يواصل الرئيس الامريكي المنتخب جو بايدن، جهوده الخاصة بإصلاح الأخطاء التي ارتكبتها إدارة سلفه دونالد ترامب، وخصوصاً تلك التي تتعلق بملف السياسة الخارجية الأمريكية واعادة التحالفات، وفي أول كلمة رئيسية بعد توليه منصبه في العشرين من يناير الماضي، وعد الرئيس الأمريكي جو بايدن...
يواصل الرئيس الامريكي المنتخب جو بايدن، جهوده الخاصة بإصلاح الأخطاء التي ارتكبتها إدارة سلفه دونالد ترامب، وخصوصاً تلك التي تتعلق بملف السياسة الخارجية الأمريكية واعادة التحالفات، وفي أول كلمة رئيسية بعد توليه منصبه في العشرين من يناير الماضي، وعد الرئيس الأمريكي جو بايدن وكما نقلت بعض المصادر، بعهد جديد بعد طي صفحة السياسة الخارجية في عهد سلفه دونالد ترامب، قائلا إن "أمريكا عادت" على الساحة العالمية. وقال "لابد للقيادة الأمريكية أن تواجه هذه الفترة الجديدة من تزايد النزعة السلطوية لبعض الدول.
ويرى بعض المراقبين ان هناك اسس وثوابت معينة تخص ملف السياسة الخارجية الامريكية، ستعمل الإدارة الأمريكية الجديدة على ترسيخها بما يخدم مصالح الولايات المتحدة. خصوصاً مع وجود دول عظمى منافسة تسعى الى اضعاف واشنطن وفرض نفوذها عالمياً، و ستحاول إدارة بايدن كما يرى البعض، على إعادة بعض محددات السياسة الأمريكية الخارجية. لكن الرئيس سيجد نفسه في وضع صعب، فهو من جهة يريد إعادة التوازن للدور الأمريكي في الخارج لكنه كذلك لا يريد إلغاء كلّ القرارات التي اتخذها سلفه حتى لا يظهر أن السياسة الخارجية للبلد تتغير مع كل رئيس.
فيما يتناول الرئيس الأميركي جو بايدن أزمات من إيران إلى بورما مرورا بالتغير المناخي، تكشف سياساته عن نهج متسق لافت قائم على التعاون الوثيق مع الحلفاء. قد يكون من السابق لأوانه التحدث عن "عقيدة بايدن" لكنه بادر بسرعة إلى إلغاء سياسات "أميركا أولا" التي اتبعها سلفه دونالد ترامب الذي كان يسر بإغضاب قادة ودودين. في أول خطاب له في محفل دولي، تعهد بايدن أمام اجتماع افتراضي لمؤتمر ميونيخ الأمني بالعمل "عن كثب مع حلفائنا وشركائنا". وقال "دعوني أزيل أي شكوك متبقية: الولايات المتحدة ستعمل عن كثب مع شركائنا في الاتحاد الأوروبي والعواصم في أنحاء القارة -- من روما إلى ريغا -- للتصدي للتحديات المشتركة التي نواجهها".
وأعاد بايدن مجددا الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس للمناخ، ووضع حدا لانسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية، واعتبر التعاون الدولي ضروريا لتحقيق أهم أولوياته المتعلقة بمكافحة جائحة كوفيد-19 والتغير المناخي. وفيما يتعلق بالخطوة الأولى لإدارته العودة لمسار دبلوماسي مع إيران، انطلقت وزارة الخارجية من مقترح للاتحاد الأوروبي يعرض عقد اجتماع غير رسمي بشأن الاتفاق النووي الموقع عام 2015، والذي يكاد ينهار بعد انسحاب ترامب منه.
كما تخلى بايدن عن خطة لترامب تقضي بسحب القوات الأميركية من ألمانيا الحليفة، وسعى إلى تسوية خلاف مالي مع كوريا الجنوبية يتعلق بالدعم الذي توفره قاعدة أميركية، وبدأ مشاورات مع اليابان وكوريا الجنوبية، الحليفين اللذين تشهد العلاقات بينهما توترا، لرسم خارطة طريق بشأن كوريا الشمالية. وحول مواجهة الصين المتنامية النفوذ والزعيم اليساري في فنزويلا نيكولاس مادورو، فإن سياسات بايدن لا تعد تغييرا لسياسات ترامب بقدر ما هي وعد لضمان مزيد من الدعم الدولي. وابتعد بايدن رمزيا عن العديد من الحلفاء الذين دعموا ترامب لكن سياساتهم تختلف مع بعض أهداف سياسات إدارته، ومن بينهم قادة إسرائيل والسعودية وتركيا.
قيادة الغرب
تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن بـ"عودة التحالف بين ضفتي الأطلسي" في خطاب سعى إلى إعادة ترسيخ موقع الولايات المتحدة في قيادة الغرب ضد ما وصفه بالهجوم العالمي على الديموقراطية. وترافق الخطاب الذي ألقاه أمام مؤتمر ميونيخ السنوي للأمن، المنعقد عبر الإنرتنت بسبب جائحة كوفيد-19، مع ترحيب المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بالعودة إلى "التعددية" بعد سنوات المواجهة التي اتسم بها عهد سلف بايدن دونالد ترامب. وقال بايدن إن حلفاء الولايات المتحدة التقليديين يجب أن يثقوا مرة أخرى في قيادة واشنطن.
وقال "أتحدث إليكم اليوم كرئيس للولايات المتحدة، في بداية إدارتي، وأبعث برسالة واضحة إلى العالم: الولايات المتحدة عادت، لقد عاد التحالف العابر للأطلسي". وقال إن "الولايات المتحدة مصممة وعازمة على إعادة التعامل مع أوروبا والتشاور معكم واستعادة مكانتنا المتمثلة في القيادة الموثوقة". وأكّد بايدن الذي تحدث في وقت سابق إلى قادة من مجموعة الدول السبع الديموقراطية الثرية، إن إدارته عازمة مرة أخرى على بناء التحالفات، على عكس سياسات ترامب الانعزالية والمعاملة القاسية لشركاء الولايات المتحدة.
وقال بايدن "لقد استمرت شراكاتنا ونمت على مر السنين لأنها متجذرة في ثراء قيمنا الديموقراطية المشتركة"، في إشارة واضحة إلى تأكيد ترامب على إعادة تعريف الحلفاء كمنافسين اقتصاديين. وأشار بايدن إلى أنّ القوة الجماعية هي الطريقة الوحيدة للنجاح عندما تكون المنافسة العالمية بين الديموقراطية والاستبداد عند "نقطة تحول". وقال بايدن "في العديد من الأماكن، بما في ذلك في أوروبا والولايات المتحدة يتعرض التقدم الديموقراطي للهجوم". وتابع "سيفحص المؤرخون هذه اللحظة ويكتبون عنها. إنها نقطة تحول. وأعتقد من كل ذرة من نفسي أن الديموقراطية يجب أن تسود".
وأكّد الرئيس الأميركي الجديد أنه لا ينوي "العودة إلى تكتّلات الحرب الباردة الجامدة"، مشيرا إلى ضرورة عمل الأسرة الدولية سويا على مسائل مثل جائحة كوفيد-19 والتغير المناخي حتى مع وجود اختلافات عميقة حول مسائل أخرى. كما حذّر بشدة من التهديدات التي تشكلها روسيا والصين. وقال بايدن إن "الكرملين يهاجم ديموقراطياتنا... يستخدم الفساد كسلاح لمحاولة تقويض نظام حكمنا". وتابع "يسعى (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين لإضعاف المشروع الأوروبي وحلف شمال الأطلسي".
وأضاف "يريد تقويض الوحدة عبر الأطلسي وعزيمتنا إذ إنه من الأسهل بكثير بالنسبة للكرملين الترهيب وتهديد الدول وحيدة بدلا من التفاوض مع مجتمع عابر للأطلسي قوي وموحد". كما حضّ بايدن حلفاء بلاده على العمل معا لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية الصينية. وقال "علينا الاستعداد معا لمنافسة استراتيجية بعيدة الأمد من الصين... علينا ضمان أن تتم مشاركة فوائد النمو بشكل واسع وبالتساوي، ليس من قبل البعض فقط". وتابع "يمكننا مواجهة انتهاكات الحكومة الصينية الاقتصادية والإكراه وتقويض أسس النظام الاقتصادي العالمي". وأكّد أنّ "الشركات الصينية يجب أن تخضع لنفس المعايير" الشديدة التي تواجهها الشركات الأميركية والأوروبية الموجودة في الصين.
من جهته، حذّر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ من أنه على الحلفاء الغربيين وشركائهم إقامة علاقات أقوى في مواجهة "عواقب" صعود الصين على الأمن عبر الأطلسي. وقال ستولتنبرغ خلال المؤتمر إن "صعود الصين يعد مسألة مصيرية بالنسبة للمجتمع الأطلسي مع عواقب محتملة على أمننا وازدهارنا وأسلوب حياتنا". وتابع "لذلك، ينبغي على حلف شمال الأطلسي تعميق العلاقات مع شركائنا المقرّبين، مثل أستراليا واليابان، وإقامة علاقات أخرى حول العالم".
وفي الملف الإيراني، أكد بايدن أن على الولايات المتحدة العمل مع القوى الكبرى في العالم "للتعامل" مع أنشطة إيران "المزعزعة للاستقرار". وقال إن إدارته "مستعدة لإعادة الانخراط في المفاوضات" مع مجلس الأمن الدولي بشأن برنامج طهران النووي. وأضاف "علينا أن نتعامل مع أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في أنحاء الشرق الأوسط. سنعمل مع شركائنا الأوروبيين وغيرهم بينما نمضي قدما". وحظي النهج الذي طرحه بايدن بردة فعل جيدة في أوروبا. بحسب فرانس برس.
وقالت ميركل في حديثها للصحافيين بعد القمة الافتراضية لمجموعة السبع "من الواضح أن التعددية ستحظى مرة أخرى بفرصة أقوى". وتابعت "تعزز نهج التعدديى خصوصا من خلال تغير الحكومة الأميركية. أظهرت إدارة بايدن ذلك من خلال أولى قراراتها" بشأن العودة إلى اتفاق باريس للمناخ ودعم منظمة الصحة العالمية. وأكّدت أيضًا تحذير بايدن بشأن روسيا، قائلة في مؤتمر ميونيخ "من المهم جدًا أن نطور سياسة عبر الأطلسي تجاه روسيا". وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن على أوروبا أن تكثف جهودها لضمان أمنها. وأفاد في كلمته أمام المؤتمر "إذا كنا نعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة داخل حلف شمال الأطلسي فيمكننا أن نضع أنفسنا في موقف أننا لم نعد نتمتع بالحماية على حدودنا".
تحول جديد
قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن إدارة الرئيس جو بايدن لن تشجع الديمقراطية حول العالم "من خلال التدخلات العسكرية أو محاولة الإطاحة بالأنظمة الاستبدادية بالقوة". وأضاف بلينكن "لقد جربنا هذه التكتيكات في الماضي. مهما كانت النوايا الحسنة، إلا أنها لم تنجح. لقد أطلقوا سمعة سيئة على ترويج الديمقراطية، وفقدوا ثقة الشعب الأمريكي. سنفعل الأشياء بشكل مختلف".
وأشار بلينكن إلى تقرير جديد "يبدو واقعيًا" صادر عن منظمة فريدوم هاوس، لافتا أنه رصد أن "الاستبداد والقومية آخذان في الازدياد في جميع أنحاء العالم. أصبحت الحكومات أقل شفافية وفقدت ثقة الناس. الانتخابات هي على نحو متزايد بؤر التوتر للعنف. الفساد آخذ في الازدياد. وقد أدى الوباء إلى تسريع العديد من هذه الاتجاهات". وأكد بلينكن أن بلاده ستسعى إلى تجديد الديمقراطية "لأنها مهددة"، منوها في الوقت ذاته أن "تآكل الديمقراطية لا يحدث فقط في أماكن أخرى. إنه يحدث أيضًا هنا في الولايات المتحدة... وعلى نطاق أوسع، فإن الأمريكيين مستقطبون بشكل متزايد".
وقال وزير الخارجية الأمريكي إنه "كما وعد الرئيس، فإن الدبلوماسية - وليس العمل العسكري - ستأتي دائماً أولاً"، مُضيفا: "الأمريكيون قلقون بحق من التدخلات العسكرية الأمريكية المطولة في الخارج. لقد رأينا كيف أنها تأتي في كثير من الأحيان بتكلفة باهظة للغاية، سواء بالنسبة لنا أو للآخرين". وتابع: "عندما ننظر إلى العقود الماضية من تدخلنا العسكري في العالم، وخاصة في أفغانستان والشرق الأوسط، يجب أن نتذكر ما تعلمناه عن حدود القوة لبناء سلام دائم؛ أن اليوم التالي لتدخل عسكري كبير يكون دائمًا أصعب مما نتخيل؛ وما مدى أهمية السعي وراء كل السبل الممكنة للتوصل إلى حل دبلوماسي".
لكنه شدد على أن واشنطن لن تتردد أبدًا في استخدام القوة عندما تكون أرواح الأمريكيين ومصالحهم الحيوية على المحك، وضرب مثلا بأمر بايدن بشن غارة جوية ضد مواقع على الحدود ما بين العراق وسوريا. وفي خطابه أمام موظفي الخارجية الأمريكية في واشنطن أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن سلسلة من القرارات، من بينها إنهاء الدعم الأمريكي للعمليات العسكرية في اليمن وقال الرئيس الأمريكي "نعزّز جهودنا الدبلوماسية لإنهاء الحرب في اليمن" التي "أحدثت كارثة إنسانية واستراتيجية". وشدّد على أن "هذه الحرب يجب أن تنتهي"، معلنا تعيين الدبلوماسي المخضرم تيموثي ليندركينغ مبعوثا لبلاده في اليمن. وأضاف "لتأكيد تصميمنا، فإننا ننهي كل الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية في الحرب في اليمن، بما في ذلك مبيعات الأسلحة".
وتلغي واشنطن عقدا مثيرا للجدل لبيع الرياض "ذخائر دقيقة"، وهي صفقة أقرها في نهاية ولايته الرئيس الجمهوري السابق الذي حافظ رغم كل الانتقادات على دعمه للسعودية التي شكّلت مع إسرائيل دعامة لسياسته ضد إيران. وتقود الرياض تحالفا عسكريا داعما للحكومة اليمنية ضد الحوثيين، يُتهم بارتكاب تجاوزات عدة ضد المدنيين.
اضف تعليق