بعد سلسة معاناة في مدينة حلب السورية وهي تعاني الخراب والدمار والقتل والانهيار تحت ايادي من كانوا يدعون الثورة مدعومين من تنظيم داعش الارهابي اشرقت الشمس من جديد على اكبر مدينة سورية وأعلن الجيش العربي السوري بقيادة الرئيس السوري بشار الاسد استعادته للسيطرة على كامل المدينة الصابرة الصامدة من بعد انتهاء إجلاء 35 ألفا من مقاتلين ومدنيين في الأسبوع الأخير من آخر جيب كانت تسيطر عليه الجماعات الارهابية، وفق اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
في عملية تمت بموجب اتفاق روسي إيراني تركي، بعد نحو شهر من هجوم عنيف شنه الجيش السوري على الأحياء الشرقية. ليعزز انتصاره الأكبر منذ بدء النزاع في البلاد. الامر الذي اعتبره المسؤولين الغربين بأنها خطوة مهمة جدا نحو حل النزاع في البلاد. من جانبه، أكد الأسد أن "الانتصارات في حلب فتحت باب العمل السياسي في سوريا".
الاحياء الشرقية تبدوا شبه خالية بعد ان غادرها سكانها، منهم من هرب من المعارك الاخيرة وآخرون تركوا منازلهم قبل سنوات حين تحولت المدينة إلى ساحة معارك رئيسية وانقسمت بين أحياء غربية وشرقية في العام 2012. ويقول مسؤول كبير في الأمم المتحدة إن مستوى الدمار يفوق أي شيء رآه في مناطق الصراعات مثل أفغانستان والصومال.
حيث دمر القصف مستشفيات ومدارس وطرق ومنازل ومحطتين رئيسيتين لضخ المياه. بالرغم من هذا بدأوا سكان هذه المنطقة بالعودة الى منازلهم بعد خروج المسلحين الارهابين منها رغم برودة الطقس والدمار الذي يفوق الخيال وانتشار الركام في الشوارع وامام المباني والبيوت لكن قامت المحافظة بقيادة السلطات السورية الوطنية من فتح غالبية الطرق الرئيسية ليسهل عودة النازحين.
بدأ العوائل التي تضررت منازلها بالرجوع اليها بينما من تهدمت منازلهم ليس امامهم سوى الانتظار. عبد الحي احد هؤلاء اللذين تضررت منازلهم وعاد الى منزله المتضرر شرق مدينة حلب وقد اكتفى ان يجهز غرفة واحده من بيته المتكون من اربع غرف وضع فيها بعضا من الفرش واشعل الحطب للتدفئة ولا يهمه سوى ان يهنأ بالأمان.
هذا فضلا عن عودة بعض الاطفال الى المدرسة بعد ان استخدموها التنظيمات الارهابية سجنا لمدة عامين وراحوا يتصفحون كتبا ممزقة ويكتبون على سبورات مكسورة حيث النوافذ مهشمة والجدران تتناثر عليها آثار الأعيرة النارية وسط حطام ومعدات مكسورة هنا وهناك.
غيرت المعارك التي شهدتها مدينة حلب طوال اربع سنوات معالم المدينة الاثرية القديمة المدرجة على لائحة التراث العالمي للإنسانية بأسواقها وخاناتها، بعدما تحولت الى خط تماس بين طرفي النزاع. حالف الحظ تجار خان خايربك، احد اشهر اسواق القماش في حلب القديمة. بقيت متاجرهم صامدة برغم الاضرار. لكن هناك اسواق قد تهدمت مما جعل بعض التجار يعرضوا بضائعهم على رصيف الطرقات.
وبعد استعادة الجيش السوري السيطرة على كامل حلب، عاصمة البلاد الاقتصادية سابقا، تحتاج اعادة الخدمات الرئيسية من كهرباء ومياه وغيرها الى المدينة اشهرا طويلة بعدما تسببت المعارك منذ سيطرة الفصائل المقاتلة على الاحياء الشرقية في العام 2012 بتضرر اكثر من خمسين في المئة من البنى التحتية والابنية بشكل جزئي أو كلي.
حيث باتت اعمدة الكهرباء محطمة مماجعل اهل المدينة يعتمدون على المولدات الكهربائية. والمصدر الرئيسي للمياه هو تحت سيطرة داعش وهو المتحكم الرئيسي بكميات المياه الواردة الى المدينة من منطقة الفرات.
من جهة اخرى وبين الاصلاحات التي حدثت في مدينة حلب بعد تحريرها من الارهاب اعيد افتتاح خط القطار بين شرق حلب وغربها بعد اصلاح الاضرار التي اصابت السكك واوقفت حركتها لمدة اربعة اعوام.
القطار بين شرق حلب وغربها يستأنف نشاطه
في الشأن نفسه استقل مئات من السوريين القطار بين شرق حلب وغربها للمرة الاولى منذ اكثر من اربعة اعوام، وفق مصور يتعاون مع وكالة فرانس برس. واستأنف القطار نشاطه بعدما استعادت القوات الحكومية شرق حلب الذي كان في ايدي الفصائل المعارضة اثر حصار استمر اشهرا.
وانقسمت حلب منذ صيف 2012 بين احياء غربية في يد النظام واخرى شرقية سيطر عليها مقاتلو المعارضة. انطلق القطار من محطة جبرين (شرق) الى محطة بغداد (غرب) بعدما استقله رجال ونساء واطفال شاهدوا الشطر الشرقي من المدينة بمبانيه المدمرة في غالبيتها.
والتقط الركاب صورا للشطر الشرقي بواسطة هواتفهم المحمولة، فيما تجمع سكان وسط انقاض المباني لمشاهدة اول قطار يصل الى هذه المنطقة منذ 2012. وقال وزير النقل السوري علي حمود ان "اعادة تسيير القطارات في مدينة حلب إنجاز يأتي بعد النصر الذي حققه أبطال الجيش العربي السوري عبر إعادة الأمن والاستقرار إلى كامل المدينة وتطهيرها من الإرهاب"، وذلك في تصريحات نقلتها وكالة الانباء الرسمية (سانا).
ونقلت سانا عن المدير العام للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية نجيب فارس أنه "سيتم يوميا تسيير اربع رحلات بين محطة بغداد ومحطة جبرين ويمكن في كل رحلة نقل 600 راكب". ولا تزال خطوط النقل بين حلب وكبرى مدن البلاد متوقفة بسبب المعارك المستمرة في شكل متقطع رغم اعلان وقف لاطلاق النار في 30 كانون الاول/ديسمبر بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة يستثني الجهاديين.
مشروعين تمولهما الحكومة لتزويد حلب بالكهرباء
في مواجهة انقطاع الكهرباء، عمد سكان حلب الى الاعتماد على المولدات التي لا تكفي لتشغيل كافة الاجهزة الكهربائية في المنازل، كما انها تتوقف عن العمل عند منتصف الليل حتى الصباح توفيراً للوقود. ما ان يحل منتصف الليل في شرق حلب حتى يخفت ضجيج المحركات وتنطفئ الاضواء ويسود الظلام الدامس، باستثناء ما يتسرب من داخل المنازل من أضواء الشموع الخافتة أو شواحن تعمل على البطاريات.
قبل الحرب، كانت محطة توليد الطاقة في منطقة السفيرة (30 كيلومترا جنوب شرق حلب) المحطة الاساسية التي تزود حلب بالكهرباء. لكنها توقفت عن العمل قبل اكثر من عامين نتيجة اضرار المعارك التي لحقت بها وبشبكة الامدادات. وتحتاج البنية التحتية لشبكة الكهرباء في حلب الى تأهيل كامل. وبالأضافة الى مشاريع تزويد الكهرباء، تحتاج الاعمدة الكهربائية المحطمة والاسلاك المتشابكة في كل حي لاى عملية اصلاح كبيرة.
ويقول مصدر في وزارة الكهرباء لفرانس برس "يجري العمل حاليا على مشروعين تمولهما الحكومة لتزويد حلب بالكهرباء" بكلفة تفوق اربعة مليارات ليرة سورية (نحو ثمانية ملايين دولار اميركي). يحتاج المشروع الاول 45 يوماً لانجازه، اما الثاني وهو الاكبر، فسينفذ على مرحلتين على مدى عام ونصف العام.
التنظيم يعمد دائما الى قطع المياه
بالأضافة الى الكهرباء، لم تسلم محطة سليمان الحلبي، محطة ضخ المياه الاساسية في حلب من المعارك. ويجري العمل حاليا على تقييم الاضرار فيها. وكانت الفصائل المعارضة تسيطر على المحطة التي يعمل فيها حاليا ثلاث مضخات من اصل تسعة.
ويوضح رئيس قسم الميكانيك في المحطة عيسى كورج (42 عاما) لفرانس برس ان المضخات الثلاث توفر المياه "لمساحة لا تتجاوز عشرين في المئة من الأحياء"، مشيرا الى ان "المحطة تحتاج لأشهر طويلة" كي تستعيد سابق عهدها. ويشير مدير عام مؤسسة المياه في حلب فاخر حمدو الى تعرض مستودعات المحطة "للسرقة"، لافتا الى صعوبة استيراد التجهيزات اللازمة بسبب العقوبات الدولية على سوريا.
وتبدو اثار المعارك واضحة في المحطة حيث النوافذ المكسورة والابواب المحطمة، في حين تتدلى الالواح الحديدية من سقف طاله الدمار. وتضخ المحطة من سد نهر الفرات الواقع في شمال البلاد تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية، ما يشكل ايضا عائقا اساسيا امام عملها. ويشرح حمدو ان "المصدر الرئيسي للمياه هو تحت سيطرة داعش وهو المتحكم الرئيسي بكميات المياه الواردة الى المدينة من منطقة الفرات"، مشيرا الى ان التنظيم يعمد دائما الى قطع المياه.
عودة اللاجئين
قال ساجد مالك ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا إن نحو 2200 أسرة عادت إلى حي هنانو السكني. وأضاف في مقابلة مع رويترز "يأتي الناس إلى شرق حلب لرؤية محالهم ومنازلهم ولرؤية ما إذا كان المبنى قائما ولم ينهب المنزل ولرؤية ما إذا كان يجب عليهم العودة."
وقال مالك إن الطقس قارس البرودة للغاية هنا المنازل التي يعود لها الناس ليس بها نوافذ أو أبواب أو أجهزة طهي." والمساعدات ضرورية لمنع وفاة المزيد من الأشخاص. وقال مالك إن الأمم المتحدة تساعد الناس على بدء حياتهم مرة أخرى في غرفة واحدة بوحداتهم السكنية بمنحهم فرشا وحقائب نوم وأغطية بلاستيكية لسد النوافذ المدمرة.
وكان حي هنانو من أوائل الأحياء التي تسقط في يد المعارضين عام 2012 وأول حي تستعيده الحكومة السورية في حملتها لاستعادة كامل السيطرة على المدينة الشمالية الشهر الماضي والتي انتهت بأكبر انتصار للرئيس السوري بشار الأسد في الصراع المستمر منذ نحو ست سنوات. مع التقدم السريع للقوات الحكومية بقى بعض السكان لكن فر عشرات الآلاف من تلقاء أنفسهم وجرى إجلاء نحو 35 ألف مقاتل ومدني في أواخر ديسمبر كانون الأول في قوافل نظمتها الحكومة السورية.
يقدم الشركاء المدعومون من الأمم المتحدة وجبات ساخنة مرتين في اليوم لنحو 21 ألف شخص ويحصل 40 ألف شخص على خبز يوميا. وتصل المياه النظيفة إلى أكثر من 1.1 مليون شخص في زجاجات أو عن طريق صهاريج وآبار. وقال مالك إن هناك عيادات متنقلة تعمل وتلقى أكثر من عشرة آلاف طفل تطعيم شلل الأطفال. ويحتاج آلاف الأطفال الذين لم يتمكنوا من الانتظام في المدارس إلى إعادة الاندماج في النظام التعليمي من خلال فصول تقوية لإعادة بناء ثقتهم.
عادت حلب واحدة
يستنفر مجلس بلدية حلب ورشه منذ ايام. ويولي المجلس اهمية خاصة للمدينة القديمة الاثرية التي لم تسلم من الدمار والمعارك جراء موقعها على خط تماس سابق. ويقول مدير مدينة حلب التابع لمجلس المدينة نديم رحمون لفرانس برس ان حلب القديمة "خط احمر". ويوضح ان العمل سيجري على "تصنيف الاحجار في المدينة القديمة لإعادة استخدامها في مرحلة اعادة الاعمار"، بحيث يتم الاحتفاظ بكل حجر كان جزءا من نسيجها العمراني.
ورغم ان عودة الخدمات الرئيسية الى المدينة تحتاج اشهرا، لكن الاهالي يشعرون بالراحة مع بدء عمليات فتح الطرق المقطوعة بين الاحياء. ولا يتردد السكان للوصول الى وجهتهم في القفز بين الحفر او تسلّق السواتر الترابية، في حين تعمل الجرافات والاليات بشكل متواصل على رفع الركام وفتح الطرق خصوصا عند نقاط التماس السابقة بين الاحياء الغربية والشرقية. ويلفت رحمون الى ان المحافظة تدخلت "بشكل فوري لفتح المحاور الرئيسية" من اجل "عودة نبض الحياة الى المدينة من فعاليات تجارية واقتصادية وخدماتية".
في حي اقيول، يقول عبد الجواد ناشد (32 عاما) "جئت قبل ايام لتفقد منزل اخي وتسلقت اكوام التراب، استغرقني الامر ساعة ونصف الساعة" للوصول. اما اليوم وبعد ازالة السواتر، فقد تمكن من المجيء بسيارته في "رحلة لم تستغرق سوى عشر دقائق". ويقول زكريا (42 عاما) وهو مالك متجر لبيع مفروشات، "الحمد لله، الطرق كلها اتصلت مع بعضها وحلب عادت واحدة".
عودة التجار الى الاسواق القديمة
منذ سيطرة الجيش السوري قبل اكثر من شهر على كامل مدينة حلب، يضطر انطوان بقال (66 عاما) يوميا الى اجتياز اكوام الركام والنفايات ليصل الى متجره لكي وبيع الاقمشة في سوق خايربك في حلب القديمة. يقول انطوان وقد غزى الشيب شعره "كنت أول من يدخل إلى خان خايربك، وسعدتُ لأنني وجدت محلّي صامدا برغم الاوساخ والأضرار الطفيفة".
غيرت المعارك التي شهدتها مدينة حلب طوال اربع سنوات معالم المدينة الاثرية القديمة المدرجة على لائحة التراث العالمي للإنسانية بأسواقها وخاناتها، بعدما تحولت الى خط تماس بين طرفي النزاع. حالف الحظ تجار خان خايربك، احد اشهر اسواق القماش في حلب القديمة.
بعكس اسواق اخرى دمرت بشكل شبه كامل، بقيت متاجرهم صامدة برغم الاضرار. في متجره المظلم، ينحني انطوان على الارض ويرفع مفكرة قديمة كتب عليها فاتورة تعود الى العام 2011، ثم يتفقد آلة لكي القماش عله يتمكن من اصلاحها للعمل مجددا. بحسب فرانس برس.
في الخان الضيق ووسط قناطر اثرية تزين السوق، يتردد التجار تباعا لتفقد محالهم ومنهم من بدأ مباشرة باعمال التأهيل لاعادة الحياة الى سوق طالما تنوع زبائنه بين اهل المنطقة وآخرين من بلدان العالم. في ساحة الخان، اشجار توت وليمون يابسة والى جانبها بركة على الطراز التقليدي جف مائها، ويحيط بها من كل حدب وصوب خردة ونفايات واغصان شجر وكراس مكسرة وارائك متسخة.
ومن على احدى شرفات الطابق الثاني في الخان، يرمي شابان الركام والنفايات في ساحة صغيرة لتجميعها تمهيدا لنقلها. وقد طلبت محافظة حلب من التجار إخراج الركام من متاجرهم لكي تأتي الشاحنات لاحقا وتقلها قبل بدء اعمال التنظيف والترميم بامل ان يعود السوق الى سابق عهده.
وتعود اسواق المدينة الاثرية الى نحو اربعة الاف عام وتضم اكثر من اربعة الاف محل و40 خانا من الضرر والاحتراق. وفي العام 2013، ادرجتها منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) على قائمة المواقع العالمية المعرضة للخطر.
عودة خجولة للحياة في شرق حلب
كما غيره من سكان الاحياء الشرقية التي كانت تسيطر عليها الفصائل المعارضة طوال اربع سنوات، فضل عبد الحي العودة الى بعض من الحياة الطبيعية في بيته في حي الشعار برغم الركام المحيط به من كل حدب وصوب. وفي غرفته الصغيرة، يقول عبد الحي (38 عاما) لفرانس برس "الوضع بات آمنا، وهذا سبب كاف لعودتي مع عائلتي الى منزلي مهما كان حاله".
ويضيف "كنا نعيش من دون مياه وكهرباء، وعدنا للعيش في الظروف ذاتها. يمكن الاستغناء عن الخدمات المعيشية لكن لا يمكن العيش بجوار الموت دائما، في ظل الخطر الذي بقي مرافقا لنا طيلة سنوات الحرب".
تضرر منزل عبد الحي مرات عدة جراء المعارك التي شهدتها المدينة طوال اربع سنوات، وبدلا من النوافذ الزجاجية اعتاد على وضع الالواح الخشبية وقطع القماش. وكما عشرات الآلاف غيره من سكان الاحياء الشرقية، فرّ عبد الحي من منزله خلال المعارك الاخيرة التي تمكن اثرها الجيش السوري من استعادة كامل مدينة حلب في 22 كانون الاول/ديسمبر.
ولكنه لم يستطع الانتظار كثيرا وبمجرد ان فتحت بعض الطرقات المؤدية اليه، عاد الى منزله ليجده وقد تحطم معظم اثاثه وانتشر الزجاج المكسر على ارضه. يقول عبد الحي "اخبرتنا المحافظة أنها ستقوم بتسجيل الأضرار من أجل الحصول على التعويضات لاحقا"
وبانتظار حصول ذلك، عمد عبد الحي الى تنظيف جدران غرفة واحدة وضع فيها بعض الفرش والشراشف له ولزوجته واولاده وعلق فيها حبل غسيل. ويقول "سأجهّز الآن غرفة واحدة، وبعدها أعيد تجهيز البيت غرفة تلو الآخرى".
الامان قبل كل شيء
في احد شوارع حي الشعار التي ازيل منها الركام، يقوم بعض الأطفال بتعبئة المياه من خزانات حديدية زرقاء اللون. يتعثر احدهم بعبوة كبيرة يحملها، يضعها أرضا كلما شعر بالتعب قبل ان يكمل طريقه. وبالقرب منه ينقل فتيان الالواح الخشبية على عربة لاستخدامها للتدفئة.
يقصد سكان الاحياء الشرقية بعض محلات البقالة التي سارعت للعمل لتلبية حاجاتهم من مواد غذائية وبضائع ومستلزمات اخرى. واختار بعض التجار عرض بضائعهم على رصيف الطرقات، وبينهم عماد الدين السودا (37 عاما) الذي عاد ليفرش بسطته من الخضار والفاكهة على انواعها. بحسب فرانس برس
ويقول عماد "قبل شهرين، كان هناك خوف وقصف ودمار، لم يكن بأمكاننا حتى الوقوف امام البسطة خشية القذائف، وهي اصلا كانت عبارة فقد عن البقدونس والنعنع والفجل". ويضيف "أما الآن فهي غنية وملونة، والأسعار انخفضت كثيرا". لا يكترث البائع الشاب بالركام والدمار من حوله، ويقول "المهم ان يبقى الانسان بخير كل شي يعود ويتعمر".
عودة الأطفال إلى المدرسة
في ظل عدم وجود كراسي أو مقاعد جلس نحو 250 طفلا في الفصول على حُصر لاتقاء البرد المنبعث من الأرضية الأسمنتية في مدرسة عائشة أم المؤمنين في الراعي في أقصى شمال حلب قرب الحدود التركية. ووزع متطوعون دفاتر وأقلاما على الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين خمسة أعوام و15 عاما في أول أيام عودتهم للدراسة. بحسب رويترز.
ويتولى المتطوعون أيضا مهمة تعليم القراءة والكتابة والرياضيات وكانوا قد ساعدوا في تجهيز المدارس على مدار الأسابيع الست الماضية. وقال المتطوع خليل الفياض "(أشعر) بالفرح لأني تمكنت من إعادة هذا العدد من الطلاب إلى المدرسة في فترة قصيرة.(لكن) قلبي منفطر (أيضا) بسبب الحالة السيئة (للمدرسة)." واضاف "أخشى ألا نتمكن من مواصلة ما نفعله إذا ظل الوضع على ما هو عليه واستمر غياب الدعم."
وكان يدرس في المدرسة 500 طالب قبل أن تسيطر عليها قبل عامين ونصف العام تنظيم داعش الارهابي الذي وضع شعار "أشبال الخلافة" على الحقائب المدرسية. وفر مدير المدرسة ومعلموها من المنطقة عندما سيطر داعش عليها وتوقف الآباء عن إرسال أطفالهم إلى المدرسة التي أغلقت بعد شهرين واستخدمت لإيواء السجناء من التنظيم المتشدد.
اضف تعليق