ساعات رعب أبرزتها وكالة "سي إن إن" الأمريكية قائلةً: سيتردد صدى الهجوم الذي أمر به الرئيس فلاديمير بوتين إلى ما هو أبعد من روسيا وجارتها أوكرانيا، وسيترتب على ذلك عواقب تشمل ارتفاعات مؤلمة في أسعار الغاز والنفط المرتفعة بالفعل، وقد يؤدي ذلك إلى إحياء الحرب...
بقلم: هاني زايد
ساعات رعب أبرزتها وكالة "سي إن إن" الأمريكية قائلةً: سيتردد صدى الهجوم الذي أمر به الرئيس فلاديمير بوتين إلى ما هو أبعد من روسيا وجارتها أوكرانيا، وسيترتب على ذلك عواقب تشمل ارتفاعات مؤلمة في أسعار الغاز والنفط المرتفعة بالفعل، وقد يؤدي ذلك إلى إحياء الحرب الباردة التي بدت ذات يوم من بقايا التاريخ، مما يخلق مواجهةً جديدةً محفوفةً بالمخاطر بين الولايات المتحدة وروسيا، أكبر قوتين نوويتين في العالم.
خطوات طبية متعثرة
ومنذ صدورها، اهتمت مجلة "للعلم" برصد العديد من الدراسات التي تناولت تداعيات الحروب والصراعات المسلحة على المجالات الصحية والنفسية والعقلية كافة؛ فتحت عنوان "تطوُّر الرعاية الطبية في عام 1916"، نشرت "للعلم" تقريرًا مصورًا نقلًا عن مجلة "ساينتفك أمريكان"، ذكرت فيه أنه "مع احتدام الحرب العالمية الأولى في أوروبا، جرى ابتكار –أو نبذ- أدوية وتقنيات لمساعدة العدد الضخم من مصابي الحرب، وبالنسبة للأشخاص الذين فقدوا أطرافهم أو فقدوا القدرة على ممارسة حياتهم على نحوٍ طبيعي بسبب الحرب أو المرض، أصبحت الرعاية الطبية بمنزلة العملية التي تعين المرضى على استعادة قدرتهم على الاعتماد على أنفسهم قدر الإمكان"، وأضاف التقرير أنه "في أوقات شهدت تغيراتٍ عاصفة، خطا الطب خطوات متعثرة إلى الأمام، في محاولة لتلبية الاحتياجات التي تمخضت عنها تلك الأحداث المؤلمة".
مداواة الخوف بالخوف
وتحت عنوان "جوزيف وولب... أول مَن داوى الخوف بالخوف"، تناولت "للعلم" قصة "جوزيف وولب"، الطبيب الأمريكي ذي الأصول الأفريقية، الذي "وضع القواعد الأولية للعلاج النفسي المعروف باسم العلاج السلوكي".
ووفق "البودكاست" الذي أعدته داليا عبد السلام، رئيس تحرير مجلة "للعلم"، فإنه "حين اندلعت الحرب العالمية الثانية انضم وولب إلى الجيش ضابطًا طبيبًا، وعمل في مستشفى عسكري للأمراض النفسية، هناك كان يعالج المرضى الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة أو "عصاب الحرب"، وهو نوعٌ من أنواع الخوف يؤدي إلى اضطرابات في الشخصية وفي الاتزان النفسي، ويكون غير مصحوب بتغيرات بنيوية في الجهاز العصبي؛ ففي المستشفى العسكري، لاحظ "وولب" أن العلاج الدوائي غير فعال بالمرة مع مرضى "عصاب الحرب"، فقرر أن يجرب العلاج السلوكي باستخدام أسلوب إزالة التحسس المنهجي، الهدف من هذا الأسلوب هو تقليل القلق العصابي، وذلك عن طريق الاستجابة المعاكسة وهي: الاسترخاء، التي تتم عن طريق التناوُب بين التعرُّض للشيء الذي يثير القلق لمدة ثوانٍ ثم الاسترخاء، وتكرار تلك العملية حتى يتم تقليل القلق وإضعافه.
اضطرابات عقلية ونفسية
ونشرت "للعلم" تقريرًا حمل عنوان "22% من سكان مناطق الصراعات المسلحة يعانون من اضطرابات عقلية ونفسية"، ذكرت فيه أن 22% من الأشخاص الذين يعيشون في مناطق الصراعات المسلحة يعانون من الاكتئاب والقلق و"اضطراب ما بعد الصدمة" و"الاضطراب ثنائي القطب" و"انفصام الشخصية"، وأن حوالي 9% من سكان البلدان التي تشهد صراعاتٍ عنيفةً يعانون من اضطرابات صحية عقلية ونفسية شديدة.
تناول التقرير دراسةً شارك فيها باحثون من جامعات "كوينزلاند" الأسترالية و"واشنطن" و"هارفارد" الأمريكيتين بتمويل من منظمة الصحة العالمية ومؤسسات دولية أخرى، مشيرةً إلى أن "الاكتئاب والقلق يزيدان مع تقدم العمر في البلدان التي تشهد صراعات، وأن هذه الأرقام أعلى بكثير منها في وقت السلم؛ إذ يعاني واحد من كل 14 شخصًا تقريبًا من أحد أشكال المرض العقلي (أي 7.14% فقط).
ونقل التقرير عن "مارك فون أوميرين" -المتخصص في الصحة العقلية بمنظمة الصحة العالمية، والمشارك في الدراسة- قوله في تصريحات لـ"للعلم": "إن النتائج تضفي مزيدًا من الثقل على الدعوة إلى استثمار عاجل ومستدام؛ كي يكون الدعم في مجال الصحة العقلية والنفسية متوافرًا لجميع مَن يحتاجون إليه ممن يعيشون وسط صراعات أو عاشوا وسطها".
وأضف "أوميرين": يتمثل هذا الاستثمار في تطوير الخدمات الصحية العقلية في تلك المناطق، وأن تكون الرعاية الصحية متوافرةً في كل المواقع المتضررة من جَرَّاء هذه الصراعات من خلال توفير الرعاية الصحية الأولية وما تحتاج إليه المستشفيات العامة من دعم.
وتحت عنوان "والدو سمون.. الكيميائي الذي ساعد في إنقاذ العالم"، نشرت "للعلم" بودكاست ذكرت فيه أن "والدو سمون اشتهر بأنه أنقذ العالم؛ لأنه طور قبل الحرب العالمية الثانية نوعًا من المطاط الصناعي الذي اعتمدت عليه قوات الحلفاء في أثناء الحرب".
سرد كارثة نووية
كما نشرت "للعلم" مقالًا أعده الزميل "أحمد جمال سعد الدين" حمل عنوان "تشيرنوبل: ثلاث محاولات لسرد كارثة نووية"، ذكر فيه أن "المحاولات التخيلية، والقصص والروايات أمور عظيمة للوصول إلى مساحات أعمق من المشاعر البشرية، لكنها بحكم طبيعتها ما بين الاختزال والتكثيف، ربما لم تنقل صورةً دقيقةً عن كارثة عظيمة الأثر كحادثة تشيرنوبل"، وذلك في إشارة إلى الانفجار الذي شهدته مدينة "تشيرنوبل" الأوكرانية في إبريل من عام 1986، وجعلها ساحة لأسوأ كارثة نووية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
يقول "سعد الدين": استثمر الاتحاد السوفيتي بقوة في الطاقة النووية، بعد الحرب العالمية الثانية، كان إلقاء القنبلة الذَّرِّية على مدينتين في اليابان، (هيروشيما في 6 أغسطس 1945، وناجازاكي بعد ذلك بثلاثة أيام)، أمرًا مرعبًا وعنيف التأثير على البشرية بأكملها، وهذه الطاقة العارمة أثارت انتباه الكثيرين، حوَّلت الحرب العالمية الثانية مسارَ كثير من الأحداث في تاريخ البشرية، لكنها بالتحديد فتحت الباب على مصراعيه أمام الاستثمار في هذا النوع من الطاقة الجبارة، وبدايةً من سبعينيات القرن الماضي، شرع الاتحاد السوفيتي في إنشاء مفاعِلات نووية بغرض توليد الطاقة، كان من بينها أربعة مفاعلات نووية من نوع RBMK-1000، داخل منشأة لتوليد الطاقة، على الحدود الأوكرانية البيلاروسية، أُنشئ المفاعلان رقم 1 و2، في الفترة بين عامي 1970 و1977، بينما كان الانتهاء من المُفاعلين 3 و4 في عام 1983.
وتحت عنوان "الحرب العالمية الثانية تركت بصمتها على الشعب الفنلندي"، ذكر تقرير أعدته الزميلة "هبة حسين" أن تلك الحرب أدت إلى "حدوث زيادة مفاجئة في السلالة الفنلندية الجنوبية الشرقية في الأطفال حديثي الولادة.. وأسهمت في تغيُّر التركيبة الوراثية للفنلنديين من جَرّاء النزوح إلى المدن؛ إذ اضطر نحو 400 ألف شخص إلى ترك منازلهم في جنوب شرق فنلندا والانتقال للعيش في مناطق أخرى".
همس الجنون
ونشرت "للعلم" تقريرًا تحت عنوان "البيئة تدفع فاتورة همس الجنون"، مشيرةً إلى أنه "لم يكن غريبًا أن تترك الحروب –وخاصةً الحربين العالميتين الأولى والثانية- بصمتها على الأرض بصورة دفعت البعض إلى "تحديد منتصف القرن العشرين كبداية لعصر الأنثروبوسين، لأسباب من بينها تبِعات إلقاء القنبلتين النوويتين على هيروشيما وناجازاكي في اليابان والتجارب النووية التي تركت آثارها حول الكوكب الأزرق"، وذلك وفق دراسة أعدها باحثان من جامعة "برينستون" الأمريكية ونشرتها دورية "نيتشر".
ونقل التقرير عن "فرانشيسكو روكا" -رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر- قوله: لن يكون المجتمع الدولي قادرًا على مساعدة جميع المحتاجين بعد حدوث انفجار نووي؛ إذ إن انتشار الأمراض الناتجة عن التعرُّض للإشعاع، وانخفاض إنتاج الأغذية، والنطاق الهائل للتدمير والتلوث، سيجعل أي استجابة إنسانية مؤثرة غير كافية، فلا توجد دولة مستعدة للتعامل مع المواجهة النووية.
وتشير تقديرات "الصليب الأحمر" إلى أن "هناك أكثر من 14 ألف قنبلة نووية في العالم اليوم، الآلاف منها جاهزة للإطلاق في غمضة عين، وتبلغ قوة العديد من تلك الرؤوس الحربية أكبر من القنبلتين الذريتين اللتين قصفتا هيروشيما وناجازاكي بعشرات المرات".
اضف تعليق