q

يتساءل المراقبون والمحللون في الشأن الايراني عما الذي يمكن توقعه في الانتخابات الإيرانية القادمة؟، حيث تكتسب الانتخابات هذه المرة أهمية كبرى إذ من الممكن أن تحدد مصير البلد في الفترة القادمة. فللمرة الأولى بعد الصفقة النووية مع الغرب ينتخب الإيرانيون برلمانا جديدا (مجلس الشورى)، ومجلسا لخبراء القيادة.

تكهن بعض المحللين في الاجابة على السؤال اعلاه، ورأى هؤلاء المحللون ان هذه الانتخابات ستكون بمثابة تصويت على الثقة في الحكومة روحاني المعتدلة، التي كانت مسؤولة عن تأمين الاتفاق النووي على الرغم من معارضة المتشددين في الداخل. كما أن نتائج الانتخابات سيكون لها عواقب كبيرة لروحاني في السنتين المتبقيتين من رئاسته، وسوف تؤثر على فرص إعادة انتخابه في عام 2017. ويمكن أيضًا أن تغيّر المشهد السياسي في إيران للجيل القادم. روحاني نفسه مرشح لمجلس الخبراء ويعتقد بعض الناس أنه لديه طموحات كبيرة للمستقبل. ويحتل المرتبة الثانية في قائمة المرشحين المدعومين الإصلاحيين، خلف رفسنجاني.

فيما يرى محللون آخرون ان الأمل في التغيير يتقلص لكنه لم يتلاش بين مؤيدي المعارضة الرئيسية المطالبة بالإصلاح في إيران رغم أن أبرز زعمائها ما زالا رهن الإقامة الجبرية بالمنزل ورغم أن الرئيس البراجماتي حسن روحاني يبدو غير قادر على تكوين ذلك المجتمع الأكثر حرية الذي وعد به. ويؤكد النشطاء الإيرانيون في الخارج أن "الحركة الخضراء" ما زالت قوة لم تتبدد وأن الصراع ما زال مستمرا في إيران وإن كان من خلال صناديق الاقتراع وليس الاحتجاج الحاشد الذي أثار حملة شرسة من جانب الدولة.

والأجواء داخل إيران أكثر توترا قبيل الانتخابات وتقرر استبعاد عدد لا بأس به من المرشحين الإصلاحيين مما زاد من تقويض فرص التغيير السياسي والاجتماعي على النحو الذي يحقق مطامح الإيرانيين في حياة اقتصادية أفضل بعد أن أنجز روحاني وعدا انتخابيا آخر.. ألا وهو إنهاء العقوبات الدولية على البلاد بموجب اتفاق نووي مع القوى العظمى.

كانت إعادة انتخاب الرئيس المتشدد محمود أحمدي نجاد في عام 2009 بعد انتخابات مختلف على نتائجها قد أغرق إيران في أكبر أزمة داخلية منذ الثورة الإسلامية عام 1979. وأثارت النتائج احتجاجات حاشدة على مدى شهور ما لبثت أن سحقتها أجهزة أمن الدولة وفي مقدمتها الحرس الثوري الإيراني وميليشيا الباسيج التابعة له. عارف (28 عاما) الذي طردته الجامعة لدعمه الحركة الخضراء وقتها نموذج لزوال حلم العمل الجماعي بين الإيرانيين الذين يتعلقون بأمل التغيير.

أما في مجال السياسة الخارجية، فهناك مثل توسيع النفوذ الإيراني في الخارج ودعم بشار الأسد، فهناك إجماع من نوع ما بين الطرفين. ولهذا السبب فلن تؤدي الانتخابات إلى توجه جديد في علاقات إيران الخارجية.

فيما قلل كثيرون في إيران والغرب من أهمية الانتخابات الإيرانية، كون اللاعبين السياسيين في إيران أقسموا بالولاء لخامنئي وللنظام السياسي المبهم في البلاد، والذي يخوّل كبار رجال الدين الشيعيين سلطة مطلقة وغير محدودة، ولكن داخل دوائر النخبة في السلطة، يتصارع الإصلاحيون، المعتدلون، المحافظون البراغماتيون، والمتشددون، على السلطة منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979، وفي خضم ذلك، كان للانتخابات في كثير من الأحيان نتائج مهمة، عملت على تحويل وتغيير المقاربات والسياسات المحلية والدولية داخل البلاد.

وفيما يأمل التيار الإصلاحي في الفوز من أجل دعم الرئيس المعتدل حسن روحاني، يسعى التيار المحافظ والمتشدد للحيلولة دون تمتع روحاني ومؤيديه بثمرات هذا الاتفاق، فكيف ستؤثر الانتخابات على توازنات القوى في البلاد؟، وإلى أي مدى سيحدد هذا الاستحقاق الانتخابي مستقبل سياسة البلاد داخليا وخارجيا؟.

مرت سنوات لم يكن فيها لمجلس الخبراء الإيراني المكون في غالبيته من رجال الدين كبار السن شأن يذكر. وتكمن المهمة الأساسية للمجلس في اختيار الزعيم الأعلى لكن هذا المنصب ظل مشغولا منذ عام 1989. أما هذه المرة فالوضع مختلف. ففي ضوء اعتلال صحة الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي (76 عاما) من المرجح أن يختار المجلس الذي سيتم انتخابه يوم 26 فبراير شباط الجاري لفترة ثماني سنوات خليفته ليرسم بذلك مسار البلاد لسنوات عديدة مقبلة. والزعيم الأعلى هو صاحب أرفع سلطة عسكرية وقضائية في البلاد وله سلطات واسعة في الإشراف على مؤسسات الحكم الأخرى. بل إن رئيس الدولة الذي يختاره الشعب في انتخابات مباشرة له سلطات أقل.

وعلى مدى عشرات السنين عمل خامنئي منذ خلف مؤسس الجمهورية الاسلامية آية الله روح الله الخميني على ضمان بقاء طهران معادية للولايات المتحدة في الخارج ولم يقبل على إجراء إصلاحات ثقافية في الداخل. ومن المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية في اليوم نفسه لكن نتيجة انتخابات مجلس الخبراء هي التي يرجح أن يكون لها أثر أكبر في المدى الطويل. ومن حيث الأعداد يثق المتشددون ثقة شبه تامة أن اليد العليا ستكون لهم. فقد قام مجلس صيانة الدستور الذي يسيطر عليه المتشددون ويتولى فحص أهلية المرشحين بشطب 476 مرشحا يعتقد أن كثيرين منهم من المعتدلين فلم يبق إلا 161 مرشحا يتنافسون على 88 مقعدا.

ومن بين المرشحين المستبعدين حسن الخميني حفيد الإمام الخميني وهو من الشخصيات الاصلاحية المحبوبة. وقد شكك المجلس في مؤهلاته الدينية. لكن قائمة المسموح لهم بخوض الانتخابات تشمل معتدلين بارزين أيضا ففيها أولا وقبل كل شيء الرئيس الايراني حسن روحاني نفسه الذي يتمتع بشعبية جارفة بعد أن ساهم في إبرام اتفاق نووي مع القوى العالمية في العام الماضي.

وتضم القائمة أيضا واحدا من أبرز من سبقوه في هذا المنصب وأكثرهم نفوذا هو علي أكبر هاشمي رفسنجاني وهو عضو في المجلس الحالي ويخوض حملة دعاية للاحتفاظ بمقعده. وقبل أيام نشر روحاني أسماء 16 مرشحا من بينهم رفسنجاني يمثلون كتلة تطلق على نفسها اسم "أصدقاء الاعتدال". وشعار حملتهم هو "الاعتدال هو الإسلام". وفي مجلس الخبراء نفسه من المرجح أن يقود كتلة الأغلبية المحافظة متشددون من رجال الدين أمثال محمد تقي مصباح يزدي وأحمد جنتي ومحمد يزدي.

ومع ذلك فمن الممكن أن تلعب الأقلية المعتدلة دورا مهما في اختيار الزعيم الأعلى القادم. فعندما اختير خامنئي في عام 1989 بعد وفاة الخميني لم يتخذ القرار إلا في أعقاب اتفاقات سرية محكمة تتجاوز بكثير مجرد حصر عدد الأصوات في المجلس. وثارت مناقشات حول تشكيل مجلس قيادة قبل ان يطالب عدد محدود من كبار رجال الدين كان أحدهم رفسنجاني بتعيين خامنئي. وفي ذلك الوقت لم يكن خامنئي يحمل المرتبة الدينية المناسبة لهذا المنصب ولذلك تم تعديل الدستور للسماح له بتوليه. وربما تتم اتفاقات مماثلة في عملية اختيار خليفة خامنئي. وفي ديسمبر كانون الأول الماضي خرج رفسنجاني على العرف وأشار إلى تشكيل مجموعة في مجلس الخبراء للنظر في المرشحين المحتملين لخلافة خامنئي.

وشكا ساسة معتدلون وغيرهم من قرارات الاستبعاد التي اتخذها مجلس صيانة الدستور وقالوا إن المجلس يهييء الساحة لصالح المتشددين. وانتقد رفسنجاني علنا شطب حسن الخميني. كما وقع 296 من أساتذة الجامعات في مختلف أنحاء البلاد رسالة احتجاج بعثوا بها إلى روحاني بسبب استبعاد الكثيرين من انتخابات البرلمان ومجلس الخبراء. ويقول متشددون إن الشكاوى لا أساس لها وتنبع من إدراك المعتدلين أنهم لن يفوزوا بأغلبية المقاعد في المجلس. وفي رسالة بالبريد الإلكتروني قال أمير محبيان خبير الاستراتيجية السياسية والمحلل السياسي المحافظ في طهران والذي عمل مستشارا لكبار الساسة الإيرانيين مشيرا إلى كبار المرشحين المحافظين "الاصلاحيون يركزون على استبعاد مصباح يزدي وجنتي ويزدي من الانتخابات أكثر من تركيزهم على الفوز بالاغلبية." بحسب رويترز.

من ناحية أخرى قال سانام وكيل الباحث في تشاتام هاوس الذي تتركز أبحاثه على الشؤون الايرانية "المتشددون قلقون للغاية بشأن الخلافة واتجاه البلاد مستقبلا. وهدف المتشددين هو منع أي تحرر اجتماعي أو سياسي داخل الدولة." وخلف قرار مجلس الخبراء ستقف جماعات أخرى تتطلع للتأثير في القرار وعلى رأسها يأتي الحرس الثوري الذي اكتسب نفوذا عسكريا وسياسيا واقتصاديا في عهد خامنئي وسيسعى لضمان ألا يمثل له خليفته أي تهديد. وستكشف التطورات عما إذا كان بوسع المعتدلين التفاوض مع أغلبية متشددة داخل المجلس أو ما إذا كان المحافظون سيعززون دعمهم لمرشحهم.

خامنئي يدعو لانتخاب برلمان يقف في وجه الغرب

قال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي إنه واثق من أن الانتخابات التشريعية المقررة ستسفر عن برلمان مستعد للوقوف في وجه تدخل القوى الأجنبية ومن بينها الولايات المتحدة. ونقل موقع خامنئي الإلكتروني قوله "ستصوت الأمة من أجل برلمان يضع كرامة إيران واستقلالها أولا ويقف في مواجهة القوى الأجنبية التي محونا نفوذها على إيران". وكان رجال الدين في إيران قد حثوا خلال خطبة الجمعة الناخبين الإيرانيين على التصويت لصالح المعادين للولايات المتحدة. واتهم رجال الدين وسائل الإعلام الغربية بمحاولة التأثير على الإيرانيين ليصوتوا ضد مؤيدي الثورة الإسلامية التي أطاحت شاه إيران في العام 1979.

ووجهت هذه الدعوات في الحملة الانتخابية لمجلس الشورى ومجلس الخبراء المكلف خصوصا تعيين المرشد الأعلى الذي يتولاه آية الله علي حامنئي. وستكون هذه الانتخابات هي الأولى في إيران منذ التوقيع في تموز/يوليو 2015 على الاتفاق النووي مع الدول الكبرى ما أتاح إنهاء عزلة إيران وعودتها إلى الساحة الدولية مع رفع العقوبات المالية الغربية التي كانت تخنق اقتصادها في كانون الثاني/يناير. بحسب رويترز.

وعزز الاتفاق شعبية الرئيس حسن روحاني الذي انتخب في 2013 لأربع سنوات يمكنه أن يترشح مجددا في نهايتها. ودعي حوالى 55 مليون ناخب للاختيار بين اكثر من ستة الاف مرشح بينهم 586 امرأة، اعضاء مجلس الشورى ال290، ومن بين 161 مرشحا، اعضاء مجلس الخبراء ال88. ويضم مجلس الخبراء رجال دين مكلفين خصوصا تعيين المرشد الاعلى للجمهورية. ويهيمن المحافظون على المجلسين. وقاطع الاصلاحيون بشكل كبير الانتخابات التشريعية السابقة في العام 2012 احتجاجا على اعادة انتخاب الرئيس المحافظ المتشدد محمود احمدي نجاد في العام 2009، معتبرين ان العملية شابها تزوير.

وندد الزعيمان الاصلاحيان مير حسين موسوي ومهدي كروبي آنذاك باعادة انتخاب احمدي نجاد التي تلتها تظاهرات كبرى قمعتها قوات الامن بالقوة. ووضع الزعيمان قيد الاقامة الجبرية منذ 2011. ويشارك الاصلاحيون هذه السنة في المعركة في كل انحاء البلاد. ومن اجل تعزيز فرصهم، قدموا لوائح مشتركة مع المعتدلين - الذين قد يكونون محافظين- في عمليتي الاقتراع. ويراهن روحاني على اجازة الكبير لكي يقلب موازين القوى لصالح الاصلاحيين والمعتدلين وخصوصا في مجلس الشورى. ومن شان ذلك ان يساعده، خصوصا مع الاستثمارات الاجنبية المنتطرة في البلاد، على ارساء سياسة اصلاحات اقتصادية واجتماعية قبل انتهاء ولايته الاولى في العام 2017. والتوقعات كبيرة جدا في صفوف الطبقات الشعبية التي لديها قدرات شرائية ضعيفة وتسجل اعلى معدلات البطالة.

وتقول فاطمة حجتي، ربة المنزل البالغة من العمر 40 عاما، في احد احياء جنوب طهران الفقيرة "ارتفعت الاسعار كثيرا وتراجعت الوظائف". واضافت "اطلب من النواب خلق وظائف للشباب العاطلين عن العمل الذين ازداد عددهم عن السابق. واصبح الكثير من الشبان بائعين جوالين، وهذا صعب بالنسبة اليهم. هذا امر معيب!". ويبلغ معدل البطالة حوالى 10% في ايران، لكنه يطال 25% من الشباب الذين يشكلون غالبية في هذا البلد الذي يعد 79 مليون نسمة.

وسمح المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي بابرام الاتفاق النووي، لكنه يبقى شديد الارتياب حيال القوى الغربية وفي مقدمها الولايات المتحدة، ويحذر على الدوام من "تسللها" السياسي والاقتصادي والثقافي الى ايران. ودعا المحافظون وقادتهم الى التصويت للمرشحين المؤيدين لشعار "الموت لامريكا" الذي ردده مجددا مئات المؤيدين للمحافظين خلال تجمع انتخابي للمرشح غلام علي حداد عادل في احد مساجد طهران. وقال حداد عادل "دعمنا المفاوضات النووية، لكننا لا نثق بالولايات المتحدة التي فرضت عقوبات جديدة ودفعت في اتجاه خفض اسعار النفط لكي لا تحقق ايران مدخولا ماليا".

خاتمي ورفسنجاني يدعوان الى التصويت للاصلاحيين

دعا الرئيسان الايرانيان السابقان الاصلاحي محمد خاتمي والمعتدل اكبر هاشمي رفسنجاني الناخبين الى التصويت بكثافة لصالح المرشحين الاصلاحيين "وقطع الطريق على المتشددين". واكد خاتمي في رسالة فيديو نشرها على موقعه "بعد الخطوة الاولى والنجاح في انتخابات 2013 الرئاسية (فوز الرئيس المعتدل حسن روحاني) يتخذ التحالف خطوته الثانية للانتخابات التشريعية".

واضاف "مع التحالف الذي يستحق التحية، وبين الاصلاحيين والقوى الاخرى الداعمة للحكومة، تم تقديم لائحتين، واحدة للبرلمان واخرى لمجلس الخبراء. اقترح تسميتهما لائحتا الامل"، داعيا الناخبين الى التصويت لجميع المرشحين على اللائحتين. ولا يجوز لوسائل الاعلام الايرانية نقل تصريحات خاتمي او نشر صورته، بعد اتهامه قضائيا بدعم حركة الاحتجاجات في 2009 بعد اعادة انتخاب مثيرة للجدل للرئيس المحافظ السابق محمود احمدي نجاد. من جهة اخرى دعا الرئيس السابق رفسنجاني في رسالة منفصلة الناخبين للتصويت للائحتي تحالف الاصلاحيين والمعتدلين من اجل "قطع الطريق على المتشددين". بحسب فرانس برس.

وترشح رفسنجاني وروحاني لعضوية مجلس الخبراء سعيا الى ابعاد الشخصيات الاكثر محافظة فيه، ومنها رئيسه اية الله محمد يزدي. وفي 2013 القى الرئيسان السابقان بثقلهما كاملا تاييدا لروحاني. وتمكنا من دفع المرشح الاصلاحي انذاك محمد رضا عارف الى الانسحاب توخيا لوحدة صف الاصلاحيين والمعتدلين. على صعيد اخر دعا حفيد مؤسس الجمهورية الاسلامية حسن خميني الناخبين الى التصويت بكثافة، علما ان ترشيحه الى مجلس الخبراء رفض. وقال يجب عدم مقاطعة الانتخابات "باي عذر". واضاف ان "كل الذين لديهم اعتراضات وشكاوى يمكنهم الاحتجاج لاحقا، لكن هذا الاسبوع ينبغي اختيار الاكثر كفاءة".

الإصلاحيون في إيران يلجأون للانترنت في حملات دعاية

ربما لا تشهد الشوارع الإيرانية الحشود الكبيرة والسلاسل البشرية التي شهدتها خلال الانتخابات المتنازع على نتيجتها في 2009 قبل الانتخابات المقرر لكن النشطاء الذين فجروا هذه الاحتجاجات يبقون شعلتها متقدة على الانترنت. وبعد المظاهرات المستمرة في 2009 منعت المؤسسة الحاكمة المحافظة المرشحين الإصلاحيين والتجمعات غير المرخصة واعتقلت الكثير من النشطاء بتهمة التحريض. والآن يسعى الإصلاحيون لنشر أخبار المرشحين المعتدلين ولجأوا لمنصات إلكترونية مثل تطبيق الرسائل النصية تلجرام.

وقال محمد رضا جلائي بور وهو ناشط سياسي أمضى خمسة أشهر في الحبس الانفرادي لإدارة حملة دعائية تدعم مرشحا إصلاحيا في 2009 "قطعا لن يسمح لنا بالتواجد في الشارع بهذا الشكل مرة أخرى." ويعمل جلائي بور الآن باحثا في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفارد ويدير حملة على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيق تلجرام تتضمن السلاسل الالكترونية الخضراء في إشارة إلى السلاسل البشرية لنشطاء يرتدون عصابات رأس خضراء بطول 20 كيلومترا في شارع ولي عصر في طهران.

ورغم أن النشطاء تواصلوا عبر مجموعات سرية على فيسبوك قبل الانتخابات الرئاسية في 2013 والتي ساهمت أصوات الإصلاحيين فيها في فوز ساحق لحسن روحاني فإنهم لا يستطيعون تكرار انتشارهم خارج الانترنت كما حدث في 2009. وقال جلائي بور إن تطبيق تلجرام الذي يقدر عدد مستخدميه في إيران بنحو 20 مليونا أو ربع عدد السكان "غير المشهد بالكامل". وقال "شوهدت رسالة الفيديو التي وجهها الرئيس الأسبق (محمد) خاتمي دعما لائتلاف من المعتدلين والإصلاحيين أكثر من ثلاثة ملايين مرة على تلجرام في يوم واحد. وشوهد ملصق نشرناه على تلجرام من مليون شخص خلال 12 ساعة فحسب. كيف يمكن لنا أن نطبع ونوزع هذا الكم من الملصقات؟"

وجلائي بور (33 عاما) على قناعة بأن الحملات الدعائية على مواقع التواصل الاجتماعي ليست قليلة التكلفة فحسب لكنها أكثر فعالية رغم أنه أضاف بأنها ليست بديلا عن الحملات الدعائية وجها لوجه. وأسس إيرانيون آلاف المجموعات على تلجرام تقوم بشكل مستمر بإعادة نشر مواد من مجموعة لأخرى وهو أمر نادر الحدوث في مواقع مثل فيسبوك حيث يميل الناس للإعجاب بالتدوينات وليس إعادة نشرها. بحسب رويترز.

وأصبح تطبيق تلجرام ومقره برلين - والذي دشنه مؤسس موقع (في كونتاكت) وهو أشهر موقع تواصل اجتماعي في روسيا عام 2013 - يتمتع بشعبية بين النشطاء والإيرانيين العاديين لأنه ينظر لاستخدامه على أنه أكثر أمنا من التطبيقات المنافسة له. وكذلك على النقيض من تويتر وفيسبوك فإن السلطات لم تحجبه بشكل صريح رغم أنها وافقت على حجم المحتوى الإباحي فيه بما يتماشى مع ما قالت أنه سياسة الشركة.

المعارضة الإيرانية تؤكد أنها ما زالت قوة حتى ولو بلا قيادة

قال عارف الذي طلب عدم نشر اسمه كاملا "شاركت في احتجاجات 2009. ضربتني قوات الحرس الثوري والباسيج مرات ومرات... لم يكن الأمر يستحق. كان مكلفا جدا. أريد فقط أن أحيا حياة حرة. أريد احترام حقوقي كإنسان." ورغم كل الآمال التي تعلقت بانتخاب روحاني رئيسا في 2013 لا تزال الحركة الخضراء بلا قيادة. فرئيس الوزراء الأسبق مير حسين موسوي ورجل الدين ورئيس البرلمان السابق مهدي كروبي الذي نافس أحمدي نجاد على الرئاسة لا يزالان رهن الإقامة الجبرية بالمنزل بعد فرضها عليهما منذ خمس سنين. لم يحاكم أي منهما ويبدو أنه نالهما ما نالهما وسط موجة الصراع السياسي.

وقال مسؤول سابق اعتقل عاما بعد الانتخابات لدعمه المعارضة "الاحتجاجات بالشارع والاعتقالات والشقاق بين كبار الحكام رجت الجمهورية الإسلامية رجا. والاقتتال السياسي بين المتشددين والإصلاحيين ازداد شدة منذ 2009." وأضاف "حين انتخب روحاني ثارت آمال كبيرة في إنهاء إقامة موسوي وكروبي الجبرية بالمنزل. لكن هذا لم يحدث." وتقول المعارضة إن الإيرانيين ما زالوا يتوقون لإصلاح المؤسسة داخل إطار عمل الجمهورية الإسلامية كما كان يطالب موسوي وكروبي.

قال أردشير أمير أرجمند المتحدث باسم زعماء المعارضة والمقيم في باريس "الحركة الخضراء ما زالت حية وهذا يظهر في مطالب الأمة الإيرانية بحرية التعبير والعدالة واحترام حقوق الإنسان." وأضاف "الحركة الخضراء لا تعني فقط احتجاجات الشارع. سيواصل الناس الجهاد لنيل حقوقهم من خلال صناديق الاقتراع... الحركة لا يمكن إسكاتها." لكن التحرر شيء آخر. فقد حذر خامنئي وحلفاؤه المحافظين من "الأجندة التحريضية" للانتخابات المقررة وتشير لفظة "تحريضية" إلى المتحالفين مع قوى المعارضة بعد انتخابات 2009. وقال مسؤول إيراني كبير طلب عدم نشر اسمه "المتشددون ما زالوا قلقين من إحياء حركة الإصلاح وإحياء الاحتجاجات. لذلك نشهد استبعادا جماعيا للمرشحين المعتدلين."

وانتقد عدد من رجال الدين والسياسيين والنشطاء من ضمنهم 300 من أساتذة الجامعة قرارات الاستبعاد التي اتخذها مجلس صيانة الدستور وهو هيئة تضم محافظين يقول محللون إنهم يريدون وأد أي تحرك يمكن أن يهز قبضتهم في السلطة. ويضم ذلك المجلس ستة من رجال الدين وستة من الخبراء القانونيين يدورون بشكل عام في فلك خامنئي. وللمجلس سلطة مراجعة القوانين وقوائم المرشحين. وخامنئي -الذي أقر سريعا نتائج انتخابات 2009 الرئاسية- أشاد بإشراف المجلس على الانتخابات قائلا إن له أثرا فعالا.

ويقول سياسيون وحقوقيون إن روحاني أخفق في إتاحة مزيد من الحريات وركز بدلا من ذلك على تحسين الاقتصاد. ويسري هذا على زعيمي المعارضة المحتجزين اللذين تحسنت ظروفهما المعيشية قليلا عما كانت عليه عقب احتجازهما مباشرة. ويعاني موسوي وكروبي -وكلاهما في السبعينات من العمر- من مضاعفات صحية ونقلا إلى المستشفى عدة مرات إما للجراحة وإما للعلاج. وتقرر حظر التغطية الإعلامية للحركة الخضراء حتى عام 2014 عندما ظهرت صور موسوي وهو في المستشفى على بعض المواقع الإلكترونية.

وموسوي وزوجته زهراء رهنورد -وهي أيضا من أشد منتقدي المؤسسة- محتجزان فعليا في منزلهما بجنوب طهران. وقال أمير أرجمند إنه تصلهما يوميا أربع صحف رسمية تختارها السلطات لكنهما ممنوعان من استخدام الهاتف أو الإنترنت أو القنوات التلفزيونية الفضائية. وعلى مدى شهور ظل موسوي ورهنورد -وهي فنانة ونحاتة وأكاديمية بارزة- بمعزل عن العالم الخارجي. وقال "مسموح لهما الآن بلقاء ابنتيهما مرة في الأسبوع في منزل مجاور في حضرة ضباط من الحرس الثوري الإيراني... منزلهما يقع في شارع مسدود ويحيطه سياج معدني وما من أحد يمكنه أن يرى شيئا بالداخل." بحسب رويترز.

ويحتفظ الحرس الأمني بمفاتيح كل الأبواب داخل المنزل مما لا يدع للزوجين خصوصية تذكر. ويقيم كروبي في الطابق الثاني من منزله بينما يبقى الحراس في الطابق الأول. ورفع قرار الإقامة الجبرية عن زوجته عام 2014. واعتقل عشرات من كبار السياسيين والصحفيين والنشطاء والحقوقيين المطالبين بالإصلاح بعد انتخابات 2009 ولا يزالون في السجن حتى الآن. وتقرر حظر الحزبين الرئيسيين المطالبين بالإصلاح بعد الانتخابات المثيرة للجدل والتي وصفتها السلطات بأنها "أصح انتخابات في تاريخ الثورة." وأصيبت الحركة الطلابية التي لعبت دورا رئيسيا في الاحتجاجات بالشلل مع انتقال زعمائها للخارج أو إيداعهم السجن. وقال المحلل السياسي حميد فرحواشيان "المعارضة ليس لها زعيم يلهم الناس. وروحاني أخفق في تنفيذ وعوده بإقامة مجتمع يتمتع بقدر أكبر من الحريات. دفع الناس ثمنا غاليا جدا لاضطرابات 2009."

التيارات المتنافسة

يتنافس في الانتخابات بشكل رئيس ثلاثة تيارات أساسية هي المبدئي والاصلاحي والاعتدال، فيما يواصل المرشحون عرض برامجهم لجذب تأييد أكبر عدد من الناخبين. وقبل أيام قليلة من موعد إجراء الانتخابات سجل التياران الرئيسان في إيران المبدئي والإصلاحي حضورهما عبر قوائم انتخابية واضحة المعالم برموزها وبرامجها، فيما فضلت جهات أخرى عرض قوائم انتخابية تحاول أن تنئى بنفسها عن الانتماء الصريح للتيارين. بحسب المنار.

• التيار المبدئي

يضم قوى عديدة بعضها كانت ضمن بناة هذا التيار كرابطة علماء الدين المناضلين ورابطة مدرسي حوزة قم الدينية وحزب المؤتلفة، إلا أن قوى أخرى ارتئى البعض تسميتها بالمبدئيين الجدد انضمت إلى هذا التيار أبرزها جبهة الصمود وجمعية المضحين وجبهة السائرين على نهج الولاية وجبهة حماة الثورة الإسلامية.

• التيار الإصلاحي

أما التيار الإصلاحي فقد ضم منذ بداية ظهوره قوى كمجمع علماء الدين المجاهدين وحزب بناة الدولة وحزب العمل الإسلامي وحزب الثقة الوطنية وأحزاب أخرى حظرت قانونياً قبل أن تتشكل ضمن هذا التيار أحزاب كحزب نداء الإيرانيين وحزب اتحاد الشعب وحزب السيادة الشعبية. وقد ضمت هذه القوى الجديدة شخصيات ورموزاً كانت تعمل ضمن الأحزاب والقوى التي تم حظر نشاطها قانونيا.

• تيارات أخرى

وإلى جانب التيارين السابقين بدأ تيار ثالث بالظهور فعلياً على الساحة السياسية منذ الانتخابات الرئاسية عام 2013 وهو ما يعرف بتيار الاعتدال والوسطية، وهو يحمل توجهات مؤيدة للحكومة الحالية أو أنه يحاول عرض توجهات معتدلة ومستقلة عن التيارين المبدئي والإصلاحي. ومن أبرز القوى في هذا التيار حزب الاعتدال والتنمية وجبهة المستقلين وأصحاب النهج المعتدل وقائمة صوت الشعب التي تضم نواباً في البرلمان المنتهية ولايته وشخصيات من كلا التيارين المبدئي والإصلاحي.

6229 مرشحا لـ290 مقعداً

قدّم مجلس صيانة الدستور في ايران القائمة النهائية بأسماء المرشحين للانتخابات البرلمانية، وبلغ مجموع المرشحين لانتخابات مجلس الشورى الاسلامي الذي تم تأييد اهليتهم، 6 آلاف و229 شخصا، استمر منهم في السباق نحو 4844 مرشحاً، للتنافس على مقاعد مجلس الشورى الـ290.

مجلس خبراء القيادة

فيما يتنافس على مقاعد مجلس خبراء القيادة الـ88 نحو 159 مرشحاً ممن بلغ درجة الاجتهاد في الفقه الإسلامي فضلاً عن إحاطتهم بالشؤون السياسية ومعرفة العالم المعاصر.

المرأة والانتخابات.

تخوض في الدورة العاشرة لانتخابات مجلس الشورى الاسلامي، المنافسة 500 امرأة من بين المرشحين لشغل 290 مقعداً في المجلس العاشر.

54 ملیونا و915 الفا و24 ناخياً

یبلغ عدد الناخبین لانتخابات مجلس الشوری في نسختها العاشرة، والدورة الخامسة لانتخابات مجلس خبراء القیادة في ایران، 54 ملیونا و915 الفا و24 شخصا، من ضمنهم أكثر من 3 ملايين ناخب جديد.

أكثر من 8 ملايين ناخب في طهران

ويبلغ العدد الاكبر للناخبين في محافظات البلاد، في العاصمة طهران بـ 8 ملايين و 475 الفا و 77 شخصا، فيما العدد الادنى للناخبين هو في محافظة ايلام غرب البلاد ويبلغ 434 الفا و 636 شخصا، مع العلم أنه يحق في إيران لكل الافراد الذين تبلغ اعمارهم 18 عاما يوم اقامة الانتخابات، الادلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع.

52 الف دائرة انتخابیة وأكثر من 120 ألف صندوق

تم تحدید أکثر من 52 الف دائرة انتخابیة من قبل الهیئات التنفیذیة في کافة انحاء البلاد، ومن المتوقع زیادة هذه الدوائر الی 53 الف دائرة انتخابیة. ومن المتوقع أن یبلغ عدد صنادیق الاقتراع للانتخابات التشریعیة ومجلس خبراء القیادة، 120 الف صندوق.

أكثر من مليون شخص يتولون إجراء انتخابات ايران

يتولى أكثر من مليون شخص إجراء انتخابات مجلسي الشورى الإسلامي وخبراء القيادة في الـ26 من شباط/ فبراير الجاري. وتم البدء بالترتيبات الاولية للانتخابات منذ اكثر من 10 أشهر، وقد جرى التنسيق اللازم مع الأجهزة المعنية بالانتخابات في مجال الامن والاشراف والتنفيذ والإسناد والإعلام، والى الآن هناك تنسيق وتعامل على مستوى عال في هذا المجال.

250 ألف شرطي یتولون أمن الانتخابات في ايران

يتولى 250 ألف عنصر من قوی الأمن الداخلي أمن انتخابات مجلسی خبراء القیادة والشوری الاسلامي. وخصصت قوی الأمن الداخلي خصصت أیضا 18 مروحیة و8 طائرات لأمن الانتخابات، وتتولى قوی الأمن أمن 53 ألف مرکز انتخابي و110 آلاف صندوق اقتراع، من أقصی نقطة حدودیة الی عمق البلاد.

470 صحفياً من 29 بلداً

سيقوم بتغطية انتخابات مجلس الشورى الإسلامي وخبراء القيادة 470 صحفيا عربيا واجنبيا من 29 بلداً.

اضف تعليق