q
ماتزال إمارة دبي التي تعد احدى اهم المدن الاقتصادية في العالم، تواجه أزمة اقتصادية كبيرة بسبب انتشار وباء فيروس كورونا، الذي اثر سلباً على اقتصاد هذه الإمارة والتي تعتمد بشكل اساسي على قطاعات النقل والتجارة والسياحة والمصارف، وهو ما أصبح، متعذراً مع إجراءات الإغلاق حول العالم...

ماتزال إمارة دبي التي تعد احدى اهم المدن الاقتصادية في العالم، تواجه أزمة اقتصادية كبيرة بسبب انتشار وباء فيروس كورونا، الذي اثر سلباً على اقتصاد هذه الإمارة والتي تعتمد بشكل اساسي على قطاعات النقل والتجارة والسياحة والمصارف، وهو ما أصبح وكما نقلت بعض المصادر، متعذراً مع إجراءات الإغلاق حول العالم وداخل الإمارات التي وصل فيها الأمر حد فرض حظر للتجوال كامل. قالت ستاندرد اند بورز إنها تتوقع انكماش اقتصاد دبي 11 بالمئة هذا العام، وهو ما سيكون أكبر انكماش اقتصادي لها منذ 1986، بحسب بيانات رفينيتيف.

لكن ومع تخفيف الاجراءات الخاصة بهذا الوباء تحاول حكومة دبي اليوم رسم خارطة جديدة لما بعد ازمة كورونا، ويرى بعض المراقبين والمتابعين أن إمارة دبي التي تمكنت من تجاوز العديد من الأزمات المالية والاقتصادية التي مرّت بها سابقاً، قادرة اليوم على تخطي هذه الأزمة. وكانت مصادر قالت إن دبي تبحث عددا من خيارات التمويل لتجاوز الأزمة هذا العام، بما في ذلك إصدار سندات عامة محتمل. فقدت صكوك إعمار الحالية البالغة قيمتها 750 مليون دولار، والمستحقة في 2026، بعض قيمتها عقب خفض التصنيف، إذ تراجعت بأكثر من 20 نقطة أساس، وفقا لبيانات رفينيتيف.

وأعلن ولي عهد دبي الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم على حسابه على تويتر عن حزمة تحفيزية جديدة بقيمة 1.5 مليار درهم (408 ملايين دولار) لمساعدة اقتصاد الإمارة على التغلب على تبعات جائحة فيروس كورونا المستجد. وذكر ولي العهد في التغريدة ”بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد.. اعتمدنا اليوم حزمة تحفيزية جديدة بقيمة 1.5 مليار درهم ليصل مجموع الحزم التحفيزية إلى 6.3 مليار درهم.. نهدف إلى تعزيز سيولة الشركات ودعم استمرارية أعمالها والتخفيف من تكلفة ممارسة الأعمال وتسهيل الإجراءات“. وتلك هي حزمة التحفيز الثالثة التي تعلن عنها إمارة دبي، ثاني أكبر وأغنى الإمارات في البلاد.

انتعاش سياحي

وفي هذا الشأن وبعد إغلاق لمدة أربعة أشهر بسبب فيروس كورونا المستجد، تراهن إمارة دبي على انتعاش سريع لقطاع السياحة فيها مع إعادة فتح أبوابها للزوار، طارحة نفسها كوجهة آمنة متسلّحة بالموارد الازمة لمواجهة الوباء. وعاودت دبي استقبال السياح على الرغم من القيود المفروضة على إجراءات السفر، والطقس الحار، على أمل إعادة إحياء قطاع السياحة فيها قبيل دخول الموسم ذروته في الربع الاخير من 2020.

وخرج أول الزوار من الطائرات حيث ارتدى أفراد الطاقم ملابس الحماية والكمامات، إلى مطار دبي الدولي حيث كانت في استقبالهم أجهزة قياس الحرارة ومسحات الانف، ثم إلى شوارع المدينة المشهورة بمنتجعاتها الفخمة. ورأى المدير العام لدائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي هلال المري أنّ المسافرين المحتملين ربما لا يزالون متردّدين في الوقت الحالي، لكن البيانات تظهر أنهم يبحثون بالفعل عن وجهات ويستعدون للخروج.

وقال "عندما تنظر الى المؤشرات، ومن يحاول شراء (منتجات) السفر (...) تجدها قبل 10 اسابيع مغايرة لما كانت عليه قبل ستة أسابيع، واليوم تبدو مختلفة للغاية". وتابع "كان الناس يشعرون بالقلق (لكن) الناس اليوم يبحثون بشدّة عن إجازتهم المقبلة وهذه علامة إيجابية للغاية، وأتوقّع عودة قوية جدا". وتمنع الأزمة دبي من تحقيق هدفها في عام 2020 وهو استقبال 20 مليون زائر بعدما كانت استضافت أكثر من 16,7 مليون زائر في سنة 2019.

كما أجبرت الأزمة مجموعة "طيران الإمارات"، أكبر شركة نقل جوي في الشرق الأوسط، على تقليص وجهات شبكتها المترامية الأطراف، وتسريح عدد غير معروف من الموظفين لديها. لكن المري رأى أنّه على عكس تبعات الأزمة المالية العالمية لعام 2008، فإن الانكماش الاقتصادي الحالي هو عبارة عن "صدمة" لمرة واحدة فقط. وأوضح "نرى أنّ الحكومات في جميع أنحاء العالم بدأت في السيطرة على هذا الوباء، ويبدو أن الأمور تستقر في العديد من الأماكن". وقال المسؤول "بمجرد أن نصل إلى المقلب الآخر، عندما نبدأ في الحديث عن العام المقبل وما بعده، نرى طفرة سريعة جدا. لأنه بمجرد عودة الأمور إلى طبيعتها، سيعود الناس للسفر مرة أخرى".

وتأتي إعادة فتح الأبواب في الوقت الذي لا تزال تسجّل فيه دولة الإمارات مئات الإصابات يوميا، إنّما بمعدل وفيات ضعيف جدا مقارنة بدول اخرى. وبينما يخرج العالم من مرحلة الإغلاق، تتبدّل رغبات العديد من المسافرين من وجبات الإفطار المجانية وترقية الغرف في الفنادق، إلى مسائل أكثر إلحاحا مثل نظافة الفندق وسعة المستشفى في المدينة المقصودة. ومن خلال مرافقها الطبية وبنيتها التحتية المتطوّرة، تراهن دبي على أنّها ستكون خيارا أكثر جاذبية من المقاصد السياحية في الدول الأقل نموا والتي يظل العديد منها على كل حال مغلقا أمام الزوار.

وسأل المرّي "أول ما أفكر فيه هو نظام الرعاية الصحية، هل هو تحت السيطرة؟ هل أثق في الحكومة هناك؟". وتابع "إنهم (المسافرون) يتوقعون أن تتّخذ شركة الطيران إجراءات احترازية، وهم يتوقعونها في المطار. ولكن هل سيزورون مدينة توجد فيها كل هذه الإجراءات في كل مكان، من سيارات الأجرة، إلى المطعم، إلى المركز التجاري، إلى الشاطئ؟ سيفكرون حتما في ذلك". بحسب فرانس برس.

ويتوجّب على السياح إحضار نتيجة فحص للفيروس سلبية أجري قبل أربعة أيام على الأكثر من الرحلة، أو إجراء الفحص في دبي إلا انه سيكون عليهم حينها عزل أنفسهم حتى يحصلوا على النتيجة. وفي حين يتم تطبيق التباعد الاجتماعي وفرض وضع الكمامات على نطاق واسع، أعيد فتح العديد من المطاعم وأماكن السياحة في دبي، ولو كان الموظفون يرتدون ملابس واقية في حين يتم استبدال قوائم الطعام التقليدية بقوائم عبر الهاتف باستخدام رمز. وقال المري "عندما يتعلق الأمر بدبي أعتقد أنه من الرائع حقا أن نرى المتعة تعود إلى المدينة. كما ترون، كل شيء مفتوح".

بين الركود والديون

الى جانب ذلك قال بنك أوف أمريكا في مذكرة بحثية إن دبي قد تشهد ركودا بنحو 5.5 بالمئة في 2020 إذ تواجه استحقاقات ديون بنحو عشرة مليارات دولار هذا العام بينما يُتوقع أن تتراجع الإيرادات على غرار أزمة 2009. ووجهت الإجراءات المتبعة لكبح انتشار فيروس كورونا ضربة لاقتصاد دبي وأدت لتوقف شبه كامل لقطاعات حيوية مثل السياحة والطيران.

وتشير تقديرات بنك أوف أمريكا إلى أن العجز المالي لدبي قد يتسع إلى 4.4 مليار دولار، بما يعادل 3.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وقد يرتفع إلى 5.3 بالمئة بحساب مدفوعات الفائدة على قرض من بنك الإمارات دبي الوطني، أكبر بنوك الإمارة. وقال بنك أوف أمريكا إن تمويل العجز المالي أو ضخ السيولة في الكيانات شبه الحكومية سيكون على الأرجح عبر قروض من بنك الإمارات دبي الوطني في المقام الأول. وقد تستخدم دبي أيضا 1.4 مليار دولار ودائع لدى البنك أو تصدر سندات من خلال طرح خاص.

تقدر بيانات صندوق النقد الدولي ديون حكومة دبي والكيانات المرتبطة بها بنحو 110 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، دون تغير من حيث القيمة الاسمية منذ الأزمة المالية العالمية في 2009، لكن بنك أوف أمريكا قال إن ”مزيدا من تعثر الشركات“ سيكون ممكنا إذا تواصل الركود الاقتصادي. وأضاف البنك أن ”خسائر متواصلة في الإيرادات قد تثير مخاوف حيال ملاءة الشركات إذا كان التعافي ضعيفا“. وتابع البنك، مشيرا إلى بيانات صندوق النقد، أن دبي والكيانات شبه الحكومية تواجه سداد ديون بنحو عشرة مليارات دولار هذا العام. بحسب رويترز.

وقال إنه يتوقع أن تحصل الحكومة والبنوك على دعم من أبوظبي الغنية بالنفط ومن مصرف الإمارات المركزي إذا تطلب الأمر، لكن استردادات الديون من الشركات التابعة لحكومة دبي خلال السنوات المقبلة معرضة لخطر أكبر. كانت مصادر قالت إن حكومتي أبوظبي ودبي تبحثان سبل دعم اقتصاد دبي عبر ربط أصول في الإمارتين. ونفت دبي فحوى التقرير.

على صعيد متصل قالت شركة دبي العالمية المملوكة للحكومة، والتي كانت في بؤرة أزمة دين قبل عشرة أعوام، إنها سددت الدفعة الأخيرة من ديونها وذلك بقيمة 8.2 مليار دولار. وقال الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس مجلس إدارة الشركة في بيان إنه تم السداد قبل موعد الاستحقاق في سبتمبر أيلول 2022. وتابع الشيخ أحمد وهو من أفراد الأسرة الحاكمة في دبي ”مرة أخرى... يبرز تحركنا التزام دبي بالوفاء بتعهداتها دائما“.

وأوضحت الشركة أنها سددت المبلغ من قرض جديد من بنك دبي الإسلامي بثلاثة مليارات دولار وبيع أصول ومدفوعات توزيعات. وقالت دبي العالمية، التي تشمل أصولها شركة موانئ دبي العالمية، إنها سددت 18.9 مليار منذ 2011. وقال الشيخ أحمد ”في المستقبل... ستركز دبي العالمية علي ترشيد وتعزيز جهودها لتحقيق القيمة للمساهمين على المدى الطويل“. وأعادت دبي العالمية هيكلة ديون تبلغ 23.5 مليار دولار قبل حوالي عشرة أعوام بعد الأزمة المالية العالمية وتضرر الإمارة، وهي مركز للتجارة والسياحة في الشرق الأوسط، من انهيار أسعار النفط. وتأثرت دبي بجائحة فيروس كورونا التي أصابت قطاعات عديدة من الاقتصاد العالمي بالشلل. وقال مستشار حكومي في أكتوبر تشرين الأول إن ديون دبي بلغت 124 مليار دولار.

هيكل حكومي جديد

في السياق ذاته أعلنت الإمارات إعادة هيكلة واسعة النطاق للحكومة بهدف أن تكون الحكومة أكثر ”مرونة وسرعة“ في اتخاذ القرارات في أعقاب جائحة فيروس كورونا المستجد، وشملت التغييرات دمج وزارات وهيئات حكومية وتعيين وزيرين جديدين للاقتصاد وللصناعة. وجرى تعيين سلطان الجابر، رئيس شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، وزيرا للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة وتعيين عبد الله المري وزيرا للاقتصاد.

وأعلن الهيكل الجديد للحكومة نائب رئيس الإمارات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على حسابه الرسمي على تويتر. وشملت التعديلات دمج وزارتي الطاقة والبنية التحتية في وزارة واحدة وتعيين سهيل المزروعي، وزير الطاقة الحالي، وزيرا لها. وقال مصدر مطلع إن الجابر سيحتفظ بمنصبه رئيسا تنفيذيا لأدنوك. وقال الشيخ محمد ”هدفنا من التغييرات الهيكلية اليوم هو حكومة أسرع في اتخاذ القرار.. وأكثر مواكبة للمتغيرات.. وأفضل في اقتناص الفرص وفي التعامل مع المرحلة الجديدة في تاريخنا.. حكومة مرنة وسريعة هدفها تعزيز منجزات ومكتسبات الوطن“.

وأضاف ”الحكومة الجديدة أمامها عام واحد لتحقيق الأولويات الجديدة“. والإمارات مركز للأعمال والتجارة والسياحة في المنطقة. وتشمل التغييرات إلغاء نصف مراكز الخدمة الحكومية وتحويلها لمنصات رقمية خلال عامين ودمج حوالي نصف الهيئات الاتحادية مع بعضها أو ضمن وزارات. وجرى إلحاق الهيئة الاتحادية للكهرباء والماء ومجموعة بريد الإمارات ومؤسسة الإمارات العامة للنقل ومؤسسة الإمارات العقارية بجهاز الإمارات للاستثمار.

وتم تعيين وزيرين للدولة ضمن وزارة الاقتصاد، وهما أحمد بالهول وزير دولة لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وثاني الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية. كما شملت التغييرات استحداث منصب وزير دولة للاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي وتطبيقات العمل عن بعد وتعيين عمر العلماء في ذلك المنصب. وقال الشيخ محمد ”بيئة العمل المستقبلية في التطبيب والتعليم والتجارة ستتغير بشكل كبير.. ونسعى لأن نكون في مقدمة هذه التغيرات“. بحسب رويترز.

وفي يونيو حزيران، توقع البنك المركزي أن ينكمش اقتصاد الدولة المصدرة للنفط هذا العام على الأرجح بنحو 3.6 بالمئة بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد. وكشف مسح جديد أن القطاع الخاص غير النفطي في الإمارات نما في يونيو حزيران للمرة الأولى هذا العام بعدما شهد انكماشا لأشهر وذلك مع رفع قيود فيروس كورونا.

اضف تعليق