تسبب مقتل طالب الدراسات العليا الإيطالي جوليو ريجيني (28 عاما)، والذي عثر على جثة ريجيني قرب القاهرة في فبراير/ شباط الماضي وكان بها آثار تعذيب، في وصول العلاقات المصرية الإيطالية إلى أسوأ حالاتها، حيث تعددت الرويات التي تحدث بها المحققون المصريون عن ملابسات مقتل ريجيني المحتملة، وكان جهاز الامن المصري قد صرح بداية أن سبب موت الطالب الايطالي هو حادث سير ومن ثم وردت تقارير متضاربة عن احتمال موته خلال حفل ماجن. وهو ما اثار الكثير من علامات الاستفام من قبل الجانب الايطالي بخصوص هذه القضية التي أثارت توتر دبلوماسي بين ايطاليا ومصر، وتشتبه الصحف الإيطالية والأوساط الدبلوماسية الغربية في مصر بحسب بعض المصادر، بأن يكون عناصر في أجهزة الأمن قد خطفوا الطالب وعذبوه حتى الموت، الأمر الذي تنفيه الحكومة المصرية بقوة.
وأظهر تشريح جثة ريجيني آثار حروق وكسور وتعرضه للضرب المتكرر وللصعق الكهربائي في أعضائه التناسلية، وكانت جثته مشوهة جداً لدرجة أن والدته وجدت صعوبة في التعرف عليه، وأدى مقتل الطالب إلى توتير العلاقات بين روما والقاهرة وقد حذرت إيطاليا مصر مراراً من أن هذه القضية من شأنها التأثير على الصداقة بين البلدين. وقد أكد رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، أن بلاده "لن تقبل إلا بالحقيقة"، قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، وذلك بعدما أعلنت وزارة الداخلية المصرية، في بيان أن الشرطة عثرت على حقيبة بها متعلقات ريجيني بعد القضاء على عصابة إجرامية "متخصصة في انتحال صفة ضباط شرطة واختطاف الأجانب وسرقتهم بالإكراه". وأضاف: "الحقيقة لن تساعد في عودة ريجيني إلى الحياة ولكننا ندين بذلك لعائلته ولنا جميعا ولكرامتنا".
وأثار بيان وزارة الداخلية المصرية عاصفة انتقادات ساخرة من إعلاميين ونشطاء مصريين للرواية التي قدمتها الوزارة، فيما علق رئيس الوزراء الإيطالي السابق إنريكو ليتا عبر حسابه على "تويتر" بقوله: "عفوا.. لا أصدق ذلك". وإصدار البرلمان الأوروبي قرار يدين ما وصفه بـ"تعذيب جوليو ريجيني واغتياله في ظروف غامضة"، معتبرا أن "حادث مقتله ليس الوحيد إذ يأتي في سياق ظاهرة متكررة تشمل حوادث تعذيب واعتقال وقتل في مصر خلال السنوات الأخيرة"
صحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية تنشر تفاصيل جديدة حول هذه القضية وهو ما قد يسهم بتعقيد الامور حيث نشرت الصحيفة، رسالة قالت إنها حصلت عليها من شخص يزعم أنه يعمل في المخابرات المصرية ومفادها يوضح تورط الأمن المصري في تعذيب وقتل جوليو ريجيني، وتشيرإلى أن ريجيني خضع للتحقيق لمعرفة شبكة اتصالاته مع قادة نقابات العمال المصريين، حيث كان الشاب يعد رسالة دكتوراه حول هذا الموضوع. وكالة اﻷنباء اﻹيطالية ANSA من جهتها اشارت أن رسائل البريد اﻹلكتروني التي نشرتها لا ريبوبليكا هي مجهولة المصدر،ولا علاقة لها بالتحقيق الذي تجريه السلطات اﻹيطالية اﻵن.
استدعاء السفير
في هذا الشأن غادر السفير الايطالي في مصر موريتسيو ماساري القاهرة تنفيذا لقرار استدعائه للتشاور الذي اتخذته حكومته اثر خلافات بين السلطات القضائية في البلدين حول التحقيقات في قضية تعذيب وقتل طالب الدكتوراه الايطالي جيوليو ريجيني. واكد مسؤولان في مطار القاهرة وفي السفارة الايطالية ان "السفير غادر الى روما". وكان رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي اعلن في تغريدة على تويتر ان بلاده قررت "استدعاء سفيرها في مصر للتشاور".
وقد صدر القرار في اعقاب يومين من المحادثات في روما بين محققين مصريين وايطاليين فشلت في تخفيف التوتر بين البلدين رغم العلاقات القوية التي تربطهما على الصعيدين السياسي والاقتصادي. فروما ظلت من ابرز مؤيدي مصر عقب اطاحة الرئيس الاسلامي محمد مرسي في العام 2013 كما انها من اهم شركاء مصر التجاريين في اوروبا. واكد وزير الخارجية الايطالي باولو جنتيلوني كذلك على تويتر "نريد امرا واحدا هو الحقيقة بشأن جوليو ريجيني"، بعد ماساة هذا الطالب البالغ 28 عاما الذي عثر على جثته في 3 شباط/فبراير وقد بدت عليها اثار تعذيب.
وافاد بيان صادر عن النائب العام في روما المسؤول عن القضية أن المصريين سلموا سجلات هاتف اثنين من اصدقاء الطالب الايطاليين كانا في القاهرة اثناء اختفائه، وكذلك صورا التقطت يوم العثور على جثته. وأعلنت وزارة الخارجية الإيطالية، أن وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتلوني أمر باستدعاء السفير ماوريزيو ماساري من القاهرة إلى روما للتشاور، وأضافت أن القرار يأتي "بعد التطورات في تحقيقات قضية ريجيني، وخاصة الاجتماعات التي عقدت، ، في روما بين فرق التحقيق المصرية والإيطالية.
وأشار البيان الذي نشرته الوزارة على موقعها إلى أنه "بناء على هذه التطورات، فإن هناك حاجة إلى تقييم عاجل للتصرف الأنسب من أجل التأكد من الحقيقة في عملية قتل جوليو ريجيني البربرية". وكانت وزارة الداخلية المصرية أعلنت، في 24 مارس/ آذار الماضي، العثور على حقيبة بها متعلقات ريجيني، وبينها قطعة داكنة تشبه مخدر الحشيش ومتعلقات نسائية، بعد أن تمكنت من قتل عصابة إجرامية مكونة من 4 أشخاص، وقالت إن العصابة "متخصصة في انتحال صفة ضباط شرطة واختطاف الأجانب وسرقتهم بالإكراه". وأثار بيان الداخلية المصرية انتقادات من مسؤولين إيطاليين وموجة تعليقات ساخرة من نشطاء وإعلاميين مصريين.
المكالمات الهاتفية
على صعيد متصل قال النائب العام المصري المساعد مصطفى سليمان، إن خلافا نشب مع إيطاليا بشأن التحقيق في قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني بسبب رفض مصر تسليم سجلات الاتصالات الهاتفية في الأماكن التي وجد فيها. وأضاف في مؤتمر صحفي أن تسليم تلك السجلات يخالف الدستور والقانون المصري ويمثل جريمة بحق من يقوم بفعله، وأعلن مصطفى سليمان النائب العام المساعد المصري، أن إيطاليا طلبت سجلا بمكالمات هاتفية لمئات آلاف المصريين في إطار التحقيقات في قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة، معتبرا أن الطلب "غير قانوني ويتعارض مع الدستور" المصري. وقال النائب العام المساعد في مؤتمر صحافي في القاهرة إن الطلب الإيطالي جاء خلال لقاء وفد مصري محققين إيطاليين قبل أيام، أعقبه استدعاء السفير الإيطالي لدى القاهرة لإجراء مشاورات في روما احتجاجا على عدم إحراز تقدم في التحقيق.
وكان وفد قضائي مصري قد عرض في روما آخر مستجدات التحقيق في مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، في زيارة وصفتها الحكومة الإيطالية بـ"الحاسمة"، مهددة بـ"إجراءات فورية ومتناسبة" ضد مصر. وحسب وسائل الإعلام، فإن المسؤولين الإيطاليين قدموا نتائج تشريح جثة الطالب ريجيني في روما وفحص حاسوبه، في حين قدم الوفد المصري تطورات التحقيق منذ زيارة بينياتوني منتصف آذار/مارس إلى القاهرة. وقررت إيطاليا استدعاء سفيرها لدى مصر لإجراء مشاورات احتجاجا على عدم تقدم التحقيق من الجانب المصري.
وكان ريجيني (28 عاما) طالب دكتوراه في جامعة كامبريدج البريطانية، يعد في مصر أطروحة حول الحركات العمالية عندما اختفى في وسط القاهرة في 25 كانون الثاني/يناير، ليعثر على جثته بعد تسعة أيام وعليها آثار تعذيب فظيع. وتطالب إيطاليا بحزم منذ ذلك الحين بكشف المذنبين ومعاقبتهم، رافضة جميع الروايات التي قدمها المحققون المصريون، وأوضح سليمان أن الجانب الإيطالي طلب أن "يوافيه الجانب المصري بسجل المكالمات الخاصة بجميع المشتركين في أماكن ثلاثة، مكان مسكن المجني عليه، ومكان اختفائه عند مترو الدقي، ومكان العثور على الجثة". وتابع أن الجانب الإيطالي "يريد سجلا كاملا ببضعة آلاف (من المكالمات) تصل إلى مليون (على أن) نوافيه بها ويقوم هو بإجراء التحليل"، لافتا إلى أن الأمر جرى "رفضه بشكل قاطع".
وقال سليمان "الجانب المصري رفض هذا الأمر ليس من قبيل التعنت ولا الإخفاء لكن إعمالا بالدستور المصري والقانون المصري (...) لأن هذا المطلب يتعارض ويتنافى ويخالف الدستور ويشكل جريمة في حق من يفعلها". وأشار إلى أن "هذا الإجراء تقوم به النيابة العامة المصرية بذاتها وسنوافيكم بالنتائج عند انتهائها". وأوضح أن الجانب الإيطالي أبلغ الجانب المصري أن "استمرار التعاون القضائي وإصدار بيان مشترك مرهون بهذا الطلب"، مكررا أن الوفد المصري أكد "رفضه القاطع لهذا الإملاء ولهذا الشرط".
إلى ذلك، أورد سليمان أن تسجيلات كاميرات المراقبة في مكان اختفاء ريجيني مسحت بشكل تلقائي "لأسباب تقنية"، موضحا أنه تم شراء برنامج ألماني "باهظ التكاليف يستطيع استرجاع (تسجيلات الكاميرات) ونتائجه تصل إلى 50%". وجددت النيابة العامة الإيطالية في بيان "قناعتها بعدم وجود أدلة مباشرة حول علاقة العصابة بتعذيب ريجيني وقتله". بحسب فرانس برس.
وتشتبه الصحف الإيطالية بأن يكون عناصر في أجهزة الأمن قد خطفوا الطالب وعذبوه حتى الموت، الأمر الذي تنفيه الحكومة المصرية بشدة. وحذر رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي من أن بلاده "لن ترضى بقصة مؤاتية" للسلطات المصرية. وأتى تصريح رينزي بعد أن كان وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني حذر أمام مجلس الشيوخ من أن روما لن تقبل بغير الحقيقة.
تدخل أوروبي
في السياق ذاته وكما نقلت بعض المصادر، طالبت رئيسة البرلمان الإيطالي، لاورا بولدريني، بتدخل أوروبي للكشف عن ملابسات مقتل الباحث الإيطالي، جوليو ريجيني، ونقل التلفزيون الرسمي عن بولدريني قولها: لقد تم قتل جوليو ريجيني، وحملت جثته علامات تعذيب واضحة. أعتقد أن حقوق المواطنة الأوروبية يجب أن تمارس حتى في هذه الحالة، أي عندما يتم التعامل مع مواطن أوروبي بهذا النحو. على أوروبا الدفاع عن ضرورة الكشف عن الحقيقة في مثل هذه القضية.
كما توجه وفد برلماني مصري رفيع المستوى، برئاسة الدكتور أحمد سعيد نائب رئيس ائتلاف دعم مصر إلى فرنسا في زيارة للبرلمان الأوروبي يلتقى خلالها مع عدد من قادته وأعضائه. ومن المقرر ان يرد الوفد، الذي يضم 13 عضوا في مجلس النواب، على تقرير البرلمان الأوروبي والاتهامات الموجهة ضد مصر خاصة في ما يتعلق بحقوق الإنسان وقضية مقتل ريجيني.
وكان البرلمان الأوروبي أدان الشهر الماضي بشدة ما وصفه بالتعذيب والاغتيال تحت ظروف مريبة للباحث الإيطالي، مطالبا بوقف المساعدات لمصر. وقال البرلمان، عقب جلسة طارئة في مقره بستراسبورغ في فرنسا، إن جثة ريجيني «وضحت عليها علامات الضرب الشديد والعنف غير المقبول».
من جانب اخر أكدت النائبة أمال رزق الله، عضو مجلس النواب، أن إيطاليا لن تتجه إلى قطع العلاقات مع مصر بعد واقعة مقتل الطالب الإيطالى جوليو ريجنى، موضحة أن الدبلوماسية المصرية قادرة على أن تجعل إيطاليا تعيد النظر فى قراراتها. وأضافت رزق الله، أن تعاون وتكامل القوى العربية سيجعل جميع دول العالم تعيد النظر فى علاقاتها بدول المنطقة، وعلى رأسها مصر، مضيفة أن روما تعلم أنها ستخسر كثيرا حال قطعت علاقاتها بالقاهرة.
الوضع الحقوقي في مصر
الى جانب ذلك تسبب مقتل الطالب الايطالي وبحسب شبكة كون الإخبارية، في توجه أنظار الدول الغربية نحو الوضع الحقوقي في مصر متخذه عدة خطوات ضد مصر أبرزها عقد منظمة الأمم المتحدة جلسة عاصفة في جنيف موصية بتشكيل لجنة تقصى حقائق دولية، للإطلاع على حقيقة الأوضاع فى السجون المصرية التي تري انها تخالف لوائح السجون الدولية وأعربت عدة الدول، أبرزها هولندا وألمانيا والولايات المتحدة عن قلقها إزاء انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر وأكد البرلمان الاوربي أن مقتل ” ريجيني” ضمن حلقة في سلسلة من حالات الاختفاء القسري التي تعرض لها عشرات المعارضين السياسيين في مصر، بالإضافة الي زيادة حالات التعذيب والقتل داخل مراكز الاحتجاز المصرية مشيرا الي القلق لدى الأجانب، من زيارة مصر فيما أعرب وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، عن قلقه إزاء ما وصفه بتدهور وضع حقوق الإنسان في مصر.
كما أصدرت وزارتا الخارجية البريطانية والألمانية بيانين مشيرتين الى قلة ثقة المجتمع الدولى بالتحول السياسى فى مصر مؤكدة أن خطوات الحكومة المصرية تتم بمخالفة للدستور ومن جانبها أكدت الحكومة المصرية أن مصر ترفض التدخل فى شؤونها مشيرة إلى أنه بإمكانها انتقاد العديد من الدول الشركاء لتجاوزاتها فى مجال حقوق الإنسان، لكنها لن تفعل هذا الأمر إلا من خلال القنوات المناسبة، بدوره ،رفض المحامي الحقوقي ، نجيب جبرائيل، التدخل الغربي في الشأن المصري معتبرا ذلك تدخل في السيادة المصرية مؤكدا عدم سماح المجلس القومي لحقوق الانسان اي تدخل دولي في مصر وأضاف أن تلك الأحداث لعدة أسباب أبرزها أن مصر مستهدفة من التنظيم الدولي للإخوان فضلا عن كونها محل استهداف من الدول الاخري وأبرزها أمريكا التي تسعي الي تشويه صورة مصر في المجتمع الدولي سعيا الي تنفيذ مخطط تقسيم الشرق الأوسط.
اضف تعليق