة الاميركية بمراجعة قرارها، حسبما نقل البيان.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اعتبر بدوره خلال مؤتمر صحافي، ان قرار ترامب يشكل عقابا لمن "يقاتلون الارهاب". وقال العبادي في اول رد فعل له على القرار متوجها بالكلام الى ترامب "أنت تأتي على الضحية لتحاسبه، على الناس الذين يضحون والذين يقاتلون الارهاب لتعاقبهم". واثار قرار ترامب اعتراضات ورفضا في العراق الذي تخوض قواته معارك ضد تنظيم داعش. بحسب فرانس برس.
ودعت الخارجية العراقية واشنطن الى اعادة النظر في قرارها الذي وصفته ب"الخاطئ"، كما طالب مجلس النواب العراقي حكومة البلاد بالتعامل بالمثل مع الولايات المتحدة . وتخوض القوات العراقية بدعم التحالف الدولي بقيادة واشنطن، معركة واسعة منذ اكثر من اشهر لاستعادة مدينة الموصل، آخر اكبر معاقل الجهاديين في شمال البلاد، من قبضة تنظيم داعش.
العراق سيعارض
في السياق ذاته قال نواب في البرلمان العراقي إن العراق سيمارس ضغوطا ضد القيود الجديدة التي فُرضت على سفر العراقيين إلى الولايات المتحدة مشيرين إلى ضرورة تعزيز البلدين حربهما ضد تنظيم داعش.
وقال بيان للجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان العراقي "العراق في خط المواجهة الأول في الحرب ضد الإرهاب.. وليس من الإنصاف أن يُعامل العراقيون بهذه الطريقة." وقالت اللجنة في بيان لها بعد اجتماع في بغداد "نطالب الحكومة العراقية للقيام بالمثل تجاه القرار الذي اتخذته الإدارة الأمريكية." وقال برلمانيان طلبا عدم ذكر اسميهما إن بغداد تعتزم الضغط على واشنطن لمراجعة القرار. وقال أحدهما إن الحكومة ستوضح أن العراق باعتباره دولة ذات سيادة سيضطر للرد بالمثل ما سيؤثر سلبا على التعاون بين البلدين ومن بين ذلك التعاون العسكري في الحرب على داعش. وحث الحشد الشعبي رئيس الوزراء حيدر العبادي على طرد الأمريكيين . بحسب فرانس برس.
وقال رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر إنه يتعين على الأمريكيين أن يغادروا العراق. وأضاف على موقعه الإلكتروني "أن تدخل العراق وباقي البلدان بكامل الحرية وتمنع دخولهم إلى بلدك فإن ذلك تعالي واستكبار .. فأخرج رعاياك قبل أن تُخرج الجاليات." ويقدم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة دعما حيويا جويا وبريا للقوات العراقية في المعركة الدائرة لاستعادة السيطرة على الموصل أكبر مدينة في شمال العراق من يد داعش. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية "هناك حاليا أقل من 500 عراقي في برنامج تأشيرات الهجرة الخاصة... (في المجمل) أكثر من 20 ألف عراقي تلقوا مساعدات متعلقة بالهجرة" في إطار هذا البرنامج.
فيان دخيل والفيلي
من جانب اخر قالت النائبة الأيزيدية في البرلمان العراقي فيان دخيل انها لا تعرف ان كانت ستتمكن من دخول الولايات المتحدة لتسلم جائزة لحقوق الانسان منحت لها لدفاعها عن الاقلية الايزيدية بعد قرار الرئيس دونالد ترامب حول الهجرة. دافعت دخيل عبر منظمات دولية وانسانية عن الاقلية الايزيدية التي تنتمي لها بعد ارتكاب تنظيم داعش جرائم قتل وخطف واغتصاب بحق ابناء هذه الاقلية خلال العامين الماضيين. واعلنت "مؤسسة لانتوس لحقوق الانسان والعدالة" منحها جائزتها السنوية تقديرا لمواقفها في هذا المجال. وقالت دخيل "يجب ان اكون في واشنطن في 8 شباط/فبراير. ليس من الواضح حتى الان اذا كنت ساسافر ام لا". وقالت دخيل "للاسف هذا القرار يشكل مفاجأة". بحسب فرانس برس.
وقد تحصل النائبة دخيل على استثناء لتسلم جائزتها من خلال التنسيق عبر قنوات رسمية. واشارت النائبة الى ان "السفارة (العراقية) هناك والجهة المنظمة تحاولان القيام بشيء لان هذه الجائزة ليست بسيطة وهي جائزة حقوق الانسان للعدالة التي تسلم لشخص واحد في العالم كل سنة". وانتقدت مؤسسة لانتوس سياسة ترامب باغلاق الابواب امام الهجرة. وقالت ان "قضية دخيل تشكل مثالا على النتائج المترتبة على الامر التنفيذي الذي وقعه الرئيس ترامب ولا يؤثر على الذين لا علاقة لهم بالارهاب فحسب، بل على الذين جازفوا بحياتهم لمكافحة الارهاب". واضافت انها منحت جائزتها للنائبة العراقية "لشجاعتها في الدفاع عن الايزيديين وهم يواجهون ابادة قبل عامين بايدي تنظيم الدولة الاسلامية وعملها المستمر لانقاذ النساء الايزيديات المسبيات".
من جانبه قال لقمان الفيلي، سفير العراق السابق في أمريكا، إنه مشمول بالحظر الذي وقعه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ضد سبع دول، لافتا إلى أنه أبلغ أنه مشمول بهذا الحظر رغم حملة لجواز سفر بريطاني. قال: "تأكدت بالأمس من السفارة الأمريكية هنا في بغداد، وقيل لي إنني مشمول بالحظر، والسخرية بالأمر هو أنني أحمل جواز سفر بريطاني وقيل لي حتى مع ذلك فأنا عراقي ولا يمكنني المجيء إلى أمريكا." وأضاف: "يعكس هذا الأمر وجود فوضى في واشنطن، وكعراقي هناك نوع من الخيانة لأن هذا الأمر يخبرنا أن القانون يقول إننا إرهابيون لحين إثبات العكس، وبالنسبة لنا كعراقيين هذا أمر غير منطقي ويرسل رسائل خاطئة لداعش وغيرهم يخبرهم بأن هذا أداة دعائية بالنسبة لهم
مساعي ومخاوف
على صعيد متصل أعلن البنتاغون انه بصدد اعداد قائمة اسمية بالعراقيين الذين خدموا مع قواته في العراق بهدف اعفائهم من قرار الرئيس دونالد ترامب منع سفر العراقيين ورعايا ست دول اسلامية اخرى الى الولايات المتحدة موقتا. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية جيف ديفيس "نحن بصدد إعداد" قائمة بأسماء العراقيين الذين خدموا مع الجيش الاميركي لكي يحصلوا على اعفاء من منع السفر الى الولايات المتحدة.
واوضح ان البنتاغون يحرص على "التأكد من ان تكون اسماء كل الذين برهنوا عمليا عن التزامهم القتال معنا ودعمنا معروفة" من قبل الاجهزة المسؤولة عن اصدار تراخيص الدخول الى الولايات المتحدة. واضاف "هناك عدد من الاشخاص في العراق عملوا معنا بدور شراكة، سواء عبر القتال معنا جنبا إلى جنب أو عبر العمل كمترجمين معرضين انفسهم في كثير من الأحيان لخطر عظيم". ورفض المتحدث القول ما اذا كان البيت الابيض اخذ رأي البنتاغون قبل اصدار قرار منع السفر، مكتفيا بالقول ان الوزارة "ما زالت تجري عملية تقييم لمفاعيل" الامر التنفيذي الرئاسي. بحسب فرانس برس.
وعن وضع الطيارين العراقيين الذين يتدربون حاليا في قاعدة اريزونا الجوية في شمال غرب الولايات المتحدة قال المتحدث ان "هذه على وجه التحديد احدى المشاكل التي ما زلنا نبحث بشأنها". وتهدد هذه الاجراءات، التي تاتي عقب تاكيدات ترامب المتكررة انه كان على الولايات المتحدة ان تستولي على نفط العراق قبل ان تغادره في 2011، في اثارة مشاعر الاستياء لدى المواطنين العراقيين والحكومة، في بلد يقاتل الجهاديين الذين وصفهم ترامب بانهم اكبر تهديد لاميركا.
من جهة اخرى قالت مادلين اولبرايت، التي شغلت منصب وزيرة الخارجية الأمريكية بين عامي 1997 و2001، إن قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب بحظر سبع دول ذات غالبية سكانية مسلمة بات يشكل أكثر خطورة على أمريكا. وأوضحت اولبرايت: "لم يكن هناك تقدير لتداعيات هذا القرار، وفي الحقيقة خلق هذا الأمر خطرا أكبر، فهناك دول الآن غير قادرة على التعاون مع أمريكا فيما يتعلق بالمعلومات الاستخباراتية إلى جانب حالة عدم الثقة والتعامل بمبدأ العين بالعين."
وأضافت: "لدينا قوات في العراق الآن، وعلينا القلق حول الطريقة التي سيتم التعامل معهم فيها، القرار خلق فوضى على الصعيد الدولي، ومجددا أعتقد أنه القرار اتخذ دون الاستناد على الحقائق، وبرأي القرار سيء للغاية." وتابعت الوزيرة الأمريكية السابقة: "إلقاء اللوم على دين بأكمله مثير للسخط، نعم هناك خطر في العالم ولكن ليس من هذه الدول السبعة، وهناك العديد من الأسئلة غير المجابة حول ذلك، وهذه الإدارة تبني قراراتها بناء على معلومات من أشخاص غير مطلعين."
اضف تعليق