قيام السلطات الإسرائيلية بهدم العديد من المنازل لسكان عرب إسرائيل في مدينة قلنسوة وقرية أم الحيران بحجة بنائها دون تراخيص، آثار وكما نقلت بعض المصادر حالة من الغضب بين السكان العرب وإعلان الإضراب العام، والحداد ٣ أيام بعد مقتل احد المواطنين بعد نشوب مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية والشباب العرب. ودفعت تلك الأحداث المعلق السياسي الإسرائيلي شلومو يروشالمي فى صحيفة معاريف لتوقع حدوث انفجار بين السكان اليهود والعرب، مضيفا ان: هدم المنازل في أي مكان وأي وقت يثير غضبا كبيرا ويتطور إلى عنف، ويثير الرغبة في الانتقام، وهو انتقام وصفه بأنه لا يمكن دائما السيطرة عليه.
والعلاقة بين عرب اسرائيل والسلطات محفوفة بالتوتر بسبب غياب الثقة وتميز المتبع ضدهم، ففي دراسة استقصائية عام 2006، عرّف 56% من العرب الإسرائيليين انهم لا يشعرون بالفخر في جنسيتهم الإسرائيلية و73% ليس على استعداد للقتال للدفاع عن إسرائيل، وعرب 48 يُطلق عليهم أيضًا اسم عرب الداخل أو فلسطينيو الداخل هم الفلسطينيون الذين يعيشون داخل حدود إسرائيل (بحدود الخط الأخضر، أي خط الهدنة 1948). يشار إليهم أيضًا في إسرائيل بمصطلحي "عرب إسرائيل" أو "الوسط العربي"، كما يستخدم أحيانا مصطلح "الأقلية العربية" (خاصة في الإعلانات الرسمية).
هؤلاء العرب هم من العرب الذين بقوا في قراهم وبلداتهم بعد أن سيطرت إسرائيل على الأقاليم التي يعيشون بها وبعد إنشاء ما يسمى بدولة إسرائيل بالحدود التي هي عليها اليوم. حسب الإحصائيات الإسرائيلية الرسمية يشكّل المسلمون حوالي 83% من العرب في إسرائيل، 9%-10% من المسيحيين و8% دروز. يُقدّر عدد فلسطينيي الداخل بالإضافة إلى العرب الحائزين على مكانة "مقيم دائم" في المناطق التي احتلتها إسرائيل بعد حرب 1967 وضمتها في 1981 (القدس الشرقية والجولان) بما يقارب 1,600,000 نسمة، أي 20.4% من السكان الإسرائيليين. وهم يقيمون في خمس مناطق رئيسية: الجليل، المثلث، الجولان، القدس وشمالي النقب. وقد طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" السلطات الإسرائيلية "بإلغاء خطط التهجير القسري للسكان العرب من اجل بناء مستوطنات جديدة. وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة إن: "الإخلاء القسري للسكان البدو هو تمهيد لبناء بلدة يهودية جديدة ستكون حلقة فاضحة وقبيحة من مسلسل التمييز المتفشي في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية. بعد فترة طويلة من رفض العالم للسياسات العنصرية، تستمر الحكومة الإسرائيلية في بناء وهدم المجتمعات على أساس الدين والعرق".
اضراب عام
وفي هذا الشأن بدأ عرب اسرائيل اضرابا عاما للاحتجاج على سياسة هدم البيوت غداة مقتل عربي اسرائيلي برصاص الشرطة الاسرائيلية خلال هدم قرية بدوية لا تعترف بها الدولة العبرية. ودعت لجنة المتابعة العربية العليا التي تعد اعلى هيئة تمثل الاقلية العربية في اسرائيل الى الاضراب والى ثلاثة ايام من الحداد احتجاجا على هدم قرية ام الحيران البدوية في صحراء النقب، جنوب اسرائيل ومقتل يعقوب ابو القيعان برصاص الشرطة.
وقتل ايضا شرطي اسرائيلي في هجوم صدما بالسيارة خلال الاحتجاجات على هدم منازل في قرية أم الحيران. واعلن نائبان عربيان في البرلمان الاسرائيلي انهما سيقدمان مشروع قانون يدعو لتجميد هدم المنازل في البلدات العربية. وقال فراس العمري، عضو لجنة الحريات في لجنة المتابعة "هناك التزام كامل بالاضراب في النقب، بما في ذلك المدارس. بينما في البلدات (العربية) الاخرى، هناك التزام ولكن ما زالت الامور غير واضحة" مشيرا ان اللجنة ستعقد اجتماعا اليوم في النقب لمناقشة اتخاذ اجراءات اخرى ضد سياسة هدم البيوت.
واضاف العمري ان اللجنة دعت الى ثلاثة ايام حداد بعد مقتل ابو القيعان، مشيرا الى ان "الطلاب (في البلدات العربية الاخرى) سيذهبون الى المدارس ستركز في الحصتين الاولتين على ما يحصل من هجمة على بيوتنا وقرانا ". واكد العمري ان اللجنة دعت الى تظاهرة حاشدة في وادي عارة "ضد هدم البيوت ومحاولة التطهير العرقي في ام الحيران البارحة".
ونشرت الشرطة الاسرائيلية مقطع فيديو التقطته طائرة مروحية للاحداث، وتظهر فيه سيارة تتقدم ببطء، ثم يبدأ رجال الشرطة باطلاق النار، ثم تتقدم السيارة بسرعة لعدة امتار باتجاه رجال الشرطة. واكد وزير الامن الداخلي الاسرائيلي جلعاد اردان ان رجال الشرطة فتحوا النار في الهواء عندما كانت السيارة تتحرك ببطء وامروا السائق بالتوقف. من جانبه، اكد النائب العربي في البرلمان الاسرائيلي احمد الطيبي انه سيقدم بالاشتراك مع نواب عرب آخرين مشروع قانون يدعو لتجميد هدم البيوت في البلدات والقرى العربية، مقابل التزام المسؤولين العرب بالقوانين بشكل اكثر صرامة. وقال "التخطيط والبناء والاراضي وهدم البيوت من المشاكل الاكثر حساسية بين الدولة والاقلية العربية". بحسب فرانس برس.
واعترف الطيبي انه من غير المرجح ان يمر مشروع القانون لان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو يعارضه. ويقدر عدد عرب اسرائيل بمليون و400 الف نسمة يتحدرون من 160 الف فلسطيني لم يغادروا بعد قيام دولة اسرائيل عام 1948. ويشكلون 17,5% من السكان ويعانون من التمييز خصوصا في مجالي الوظائف والاسكان. وتقول اسرائيل ان هناك "نقصا عاما" في الاسكان بشكل عام، الا ان المنظمات الحقوقية العربية تؤكد وجود سياسة منظمة تستهدف البلدات العربية.
أحداث أم الحيران
الى جانب ذلك رفض الكنيست وكما نقلت بعض المصادر، بغالبية الأصوات اقتراحا بتشكيل لجنة تحقيق في أحداث أم الحيران في النقب. وكان قد أصيب يعقوب أبو القيعان، قبل مقتله برصاص الشرطة في ساقه وصدره، بينما كان يقود مركبته، ما أدى إلى فقدانه السيطرة على المركبة، فدهس أحد أفراد الشرطة. ومنعت الشرطة تقديم الإسعاف الأولي لأبو القيعان مدة 3 ساعات، وزعمت الشرطة أن الحديث عن عملية دهس متعمدة.
وعلم أن اقتراح تشكيل لجنة تحقيق قد رفض بغالبية 42 صوتا، مقابل تأيي 22 صوتا، وامتناع 3 أعضاء عن التصويت. وعلى صلة، ورغم توثيق ما حصل في أم الحيران بشريط مصور يظهر إطلاق النار على أبو القيعان بداية، فقد زعم وزير الأمن الداخلي، غلعاد إردان، في الكنيست أنه بحسب الشرطة فإن 'الحدث في أم الحيران كان عملية دهس'. وزعم أيضا أن 'الصورة التي تبينت من التحقيق الذي أجرته الشرطة كان واضحا: الحديث عن عملية دهس متعمدة'.
وتابع أن 'هناك عدد كبير من الأسئلة التي بقيت مفتوحة'، وأنه يأمل في أن يجيب عليها التحقيق الذي يجريه الشاباك والوحدة القطرية للتحقيق مع أفراد الشرطة. وأثارت أقوال إردان غضب النواب العرب، وعندها قام حراس الكنيست بإخراج النائبين طلب أبو عرار ومسعود غنايم من القائمة المشتركة. من جانب اخر تظاهر المئات من المجتمع العربي أمام الكنيست في القدس، في إطار فعاليات لجنة المتابعة ردا على التصعيد في هدم المنازل العربية وجريمة قتل يعقوب أبو القيعان من أم الحيران، وردد المتظاهرون الذين رفعوا الأعلام السوداء الهتافات المنددة بسياسة وممارسات الحكومة تجاه المجتمع العربي.
وألقى عدد من قيادات كلمات أكدوا فيها على مطالبهم بوقف هدم المنازل العربية. يذكر أن مسيرة السيارات انطلقت من قلنسوة وشلت حركة السير في شارع رقم 6، وأغلق المتظاهرون الشارع لبعض الوقت، فيما تدخلت الشرطة وطالبت المتظاهرين عدم السير في مسالك الشارع الثلاثة الأمر الذي رفضه المتظاهرون، وشاركت في المسيرة نحو 300 سيارة حيث رفع العلم الفلسطيني والأعلام السوداء وصور أبو القيعان وشعارات ضد هدم المنازل العربية. وقال النائب عن التجمّع الوطني الديمقراطي في القائمة المشتركة، د. جمال زحالقة، إن 'قافلة السيارات إلى القدس التي أشارك فيها أدت إلى اختناقات مرورية وإغلاق شوارع وأزمات سير. إن رسالتنا لا للهدم.
وأضاف زحالقة: نحن في حالة تصعيد للنضال ردًا على التصعيد الحكومي الإسرائيلي بهدم بيوتنا. نقول بوضوح، لن نرفع الراية البيضاء، مستمرون بالنضال حتى تتوقف أوامر الهدم، حتى نحصل على حقنا في المسكن وحتى تكون لبلداتنا خرائط هيكلية ملائمة. هذه الدولة تتعامل مع أزمة السكن التي يُعاني منها الشباب العربي عن طريق الهدم بدل البناء، وهي باختصار دولة تبني لليهود، تهدم للعرب وتدعي الديمقراطية نطالب بوقف الهدم فورًا.
اتهامات مستمرة
على صعيد متصل وافق مدعي عام الحكومة الاسرائيلية افيخاي ماندلبليت على تقديم لائحة اتهام بحق النائب العربي في البرلمان الاسرائيلي باسل غطاس بنقل هواتف لمعتقلين فلسطينيين، بحسب ما اعلنت وزارة العدل الاسرائيلية في بيان. وقال البيان انه سيتم ملاحقة النائب باسل غطاس بتهم منها "استخدام أغراض لأهداف إرهابية، خيانة الأمانة من قبل موظف عام والحصول على شيء بالاحتيال في ظروف خطيرة". ونفى غطاس (60 عاما) المنتمي الى حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الاتهامات الموجهة اليه.
وكانت محكمة اسرائيلية قررت في وقت سابق اطلاق سراح غطاس ووضعه قيد الاقامة الجبرية لمدة عشرة ايام. ومنع غطاس من مغادرة اسرائيل، ولا يمكنه زيارة المعتقلين في السجون الاسرائيلية لمدة 180 يوما. واوردت وسائل الاعلام الاسرائيلية انه تم العثور على 12 هاتفا نقالا مع اسيرين فلسطينيين بعد زيارة غطاس. بحسب فرانس برس.
ويذكر ان غطاس زار الاسيرين وليد دقة وباسل البزرة في سجن كتسيعوت في النقب. ووليد دقة عربي اسرائيلي من مدينة باقة الغربية دانته المحاكم الاسرائيلية بتنفيذ عملية خطف وقتل جندي اسرائيلي في 1984 وهو مسجون منذ عام 1986. وللقائمة العربية المشتركة المؤلفة من الأحزاب العربية 13 مقعدا في الكنيست احدها يشغله يهودي من اصل 120 مقعدا.
وقال على صفحته على موقع فيسبوك ان "اتهامات الشرطة الاسرائيلية لي باطلة". واتهم غطاس "الشرطة والمؤسسة الاسرائيلية" بانها "تحاول ان تكسر شوكة العرب في هذه البلاد وتحاول ان تُخضع التجمع (الوطني الديموقراطي) وتضرب نشاطه السياسي". واكد ان "زيارة الاسرى الفلسطينيين والاطمئنان عليهم هي حق لنا وواجب علينا لم ولن نتخلى عنه"، موضحا ان "هذه الزيارات قانونية ويتم تنسيقها للنواب العرب مع مصلحة السجون وبمصادقة وزير الامن الداخلي". وتابع "لن ترهبنا تلفيقات وملاحقات الشرطة الباطلة (...) ولا يوجد لدي ما اخفي وساستمر بتمثيل المواطنين العرب من موقعي بكل فخر".
اضف تعليق