حضور أغنى أغنياء العالم هو الحدث الأبرز في عودة ترامب إلى السلطة، هذا ينذر بأن أولويات الإدارة الجديدة في السنوات المقبلة سوف تصب في صالح النخبة من خلال سياسات الضرائب والعمالة والتجارة وغيرها. حذر بايدن من تزايد نفوذ الأقلية فاحشة الثراء في الولايات المتحدة مما يعرض الديمقراطية للخطر...
أعلن دونالد ترامب الإثنين بعد تنصيبه الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة، أنه سيضع حدّا لمرحلة “أفول” بلاده، واعدا بـ”عصر ذهبي” بدأ.
وأصبح ترامب البالغ 78 عاما الرئيس الأميركي الأكبر سنا لدى دخوله البيت الأبيض في ولايته الثانية.
وقال ترامب الاثنين خلال خطاب القسم “عصر الولايات المتحدة الذهبي بدأ الآن”، مضيفا “من اليوم فصاعدا، ستزدهر بلادنا وستُحترَم في كل أرجاء العالم”، معتبرا أن “مرحلة أفول الولايات المتحدة انتهت”.
واعتبر أن “الله انقذه ليعيد لأميركا عظمتها”، في إشارة الى محاولة الاغتيال التي تعرّض لها.
وأكد في الخطاب كل العناوين التي سبق له أن تحدّث عنها.
فأعلن أنه سيطرد “ملايين المجرمين الأجانب” الذين يقيمون بطريقة غير نظامية في الولايات المتحدة، قائلا “أولا سأعلن حالة طوارئ وطنية عند حدودنا الجنوبية. سنوقف كل عملية دخول غير قانونية وسنبدأ عملية إعادة ملايين من الأجانب المجرمين إلى الأماكن التي أتوا منها”.
لكن في منشور عبر منصة اكس “هنّأت الرئيسة المكسيكية كلاوديا شينباوم ترامب على تنصيبه وقالت “بصفتنا جيران وشركاء تجاريين، سيبقى الحوار والاحترام والتعاون رمزا لعلاقتنا”.
وشدّد ترامب في خطابه على أنه سيباشر “على الفور إصلاح نظامنا التجاري لحماية العمال والعائلات الأميركية. بدلا من فرض ضرائب على مواطنينا لإثراء دول أخرى، سنفرض رسوما جمركية وضرائب على دول أجنبية لإثراء مواطنينا”.
وسارع المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية فالديس دومبروفسكيس الى التعليق قائلا إن الاتحاد الأوروبي مستعد “للدفاع عن مصالحه” إذا اقتضت الضرورة.
وقال ترامب في خطابه إن “أزمة التضخّم ناجمة عن إنفاقات مفرطة إلى حدّ بعيد وارتفاع أسعار الطاقة، لذا سوف أعلن عن حالة طوارئ وطنية وسوف نحفر ونحفر يا أحبائي”، مستعيدا شعارا اعتمده في هذا السياق خلال حملته الانتخابية.
وفي بيان صدر عن البيت الأبيض فور انتهاء أداء اليمين، أعلنت الإدارة الأميركية الجديدة أن ترامب “سينسحب من اتفاق باريس للمناخ”.
ووعد ترامب بـ”زرع العلم الأميركي” فوق كوكب المريخ. وأضاف أن الولايات المتحدة “ستستعيد” قناة بنما، مؤكدا أن الصين سيطرت على هذا الممر المائي الحيوي، موضحا “لم نعطها (القناة) للصين بل أعطيانها لبنما. وسنستعيدها”. ولم يستبعد ترامب في السابق استخدام القوة ضد بنما.
ورد رئيس بنما خوسيه راول مولينو على ترامب في بيان على شبكة للتواصل الاجتماعي أعرب فيه عن “رفضه الكامل” لتصريحات ترامب، وشدّد على أن “القناة بنمية وستبقى كذلك”، مضيفا “لا حضور لأي من بلدان العالم ولا تدخل”.
إلى ذلك، أكّد ترامب أن السياسة الأميركية الرسمية ستعترف فقط “بجنسين ذكور واناث”.
كذلك تعهّد تغيير تسمية خليج المكسيك إلى خليج أميركا.
وحضر المراسم الرؤساء الأميركيون السابقون بيل كلينتون وجورج بوش وباراك أوباما. كما كان حاضرا رئيس مجموعة “ميتا” مارك زاكربرغ ومؤسس شركة “أمازون” جيف بيزوس وقطب التكنولوجيا إيلون ماسك المقرّب جدا من ترامب.
وقال ماسك بعد التنصيب إن فوز ترامب شكل “تطورا مصيريا للحضارة البشرية”.
ويحظى ترامب بغالبية ضئيلة في الكونغرس، وبمحكمة عليا باتت يمينية بعد التعيينات التي أجراها في ولايته الأولى، ويسيطر بشكل تام على الحزب الجمهوري، واختار وزراءه ومستشاريه بناء على معيار جوهري هو ولاؤهم له.
وافتتح ترامب عهده الجديد بزخم مع توقيعه مراسيم تنفيذية تطبيقا لبرنامجه الانتخابي، تناولت مواضيع شتى من مكافحة الهجرة غير القانونية وتعزيز إنتاج المحروقات والإقرار بـ”جنسين ذكور وإناث” لا غير لوضع حد لـ”هذيان التحول الجنسي”.
غير أن تساؤلات تطرح حول ما إذا كان ترامب الذي أبدى في غالب الأحيان خلال ولايته الأولى تمنعا حيال متطلبات الرئاسة، عازما فعلا أو حتى قادرا على المضي في التنفيذ الكامل لوعوده المدوية، ولا سيما في ظل الغالبية الضئيلة التي يحظى بها في الكونغرس.
وإن كان البعض يأمل في رؤية ترامب أكثر هدوءا من قبل بعد عودته إلى البيت الأبيض، فقد خاب أملهم سريعا.
ففي خطاب قاتم وينم عن رغبة في الانتقام، توعد الجمهوري بمهاجمة “نخبة فاسدة وراديكالية”، أمام أنظار سلفه جو بايدن الذي لم يظهر أي رد فعل.
كما أعلن عن الخطوات الأولى من تحركه لوقف الهجرة، فأعلن “حالة طوارئ وطنية على الحدود الجنوبية” مع المكسيك، تسمح له بتعبئة القوات المسلحة “لدحر الغزو الكارثي لبلادنا”.
وقال “سنبدأ بطرد ملايين وملايين الأجانب المجرمين”.
مطامع توسعية
وأعلن ترامب عن تدابير تشير إلى تراجع كامل عن السياسة الأميركية لمكافحة الاحترار المناخي.
وأعلن الملياردير حالة طوارئ في مجال الطاقة بهدف زيادة إنتاج المحروقات في الولايات المتحدة، رغم أن البلد هو حاليا المنتج الأول في العالم.
كما يعتزم ترامب سحب بلاده مجددا من اتفاق باريس حول المناخ، مع العلم أن الولايات المتحدة هي الدولة الملوثة الأولى في العالم، وذلك بعد انسحابه منه خلال ولايته الأولى في قرار ألغاء بايدن لاحقا.
وفي تأكيد على مطامعه التوسعية، أكد ترامب أن الولايات المتحدة “ستستعيد” قناة بنما، وأن على الدنمارك أن “تتقبل فكرة” التنازل عن غرينلاند، وأن العلم الأميركي سيرفع على المريخ خلال ولايته.
أما الرسوم الجمركية المشددة التي تعهد ترامب بفرضها على بلدان مثل كندا والمكسيك، فلم يصدر قرارا بشأنها في اليوم الأول من رئاسته مثلما وعد، بل أرجأها إلى الأول من شباط/فبراير.
إنقاذ أمريكا من الانحدار
وقال ترامب في إشارة إلى محاولة اغتياله في يوليو تموز عندما أصابته رصاصة في أذنه "إن الله أنقذني لأجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى".
ويواجه مهمة شاقة في الوفاء بوعده المعلن تدشين "عصر ذهبي لأمريكا" في مواجهة الكونجرس المنقسم بشدة ودعاوى قضائية وزعماء عالميين قد لا يسيرون على دربه.
ولم يتخذ ترامب أي إجراءات فورية بشأن الاقتصاد أو التضخم، وهما القضيتان اللتان ساعدتاه في العودة إلى البيت الأبيض.
وبعد وقت قصير من التنصيب، قالت سلطات الحدود في الولايات المتحدة إنها أغلقت برنامجا لبايدن سمح لمئات الآلاف من المهاجرين بدخول الولايات المتحدة بشكل قانوني.
وسعى ترامب إلى تصوير نفسه بأنه صانع سلام ومؤمن بالوحدة والتلاحم لكن خطابه اتخذ شكلا حزبيا على نحو كبير. وأعاد ما قاله دون دليل خلال حملته الانتخابية بأن دولا أخرى تفرغ سجونها في الولايات المتحدة ووصف الملاحقات الجنائية التي تعرض لها بأنها ليس لها أساس وهو ما دأب على قوله.
وبينما كان بايدن جالسا على مقربة خلال مراسم التنصيب، وجه ترامب اتهامات لاذعة للسياسات التي انتهجها سلفه فيما يتعلق بالهجرة والشؤون الخارجية.
وقال ترامب "لدينا حكومة قدمت تمويلا غير محدود للدفاع عن حدود (دول) أجنبية، لكنها ترفض الدفاع عن الحدود الأمريكية، أو الأهم من ذلك عن شعبها".
ويعود الجمهوري ترامب إلى واشنطن أكثر جرأة بعد فوزه في التصويت الشعبي على منافسته الديمقراطية هاريس بأكثر من مليوني صوت نتيجة لإحباط الناخبين من التضخم المستمر، لكنه لم يحصل على الأغلبية البالغة 50 بالمئة.
وسيستفيد ترامب، الذي تجاوز بايدن ليصبح أكبر الرؤساء سنا عند أداء اليمين، من الأغلبية التي يتمتع بها الجمهوريون في مجلسي النواب والشيوخ بالكونجرس. ووضع مستشاروه خططا لاستبدال البيروقراطيين غير الحزبيين بموالين مختارين بعناية.
وحتى قبل توليه المنصب، أنشأ ترامب مركز قوة منافسا خلال الأسابيع التي أعقبت فوزه في الانتخابات، والتقى بزعماء من دول العالم وأثار الذعر بتعليقات مثل تلك المتعلقة بالسيطرة مجددا على قناة بنما وشراء جزيرة جرينلاند التابعة للدنمرك عضو حلف شمال الأطلسي وفرض رسوم جمركية على أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.
واتضح نفوذه بالفعل في إعلان إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) الأسبوع الماضي عن توصلهما لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. وحذر ترامب، الذي انضم مبعوثه إلى المفاوضات في قطر، من أن أبواب الجحيم ستنفتح على مصراعيها إذا لم تطلق حماس سراح الرهائن قبل تنصيبه.
وزعم ترامب خلال حملته الانتخابية أنه سينهي الحرب بين روسيا وأوكرانيا من أول يوم له في المنصب، لكن مستشاريه قالوا إن التوصل لاتفاق سلام سيستغرق شهورا.
أوليغارشية أغنى أغنياء العالم
ليس من المعتاد أن يشبه الحضور في حفل تنصيب الرئيس الأمريكي التجمع السنوي لأثرياء العالم في دافوس بسويسرا، والذي انطلقت فعالياته يوم الاثنين، لكن كان من الصعب تجاهل هذا التشابه خلال أداء دونالد ترامب اليمين رئيسا للولايات المتحدة.
وحضر أغنى أثرياء العالم مراسم تنصيب ترامب في واشنطن يوم الاثنين والحفلات الراقصة الفخمة التي أقيمت بعد ذلك للاحتفال مع الرئيس الجديد.
وكان من بين أبرز الحضور أغنى ثلاثة رجال في العالم، إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا وجيف بيزوس الرئيس التنفيذي لشركة أمازون ومارك زكربيرج الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، ويبلغ إجمالي ثرواتهم معا وفقا لمجلة فوربس نحو 900 مليار دولار.
ويرى البعض أن حضور أغنى أغنياء العالم هو الحدث الأبرز في عودة ترامب إلى السلطة في واشنطن بعد محاولته إلغاء نتائج انتخابات عام 2020 التي خسرها أمام جو بايدن.
وبالنسبة لآخرين، فإن هذا ينذر بأن أولويات الإدارة الجديدة في السنوات المقبلة سوف تصب في صالح النخبة من خلال سياسات الضرائب والعمالة والتجارة وغيرها.
وكان بايدن قد حذر في خطاب الوداع من تزايد نفوذ الأقلية فاحشة الثراء في الولايات المتحدة مما يعرض الديمقراطية للخطر.
وبعد أن أنفق ماسك ما يزيد على 250 مليون دولار على الحملة الانتخابية لترامب، فربما يكون الأوفر حظا لدى الإدارة الجديدة.
واختار ترامب الرئيس التنفيذي لشركة تسلا لقيادة لجنة جديدة لإيجاد طرق لخفض الإنفاق الحكومي، ومن المتوقع أن يضغط ماسك من أجل الحصول على موافقة تنظيمية أسرع للسيارات ذاتية القيادة، وهناك تساؤلات حول سير التحقيقات الاتحادية معه ومع شركاته مع وجود ترامب في السلطة.
وبعد فوز ترامب في نوفمبر تشرين الثاني على نائبة الرئيس كامالا هاريس، سارع العديد من الرؤساء التنفيذيين للشركات الكبرى إلى التقرب من ترامب وخاصة زكربيرج.
وأعلنت ميتا أنها ستعلق تقصي الحقائق على منصتها في الولايات المتحدة. وجلس زكربيرج بجوار قاضي المحكمة العليا بريت كافانو في حفل الغداء الحصري للتنصيب يوم الاثنين، والذي حضره أيضا بيزوس وتيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة أبل.
كما أقام الرئيس التنفيذي لشركة ميتا حفلا يوم الاثنين قبل تنصيب ترامب حضره مليارديرات آخرون من مانحي الحزب الجمهوري.
بدورها حذرت منظمة غير حكومية رائدة الاثنين من ظهور “أوليغارشية أرستقراطية” ناشئة تتمتع بنفوذ سياسي هائل ومستعدة للاستفادة من رئاسة دونالد ترامب في الولايات المتحدة، فيما تتجه النخب العالمية إلى دافوس لعقد مؤتمرها السنوي.
ينطلق المنتدى الاقتصادي العالمي في المنتجع الجبلي السويسري في نفس يوم تنصيب ترامب، الذي لن يكون في دافوس لكن ستكون له مشاركة عبر الإنترنت في وقت لاحق من الأسبوع.
وقالت منظمة أوكسفام الخيرية العالمية في تقرير إن فوز ترامب في الانتخابات وخططه لخفض الضرائب هي نعمة لأصحاب المليارات الذين نمت ثرواتهم مجتمعة بمقدار 2 تريليون دولار إضافية في العام الماضي إلى 15 تريليون دولار.
وأكدت أوكسفام في تقريرها السنوي حول كبار الأثرياء الذي يصدر تقليديا قبل منتدى دافوس، “يتم منح تريليونات الدولارات في الميراث، مما يخلق أوليغارشية أرستقراطية جديدة تتمتع بقوة هائلة في سياستنا واقتصادنا”.
ورددت المنظمة بذلك كلاما مماثلا صدر الأسبوع الماضي عن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، الذي حذر من أوليغارشية فائقة الثراء “تهدد حرفيا ديمقراطيتنا بأكملها”.
وأشارت أوكسفام إلى أن مالك شركة تيسلا ومنصة إكس إيلون ماسك ساعد في تمويل حملة ترامب.
وقال المدير التنفيذي للمنظمة الخيرية أميتاب بيهار “جوهرة التاج لهذه الأوليغارشية هي رئيس ملياردير، يدعمه ويشتريه أغنى رجل في العالم إيلون ماسك، ويدير أكبر اقتصاد في العالم”.
وأضاف بيهار “نقدم هذا التقرير كنداء تنبيه صارخ بأن الناس العاديين في جميع أنحاء العالم يتعرضون للسحق بسبب الثروة الهائلة لقلة قليلة”.
وبحسب التقرير الذي حمل عنوان “الآخذون لا الصانعون”، ظهر العام الماضي 204 مليارديرات جدد، أي بمعدل أربعة كل أسبوع تقريبا، ليصل الإجمالي إلى 2769.
وسجلت ثروة المليارديرات الإجمالية العام الماضي نموا أسرع بثلاث مرات من العام 2023، إذ زادت ثروة كل منهم بمعدل 2 مليون دولار يوميا في المتوسط.
ووفقا لأوكسفام، قد يظهر خمسة تريليونيرات في غضون عقد من الزمن.
ورأت المنظمة أن انتخاب ترامب “أعطى دفعة كبيرة إضافية لثروات أصحاب المليارات، في حين من المتوقع أن تؤجج سياسته نيران عدم المساواة”.
وقالت رئيسة أوكسفام فرنسا سيسيل دوفلو “في الولايات المتحدة، نحن في وضع حيث يمكنك شراء دولة، مع خطر إضعاف الديمقراطية”.
وسيحضر تنصيب ترامب كل من ماسك،، ومؤسس أمازون جيف بيزوس، ومارك زوكربيرغ، الذي تمتلك إمبراطوريته ميتا تطبيقات فيسبوك وإنستغرام وواتساب.
لكن من غير المتوقع أن يحضر أقطاب التكنولوجيا الثلاثة إلى دافوس.
من المرتقب حضور نحو 3000 مشارك إلى المنتدى الذي يستمر حتى الجمعة في منتجع التزلج السويسري، وبينهم 60 رئيس دولة أو حكومة وأكثر من 900 رئيس تنفيذي، لأيام من التقارب وعقد الصفقات خلف الكواليس.
قام بضع مئات من المتظاهرين الأحد بإغلاق طريق مؤد إلى دافوس، حاملين لافتات كتب عليها “فرض الضرائب على الأثرياء” و”حرق النظام”، مما تسبب في ازدحام مروري حتى فرقتهم الشرطة.
قالت الوريثة النمساوية الألمانية مارلين إنغلهورن، التي تبرعت بمعظم ميراثها المقدر بملايين اليوروهات لعشرات المنظمات العاملة في القضايا الاجتماعية، إن “المنتدى الاقتصادي العالمي يرمز إلى مدى القوة التي يتمتع بها الأثرياء مثلي”.
وأوضحت لفرانس برس “لمجرد أننا ولدنا مليونيرات، أو لأن الحظ حالفنا لمرة ونسمي ذلك عصاميين، يتسنى لنا الآن التأثير على السياسيين في جميع أنحاء العالم بأفضلياتنا السياسية”.
وبالرغم من أن ترامب لن يكون شخصيا في المنتدى، إلا أن رئاسته ستهيمن على المناقشات.
وستكون لخططه بفرض تعريفات جمركية مشددة وتخفيف القيود التنظيمية وتمديد الإعفاءات الضريبية، والحد من الهجرة، آثار بعيدة المدى على الاقتصاد العالمي.
وعين مدير صندوق التحوط سكوت بيسنت وزيرا للخزانة، بينما سيتولى رجل الأعمال الملياردير هاورد لوتنيك وزارة التجارة.
وأدت التفاوتات المتزايدة إلى تأجيج المناقشات حول فرض ضريبة عالمية على الأثرياء.
ويصر موريس بيرل، المدير الإداري السابق لشركة الاستثمار العملاقة بلاك روك “لا أريد أن أعيش في بلد فيه عدد ضئيل من الأثرياء والكثير من الفقراء”. وهو الآن عضو في مجموعة المليونيرات الوطنيين، وهي مجموعة تدعم زيادة الضرائب على الأثرياء.
وأضح لفرانس برس “أخشى أن نشهد اضطرابات مدنية إذا لم نغير الأمور”.
أوليغارشية أميركية
من جهته حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن في خطاب وداعي ألقاه مساء الأربعاء قبل أيام من انتهاء ولايته من خطورة “أوليغارشية تتشكّل في أميركا”، معتبرا كذلك أنّ “الأميركيين غارقون في سيل من الأخبار المضلّلة” ممّا يهدّد بـ”إساءة استخدام السلطة”.
وفي آخر خطاب إلى الأمة قبل مغادرته البيت الأبيض الإثنين، قال الرئيس الديموقراطي إنّ الولايات المتحدة تواجه “تركّزا خطرا للسلطة في أيدي حفنة من الأشخاص الفاحشي الثراء”.
وسلّم بايدن (82 عاما) السلطة ظهر الإثنين إلى سلفه الملياردير الجمهوري دونالد ترامب الذي تحالف مع مسؤولين تنفيذيين في قطاع التكنولوجيا المتطورة في مقدّمهم إيلون ماسك، أثرى رجل في العالم.
كما حذّر الرئيس المنتهية ولايته من “عواقب خطرة إذا لم يتمّ وضع حدّ لإساءة استخدامهم السلطة”.
وقال في خطابه الوداعي الذي اتّسم بسوداوية شديدة “اليوم تتشكّل أوليغارشية في أميركا، تشكّل ثروتها الهائلة وقوتها ونفوذها تهديدا ملموسا لديموقراطيتنا بأكملها وحقوقنا الأساسية وحرياتنا”.
كما شن بايدن هجوما على شبكات التواصل الاجتماعي، بعدما حول ماسك موقع إكس إلى منبر يميني، وأنهى رئيس “ميتا” مارك زوكربيرغ عمليات التثبت من الحقائق في الولايات المتحدة بينما يسعى للتودد إلى ترامب.
وحذّر أيضا من أنّ “الأميركيين غارقون في سيل من الأخبار المضلّلة” ممّا قد يؤدي إلى “إساءة استخدام السلطة”.
وقال “الصحافة الحرة تنهار. المحررون يختفون. وسائل التواصل الاجتماعي تتخلى عن التحقق من الحقائق. الحقيقة تخنقها الأكاذيب التي تقال من أجل السلطة والربح”.
وذكّر بايدن بتحذير صارخ أصدره الرئيس دوايت أيزنهاور في خطاب وداعه عام 1961 حول مخاطر المجمع الصناعي العسكري الخارج عن السيطرة.
وأضاف “أنا قلق بالقدر نفسه من الصعود المحتمل للمجمع الصناعي التكنولوجي”.
وخصّص بايدن جزءا من خطابه القاتم للتحذير من مخاطر عدم استمرار جهود مكافحة التغيّر المناخي.
وقال إنّ هناك “قوى كبيرة” تهدّد التقدّم الذي تمّ إحرازه في مكافحة التغيّر المناخي “وهو خطر وجودي لم يكن في أي وقت أكثر وضوحا”، مشيرا الى الكوارث الطبيعية التي لا تنفك تتزايد وآخرها الحرائق الهائلة المستعرة منذ أسبوع في لوس أنجليس والإعصار المدمّر الذي ضرب ولاية كارولاينا الشمالية العام الماضي.
كما حذر من صعود الذكاء الاصطناعي، معتبرا أن أميركا يجب أن تمسك بزمام المبادرة في التكنولوجيا التحويلية في مواجهة الصين.
وفي ختام كلمته مع عودة ترامب لولاية ثانية الاثنين، قال بايدن للأميركيين “الآن جاء دوركم للتيقظ”.
اضف تعليق