يواجه عرب اسرائيل وكما يرى بعض المراقبين، تحديات ومشاكل كبيرة بسبب التميز الواسع الذي يمارس ضدهم من قبل السلطات الإسرائيلية وباقي اليهود المتعصبين، وقد حذّر بنيامين نتنياهو من أن عرب إسرائيل يشكّلون قنبلة زمنية ديمغرافية، ووفق استطلاعات سابقه فأن أغلبية من العرب الإسرائيليين يشعرون بالتمييز ضدها، وبحسب وكالة مسكار، التي استطلعت آراء المواطنين الصهاينة المتدينين في إسرائيل، وجد مستويات عالية من العداء وعدم الثقة تجاه العرب مواطني إسرائيل. خلافا لاستطلاعات الرأي للعرب مواطني إسرائيل أنفسهم. يعتقد معظم الصهاينة الدينية أن العرب الإسرائيليين معادين لإسرائيل، وترى غالبية عظمى أن العرب الإسرائيليين كتهديد، وتود أن ترى الحكومة تجبرهم على مغادرة البلاد. وبقي عرب إسرائيل كما تنقل بعض المصادر، موالون للقانون لعقود عديدة، وموالون للدولة أثناء حروبها العديدة مع جيرانها. ولكن هذا الولاء آخذ بالاندثار الآن. لم يعد عرب إسرائيل، حتى المسيحيين منهم، يصوّتون لصالح الأحزاب في التيار الرئيس. ورغم قلة عدد الناخبين منهم، حققت الأحزاب العربية نتائج جيدة في الانتخابات.

وعرب 48 يُطلق عليهم أيضًا اسم عرب الداخل أو فلسطينيو الداخل هم الفلسطينيون الذين يعيشون داخل حدود إسرائيل (بحدود الخط الأخضر، أي خط الهدنة 1948). يشار إليهم أيضًا في إسرائيل بمصطلحي "عرب إسرائيل" أو "الوسط العربي"، كما يستخدم أحيانا مصطلح "الأقلية العربية" (خاصة في الإعلانات الرسمية). هؤلاء العرب هم من العرب الذين بقوا في قراهم وبلداتهم بعد أن سيطرت إسرائيل على الأقاليم التي يعيشون بها وبعد إنشاء دولة إسرائيل بالحدود التي هي عليها اليوم. وحسب قانون المواطنة الإسرائيلي، حاز المواطنة كل من أقام داخل الخط الأخضر في 14 يوليو 1952 (أي عندما أقر الكنيست الإسرائيلي القانون). هذا القانون أغلق الباب أمام اللاجئين الفلسطينيين الذين لم يتمكنوا من العودة إلى بيوتهم حتى هذا التاريخ، حيث يمنعهم من الدخول إلى دولة إسرائيل كمواطنين أو سكان محليين.

النواب العرب

وفيما يخص بعض هذه المشكلات فقد منع ثلاثة نواب من عرب إسرائيل من الحديث في البرلمان كعقوبة لتأييدهم عائلات مهاجمين فلسطينيين قتلوا على أيدي قوات الأمن بعد أن هاجموا إسرائيليين. وقضت لجنة الأخلاق بالكنيست بمنع كل من حنين الزعبي وباسل غطاس وهما عضوان في الكنيست عن حزب البلد من المشاركة في الجلسات العامة وجلسات اللجان لمدة أربعة أشهر ومنع جمال زحالقة لمدة شهرين لكن سيكون بوسع الأعضاء الثلاثة التصويت.

وزار النواب الثلاثة في وقت سابق عائلات فلسطينيين قتلتهم قوات الأمن الإسرائيلية في حوادث من بينها حادث في حافلة في القدس العام الماضي قتل فيه ثلاثة أشخاص. واتهم الثلاثة بالوقوف احتراما للمهاجمين لكن زحالقة نفى هذا وقال إنهم كانوا يؤدون الصلاة. واحتدمت التوترات بين اليهود والعرب في إسرائيل منذ موجة من الهجمات بالطعن والرصاص والدهس بالسيارات نفذ معظمها فلسطينيون وأدت إلى مقتل 27 إسرائيليا وأمريكي واحد منذ أكتوبر تشرين الأول. ونفذ عدد قليل من عرب إسرائيل هجمات. وفي الفترة نفسها قتلت قوات الأمن الإسرائيلية 156 فلسطينيا على الأقل تقول السلطات إن 101 منهم مهاجمون. وقتل معظم الفلسطينيين الباقين في احتجاجات شابها العنف.

وواجه النواب الثلاثة الجلسة بعدما اشتكى مشرعون من بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومئات من أفراد الجمهور إلى البرلمان واتهموا النواب الثلاثة بعدم الولاء للدولة. وقال نتنياهو في البرلمان "نحن غير مستعدين لقبول وضع يؤيد فيه أعضاء في الكنيست أولئك الذين قتلوا مدنيين إسرائيليين ويقفون احتراما لذكرى أولئك الذين قتلوا أبناءنا." وطالب المدعي العام الإسرائيلي أفيخاي مندلبليت بتحقيق تجريه الشرطة مع النواب الثلاثة. بحسب رويترز.

وحزب البلد اليساري جزء من القائمة العربية المشتركة وهي تجمع يضم أربعة فصائل يسيطر على 13 مقعدا من مقاعد الكنيست البالغ عددها 120 مقعدا. وأعضاء حزب البلد يؤيدون بشكل واضح القضايا الفلسطينية. وقال زحالقة لقناة الأخبار بتلفزيون الكنيست بأن منعهم "ثمن سياسي لموقفنا الأخلاقي لكننا مستعدون لدفع هذا الثمن." ويتهم عرب إسرائيل نتنياهو والتحالف اليميني الذي يقوده بالتحيز ضد العرب. وتعرض نتنياهو لانتقاد دولي بعد توجيه نداء لمؤيديه يوم الانتخابات في العام الماضي للتوجه للانتخابات لأنه يجري نقل العرب بحافلات للتصويت. واعتذر في وقت لاحق عن هذا التصريح.

واوضح حزب "التجمع" العضو مع احزاب عربية اخرى في "القائمة الموحدة"، القوة الثالثة في الكنيست، في بيان ان النواب الثلاثة ارادوا تادية "واجبهم في مساعدة عائلات ثكلى بغية استرجاع الجثامين التي تحتجزها السلطات الاسرائيلية بشكل منافٍ لكل القوانين والاعراف الانسانية والدولية"، مضيفا ان احتجاز الجثامين "عمل انتقامي ومس بمشاعر الاهالي الدينية والانسانية".

وندد نائب حزب الليكود (يمين، حزب نتانياهو) اورين حزان بالنواب العرب معتبرا انهم ينتمون الى "طابور خامس"، فيما اكد "الاتحاد الصهيوني" ان اللقاء "يشجع الارهاب". اما الشعبوي افيغدور ليبرمان فوصف النواب بانهم "يمثلون منظمات ارهابية في الكنيست". ولا تزال اسرائيل تحتجز عشر جثث من بين عشرات احتجزتها لفترة ثم سلمتها لاهاليها.

اوامر قضائية

من جانب اخر حكمت محكمة الصلح في الناصرة، شمال إسرائيل، على النائبة العربية في الكنيست الإسرائيلي حنين الزعبي بالسجن ستة أشهر مع وقف التنفيذ بتهمة إهانة شرطيين، وفقا لمصادر قضائية. وأدينت الزعبي التي تعتبر خصما لمجمل الطبقة السياسية الإسرائيلية تقريبا بتهمة "إهانة موظف عام". وأضافت المصادر أن عقوبة السجن ستصبح نافذة في حال أدينت في جنحة مماثلة العامين المقبلين. كما حكم عليها تسديد غرامة بقيمة 3000 شيكل (750 دولار).

ويأتي هذا الحكم على خلفية اتهام الزعبي في وقت سابق عنصرين عربيين في الشرطة الإسرائيلية بأنهما "خونة". وحدث ذلك أثناء مثول شبان عرب من الناصرة أمام محكمة إثر توقيفهم في تظاهرات للتنديد بمقتل الفلسطيني محمد أبو خضير الذي أحرق حيا في تموز/يوليو 2014 في هجوم نفذه ثلاثة يهود متطرفين. وفي 2010 تم توقيف الزعبي على متن مركب في أسطول تركي حاول كسر الحصار التي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة الأمر الذي أثار ضجة عارمة، وتجنبت السجن بفضل حصانتها البرلمانية. بحسب فرانس برس.

وفي تموز/يوليو 2014 علقت عضويتها في الكنيست ستة أشهر لتصريحها أن الفلسطينيين الذين قتلوا ثلاثة مراهقين يهود بالضفة الغربية المحتلة ليسوا "إرهابيين". وتنتمي الزعبي إلى حركة "بلد" (3 نواب) الذي شكل مع أحزاب عربية أخرى القائمة الموحدة، وهي الكتلة الثالثة في البرلمان وتضم 13 نائبا. يشار إلى أن حركة "بلد" منضوية في حزب "التجمع" الذي تأسس عام 1995 ويضم أيضا عدة قوى ذات توجه قومي مثل "الحركة التقدمية" و"حركة المساواة" بالإضافة إلى قوى محلية وشخصيات مستقلة.

نتانياهو وعربي إسرائيل

في السياق ذاته تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بمكافحة "الجريمة" وبسط سلطة القانون في الوسط العربي، وذلك إثر عملية إطلاق نار وقعت أمام حانة في تل أبيب وأسفرت عن قتيلين برصاص شاب من عرب إسرائيل. وأضاء نتانياهو شمعة أمام الحانة حيث قتل إسرائيليان وأصيب آخرون برصاص رجل قالت الشرطة إنه عربي إسرائيلي يدعى نشأت ملحم ورجحت "بشدة أن يكون ما جرى هجوما إرهابيا".

ولكن نتانياهو لم يستخدم هذا المصطلح لوصف عملية إطلاق النار، مفضلا وصف ما جرى ب"الجريمة الدنيئة". وقال "بالأمس وقعت هنا جريمة دنيئة لا يمكن وصف مدى وحشيتها". وأدان عملية إطلاق النار كل من مجلس بلدية عرعرة في شمال إسرائيل التي يتحدر منها المتهم بإطلاق النار وكذلك القائمة المشتركة التي تضم أبرز الأحزاب العربية في الكنيست. وقال نتانياهو "أثمن إدانة الوسط العربي لهذه الجريمة. أنتظر من جميع النواب العرب، الجميع بدون استثناء، أن يدينوا هذه الجريمة". بحسب فرانس برس.

وأعلن نتانياهو، الممسك بمقاليد السلطة منذ 2009 أنه وضع خطة "لزيادة الإجراءات القمعية في الوسط العربي بصورة جذرية". وأضاف "لا يمكن القول - أنا إسرائيلي في الحقوق وفلسطيني في الواجبات -. من يريد أن يكون إسرائيليا عليه أن يكون كذلك في الاتجاهين، والواجب الأول هو الرضوخ لقوانين هذا البلد".

جرائم مستمرة

من جهة اخرى قالت أجهزة أمنية إسرائيلية إن الشرطة قتلت في تبادل لإطلاق النار مواطنا عربيا مطلوبا للاشتباه في ضلوعه في عملية إطلاق نار في تل أبيب لتنهي مطاردة دامت أسبوعا لكن دون أن تضع حدا للغموض حول دوافع الهجوم. وعرضت وسائل إعلام إسرائيلية صورا لجثة الشاب نشأت ملحم وبجواره بندقية آلية خارج ما قالت إنه مسجد في مسقط رأسه بشمال إسرائيل حيث كان يختبئ من السلطات. وهنأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قوات الأمن في بيان قال فيه إنها "عملت بلا كلل وبطريقة احترافية لتحديد موقع الإرهابي والقضاء عليه." وقالت الشرطة في بيان إن فريقا من القوات الخاصة حاصر مبنى في عرارة مسقط رأس نشأت وقتله حين حاول الخروج وإطلاق النار عليهم. ولم يصب أحد من الشرطة في الحادث.

وتعرف أقارب ملحم- الذي تقول الشرطة إن عمره 31 عاما- عليه من لقطات كاميرات المراقبة في حادث تل أبيب. وقال محامي ملحم إن الشاب سجن قبل ذلك لأربع سنوات لهجومه على جندي إسرائيلي وأضاف أنه كان يعاني من اضطرابات ذهنية. وانقسم المعلقون بشأن توصيف هجوم ملحم في تل أبيب وما إذا كان بدافع التعاطف مع الفلسطينيين أو الولاء لتنظيم داعش الذي نشر في الفترة الأخيرة رسائل هدد فيها بمهاجمة إسرائيل.

ومما يدعم الغموض بشأن دوافع ملحم أن نتنياهو وصفه في السابق بأنه "قاتل" وليس "إرهابيا" لكن تغيير الوصف في بيانه يشير إلى وجود دليل لدى إسرائيل على وجود دافع عقائدي وراء الهجوم. ويشكل عرب إسرائيل- وغالبيتهم مسلمون- 20 بالمئة من السكان. ونادرا ما حمل هؤلاء السلاح ضد الأغلبية اليهودية رغم وصفهم عادة بأنهم فلسطينيون. وانضم عدد متزايد منهم -على قلته- لداعش في الخارج أو حاولوا تشكيل خلايا محلية للتنظيم.

واعتقل والد ملحم وشقيقه وخضعا للتحقيق للاشتباه في قيامهما بإخفائه رغم إدانتهما لهجوم تل أبيب ومطالبتهما له بتسليم نفسه. لكن محاميهما قال إن الأسرة هي التي أرشدت الشرطة عن مكان اختباء ملحم في عرارة. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن تحديد مكان ملحم تم من خلال استجواب خمسة أشخاص احتجزوا للاشتباه في تواطؤهم معه ولصلاتهم مع داعش. واستعانت الشرطة أيضا بتحليل للحمض النووي على عينات أخذت من مكان استخدمه ملحم كحمام. بحسب رويترز.

وطال أمد عملية الملاحقة بصورة غير معتادة في إسرائيل التي تعطي الأولوية للأمن ودفعت للتكهن بأن ملحم ربما فر إلى الأراضي الفلسطينية. وقال كثير من سكان تل أبيب التي تركز فيها البحث إنهم لزموا منازلهم ولم يرسلوا أبناءهم للمدارس خشية أن يشن ملحم هجوما آخر في المدينة. وشكر وزير الأمن الإسرائيلي جلعاد إردان الإسرائيليين في تعليق على تويتر على تحليهم "باليقظة والصبر وتفهم تعقيد" الموقف.

اضف تعليق