ناقش ملتقى النبأ للحوار موضوعا بعنوان (توالي زيارات الدول إلى العراق) خلال الفترة 11-15 كانون الثاني 2017، شارك في الحوار مجموعة من الناشطين والسياسيين من بينهم (الدكتور واثق الهاشمي, الاستاذ حميد مسلم الطرفي, الخبير القانوني امير الدعمي, الدكتور حسين احمد السرحان, الدكتور عبد الامير الاسدي, الدكتور علاء السيلاوي, الاستاذ حمد جاسم).
أجرى الحوار مدير الملتقى الكاتب الصحفي علي الطالقاني، وملتقى النبأ للحوار هو مجتمع يسعى إلى تحفيز المناقشات بهدف توليد الأفكار من أجل دعم المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وإسداء النصح لها من خلال عدة فعاليات يقوم بها الملتقى.
لمشاهدة تقارير ملتقى النبأ للحوار http://annabaa.org/arabic/tags/5030
(محاور البحث)
شهد العراق عدة زيارات هامة لمسؤولين كان أولها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ورئيس وزراء المملكة الأردنية هاني الملقي، رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم. حيث ناقشت جميع الزيارات الملف الأمني وملفات أخرى.
وفي ظل استمرار فتور العلاقات بين سابقا بين العراق وهذه الدول، تجاه مستقبل الصراعات إلا أن ثمة أمل يعيد النشاط الدبلوماسي من اجل تفادي الكثير من المشاكل.
لذلك نناقش أسباب هذه الزيارات الملفتة للنظر خلال وقت قصير.
برايكم:
*هل أنها ستشكل نقطة انطلاق جديدة لمرحلة ما بعد الموصل وعلى مختلف الأصعدة؟ وما هي أسباب الزيارات التي لم تكن المعلنة في قسم منها؟
*علاقات العراق وهذه الدول هل ستتطور من سوء الفهم الى التفاهم والتعاون؟
*هل طويت التجاذبات وماذا عن الحرب المشتركة على الإرهاب؟
*ما الذي يمكن للعراق وهذه الدول ان يقدما؟
هل هذه الزيارة للصلح ام المقايضة؟
الدكتور واثق الهاشمي:
توافد الزيارات لمسؤولي رفيعي المستوى الى العراق ظاهرةً صحية وايجابية ولها دلالات الاولى ان الدول بدأت تتفاعل مع متغيرات استراتيجية مهمة في منطقة الشرق الاوسط والدلالة الثانية ان العالم بدء يتعامل مع مرحلة مابعد داعش والثالثة ان ملف الاقتصاد سيكون هو الملف الفاعل في تجسير وتطوير العلاقات مع الدول، والدلالة الرابعة ان العراق رغم الظروف الصعبة وخاصة الاقتصادية ينظر له كدولة قوية خاصة في المجال الاقتصادي والتقرير الذي نشر قبل يومين واحتلال العراق المركز التاسع عالميا كأغنى دول العالم من حيث امتلاك الموارد الطبيعة عامل مهم لتوافد هذه الوفود.
الاستاذ حميد مسلم الطرفي:
في الوقت الذي تشهد فيه الأزمة السورية ما يشبه الانفراج وبعد أن تخطت الأزمة اللبنانية (أزمة رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة) عنق الزجاجة وتحول كبير في سياسة تركيا بعد انقلاب تموز عام ٢٠١٦ يبدو ان المنطقة مقبلة على حالة استرخاء سياسي وهدوء نسبي يكون الخاسر الاكبر فيها داعش.
لكن ما يبدد هذا التفاؤل أو يقلل من نسبته هو أن هذه الأحداث تمت وامريكا مشغولةً بانتخاباتها التي جاءت بنتيجة مخالفة لكل التوقعات وازالت تداعياتها الداخلية مستمرة حتى الان. ان متابعة الاحداث الاخيرة يعطي انطباعاً ان هناك فشلاً ذريعاً أصاب الخطط الامريكية وحلفاءها في سوريا خاصةً والمنطقة عموماً وان روسيا باتت اللاعب الكبير في الازمة السورية مما يعزز دور ايران ونفوذها في المنطقة.
إن تعاظم النجاحات التي يحققها بوتين والتحاق تركيا بالمشروع ولو بحذر واقتسام ايران كأس الفوز مع روسيا والعلاقة الجيدة التي تربط العراق مع ايران كل هذه العوامل تستدعي تحركاً سياسياً ودبلوماسياً لكسب ود العراق. ان السياسة الخارجية الناجحة للعراق هي أن يكون ساحة للالتقاء لاساحة للصراع وان يقترب من السياسة العُمانية في هذا المجال فترك سياسة المحاور واثبات ذلك علنياً وفعلياً واقامة جسور للتواصل مع جميع الاطراف وخلق مناخات الثقة بأن العراق لن يصطف مع احد ضد احد ولكنه لن يقبل بالتعدي على سيادته ووحدة اراضيه واحترام استقلاله وعدم التدخل في شؤونه الداخلية كل ذلك سيعزز من مكانة العراق.
في علم السياسة هناك من يصنع الأزمة ويصعدها الى حد الحرب لأنه سيكسب الجولة وفيها ايضاً هناك من يوظف الحرب المفروضة ليخرج منها أقوى وأمكن فلا غرابة اذا ما قيل هناك حرب تبني. حربنا مع داعش تستنزف الكثير من قوانا البشرية والمادية ولكنها حرب مفروضة قد نخرج منها أقوى عوداً وأبطأ خموداً وربما كانت هذه الزيارات استشرافاً لهذا المستقبل.
الخبير القانوني امير الدعمي:
اعتقد ان العراق اليوم غير عراق الامس بعد العاشر من حزيران وضياع ثلثي العراق بيد داعش اليوم العراق قوي مقتدر بجيش حقيقي وحشد شعبي ظهيراً له خصوصاً وان سياسة الحكومة المتمثلة بالدكتور حيدر العبادي الانفتاحية على دول الجوار والاقليمية كان لها الاثر في لفت الانظار الى العراق العربي المستقل دون ان يحسب الى دولة بعينها ناهيك ان العراق اليوم يخوض حرباً شرسة مع جرذان داعش نيابة عن العالم ودول المنطقة التي كان بعضاً منها ممول وداعم لداعش.
ثم ان العراق بتأريخه العميق كان الدعامة الاولى لدول الجوار والعالم مادياً ومعنوياً وبالتالي فأن هذه الزيارات هي لتبادل المصالح لما بعد داعش لان العراق اليوم وغداً غير العراق بوجود داعش اذا ما استمرت سياسة الدكتور العبادي العقلانية والسياسية بعيداً عن العنجهية الفارغة التي اوصلت العراق الى ما اوصلته.
الدكتور حسين احمد السرحان:
لاشك ان هذه الزيارات المتتالية انما جاءت بعد الانتصارات وثبات الإرادة في القضاء على داعش والتنظيمات الارهابية الأخرى مع استمرار المعارك ضدها وتحريرها مناطق عدة من جانب اخر تدرك تلك الدول ان عراق مابعد داعش ستكون له ارادة الثرلر السياسي المستقل فيما يتعلق بالقضايا الاقليمية لاسيما وان الحكومة العراقية الحالية تتصف بالتعامل العقلاني والهادئ وكذلك تعاملها مع إيران والسعودية وهي لم تنحاز لهذا الجانب او ذاك.
من جانب اخر ان طبيعة التغييرات الاقتصادية لعبت في المنطقة ومنها خفض الانتاج النفطي كان للعراق دور فيه يوازي الدول المنتجة وهذه التغيرات ادخلت العراق لساحة الفواعل في المنطقة وهذا يتطلب من الحكومة العراقية ان تستتبع هذا الدور دور في التغيرات الجيو سياسية ليقترب اكثر من محيطه الاقليمي العربي.
الدكتور عبد الامير الاسدي:
لاشك ان الزيارات الخارجية للعراق هي انتصارات سياسية تضاف الى الانتصارات العسكرية على داعش ولكن لايمكن للعراق اعادت دوره الإقليمي والدولي مالم يعتمد قراءة جريئة لواقعة السياسي الداخلي وذلك عن طريق الاتفاق بين الأطراف السياسية في الداخل على الأهداف الاساسية، ومحولة تحقيق اجماع وطني حول أدوات السياسة الخارجية وأساليبها والابتعاد عن المهاترات الإعلامية التي تعيق العمل الدبلوماسي لان السياسة الخارجية لأي دولة يمكن ان تخفق احيانا وتنجح اخرى تبعا لطبيعة الوضع السياسي الداخلي وصراعات القوى المتنفذة والمتغيرات الداخلية والإقليمية والخارجية في المنطقة.
الدكتور علاء السيلاوي:
برأي وبأسطر قليلة اقول. لا يمكن للزيارات الخارجية أن تنجح دون ترصين الجبهة الداخلية و لملمة الصف ليستحيل إلى جمع وطني يقوم على معايير مقدسة عنوانها العيش المشترك، الأمر الذي سيوحد الخطاب الوطني الذي سيكون حينئذ مؤهلا للحوار مع الآخر الخارجي هذه الزيارات لن تؤتي أكلها و لن تعدوا كونها جولات بروتوكولية شأنها شأن الزيارات السابقة لخلوها مما ذكر.
الاستاذ حمد جاسم:
سباق دول الاقليم في زيارة العراق هي عملية معروفة ومدروسة مسبقا. فمع زيارة او مسؤول اقليمي او دولي للعراق تتوالى الزيارات الاخرى وكأن الامر سباق للفوز بجائزة. ان زيارة رئيس وزراء تركيا للعراق كانت متوقعة ومنتظرة منذ مدة ولأسباب عديدة منها.
ان الوضع الداخلي في تركيا وضع امامها طرق محددة للسير فيها لكي تمنع نفسها من الدخول في ازمة امنية حالها حال دول الاقليم الاخرى. فالتفجيرات الاخيرة فيها وحجم الاضرار. اضافة الى وصول الارهاب الى مستويات خطيرة ومنها مقتل السفير الروسي. كذلك ان حزب العمال الكردستاني اصبح يحضى بدعم واسع جدا. واصبح له قواعد جديدة في سوريا وسنجار العراقية واصبح ينطلق منها لضرب الداخل التركي.
كذلك تقدم القوات العراقية ووصولها الى المراحل النهائية من تحرير الموصل. كل ذلك وضع صانع القرار التركي في موقف اقل ما فيه هو تحسين العلاقات مع العراق من اجل مكافحة حزب العمال الكردستاني. وهذا ما اكد عليه رئيس الوزراء التركي من ان زيارته للعراق هي لطرد حزب العمال الكردستاني من الاراضي العراقية.
بالمقابل فان الاردن هو الاخر مهتم بالعراق وبما يوفره له من سوق رائجة المنتوجات الاردنية. كذلك يعد الاردن ممر للبضائع المستوردة الاخرى. كما ان الاردن يطمح من العراق بفتح منفذ طريبيل الحدودي من اجل استئناف النقل. كذلك هناك مشروع جاري العمل عليه وهو مد انابيب النفط من العراق الى خليج العقبة لتصدير النفط. والاردن دائما يتخوف من زيارات وفود دول الاقليم للعراق خوفا من اخذ موقعه الاقتصادي للعراق وهذا سوف يشكل ضربة مؤثرة للاقتصاد الاردني، فالأردن دائما يبحث عن مصلحته الاقتصادية.
اما زيارة رئيس فرنسا للعراق كانت زيارة دعائية اكثر منها واقعية. اذ اعلن الرئيس الفرنسي ان زيارته هي لتفقد قوات بلاده في العراق. حتى استقباله كان من قبل وزير الموارد المائية العراقي. وهذا يدل على ان زيارته لن تكن بالأهمية. كما اعلان تفقد القوات هو اعلان غير موفق لان العراق في الوقت الذي ينفي وجود قوات اجنبية على اراضيه تقوم الدول بالأعلان عنها. لهذا كانت زيارته تثبيت وجود وموطئ قدم لفرنسا في العراق قبل ان يتسلم الرئيس الأمريكي الحديد للرئاسة.
كذلك تعد زيارة فرنسا دعاية انتخابية لحزبه قبل الانتخابات الرئاسية، خاصة وان القوات الفرنسية في العراق هي قليلة العدد وللتدريب، وان اعلان فرنسا نشر مدفعية في الموصل هو اعلان دعائي خاصة اذا عرفنا حجم المعركة وقوتها، وان العراق يملك من الجيش والاسلحة ماهو كافي لدحر الارهاب. والحاجة الى الجهد الجوي الذي بدا العراق بالتغلب عليه من خلال قوته الجوية.
خلاصة القول ان الزيارات الاقليمية والدولية هي لأغراض شخصية خالصة وليس لمصلحة العراق. ولكن بإمكان صانع القرار السياسي في العراق ان يستفاد منها ويجرها لصالحه من خلال استغلال التناقضات داخل هذه الدول، وان يقوم بتحركات على الساحة الاقليمية والدولية, وان يستعيد موقعه المهم في المنطقة، خاصة وان هذه الدول تعاني من ثغرات يمكن استغلالها لتحقيق مصالح للعراق.
اضف تعليق