عادت فضائح التجسس التي قامت بها وكالة الأمن القومي الأمريكية، التي فجرها موقع ويكيليكس لتلقي بظلالها من جديد على العلاقات بين الولايات المتحدة الامريكية وباقي دول العالم، خصوصا وان هذه العمليات قد شملت التجسس على نحو 35 من القادة على مستوى العالم، وأكثر من 60 مليون مكالمة هاتفية في دول مختلفة، من بينها دول أوروبية، إذ صرح القادة الأوروبيون بأن في ذلك ما يخل باعتبارات الثقة التي يجب أن توجد ما بين الحلفاء. وقد أثارت هذه التسريبات المتواصلة عن عمليات التجسس ردود أفعال عالمية غاضبة، والمطالبة باتخاذ تدابير عقابية ضد الولايات المتحدة، التي بدأت العمل بهذا البرنامج منذ سنوات تحت ذريعة الحرب على الإرهاب.
ويرى بعض الخبراء ان مسلسل الفضائح ربما سيستمر لوقت طويل جدا، خصوصا مع وجود كم الهائل من الوثائق لدى موقع ويكيليكس، حيث مؤسس الموقع جوليان أسانج الوثائق الأهم لم يجر الكشف عنها بعد. ولدينا معلومات أخرى سنكشف عنها في الوقت المناسب، والآتي أعظم من وجهة النظر السياسية، الامر الذي قد يحرج الولايات المتحدة التي اصبحت اليوم في وضع حرج مع العديد من الحلفاء.
وكشفت وثائق المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأمريكي إدوارد سنودن، قيام الوكالة بتجسس واسع النطاق ولا علاقة له بمحاربة الإرهاب على اتصالات الفرنسيين، واتصالات الرئيس المكسيكي إنريكي بينيا نييتو وسلفه فيليبي كالديرون، وعلى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وقادة البرازيل وتركيا. وتعتمد الاستخبارات الأمريكية في نشاطها التجسسي واسع النطاق والذي يشمل التنصت الإلكتروني على الاتصالات الهاتفية واعتراض البريد الإلكتروني على تفويض حصلت عليه من خلال قانون خاص بمكافحة الإرهاب "باتريوت" الذي تم إقراره في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، إلا أن فضيحتي التنصت على ألمانيا وفرنسا تشيران إلى أن هذا النشاط خرج عن نطاقه وتحول إلى تجسس على الجميع بما في ذلك أقرب الحلفاء.
المانيا
في هذا الشأن اعلنت الحكومة الالمانية ان رئيس الاستخبارات الخارجية الالمانية غيرهارد شيندلر الذي تأثر جراء فضيحة عمليات التنصت لحساب وكالة الامن القومي الاميركية سيستبدل بمقرب من وزير المال فولفغانغ شويبله. وقالت الحكومة في بيان "ان الرئيس الحالي (للاستخبارات الخارجية) غيرهارد شيندلر" (63 عاما) "احيل على التقاعد المبكر" و"سيخلفه في هذا المنصب برونو كاهل" القانوني في ال54 من العمر المسؤول الكبير في وزارة المال، موضحة ان هذا التعديل سيدخل حيز التنفيذ "في الاول من تموز/يوليو".
واضاف البيان ان وزير المستشارية بيتر التماير المسؤول عن الملفات المرتبطة بالاستخبارات "شكر لشيندلر اداءه الممتاز لسنوات على رأس الاستخبارات الخارجية منذ 2012". ولم يقدم اي سبب رسمي لتبرير هذا القرار. وردا على سؤال حول هذا الموضوع خلال مؤتمر صحافي رفض المتحدث باسم الحكومة ستيفان سيبرت اعطاء مزيد من التفاصيل. وقالت صحيفة "سودويتشي تسايتونغ" التي كشفت هذا الخبر ان منصب شيندلر تأثر كثيرا منذ عام بعد كشف معلومات عن مركز تنصت قرب ميونيخ (جنوب شرق) متهم بالتجسس على مسؤولين ومؤسسات اوروبية لحساب وكالة الامن الاميركية.
وشددت وسائل اعلام المانية على ضرورة اصلاح الاستخبارات الخارجية بعد هذه الفضائح. وكتبت الصحيفة استنادا الى نتائج لجنة برلمانية حول فضيحة وكالة الامن القومي ان عناصر عدة لم تصب في مصلحة شيندلر وخصوصا "انعدام سيطرته" على اجهزة عدة. ونقل البيان عن التماير قوله انه "في السنوات المقبلة" ستواجه الاستخبارات الخارجية "تحديات كبرى تتعلق بكل مجالات نشاطها كالتداعيات التنظيمية والقانونية" التي اشارت اليها اللجنة البرلمانية بالنسبة الى وكالة الامن القومي الاميركية او نقل مقر الاستخبارات من بولاخ (جنوب) الى برلين.
وتجسست وكالة الامن القومي الاميركية على لقاءات بين المستشارة الالمانية انغيلا ميركل والامين العام للامم المتحدة بان كي مون وقادة اوروبيين اخرين وفقا لمعلومات لموقع ويكيليكس نشرتها صحيفة "سودويتشي تسايتونغ". وكتبت الصحيفة نقلا عن ويكيليكس "بحسب مذكرة ويكيليكس حول هذا اللقاء قال بان لميركل ان الرأي العام العالمي يريد ان تستمر اوروبا في الاضطلاع بدور اساسي في مكافحة ظاهرة الاحتباس". وقالت الصحيفة "اشاد بان بجهود ميركل الشخصية حول ملف المناخ وعملها لاقناع زملائها الاوروبيين" في هذه القضية.
وبحسب الموقع فان وكالة الامن تنصتت على لقاءات اخرى بين المستشارة مثلا والرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي او رئيس الوزراء الايطالي السابق سيلفيو برلوسكوني. وتم التطرق بالتفصيل الى لقاء بين المسؤولين الثلاثة يعود الى 2011. ووفقا لويكيليكس قد تكون ميركل وساركوزي لهذه المناسبة "مارسا ضغوطا" على برلوسكوني ليخفض حجم الديون الايطالية ويعزز القطاع المصرفي.
وتابعت الصحيفة ان اللقاء كان "متوترا" و"غير ودي" بحسب مستشار الشؤون الخارجية فالنتينو فالنتيني الذي تنصتت عليه الوكالة ايضا. كما اشار ويكيليكس الى محادثة في 2010 بين برلوسكوني ونظيره الاسرائيلي بنيامين نتانياهو. ووعده رئيس الحكومة الايطالي بان يستخدم نفوذه لاعادة العلاقات الجيدة بين اسرائيل والولايات المتحدة في حين يشير نتانياهو الى ان بناء 1600 منزل في القدس الشرقية في مستوطنة رمات شلومو حيث يقيم مستوطنون متشددون كان مبرمجا منذ عقود. بحسب فرانس برس.
وفي اذار/مارس 2010 اعلنت وزارة الداخلية الاسرائيلية خطة البناء هذه خلال زيارة لنائب الرئيس الاميركي جو بايدن ما سبب فتورا في العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة لاشهر. وكانت الخطط جمدت لاحقا لتبديد التوتر مع واشنطن لكن في ايار/مايو 2015 اعطت اسرائيل الضوء الاخضر لبناء 900 مسكن. واكتشفت المانيا في خريف 2013 حجم التجسس الذي قامت به وكالة الامن القومي الاميركية عندما علمت انه تم التنصت على هاتف ميركل النقال. وقالت ميركل حينها "التجسس بين اصدقاء امر لا يجوز". وكان القضاء الالماني فتح تحقيقا وقالت ويكيليكس إن الوكالة استهدفت مراقبة 125 رقما لهواتف كبار المسؤولين الألمان.
ويهدد التقرير الجديد بتجديد التوترات بين ألمانيا والولايات المتحدة بعد سعي الجانبين لطي صفحة التجسس وإعلان الرئيس الامريكي باراك اوباما ان البلدين "حليفان لا يمكن ان ينفصلا." وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية إن برلين تفحص التقرير الاحدث وأكد ان مثل هذه الممارسات تقوض التعاون بين ألمانيا والولايات المتحدة في مجال المخابرات. وكررت واشنطن موقفها بانها لم تقم بالتخابر خارجيا ما لم يكن "لغرض محدد ومتحقق منه يتعلق بالامن القومي".
وقال جون كيربي المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية في رسالة بالبريد الالكتروني "ينطبق هذا على المواطنين العاديين وزعماء العالم على حد سواء. ألمانيا صديق وشريك وثيق في عدد من القضايا ونتطلع لمواصلة وتعميق هذه العلاقة المهمة."
فرنسا
من جانب اخر تتواصل فضيحة التنصت الأمريكية على فرنسا، حيث كشفت وثائق لموقع ويكيليكس نشرتها صحيفة "ليبراسيون" وموقع "ميديابارت" الفرنسيين أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية تنصت كذلك على وزراء اقتصاد فرنسيين، بالإضافة إلى ممارستها التجسس الاقتصادي حيث تنصتت على نحو مئة مؤسسة اقتصادية. وقالت الوسيلتان الإعلاميتان أن "عددا من الشخصيات السياسية وكبار الموظفين الفرنسيين تعرضوا للتنصت خلال السنوات الماضية"، مشيرتين إلى المفوض الأوروبي الحالي بيار موسكوفيسي، وزير الاقتصاد من أيار/ مايو 2012 إلى آب/ أغسطس 2014، وفرنسوا باروان، وزير الموازنة ثم الاقتصاد في عهد الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي من آذار/ مارس 2010 إلى أيار/ مايو 2012.
وتضمنت أيضا لائحة الشخصيات الفرنسية التي تعرضت لتنصت وكالة الأمن القومي الأمريكية ثلاثة رؤساء جمهورية، فرنسوا هولاند ونيكولا ساركوزي وجاك شيراك، بحسب ما كشفت الوسيلتان المذكورتان نقلا عن ويكيليكس. وأكد موقع "ميديابارت" أن وكالة الأمن القومي الأمريكية قامت أيضا بـ"عمليات تجسس اقتصادي واسع النطاق في فرنسا"، متسائلا عن عدد من "العقود التجارية التي خسرتها المؤسسات الفرنسية". لكن الموقع لم يتمكن من إقامة "صلة موضوعية" بين التنصت المحتمل وما انتهى إليه أي من العقود "ما دامت الوثائق لم تشر إلى اسم أي شركة". وأشارت ليبراسيون إلى أن وكالة الأمن القومي الأمريكية استهدفت "نحو مئة مؤسسة" اقتصادية.
وحث مؤسس موقع ويكيليكس جوليان اسانج باريس على الرد بعد الكشف عن تنصت اميركي على الرئاسة الفرنسية بينما سعى الرئيس الاميركي باراك اوباما الى التهدئة. وصرح اسانج لقناة "تي اف 1" الفرنسية التلفزيونية ان "سيادة (فرنسا) لا يمكن انتهاكها"، معتبر ان "الوقت حان بالنسبة لفرنسا" لبدء تحقيق نيابي وملاحقات قضائية. الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اعتبر تنصت اجهزة الاستخبارات الاميركية على الرئيس الحالي ورئيسين سابقين "غير مقبول". واشارت الرئاسة الفرنسية الى ان اوباما شدد في اتصال هاتفي مع هولاند على التزامه "بوضوح وضع حد لممارسات الماضي (...) غير المقبولة بين الحلفاء". وفي واشنطن، اعاد وزير الخارجية جون كيري التاكيد على ان الولايات المتحدة "لا تستهدف ولن تستهدف اصدقاء مثل هولاند"، مستعيدا بشكل حرفي ما كان اعلنه البيت الابيض قبل ذلك. واضاف كيري ان "فرنسا شريك لا غنى عنه". في اواخر 2013 تعهد اوباما وقف التنصت على رؤساء دول او حكومات حليفة او صديقة، وذلك بعد كشف معلومات حول حجم التنصت الذي تقوم به وكالة الامن القومي الاميركية.
من جهة اخرى أقر البرلمان الفرنسي قانونا يمنح لأجهزة المخابرات الحكومية مزيدا من حرية العمل في التنصت على الجمهور وسط غضب بشأن تسريبات بأن الولايات المتحدة تجسست على آخر ثلاثة رؤساء فرنسيين. ورغم المعارضة الصاخبة من منظمات الحقوق المدنية سارعت حكومة الرئيس فرانسوا أولوند الى تمرير مشروع قانون في وقت سابق بعد هجمات متشددين اسلاميين قتل فيها 17 شخصا في يناير كانون الثاني.
وهذا القانون الذي وافق عليه النواب في الجمعية الوطنية برفع الايدي يلغي الحاجة لمذكرات قضائية لاستخدام التنصت على الهواتف والكاميرات ومكبرات الصوت المخبأة وأجهزة التجسس الاخرى. وبدلا من الحاجة لموافقة قاض يمكن لمسؤولي الامن الان الامر بالتجسس بعد أخذ رأي هيئة استشارية شكلت في الاونة الاخيرة مخصصة لمثل هذه الموافقات.
وفي حالات استثنائية ستتمكن وكالات المخابرات من استخدام أجهزة تجسس تسجل كل انواع المحادثات الهاتفية والانترنت أو الرسائل النصية في منطقة. ودافعت الحكومة الاشتراكية عن القانون باعتباره حيويا لمواجهة الانشطة الارهابية ونفت انه النسخة الفرنسية من قانون المواطنة الامريكي الذي صدر عشية هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 على الولايات المتحدة. وأقر النواب القانون بينما جاء رد فعل فرنسا غاضبا بسبب تسريبات مجموعة ويكيليكس بأن وكالة الامن القومي الامريكية تجسست على اتصالات أولوند ونيكولا ساركوزي وجاك شيراك.
قواعد جديدة
على صعيد متصل أصدرت المحكمة العليا في الولايات المتحدة قرارا يتضمن تغيير قواعد اختراق أجهزة الكمبيوتر عن بعد، ما يسمح بتفعيل القانون الأمريكي على أجهزة الكمبيوتر في جميع أنحاء العالم. وكان القانون يسمح للقضاة الأمريكيين بإصدار أوامر تفتيش أجهزة الكمبيوتر الموجودة في النطاق الإداري للمحكمة التي يصدر منها الأمر. وقالت وزارة العدل الأمريكية إن هذا التغيير كان ضروريا لتحديث القانون من أجل مواكبة العصر الرقمي.
لكن جماعات حقوقية مهتمة بالحقوق الرقمية قالت إن القرار سوف يؤدي إلى توسع في صلاحيات مكتب التحقيقات الفيدرالي فيما يتعلق باختراق أجهزة الكمبيوتر. وتريد وزارة العدل تمكين القضاة في الولايات المتحدة من إصدار مذكرات تفتيش لأجهزة توفر غطاء قانونيا لعمليات اختراق أجهزة الكمبيوتر في أي مكان في العالم إذا ادعى القضاء الأمريكي أنها تحتوي على معلومات هامة تخص قضية ما.
ويتضمن التفتيش عن بعد محاولة الدخول إلى الكمبيوتر المشتبه في احتوائه على بيانات هامة بالنسبة لقضية ما عبر الإنترنت لاستعراض تلك البيانات. وكانت الوزارة تدفع في اتجاه تغيير القواعد الحاكمة لإصدار أوامر اختراق أجهزة الكمبيوتر عبر الإنترنت للحصول على معلومات تخص قضايا بعينها منذ 2013، مستندة إلى فرضية تشير إلى أنه من الممكن أن ينجح المجرمون في تضليل من يتتبعهم وإخفاء موقع وهوية الجهاز المستهدف من قبل المحكمة على الإنترنت، ما يزيد من صعوبة تحديد جهاز الكمبيوتر محل اهتمام القضاء.
وقال بيتر كارل، المتحدث باسم وزارة العدل الأمريكية إن "المجرمين تتوافر لديهم تكنولوجيا متطورة للغاية لإخفاء هوياتهم الإليكترونية أثناء ارتكاب الجرائم عبر الإنترنت." وأضاف أن "التفتيش عن بعد غالبا ما يكون هو الآلية الوحيدة المتاحة لإنفاذ القانون من أجل التعرف على المجرمين والقبض عليهم." وقالت وزارة العدل إن التعديل واضح تماما فيما يتعلق بعدم المساس بالقواعد التقليدية لعملية التفتيش عن بعد. وأضافت أن التغيير في نطاق مذكرات التفتيش يستهدف إنفاذ القانون، ولن يمنح الجهات الأمنية والمعنية بالقضايا أي صلاحيات جديدة لا يكفلها لها القانون.
رغم ذلك، حذرت جماعات حقوقية، مثل الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، من أن يوسع التعديل في نطاق التفتيش عن بعد صلاحيات مكتب التحقيقات الفيدرالي فيما يتعلق باختراق شبكان الكمبيوتر. وقالت نيما سنيف جولياني، مسؤولة بالاتحاد الأمريكي للحريات المدنية: "لا ينبغي أن يتجاهل مجلس الشيوخ هذا التعديل الكبير الذي صدر القرار به تحت مظلة القواعد الإجرائية." وعارض عملاق تكنولوجيا المعلومات الأمريكي غوغل هذا التعديل في 2015، مرجحا أنه "يشكل تهديدا لحقوق الخصوصية وتمس أمن وسلامة أجهزة الكمبيوتر لدى مستخدمي الإنترنت."
وقال رون وايدين، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية أوريغون، إن التعديل سوف تكون له تبعات خطيرة على خصوصية الأمريكيين، مؤكدا أنه سوف يسعى إلى إعادة القواعد إلى ما كانت عليه فيما يتعلق التفتيش عن بعد لأجهزة الكمبيوتر. " وأضاف في بيان أصدره بهذا الشأن أنه "بموجب القواعد المقترحة، سوف يُسمح للحكومة باختراق ألاف الملايين من أجهزة الكمبيوتر استنادا إلى مذكرة قضائية واحدة للتفتيش عن بعد. وسوف تكون أغلبية الأجهزة التي تخضع لعملية التفتيش مملوكة للضحايا، لا لمرتكبي الجرائم عبر الإنترنت." ولا زال لمجلس الشيوخ الحق في رفض أو تعديل أو التصديق على القواعد الفيدرالية للإجراءات الجنائية، لكن عدم اتخاذ أي إجراء تجاه التعديلات الجديدة من قبل البرلمان حتى الأول من ديسمبر/ كانون الأول، سوف يؤدي إلى تفعيلها.
أداء المخابرات الأمريكية
وثائق أفرجت عنها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه) أن كبار مسؤوليها خاضوا نقاشات مريرة في السنوات التي تلت هجمات 11 سبتمبر أيلول عام 2001 حول ما إذا كان يتعين فعل المزيد لوقف أكبر هجمات إرهابية تعرضت لها الولايات المتحدة في تاريخها. وشملت الوثائق التي كانت مصنفة سرية نسخة أكثر اكتمالا عن تقرير صدر عام 2005 عن المفتش العام للوكالة جون هلجرسون وخلص فيه إلى أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لم تكن تملك استراتيجية شاملة ولم تحشد الموارد الكافية لمكافحة تنظيم القاعدة قبل أن تصدم الطائرات المخطوفة برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى وزارة الدفاع (البنتاجون) في 11 سبتمبر أيلول. وكان ملخص منقح عن هذا التقرير نشر عام 2007.
وتظهر الوثائق التي أفرج عنها تأكيد مدير وكالة المخابرات المركزية جورج تينيت وكبار مساعديه أن المخابرات الأمريكية كانت تركز بشكل خاص على القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن. ولا تسلط أي من الوثائق الضوء بشكل مباشر على كيفية تعامل الرئيس الأمريكي في تلك الفترة جورج بوش الابن والبيت الأبيض مع تهديد القاعدة بعد تسلمه منصبه في يناير كانون الثاني عام 2001.
وقال عدد من المسؤولين السابقين وبينهم قيصر مكافحة الإرهاب في عهد بوش ريتشارد كلارك إن الرئيس السابق لم يمنح تنظيم القاعدة في بادئ الأمر أولوية. وفي رسالة غاضبة إلى المفتش العام للوكالة جون هلجرسون في يونيو حزيران 2005 رفض تينيت مسودة تقريره الحساس. وقال له "إن تقريرك يطعن في مهنيتي واجتهادي ومهارتي في قيادة رجال ونساء وكالة المخابرات في مجال مكافحة الارهاب." بحسب رويترز.
وكتب "فعلت كل ما بوسعي للإبلاغ والتحذير وتحفيز العمل لمنع الضرر. إن تقريرك لا يعكس أعمالي أو حتى عمل نساء ورجال أجهزة المخابرات بشكل عادل أو دقيق." وكان تينيت قال سابقا إنه وضع خطة لتعقب القاعدة عام 1999 وعمل على زيادة تمويل المخابرات الأمريكية الذي خفض خلال التسعينيات من القرن الماضي. وقال تينيت "عندما أعلن عن الملخص التنفيذي قبل ثماني سنوات قلت حينها إن تقرير المفتش العام خاطئ تماما. ولا شيء في المواد الإضافية التي تم الافراج عنها يغير ذلك التقييم بالحد الأدنى." وشملت الوثائق التي ضغط مسؤولو المخابرات المركزية الأمريكية من أجل الافراج عنها مذكرة من 17 مسؤولا كبيرا في مجال مكافحة الإرهاب في الوكالة يناهضون تقرير هلجرسون.
اضف تعليق