كانت شعبية يون في أدنى مستوياتها على الإطلاق قبل إعلانه الأحكام العرفية، قبل إلغائها تحت ضغوط من النواب والشارع، وصار في وضع صعب مع اشتداد الضغط حتى من داخل صفوف حزبه. وعلّل الرئيس الخطوة بتهديدات من كوريا الشمالية و”قوى مناهضة للدولة” في إشارة ضمنية للمعارضة. وأغلق مبنى البرلمان...
أثارت الخطوة التي اتخذها الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، مساء الثلاثاء، بإعلانه حالة الطوارئ وفرض الأحكام العرفية في البلاد صدمة في بلد يُعتبر نموذجًا للديمقراطية الحديثة لعقود، لكنها أطلقت أيضًا ذكريات مؤلمة لحقبة استبدادية في الماضي.
اتهمت ستة أحزاب معارضة في كوريا الجنوبية في مذكرة حجب ثقة قدمتها الأربعاء، الرئيس يون سوك يول بـ”انتهاك الدستور بشكل خطر” من أجل “تجنب الملاحقة الجنائية”.
وشهدت كوريا الجنوبية يوما من الغضب والاحتجاجات الأربعاء بعد ليلة من الفوضى، بعدما حاول الرئيس يون فرض الأحكام العرفية للمرة الأولى منذ أربعة عقود.
وصار مستقبل يون، المدعي العام السابق الذي أصبح رئيسا عام 2022، مهددا.
وأعلنت أحزاب المعارضة الستة الممثلة في البرلمان أن مذكرة سحب الثقة التي يتطلب اعتمادها غالبية الثلثين، يمكن طرحها للتصويت اعتبارا من الجمعة.
ونزل متظاهرون الى الشارع مساء الأربعاء بالتوقيت المحلي، مطالبين بتنحي الرئيس أو عزله، وتوجهوا نحو القصر الجمهوري، وفق لقطات بثتها قنوات محلية.
وتحرك الآلاف نحو مقر الرئيس بعد تحرك أقيم في إحدى ساحات وسط سيول، بينما كان يقام تجمع آخر دعت إليه أحزاب المعارضة قرب البرلمان.
كانت شعبية يون في أدنى مستوياتها على الإطلاق قبل إعلانه الأحكام العرفية في خطاب ألقاه في وقت متأخر الثلاثاء، قبل إلغائها تحت ضغوط من النواب والشارع، وصار في وضع صعب مع اشتداد الضغط حتى من داخل صفوف حزبه.
وعلّل الرئيس الخطوة بتهديدات من كوريا الشمالية و”قوى مناهضة للدولة” في إشارة ضمنية للمعارضة.
كذلك، أشار يون الذي تم انتخب بفارق ضئيل في العام 2022 ولم يحصل على غالبية في البرلمان مطلقا، قد أشار إلى “ديكتاتورية تشريعية” واتهم نواب المعارضة بعرقلة “جميع الميزانيات الضرورية للوظائف الأساسية للأمة”.
وأغلق مبنى البرلمان بعد فرض الأحكام العرفية، ونقلت مروحيات جنودا الى حرمه. وتولى قائد الجيش الجنرال بارك آن-سو مسؤولية تنفيذ قانون الأحكام العرفية.
الا أن 190 نائبا تمكنوا من دخول مبنى الجمعية الوطنية وصوّتوا لصالح رفع الأحكام العرفية. ورضخ الرئيس سريعا لهذا الطلب، علما أن الدستور يوجب رفع الأحكام العرفية في حال طلبت غالبية برلمانية هذا الأمر.
وتضمن فرض الأحكام العرفية تعليق الحياة السياسية وإغلاق البرلمان ووضع وسائل الإعلام تحت الرقابة.
ولم يسلم الرئيس من الانتقادات في أوساط مناصريه حتى، إذ قدّم عدد من كبار معاونيه “استقالتهم بشكل جماعي”، بحسب وكالة “يونهاب”.
كذلك، عرض وزير الدفاع الاستقالة، مؤكدا أنه يتحمل “المسؤولية الكاملة عن الارتباك والقلق” بشأن قانون الأحكام العرفية.
واعتبر زعيم الحزب الحاكم الأربعاء قرار الرئيس “مأسويا”، داعيا إلى “محاسبة كلّ المسؤولين” عن هذه المحاولة الفاشلة.
ودعا أكبر اتحاد عمالي الى “إضراب عام مفتوح” لحين استقالة الرئيس الذي يشغل المنصب منذ العام 2022.
حتى بداية مساء الأربعاء، لم يكن رئيس الدولة قد ظهر علنا بعد التراجع عن فرض الأحكام العرفية.
وأشار مراسلو وكالة فرانس برس إلى أن التظاهرة التي كانت متجهة إلى القصر الرئاسي تفرقت بسلاسة عند منتصف المساء.
تم تفعيل الأحكام العرفية آخر مرة في العام 1980 في كوريا الجنوبية، عندما خرج مئات الآلاف من الأشخاص إلى الشوارع للاحتجاج على الانقلاب العسكري. وتم قمع التظاهرات بشكل دموي.
وبسبب الأحداث، أغلقت بورصة سيول للأوراق المالية الأربعاء على انخفاض بنسبة 1,4%.
اعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته الثلاثاء أن رفع الأحكام العرفية يظهر “التزام” كوريا الجنوبية بسيادة القانون، في حين أكد الاتحاد الأوروبي مجددا شراكته الاستراتيجية مع سيول.
وقد “أخذت الصين علما” بإعلان كوريا الجنوبية الأحكام العرفية ورفعها، لكنها قالت إنها “لن تعلق” على شؤون البلاد الداخلية.
انهيار الديمقراطية
وقال النائب عن الحزب الديمقراطي كيم يونج مين للصحفيين "لا يمكننا تجاهل فرض الأحكام العرفية غير القانونية... لم يعد بإمكاننا السماح للديمقراطية بالانهيار".
ودعا زعيم حزب (سلطة الشعب الحاكم) الذي ينتمي إليه يون إلى إقالة وزير الدفاع كيم يونج-هيون واستقالة مجلس الوزراء بأكمله. وقالت وزارة الدفاع إن كيم عرض الاستقالة.
وقال الرئيس يون في خطاب بثه التلفزيون إن الأحكام العرفية ضرورية للدفاع عن كوريا الجنوبية في مواجهة كوريا الشمالية المسلحة نوويا والقوات المناهضة للدولة المؤيدة لبيونجيانج وحماية نظامها الدستوري الحر رغم أنه لم يحدد ماهية التهديدات.
وتبع ذلك مشاهد فوضوية، إذ تسلق جنود مبنى البرلمان من خلال النوافذ المحطمة وحلقت مروحيات عسكرية في السماء. وحاول معاونون في البرلمان إبعاد الجنود باستخدام طفايات الحريق، واشتبك متظاهرون مع الشرطة في الخارج.
وألغى الرئيس الأحكام العرفية بعد نحو ست ساعات من إعلانها.
وهتف متظاهرون خارج الجمعية الوطنية مرددين "لقد فزنا!"، وصفقوا وقرعوا الطبول.
وكان يون قريبا من زعماء الدول الغربية باعتباره شريكا في الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لحشد الأنظمة الديمقراطية في مواجهة السلطوية المتنامية في الصين وروسيا ودول أخرى.
لكنه تسبب في إثارة القلق بين الكوريين الجنوبيين عندما وصف منتقديه بأنهم "قوى شيوعية شمولية ومعادية للدولة" وسط تراجع شعبيته.
بدت الأوضاع هادئة بشكل كبير في سول يوم الأربعاء مع سير الأمور بشكل طبيعي في أوقات الذروة المرورية.
لكن اتحاد عمال هيونداي موتور أعلن عزمه تنظيم إضراب يومي الخميس والجمعة كما نصحت بعض الشركات الكبرى موظفيها بالعمل من المنزل.
وشهدت الأسواق المالية تقلبات، مع هبوط الأسهم الكورية الجنوبية بنحو 1.3 بالمئة، بينما استقر الوون رغم أنه لا يزال بالقرب من أدنى مستوى في عامين. وأفاد متعاملون بأن السلطات الكورية الجنوبية ربما تدخلت للحد من تراجع العملة المحلية.
وعقد وزير المالية تشوي سانج-موك ومحافظ بنك كوريا ري تشانج-يونج اجتماعات طارئة الليلة الماضية، وتعهدت وزارة المالية بدعم الأسواق إذا اقتضت الحاجة.
وقالت الحكومة في بيان "سنضخ سيولة غير محدودة في الأسهم والسندات وسوق النقد قصيرة الأجل وكذلك سوق النقد الأجنبي في الوقت الحالي حتى تعود إلى طبيعتها تماما".
وقالت إحدى سلاسل المتاجر الكبرى في كوريا الجنوبية، طلبت عدم الإفصاح عن اسمها، إن مبيعات السلع المعلبة والنودلز سريعة التحضير والمياه المعبأة شهدت ارتفاعا كبيرا الليلة الماضية.
وقال كيم بيونج-إن (39 عاما) الذي يعيش في سول لرويترز "أنا منزعج للغاية من هذا الموقف، ويساورني قلق بالغ حيال مستقبل البلاد".
ويمكن للجمعية الوطنية عزل الرئيس إذا صوت أكثر من ثلثي المشرعين لصالح ذلك. ثم تعقد المحكمة الدستورية جلسة، والتي يمكن أن تصدق على القرار بتصويت ستة من القضاة التسعة.
ويسيطر حزب يون على 108 مقاعد في الهيئة التشريعية المكونة من 300 عضو.
إذا تنحى يون أو أُقيل، فإن رئيس الوزراء هان داك-سو سيتولى منصب الرئيس لحين إجراء انتخابات جديدة في غضون 60 يوما.
وقال دانيال روسيل، نائب رئيس معهد أبحاث السياسات التابع لجمعية آسيا في الولايات المتحدة، تعليقا على إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية الذي يحدث لأول مرة منذ عام 1980 "نجت كوريا الجنوبية من كارثة لكن الرئيس يون ربما يكون قد أوقع نفسه في مأزق".
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إنه يرحب بقرار يون إلغاء إعلان الأحكام العرفية.
وأضاف في بيان "نستمر في توقع حل الخلافات السياسية سلميا ووفق سيادة القانون".
وهناك نحو 28500 جندي أمريكي في كوريا الجنوبية من بعد الحرب الكورية التي دارت بين 1950 و1953.
وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي للصحفيين إن الوضع السياسي في كوريا الجنوبية هو "شأن داخلي" للبلاد.
وقالت روسيا إنها تتابع الأحداث "المأساوية" في كوريا الجنوبية بقلق.
وإثر قرار الرئيس سارعت الجمعية الوطنية التي تهيمن عليها المعارضة إلى التصويت على رفع الأحكام. لكنّ الجيش أعلن أنه لن ينفّذ قرارها إذا لم يأمره الرئيس بذلك.
وفي نهاية المطاف، صادقت الحكومة ليلا على رفع الأحكام العرفية، وفق ما أفادت وكالة “يونهاب” للأنباء.
ورفعت الأحكام العرفية إثر خطاب متلفز ليون قال فيه “قبل قليل، كان هناك طلب من الجمعية الوطنية برفع حالة الطوارئ، قمنا بسحب الجيش الذي نشر لتطبيق عمليات الأحكام العرفية. سنقبل طلب الجمعية الوطنية ونرفع الأحكام العرفية”.
وقوبل الاعلان بفرحة في أوساط متظاهرين نزلوا الى الشوارع احتجاجا على فرض الأحكام العرفية، خصوصا عند البرلمان، بحسب مراسلي وكالة فرانس برس.
تهمة التمرّد على الديمقراطية
من جهته، طالب الحزب الرئيسي المعارض الرئيس بالتنحّي، متّهما إياه بـ”التمرد”.
وقال زعيم الحزب الديموقراطي بارك تشان-داي في بيان “حتى لو تمّ رفع الأحكام العرفية، فمن المستحيل تجنّب تهمة التمرّد”، مضيفا “يجب عليه أن يتنحّى”.
بدوره، اعتبر زعيم الحزب الحاكم قرار يون فرض الأحكام العرفية “مأسويا”، داعيا إلى “محاسبة كلّ المسؤولين” عن هذه المحاولة الفاشلة.
وقال هان دونغ-هون زعيم حزب “قوة الشعب” للصحافيين في بث تلفزيوني مباشر على الهواء “يجب على الرئيس أن يشرح بصورة مباشرة وشاملة هذا الوضع المأسوي”، مشددا على أنّ “كلّ المسؤولين عن هذا الأمر يجب أن يحاسبوا بشكل صارم”.
أما أكبر اتحاد للعمّال في البلاد فدعا من ناحيته إلى “إضراب عام مفتوح” إلى حين استقالة الرئيس.
وقال “الاتّحاد الكوري لنقابات العمّال” الذي يضمّ 1.2 مليون عضو إنّ رئيس الجمهورية اتّخذ “إجراء غير عقلاني ومناهضا للديموقراطية” وبالتالي “وقّع وثيقة نهاية حكمه”.
وأبدى البيت الأبيض “ارتياحه” لتراجع يون عن قراره فرض الأحكام العرفية.
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي في بيان “نحن مرتاحون لتراجع الرئيس يون عن قراره فرض الأحكام العرفية واحترامه لتصويت الجمعية الوطنية الكورية على إنهاء العمل” بهذه الحالة الاستثنائية.
بدوره، رحّب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن برفع الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية ودعا لحل الخلافات في هذا البلد “سلميا”.
وقال المتظاهر لين جين-هوا (48 عاما) لفرانس برس “بعدما شاهدت التقارير عن دخول الجنود مبنى الجمعية، كان عليّ القدوم الى هنا لحماية ديموقراطيتنا”.
وتعدّ كوريا الجنوبية ذات النظام السياسي الديموقراطي حليفا رئيسيا في آسيا للولايات المتحدة التي تنشر آلاف الجنود على أراضيها.
ولا تزال كوريا الجنوبية وجارتها الشمالية المسلحة نوويا، في حالة حرب رسميا منذ نهاية النزاع في شبه الجزيرة الكورية عام 1953.
وكان القلق سمة طاغية في غالبية المواقف الدولية، إذ قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف إن “الوضع مقلق. نحن نتابعه من كثب”، بينما أكد متحدث باسم الأمين للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن الأخير يتابع الوضع الذي “يتطور بشكل سريع”.
وكان قائد الجيش الكوري الجنوبي أعلن في بيان بعد قرار الرئيس، حظر كل النشاطات السياسية، على أن تصبح كل وسائل الإعلام تحت مراقبة الحكومة.
وقال أستاذ الدراسات الكورية في جامعة أوسلو فلاديمير تيخونوف إن ما قام به الرئيس هو أشبه بمحاولة “لإعادة عقارب الساعة الى الوراء”.
وأضاف لفرانس برس “لا أعتقد أن المجتمع المدني في كوريا قادر على النظر الى يون على أنه رئيس شرعي بعد اليوم”.
وتتباين المواقف بشكل حاد بشأن ميزانية السنة المقبلة بين يون وحزب قوة الشعب الذي يتزعمه، والحزب الديموقراطي المعارض.
وأقرّ نواب المعارضة في لجنة نيابية الأسبوع الماضي، مقترح ميزانية مخفّضة بشكل كبير. واقتطعت المعارضة نحو 4,1 تريليونات وون (2,8 مليار دولار) من الميزانية التي اقترحها رئيس الجمهورية، وخفّضت صندوق الاحتياط الحكومي وميزانيات النشاطات لمكتب الرئيس والادعاء والشرطة ووكالة التدقيق التابعة للدولة.
واتهم يون، وهو مدعٍ عام سابق، نواب المعارضة باقتطاع “كل الميزانيات الضرورية لوظائف الدولة الأساسية، مثل مكافحة جرائم المخدرات والحفاظ على السلامة العامة” وبالتالي “تحويل البلاد الى ملاذ آمن للمخدرات وحال من الفوضى في السلامة العامة”.
وأتى فرض الأحكام العرفية بعدما تراجعت شعبية يون الى 19 في المئة فقط في أحدث استطلاع لمعهد غالوب الأسبوع الماضي، مع إبداء كثيرين عدم رضاهم على إدارته للاقتصاد والجدل المحيط بزوجته كيم كيون هي.
وتسببت الأزمة في دولة تتبع نهجا ديمقراطيا منذ ثمانينيات القرن العشرين، وهي حليفة للولايات المتحدة واقتصاد آسيوي رئيسي، في إثارة قلق دولي.
وأفادت وكالة يونهاب للأنباء بتأجيل محادثات دفاعية مقررة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة وتدريبات عسكرية مشتركة بين الجانبين.
وقال متحدث باسم رئيس وزراء السويد أيضا إنه أرجأ زيارة لكوريا الجنوبية.
وقال كيرت كامبل نائب وزير الخارجية الأمريكي في وقت سابق إن الولايات المتحدة تراقب الأحداث في كوريا الجنوبية "بقلق بالغ" وتأمل في حل أي نزاعات سياسية سلميا ووفقا لسيادة القانون.
وقال حزب كوريا الديمقراطي المعارض ردا على ذلك "هذا الإعلان غير قانوني ويشكل فعلا إجراميا إذ ينتهك بشكل مباشر الدستور وقوانين أخرى".
وأضاف "هذا انقلاب".
استقالات جماعية
بدوره أعلن مكتب الرئيس الكوري الجنوبي، يون سوك يول، الأربعاء، أن كبير موظفي الرئيس وأكثر من 10 من مساعديه الكبار تقدموا باستقالاتهم.
كما قدم وزير الدفاع الكوري الجنوبي كيم يونغ هيون استقالته إلى الرئيس، وفقًا لوكالة يونهاب للأنباء، عقب الانتقادات المتزايدة بشأن الأحكام العرفية قصيرة الأجل التي فرضها الرئيس وأشعلت فوضى سياسية في البلاد.
ويتعين على الرئيس يون سوك يول الموافقة على استقالة الوزير قبل أن يتمكن من مغادرة المنصب.
وجاء الإعلان بعد لحظات فقط من إعلان الحزب الديمقراطي المعارض الرئيسي في كوريا الجنوبية أنه قدم اقتراحًا للبرلمان لعزل وزير الدفاع. وفقًا للمحللين، إذا تم قبول استقالة وزير الدفاع وتنحى، فلن يكون الاقتراح ضروريًا.
من هو يون سوك يول؟
يشغل يون سوك يول، ممثل حزب قوة الشعب المحافظ، منصب رئيس كوريا الجنوبية منذ عام 2022.
فاز يول في الانتخابات بهامش ضئيل للغاية، متقدمًا على منافسه لي جاي ميونغ - عضو الحزب الديمقراطي - بأقل من نقطة مئوية واحدة.
كان يون وافدًا جديدًا على السياسة، حيث أمضى السنوات السبع والعشرين السابقة من حياته المهنية كمدع عام.
منذ توليه منصبه - خلفًا للرئيس الليبرالي مون جاي إن - واجه مجموعة من التحديات، من التهديد الدائم لكوريا الشمالية إلى التوترات المتزايدة بين شركاء كوريا الجنوبية الرئيسيين، الولايات المتحدة والصين - فضلاً عن انخفاض معدلات المواليد.
لقد اتخذ يون منذ فترة طويلة موقفًا صارمًا بشأن كوريا الشمالية، وهو تحول عن سلفه مون، الذي فضل الحوار والمصالحة السلمية. وانتقد يون هذا النهج ووصفه بأنه "خضوع".
وعد يون بتعزيز الجيش الكوري الجنوبي، حتى أنه ألمح إلى أنه سيشن ضربة وقائية إذا رأى علامات تشير إلى شن هجوم ضد سيول. لكنه واجه معارك سياسية في الداخل، حيث دخل في صراع مع الحزب الديمقراطي المعارض، الذي عزل وزراء بشكل متكرر وأحبط الخطط المالية للحكومة.
ربما دفع نفوذ المعارضة في البرلمان بشكل جزئي يول إلى إصدار أمر بفرض الأحكام العرفية الطارئة، خاصة بعد مقترح من المعارضة لعزل كبار المدعين العامين ورفض اقتراح ميزانية الحكومة.
وبقرار يول، تجد البلاد نفسها تحت الأحكام العرفية للمرة الأولى منذ انتهاء عصر الدكتاتورية العسكرية في عام 1980
وتراجعت معدلات شعبية يول منذ توليه منصبه، بفضل سلسلة من الفضائح والقضايا التي دفعت مئات الآلاف إلى المطالبة بعزله.
بعد أشهر قليلة من تنصيبه، وقع تدافع حشد في إيتايوان في عيد الهالوين، مما أسفر عن مقتل 159 شخصًا - وطالب الجمهور بالمساءلة والتحرك من قبل السلطات.
ثم كان هناك جدل حول حقيبة ديور - حيث اتُهمت زوجة الرئيس، كيم كيون هي، بقبول حقيبة مصممة بقيمة 2200 دولار كهدية، وهو ما من شأنه أن ينتهك قانون مكافحة الفساد الذي يحظر على المسؤولين العموميين وأزواجهم تلقي هدايا بقيمة تزيد عن 750 دولارًا.
ووصف يول مزاعم ديور بأنها "حيلة سياسية" - ولكن بدلاً من أن تهدأ الفضيحة، تصاعدت إلى أزمة كاملة بالنسبة للرئيس وحزبه المحافظ، وهو ما انعكس على نتائج الانتخابات البرلمانية في أبريل/نيسان حيث حققت أحزاب المعارضة الليبرالية فوزًا ساحقًا.
وبدأ الجدل في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عندما ظهر مقطع فيديو تم تصويره سرا على الإنترنت يزعم أنه يظهر كيم تتلقى "حقيبة ديور" زرقاء اللون من قس أمريكي كوري، تشوي جاي يونغ.
وسُمع صوت السيدة الأولى في الفيديو عندما قُدِّمت لها الهدية: "لماذا تستمر في إحضار هذه؟ من فضلك، لست بحاجة إلى القيام بذلك"، ولا يُظهِر الفيديو السيدة وهي تأخذ الحقيبة، على الرغم من رؤية حقيبة موضوعة على الطاولة بينما يواصلان محادثتهما.
وفي الشهر الماضي، قررت السلطات عدم توجيه اتهامات للسيدة الأولى بشأن مزاعم قبول الهدايا بشكل غير لائق بما في ذلك حقيبة اليد، حسبما ذكرت وكالة أنباء يونهاب.
لكن رد فعل يون على الجدل أضر بمكانته العامة، حيث زعم أن الفيديو كان "حيلة سياسية" تهدف إلى التأثير على انتخابات التجديد النصفي- التي فازت بها المعارضة بأغلبية ساحقة، والتي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها استفتاء على حكمه.
ولدى الناخبون في كوريا الجنوبية تسامح قليل مع الفساد في أعقاب الفضائح البارزة التي تورط فيها رؤساء سابقون، بما في ذلك أول زعيمة للبلاد، بارك كون هيه، التي تم عزلها في عام 2017 بعد احتجاجات جماهيرية على تدخل صديقتها المقربة في شؤون الدولة.
وكان يون، الذي كان جزءًا من فريق التحقيق الخاص الذي وجه الاتهام إلى بارك، قد تعهد بمواصلة مكافحة الفساد بصفته رئيسا.
تاريخ دموي مع الانقلابات
بعد انتهاء الحرب الكورية (1950-1953) التي أودت بحياة أكثر من 2.8 مليون شخص، تبنى رئيس كوريا الجنوبية آنذاك، إي سنغ مان، وهو مناضل من أجل الاستقلال تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، نهج الحكم السلطوي. أعلن حينها الأحكام العرفية وجعل نفسه رئيسًا مدى الحياة، ما أدى إلى احتجاجات جماهيرية عنيفة ضد حكمه الدكتاتوري. أجبرته هذه الاحتجاجات على الاستقالة والهروب من البلاد.
ورغم ذلك، لم يكن رحيل "سنغ مان" إيذانًا ببدء الديمقراطية؛ ففي عام 1961، قاد الجنرال بارك تشونج هي انقلابًا عسكريًا واستولى على السلطة، معلنًا الأحكام العرفية مرة أخرى في السبعينيات عندما بدأ نفوذه السياسي يتراجع.
آخر إعلان للأحكام العرفية كان في عام 1980، عندما شهدت كوريا الجنوبية انتفاضة واسعة قادها الطلاب والنقابات العمالية، ردًا على القمع السياسي.
لم تشهد كوريا الجنوبية انتخاب رئيس عن طريق انتخابات حرة ومباشرة حتى عام 1988، عندما أصبح روه تاي وو أول زعيم يُشرف على انتقال البلاد إلى الديمقراطية. وشهدت فترة حكمه تسليم السلطة سلميًا إلى رئيس مدني، مما شكل علامة فارقة في تاريخ البلاد.
منذ ذلك الحين، تحولت كوريا الجنوبية إلى ديمقراطية نابضة بالحياة، حيث أصبحت الاحتجاجات جزءًا لا يتجزأ من المشهد السياسي، وحرية التعبير مضمونة، وتسليم السلطة يتم بسلام بين الأحزاب السياسية المتنافسة.
في مواجهة الضغوط السياسية، أعلن رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول الأحكام العرفية في الدولة الديمقراطية لأول مرة منذ أكثر من 50 عامًا - مما أثار احتجاجات بالقرب من مبنى البرلمان في البلاد.
والأحكام العرفية هي حكم مؤقت من قبل السلطات العسكرية في وقت الطوارئ، عندما تعتبر السلطات المدنية غير قادرة على العمل، وكانت آخر مرة تم الإعلان فيها في كوريا الجنوبية في عام 1979، عندما اغتيل رئيس طويل الأمد خلال انقلاب.
بموجب الأحكام العرفية، تُمنح سلطات إضافية للجيش وقد يكون هناك تعليق للحماية والإجراءات المعتادة لسيادة القانون.
اضف تعليق