ناقش ملتقى النبأ للحوار موضوعا بعنوان (قانون جاستا وارتداداته) من تاريخ 7 ولغاية 14 تشرين الاول 2016، شارك في الحوار مجموعة من الناشطين والسياسيين من بينهم (عضو مجلس النواب العراقي عمار الشبلي، د. اثمار الشطري، د. جواد البكري، د. واثق الهاشمي، د. حيدر حسين الكريطي، د. عادل البديوي، د. خالد العرداوي، د. قحطان الحسيني، د. احمد الميالي، ا. احمد السعد، د. صلاح بصيص: ).
أجرى الحوار مدير الملتقى الكاتب الصحفي علي الطالقاني، وملتقى النبأ للحوار هو مجتمع يسعى إلى تحفيز المناقشات بهدف توليد الأفكار من أجل دعم المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وإسداء النصح لها من خلال عدة فعاليات يقوم بها الملتقى.
لمشاهدة تقارير ملتقى النبأ للحوار http://annabaa.org/arabic/tags/5030
(محاور البحث)
اقر مؤخرا قانون جاستا الذي يوفر مساحة للمتقاضين المدنيين من الأشخاص والجهات والدول الأجنبية التي قامت بتقديم دعوى جنائية، حيث جاء ذلك القانون تماشيا مع دستور الولايات المتحدة الامريكية الخاص بالتعويضات نتيجة الضرر الحاصل عن الاعمال الارهابية.
وما اثار الجدل فان القانون يتيح لأهالي الضحايا الذين تضرروا بأحداث 11 سبتمبر 2001 حيث سيشمل مسؤولين سعوديين وغيرهم.
برأيكم ماهي تداعيات هذا القانون، وهل سيفتح الباب أمام دول أخرى لإصدار قوانين مماثلة؟
وهل سيشمل هذا القانون مقاضاة الولايات المتحدة من قبل الأفراد في بلدان أخرى؟
النائب عمار الشبلي:
اذا كانت المملكة العربية السعودية اول من استنكر وعارض اصدار هذا القانون لعلمها القاطع ان الجزء المخفي من تقرير الكونغرس حول احداث 11 سبتمبر يدين السعودية ادانة لا تقبل الشك وبذلك قد تكون اول من ستكتوي بنار الارهاب التي اورى زنادها ائمة السوء ووعاظ السلاطين الذين يبثون سمومهم اناء الليل واطراف النهار بتكفير الاخر والدعوة الى القتل واستباحة الاعراض والاموال.
اقول ان كان واضحا او هكذا يفهم ان القانون مفصل للسعودية فهذه نصف حقيقة نوايا الكونغرس والدليل ان المادة الثالثة منه تحدثت ليس فقط عن اعمال ارهابية حصلت في الماضي وادت الى موت او ضرر اشخاص بل تتحدث المادة عن دعم وتحريض وتامر لأحداث اعمال ارهابية في امريكا وان لم تحدث فهاهنا يكمن الشيطان كما يقال فأمريكا التي عرفت بان قائمتها المخصصة للجماعات الارهابية عبارة عن رمال متحركة فتارة تكون منظمة مجاهدي خلق ارهابية وفقا لمقاييس امريكا عندما كانت المنظمة تعمل ضد شرطي امريكا في الخليج شاه ايران ثم اصبحت حركة تنشد الحرية بعد ان اصبحت خلق اداة طيعة بيد امريكا لضرب المصالح الايرانية في داخل ايران وخارجها. فما ادريك ان يفسر المدعي العام الامريكي في قابل الايام دعوات البعض لموت امريكا او مقاومة الفصائل الاسلامية لقواتها المحتلة في العراق او اليمن او حتى لبنان في بداية الثمانينيات اقول ما المانع ان تكون هذه الاعمال ذريعة للنيل من تلك الفصائل بسلاح قانون مشرع من الكونغرس.
فلو كان الامر كما يشاع بان القانون ضد السعودية لما سمحت الايباك لهذا القانون ان يرى النور والفيصل الان نتائج الانتخابات الامريكية اي ان انفاسنا يجب ان تحبس لشهر تقريبا لمعرفة من سيقود البيت الابيض فان كان ترامب هو صاحب الحظ الاوفر فسيبدأ بالسعودية ولن ينتهي بها لأنه خلال اسبوع من الان سيمثل امام الايباك ليمطان اللوبي الاسرائيلي بان امن اسرائيل في مأمن وان كانت كلنتون هي الفائزة فستسخر وزارة خارجيتها الجديدة للملمة ادانة السعودية وبطبيعة الحال لملمة ليست مجانية.
فالقانون نص على ان المدعي العام بإمكانه تأجيل البت بالدعاوى او أغلاقها اذا اوضحت وزارة الخارجية الامريكية بما لا يقبل الشك ان هناك جهودا طيبة تبذلها حكومة الدولة المتهمة بالتعاون من خارجية امريكا لتسوية القضايا ماديا واعتقد ان طيب ال 100 مليون دولار التي استلمتها كلنتون من السعودية مشاركة في حملتها الانتخابية كافية بان تجعل كلنتون تعقد النية من الان لتجنيب السعودية عقوبات صارمة وابدالها بعقوبات مادية وان كانت باهضه لكنها لا تساوي شيء امام حب السلطان عند ال سعود وبالتالي استنزاف اموال السعودية.
د. اثمار الشطري:
بخصوص قانون جاستا. بالتأكيد له وقع سياسي دولي. واعتقد وذكرتها مؤخرا في عدة مناسبات ذات علاقة. ضرورة حث الجامعة العربية عن طريق ممثلنا هناك والأخوة العراقيين الذين يشغلون عدة مناصب في الجامعة العربية على طرح شروع مماثل لمجلس الجامعة العربية، وحث الدول الصديقة بالتنسيق مع ممثليها لتأييد القرار، ولتكن المبادرة عراقية، وحتى وان لم يحظا التصويت بالأغلبية لتمريره فأن ذلك سيكون جرس انذار مقلق على مستوى المنطقة كما سيعزز السعي الدبلوماسي لبعض الدول لكسب ود العراق والدول الصديقة. وكما تعلمون جميعا فأن العراق لو استطاع ان يتحرك بتناغم دبلوماسي فعال ستكون له حظوة دبلوماسية رفيعة المستوى على المستوى الاقليمي. كما ازيد ان دولة الامارات شرعت قانون مكافحة الارهاب وتعويض ضحاياه قبل عام تقريبا وهي خطوة جيدة رغم ان القانون اثير الجدل حول بعض فقراته.
د. جواد كاظم البكري
يثير صدور قانون (العدالة ضد رعاة الارهاب) Justice Against Sponsors of Terrorism Act الذي يسمى مختصراً بـ(جاستا) JASTA، في هذا التوقيت علامات استفهام عديدة، وبخاصةً أن أرضيته قد أُعدت منذ ديسمبر عام 2002 بعد الانتهاء من كتابة التقرير المشترك من قبل لجنتي المخابرات في مجلس النواب ومجلس الشيوخ الاميركي، والذي وردت في طياته الكثير من الحقائق والوثائق والتسجيلات عن تورط تسعة سعوديين من بين (12) في أحداث 11 سبتمبر 2001.
وقد تم رفع هذا التقرير المكون من (838) صفحة الى مدير وكالة المخابرات الاميركية (جورج تنت) من قبل اللجنة المذكورة بتاريخ 29 كانون الثاني 2003 مع مجموعة من التوصيات، نُشر التقرير في حينها عدا (28) صفحة بقيت حبيسة رفوف الكونغرس ووكالة المخابرات المركزية لمدة 15 عاماً، هذا التقرير الذي أُعد من قبل اللجنة المذكورة على مدى 18 شهراً برئاسة حاكم نيوجيرسي السابق، توماس كين، وعضوية 5 ديمقراطيين و5 جمهوريين، باستجواب 1200 شخص من عشر دول، كما نظرت اللجنة في أكثر من مليونين و500 صفحة من الوثائق، إلا أن إدارة بوش ارتأت حينها الإبقاء على 28 صفحة سرية ولم تنشرها.
ماذا تحتوي الصفحات الـ(28) وماهي ظروف نشرها؟
تحتوي هذه الصفحات على الاتي:
•أن هناك علاقة محتملة بين منفذي هجمات 11 سبتمبر والحكومة السعودية.
•إن الرئيس الاميركي بوش هو الذي اتخذ قراراً بعدم نشر الجزء المتعلق بالسعودية والمكون من (28) صفحة ووافق على نشر بقية التقرير المكون من (838) صفحة.
•تحتوي هذه الصفحات على الداعمين الخارجيين لمنفذي الهجمات المذكورة.
•إن الداعم الخارجي الرئيس لهجمات 11 سبتمبر هي المملكة العربية السعودية.
•نشر الوثائق السرية تتم بموافقة جهتين الاولى هي البيت الابيض والثانية هي الكونغرس، ونشر هذه الوثيقة أُحيط بغموض كبير، إذ لم تحدد الى الان الجهة التي قامت برفع السرية عن الوثيقة، على الرغم من أن الوثائق السرية لا يتم رفع السرية عنها الا بعد (30) عاماً.
•أقر التقرير بأن (على الاقل) ثلاثة من منتسبي جهاز المخابرات السعودية وهم كل من (عمر البيومي، و اسامه بسنان، صلاح الحصين) قد اتصلوا اثناء تواجدهم في الولايات المتحدة الاميركية بداعمي التفجيرات قبل حدوثها بشهرين وفقاً لمعلومات الـ FBI.
•أن زوجات بعض منفذي الهجمات وداعميهم قد تلقوا شيكات بمبالغ مالية مختلفة ولعدة مرات من (هيفا بنت سلطان) زوجة السفير السعودي في واشنطن بندر بن سلطان، وكانت هناك شيكات شهرية بمبلغ(2000) دولار محولة الى حساب زوجة اسامة بسنان تحت مسمى (اجور تمريض) ووجد الـ FBI أن زوجة بسنان لم تكن ممرضة.
•تم العثور على رسائل شكر من قبل أحد داعمي التفجيرات (عمر البيومي) موجهه الى السفير السعودي في واشنطن (بندر بن سلطان) لدعمه المالي السخي له.
•أن هؤلاء الأفراد المرتبطين بالحكومة السعودية في الولايات المتحدة قد يكون لهم علاقات أخرى بتنظيم القاعدة وغيره من الجماعات الإرهابية.
إن لم يكن الموقف الرسمي الأميركي، بعد تفجيرات 11 سبتمبر، قد حمل السعودية مسئولية هذه الهجمات، إلا أن ثمة تلميحات رسمية وغير رسمية ألقت بالمسئولية على المملكة بشكل غير مباشر حينها بالأخص بسبب أن تنظيم القاعدة المسئول عن هذه الأحداث وزعيمة أسامة بن لادن له جنسية سعودية، بالإضافة إلى تورط تسعة مواطنين سعوديين من أصل (12) منفذ في تلك التفجيرات، لذلك من المحتم ظهور اتجاه داخل الولايات المتحدة يدعوا إلى التشكيك في السعودية كحليف ويدعوا إلى مراجعة السياسية الخارجية الأمريكية تجاهها إن عاجلاً أم آجلاً، ولكن العلاقات الدولية، لأى بلد، ترتبط بمحددات داخلية وخارجية، ويأتي ارتباطهما من انعكاس المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية التي تهدف إلى تحقيقها من خلال علاقاتها الخارجية.
فقد ظلت السعودية منذ عقود تشكل أحد أهم اقطاب ارتكاز السياسة الاميركية في منطقة الشرق الاوسط الى جانب الكيان الصهيوني نتيجة لمجموعة من الاسباب من أهمها الجانب الاقتصادي الذي يشكل النفط قوامه الاساسي، فضلاً عن استثمار العداء السعودي للجمهورية الاسلامية الايرانية في محاصرة الاخيرة من قبل الولايات المتحدة الاميركية ضمن الفضاء الجيو- سياسي لمنطقة الشرق الاوسط، الا أن مع ظهور عقيدة اوباما التي تركزت على أن المنافسة الإقليمية بين السعودية وإيران أدت إلى تغذية النزاعات في اليمن والعراق وسوريا، مطالبة المحور الخليجي بضرورة مشاركة المنطقة مع ايران، وتزامناً مع الوصول الى تحقيق الاتفاق النووي فأن احجار رقعة الشطرنج الذي طالما اشار اليها بريجنسكي بدأت تتغير بما لاتشتهي السفن السعودية.
د. واثق الهاشمي:
قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب يدلّ على متغيرات جديدة وقادمة في العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها وخاصة دول الخليج والسعودية على وجه الخصوص، وهو أقرب إلى إجراء سياسي مبيّت وتدبير إداري يقصد دولاً بعينها، ويستهدف ابتزازها لدفع أموال بعنوان تعويضات للضحايا كما حدث مع قضية لوكربي. هذا القانون وبعد ان اتخذ الرئيس اوباما الفيتو عاد ليصوت عليه الكونغرس بأغلبية كبيرة وهي صفعة مؤلمة لأوباما ويحدد متغيرات جديدة ووسائل ضاغطة اتجاه المملكة العربية السعودية وهو ربما يشل نوع من العقوبة على سياسات المملكة الاخيرة وتوجه بوصلتها باتجاه روسيا او معارضتها للسياسة الامريكية في المنطقة.
وبالرغم من أن قانون "جاستا" هو قانون وطني أمريكي في داخل الولايات المتحدة، إلاّ أنه يشكّل سابقة قانونية في التعامل مع الدول الأخرى، وربما يفتح شهية دول اخرى لاتخاذ نفس القرار. السعوديون كانوا، مثلما اتضح، يعيشون تحت انطباع خاطئ حول حجم مكانتهم، وقوة نفوذهم، وعمق تحالفهم مع “الصديق” الأمريكي، ويملكون الاسلحة وأدوات التأثير، المالي والاقتصادي في الولايات المتحدة، وها هم يجدون أنفسهم “وحيدين” دون أصدقاء في مواجهة اكبر عملية “ابتزاز″ مالي في تاريخهم، بل وتاريخ العالم بأسره.
ردود الفعل السعودية كانت تتسم بلغة التهديد والوعيد في البداية، وتصريح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير يهدد بسحب مئات المليارات من الاستثمارات في حال اعتماد هذا القانون، ولكن هذه اللغة تراجعت فور اعتماده، واختفى السيد الجبير من المسرح كليا، ولم نسمع له أي تصريح في هذا الصدد، ولا حتى في قضايا أخرى في الأسبوعين الماضيين، قانون جاستا سيضع متغيرات كبيرة في العلاقات بين الدول وربما تغيير في خارطة التحالفات القادمة.
د. حيدر حسين الكريطي:
يعد عام 2016 أسوء عام يمر على مملكة آل سعود الهزيلة فبعد أن استهلت هذا العام بإعدام الشيخ الشهيد نمر باقر النمر ( رضوان الله عليه )2016/1/1 تجرعت مملكة الشر غصص الانتكاسات تلو الأخرى فمن تكبد الخسائر الفادحة على الجبهة اليمنية وسقوط مدينتي نجران وجيزان بيد أنصار الله الحوثيين الأبطال إلى هزائم سوريا والعراق ومن ثم اشتداد الأزمة المالية وتداعياتها ومؤخرا صدور قانون جاستا الأمريكي الذي يمثل ضربة موجعة في جسد الكيان السعودي لخائن وإلى خروج السياسة المصرية عن الفلك السعودي وقصف قاعدة فهد الجوية يوم أمس بصواريخ بالستية, كل ذلك يؤشر قرب اجتثاث الشجرة الملعونة المتمثلة بآل سعود من الوجود.
د. عادل البديوي:
قانون جاستا...
1- يمثل تهديد واضح للحصانة السيادية التي تحكم العلاقات الدولية ضمن إطار القانون الدولي.
2- تهديد واضح لإعادة رسم الاعراف الدولية من جديد في ضوء المعاملة بالمثل.
3- قد يتوهم البعض بانه فقط مقاضاة للجانب السعودي هذا القانون سيشمل أطراف عديدة سوريا ايران حزب الله بعض الفصائل المقاومة من حشدنا الشعبي في حالة التطبيق.
د. خالد العرداوي:
قد نختلف مع السياسات التي تتخذها الأطراف الدولية انطلاقا من مصالحها الخاصة، والتي قد تلحق أضرارا فادحة بأطراف أخرى قد تصل إلى عدها سياسات معادية تستوجب الرد. ولكن القوانين الدولية يجب احترامها وعدم انتهاكها، على الرغم من إدراكنا أن بعض القوانين كتب بأيدي الأقوياء ولغة المنتصرين وتحتاج مع تطور المتغيرات الدولية إلى مراجعة من أجل جعلها عادلة أكثر.
إن قيام طرف دولي مستندا إلى تفوقه بأخذ المبادرة لتغيير أو انتهاك هذا القانون أو ذاك إنما هو فتح الباب على الفوضى العارمة التي تسمح بسحق الضعفاء وتقاطع مصالح الأقوياء والسير الحثيث إلى المجهول. لقد أخطأت واشنطن في سن قانون جاستا ، فهذا القانون ينتهك القانون الدولي بشكل سافر، وإذا كان لدى واشنطن ما يثبت ضلوع السعودية بهجمات 11 سبتمبر كان بإمكانك تفعيل مواد العدوان واتخاذ الإجراءات المناسبة بحقها، لكن يبدو أن واشنطن لا تملك الأدلة الكافية حول ذلك وتحاول استخدام أسلوب البلطجة الدولية لتكريس واقع جديد في العلاقات الدولية. إن واشنطن هي أول من يجب أن يحاسب وفق قواعد العمل الجديدة التي سطرها الجاستا لما قامت به متعمدة من أعمال عدائية سابقة انتهكت بها القوانين الدولية وخالفت الإجماع الدولي. لو كان الأفراد الذين قاموا بهجمات سبتمبر يحملون الجنسية الفرنسية أو البريطانية أو الروسية أو الإسرائيلية لما تجرأ المشرع الأمريكي على إصدار الجاستا انه قانون الأقوياء وشريعة الغاب التي تكتب باسم العدالة وحقوق الإنسان كما تكتب باسم الأديان في كثير من الأحيان.
د. قحطان الحسيني:
الولايات المتحدة لم تصدر قانون جاستا الا بعد دراسات مستفيضة أخذت بالحسبان مدى تأثيره العكسي على أمنها وإمكانية مقاضاتها من قبل دول أخرى ارتكبت أمريكا بحقها أعمالا عدائية ترتقي إلى درجة الإرهاب الدولي.
لكن كما تعرفون أن الولايات المتحدة قوى عظمى ترى أنها تمتلك من الإمكانيات ما يجعلها بمنأى عن اي مقاضاة من اي دولة كانت فالحكومة الأمريكية أصدرت تشريعات محليا ولم تسعى لإصدار قرار أممي أو توقيع اتفاقية دولية لأن التشريع المحلي خاضع لسلطانها ويحميها من الالتزامات الدولية, وهنا نستذكر اتفاقية تشكيل المحكمة الجنائية الدولية في روما والتي لم توقع عليها الولايات المتحدة كي لا تكون ملزمة بالمثول أمام المحاكم الدولية عن أعمالها الإجرامية تجاه الدول الأخرى. كما أن حكومة امريكا عقدت اتفاقيات مع أغلب الدول التي يتواجد فيها جنود امريكان تضمن حصانة هؤلاء الجنود من اي محاكمة في تلك الدول وان محاكمتهم عن اي جريمة تتم أمام المحاكم الأمريكية حصرا.
د. احمد الميالي:
أن قانون جاستا سيكون موجه بشكل اساس ضد السعودية التي ستخوض معركة علاقات عامة واعلام مضاد وتصرفات عدوانية غير مسبوقة لكن هذا لايمنع اي تراجع امريكي عبر القضاء والمحاكم للاستمرار في مباشرة قانون جاستا، ما يعني أن السعودية ستصبح وجهة أساسية لحرب إعلامية وحقوقية وشعبية لرعايتها الإرهاب، وربما تصبح هدفاً لحرب سياسية لم تكن تتوقعها. ولهذا سيكون رد فعلها صبياني ومتهور وستتصرف بشكل غير مبرر مما يثقل سجلها الحقوقي اكثر فاكثر، قد يفضي في نهاية المطاف إلى خسارة تتجاوز في المحاور التي تحارب فيها سواء الحرب اليمنية، والحرب بالوكالة في سوريا مما يسهم في تقويض وانكسار قدرة الردع السعودي في المنطقة، وخلق كم هائل من الخصوم الاقليميين والدوليين. فلا يمكن اعتبار خسارة مجلس حقوق الانسان وهيومن رايتس وتش واطباء بلا حدود وإحراج الأمم المتحدة وامريكا، والقطيعة مع مصر، إلا في سياق صناعة التأزيم الناتج عن قراءة مغلوطة للسعودية للأحداث والانخراط فيها، الذي لم ينتج موقف يحتوي قانون جاستا.
قانون جاستا سيغير ملامح السياسة العامة السعودية في السنوات القادمة، وسيسهم في تضاءل أوزان الرعاة والحلفاء، مما يعزز مكانة قوى اقليمية اخرى مثل ايران وتركيا في المنطقة على حساب المملكة التي ارى ان افق وجودها بدأ يضمحل بعد قانون جاستا.
ا. احمد السعد:
ان القانون المسمى العدالة ضد رعاة الاٍرهاب المعروف بقانون( جاستا) له تداعيات على مستوى العلاقات الدولية كونه يؤسس لانتهاك مبدأ حرية سيادة الدول في القانون الدولي. حيث انه عابر للاختصاص الإقليمي الامريكي الى أفراد ومؤسسات ودوّل لها سيادتها وسلطاتها وقوانينها التي تطبق ضمن إقليمها وعلى مواطنيها حصراً.
ويعتقد ان هذه الدول والجهات يسود الاتهام حولها انها تدعم الاٍرهاب فكريا ومادياً سواء بصورة مباشرة او غير مباشرة والمؤشرات عن ذلك تعرض مصالح الأمن القومي الامريكي للخطر والارهاب كالاستهداف الإرهابي الذين حصل في احداث سبتمبر وما نجم عنه المطالبة بالتعويضات عن الأضرار الناجمة عن هذا الفعل الإرهابي الذي ثبت ان اغلب منفذيه هم من الجنسية السعودية وهذا بدوره سوف يكون عبء هذا القانون على السعودية اكبر من غير الدول الاخرى التي قد يمسها اذا ثبت بالدليل اشتراك أفرادها بالأعمال الإرهابية كما حدث مع السفير الامريكي في ليبيا وبقية الدول الاخرى.
اضافة الى ان هذا القانون يعطي الحق للدول بتشريعات وطنية مماثلة لهذا القانون ومن شان ذلك ملاحقة الأفراد والمؤسسات الامريكية التي ترعى الاٍرهاب وإخضاعها بالمثول امام محاكم هذه الدول مثلما ينص قانون جاستا على مثول رعاة الاٍرهاب امام المحاكم الفدرالية الامريكية لكن هنا تكمن الصعوبة عن آلية تنفيذ قرارات المحاكم بعد صدورها من حيث استيفاء مبالغ التعويضات من الدول والاثار المترتبة على ذلك.
د. صلاح بصيص:
لقد وجهت الكثير من الانتقادات لما يسمى (قانون جاستا) او قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب، و التي تركزت على قضية أساسية تتعلق بخرق القانون الجديد لمبدأ الحصانة القضائية للدول في القانون الدولي.
ان مبدأ حصانة القضائية للدول يعني عدم خضوع الدولة لولاية القضاء الإقليمي لدولة أخرى، وعدم جواز خضوع ممتلكاتها الموجودة في إقليم تلك الدولة لإجراءات الحجز أو التنفيذ. نجد ان هناك عدة آراء قد قيلت بشأن الأساس القانوني في منح الدولة الحصانة أمام محاكم الدول الأخرى، فقد قيل في تسويغ هذا المبدأ عدة أسانيد أهمها مبدأ سيادة الدولة، فسيادة الدولة واستقلالها يتنافيان مع إمكان خضوعها بأية صورة من الصور لولاية القضاء في دولة أخرى، فمقاضاة دولة أمام محاكم دولة أخرى ينطوي على انتهاك لسيادتها ومساس باستقلالها. و ويرى البعض أَنَّ أساس الحصانة القضائية للدول الأجنبية هو فكرة المجاملة الدولية.
لقد أخذت وجهات النظر المعاصرة تميل إلى مزيد من التقييد في ممارسة الحصانة الممنوحة للدولة، مما أدى إلى ظهور الاتجاه الحديث في القانون الدولي العام الذي نادى بما يسمى بـ (الحصانة المقيدة أو المحدودة) وهذا الاتجاه يقوم على ضرورة التفرقة بين أعمال السلطة العامة وأعمال القانون الخاص، إذ قصر نطاق الحصانة القضائية للدولة على الطائفة الأولى من الأعمال من دون الثانية, وهو ما استقر عليه الفقه والقضاء في غالبية الدول، ويتمثل الغرض من تبني مبدأ الحصانة المقيدة هو تأمين مصالح الأشخاص الخاصة في حصولهم على حقوقهم التي تقررها المحكمة إزاء الدولة التي تم التعامل معها في حالة إذا ما أخلت بالتزاماتها. فضلاً عن أنَّ الأخذ بمبدأ الحصانة المطلقة سيكون عائقاً أمام تطور القانون الدولي الذي اخذ في الآونة الاخيرة يسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول في حالات انتهاك حقوق الانسان.
ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد، إنَّ الاتفاقية الأوروبية لحصانة الدول لعام 1972 قد أخذت بمبدأ الحصانة المقيدة من خلال اعتمادها نظاماً يقوم على تعداد الحالات التي لا يمكن للدولة فيها الادعاء بالحصانة امام القضاء وهذه الحالات تشمل الأعمال ذات الطبيعة الخاصة التي إذا باشرتها الدولة فإنَّها لا تتمتع بالحصانة. واخيرا فقد تم تبني مبدأ حصانة الدول في اتفاقية الأمم المتحدة لحصانات الدول وممتلكاتها من الولاية القضائية، التي اعتمدت في 2 من ديسمبر/كانون الأول 2004، مع العلم انها لم تدخل حيز التنفيذ لحد الان بسبب عدم اكتمال التصديقات عليها من قبل (30) دولة حسب المادة (30) من الاتفاقية ،وقد وضعت الاتفاقية عدة استثناءات على مبدأ حصانة الدول بموجب المادة (10) والمادة (11) وكذلك المادة (12) من الاتفاقية التي بينت بانه (لا يجوز لدولة الاحتجاج بالحصانة امام محكمة دولة اخرى في دعوى التعويض النقدي عن وفاة شخص او عن ضرر لحقه او ممتلكاته نتيجة فعل دولة في اقليم دولته) ،علما أن هناك دولاً لم توقع على هذه الاتفاقية، مثل: الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، حيث تمتلكان قانوناً لهذا الغرض يحدد كيفية حصانة الدولة مع وجود عدد من الاستثناءات من مبدأ الحصانة. وبعد هذه المقدمة، فان السؤال المطروح هل ان قانون جاستا يخرق القانون الدولي في هذا الجانب؟
لقد اصدرت الولايات المتحدة الامريكية قانون الحصانات السيادية عام 1976 الذي قرر حصانة الدول من الخضوع للقضاء الامريكي مع وضع عدة استثناءات ومنها الدعاوى المتعلقة بالتعويض ،كما اصدرت عام 1996 قانون مكافحة الارهاب الذي منع الاحتجاج بالحصانة للدول الراعية للإرهاب الذي تحددها وزارة الخارجية وهي حاليا ( سوريا ،ايران، السودان، كوريا الشمالية)، الاأن قانون جاستا الجديد لم يقصر رفع الحصانة عن الدول الراعية للإرهاب فقط وانما نص على أن أي دولة لا يجب أن تكون في مأمن من الدعاوى ويطلب تعويضات عن الإصابات الشخصية أو الوفاة، أو الإصابة في الممتلكات، التي تحدث في الولايات المتحدة حسب المادة (3/ب) منه. وبذلك يتضح ان الولايات المتحدة الامريكية سايرت التطور في مفهوم الحصانة السيادية لإخراج التصرفات غير السيادية للدول من مبدأ الحصانة القضائية، حيث جاء في المادة(2/ب) من قانون جاستا، بان الغرض منه هو توفير حماية قضائية للمتضررين في الحصول على التعويض في ظل وجود بعض العقبات للمطالبة اتجاه الاشخاص والجهات والدول الاجنبية.
واذا كان مبدأ السيادة هو احد مبادى القانون الدولي، فانه الى جواره مبدأ اخر في القانون الدولي وهو مبدأ سيادة الدولة على اراضيها وخاصة في ظل نص الاتفاقيات الدولية والقوانين الداخلية على استثناء افعال معينة من مبدأ الحصانة السيادية ولعل اعمال الارهاب من اخطر تلك الافعال. ويذكر البروفسور في القانون الدولي وليام دودج بمقاله المعنون (هل يخرق جاستا القانون الدولي) بان القانون الدولي العرفي لا يؤيد الاعتراف بالسيادة الاجنبية في بعض الحالات وانه يقر هذه الحصانة فيما يتعلق بالأضرار التي ترتكب من القوات المسلحة خلال النزاع المسلح بين الدول.
ان مبدأ الحصانة القضائية للدول في ظل التطورات الحديثة يمكن ان توضع استثناءات عليه في حالات الاعمال غير السيادية التي تقوم بها بعض الدول وخاصة في مسائل انتهاكات حقوق الانسان والذي يعتبر حق التعويض من ابرز وسائل الانتصاف للضحايا، وعليه لا يمكن القول ان مبدأ الحصانة السيادية للدول الاجنبية يمكن ان يغطي الاعمال الارهابية التي تساهم بها بعض الدول يشكل مباشر او غير مباشر.
اضف تعليق