q

تحركات وخطط حلف الناتو الاخيرة اثارت قلق العديد الحكومات والدول، التي تخشى حدوث ازمات ومشكلات عالمية جديدة، حيث وافق الحلفاء على نقل ونشر قوات ومعدات عسكرية إضافية في دول أوربا الشرقية المحاذية لروسيا في أكبر حشد عسكري في المنطقة منذ نهاية الحرب الباردة، تحركات يقول الناتو إنها لمواجهة المخاطر والتحديات التي تثيرها روسيا. فيها ترى موسكو انه سلوك عدائي على حدودها وتهديد صريح لأمنها القومي.

وأعلن حلف شمال الأطلسي في ختام قمته المنعقدة في وارسو، عزمه على تعزيز وجوده العسكري في شمال شرق أوروبا. وقرر حلف “الناتو”، المكون من 28 دولة، نشر أربع كتائب تضم كل منها من 3 إلى 4 آلاف جندي في البلطيق وشرق بولندا، وستكون تحت إشراف أمريكا وبريطانيا وألمانيا وكندا، فيما سيكون لفرنسا وبلجيكا مشاركة ضئيلة حيث 150 عنصراً لكل منهما. يتم تدويرها لإظهار استعداده للدفاع عن الأعضاء من شرق القارة، في مواجهة أي عدوان روسي. وقال الأمين العام لحلف الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، هذه الكتائب ستمتاز بالقوة وستكون متعددة الجنسيات. القصد من ذلك هو التأكيد على أن أي هجوم على دولة من دول الحلف سيعد هجوماً على الحلف بأكمله.

وأعلن مسؤول في الحلف أن الناتو سيتولى قيادة منظومة الدفاع الصاروخي التي أقامتها الولايات المتحدة في أوروبا، وقال ستولتنبرغ إن منشآت الدرع المنشورة في تركيا ورومانيا وإسبانيا باتت حالياً قادرة على العمل بقيادة الأطلسي وإشرافه. من جهته أوضح الرئيس الفرنسي أن روسيا لا تشكل تهديداً ولا تعتبر خصما بل شريكا، نافياً أن تكون مهمة الحلف الأطلسي ممارسة ضغط في العلاقة بين أورويا وروسيا. في حين قال وزير خارجية بولندا فيتولد فاشاكوفسكي علينا أن نرفض أي نوع من التمني فيما يتصل بالتعاون البرغماتي مع روسيا ما دامت تواصل غزو جيرانها.

وأثار ذلك كله حفيظة روسيا التي ترى في تحركات حلف شمال الأطلسي تعدياً على دول كانت من ضمن الاتحاد السوفيتي سابقاً. وقد أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن زيادة نشاط الناتو بالقرب من الحدود الروسية ستؤدي إلى تقويض الاستقرار الاستراتيجي في أوروبا، وسترغم روسيا على اتخاذ إجراءات الرد. كما شدد على أن الناتو يجري عملية تحويل لعدد من المنشآت العسكرية في دول البلطيق وبولندا ورومانيا وبلغاريا لتتوافق مع معايير الحلف، إضافة إلى نشر عناصر نظام الدفاع الصاروخي للولايات المتحدة(الدرع الصاروخية) في أوروبا الشرقية.

وأكدت تقارير على أن وزارة الدفاع الروسية تولى اهتماما كبيرا بتزويد المنطقة العسكرية الغربية في روسيا بأحدث أنواع الأسلحة وبآليات عسكرية وخاصة، وستحصل هذه المنطقة خلال العام الحالي على أكثر من ألفي قطعة من الآليات الجديدة أو المحدّثة. وقد تم تشكيل الفيلق العسكري الحادي عشر ضمن أسطول بحر البلطيق، وذلك لتعزيز القدرات القتالية للأسطول.

قيادة الدرع الصاروخية

وفي هذا الشأن تولى حلف شمال الأطلسي قيادة منظومة الدفاع الصاروخي التي أقامتها الولايات المتحدة في أوروبا بعدما نجحت فرنسا في الحصول على ضمانات بأن النظام الذي تكلف بناؤه مليارات الدولارات لن يكون تحت السيطرة المباشرة لواشنطن. وتعد الدرع الصاروخية -وتوصف بأنها تهدف للتصدي لأي ضربة من "دولة مارقة" على مدن أوروبية- أحد أكثر جوانب الدعم العسكري الأمريكي لأوروبا حساسية. وتقول روسيا إن واشنطن تقصد بهذه المنظومة إضعاف ترسانتها النووية لكن الولايات المتحدة تنفي هذا الاتهام.

وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرج في مؤتمر صحفي "قررنا اليوم الإعلان عن التشغيل الأولي لمنظومة دفاع حلف شمال الأطلسي ضد الصواريخ الباليستية." وأضاف "يعني هذا أن السفن الأمريكية الراسية في إسبانيا وأنظمة الرادار الموجودة في تركيا وقاعدة الدفاع الصاروخي في رومانيا ستعمل معا تحت قيادة الحلف" مؤكدا أن المظلة "دفاعية كليا ولا تمثل أي تهديد لاستراتيجية الردع النووي الروسية."

وتشعر روسيا بغضب لاستعراض القوة بهذه الطريقة من قبل الولايات المتحدة في دول أوروبا الشرقية الشيوعية السابقة. وتأمل واشنطن أن يؤدي تسليم القيادة إلى الحلف لتهدئة المخاوف الروسية. وينظر إلى الأعضاء الأوروبيين بحلف شمال الأطلسي على أنهم لن يجنوا شيئا من استفزاز روسيا موردة الطاقة الرئيسية لهم. وسيعهد للدول الأوروبية الأعضاء في الحلف بالمسؤولية عن تمويل بعض نفقات المنظومة والإضافة إليها في المستقبل.

وردت روسيا بتعزيز وجودها على الجهتين الغربية والجنوبية بثلاث فرق جديدة. وطالبت فرنسا التي تقود مع روسيا وألمانيا جهودا لإحلال السلام في شرق أوكرانيا بضمانات بنقل قيادة الدرع إلى الحلف عوضا عن وضعها تحت سيطرة جنرالات أمريكيين. وقال الجنرال دينيس مرسييه وهو فرنسي يتولى مسؤولية القيادة في حلف شمال الأطلسي "الهدف هو السيطرة السياسية بالنظر لتبعات أي عملية اعتراض. توصل القادة لتسوية جيدة."

وستتاح للقادة العسكريين ثوان فقط لاتخاذ قرار باستخدام الدرع في اعتراض أي صاروخ باليستي. ويقول مسؤولون إن حلف شمال الأطلسي سيطبق قواعد وضعها سفراء دوله في بروكسل. ويعتقد أن فرنسا ترددت في السماح للجنرالات الأمريكيين بقدر كبير من سلطة اتخاذ القرار في أي أزمة صاروخية من هذا القبيل رغم أن هذه المخاوف لم تطرح قط في العلن. وقال مرسييه إن القرار بعقد اجتماع آخر لمجلس حلف شمال الأطلسي وروسيا في مقر الحلف ببروكسل سيسمح للحلف بتفسير موقفه للكرملين بشكل أفضل. وأضاف "الأمر الثاني هو الحوار مع روسيا.. لنوضح أن الهدف من هذا الدرع هو منع انتشار التهديدات الصاروخية وليس ضد أي بلد وبالأساس ليس ضد القدرات النووية لروسيا." يحسب رويترز.

وسبق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الإعلان عن تشككه في الهدف الذي حدده حلف شمال الأطلسي بحماية دوله من الصواريخ الإيرانية بعد الاتفاق النووي التاريخي الذي وقعته طهران مع القوى الدولية والذي ساعدت روسيا في التوصل إليه. وبدأت الولايات المتحدة تشغيل قاعدة الدرع الصاروخية التي تكلفت 800 مليون دولار في رومانيا في مايو أيار الماضي وستحدد بشكل نهائي موقعا في بولندا ليكون جاهزا بحلول أواخر 2018 ليكتمل خط الدفاع الأول الذي اقترح للمرة الأولى قبل نحو عشر سنوات. ولدى اكتمال تشغيل الدرع فإن المظلة الدفاعية ستمتد من جرينلاند إلى جزر الأزور البرتغالية.

تعزيز الدفاعات

الى جانب ذلك اتفق زعماء حلف شمال الأطلسي على نشر قوات عسكرية في دول البلطيق وشرق بولندا للمرة الأولى وزيادة الدوريات الجوية والبحرية لطمأنة الحلفاء الذين كانوا ذات يوم جزءا من الاتحاد السوفيتي بعد أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية. وقرر الحلف المكون من 28 دولة تحريك أربع كتائب بإجمالي ثلاثة إلى أربعة آلاف جندي إلى شمال شرق أوروبا يتم تدويرها لإظهار استعداده للدفاع عن الأعضاء من شرق القارة في مواجهة أي عدوان روسي. وقال الأمين العام لحلف الأطلسي ينس ستولتنبرج في مؤتمر صحفي "هذه الكتائب ستمتاز بالقوة وستكون متعددة الجنسيات. القصد من ذلك هو التأكيد على أن أي هجوم على دولة من دول الحلف سيعد هجوما على الحلف بأكمله."

وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن الولايات المتحدة ستنشر نحو ألف جندي في بولندا في إطار الخطة "لتحسين وجودنا (كقوة ردع) في وسط وشرق أوروبا." وتقود ألمانيا الكتيبة الموجودة في ليتوانيا بينما تقود بريطانيا تلك الموجودة في إستونيا وتقود كندا الكتيبة الموجودة في لاتفيا. وستسهم دول أخرى مثل فرنسا بجنود. وقال بن رودس نائب مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض للصحفيين إن ما وصفه بالعدوان المستمر لروسيا سيستدعي ردا من الحلف ووجودا أكبر له في شرق أوروبا.

وفي وقت سابق قال أوباما إن تصويت بريطانيا في استفتاء لصالح ترك الاتحاد الأوروبي وهي النتيجة التي سعى لتفاديها يجب ألا يضعف التحالف الغربي لكنه طرح "أسئلة مهمة" عن مستقبل التكامل الأوروبي. وأضاف الرئيس أن "العلاقة الخاصة" بين الولايات المتحدة وبريطانيا ستستمر. وقال رودس إن أوباما بحث إجراءات انسحاب بريطانيا مع رئيسي المؤسستين الرئيسيتين للاتحاد الأوروبي دونالد توسك وجان كلود يونكر وطمأناه بأنه سيكون هناك انتقال منظم لأقرب علاقة اقتصادية ممكنة وأن بريطانيا لن تعاقب.

وأبدت بولندا الدولة المضيفة للقمة تشككها في نوايا روسيا. وقال وزير خارجيتها فيتولد فاشاكوفسكي في منتدى قبل القمة "علينا أن نرفض أي نوع من التمني فيما يتصل بالتعاون البرجماتي مع روسيا ما دامت تواصل غزو جيرانها." وكان أوباما أكثر دبلوماسية إذ حث على الحوار مع روسيا لكنه دعا الدول الأعضاء في الحلف أيضا إلى الإبقاء على العقوبات المفروضة على موسكو حتى تلتزم تماما باتفاق وقف إطلاق النار في أوكرانيا.

وأوكرانيا ليست عضوا في حلف شمال الأطلسي لكن رئيسها بيترو بوروشينكو سيجتمع مع قادة الحلف حيث قد يواجه ضغوطا لتنفيذ التزامات كييف بموجب الاتفاق من خلال القبول بمزيد من اللامركزية وإجراء انتخابات محلية في منطقة دونباس التي يسيطر عليها المتمردون. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إنه في حين أن الحلف يزيد من قدراته الدفاعية فإنه يحرص دائما على الحوار مع موسكو. وأضافت أن اجتماعا مقررا لمجلس حلف الأطلسي وروسيا سيعقد وسيبحث سبل تفادي الأوضاع الخطرة في المجال الجوي لمنطقة البلطيق.

وتكررت احتكاكات الطائرات الحربية الروسية بالطائرات المدنية والعسكرية الغربية ضمن حملة ترهيب على ما يبدو ردا على العقوبات الاقتصادية الغربية بسبب الخطوات التي اتخذتها في أوكرانيا. وقالت ميركل "على غرار التفاهمات بين الولايات المتحدة وروسيا في سوريا فإن من مصلحة الجانبين أن ينسق حلف الأطلسي وروسيا أنشطتهما." وبالتزامن مع قمة الحلف أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أنها طردت دبلوماسيين روسيين اثنين ردا على اعتداء شرطي روسي على دبلوماسي أمريكي في موسكو الشهر الماضي. ولم يتضح لماذا انتظرت الولايات المتحدة هذه الفترة لإعلان هذا الخبر.

وكانت استونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا -والدول الأربع أعضاء في حلف شمال الأطلسي- قد طلبت وجودا دائما للحلف على أراضيها. وتخشى الدول الأربع من سعي موسكو إلى زعزعة استقرار حكوماتها الموالية للغرب من خلال الهجمات الإلكترونية وإثارة الاضطراب بين مواطنيها المتحدثين بالروسية والبث الإذاعي المعادي وأيضا الاعتداءات على الأراضي. وقال رئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي الجنرال بيتر بافل وهو تشيكي إن روسيا تحاول استعادة وضعها كقوة عالمية وهو جهد يشمل استخدام جيشها. وأضاف "لا بد أن نقبل إمكانية أن تكون روسيا منافسا أو خصما أو ندا أو شريكا ومن الممكن أن تكون هذه الأشياء الأربعة كلها في وقت واحد."

وقال الكرملين اليوم إنه يعتبر تلميح حلف شمال الأطلسي بأن روسيا تمثل تهديدا أمرا سخيفا وعبر عن أمله في أن يسود "المنطق السليم" قمة الحلف. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحفيين إن موسكو لا تزال مستعدة للحوار والتعاون مع الحلف. وفي الغالب تصف روسيا حلف شمال الأطلسي بالمعتدي لأن أعضاء الحلف ينقلون قوات وغير ذلك من عتاد عسكري إلى أراضي الدول التي كانت ضمن الاتحاد السوفيتي السابق وتعتبر موسكو أنها تقع في دائرة نفوذها.

وقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عدة مبادرات تستهدف الظهور بمظهر المتعاون وناقش الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى تسوية في أوكرانيا في اتصال هاتفي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند قبل دقائق من بدء القمة. وقال الكرملين إن بوتين طلب من الأوروبيين "ممارسة نفوذ أكبر على الجانب الأوكراني" ليمنح شرق أوكرانيا حكما ذاتيا أوسع.

وأعلنت موسكو اعتزامها نشر صواريخ ذات قدرات نووية في كاليننجراد وهي جيب روسي بين بولندا وليتوانيا ردا على تشغيل حلف شمال الأطلسي للدرع الصاروخية الأمريكية الموجودة على الأراضي البولندية. ووافق بوتين على اجتماع الهيئة الاستشارية لروسيا وحلف شمال الأطلسي وهو ثاني اجتماع لها هذا العام بعد أن تجمد عملها إثر استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم في 2014. وتحدث بوتين هاتفيا أيضا مع أوباما حين كان يجري الإعداد لقمة الحلف. يحسب رويترز.

وقال رئيس وزراء بريطانيا الذي سيترك منصبه ديفيد كاميرون إن بريطانيا لن تدير ظهرها للأمن الأوروبي عندما تترك الاتحاد الأوروبي بعد الاستفتاء الذي وافق فيه البريطانيون على ذلك. وبريطانيا هي الدولة الأوروبية الأولى في مجال الإنفاق العسكري تليها فرنسا. ووقع حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي اتفاقا لتعميق التعاون العسكري والأمني. ومن المقرر أن يعلن الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة دعمه لعملية الاتحاد الأوروبي لوقف الهجرة عبر البحر المتوسط. ويؤيد حلف شمال الأطلسي بالفعل جهود الاتحاد الأوروبي لوقف تدفق اللاجئين والمهاجرين من تركيا إلى اليونان بالتوازي مع اتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبي لوقف الهجرة مقابل ميزات لأنقرة.

انفصال بريطانيا

من جانب اخر يقول مسؤولون إن انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي يخاطر بإضعاف الاستراتيجية الدفاعية الجديدة في أوروبا وذلك قبل توقيع حكومات حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي اتفاقا تاريخيا للتصدي لمجموعة من التهديدات من روسيا إلى البحر المتوسط. ويعتزم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة استغلال قمتين منفصلتين يعقدهما الاتحاد وحلف الأطلسي لدفع إصلاحات في المؤسستين اللتين تمثلان عماد الأمن الرئيسي للغرب بهدف تقليص اعتماد أوروبا على واشنطن.

وقال مسؤول دفاعي غربي كبير يشارك في التعاون بين المؤسستين "ستصبح الأمور أصعب كثيرا. حلف شمال الأطلسي خطط لربط نفسه باتحاد أوروبي أقوى لا أن يصبح هو الخيار التلقائي لتكتل ضعيف مقسم." وستطلع فيديريكا موجيريني مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي زعماء الاتحاد على خطة استراتيجية عالمية خمسية وستبلغ القادة أن على الاتحاد الأوروبي أن "يتصرف باستقلال إذا اقتضت الضرورة" في مواجهة تزايد جرأة روسيا وأزمة الهجرة وانهيار دول على أعتابهم.

ويقول الدبلوماسيون إن تلك الخطوة الرمزية التي تحث الحكومات على تنسيق الإنفاق الدفاعي تحظى بدعم قوي من ألمانيا وفرنسا. لكنها ستبدو فارغة من المضمون دون بريطانيا صاحبة أكبر ميزانية دفاعية في الاتحاد الأوروبي. وبريطانيا واحدة من خمس دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي تملك الموارد التي تمكنها في تنفيذ عملية عسكرية في الخارج لحساب الاتحاد وهي مساهم رئيسي للعمليات التي يقودها الاتحاد وتسدد نحو 15 في المئة من التكاليف وتخصص عتادا لتلك العمليات.

كما تقود بريطانيا عملية "اتلانتا" التي ينفذها الاتحاد الأوروبي لمكافحة القرصنة قبالة القرن الأفريقي ولها سفن تجوب البحر المتوسط وتلتزم بتخصيص قوات للمشاركة في المجموعات القتالية للاتحاد الأوروبي رغم أن ذلك لم يحدث من قبل. وستشمل المقترحات التي تطرحها موجيريني على قادة الاتحاد الأوروبي دعوة للمهام التي يقودها الاتحاد للعمل مع حرس حدود أوروبي جديد للحد من تدفقات المهاجرين. وربما يكون ذلك أصعب دون السفن البريطانية.

وقال ينس ستولتنبرج الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "ما تفعله بريطانيا له أهميته. فبريطانيا هي أكبر مشارك أمني في أوروبا." لكن بريطانيا كانت تخشى خططا لتشكيل جيش للاتحاد الأوروبي وقاومت توثيق التعاون الدفاعي الأوروبي. وقال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون لرويترز "لا أحد يريد أن يرى قواته تحت سيطرة بروكسل." ويأمل البعض أن تتمكن فرنسا وألمانيا -بدون أن تعطل لندن خطط الاتحاد- من قيادة ما تراه برلين "اتحادا دفاعيا مشتركا". وقد أيدت فرنسا فكرة إقامة مقر قيادة عسكرية للاتحاد الأوروبي بخلاف حلف شمال الأطلسي لإدارة المهام.

وبعد الأزمات المالية التي خفضت الإنفاق الدفاعي وضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية قالت حكومات الاتحاد الأوروبي إنها ستبذل المزيد لضمان أمنها وإنه لا يمكنها الاعتماد على الجانب الأمريكي إلى ما لا نهاية. وفي ذلك الإطار سيعمل حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي على تعزيز التعاون المتنامي بينهما من بحر البلطيق إلى بحر ايجه في قمة يعقدها حلف شمال الأطلسي في وارسو. وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي تبحث الحكومات إقامة صندوق دفاعي مشترك لتجميع موارد لتطوير طائرات الهليكوبتر والطائرات دون طيار والسفن والأقمار الصناعية. يحسب رويترز.

وقبل الاستفتاء البريطاني على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي كانت الولايات المتحدة تتطلع لبريطانيا حليفها الرئيسية في أوروبا لكي تصبح جسرا بين الحلف والاتحاد الأوروبي. وكان الهدف من ذلك السماح لواشنطن بالتركيز على المشاكل الأخرى بما في ذلك حركة طالبان في أفغانستان والدور العسكري الصيني في جزر بحر الصين الجنوبي. وألقى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الضوء على هذه المخاوف عندما توجه إلى بروكسل للقاء موجيريني وستولتنبرج.

اضف تعليق