q

ماتزال المرشحة الديمقراطية ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، التي منيت بهزيمة من العيار الثقيل على يد منافسها الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية الاخيرة، محط اهتمام اعلامي واسع، خصوصا وان البعض يرى ان هيلاري كلينتون التي تتصف بالعناد والسعي الدئوب لتحقيق أهدافها ولا تهم لعدد مرات الفشل، ربما ستدخل في حرب طويلة مع الرئيس الجديد من اجل تحسين صورتها التي اهتزت كثيرا بسبب الهزيمة الاخيرة والفضائح والاتهامات المتكررة، التي أضرت أيضا بصورة وشعبية الحزب الديمقراطي، حيث نشر موقع "ذي هيل" مقالا قال فيه إن مانحي الحزب الديمقراطي الأمريكي وحملة هيلاري كلينتون الانتخابية يشعرون بأن أموالهم ذهبت في مهب الريح بعد انتخابات الرئاسة المخيبة لآمالهم.

وأشار الموقع إلى أن مانحي الديمقراطيين أنفقوا أكثر من 550 مليون دولار لصالح الحملة الانتخابية للمرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون، على أمل بأنها ستهزم دونالد ترامب في السباق الرئاسي. وقال مارك ناثانسون، أحد أكبر ممولي حملة كلينتون وصندوق عائلة كلينتون إنه "لا يبدي أي اهتمام بالمشاركة في المساعي الرامية إلى استعادة مكانة الحزب الديمقراطي" بعد فشله في الانتخابات. وأَضاف أنه سيواصل "تقديم الأموال لدعم مرشحين عن الحزب الديمقراطي في الانتخابات على مستوى محلي فقط"، بالتحديد في ولاية كاليفورنيا، مسقط رأسه.

ويعبر تصريح غارا لاماراش، رئيسة التحالف الديموقراطي (منظمة ذات نفوذ داخل الحزب الديمقراطي أسسها ويمولها الملياردير جورج سوروس)، عن الشعور بالإرهاق والإحباط والصدمة التي تسود حاليا دوائر المانحين للديمقراطيين، وقالت فيه: "ثمة خيبة أمل عميقة إزاء فشل الحزب الديمقراطي. إن المانحين، الذين استثمروا أموالهم في السباق الانتخابي، لا يشعرون بأن أموالهم أنفقت على نحو جيد. ويريدون أن يعرفوا أين الخطأ".

علاوة على ذلك، أشار "ذي هيل" إلى أن تسريب موقع "ويكيليكس" لأسماء العديد من المانحين، بعد اختراق البريد الإلكتروني للحزب الديمقراطي المنسوب إلى المخابرات الروسية، كان تطورا مهينا بالنسبة إليهم وزاد صدمتهم و"أخاف البعض من أصحاب الثروات من النساء والرجال" ما أدى إلى تنفيرهم من التعامل مع الحزب. وشدد الموقع على أن مشاعر كهذه و"انسحاب المانحين من اللعبة" يمكن أن يضر بمكانة وسمعة الحزب الذي يحاول أن يتعافى ويستعيد "ماء وجهه" عشية الانتخابات التمهيدية المقرر إجراؤها في 2018.

من جانبها حملت هيلاري كلينتون موسكو والرئيس فلاديمير بوتين مسؤولية جزئية عن هزيمتها في الانتخابات الاميركية، وذلك خلال عشاء مع متبرعين لحملتها وفق ما نقلت صحيفة نيويورك تايمز. واعتبرت المرشحة الديموقراطية السابقة ان خسارتها المفاجئة امام دونالد ترامب نتجت من تقاطع حدثين "غير مسبوقين": "الهجوم على بلادنا" من جانب موسكو ونشر رسالة لمدير مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) حول فتح التحقيق مجددا في شان رسائلها الالكترونية قبل 11 يوما من الانتخابات.

ورات كلينتون وفق الصحيفة ان قضية القرصنة مرتبطة باتهامات بوتين السابقة لها بالوقوف خلف التظاهرات المناهضة التي اعقبت الانتخابات التشريعية الروسية العام 2011. واذ اكدت انها "حاولت من دون جدوى" تنبيه الصحافة الى عمليات القرصنة في الاشهر الاخيرة من الحملة، اعتبرت ان القضية "ليست سوى هجوم علي وعلى حملتي". واضافت "انه هجوم على بلادنا. هذا يمس وحدة اراضي بلادنا وامن امتنا".

وهي المرة الاولى التي تعلق فيها كلينتون على المعلومات الاخيرة حول القرصنة الكبيرة التي تعرض لها الحزب الديموقراطي مع اقتراب الانتخابات. ويبقى تحديد التاثير الفعلي للقرصنة على العملية الانتخابية مستحيلا. وبعيدا من قضية الرسائل الالكترونية ورسالة اف بي آي، اعتبر العديد من الديموقراطيين ان حملة كلينتون ارتكبت اخطاء عدة عبر اهمالها خصوصا الناخبين البيض المنتمين الى الفئات الشعبية.

ترامب وبيل كلينتون

من جانب اخر شن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب هجوما على بيل كلينتون في تغريدة عبر موقع تويتر، بعدما شكك الرئيس الأسبق في ذكائه. وردا على سؤال عما إذا كان يرى ترامب ذكيا، قال كلينتون خلال نقاش داخل متجر كتب في ولاية نيويورك "إنه لا يعرف الكثير. يعرف شيئا واحدا هو كيف يجعل من الرجال البيض الغاضبين يصوتون له". وادلى كلينتون بتلك التصريحات في العاشر من كانون الأول/ديسمبر، ونشرها رئيس تحرير صحيفة محلية، قبل أن تنشرها "بوليتيكو".

وقال كلينتون أيضا إن ترامب اتصل به بعد الانتخابات وبدا ودودا بشكل غريب بعد حملة مريرة. لكن ترامب رد قائلا إن "بيل كلينتون ذكر أنني اتصلت به بعد الانتخابات. خطأ، هو من اتصل بي (وهنأني بأسلوب لطيف جدا. إنه لا يعرف الكثير...)". وأضاف ترامب "خصوصا في كيفية اجتذاب الناس، حتى مع وجود ميزانية مفتوحة، للإدلاء بأصواتهم في الولايات الحاسمة (وأكثر). لقد ركزا (كلينتون وزوجته المرشحة السابقة هيلاري) على الولايات الخطأ". بحسب فرانس برس.

وخلال الحملة الانتخابية، سبق أن شن ترامب هجوما لاذعا على كلينتون على خلفية خياناته الزوجية. ولاحقا اقر الرئيس الاسبق في تغريدة على تويتر بأنه هو من اتصل بالرئيس المنتخب لتهنئته بالفوز. وقال "هوذا أمر انا ودونالد ترامب يمكن ان نتفق عليه - انا اتصلت به بعد الانتخابات".

اعادة احتساب الاصوات

الى جانب ذلك انتقد الرئيس المنتخب للولايات المتحدة دونالد ترامب بشدة فريق منافسته هيلاري كلينتون لمشاركته في اعادة فرز الاصوات في ولاية ويسكونسن، معقل الحزب الديمقراطي الذي تحول لصالح الجمهوريين في الانتخابات الاخيرة. وفي تعليقات جديدة على تويتر، اعاد ترامب تذكير كلينتون بتصريحاتها قبل هزيمتها عندما ناشدته احترام النتائج في حال فوزها. وندد ب"انفاق الكثير من الوقت والمال للحصول على نفس النتيجة" رغم احتساب جديد للاصوات في ويسكونسن بناء على طلب من مرشحة الخضر جيل ستاين، وردد كلمة "امر محزن" في سبع تغريدات.

وكان ترامب قال ان "الشعب قال كلمته والانتخابات انتهت، وكما قالت هيلاري كلينتون نفسها ليلة الانتخابات، اضافة الى إقرارها (بالهزيمة) من خلال تهنئتي، علينا القبول بهذه النتيجة والنظر الى الامام". واضاف ان "اعادة احصاء الاصوات ما هي الا طريقة من جيل ستاين، التي حصلت على اقل من 1% من الاصوات (...) لجمع اموال لن تستخدم القسم الاكبر منها لتمويل عملية اعادة احصاء الاصوات السخيفة هذه". واضاف "هذه عملية احتيال يقوم بها حزب الخضر في انتخابات سبق وان اقر بهزيمته فيها".

وكانت ستاين سلمت ا طلبا رسميا لاعادة تعداد الاصوات في ويسكونسن. وتنوي ستاين ايضا طلب تعداد جديد للاصوات في ولايتي بنسلفانيا وميشيغن اللتين فاز فيهما ترامب ايضا. وكان الرئيس المنتخب فاز في الولايات الثلاث ولكن بفارق مئة الف صوت فقط فيها مجتمعة. وفي النهاية فاز ترامب في السباق الى البيت الابيض بعد ان جمع 290 ناخبا كبيرا مقابل 232 لكلينتون التي لم تعترض على النتائج. بحسب فرانس برس.

من جهته، قال مارك اريك الياس وهو محام يعمل في فريق كلينتون الانتخابي "بما اننا لم نعثر على ادلة كافية لحصول قرصنة او محاولة من الخارج للعبث بالتكنولوجيا المستخدمة في التصويت، لم نفكر في اللجوء الى هذه الامكانية"، في اشارة الى طلب اعادة الاحتساب. واضاف "وبما ان تعدادا جديدا قد بدأ، فاننا ننوي المشاركة لنتأكد من ان الالية ستجري بشكل مناسب لجميع الاطراف". وتابع المحامي "وفي حال قررت جيل ستاين المضي في المطالبة باعادة تعداد الاصوات في ولايتي بنسلفانيا وميشيغن ايضا فسنتصرف بالطريقة نفسها". وتقدم ترامب على كلينتون ب20 الف صوت في ويسكونسن و70 الفا في بنسلفانيا و10 الاف في ميشيغن.

قضية بريد كلينتون

في السياق ذاته اعلنت مستشارة قريبة من الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب ان الادارة الجديدة لن تلاحق هيلاري كلينتون في قضية بريدها الالكتروني الخاص اثناء توليها وزارة الخارجية. وكان ترامب تعهد خلال مناظرة تلفزيونية امام كلينتون انه سيعين في حال انتخابه مدعيا خاصا للتحقيق في الاتهامات ضد كلينتون في قضية البريد الالكتروني. وقالت كيليان كونواي في مقابلة مع قناة "ام اس ان بي سي" "اعتقد انه عندما يقول الرئيس المنتخب، حتى قبل توليه منصبه رسميا، انه لا يرغب في مواصلة التحقيق حول هذه الاتهامات، فأنه يوجه رسالة قوية جدا شكلا ومضمونا".

وبهذا يكون ترامب قد تراجع عن احد تعهدات حملته الانتخابية وعن شعار "اسجنوها" (كلينتون) الذي اثار حماسة كبيرة لدى مناصريه. واستخدمت كلينتون حين كانت وزيرة للخارجية خادما خاصا بدل حساب حكومي آمن في مراسلاتها الإلكترونية. واعتبر المحققون في تموز/يوليو ان الشروع في ملاحقات قضائية بحقها غير مبرر رغم وصفهم سلوكها بانه "اهمال كبير".

وفي عام 2000 أصبحت كلينتون أول امرأة بين من شغلن مركز السيدة الأولى تفوز بمنصب عام في انتخابات لتصبح عضوا في مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك. وفي 2009 أصبحت ثالث امرأة تشغل منصب وزير الخارجية. وفي يوليو تموز الماضي أصبحت أول امرأة تفوز بترشيح أحد الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة في انتخابات الرئاسة.

وعلى مدى أربعة عقود من الزمان قضتها كلينتون في الحياة العامة خاضت معارك مع خصومها من المحافظين والجمهوريين منها تحقيق مكتب التحقيقات الاتحادي في استخدامها خادم خاص لرسائل البريد الإلكتروني وهي وزيرة للخارجية وتحقيقات في معاملات سابقة في مجال الأعمال وما دار حول عدم إخلاص زوجها بيل كلينتون لها ومحاولة فاشلة من جانب الجمهوريين لعزله من منصبه.

وأمضى أعضاء الكونجرس من الجمهوريين سنوات يحققون في اتهامات تدور حول ثغرات أمنية في وزارة الخارجية فيما يتصل بهجوم شنه مسلحون متشددون في مدينة بنغازي الليبية أسفر عن مقتل السفير الأمريكي. ووقفت كلينتون تدلي بشهادتها وهي مرشحة للرئاسة خلال جلسة استماع صعبة في الكونجرس امتدت 11 ساعة في أكتوبر تشرين الأول عام 2015 واجهت فيها انتقادات الجمهوريين لأسلوب تعاملها مع الحادث. وسلطت الأضواء على قضية أخرى كان لها نصيب من الإضرار بها سياسيا خلال جلسات الكونجرس المطولة عن هجوم بنغازي وتمثلت في اتهامات أنها خالفت القانون باستخدامها خادم الكمبيوتر الخاص لبريدها الإلكتروني في رسائل خاصة بأعمال الحكومة وهي وزيرة للخارجية.

وفي يوليو تموز وصمها جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الاتحادي بالإهمال الشديد في تعاملها مع البريد الإلكتروني غير أن وزارة العدل قبلت توصيته بعدم توجيه اتهامات جنائية إليها. وأعلن كومي قبل 11 يوما من الانتخابات أن مكتب التحقيقات الاتحادي يحقق في مجموعة جديدة من رسائل البريد الإلكتروني لكنه عاد وقال قبل يومين من الانتخابات إن مراجعة تلك الرسائل لم تسفر عن شيء ذي بال يغير القرار الذي سبق اتخاذه بعدم توجيه اتهامات رسمية لها.

وقالت كلينتون خلال مناظرة في 26 سبتمبر أيلول مع ترامب مشيرة إلى أن تعاملها مع البريد الإلكتروني كان "خطأ" تتحمل هي مسؤوليته "لو اضطررت إلى ذلك مرة أخرى فمن الواضح أنني سأفعل ذلك بشكل مختلف." وانتهز ترامب ذلك فراح يهزأ بهيلاري "المحتالة" وقال إنه سيسعى لسجنها إذا ما فاز في الانتخابات وشجع أنصاره على ترديد هتاف "احبسوها". ودافعت كلينتون عن خدمتها الطويلة في الحكومة ورفضت ما ردده ترامب من أنها لم تحقق أي إنجازات حقيقية.

اضف تعليق