في ظل استمرار الحروب وتفاقم الصراعات الدولية، ازدادت وتيرة سرعة سباق التسلح العالمي وتطوير المؤسسات والصناعات العسكرية المختلفة، حيث سعت الكثير من الدول الى زيادة الإنفاق على التسليح وهو ما اثار قلق ومخاوف العديد من الدول والحكومات، خصوصا وان بعض الخبراء يرى أن زيادة كميات الأسلحة والمعدات العسكرية التي تمتلكها دولة ما، قد تغريها بتجربتها يوماً ما الامر الذي قد يكون سببا في خلق ازمة ومشكلة كبيرة، وتشير بعض التقارير إلى أن الإنفاق العسكري العالمي يلتهم 2.5 في المئة في المتوسط من الناتج المحلي الإجمالي لدول العالم، أي أن نصيب كل فرد في هذا العالم من نفقات التسليح يبلغ 173 دولاراً. وهذا الإنفاق ارتفع بنسبة 25 في المئة خلال الأعوام الخمسة الماضية، كما أن كافة الدلائل تشير إلى أن الإنفاق سيتصاعد بشكل كبير في السنوات القادمة، خصوصا وان بعض الدول والشركات الصانعة للاسلحة ستسعى وبشتى الطرق الى الحفاظ على مصالحها وأسواقها الحيوية. وأكد معهد ستوكهولم لأبحاث السلام في وقت سابق أن حجم الإنفاق العالمي على الأسلحة ارتفع العام الماضي بنسبة 1% ، مقارنة بعام 2014، وبلغ 1676 مليار دولار أي ما يعادل تريليون ونصف تريليون يورو.
وحسب المعهد بقيت الولايات المتحدة في عام 2015 على قمة الإنفاق العسكري بمبلغ 596 مليار دولار، بتراجع بنسبة 2.4% عن عام 2014، تليها الصين التي أنفقت 215 مليار دولار على الأسلحة، ثم السعودية في المركز الثالث عالميا، حيث يقدر المعهد إجمالي ما أنفقته المملكة بـ 87.2 مليار دولار في عام 2015. واحتلت روسيا المركز الرابع بإجمالي نفقات 66.4 مليار دولار، تليها بريطانيا في المركز الخامس بإجمالي نفقات 55.5 مليار دولار. وأظهر التقرير أن ألمانيا أنفقت نحو 39.4 مليار دولار على التسلح عام 2015 مما جعلها تتراجع من المركز الثامن إلى التاسع، فيما احتلت اليابان المركز الثامن بحجم انفاق بلغ 40.9 مليار دولار.
ورأى سام بيرلو المشرف على التقرير أن حجم الإنفاق على التسلح عام 2015 يعكس توجهات مبدئية، منها التصعيد الذي تشهده الصراعات المسلحة في كثير من بقاع العالم، وفي المقابل تراجع "عائدات النفط" المنفقة على الأسلحة جراء تراجع أسعار النفط، مما يجعل التنبؤ صعبا. وقد ارتفع إنفاق العراق على التسلح بنسبة 35 بالمئة مقارنة بعام 2014، وأشار بيرلو إلى أن التوتر الناجم عن الأزمة الأوكرانية رفع نفقات التسلح في روسيا وأوكرانيا، كما رفعها في بولندا بنسبة 22% ، وليتوانيا بنسبة 33% ، وسلوفاكيا بنسبة 17% ، ما أدى إلى زيادة إجمالية بنسبة 13% في دول وسط أوروبا، في ظل تراجع بنسبة 1.3% في دول غرب أوروبا.
الأسلحة الأمريكية
وفي هذا الشأن قالت مسؤولة كبيرة في القوات الجوية الأمريكية إن من المتوقع استمرار ارتفاع الطلب الدولي على أنظمة الأسلحة الأمريكية خلال السنوات المقبلة. وقالت هايدي جرانت نائب وكيل وزارة القوات الجوية الأمريكية إن "الاقبال مستمر في الزيادة." وأضافت إن مبيعات الأسلحة الأمريكية التي وافقت عليها لجنة التعاون الأمني التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) ارتفعت 36 في المئة إلى 46.6 مليار دولار في السنة المالية التي انتهت في 30 سبتمبر أيلول 2015 ومن المحتمل أن تبقى قوية هذا العام. وقالت جرانت وهي أكبر مسؤولة عن مبيعات الأسلحة الدولية في القوات الجوية الأمريكية إنها تعمل مع دول كثيرة في شرق أوروبا ودول أخرى تريد زيادة دفاعاتها في أعقاب ضم روسيا لمنطقة القرم الأوكرانية ولكنها تواجه قيودا صارمة في الميزانية.
من جانب اخر حثت جرانت الحكومة على الإسراع في البت في طلبات معلقة منذ فترة من الكويت وقطر والبحرين لشراء مقاتلات أمريكية مستشهدة بالإحباط الذي يشعر به حلفاء الولايات المتحدة في الخليج بسبب تأجيل الصفقة. وقالت هيدي جرانت إنها تحاول طمأنة المسؤولين في هذه الدول بأن عدم موافقة واشنطن على مبيعات الأسلحة الأمريكية التي تقدر بمليارات الدولارات لا يغير شيئا من العلاقات القوية القائمة بين سلاح الجو الأمريكي وسلاح الجو في كل من الدول الثلاث.
وأضافت "أرغب في رؤية قرار يتخذ قريبا." وتابعت أنها رصدت بكل تأكيد مشاعر خيبة أمل بين المسؤولين في الدول الثلاث التي طلبت شراء مجموعة متنوعة من المقاتلات الأمريكية. وتابعت "كلفنا ذلك بذل المزيد من الجهد لطمأنتهم أن هذه الصفقة الواحدة يجب ألا تؤثر على العلاقات بشكل عام... وأنهم شركاء يحظون بتقدير كبير ... نأمل ألا يكون هناك أي أثر لتأخر اتخاذ القرار." وقالت جرانت إن الطلبات الثلاثة قيد البحث "على أعلى المستويات في حكومتنا." ورفضت التعليق على سبب تأخر القرار.
وتعطلت طلبات الشراء الثلاثة وسط مخاوف أثارتها إسرائيل من أن المعدات التي يتم إرسالها إلى دول الخليج قد تسقط في يد أشخاص آخرين وتستخدم ضدها وبسبب رغبة إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في دمج قرارات مبيعات السلاح ضمن عملية اتخاذ قرار أوسع نطاقا تتعلق بالمساعدات العسكرية لدول الخليج. ووقعت كل من وزارة الدفاع (البنتاجون) ووزارة الخارجية الأمريكية على بيع 36 طائرة من طراز اف-15 لقطر و24 طائرة من اف/ايه-18إي/اف سوبر هورنيت للكويت وكلاهما من صنع شركة بوينج و16 طائرة اف-16 من إنتاج شركة لوكهيد للبحرين.
وقالت ليان كاريت الرئيسة التنفيذية لقطاع الدفاع والفضاء والأمن بشرطة بوينج للصحفيين إنه من الواضح أن عملية الموافقة تأخذ وقتا أطول مما ترغب الشرطة فيه لكن عملاء بوينج في الشرق الأوسط "ينتظرون مثلنا" رغم التأخير. وأضافت "أتصور أنها (الصفقات) تحمل مستقبلا مشرقا لنا ونحن نتطلع لحل المسألة قريبا." وتضم جرانت صوتها لمسؤولين عسكريين بارزين آخرين ألقوا بثقلهم في الأشهر الأخيرة وراء حث البيت الأبيض على المضي قدما في طلبات السلاح والتي يجري العمل على بعضها منذ سنوات. وتبلغ قيمة المبيعات المطلوبة للكويت ثلاثة مليارات دولار ولقطر نحو أربعة مليارات دولار وتقل قيمة المبيعات المطلوبة للبحرين عن مليار دولار.
الى جانب ذلك قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن وزارة الخارجية الأمريكية وافقت على بيع محتمل لعتاد عسكري بقيمة 1.15 مليار دولار للسعودية يشمل أكثر من 130 دبابة أبرامز و20 مدرعة. وتأتي الموافقة على بيع العتاد الخاص بالقوات البرية في وقت تقود فيه السعودية تحالفا عسكريا لدعم القوات اليمنية الموالية لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي التي تحاول طرد قوات الحوثيين الموالين لإيران من العاصمة صنعاء. وانتقدت جماعات حقوقية الغارات الجوية للتحالف بسبب سقوط قتلى في صفوف المدنيين.
وقالت وكالة التعاون الأمني الدفاعي التي تشرف على مبيعات الأسلحة للخارج إن الصفقة ستساهم في تعزيز الأمن القومي للولايات المتحدة من خلال تحسين أمن شريك إقليمي. وأضافت أن شركة جنرال ديناميكس ستكون المتعاقد الرئيسي. وقالت الوكالة في إخطار لأعضاء الكونجرس نشر بموقعها الإلكتروني "هذه الصفقة ستعزز قدرات القوات البرية السعودية في العمليات مع القوات الأمريكية وتدل على التزام الولايات المتحدة حيال أمن السعودية وتحديث قواتها المسلحة." وأمام أعضاء الكونجرس 30 يوما لمنع الصفقة غير أن إجراء من هذا القبيل يندر اتخاذه.
وتدخلت السعودية وحلفاء لها أكثرهم من دول الخليج منذ مارس آذار 2015 في الحرب الأهلية باليمن. وقال سكان إن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية شن غارات جوية على صنعاء للمرة الأولى في خمسة أشهر بعد انهيار محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة. وقال مسعفون إن تسعة مدنيين قتلوا في غارة جوية على مصنع لرقائق البطاطس في حي النهضة في العاصمة. وطالبت منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش الجمعية العامة للأمم المتحدة في يونيو حزيران بتعليق عضوية السعودية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى أن يوقف التحالف العسكري قتل المدنيين في اليمن. بحسب رويترز.
وقالت كريستين بيكيرلي الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش "حملة التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن مدمرة على المدنيين وينبغي على الولايات المتحدة وقف مبيعات الأسلحة للسعودية لا الموافقة على المزيد." وانتقد السناتور الأمريكي كريس ميرفي مبيعات الأسلحة للسعودية وقال في بيان إنه يشعر بالقلق إزاء العدد الكبير للضحايا من المدنيين في اليمن. وقال ميرفي إن السعودية "تراجعت إلى حد كبير" عن قتال متشددي تنظيم الدولة الإسلامية "وأود أن أرى التزامهم بإعادة الانضمام لتلك المعركة في إطار مبيعات عسكرية كبيرة جديدة."
ألمانيا وفرنسا
على صعيد متصل وجهت انتقادات لحكومة ألمانيا لإشرافها على زيادة صادرات الأسلحة بواقع المثلين العام الماضي الأمر الذي يقول معارضون إنه يظهر أن سياسة بدأت منذ عامين ونصف بهدف الحد من مبيعات الأسلحة في المناطق المضطربة باءت بالفشل. وأقرت حكومة المستشارة أنجيلا ميركل تقرير وزارة الاقتصاد السنوي عن صادرات الأسلحة والذي أكد الأرقام التي تسربت بأن الحكومة باعت أسلحة بقيمة 7.86 مليار يورو في 2015 وهو ضعف مستويات العام الذي سبقه.
وكان الهدف الأساسي للانتقادات هو وزير الاقتصاد زيجمار جابرييل عضو الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي كان من أبرز الأصوات المطالبة بتشديد القيود في 2014 للحد من مبيعات الأسلحة للشرق الأوسط لاسيما لدول مثل قطر والسعودية. وفي التقرير أشارت وزارة جابرييل إلى عدد من المبيعات الكبيرة لمرة واحدة وتتضمن صفقة مع قطر بقيمة 1.6 مليار يورو تضمنت بيع دبابات مقاتلة ومدافع دبابات وقطع غيار.
وقال يان فان أكين من حزب اليسار المتطرف "زيجمار جابرييل حنث بوعده بتحسين الضوابط على صادرات الأسلحة." وقال رينكي برامز من مجلس الكنيسة الإنجيلية إن الأرقام تمثل "فضيحة" مشيرا إلى المبيعات للسعودية وقطر. وتابع قوله "وضع حقوق الإنسان في هذه الدول العربية سيء والسعودية تساهم في انعدام السلام بمنطقة الخليج." وذهب نحو 41 في المئة من المبيعات إلى دول في الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي مثل صفقة بيع طائرات تزود بالوقود بقيمة 1.1 مليار يورو لبريطانيا. وبعد قطر وبريطانيا كان أكبر المشترين كوريا الجنوبية وإسرائيل والولايات المتحدة إلى جانب الجزائر والسعودية والهند وروسيا والكويت.
من جانب اخر وقعت فرنسا، ممثلة في وزير دفاعها جان إيف لودريان في مدينة الكويت على عقد تشتري بموجبه الدولة الخليجية 30 مروحية كركال بقيمة أكثر من مليار يورو أعلن عنه في 2015، وفق وزارة الدفاع الفرنسية. ويندرج العقد الذي يتضمن 24 مروحية للجيش الكويتي و6 للحرس الوطني ضمن اتفاقات تجارية وقعتها فرنسا والكويت في تشرين الأول/أكتوبر 2015 بقيمة إجمالية قدرها 2,5 مليار يورو. وينص العقد الموقع مع "إيرباص هليكوبتر" على تسليم أول مروحية خلال 29 شهرا، والأخيرة في مهلة 48 شهرا، بحسب ما أوضحت أوساط الوزير لوكالة الأنباء الفرنسية. وستصنع المروحيات في مصنع مارينيان بجنوب فرنسا.
كذلك ينص العقد على تدريب طواقم وعمال ميكانيكيين وعمال صيانة لمدة لا تقل عن سنتين. وقال لودريان بعد توقيع العقد أن "خيار الكويت يبرهن مجددا على تماسك الفريق الفرنسي وجودة الصناعات الدفاعية الفرنسية. وبهذا القرار، فإن الكويت تعزز الشراكة الإستراتيجية التي تربط بلدينا منذ عدة عقود، في وقت نشارك اليوم جنبا إلى جنب في مكافحة داعش في العراق وسوريا"، بحسب ما جاء في بيان الوزارة. بحسب فرانس برس.
وشاركت "أغوستا" الإيطالية و"سيكورسكي" الأمريكية في استدراج العروض الذي طرحته الكويت في 2013 ، لكن مصدرا في أوساط الوزير أوضح أنه كان هناك "من الجانب الكويتي إرادة واضحة في منح هذا العقد لفرنسا في إطار علاقاتنا المؤسساتية". وأنجزت في شباط/فبراير 2016 المفاوضات الحصرية التي بدأت في صيف 2015 بخصوص العقد، في مهلة قصيرة نسبيا لهذا النوع من العقود. ويستخدم الجيش الكويتي مروحيات "كركال" بصورة أساسية في مهمات إنقاذ الطيارين عند سقوط مروحياتهم، والنقل والدعم للقوات البرية. وأورد المصدر أنه سيتم تسليم المروحيات مجهزة برشاشات، ومن المحتمل التفاوض لاحقا بشأن عقد لتجهيزها بصواريخ مضادة للسفن.
باكستان
من جهة اخرى تعلو اصوات طلقات الرصاص في احدى القرى قرب بيشاور في باكستان، من دون ان يكون هناك اشتباك او شجار، فهذه القرية مقر لصناعة الاسلحة الرشاشة وبيعها بأسعار لا تجد من ينافسها. وتقع قرية داره ادمخل على التلال المجاورة لمدينة بيشاور، وهي تحولت منذ عقود الى ملتقى للخارجين عن القانون والمهربين وتجار السلاح والمخدرات والبشر والسيارات وحتى الشهادات المزورة.
وبلغت القرية اوج نشاطها المخالف للقانون في الثمانينات، حين كان "المجاهدون الافغان" يعبرون الحدود قادمين اليها للتزود بالاسلحة في حربهم مع القوات السوفياتية. وبعد انقضاء عهد ما عرف بالجهاد الافغاني، جاء زمن حركة طالبان باكستان لتجعل من هذه القرية سوقا للتزود بالسلاح بعيدا عن عيون السلطات. واليوم، لم يبق في هذه القرية سوى سوق السلاح من بين كل انواع التجارات الممنوعة الاخرى، وهو الآخر يعاني من ركود كبير مع تعزيز القبضة الامنية في البلاد.
ويشكو احد صناع السلاح خطاب غول البالغ من العمر 45 عاما من تشديد القبضة الامنية قائلا "الحكومة وضعت نقاط مراقبة في كل مكان، لقد توقفت الحركة التجارية". وهذا الحرفي مشهور في قريته بصنع اسلحة تحاكي مسدسات "ام بي 5" التي تستخدمها بشكل خاص فرقة النخبة الاميركية "سوات". وفيما يصل ثمن المسدس الاصلي الى بضعة الاف من الدولارات، ببيع خطاب مسدساته بما لا يزيد عن 67 دولارا مع كفالة لمدة عام. ويقول "بعت في السنوات العشر الماضية عشرة الاف مسدس، ولم اتلق اي شكوى عنها".
في مشغله، ينهمك العمال في تقطيع الواح الحديد بعناية ودقة، ومصدر هذه الالواح ورشات السفن الهالكة في كراتشي، وهم يتحدثون باصوات مرتفعة تحاول ان تعلو صوت ضجيج المحركات والالات. وفي العهد الذهبي للقرية، كانت المتاجر تعرض مختلف انواع الاسلحة، وكان الزبائن يجربون هذه الاسلحة مطلقين النار في الهواء. ومع ان هذا القطاع مخالف للقانون، الا ان السلطات كانت تغض النظر عنه لوقت طويل، ولاسيما لكونها غير قوية في الاطراف والمناطق النائية التي تنشط فيها القبائل على الحدود مع افغانستان.
وينظر السكان الى هذا العمل على انه مشروع ويوافق تقاليد البشتون في المنطقة، اذ يرتبط حمل السلاح لديهم بالرجولة. ويقول خطاب غول "العمال هنا ماهرون، يمكنهم ان ينسخوا اي نموذج للسلاح يرونه". ويباع سلاح رشاش يحاكي الكلاشنيكوف بمبلغ 125 دولارا، اي اقل من سعر معظم اجهزة الهاتف الذكي التي يقتنيها السكان. الا ان الزمن تغير، فالجيش بات على مقربة من هنا، وهو ينشط في ملاحقة المتمردين في مناطق القبائل، وقد انحسر العنف الى ادنى مستوى له منذ العام 2007.
ازاء ذلك تحول عدد كبير من المتاجر من بيع الاسلحة الى البقالة او بيع الاجهزة الالكترونية، وصارت القرية التي طالما شبهت بمدن الغرب الاميركي، اقرب الى الدخول في حظيرة الدولة والقانون. ويثير هذا الواقع استياء صناع السلاح، وهم يحملون الحكومة مسؤولية تعطيل اعمالهم، من خلال النقاط الامنية التي تحول دون دخول الزبائن الباكستانيين، اما الاجانب فهم ممنوعون اصلا من دخول المنطقة لاسباب امنية. بحسب فرانس برس.
ولا تستهدف السلطات هذه الصناعة بشكل مباشر، ولكنها تطلب من السكان التعهد بعدم بيع الاسلحة للمتمردين، وهي تعمل على فرض نظام اجازات لصناعة الاسلحة وبيعها. ويمكن لمن يدخل هذه القرية ان يرى فعلا قوات الجيش والقوات شبه العسكرية وهي تنتشر حولها وهو ما يثني الكثيرين عن شراء السلاح. ويقول مزمل خان "انا اعمل في صناعة الاسلحة منذ ثلاثين عاما، لكني الان افكر ببيع ادواتي". ويضيف محمد قيصر الذي يصنع الطلقات النارية "اخشى ان نكون امام نهاية قرية داره ادمخل". وقد اقفلت الاف متاجر الاسلحة ابوابها في السوق الكبير، بحسب مصادر نقابية، ويسعى اصحابها الى الانخراط في نشاط تجاري آخر. ويقول النقابي بادام اكبر "لم يعد هناك شيء في السوق الكبير..الحياة صارت صعبة كثيرا، والزبائن يخافون المجئ الى هنا".
اسبانيا
في السياق ذاته اعلنت الشرطة الاسبانية توقيف ملياردير بولندي يقيم في جزيرة ايبيزا شرق اسبانيا للاشتباه في بيعه اسلحة ثقيلة لجنوب السودان. ويدير الملياردير الذي كان ينتحل شخصية دبلوماسي من غينيا بيساو ويعيش حياة مرفهة وسط اجراءات امنية مشددة، مجموعة شركات لها صلات في المانيا وبلجيكا وفرنسا وبريطانيا، سجلت شركاتها الام في ملاذات ضريبية. وعبر هذه الشركات حصل الملياردير الذي لم تكشف هويته، على اسلحة من السوق السوداء خصوصا من سوق شرق اوروبا، بحسب متحدث باسم الشرطة.
وبحسب الشرطة فان شركة بولندية ملك هذا العسكري السابق تولت امر الوساطة في التفاوض لبيع اكثر من 200 الف بندقية ايه كاي-47 وقاذفات صواريخ ودبابات، لجنوب السودان. وخلفت الحرب الاهلية في هذا البلد آلاف القتلى منذ نهاية 2013 وحتى 2015. ولا تزال المواجهات الدامية مستمرة فيه. واضافت الشرطة ان الملياردير الذي له علاقات دولية واسعة، استعار الطائرة الرئاسية لدولة غامبيا في احد تنقلاته.
وفي ايبيزا كان الملياردير البولندي يقدم نفسه باعتباره المستشار الاقتصادي لرئيس وزراء غينيا بيساو التي يملك جواز سفر دبلوماسيا مزورا منها. ووضع لافتة على مدخل الفيلا الفخمة التي يملكها تؤشر الى منطقة دبلوماسية. وتحقق الشرطة في شان هذا المهرب منذ 2012. وتم توقيفه مع ثمانية اشخاص من اعضاء عصابته الاجرامية. كما مارس بحسب الشرطة الابتزاز على مستثمرين اسبان ليدفعوا له "ديونا" تصل الى ملايين اليورو. بحسب فرانس برس.
واضاف متحدث باسم الشرطة انه احيل على النيابة للاشتباه في تهريبه اسلحة، ولم يكن بامكان المصدر ان يحدد اذا ابقي رهن التوقيف او اخلي سبيله. وتمت في سياق هذه القضية مصادرة العديد من الشقق والشركات في ايبيزا والمانيا وسويسرا وذلك بمساعدة الشرطة الاوروبية (يوروبول)، بحسب بيان الشرطة الاسبانية. كما تمت مصادرة سيارات فارهة.
اضف تعليق