تشهد منطقة كشمير المتنازع عليها بين الهند وباكستان، اعمال عنف خطيرة و مظاهرات غاضبة اندلعت عقب مقتل برهان واني أحد قادة حركة المعارضة الكشميرية، والذي لقي حتفه على يد قوات الأمن الهندية، التي سعت الى تشديد اجراءاتها الامنية في هذه الولاية المضطربة، ويرى بعض المراقبين ان مثل هكذا امور يمكن ان تسهم في حدوث صراع جديد وحرب كارثية بين الهند وباكستان قد تثر سلبا على الامن والاستقرار العالمي.
وكانت كشمير مصدر احتكاك بين الجارين النوويين اللدودين منذ اكثر من 60 سنة، حيث شهدت هذه المنطقة في الايام الماضية وبعد تصاعدة حدة الاتهامات بين الجانبين، تبادلا لإطلاق النار باستخدام المدفعية الثقيلة ومدافع الهاون، وأفادت قناة "إن دي تي في" الهندية، نقلا عن مصدر عسكري رفيع المستوى، بأن القوات الباكستانية أطلقت، النار دون سابق إنذار على مواقع للجيش الهندي في قاطع بونش على خط المراقبة الفاصل بين شطري الإقليم، بدورها، نقلت وسائل إعلام باكستانية، عن مصدر في الجيش لم تكشف عن هويته، قوله إن القوات الهندية أطلقت النار باستخدام المدفعية الثقيلة ومدافع الهاون على الأراضي الباكستانية، في يوم احتفال الباكستانيين بيوم استقلال دولتهم. ويذكر أن التوتر في العلاقات بين الهند وباكستان مستمر منذ استقلالهما عن بريطانيا، إذ اندلعت 3 حروب بين الدولتين، في الأعوام 1947-1949 و1965 و1971، وتشكل منطقة كشمير المتنازع عليها نقطة خلاف رئيسة بين نيودلهي وإسلام آباد. وكانت الولاية شهدت اعمال عنف خطيرة في صيف عام 2010 اسفرت عن مقتل 100 شخص على الاقل في احتجاجات مناهضة للهند اندلعت بعد ان قتل شرطي صبيا رميا بالرصاص.
وفيما يخص اخر التطورات هذا الملف فقد ذكرت بعض المصادر، ان قوات الأمن الهندية قتلت 5 محتجين وأصابت 10 آخرين في اشتباكات اندلعت بإقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان بعد خرق حشود المتظاهرين حظر التجول احتجاجا على مقتل متشدد انفصالي. وبحسب مسؤول كبير في الشرطة المحلية فان مئات المحتجين رشقوا، قوات الأمن بالحجارة أثناء محاولتها استعادة النظام في شوارع مدينة بودجام، التي تبعد 30 كيلومترا جنوبي سريناجار، العاصمة الصيفية للإقليم. ويذكر أن الشطر الذي تديره الهند من إقليم كشمير يشهد احتجاجات عنيفة منذ 8 يوليو/تموز، حينما قتلت قوات الأمن قائدا ميدانيا من جماعة "حزب المجاهدين" المتشددة التي تتخذ من باكستان قاعدة لها وتحظى بدعم كبير في المنطقة الحدودية ذات الأغلبية المسلمة. وقتل 64 شخصا على الأقل وأصيب الآلاف خلال 39 يوما من الاحتجاجات في الإقليم، في حين ظلت المدارس والمتاجر والبنوك والشركات مغلقة في معظم أنحاء كشمير، حيث تقوم قوات الأمن بدوريات في الطرق الرئيسة والمناطق السكنية والمساجد.
اشتباكات مستمرة
من جانب اخر اعلن مسؤولون عسكريون هنود ان اشتباكات مسلحة اوقعت تسعة قتلى بينهم فتى في اماكن عدة في كشمير الهندية. وقتل الفتى البالغ 16 عاما بالرصاص خلال مواجهات بين قوات الامن ومتظاهرين في حي باتمالو في سريناغار كبرى مدن كشمير الهندية، وذلك بعد ساعات من مقتل اثنين من المتمردين على بعد بضعة كيلومترات من المكان. وصرح قيصر احمد وهو طبيب بمستشفى في سريناغار "ان جثة الفتى نقلت الى المستشفى. وقد اصيب برصاصة". واستمرت المواجهات في هذه المنطقة المتنازع عليها بين الهند وباكستان رغم فرض السلطات حظرا للتجول لمدة اربع وعشرين ساعة.
وقطعت شبكات الانترنت والهواتف المحمولة فيما كان الاف من عناصر الشرطة المسلحين يجوبون المدن الرئيسية لدرء اي محاولة عنف في يوم الاستقلال. وفي وقت سابق توفي قائد في القوات شبه العسكرية في المستشفى الذي نقل اليه متأثرا بجروح بالغة اصيب بها في كمين نصب له في سريناغار. وقال المسؤول في قوات الاحتياط في الشرطة الهندية اتول كروال "فقدنا قائدا"، موضحا ان اثنين من المتمردين قتلا في المعارك التي تلت الكمين. واضاف ان تسعة اشخاص اخرين اصيبوا بجروح بينهم شرطيان موجودان في المستشفى في حالة حرجة. واوضح كروال ان المتمردين "ليسوا من هنا"، وهو تعبير يستخدم غالبا في الهند للاشارة الى باكستانيين.
وقتل خمسة متمردين في معارك اخرى قرب خط المراقبة الفاصل عمليا بين البلدين قرب يوري في الشمال على ما افاد ناطق باسم الجيش الهندي، مضيفا ان المتمردين رصدوا بعد ان تسللوا في الجانب الهندي من الحدود. واصيب ضابطان ايضا في الجيش الهندي ونقلا الى مستشفى عسكري في سريناغار. واعلن اطباء في مستشفى اخر في سريناغار ان شابا متظاهرا قتل متأثرا بجروحه بعد ايام قليلة من اصابته بالرصاص اثناء مواجهات مع القوات الحكومية.. بحسب فرانس برس.
وتتنازع الهند وباكستان السيطرة على كشمير منذ العام 1947 اذ يطالب كل من البلدين بسيادة كاملة على هذه المنطقة الجبلية. وتقاتل مجموعات من المتمردين القوات الهندية المنتشرة في المنطقة للحصول على الاستقلال او التقارب مع باكستان. واسفرت هذه المعارك عن سقوط عشرات الاف القتلى معظمهم من المدنيين.
تعتيم إعلامي واتهامات
من جانب اخر صادرت السلطات في ولاية جامو وكشمير الهندية صحفا وأغلقت قنوات تلفزيون تعمل بنظام الاشتراك بهدف الحيلولة دون زيادة التوترات في المنطقة التي شهدت احتجاجات عنيفة على قتل قوات الأمن قياديا انفصاليا. وفرضت ولاية جامو وكشمير حظر التجول بالفعل كما قطعت خدمات الهواتف المحمولة لمنع الناس من التجمع في الشوارع وتنظيم مزيد من الاحتجاجات على قتل القيادي الانفصالي البالغ من العمر 22 عاما برهان واني.
وقال وزير في حكومة جامو وكشمير امتنع عن ذكر اسمه إن "الحملة أصبحت ضرورية لأن القنوات الباكستانية التي تبث إرسالها هنا من خلال شبكات التلفزيون التي تعمل بنظام الاشتراكات تشن حملة بهدف إشعال الاضطرابات هنا. وقال عبد الرشيد مخدومي وهو ناشر أكثر صحيفة يومية توزيعا في وادي كشمير وهي صحيفة كشمير الكبرى إن الشرطة داهمت المطبعة وأخذت كل الصحف التي طُبعت وتم أيضا وقف المطبعة. ولم نتسلم أي أمر يتم بموجبه وقف طبع وتوزيع صحفنا. بحسب رويترز.
ودعا قياديون انفصاليون إلى إضراب واحتجاجات لمدة 72 ساعة ضد قتل مدنيين. وقالوا في بيان إنهم أيدوا أيضا دعوة باكستان إلى اعتبار 19 يوليو تموز "يوما أسود" احتجاجا على جرائم القتل تلك. وقال رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف إنه صُدم بقتل واني والمدنيين. وقالت وزارة الخارجية الهندية إنها شعرت بقلق من محاولة باكستان "التدخل في أمورنا الداخلية."
في السياق ذاته اتهمت الشرطة الهندية منظمة العفو الدولية غير الحكومية ب "العصيان" بعدما وجه كشميريون دعوات على ما يبدو الى استقلال منطقتهم خلال لقاء اقامته المنظمة، كما اعلن مسؤول في الشرطة. وقد تسلمت شرطة بنغالور (جنوب) شكاوى من منظمة طالبية قومية عمد عناصرها الى تصوير اللقاء. وقال تي. ار. سوريش، نائب قائد الشرطة المحلية "فتحنا تحقيقا بتهمة العصيان والاضطرابات ضد منظمة العفو، طبقا لعدد كبير من بنود القانون الجزائي، بعدما تلقينا شكوى حول استخدام شعارات معادية للهند في هذا اللقاء". واضاف "نجري تحقيقا حول هذه الشكوى ونتحقق من شريط الفيديو الذي صور لدعم الاتهامات والتعرف الى الذين اطلقوا تلك الشعارات".
وغالبا ما كانت الشرطة تلاحق بتهمة العصيان انصار الاستقلال في كشمير المقسومة بين الهند وباكستان، لكن كلا من البلدين يطالب بها كاملة. وتأتي هذه الملاحقات في خضم توترات قوية. ويمكن ان يحكم بالسجن المؤبد على المدانين بالعصيان في الهند، لكن الاحكام في هذا المجال نادرة. وقد عقد اللقاء في المعهد اللاهوتي الموحد في بنغالور، حيث جاءت عائلات من كشمير للحديث عن انتهاكات حقوق الانسان في منطقتهم.
ويؤكد ناشطون في منظمة "اخيل بهاراتيا فيديارتي باريشاد" الطالبية القريبة من حزب الشعب الهندي (باراتيا جاناتا) القومي الحاكم ان بعض الكشميريين الحاضرين استخدموا شعارات تنادي بالاستقلال. وقال اكار باتيل المدير العام لمنظمة العفو في الهند ان "الشكوى والملاحقات بتهمة العصيان تؤكدان انعدام الثقة في الحقوق الاساسية والحريات في الهند".
خلاف يتفاقم
على صعيد متصل استدعت الهند وكما نقلت بعض المصادر، المفوض السامي الباكستاني في نيودلهي للاحتجاج على ما قالت إنه "استمرار تسلل المسلحين" عبر الحدود بينهما. وقالت وزارة الخارجية الهندية: "اعتقل مواطن باكستاني يدعى بهادور علي واعترف بأنه تسلل إلى الهند بعدما تلقى تدريبات على يد جماعة (عسكر طيبة) المتشددة". وأضافت الوزارة في بيان على موقعها الإلكتروني،: "حكومة الهند تحتج بشدة على استمرار تسلل إرهابيين مدربين من باكستان لديهم تعليمات بتنفيذ هجمات".. "هذا يتناقض مع التأكيدات التي قدمها القادة الباكستانيون على أعلى مستوى".
ويأتي احتجاج الهند بعد أيام من دعوة وزير داخليتها راجناث سينغ إلى عزل الدول التي تعتبر داعمة "للإرهاب"، وذلك خلال كلمة في مؤتمر إقليمي في إسلام آباد. ولم يذكر سينغ باكستان بالاسم، لكن الهند تتهم جارتها بإيواء مسلحين يقاتلون ضد الحكم الهندي في الجزء الخاضع لسيطرتها من إقليم كشمير.
من جانبها توجهت باكستان، بمقترح رسمي إلى الهند لإجراء مفاوضات بشأن الوضع في إقليم كشمير المتنازع عليه والذي شهدت حدوده في الفترة الأخيرة تصعيدا ين الطرفين. وأعلنت الخارجية الباكستانية، في بيان، أن نائب وزير الخارجية إعزاز تشودري استدعى سفير نيودلهي لدى إسلام آباد، لتسليمه رسالة، يدعو فيها نظيره الهندي إلى زيارة باكستان لإجراء مفاوضات بشأن مسألة كشمير، التي تشكل على مدى عقود نقطة خلاف رئيسة بين البلدين. وشدد بيان الخارجية الباكستانية على ضرورة تحمل كلا الطرفين مسؤولياتهما الدولية فيما يتعلق بتسوية مسألة الإقليم المتنازع عليه. وشهد الإقليم خلال الأسابيع الماضية تصعيدا ملحوظا من حدة التوتر، إذ احتدمت فيه مواجهات مع المسلحين الانفصاليين، علاوة على تبادل لإطلاق النار بين القوات الهندية والباكستانية باستخدام المدفعية الثقيلة، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من كلا الطرفين.
في السياق ذاته تناولت صحيفة "كوميرسانت" تصاعد التوتر بين الهند وباكستان من جديد، مشيرة إلى تفاقم الوضع في كشمير. وجاء في مقال خاص للصحيفة، العلاقات بين الدولتين النوويتين الهند وباكستان الواقعتين في جنوب آسيا تأججت نتيجة الاضطرابات في ولاية جامو وكشمير ذات الغالبية المسلمة. فقد اتهم وزير داخلية الهند راجناث سينغ، في كلمته أمام البرلمان، إسلام آباد بأنها تقف وراء زعزعة الاستقرار ودعم الإرهاب في الولاية الحدودية. جاء هذا مباشرة بعد أن دعت ممثلة باكستان لدى الأمم المتحدة مليحة لودهي مجلس الأمن الدولي إلى الضغط على الحكومة الهندية لوقف القمع. وقد تفاقمت الأوضاع بعد مقتل عشرات الاشخاص وإصابة أكثر من 3 آلاف بجروح بعد قتل قوات الأمن الهندية ناشطا من مجموعة "حزب المجاهدين"، التي تطالب بانفصال كشمير عن الهند.
والسلطات الهندية واثقة من أن إسلام آباد تقف وراء تفاقم الأوضاع في كشمير. ويقول الوزير راجناث سينغ إن "باكستان بدلا من أن تحل مشكلاتها الداخلية، تحاول زعزعة الاستقرار في الهند". وأكد أن باكستان دولة "ممولة للإرهاب"؛ مشيرا إلى أن السلطات الباكستاني حسبت برهان واني "شهيدا" وأعلنت الحداد العام. وكانت تصريحات الوزير الهندي استمرارا للحرب الكلامية بين الدولتين النوويتين، اللتين أصبحت مشكلة كشمير بالنسبة إليهما "تفاحة شقاق" منذ تأسيسهما. أي أن مشكلة كشمير هي "أقدم مشكلة في جدول عمل الأمم المتحدة".
وكانت كشمير سببا في اندلاع حربين بين الهند وباكستان عامي 1947 و1965. واندلعت الحرب الأولى، فور حصول الدولتين على استقلالهما بعد أن قسمت بريطانيا الهند إلى الهند وباكستان. حينها تمكنت باكستان من احتلال ثلث كشمير، واستولت الصين على 38 ألف كلم مربع في منطقة أكساس – تشين الجبلية عام 1962. أي أصبحت ولاية كشمير مقسمة بين ثلاث دول وأصبحت هذه المشكلة تمس مصالح ثلاثة مليارات إنسان. وكان رئيس وزراء باكستان قد صب الزيت على النار قبل أيام، عندما أعلن برهان واني جنديا استشهد من أجل الاستقلال، ووعد باستمرار دعم إسلام آباد لأنصاره.
ويذكر أن العلاقات بين البلدين بدأت تتحسن بعد فوز ناريندرا مودي في انتخابات الهند وتكليفه برئاسة الوزراء عام 2014. حتى أن مودي دعا نظيره الباكستاني إلى حضور مراسم تنصيبه، وبدأ الحديث في البلدين عن إعادة تشغيل العلاقات بينهما. ولكن الأحداث الأخيرة في كشمير تهدد بمحو كل الثمرات الأولى المكتسبة، وعودة الدولتين النوويتين في جنوب آسيا إلى المواجهة. وتقول مديرة مركز الدراسات الهندية تاتيانا شاوميان: يبدو أن مودي الذي "جعل تطبيع العلاقات مع باكستان إحدى مهماته الأولية" لم يقيم جيدا مشكلة كشمير التي يمكنها بين فترة وأخرى أن تتأزم خلافا لإرادة زعيمي الدولتين. وهذا ما يحصل اليوم". وبحسب قولها، فإن هذه المشكلة تهدد بزعزعة الاستقرار في آسيا بمشاركة ثلاث دول – الهند والصين وباكستان، التي لم تتوصل إلى تقاسم كشمير فيما بينها.
حرب الهواتف الذكية
من جهة اخرى بدأ متمردون متشددون مثل برهان واني يصبحون محور استقطاب للشباب الذي يرفض سلطة الحكومة الاتحادية في الهند وذلك بما يملكون من مهارات في نشر رسالتهم بالهواتف الذكية بدلا من حمل السلاح. ويجسد واني أحد قادة جماعة حزب المجاهدين الانفصالية الإسلامية وعمره 22 عاما جيلا جديدا من المتشددين الذين يكسبون التعاطف الشعبي في معركة تجازف من جديد بزعزعة استقرار المنطقة الشمالية من البلاد.
وقد اشتهر الشاب الثائر بما نشره من صور جماعته على وسائل الإعلام الاجتماعي في العام الماضي وبخطبه التي دعا فيها أهالي كشمير إلى حمل السلاح. وقال والده محمد مظفر واني عن ابنه "هو يمشي في مسار التقوى ونحن فخورون به." وأضاف الأب الذي يعمل ناظر مدرسة في ترال بجنوب الإقليم "كشمير كلها تؤيد قضيته". وكانت حملة ضخمة شنتها قوات الأمن الهندية أدت إلى احتواء تمرد الانفصاليين في كشمير عندما تفجر في التسعينات بدعم من باكستان لكنه عاود الآن النمو بين صفوف الكشميريين.
غير أن الرد العكسي الذي أثارته هذه الحملة يعكس ما يصفه كثير من الكشميريين برفض حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي الدخول في حوار مفيد حول مصير الإقليم الوحيد في الهند الذي يمثل المسلمون أغلبية فيه. وقال مير واعظ عمر فاروق وهو من القيادات الدينية وأحد المنادين بالمسار السلمي نحو الاستقلال "حكومة الهند قررت أنها تريد التعامل مع المشكلة عسكريا لا سياسيا". ويتهم قادة الانفصاليين نيودلهي بقمع الناس في كشمير باستخدام قوات أمنية قوامها 750 ألف فرد. وإقليم كشمير محور نزاع إقليمي قديم بين القوتين النوويتين الهند وباكستان.
ويقول هؤلاء القادة في الوقت نفسه إن نيودلهي تتبع استراتيجية طويلة الأمد لدمج المنطقة فعليا فيها بسكانها البالغ عددهم 12.5 مليون نسمة وذلك على مختلف الأصعدة السكانية والدينية والاقتصادية. ويحذر الانفصاليون المعتدلون والمتشددون من أن ذلك سيفضي إلى مزيد من التشدد بين أبناء جيل تعرض لقمع وحشي في موجة من احتجاجات الشوارع بلغت ذروتها عام 2010.
وقال نعيم أختر وزير التعليم في ولاية جامو وكشمير وزعيم حزب الشعب الديمقراطي الذي يدير الولاية في ائتلاف غير متوقع مع حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في الهند "هذا مزعج. يجب ألا يحدث هذا المستوى من الشعور بالغربة." وأضاف "علينا أن نحاول إقامة روابط مودة بين جامو وكشمير وبقية البلاد. سيستغرق ذلك وقتا لكني أعتقد أننا على الطريق الصحيح." ويقول الحزبان أن تحالف الأضداد الذي جمعهما يسير بنجاح لكن لم يتحقق شيء من خطة التنمية التي طرحاها وتشمل بناء شبكة من الطرق لتطوير البنية الأساسية التي خربها الإهمال على مدى عشرات السنين.
يقول المدافعون عن حقوق الإنسان إن المتشددين غير قادرين على شن هجمات خطيرة ويفضلون بدلا من ذلك أن يلعبوا لعبة القط والفأر مع قوات الأمن التي تفوقهم عددا بواقع 3000 لكل واحد وذلك لتسليط الضوء على قضيتهم السياسية. وقال خورام بارفيز المسؤول في تجمع للجمعيات المدنية "لديهم أسلحة في أيديهم لكن نشر تسجيلات فيديو ليس من أعمال العنف بل مجرد دعاية." وظهر واني الابن الهارب في مقطع فيديو مؤخرا وهو يستدفئ بنار موقدة في غابة ويتحدث مع زملائه ويضحك معهم.
وفي الشهور الأخيرة تزايدت مظاهر التعاطف مع المتشددين وبدأت حشود تتجمع في مواقع الاشتباكات وتلقي بالحجارة على قوات الأمن لإحباط قتل المسلحين أو الإمساك بهم. كما شاركت أعداد غفيرة في جنازات القتلى من المتشددين الثائرين ومنها جنازة ثلاثة قتلوا في تبادل لإطلاق النار مؤخرا كان اثنان منهم تربطهم صلات بواني. وقال ضابط كبير في الجيش الهندي يقدر عدد المتشددين النشطين في وادي كشمير بنحو 200 "المقلق هو أن هوة الثقة بين النظام والشعب هائلة." وأضاف الضابط الذي طلب عدم الكشف عن هويته لحساسية المسألة "الطريقة الوحيدة التي يمكنهم أن يعبروا بها عن مظالمهم هي العنف ضد رموز الدولة." بحسب رويترز.
وقال أحد كبار مساعدي رئيس الوزراء مودي إن التشدد تقلص في كشمير لكن الاضطراب الاجتماعي تزايد مع سعي قوى الأمن للقضاء على المتمردين المحليين الذين يعتمدون على تعاطف كثير من الكشميريين. وأضاف "قبل ذلك كان الهدف تحييد المتسللين الأجانب. أما الآن فيجري التخلص من الإرهابيين المحليين." وفي فبراير شباط لقيت الطالبة شايستا حميد (22 عاما) وشاب آخر مصرعهما برصاص طائش في اشتباك بقرية للهار أسفر عن مصرع مسلح من جماعة عسكر طيبة التي تدعمها باكستان. وفر مسلحان تحت حماية حشد كان يلقي بالحجارة على قوات الأمن. وقال طالب في مدرسة ثانوية محلية ذكر أن اسمه طارق "هؤلاء المسلحون أشقاؤنا. وهم يحاربون من أجلنا ويطالبون بالحق في الحرية." وسئل طارق عما يراه لمستقبله فقال "إذا استمرت الفظائع سأحمل السلاح."
ويُعتقد أن واني - الذي ولد لأسرة كشميرية تنتمي إلى طبقة عليا ذات مستوى تعليمي راق - سيق إلى التشدد وهو في سن الـ15، عقب ضرب الشرطة له هو وأخيه "بدون سبب". وكان واني نشطا جدا على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يخف هويته - على عكس المتشددين في الماضي - خلف أي قناع آخر. وتناولت رسائل الفيديو التي كان يضعها على الإنترنت وتنتشر بسرعة كبيرة بين الناس في كشمير موضوعات ظلم الحكم الهندي، وحاجة الشباب إلى التصدي للظلم. وحذر في آخر فيديو له الشرطة المحلية من "العواقب"، إذا واصلت مقاومة "الحركة". وتنظر الهند إلى واني باعتباره إرهابيا، لكنه يمثل في عيون كثير من السكان روح جيل كشميري جديد وطموحاته السياسية. وأقر مسؤولون هنود بأنه عنصر فعال في إقناع الشباب بحمل السلاح في الإقليم.
اضف تعليق