q

ناقش ملتقى النبأ للحوار موضوعا بعنوان (التطرف الأسباب والتداعيات) للفترة من 1 الى 5 آب 2016، شارك في الحوار مجموعة من الناشطين والسياسيين من بينهم (القاضي رحيم العكيلي، أ.هشام الهاشمي، د. احمد الميالي، د. ميري كاظم الخيكاني، أ.علي حسين عبيد، الشيخ مصطفى معاش، الشيخ مرتضى معاش، أ. حميد مسلم الطرفي، د. نديم الجابري، أ. مقداد البغدادي، د. خالد عليوي العرداوي، أ. كمال عبيد، د. حمد جاسم، جواد العطار)

أجرى الحوار مدير الملتقى الكاتب الصحفي علي الطالقاني، وملتقى النبأ للحوار هو مجتمع يسعى إلى تحفيز المناقشات بهدف توليد الأفكار من أجل دعم المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وإسداء النصح لها من خلال عدة فعاليات يقوم بها الملتقى.

لمشاهدة تقارير ملتقى النبأ للحوار http://annabaa.org/arabic/tags/5030

(محاور البحث)

ما يعيشه العالم اليوم من حرب عالمية غير معلنة ضد هدف محدد هو "الإرهاب" لكنه خارج الإطار الجغرافي، وهذا لم يكن لولا وجود بذور هذه الحرب والصدام الموعود، حيث شهد العالم لأول مرة ظهور اسم "تنظيم القاعدة" وصعود "طالبان" في أفغانستان واستيلائهم على الحكم وتقديمهم أول نموذج للتطرف الديني في أكثر صوره ظلامية.

فان الأمن مفردة أو مفهوم شامل، تحتاجه الدول والشعوب والجماعات والأفراد، في جميع مجالات الحياة، فهناك أمن عسكري، وآخر غذائي، وثالث اقتصادي، ورابع فكري، وسوى ذلك مما يحتاجه الإنسان لكي يحمي نفسه من الفناء، ولدينا أيضا (الأمن الثقافي)، وهو يمثل أحد أهم احتياجات الإنسان التي تضمن له نوعا من الاستقرار والسلم الأهلي، حتى لا يتهدد وجوده بالزوال والفناء الكلي، وحتى يتحقق شرط استمرارية الحياة في مجالات آمنة.

في وقت يتطلب منا جميعا الارتكاز إلى فكر معتدل ينهض بالأمة ويحصن بلادنا ويصون مجتمعنا.

ويرى محللون أن من أهم أسباب التطرف، هو سوء التعامل السياسي مع الشعب بمكوناته كافة، وغياب العدل الاجتماعي، وقمع الحريات، وتهميش الطبقة الوسطى، ومضاعفة الجهل، وتحقيق زيادة في نسب الفقر بدلا من الرفاهية.

إلى الآن لم تهم المؤسسات الحكومية والمنظمات بشكل فعلي لموضوع التطرف بكل أشكاله ولو بشكل مشاريع قوانين لمكافحة التطرف.

في وقت يرى خبراء أن تكون هناك قوانين تتضمن أوامر حظر المنظمات المتطرفة وفرض قيود علي أشخاص يشتبه في أنهم متطرفون. وتصل تلك القوانين الى حد إغلاق أماكن تقوم بنشر فكر التطرف. الا أن العراق اليوم تسوده الفوضى.

برأيكم

- كيف لنا ان نفهم معنى التطرف؟

- ما هي الأسباب الكامنة وراء التطرف؟

- ما هي الآليات التي من المفترض توفرها في معالجة التطرف؟

- تعليقات أخرى تخص الموضوع

القاضي رحيم العكيلي:

التطرف الديني والمذهبي سمة طاغية في التاريخ العربي والاسلامي ،، خوارج قرامطة وغيرهم ،، انما يظل اساس التطرف الديني اصل في تراثنا الفقهي وكتبنا العتيدة حينما ننصب انفسنا اوصياء باسم الله على الناس فاما ان يسلموا او يقتلوا ،، وخينما ندعي باننا الفرقة الناجية وسوانا كفار واجبي القتل ..

الخطوة الاستراتجية الاهم لمحو التطرف هو نقد وتنقية كتبنا الفقيه من اقصاء وكراهية الاخر ومن عقدة الفرقة الناجية .. ولعل اول الخطوات هي رفع التقديس عن الاراء والنصوص والافكار واخضعها للمنطق والعقل واطلاق حرية الفكر والعقيدة والتعبير ..

ولعل التحدي الاخر هو تحرير الناس من تقديس البشر وعبادة الاشخاص .. وتمكينهم من ان يحاكموا الاقوال والافعال بدل السير خلف الاشخاص كالقطيع الضال ..

اما في وضعنا العراقي فان تحول الاعتزاز بالهوية المذهبية والطائفية الى كره الهويات الاخرى والسعي لاقصائها او افنائها هو الخطر المحدق بالشعب والوطن ..وسياسات الحكومة وفشلها عمقه ورسخه .. فحول المصالحة الوطنية الى مشروع فساد ومبارزة طائفية وعشائرية ..

نحتاج لاصوات معتدلة تدافع عن الاخر وحكومة تحمي الاخر حين ذاك سيعاد بناء الثقة ويرتفع خطر الارهاب المذهبي ويرمم بالتدريج سلمنا الاهلي.

أ‌. هشام الهاشمي:

منذ أكثر من عقد من الزمان والعراق يعاني من تصاعد وتيرة التطرف والإرهاب بمختلف المجالات أمنيا وفكريا واجتماعيا.

و"التطرف" مصطلحًا يتضاد مع مصطلح "الوسطية" الذي هو من الوسط "الواقع بين طرفين".

وإذا كان مصطلح "التطرف" يعني "التشدد وتجاوز الحد"، فإن مصطلح "الوسطية" يدل على "العدل" و"السماحة".

ولاشك أن المواجهة كانت ولا زالت شرسة مع الإرهاب وأفكار التطرف واستنزفت الكثير من الطاقات والبرامج لكنها في النهاية لم تأتي بنتائج إيجابيّة، فالعراق لم ينجح في تحويل مواجهة الإرهاب من قضية أمنية محصورةٌ مسؤوليتها في جهة واحدة إلى قضية مجتمعية وهمّ مُشترك للجميع وفتح المجال لجميع المؤسسات والهيئات وحتى الأفراد لمواجهة أفكار التطرف ؛ لذلك لم تتغير بوصلة التطرف ولم يرفضه المجتمع، ولم يتم محاصرته حتى يعزل في دوائر ضيقة ومظلمة.

ونحن لا نستطيع القول بأن التطرف يتلاشى تماما أو يختفي، فعلى مرّ العصور وعبر كل الثقافات البشرية من النادر أن تندثر التيارات الفكرية.. فهي تخفّ وتهدأ وتضعف.. لكنها موجودة وقد تعود إذا وجدت ظروفا ملائمة ،ولعل أبرز ملامح الإرهاب والتطرف:

1، مظاهر الغلو الفكري والسلوكي العلنية الظاهرة، حيث أصبحت هذه المظاهر لديها إعلام ينشر أفكارها ومناهجها، علما أن المجتمع العراقي ليس لديه وعي في رفض الخطاب المتطرّف، حتى الذي يصل إلى حد الاعتداء على الآخرين .

2، تقديس رموز التطرّف، وصناعة الرمز والعودة بالمجتمع الى زمن البطولات لرموز ولغلاة التطرّف، يصاحب ذلك عملية تسويق لشخصيات إرهابية ومتطرفة .

3، تزايد إعداد المتبنية لهذه الأفكار وخاصة في البيئة الدينية والمناطق الريفية البعيدة عن مدنية التعايش.

وعلى مستوى المواجهة المباشرة الفكرية، نحن بحاجة إلى تأسيس مركزا لتشخيص الفكر المتطرف وعلاجه ولرعاية ونصح المتأثرين بالفكر المتطرف، لأحدث تراجعات بين صفوف أتباع الجماعات المتطرفة وللتأثر في تركيبتهم الفكرية...

ونحتاج لمواجهة التطرف على المستوى البحثي والعلمي وتأسيس عدة كراسي لبحث موضوعات الحوار والوسطية والاعتدال لبلورة المواجهة بطريقة ذات بعد استراتيجي.

وعلى مستوى الأوقاف الدينية المساهمة في ترشيد وتوجيه الخطاب الديني باتجاه الوسطية والاعتدال وما ينفع المُتلقي في التعايش والتسامح.. ورفع مستوى تأهيل الأئمة والخطباء لمواجهة الإرهاب والتطرف الفكري، وذلك عبر برامج نوعية مركزة، وورش عمل، تدريب ،ندوات ،تعليم مباشر. مع تشخيص الخطاب المتطرف من قبل بعض الخطباء والدعاة !

التطرف في العراق موجود غير متواري ونسبة الرفض المجتمعي له قليلة جدا وليس هناك من يقف ضده فكريا بقوة. ويجب أن نفرق بين الرأي المتشدد وبين الرأي الإرهابي.. المتشدد مرفوض لاشك لكنه يظل رأيا نعالجه بطريقة مناسبة، والرأي الإرهابي هو ما يحمل عنف واعتداء وإقصاء فهذا هو محل البحث الآن.

مواقع التواصل الاجتماعي هي نافذة حية لمحاربة ومكافحة التطرف وذلك بالحوار مع بعض المواقع والمنتديات من باب التفاهم حول احتواء الأزمة فكريا والتخفيف من الاحتقان والتهييج ونبذ الإرهاب والاعتداء.

الجماعات المتطرفة هي أصلا تواجه مشكلة مع نفسها وفشلوا في التعامل مع المجتمعات المدنية الواعية . ولاشك أن الجماعات المتطرفة سواء القاعدة أو داعش وبقية جماعات العنف الأخرى خسرت الكثير من رموزها من الجيل الأول سواء خسرتهم بالقتل أو السجن أو بالتراجع فقد تراجع الكثير من أبناء الجيل الأول عن أفكاره أو بعض أفكاره، وهذا أحدث لديهم فراغا كبيرا وأثرا على القوة الفكرية لدى هذه الجماعات.

لكنها تظل جماعات لديها قدرة على التجدد وضخ دماء جديدة فلديهم إنتاج فكري ضخم ومتنوع ، كما توجد مصالح معينة للنفخ في هذه الجماعات لتبقى ...

أفكار التطرف الحالية عبارة عن موجة لملمت وجمعت مفرداتها من اتجاهات وتيارات وأحزاب متنوعة ، فهي موجة فكرية تلفيقية انتقائية تختار من النصوص والمذاهب والتيارات ما يناسبها ويتوافق مع أدبياتها.

أن المجتمعات الشرقية من السهل اختراقها عاطفيا، فهي مجتمعات تربّت على كمية كبيرة من العاطفة في مقابل التوجيه النصي والعقلي ، البنية الفكرية الشرقية قريبة من البساطة وتميل للتدين ومتفاعلة بشكل كبير مع الآخر مثل الكثير من المجتمعات الأخرى وهذه التركيبة تكون مهيأة للاختراق والاستغلال ؛ لذلك التركيز على رفع مستوى الوعي مهم .

الأمن الفكري منظومة متكاملة كل حلقة فيها مهمة وكل حلقة جزء من الحل الشامل، والوسطية أسلوب حياة شامل ، فالتعاون والتنسيق مهم مع بقاء سمة التنوع ...

من يريد محاربة التطرف عليه أن لا يتدخل في تفاصيل ما يحدث في الدول التي ترعى التطرف.. وليساهم في تعزيز المفاهيم والأصول الكليّة العامة المهمة مثل: حفظ الحقوق، وتحريم العنف والاعتداء على الآخرين، المحافظة على التعايش والائتلاف، والمحافظة على الهوية ..

الآن في مناطق الصراع تُصاغ تشكلات جديدة وبأيدي أطراف وأطياف مشبوهة فقد استفادوا من تجربة تكوين القاعدة والآن يستثمروا وجود البيئة الفكرية المناسبة لتشكيل بؤر متطرفة ثم إعادة إرسالها إلى بلادنا وغيرها من مناطق العالم.

الأفكار المتطرفة الآن والتي تحمل عنفا واضحا أكثر بثا نظرا لتطور وسائل النشر والبث عبر الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعي وبدأت فعلا في إعداد منصات إعلامية ومنصات نشر لكنها أضعف بكثير من تجربة القاعدة في 2003 نظرا لضعف المحتوى العلمي والفكري.

المؤمل الآن التحرك الشامل في مجال التحصين والتوعية وكشف حقائق هذه الجماعات، وكذلك لماذا لا يكون ثمة توعية داخل مصافاتهم في مناطق الصراع حتى لا يُتركون لمن يخطط في استغلالهم لمصالح سياسية أو مذهبية فاسدة.

المرحلة القادمة ستكون صعبة وأكثر تشعبا، فنحن ومنذ عشر سنوات نعاني من تجربة القاعدة في أفغانستان، فكيف وقد تعددت البيئات المشابهة وتعددت الجماعات واتجهت بعض الجهات المغرضة إلى تجيير هذه الجماعات لصالحها.

المجال الأمني الميداني له جهاته التي تعرف كيف تتعامل مع الوضع، لكن المجال الفكري هو الذي يحتاج إلى دراسة وترتيب ورغبة صادقة في تأسيس عمل مؤسسي فكري يواجه هذه التيارات الفكرية المنحرفة.

البرامج والمشاركات الجماعية والفردية التي واجهت التطرف قدمت ما تستطيعه خلال الفترة الماضية وهي بحاجة إلى تقويم وتقوية لتكون بمستوى المهددات الفكرية.

د. احمد الميالي:

‎تعدّدت المقاربات حول أسباب العنف والتطرف السياسي، فهناك من أعاد السبب إلى أولوية الاقتصاد، أو إلى أسبقية السياسة أو إلى مرجعية الثقافة؛ في أسباب العنف السياسية، تأتي من أن الدولة في العالم الثالث والنامي تكون دائما ضد المجتمع، بحيث ألغى القمع السياسة من هذه المجتمعات، وحوّل السلطة إلى حقل للتوحش السياسي ضد الفرد والجماعة في آن. وإزاء واقع كهذا، خرجت فئات مجتمعية شبابية وغير شبابية على حقل التوحّش السياسي الرسمي. فلجأت إلى تنظيمات الإسلام السياسي المتطرف، وراحت تناهض الأنظمة الاستبدادية من داخل حقل تراكب فيه التوّحش السياسي مع التوحّش الثقافي.

‎أما الأسباب الثقافية، فقد أحيلت السبب إلى الطبيعة المشتركة في التفكير بين الإسلام السياسي المتطرف، وبين القوى التي تنضمّ إلى أطره من أفراد وجماعات؛ وذلك بصفتها طبيعة تكفيرية، تكفّر الآخر المختلف مسلمًا أم غير مسلم، وتنبذه أو تُقصيه بإعلان الحرب الإلغائية ضده. وفي هذا السياق اعتبر البعض أن ثقافة الفكر التكفيري الناتجة من التعليم الديني المتشدّد أو من القراءة السطحية للنصوص الدينية المقدسة وغير المقدسة، تشكل العلة الأكثر عمقًا من بين العلل الأخرى وراء طغيان الإرهاب التكفيري. لكن هذا البعض لم ينظر بالطبع في الجدل الواقعي للعلاقة بين قدسية النص وتاريخيّته.

‎أما الأسباب الاقتصادية فتتمحور حول الفقر وتحدي المسالة الاجتماعية المتعلقة بالتهميش والبطالة والعوز والمرض والجهل ستولد في النتيجة مناخًا معمّمًا من اليأس والإحباط. وهو المناخ الذي دفع بكتل شبابية واسعة إلى الالتحاق بتشكيلات الإسلام السياسي المتطرف لكي تتحرّر من يأسها وإحباطها.

أ‌. علي حسين عبيد:

الأمن مفردة أو مفهوم شامل، تحتاجه الدول والشعوب والجماعات والأفراد، في جميع مجالات الحياة، فهناك أمن عسكري، وآخر غذائي، وثالث اقتصادي، ورابع فكري، وسوى ذلك مما يحتاجه الإنسان لكي يحمي نفسه من الفناء، ولدينا أيضا (الأمن الثقافي)، وهو يمثل أحد أهم احتياجات الإنسان التي تضمن له نوعا من الاستقرار والسلم الأهلي، حتى لا يتهدد وجوده بالزوال والفناء الكلي، وحتى يتحقق شرط استمرارية الحياة في مجالات آمنة.

الأمن الثقافي له علاقة مباشرة بالثقافة السائدة في المجتمع، وهي تتكون من مجموعة القيم والأعراف والنواميس المتَّفق عليها بين الأفراد والجماعات، كي ينتظم وفق لها النشاط المجتمعي برمته، ولعل أخطر الظواهر التي قد تصيب ثقافة المجتمع، هي ظاهرة التطرف، وهذه بدورها تتضاعف مخاطرها كلما كانت هناك رغبة جمعية في تعميقها ونشرها، وهنا يلعب الإعلام دوره، سلبا أو إيجابا، فضلا عن دور القادة السياسيين وقادة النخب عموما، لاسيما قادة الثقافة، فهؤلاء هم أول المسؤولين عن الشوائب التي تعلق بالثقافة.

وقد تكون مفردة شوائب، ذات مفعول بسيط قياسا للنتائج التي تظهر بسبب الأمراض التي تلتصق بالثقافة، ومنها مرض أو ظاهرة التطرف، ترى كيف تتم صناعة ثقافة التطرف، ومن هم المثقفون الذين يقفون وراء صناعة هذه الثقافة، وما هي الأدوار التي يتم رسمها لهم، وأخيرا إلى ماذا يهدف المثقفون المتطرفون ومن يقف وراؤهم؟

إجابات مهمة ينبغي أن نبحث فيها وعنها، تستدعي نوعا من العمق والدقة في استغوار البواطن الخفية في ثقافة التطرف، ومن يصنعها، وما هي أدواتها، ثم كيف يمكن لنا وأعني (المثقفين والمصلحين والعلماء والمفكرين والفلاسفة وكل من ينتمي إلى عالم الأفكار)، كيف لنا أن نصنع أمنا ثقافيا يقينا شرور التطرف، خاصة أننا (وأعني العراق)، نعيش في عالم يغص بهذا النوع من الثقافات، ونشترك إقليميا مع مجموعة من المجتمعات والدول تعاني هي أيضا من ثقافة التطرف التي تتسبب لها في مشكلات كبيرة تعيق تقدمها وتطورها.

إذاً نحن نتفق مبدئيا على أننا نحتاج (بما لا يقبل التهاون او التردد)، الى أمن ثقافي، يبني بيننا وبين ظاهرة التطرف، أسوارا شاهقة، تكون قادرة على عزل التطرف والمتطرفين بعيدا عن المجتمع العراقي، حتى يتسنى له التفرغ على نحو كلي، لبناء دولة مدنية متحضرة، تقوم على ثقافة التعايش وتنبذ التطرف، وتُسهم في خلق أجواء محلية إقليمية دولية تساعد على نشر ثقافة يمكن أن نطلق عليها تسمية أو مفهوم (ثقافة التعايش العالمي)، وهو هدف وإن كان يدخل في باب (المستحيل)، لكن إرادة البشرية على مر التاريخ أثبتت أنها وجدت حلولا لمشكلات أكثر صعوبة من التطرف، ولكن كانت هنالك عقول وإرادات مختلفة صنعت تلك الأهداف العظيمة.

هل التطرف آفة فتاكة فعلا؟ الجواب نعم، إنها آفة (فكرية سلبية ) تنعكس في سلوك الناس، فتثير بينهم الفتن والضغائن، ويتم عبرها إشعال حالات الاحتراب، والانشغال بالتقاتل بين مكونات وأفراد الشعب الواحد، فيما يخلو للطامعين الطريق نحو أهدافهم في سلب ونهب خيرات الفقراء العراقيين كما حدث في حكومات ملكية وجمهورية عسكرية دكتاتورية سابقا، وكما حدث في ظل حكومات (الديمقراطية) بعد نيسان 2003، حيث أساءت هذه الحكومات أو بعض أفراد الطبقة السياسية للشعب العراقي من خلال التجاوز على حقوقه عبر الفساد، وكانت ارتبط الفساد بالخرج أيضا (دول إقليمية وكبرى لها أذرع في الداخل)، قام هؤلاء بدورهم في تنمية ثقافة التطرف، فشغلت الشعب بالفتن وانقضّت على الكعكة العراقية ولم يكتفوا حتى هذه اللحظة ولم يكفّوا عن أطماعهم.

هل هناك مثقفون متطرفون؟ نعم يوجد أشخاص وجماعات ينتمون إلى التطرف، وهم صاروا أدوات لنشر التطرف، ربما من دون أن يقصدوا أو يعلموا بذلك، أي أخذتهم موجة التطرف الثقافي معها والى أهدافها، من دون أن يعرف او يقصد هؤلاء المثقفون إثارة التطرف، ولكن هناك من يعلم بأنه يقوم بهذا الدور ويتقاضى عليه أجرا!!.

كيف نحارب ثقافة التطرف، ونحقق الأمن الثقافي حتى يكون العراق والمجتمع برمته في منأى عن هذا النوع الخطير من الثقافة التي تتحول إلى أفكار هدّامة، ومن ثم الى سلوك مدمّر لا يبقي ولا يذر، هناك خطوات عملية ومقترحات في هذا المجال، من الأفضل لصناع القرار، والعاملين في مجال الثقافة العراقية أن يقوموا بهذه الخطوات ومنها:

- وضع خطط ثقافية فكرية من خبراء مختصون لمكافحة التطرف.

- تنبيه المثقفين ممن لا يقصد نشر ثقافة التطرف، وأهمية النأي بنفسه عن هذا الدور.

- نشر ثقافة الاعتدال بي مكونات المجتمع.

- السعي لنشر محفزات السلم الأمني.

- إقامة الندوات الجماهيرية الواسعة لنبذ التطرف.

- اقامة ندوات للمنظمات الثقافية حول خطورة هذا النوع من الثقافة على المجتمع.

- نشر مفهوم (الأمن الثقافي) بين الجماهير على نحو دائم ومستمر.

- قيام الإعلام بوسائله وأنواعه كافة بحملات دورية تقوم بنشر مفهوم (الأمن الثقافي(.

- شرح أهمية الثقافة المعتدلة في نشر الاستقرار بين مكونات الشعب ومن ثم التفرغ للإنتاج والانجاز والإبداع بأنواعه.

- وأخيرا حث القطاع المدني على تطوير الثقافة، والمساهمة في دعم المنظمات الأهلية، على أن يكون الهدف الأول لها هو تحقيق (الأمن الثقافي) للمجتمع والدولة.

الشيخ مصطفى معاش:

تبدأ مسيرة التطرف في الإنسان منذ بداية الخلق وبالتحديد عندما قتل قابيل أخيه هابيل وتستمر مسيرته وعلى مدى الزمان، وقد جاء الأديان السماوية والقوانين لتحد من التطرف في الإنسان وتضع له عقوبات وتمنع انتشاره في المجتمع وللتطرف أسباب تنميه وتثيره مثل التربية والمجتمع والقوانين بل حتى الأنواء الجوية المضطربة تثير في الفرد والمجتمع غريزة التطرف ( ان صح التعبير) ومما يساعد على نشوء التطرف في المجتمع والأفراد هو الجهل والفقر والظلم، وفي العراق بالخصوص والوطن العربي بالعموم تشاهد انتشار ظاهرة التطرف بسبب هذه الثلاثة التي سبق ذكرها ، فالرجل متطرف في التعامل مع زوجته وأولاده والجار متطرف في التعامل مع جاره في السكن والعمل وهلم جرا ، وعندما يبدأ الصباح في العراق لا تحتاج إلّا الى شرارة صغيرة ليبدأ الصراع والتطرف في التعامل حتى بين الأخوين او الزميلين، بل تراه يتنازل عن حقه مع الغريب ولو قتل شقيقه غدراً وظلماً ولكنه لا يتنازل عنه مع القريب ولو كان خطأً بسيطاً .

وقد ساعد توالي الحكومات الظالمة المتوالية في العراق على نشوء وتنامي ظاهرة التطرف ووصلت إلى المستوى الذي قد يؤدي إلى مجتمع دموي وحاقد وغير متوازن في تصرفاته .

ومن الممكن إخماد نار التطرف في العراق عبر التربية الحسنة وتغيير المناهج المتبعة ( الدراسية والتربوية ) والعدالة في الحكم والمجتمع وإنشاء جيل جديد خالي من التطرف.

كما نشاهد الآن بعض المجتمعات التي كانت تقتل بعضها البعض وأصبحت الآن مجتمعات مسالمة متطورة خالية من التطرف .

ا. حميد مسلم الطرفي:

لمفهوم التطرف نسبية واضحة فمن نصفهم نحن بالمتطرفين يرون أنفسهم متمسكين دينياً والآخر متطرف في اللا التزام أو يرون أنفسهم ثواراً شجعان والآخرين جبناء خانعين أو مقاومين أبطال والآخرين أذلاء يرضون بالاحتلال ، فحركات التحرر في أمريكا الجنوبية كانت توصف بالتطرف اليساري ، ومنظمة التحرير الفلسطينية حركة متطرفة في نظر الغرب من الستينيات حتى تفاهمات أو مفاوضات أوسلو ومدريد عام ١٩٩١ ، وكذا الحال في الحركات الأصولية الإسلامية في الجزائر ومصر فيوم كانت حكومات تلك الدول ومعها شرائح مهمة تنعتها بالتطرف كانت هي تنعت من لا ينتمي إليها من المجتمع بالجاهلية والتطرف في الابتعاد عن الدين وقيمه ، في الفكر والسياسة والدين اختلافات شتى فمصطلح أقصى اليمين وأقصى اليسار في السياسة شائع اليوم في الغرب ولكن لا يوصف أي من هذه الأحزاب بالتطرف أو على الأقل لا تلقى مسمياتهم نفس الانطباع الذهني حين نسمع داعش أو القاعدة وفي الديانات والمذاهب أيضا اختلافات حادة فمابين من يؤمن بكون المسيح من طبيعة الرب وبين من يؤمن ببشريته بون شاسع في الدين المسيحي وكلا المذهبين متعايشان في الوقت الحاضر وفي الإسلام لا توجد في حقيقة الأمر فرقة أو جماعة او مذهب لا يؤمن انه هو الفرقة الناجية ومن عداه في النار ، فالتطرف في الإفهام وتباين الأفكار سيقود حتماً إذا ما غُذي إلى تباين الأفعال فالفكر يسبق الفعل وتباين الأفعال سيؤدي الى تعارض المصالح وتعارضها يؤدي إلى تصارعها وهنا تكمن أهمية النظام العام والقوانين وجزاءاتها وهيبة السلطة وقوة ردعها فالطبيعة البشرية مازالت تحبو في مجال القيم والمُثُل فتصارع الأفكار مسموح به في الغرب أما التوسل بالعنف لنشر هذه الأفكار وتطبيقها أمر مرفوض يجرمه القانون هذا من جانب ومن جانب آخر تعمل الدول الغربية ومنذ قرون وبالتحديد منذ الثورة الفرنسية على إشاعة ثقافة التسامح والمواخاة ومحاربة الآثار السلبية التي رافقت تحكم الكنيسة ( الحقد ، الكراهية ، الخرافة، الجهل ، احتكار الحقيقة ) كل ذلك ساعد وبشكل بارز على إخماد الأحقاد الدينية ووضع حد للكراهية بين المجتمعات ، ومع ذلك كله فقد دفعت البشرية ملايين الضحايا في حربين عالميتين كان سببهما عقيدة سياسية تتبنى فكرة الأفضلية على باقي البشر والأحقية بالسيطرة على العالم وقيادته وهو حالة من حالات التطرف .

من هذه المقدمة يتضح أن الانعكاسات السلبية المدمرة للتطرف تبدو واضحة وجلية باستخدام العنف لجعل الآخر يؤمن بفكرتك أو دينك أو مذهبك أو رؤيتك السياسية .

في الغرب المسيحي تختلف الأفكار والمذاهب إلى حد التطرف ولكن لا يُسمح ان يستخدم العنف في صراع هذه الأفكار وقولنا لا يُسمح بجملة أمور وليس فقط بالقوة والردع فهي أي النظم الغربية :

- تتمتع بحرية في إبداء الرأي مما تسهل مناقشة الآراء وتفنيدها ومواجهتها بالنقد والحجة وفي نفس الوقت يتضح للدولة وجودها ومدى انتشارها ومقدار خطرها لتضع الدولة المعالجات المناسبة .

- شعور المجتمع الغربي - ولو وهماً- بأنه شريك في صناعة القرار من خلال الانتخابات الدورية المحلية والعامة مما يُشيع حالة الرضا ويمنع من الفجوات بين الحاكم والمحكوم فمعظم نزعات التطرف والتوسل بالعنف ناتجة من الإيمان بأنها الوسيلة الأفضل للوصول الى الحكم .

- وجود مساحة جيدة لإبداء الآراء وانتشار عيون الدولة في كل مكان عبر منظمات المجتمع المدني وليس العيون البوليسية يُسهل من اكتشاف بؤر التطرف وهي بعد صغيرة محدودة التأثير قيتم معالجتها إعلاميا واقتصادياً وسياسياً ومجتمعياً . فظاهرة عنف السود التي اجتاحت مؤخراً بعض الولايات الأمريكية تشكلت حولها عشرات الدراسات والمقترحات والرؤى الإستراتيجية لحلها إضافةً لمنحها مساحة واسعة من الاهتمام الإعلامي ولو قدر أن أهملت هذه البؤرة فإنها وبلا أدنى شك سيكون لها تداعيات اكبر في المستقبل. مما تدم أعلاه نفهم لماذا كان التطرف في الشرق الإسلامي وكيف يجب أن يُعالج .

أ‌. مقداد البغدادي:

التطرف ظاهره تاريخية متجذرة ترتكز على الحوافز الدينية المزيفة والمنطلقات القومية العنصرية والتفاضل البشري وعلى المنطلقات السياسية الحادة والتي تبنى أساسا على مفاهيم خاطئة ومرتكزات جاهليه تظهر في السلوكيات الفردية والمتجمعية والدولية تضرب وتحطم قواعد التعايش السلمي وتخلق الكراهية والعداء بين التركيبة الاجتماعية المختلفة كنظريه شعب الله المختار عند اليهود والألمان ونظرية التوحيد المزيف كما عند الفكر الوهابي وشهد التاريخ وما يزال انهارا من الدماء والمجازر والجرائم بتبريرات وعناوين مختلفة قبل الإسلام وبعده كما حصل في ألمانيا على يد هتلر وفي الاتحاد السوفيتي على يد استالين وغيره وكما حصل في العراق على يد البعث والبعثين وصدام وغيره وكما في تاريخ تركيا قديما وجديدا والسجل الإجرامي البريطاني والأمريكي منذثوره العشرين وليومنا هذا والتزواج السياسي والديني بين الوهابية وحكام ال سعود في ذبح المسلمين عامه والشيعة خاصة بتخطيط مخابراتية عالمي وأموال سعودية وقطريه وتنفيذ من جنود الشيطان في كل مكان مثل التنظيمات الإرهابية القديمة والجديدة كالقاعدة وطالبان كما في أفغانستان وباكستان وداعش في العراق والشام عبر تجنيد منظم ومطعم عقائديا مزيفا في أغلب دول العالم وبالذات الدول العربية والإسلامية وبالتزامن مع الدعم المالي والإعلامي والسياسي والدولي لهذه الحركات الإرهابية الرهيبة ضمن تخلف في البنى الفكرية والثقافية لدى معظم الشعوب والحكومات.

د. ميري كاظم الخيكاني:

التطرّف يعني الانحراف في التفكير والتزمت بالرأي وان كان غير منطقي وعدم النظر إلى آراء الآخرين ومن أسباب التطرّف.

الجهل وضعف الحجة والدليل والبرهان وبواعث اجتماعية وسياسية. أما الآليات في محاربة أن يكون الإنسان متنورا منفتحا واضحا وان تكون الطبقات الحاكمة عادلة وليست فاسدة. مع الاحترام. مع الإشارة ان التطرّف لا يقتصر على الجانب الديني. ولكن الأخير أخطرها وأشدها فتكا بالمجتمعات

د. خالد عليوي العرداوي:

في أي مجتمع تسوده الجريمة والتطرف والإرهاب لابد من إشراك المجتمع في عملية مكافحة هذه المظاهر المنحرفة. إن تفعيل دور المجتمع سيتطلب: إصلاح أجهزة الأمن، وتحسين نظام التعليم العام، وتطوير قطاع الأعمال، وإصلاح القضاء، وتعزيز قدرات الشباب. ولا بد من أن يكون إصلاح هذه القطاعات متوازيا وبكفاءة واحدة، فبيئة الفساد الفكري والسلوكي بمرور الزمن تنتج فوائد اقتصادية لقطاعات مهمة من المجتمع، وأحيانا تكون أجهزة الأمن متورطة في الفساد لما تجنيه من فوائد ناجمة عن الفساد، والتعليم العام غالبا ما يكون متخلفا.

أ‌. كمال عبيد:

باتت آفة التطرف أشهر من نار على علم في اغلب دول العالم، حيث تشكل تهديدا داهما لمعظم دول العالم سواء المستقرة امنيا أو المضطربة، إذ بدأ عالم اليوم يخوض حربا جديدة أكثر شراسة وخطورة، مع انتشار التطرف واستخدامه كأسلوب دعائي بغسل الدماغ وغرز براثن العنف والكراهية بالمجتمعات لتحقيق مآرب من أهمها تشويه الإسلام، وثمة صفقات سياسية تقودها دول ذات دهاء سياسي تحارب التطرف والإرهاب في الظاهر وتدعمه وتذكيه في الخفاء.

أن هذا التصعيد الأمني المضطرد في أوروبا وخاصة فرنسا وألمانيا، هو نتيجة لسياسة تخبط السلطات الأوربية في مواجهة الإرهاب، مثل قرار دعم الحرب على الإرهاب، فضلا عن تجنيد ودعم بعض المجاميع الإرهابية بصورة غير مباشرة في بعض الدول الساخنة أمنيا، إذ تظهر تلك الأحداث الأمنية المذكورة أعلاه، انقلاب الإرهاب على الذين يدعمونه.

إذ ان قضية مكافحة التطرف تشكل أهمية كبرى لدى جميع الدول من دون استثناء، وذلك أثر التهديدات الإرهابية المتصاعدة نتيجة لتنامي التطرف الذي يجسده ظهور جيل جديد من الجماعات الإرهابية أكثر تطرفا وتوحشا مثل داعش وبوكو حرام (في نيجيريا)، إذ بات يشكل تهديدا خطيرة للسلام والأمن العالميين.

لذا تسعى السلطات في القارة العجوز بصورة حثيثة إلى إيجاد أساليب واستراتيجيات جديدة لمكافحة الإرهاب، وتجسد ذلك بـ قمم ومؤتمرات وندوات دولية ضد "الإرهاب"، لكن تلك القمم والندوات لم تسفر عن أي إجراء عملي ضد ظاهرة العنف والإرهاب وهو ما يثير الشكوك حول مدى فعالية مثل هكذا فعاليات لردع التطرف والإرهاب.

واعتقد أن وراء انتشار هذه الظاهرة رسالة سياسية تشير إلى احتمال وجود صراع سياسي – غربي/غربي – حول الهيمنة والنفوذ السياسي، باستخدام أدوت إرهابية لتحقيق أجندات خارجية، فالملاحظ بأن قضية التطرف والإرهاب تشكل ضغطا كبيرا داخل المعترك السياسي الدولي حاليا، مما يعني أن تنامي التطرف سيمثل رمضاء المتطرفين التي تكوي الجميع، لذا يرى بعض الخبراء أن على العالم التوحد ضد التطرف والتصدي لأساليب نشره كالدعاية الموجهة، والحرب النفسية والآن فإن العالم مقبل على بحور دماء وأزمات أمنية إقليمية وربما عالمية لا تحمد عقباها.

الشيخ مرتضى معاش:

ظاهرة التطرف قديمة بقدم الوجود الاجتماعي للإنسان، فالتطرف هو انعكاس لفشل الإنسان في الاندماج الاجتماعي، ومحالة فرض نفسه على الآخرين بالقوة والعنف، أو هو نتيجة لفشل اجتماعي في تحقيق الاندماج الاجتماعي نتيجة لفقدان العدالة وتكافؤ الفرص يؤدي إلى التفاوت والفجوة الطبقية وظهور المجتمعات الهامشية الغاضبة.

التطرف يتسبب به التربية العنيفة والتوقعات التربوية القاهرة للنمو الطبيعي السليم للإنسان، فالعنف الأسري والمدرسي والتربية الدينية القاسية كلها عوامل تتسبب في نشوء التطرف.

القسر الهوياتي ومحاولة فرض الهوية على الآخر يتسبب رد فعل عنيف يؤدي الى التطرف، كما في محاولة (علمنة) المجتمعات الإسلامية او (لبرلتها) والتي قد احد أسباب نمو أيدلوجيا التطرف، ويرى علماء الاجتماع ان ظهور التطرف بهذه القوة هو تعبير عن فشل ذريع للعولمة.

الاستبداد هو أيضا احد أهم أسباب نمو التطرف، حيث يؤدي الاستبداد الى وجود المجتمعات المنغلقة والتنظيمات السرية ونمو المتطرفين خلف الكواليس.

النظام المركزي الاجتماعي والسياسي هو نظام قمعي يؤدي الى الاستبداد والقسر وغلبة التفكير الذكوري، ونشوء أفكار عنيفة مع غياب الحريات والتفكير.

استغلال القوى السلطوية الشعبوية من اجل ترسيخ سلطاتها هو احد أسباب تحول التطرف الى سوق رائجة يرعاها الميكيافيليون لضرب المعارضين واسكات أصوات المعارضة وبناء صوت شمولي واحد.

الغرب بتراثه الاستعماري وجشعه بموارد البلدان الضعيفة يستفيد من التطرف لتحكيم سيطرته، (داعش والقاعدة مثالا).

لمواجهة التطرف:

اعتماد أساليب اللاعنف في التربية الأسرية والدينية والمدرسية، من خلال بناء ثقافة الإقناع وتأسيس الإنسان الاجتماعي.

اعتماد اللامركزية يؤسس لوجود اندماج اجتماعي سليم ويحقق مبدأ تكافؤ الفرص ويقف امام ظهور السلطة المطلقة.

التداول السلمي للسلطة يفتح طريقا فسيحا لاستيعاب مختلف الطاقات وعملها بصورة حقيقية، ويقف حائلا إمام نشوء السلطة المنغمسة بالمال الفاسد والتي تستفيد من المتطرفين لترسيخ وحماية وجودها.

الدراسات الإنسانية المعتدلة تساهم بشكل كبير في رسم خطوط اجتماعية صحية، فالكثير من الأزمات هي نتيجة لأفكار وتحليلات خاطئة.

لاحتواء التطرف لابد من احترام مختلف الهويات واحترام حريات الكانسان وإرادته، وتحقيق التكامل والتعايش والاندماج يتم من خلال الحوار والتوافق.

د. حمد جاسم:

التطرف أنواع منه ما هو ديني ومنه ما هو سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي. ولكن اخطر تطرف هو التطرف الذي يجمع بين الإرهاب والدين في بوتقة واحدة وهو المنتشر في الشرق الأوسط. إذ يتم تفسير كل فعل إجرامي يتم ارتكابه ضد الناس من قبل المجموعات المتطرفة على انه مرتبط بالدين وتعاليمه. فقد انطلق الإرهاب المتطرف منذ عام 2003 بعمليات شملت أطياف من الشعب العراقي وكانت حجته دينية وهي الجهاد ضد المحتل. فقد تم تفجير المفخخات والسيارات وقتل على الهوية وتهجير الناس كل هذا تم بدعوى دينية هي الجهاد. وبعد خروج المحتل عام 2011. بدا التطرف والإرهاب يأخذ منحى أخر وهو البحث عن الخرافات وتزيينها للناس على أنها من أصول الدين وهي دولة الخلافة. وبدا بنشر أفكاره عبر القتل الجماعي والدمار للمناطق في سوريا والعراق ومصر واليمن وليبيا ودول أخرى. وهو الآخر غلف أفعاله بأطر دينية وهو محاربة الكفر والمرتدين. كل هذه الإعمال التي قام بها التطرف والإرهاب الديني لم تكن من اجل الدين بل من اجل مصالح خاصة للذين قاموا بها. وهي قتل الآخر المنافس لهم. وقتل الدين الحق . أن الإرهاب الاقتصادي والسياسي وحتى الثقافي يمكن الخلاص منه من خلال خطط وبرامج تحسن من وضع النظام السياسي للبلاد. كذلك تحسين الاقتصاد. وإعادة بناء ثقافة المجتمع بشكل يلائم التطور الاجتماعي والسياسي الحاصل. ان التطرف الحاصل في العراق والمنطقة الآن سببه هو التنافس الحاصل بين مكونات الشعب على الهيمنة والسلطة. تغذيها عوامل دفع إقليمية هي الأخرى تتنافس على النفوذ في المنطقة.

أما العوامل الأخرى مول الجمود السياسي لنظم الحكم. وضعف الاقتصاد وتغير ثقافات المجتمع فقد مرت بها العديد من الشعوب إلا أنها لم تصل لحالة التطرف في مطالبها. بل جعلت الوسائل السلمية وتكاتف فئات المجتمع هي الوسيلة للوصول لأهدافها. ان معالجة حالة التطرف في العراق والمنطقة يكون من خلال ضرب التطرف بقوة وخاصة التطرف الديني. وعدم السماح له بالانتشار. كذلك ضرب العوامل المغذية له داخليا وهي دعاة الفتنة الطائفية. وعلماء السوء المأجورين. كذلك السياسيين الذين ركبوا موجة التطرف الديني للوصول للمناصب. علينا أن نقوم بواجبنا كشعب من خلال انتخاب الأكفأ للمناصب التشريعية. كذلك تحسين الاقتصاد لتحسين معيشة الشعب للحد من تغلغل التطرف بين فئات المجتمع العاطل. كذلك تغيير ثقافة المجتمع بطريقة تبعد الناس عن الفكر المتطرف. بحيث يكون الوطن والمواطنة هو الأساس ويكون الدين خالصا لله تعالى والوطن للجميع.

أ. جواد العطار:

التطرف هو الانحراف عن الاعتدال والوسطية التطرف هو الإفراط أو التفريط التطرف هو المغالاة في الحب أو الكره ومصاديق التطرف في ميدان الدين والسياسة والاقتصاد والعلاقات الاجتماعية غذاء التطرف الفكر والثقافة والأيدلوجيات المتطرفة التي تعتقد أنها الحق المطلق والآخر الباطل المطلق بيئة التطرف الجهل والفقر والإحباط واليأس والتهميش والعنف والعصبيات التطرف اليوم أجندة تستخدمها القوى الدولية لتطويع وترويع وتركيع وترسيم خريطة سياسية يسهل السيطرة واستنزاف خيراتها وتفتيت قواها لمواجهة التطرف تجفيف منابعه الفكرية والثقافية ومواجهته بفكر وثقافة التسامح والحب والعفو القضاء على الأمية والجهل والتخلف إيجاد فرص عمل وحياة كريمة المشاركة السياسية والاقتصادية تفعيل دور منظمات المجتمع المدني حزمة واسعة من المعالجات الجذرية وهي مسؤولية الجميع شعوب وحكومات.

د. نديم الجابري:

الإسلام السياسي التكفيري المتطرف مصطلح مركب من لفظتين هما إسلام و سياسة إلا أنه لا بحمل سمات أي منهما . فلا هو إسلام بحكم أن أطروحاته خارج إطار الفكرة و الفتوى المسموح بها إسلاميا على حد قول السيد الشهيد محمد صادق الصدر، و لا هو سياسة لأنه أخفق في استحصال المنافع العامة للشعب على حد إدراك فقهاء العلوم السياسية. لذلك تراه يتقبل رؤية امرأة تتسول لكنه لا يتقبل رؤيتها تعزف الموسيقى. يتقبل رؤيتها تبكي لكن لا يتقبل أن يسمعها تضحك . يتقبل أن يراها بلا حذاء لكن لا يتقبل أن يراها بلا حجاب. إنه فكر منحرف عن الدين و السياسة على حد سواء. إنه بحاجة إلى المنطق و العقل و العودة إلى روح الإسلام و سماحته.

اضف تعليق