حادثة سقوط الطائرة الروسية ايرباص ايه 321 والتي كان على متنها 224 شخصا فوق سيناء، لاتزال تستحوذ اهتمام وسائل الاعلام المختلفة خصوصا وان هذه الحادثة وبحسب بعض المراقبين، قد اثارت الكثير التوقعات والاراء التي استبقت نتائج التحقيقات حول اسباب سقوط هذه الطائرة، وهو ما عده البعض من الخبراء تحدي جديد للحكومة المصرية التي تواجه جملة من المشكلات والازمات، حيث تهدد هذه الكارثة الجوية كما تنقل بعض المصادر، بتسديد ضربة قاسية جديدة الى قطاع السياحة في مصر، الذي تضرر بشكل كبير وتراجعت عائداته منذ اطاحة مبارك في العام 2011 نتيجة الاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار السياسي والامني.
وطرحت بريطانيا والولايات المتحدة صراحة فرضية انفجار قنبلة في طائرة شركة ميتروجت الروسية التي كانت متوجهة الى سان بطرسبورغ، فيما امرت روسيا بتعليق رحلاتها المدنية الى مصر في خطوة تشير الى انها تبنت على ما يبدو هذه الفرضية.
وقال مصدر قريب من التحقيق ان تحليل الصندوقين الاسودين مع ما تم جمعه من معلومات من مكان تحطم الطائرة وخبرة المحققين، يتيح "ترجيح" فرضية الاعتداء بقنبلة، وارسلت موسكو 44 طائرة فارغة الى شرم الشيخ والغردقة، المنتجعين السياحيين على البحر الاحمر حيث لا يزال هناك نحو 78 الف سائح روسي. اما لندن التي علقت رحلاتها من والى شرم الشيخ، فباشرت اعادة مواطنيها من مصر وقامت باجلاء حوالى 3500 بريطانيا في 17 طائرة خلال 48 ساعة، من اصل حوالى عشرين الفا موجودين في مصر. وتؤمن السياحة نحو 15% من عائدات العملات الاجنبية ونحو 12% من اجمالي الناتج المحلي. توقع محللون أن تلقي حادثة سقوط الطائرة الروسية بظلال قاتمة على الاقتصاد المصري وتعمق جراحه في ظل انخفاض منتظر بأداء قطاع السياحة والطيران.
ضربة جديدة للسياحة
في هذا الشأن فقد تلقت السياحة في مصر ضربة جديدة مع ترجيح بريطانيا والولايات المتحدة فرضية انفجار قنبلة ادت الى سقوط الطائرة الروسية بعيد اقلاعها من منتجع شرم الشيخ السياحي الشهير. واعلن الفرع المصري لتنظيم داعش، الذي يطلق على نفسه اسم ولاية سيناء وينشط في شمال سيناء حيث عثر على حطام الطائرة، مسؤوليته عن اسقاط الطائرة من دون ان يوضح كيف. ثم عاد وقال في تسجيل صوتي انه سيوضح "الية" اسقاطها "في الوقت الذي يريده".
وقالت بريطانيا والولايات المتحدة انهما ترجحان ان قنبلة وضعت على متن الطائرة قبل اقلاعها من شرم الشيخ هي السبب في تحطمها ومقتل 224 شخصا كانوا على متنها معظمهم من السياح الروس الذين كانوا في طريق عودتهم الى سان بطرسبورع. ويحذر الخبراء من مخاطر جدية على قطاع مهم من قطاعات الاقتصاد المصري واحد الموارد الرئيسية للعملات الاجنبية في البلاد.
وقال فواز جرجس الاستاذ في لندن سكول اوف ايكونوميكس في لندن "ان ما حدث يمكن ان يشكل ضربة قوية لصناعة السياحة في مصر التي عانت سابقا بشده بسبب الاضطربات السياسية في البلاد خلال السنوات الاخيرة". واضاف "السؤال الان هو هل سيذهب الناس الى شرم الشيخ؟". وانضمت لوفتهانزا الالمانية الى الشركات البريطانية والايرلندية التي اعلنت تعليق رحلاتها من والى شرم الشيخ. وقررت لوفتهانزا واير فرانس الفرنسية وقف تحليقهما فوق شمال سيناء حتى اشعار اخر بداعي "السلامة".
وعملت مصر دوما على تسويق منتجعي الغردقة وشرم الشيخ باعتبارهما جوهرتي السياحة فيها وهما منتجعان يشتهران بشواطئهما الجميلة ويجتذبان حصوصا هواة الغطس. وكانت كارثة الطائرة الروسية الاخيرة في سلسلة من الاحداث التي هزت الثقة الدولية في الامان الذي توفره مصر للسياح. ففي ايلول/سبتمبر الماضي، قتل ثمانية سياح مكسيكيين بالخطأ من قبل قوات الامن المصرية في الصحراء الغربية لمصر. وفي اب/اغسطس، اعلن الفرع المصري لتنظيم القاعدة اعدام مواطن كرواتي تم خطفه بالقرب من القاهرة. وجاءت الواقعتان بعد بضعة شهور من احباط الشرطة محاولة اعتداء بقنبلة بالقرب من معبد الكرنك في مدينة الاقصر السياحية.
ويقول مسؤولو شركات السياحة ان كارثة الطائرة الروسية يمكن ان نكون الضربة الاكبر للسياحة حتى الان. وقال حمادة ناجي وهو منسق رحلات سياحية في الغردقة ان "السياحة في مصر ببساطة ستموت في حال ثبت ان عملية ارهابية وراء اسقاط الطائرة". ويقول الخبراء ان انتشار حطام الطائرة واشلاء الضحايا على مساحة واسعة في صحراء سيناء يعني ان الطائرة انشطرت في الجو.
وقال جاك بيتر وهو مدير فنادق سافوي في شرم الشيخ ان "الضرر وقع بالفعل وحتى لو تبين في نهاية المطاف ان سقوط الطائرة كان نتيجة خطأ ملاحي او مشكلة تقنية، فالناس اقتنعت بالفعل انها قنبلة" تسببت في تحطمها. واضاف "ليس هناك الغاء لحجوزات حتى الان ولكننا قلقون على المديين المتوسط والطويل فالحجوزات، التي عادة ما تبدأ في هذا الوقت من العام في الصعود مع اقتراب عطلات عيد الميلاد وراس السنة، مازالت على حالها ولم تشهد اي زيادة".
وقالت شركات سياحية في روسيا ان المبيعات انخفضت بنسبة ترواح بين 30% و50% في "رد فعل الصدمة" الذي اعقب تحطم الطائرة، بحسب وكالة انترفاكس الروسية نقلا عن مسؤول في قطاع السياحة. وقال يوري بارزيكين نائب رئيس اتحاد صناعة السياحة الروسي انه "كانت هناك الغاءات في الايام الاولى (بعد الكارثة) ولكنها ليست الغاءات كثيرة". بحسب فرانس برس.
غير انه اضاف "اذا تأكدت فرضية العمل الارهابي فان ذلك سيثير المزيد من المخاوف". واوضح ان خمس السياح الروس الذي يسافرون الى الخارج يذهبون الى مصر مشيرا الى ان الاضطرابات السياسية التي شهدتها مصر خلال السنوات الثلاث الاخيرة لم تؤد الى انخفاض يذكر. وشهدت شرم الشيخ تفجيرات في تموز/يوليو 2005 ادت الى مقتل 90 شخصا في واحدة من اكثر الهجمات الدامية في مصر. وبالنسبة لكثيرين، فان الكارثة تذكر بهذه الهجمات. غير ان يارزيكين قال انه "لو اتخذت اجراءات امنية واعلن عنها على نطاق واسع فلن يكون هناك انهيار" في السياحة الروسية الى مصر. وتابع "مصر هي الوجهة الرئيسية للروس ولا بديل لها في فترة الشتاء نظرا لطقسها الدافىء ومستوى وسعر الخدمات التي تقدم فيها".
معضلة كبيرة
الى جانب ذلك لا يخفي محمد منصور قلقه من ان يكون السياح الروس الموجودون في فندقه الفخم في شرم الشيخ اخر زائريه لوقت طويل بعد قرار موسكو تعليق الرحلات الجوية الروسية إلى مصر اثر تحطم الطائرة الروسية. وقال منصور الذي يدير فندقا من فئة الخمسة نجوم في منتجع شرم الشيخ على البحر الاحمر "نحن مصدومون". واضاف نحو 50% من رواد فندقي من الروس. الضربة جاءت قبل ذروة موسم الاجازات في اعياد نهاية السنة".
واوضح منصور الى ان "الالمان والفرنسيين وباقي السياح الاوروبيين ياتون في مجموعات صغيرة منذ ثورة 2011"، في اشارة للانتفاضة التي اطاحت الرئيس المصري الاسبق حسني مبارك في شباط/فبراير من العام المذكور. واضاف "الان اذا ما امتنع الروس عن المجيء فان شرم الشيخ ستموت". ولفت الى وجود مئة سائح روسي حاليا في فندقه وان تسعة من الركاب الروس الذين قتلوا في حادث كانوا يقيمون في فندقه بينهم امراة وطفلاها.
وشيدت شرم الشيخ كمدينة منتجعات سياحية قبل عشرين عاما واصبحت من اهم اماكن الغطس في العالم. وفي العام 2013، زارها 2,5 مليون سائح اقلتهم عشرات من رحلات التشارتر يوميا وخصوصا من روسيا وبعض دول اوروبا الغربية. وتطغى ثلاثة الوان على هذه المدينة الحديثة الواقعة في اقصى جنوب شبه جزيرة سيناء: البحر الازرق والجبال ذات الاصفر الداكن وابيض الفيلات والفنادق الراقية. وحتى عشية الحادث، كانت نحو 20 رحلة تنقل الافا من السياح الروس يوميا الى شرم الشيخ.
واعلنت موسكو ان نحو ثمانين الف روسي موجودون حاليا في مصر خصوصا في شرم الشيخ والغردقة على البحر الاحمر. لكن مئات منهم لا يزالون ينتظرون في طوابير طويلة في مطار شرم الشيخ املين بمغادرة المدينة. وقالت السائحة الروسية اليساندرا كوندراتيفا "حقيقة لا اهتم بما سيحدث للسياحة في مصر الآن. اريد فقط السفر سالمة الى بلدي".
ويبدي السياح في مطار المدينة استياءهم من الطريقة السيئة التي تعاملت فيها شركات الطيران مع الازمة بعد سقوط الطائرة الروسية. وقال مستثمر من لندن يدعى بوافيش باتيل علق في شرم الشيخ مع ابنه البالغ ثلاث سنوات وزوجته الحامل في شهرها السابع "انظر الى هذه الفوضى. لا احد يعلم اي شيء". وبين عامي 2004 و2006 شهدت شرم الشيخ ومنتجعا طابا ودهب على البحر الاحمر موجة اعتداءات. وفي 23 تموز/يوليو 2005 اوقعت سلسلة من الاعتداءات في المدينة 90 قتيلا.
لكن المدينة التي اطلق اليونيسكو عليها اسم "مدينة السلام" في العام 2002 تجاوزت هذه الازمة بسرعة. ومهما كان سبب سقوط الطائرة الروسية فان شرم الشيخ ستدفع الثمن غاليا. وقال مسؤول في شركة طيران اجنبية رافضا كشف هويته ان "الروس يقودون دفة السياحة في شرم الشيخ". وتدارك "لكن السياح الروس منظمون جدا. ياخذون قرارات حكومتهم بجدية بالغة. على الاقل في المدى القريب فان السياحة في شرم الشيخ ضربت".
وافاد مسؤولون روس ان واحدا من كل خمس سياح روس يغادرون روسيا يتجهون الى مصر، ولم تؤثر الاضطرابات السياسية التي تلت الاطاحة بالرئيس الاسلامي محمد مرسي في عام 2013، سلبا في توافدهم. واضافة الى شرم الشيخ، تعد مدينة الغردقة على البحر الاحمر مقصدا رئيسيا للسياح الروس. وفي هذه المدينة السياحية يمكن رؤية الكلمات الروسية تجاور تلك العربية فوق المحال والمطاعم والصيدليات.
فوضى وشكوك
على صدر قميص ارتداه سائح تقطعت به السبل في مطار شرم الشيخ المصري كتبت عبارة "خذ ما تحتاج" وكأنها تلخص حالة يأس وفوضى متعاظمة في المنتجع بعد تحطم طائرة ركاب روسية. وأبلغ المسؤولون مئات الأشخاص وأغلبهم من روسيا وبريطانيا بأن حقائبهم- التي دخلت بالفعل إلى المطار- لن ترافقهم في نفس رحلة العودة للوطن. وهذه مجرد واحدة من العقبات التي تقف في وجه السائحين وقد تواجههم عقبات أخرى في الوقت الذي تزيد فيه دول غربية احتمال أن تكون قنبلة زرعها متشددون إسلاميون هي التي أسقطت الطائرة.
وخارج مبنى المطار وقفت نحو عشر حافلات كلها تحمل المزيد من السائحين الذين يتساءلون عن موعد رحيلهم. وحمل رجال شرطة يرتدون سترات واقية من الرصاص بنادق هجومية كما جلبت سيارة عسكرية المزيد من الجنود لتعزيز الموقف. وزاد الوضع السيء الضغط على السلطات المصرية التي تعتمد بشدة على السياحة كمصدر للإيرادات إذ عليها أن تظهر أنها توفر إجراءات أمنية ملائمة لسائحين لا يحتملون الصبر.
وقال ألكسندر مكفادزين (55 عاما) وهو مدير نقل يتوق للعودة إلى موطنه في يوركشاير "انتقلوا من حال إلى حال. من غياب كامل للأمن إلى الأمان التام وقالت حكومات غربية إن الحادث ربما تسببت فيه قنبلة. وعلقت العديد من الدول الرحلات إلى مطار شرم الشيخ الذي أقلعت منه الطائرة المنكوبة.
وقالت مصر إنها لا تستبعد أي سيناريوهات لكنها أكدت على ضرورة أن يمضي التحقيق في مساره. وقدم بعض المسافرين استنتاجات خاصة بهم. وقال مكفادزين "لو كان مستوى الأمن لديهم قبل الحادث مثلما هو الحال الآن.. لم يكن ما حدث ليحدث." وأضاف أن أمن المطار كان يتعامل باسترخاء حين وصل قبل أسبوعين من وقوع الكارثة. وتابع "موظفو المطار عرضوا علي دفع 50 جنيه استرليني مقابل سرعة إنهاء الإجراءات. كانوا سيجعلونني أتجاوز الصف."
وقال متحدث باسم وزارة الطيران المدني المصرية إن مطار شرم الشيخ يطبق إجراءات الأمن العالمية وإنه خضع لفحص من عدة وفود دولية بينها وفد بريطاني. وبينما امتلأ مبنى المطار بمئات السائحين الذين يأملون في الرحيل سعت مجموعة من مسؤولي شركة إيزي جيت لإقناع عميل بترك حقيبته بينما رد هو بحاجته لوجود محتويات الحقببة معه على الطائرة. وتركت كومة من الحقائب في أحد أركان المطار.
وقالت جوليا سوفروفا وعمرها 33 عاما "قالوا انه يجب ألا نأخذ أي حقائب معنا على متن الطائرة لذا فإنه يتعين أن نحتفظ بها في مكان ما.. لا أعرف أين.. وضعوا عناويننا وسينقلون الحقائب بطريقة ما إلى روسيا." وأضافت "كيف.. من سيقوم بذلك.. لا أعرف. سأقول وداعا لحقائبي."
وانتقد مكفادزين الحكومتين المصرية والبريطانية بسبب الفوضى وقال إن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون "لم يفكر في عواقب" تعليق الرحلات. وقال كثير من السائحين البريطانيين إن حكومتهم لا تبذل جهدا كافيا لتنقل إليهم معلومات مهمة. وصاح كثيرون في وقت واحد وقد وقفوا في صف "لا اتصالات". وقالت الشابة شيلا سميث "علمنا من ممثل شركة توماس كوك بإلغاء رحلاتنا." وطلب من أسرتها الحضور إلى المطار في وقت لاحق لكن تلك الرحلة ألغيت أيضا. وقالت أمها "كان يجب أن تذهب للمدرسة." وقال مسؤول بريطاني إن الحكومة تنسق مع الشركات لتقديم مزيد من المعلومات وإن مسؤولين يزورون الفنادق الآن للتواصل مع المواطنين البريطانيين. وقال كثير من السائحين إنهم لا يشعرون بعدم الأمان لأن الإجراءات الأمنية جرى تعزيزها بشكل واضح بعد الحادث
القضاء على داعش
في السياق ذاته يقول مسؤولون أمنيون مصريون إن فرع تنظيم داعش الذي يشتبه في أنه أسقط طائرة ركاب روسية في مصر أفلت من مصيدة الأمن من خلال العمل في خلايا سرية بإيعاز من زعيم كان يعتمد من قبل على تجارة الملابس في كسب الرزق. ويشير مسؤولون غربيون بأصابع الاتهام في إسقاط الطائرة إلى ولاية سيناء التي تستهدف أفراد الجيش والشرطة بمصر منذ أطاح الجيش بالرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في عام 2013 بعد احتجاجات حاشدة على حكمه.
وإذا ظهرت أدلة دامغة على أن ولاية سيناء هاجمت الطائرة فستكون قد نجحت بهذا في تنفيذ واحد من أكثر الهجمات دموية منذ أن استخدم تنظيم القاعدة طائرات لتفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 2001. وإذا كانت قنبلة هي التي أسقطت الطائرة إيرباص إيه321 فسيمثل ذلك تحديا لتأكيدات مصر بأنها باتت تسيطر على المتشددين الذين نفذوا هجمات كبرى على مسؤولين بارزين بالحكومة وأهداف غربية.
وقال ثلاثة مسؤولين يتابعون نشاط المتشددين في سيناء عن كثب إن الكثير من مقاتلي ولاية سيناء فروا إلى سوريا بعد الإطاحة بمرسي وانطلاق حملة أمنية على الإسلاميين. وقال مصدر بجهاز الأمن الوطني "معظم عناصر التنظيم كانت قد سافرت إلى سوريا وقت حكم مرسي وتلقت تدريبات هناك بعد أن انضمت للمعارضة السورية أو لتنظيم داعش ثم عادت بعد سقوط مرسي وأصبح توجهها نحو رجال الشرطة والجيش."
وقال المسؤولون إن زعيم ولاية سيناء الملقب بأبو أسامة المصري (42 عاما) كان يعمل من قبل في شركة لتجارة الملابس وتخرج من جامعة الأزهر. وذكر مصدر أنه تولى زعامة التنظيم بعد مقتل ثلاثة زعماء آخرين على يد قوات الأمن. ولكن المصري مثله مثل آخرين ممن تعلموا في الأزهر المعروف باعتداله اعتنق الفكر المتشدد وحمل السلاح في سيناء قبل أن يتوجه إلى سوريا مع نحو 20 من أتباعه عندما بدأت قوات الأمن حملتها على الإسلاميين بعد الإطاحة بمرسي.
وهناك اكتسب هو والمقاتلون الآخرون خبرة استفادوا منها عندما عادوا إلى سيناء وتواصلت معهم داعش واعتنقوا هدفها المتمثل في إقامة خلافة في أنحاء العالم الإسلامي. وقال المسؤولون إنه يبدو أنهم تأثروا بقوة بفكر أبو بكر البغدادي. وقال مسؤول أمني آخر إن التنظيم أرسل أسلحة وأموالا بحرا من العراق إلى ليبيا حيث برز المتشددون في خضم الفوضى التي أعقبت سقوط معمر القذافي عام 2011. وأضاف المسؤولون أن سهولة اختراق الحدود مكنت أنصار البغدادي بعد ذلك من السفر إلى سيناء على الجانب الآخر من مصر لتزويد أقرانهم من المتشددين الإسلاميين بما يحتاجونه.
وقال مسؤول أمني طلب عدم نشر اسمه "المتشددون الآخرون علموهم كيفية تفادي الوقوع في الأسر وتعلموا كيفية إطلاق النار بدقة وتجميع القنابل... أصبحوا خبراء." وقال ميل مكانتس مدير مركز سياسات الشرق الأوسط في معهد بروكينجز بواشنطن إن المعروف ليس كثيرا عن علاقة العمل بين فرع سيناء والقيادة المركزية للتنظيم. لكن يبدو أن الجماعة المصرية -شأنها شأن أفرع أخرى- تتمتع باستقلالية كبيرة.
وأكسبت الحملة الأمنية التي شنتها الدولة على الإخوان المسلمين وإسلاميين آخرين فرع التنظيم في سيناء قدرا من التأييد بين بعض الأهالي مما أتاح لمقاتليه الاختباء والعمل وسط السكان. ويقول المسؤولون الأمنيون إن متشددين من القاعدة وبينهم أشخاص جاءوا من أفغانستان كانوا يعملون بحرية بالغة في سيناء خلال حكم مرسي. ويقولون إنهم كانوا يتألفون من نحو أربعة آلاف مقاتل شكلوا نواة ولاية سيناء التي كان اسمها أنصار بيت المقدس قبل إعلان مبايعتها لتنظيم داعش العام الماضي.
وأدت الحملة على الإسلاميين إلى مقتل الكثير من المتشددين أو سجنهم أو فرارهم إلى دول مثل سوريا وليبيا. ويقول المسؤولون إن ولاية سيناء تتألف حاليا من بضع مئات من المتشددين المتفرقين في مجموعات. وقال مصدر أمني "يعمل التنظيم المتمركز الآن في قرى الشيخ زويد ورفح على شكل خلايا عنقودية كل مجموعة مكونة من سبعة أو ثمانية أفراد هم من يعرفون بعضهم البعض ولكنهم لا يعرفون باقي أعضاء التنظيم" لتقليل احتمالات الإمساك بهم. وقال آخر "عدد المتشددين صغير لكن تنفيذ تفجير انتحاري لا يحتاج لأكثر من شخص واحد." بحسب رويترز.
وفي العام الماضي قال مسؤولون أمنيون إن المصري وبضعة قياديين آخرين قتلوا. لكنه ظهر بعد ذلك في تسجيل مصور ليثبت أنه على قيد الحياة وأكد مجددا مبايعته البغدادي. وشوهد في التسجيل وبجانبه أسلحة قال إن رجاله استولوا عليها من 30 جنديا مصريا قتلوا في هجوم. وقال أحد شيوخ القبائل في سيناء "لاحظنا في الفترة الأخيرة أن أعضاء التنظيم يتطورون إلكترونيا. أصبحنا نرى معهم أجهزة كمبيوتر مثل أبل وأجهزة تليفون محمول حديثة ولا نعرف سبب هذا التطور." وأشار إلى أن بعضهم يتحرك في سيارات دفع رباعي حديثة من طراز تويوتا. وأضاف "يبدو أن طموحهم يزداد ويزداد."
الى جانب ذلك قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن بلاده لم تجد تعاونا كافيا من الدول الأخرى في مواجهة الإرهاب. وقال "انتشار ظاهرة الإرهاب التي طالما نادينا شركاءنا أن يتفاعلوا ويتعاملوا معها بمزيد من الجدية" مستمر. وأضاف "أستطيع أن أقول إن هذه الدعوات لم تلق من كثير من الأطراف التي تتعرض الآن وتعمل الآن علي تحقيق مصالح رعاياها (استجابة) بأن تواجه هذا الخطر".
اضف تعليق