كان العام 2019 عاماً حافلاً في السودان، عام تحولات سياسيّة فرضها الشارع الذي تظاهر شهوراً طويلة أملاً بتحقيق تغيير إيجابيّ مستقبلاً، وفي الآونة الأخيرة، عمت الاحتفالات الشوارع السودانية، اذ نظم مئات الألوف مسيرات في شوارع بأنحاء السودان للاحتفال بالذكرى الأولى للانتفاضة التي أطاحت بعمر البشير...
كان العام 2019 عاماً حافلاً في السودان، عام تحولات سياسيّة فرضها الشارع الذي تظاهر شهوراً طويلة أملاً بتحقيق تغيير إيجابيّ مستقبلاً، وفي الآونة الأخيرة، عمت الاحتفالات الشوارع السودانية، اذ نظم مئات الألوف مسيرات في شوارع بأنحاء السودان للاحتفال بالذكرى الأولى للانتفاضة التي أطاحت بعمر البشير، الذي حكم البلاد لنحو ثلاثة عقود، وللمطالبة بالقصاص لضحايا الاحتجاجات، وتعهد المشاركون، الذين أخذوا يلوحون بأعلام السودان ويرددون هتافات، بمواصلة الانتقال السياسي الذي نبع من الاحتجاجات التي بدأت يوم 19 ديسمبر كانون الأول العام الماضي في مدينة عطبرة وأدت إلى إطاحة الجيش بالبشير في 11 أبريل نيسان، وردد الألوف في ساحة الحرية، التي كانت تُعرف من قبل بالساحة الخضراء، هتافات تؤكد أنهم ثوار وسيكملون المشوار وسيطر المحتجون في الخرطوم على تلك الساحة في يوليو تموز، كما نظم فيها البشير تجمعا حاشدا في شهوره الأخيرة بالسلطة.
وردد مشاركون آخرون هتافات يمجدون فيها "الشهداء" ويؤكدون أنهم لن ينسوهم ولن يقبلوا بتعويض مالي، وأدانت محكمة سودانية البشير بالفساد وقضت باحتجازه لمدة سنتين في منشأة إصلاحية، في أول حكم على الرئيس السابق، ولوّح بعض المحتجين بصور عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء المدني الذي يرأس حكومة خبراء، وكُتب على الصور "حمدوك يمثلني" لكن السلطات الانتقالية التي تحكم السودان في الوقت الراهن، بموجب اتفاق لاقتسام السلطة لمدة ثلاث سنوات تم التوصل له في أغسطس آب بين المجلس العسكري الحاكم آنذاك وتحالف المعارضة وجماعات الاحتجاج، تتعرض لضغوط لبذل مزيد من الجهد لمعالجة المشكلات الاقتصادية والسياسية وترسيخ حكم القانون وحماية حقوق الإنسان.
وقال تجمع المهنيين السودانيين، الذي كان جماعة الاحتجاج الرئيسية أثناء انتفاضة السودان، على تويتر "في عيد الثورة الأول نؤكد على مواصلة العهد مع الشعب السوداني وأننا لن نحيد من مطلب الحرية، السلام والعدالة" وقالت منظمة العفو الدولية إن الوقت حان الآن "لتحقيق إنجازات فيما يتعلق بحقوق الإنسان" وقال سيف ماجانجو، نائب مدير منظمة العفو الدولية لمنطقة شرق أفريقيا "المسؤولية الملقاة على عاتق رئيس الوزراء حمدوك ضخمة في ظل تطلعات الشعب السوداني، الذي عانى لعشرات السنين من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وجرائم بموجب القانون الدولي بينها إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية"، وأضاف "للضحايا الحق في (معرفة) الحقيقة والعدل والتعويض بموجب القانون الدولي.
عائلات شهداء الثورة تطالب بالعدالة
وقتل 177 شخصا على الاقل جراء قمع الحراك وفق منظمة العفو الدولية، بينهم اكثر من مئة خلال قمع اعتصام بداية حزيران/يونيو في الخرطوم وقدرت لجنة الاطباء القريبة من المتظاهرين الحصيلة يومها باكثر من 250 قتيلا، بعد عام من التظاهرات، تواصل اسرة طارق ومثلها عائلات عشرات من "شهداء الثورة" مطالبتها بالعدالة، لكنها تصطدم حتى اليوم بالحصانة التي تتمتع بها قوات الامن.
ويتمتع الجيش والشرطة واجهزة المخابرات في السودان بالحصانة القضائية، وينطبق ذلك ايضا على قوات الدعم السريع الذائعة الصيت، ونهاية تموز/يوليو، خلص تحقيق رسمي الى ضلوع ثمانية افراد في قوات الدعم السريع في القمع الدامي للاعتصام في الخرطوم، ولكن يجب رفع الحصانة عنهم لمحاكمتهم، ولا يمكن ان يحصل ذلك الا اذا اجازه قادتهم بناء على طلب محدد من النيابة العامة.
وفي ذكرى الثورة، اصدرت النيابة بيانا دعت فيه الى "اعادة النظر في الحصانات" من دون ان توضح ما اذا كانت تلقت طلبات في هذا الصدد، وتقول نعمات عبد الوهاب والدة طارق ان "اصدقاءه الذين كانوا معه شاهدوا" من اطلق النار و"هم مستعدون للشهادة امام اي محكمة"، في 11 نيسان/ابريل 2019، اليوم الذي اطاح فيه الجيش البشير، قتل مختار عبدالله (29 عاما) في عطبره تاركا وراءه ارملته عفاف محمود وطفلته التي ولدت بعد شهر من مقتله، وتتذكر الزوجة وهي تحضن طفلتها انه في ذلك اليوم "كان الناس يحتفلون (بسقوط البشير) وكنا نريد الانضمام اليهم"، خلال التظاهرة تفرق الزوجان وبعد ساعتين اتصلت عفاف بزوجها لكن شخصا اخر رد عليها وابلغها ان مختار قتل.
وتضيف عفاف "ننتظر عدالة سريعة مع النظام الجديد"، مبدية اسفها ل"آليات بطيئة" رغم الادلة التي جمعتها العائلات، وتؤكد "شاهدنا شريطا مصورا يظهر الناس الذين قتلوا مختار" امام مقر الاجهزة الامنية في عطبره، كثفت الحكومة الانتقالية السودانية التي شكلت بناء على اتفاق وقع في اب/اغسطس بين ممثلي الحراك والجيش، اجراءاتها الهادفة الى تفكيك النظام السابق وتحقيق طموحات الحراك، وفي ايلول/سبتمبر، شكل رئيس الوزراء عبدالله حمدوك لجنة كلفت التحقيق في قمع الاعتصام في الخرطوم على ان ترفع تقريرا خلال ثلاثة اشهرن لكن بعض وجوه النظام السابق لا يزالون في مناصبهم، على غرار قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) عضو المجلس السيادي الذي يضم مدنيين وعسكريين مهمتهم تنفيذ المرحلة الانتقالية.
عائق جديد
جعلت قوى الحرية والتغيير، راس حربة الحراك، من قضية "الشهداء" اولوية لديها واكد ابراهيم الامين احد قادة الحراك لاحدى الوكالات ان "الامور يجب ان تتم بشفافية" مضيفا "كل من ارتكب جريمة يجب ان يحاسب"، وبدعوة من قوى الحرية والتغيير، نظمت تظاهرات عدة في الاشهر الاخيرة في مدن عدة للمطالبة بالعدالة وخصوصا تعيين مسؤولين قضائيين جدد لاجراء التحقيقات.
ويشدد مجدي الجيزولي المحلل في "ريفت انستيتيوت" على هذا الامر لان طبيعة السلطة الحالية الموزعة بين عسكريين ومدنيين "تشكل عائقا امام تحقيقات ذات صدقية"، وسجلت خطوة ايجابية في ملف آخر يتصل بالنزاع في اقليم دارفور (غرب) الذي اسفر منذ 2003 عن 300 الف قتيل وشرد 2,5 مليون شخص بحسب الامم المتحدة، فقد اعلن النائب العام فتح تحقيق في الجرائم التي ارتكبت في دارفور، يستهدف عمر البشير ونحو خمسين من معاونيه، واصدرت المحكمة الجنائية مذكرتي توقيف بحق البشير في 2009 و2010 بتهمة ارتكاب ابادة وجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب في دارفور.
إعدام 29 فرد من المخابرات
قضت محكمة سودانية يوم بإعدام 29 عضوا بجهاز المخابرات العامة شنقا فيما يتصل بقتل مُعلم أثناء احتجازه في فبراير شباط خلال الاحتجاجات التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير، ورحب التجمع الذي قاد الاحتجاجات بالحكم، وهو الأول الذي يشمل أحكاما تتعلق بالحملة على المظاهرات في الشهور التي سبقت وأعقبت الإطاحة بالبشير في أبريل نيسان، ويُنظر لمحاكمة أعضاء أجهزة المخابرات باعتبارها اختبارا يحدد إلى أي مدى ستتحرك الحكومة الانتقالية في السودان لمحو إرث البشير وتحدي الأجهزة الأمنية.
وقال سعد، شقيق المُعلم القتيل أحمد الخير للصحفيين بعد صدور الحكم إن هذا اليوم انتصار للعدالة ونصر لكل السودانيين وللثورة، وأصدرت المحكمة أحكاما بالسجن على 13 متهما وبرأت أربعة آخرين في حكمها الذي قد يواجه عدة مراحل من الاستئناف، وضمت قائمة المحكوم عليهم بالإعدام 27 عميل مخابرات من كسلا عاصمة ولاية كسلا بشرق السودان وقال محام إن فردي المخابرات الآخرين اللذين حُكم عليهما بالإعدام ينتميان لبلدة خشم القربة بولاية كسلا التي قُتل فيها المُعلم.
وكان مقتل الخير سببا في حشد المحتجين خلال المظاهرات التي استمرت 16 أسبوعا على حكم البشير، وقالت أسرة الخير إن المسؤولين الأمنيين زعموا في البداية أنه توفي مسموما، لكن تحقيقا رسميا خلُص بعد أيام إلى أنه توفي متأثرا بإصابات ناجمة عن تعرضه للضرب، وتجمع المئات أمام المحكمة في أم درمان حيث صدر الحكم، ولوح البعض بالعلم السوداني أو رفعوا صورا للخير.
واحتفل المحتشدون بعد صدور الحكم وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع في محاولة لإخلاء المنطقة وإعادة فتح الطرق. وقالت لجنة أطباء على صلة بالاحتجاجات المناهضة للبشير إن امرأة مريضة بالربو توفيت بعد استنشاقها الغاز المسيل للدموع، وقال تجمع المهنيين السودانيين، الذي قاد الاحتجاجات ضد البشير، إن الحكم "يعيد الثقة في القضاء السوداني".
وتجمع المهنيين السودانيين عضو مهم في تحالف قوى الحرية والتغيير الذي أبرم في أغسطس آب اتفاقا مع الجيش لتقاسم السلطة لمدة ثلاث سنوات، ولاقى المئات حتفهم في حملات أمنية على المحتجين المناهضين للبشير كما قُتل عشرات آخرون عندما تدخلت قوات الأمن لفض اعتصام في يونيو حزيران.
حل مجالس النقابات والاتحادات المهنية
أعلنت السلطة الانتقالية في السودان حل مجالس النقابات والاتحادات المهنية التي أنشئت في عهد الرئيس السابق عمر البشير الذي أطاح به الجيش في نيسان/أبريل الماضي تحت ضغط الشارع، وتضمن بيان صدر عن الفريق الركن ياسر عبد الرحمن العطا رئيس "لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال" التي شكلها المجلس السيادي، إن القرار يقضي "بحل المكاتب التنفيذية ومجالس النقابات (...) والاتحادات المهنية".
كما ينص على "حجز العقارات المسجلة بأسماء النقابات والاتحادات المهنية (....) وحجز الآليات والسيارات ووسائل النقل المسجلة" باسمها، وتعتبر السلطات هذه النقابات مؤيدة للرئيس السابق الذي صدر عليه حكم بإيداعه "دار الإصلاح الاجتماعي لمدة عامين" في ختام محاكمة في قضية فساد بعد أشهر على إطاحة الجيش به تحت ضغط الشارع، وأدين البشير بـ"الثراء الحرام" و"التعامل بالنقد الأجنبي"، من جهة أخرى، أعلنت السلطات تشكيل لجنة لتصفية حزب المؤتمر الوطني" الذي كان يقوده البشير وأعلن حله في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، كما أعلنت حل مجلس نقابة المحامين والإعداد لانتخابات جديدة فيها، وردا على هذه القرارات التي تلبي مطالب حركة الاحتجاج، أعلنت نقابة الصحافيين أنها لا تعترف بهذا المرسوم.
اقرار ميزانية 2020 بعجز متوقع يبلغ 1.62 مليار دولار
قال وزير المالية إبراهيم البدوي يوم الأحد إن السودان أقر ميزانية 2020 التي تتضمن عجزا كليا يبلغ حجمه 73 مليار جنيه سوداني(1.62 مليار دولار)ن ووافق مجلس السيادة الحاكم ومجلس الوزراء على أول ميزانية للسودان منذ الإطاحة بعمر حسن البشير الذي شابت السنوات الأخيرة من حكمه الذي استمر فترة طويلة مخاوف اقتصادية عميقة، وتتوقع الميزانية إيرادات تبلغ 568.3 مليار جنيه سوداني (12.63 مليار دولار) وتتضمن أيضا زيادة في الانفاق على الرعاية الصحية والتعليم.
وجعلت الحكومة السودانية الحالية إحلال السلام مع المتمردين الذين يقاتلون الخرطوم أحد أهم أولوياتها باعتباره شرطا أساسيا لاستبعاد السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، وأدى هذا التصنيف إلى عرقلة حصول السودان على دعم من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتضرر اقتصاد السودان بشدة عندما انفصل الجنوب في 2011 مكلفا إياه ثلاثة أرباع إنتاجه من النفط الذي يمثل أحد المصادر المهمة للعملة الأجنبية وارتفع معدل التضخم في السنوات الأخيرة مدفوعا بارتفاع أسعار المواد الغذائية وضاعف من ذلك وجود سوق سوداء للدولار.
وأدى نقص الخبز والوقود، وكلاهما تدعمه الحكومة، بالإضافة إلى الارتفاع الكبير في الأسعار إلى اندلاع احتجاجات أدت في نهاية الأمر إلى الإطاحة بالبشير في أبريل نيسان، ودرست الحكومة الانتقالية أيضا اقتراحا لإلغاء الدعم في 2020 ولكن وزير الإعلام فيصل محمد صالح قال إنها قررت في نهاية الأمر تأجيل هذا الاقتراح حتى موعد انعقاد مؤتمر اقتصادي في مارس آذار المقبل.
الغاء دعم الوقود تدريجيا في 2020
قال وزير المالية السوداني إن الحكومة الانتقالية في السودان تخطط لإلغاء دعم الوقود تدريجيا في 2020 ومضاعفة أجور القطاع العام لتخفيف أثر تنامي التضخم، تحاول الحكومة المدنية الجديدة، بمساعدة المانحين، إطلاق سلسلة إصلاحات اقتصادية وسياسية بعد الإطاحة بعمر البشير في ابريل نيسان، يعيش السودان أزمة منذ فقد ثلثي إنتاجه النفطي مع انفصال جنوب السودان في 2011.
ولم يذكر وزير المالية إبراهيم البدوي كيف سَتُموَّل ميزانية العام القادم ولا توقعات الحكومة للإيرادات والإنفاق، لكنه أبلغ الصحفيين أن دعم البنزين سَيُلغى تدريجيا العام القادم في حين سيستمر دعم القمح وغاز الطهي لمساعدة الفقراء. والدعم عبء رئيسي على مالية الحكومة، وبغية تخفيف أثر التضخم والفقر، تريد الحكومة مضاعفة أجور الوظائف العامة وزيادة الحد الأدنى إلى ألف جنيه سوداني (22 دولارا) من 425 جنيها، حسبما ذكر البدوي.
وفي أكتوبر تشرين الأول، بلغ معدل التضخم الرسمي 58 بالمئة، لكن الشواهد تشير إلى أن الأسعار تزيد بمعدلات أسرع كثيرا، كان نقص في الخبز والوقود والدواء، فضلا عن زيادات حادة في الأسعار، هو الذي أوقد شرارة الاحتجاجات التي أفضت إلى الإطاحة بالبشير بعد نحو 30 عاما في السلطة، وظل الاقتصاد مضطربا منذ ذلك الحين مع تفاوض السياسيين على اتفاق لتقاسم السلطة بين الجيش والمدنيين.
وعُينت الحكومة في سبتمبر أيلول وستتولى لمدة ثلاث سنوات بموجب اتفاق تقاسم السلطة، وهي تتفاوض مع الولايات المتحدة لرفع اسم السودان من قائمة للدول الراعية للإرهاب، يرجع هذا التصنيف إلى مزاعم ظهرت في 1993 بأن حكومة البشير ذات التوجه الإسلامي تدعم الإرهاب، وهو يضع عراقيل فنية أمام الإعفاء من الدين والحصول على تمويل من صندوق النقد والبنك الدوليين - الأمر الذي يهدد النمو الاقتصادي أيضا ويتطلب رفع السودان من القائمة موافقة الكونجرس الأمريكي.
ولم يذكر البدوي ما الذي يتوقعه السودان على صعيد الدعم المقدم من المانحين وكان أبلغ رويترز في نوفمبر تشرين الثاني أن بلاده بحاجة لما يصل إلى خمسة مليارات دولار للعام 2020، وقال إن ميزانية 2020 ستزيد الإنفاق على التعليم والإنفاق الاجتماعي وستتضمن مساعدات للأسر المحتاجة ورصد 9.3 مليار جنيه إضافية للولايات المتأثرة بأعمال قتال أو تمرد، وقال وزير الإعلام فيصل صالح إن الميزانية ستكون جاهزة بشكل نهائي في غضون يومين خلال اجتماع بين الحكومة الانتقالية ومجلس السيادة المشكل من عسكريين ومدنيين.
فخورون بحكومتنا
ظلت حكومة البشير على مدى طويل تدعم رغيف الخبز والوقود وسلع غذائية أخرى وتسبب هذا في عجز ضخم للميزانية وبات يشكل عبئا غير محتمل، والآن لم يعد رغيف الخبز قضية ساخنة ولم يعد المواطنون ينتظرون في طوابير أمام المخبز، وما زالت الحكومة الانتقالية تدعم رغيف الخبز، قالت نجود الشلالي المهندسة الزراعية البالغة من العمر خمسة وثلاثين عاما "نحن فخورون بحكومتنا، هذه حكومتنا نحن شعب السودان من أوجدها"، وأضافت الشلالي "قبل الثورة كنا نعاني كثيرا، والآن الثورة حلت مشكلة الخبز في مدينتنا"، وقام المواطنون في عطبره ومدن أخرى بتشكيل لجان من صفوفهم تشرف على كل شيء بما في ذلك توزيع الخبز.
وقال عماد عبد الحفيظ عضو لجنة عطبره "الآن نراقب كل شئ، توزيع الطحين للمخابز وصناعة الخبز داخلها وكل الاشياء المستخدمة في صناعته وحتى توزيعه للسكان"، وأشار عبد الحفيظ الى أن عضوا من اللجنة يكون حاضرا داخل المخبز على مدار ساعات اليوم، وشكرت هبه علي الله على هذه الطريقة قائلة "في عطبره ودعنا أزمة الخبز"ـ لكن لا يزال الوضع الاقتصادي في البلاد يعاني من أزمة بمعدل تضخم بلغ 60 بالمئة وفق تقارير حكومية وضعف الاحتياطي من العملات الأجنبية، هل ستحل الازمة ام تتفاقم.
عام على الانتفاضة
وفيما يلي تسلسل زمني بأهم الأحداث منذ بدأت الاضطرابات:
- 19 ديسمبر كانون الأول 2018 - المسؤولون يعلنون حالة الطوارئ في مدينة عطبرة في الشمال بعد احتجاجات على ارتفاع الأسعار وإضرام النيران في المقر المحلي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي يتزعمه البشير.
- الثالث من يناير كانون الثاني 2019 - الأمين العام الأول لحزب المؤتمر الوطني الحاكم يطالب البشير بالتنحي مع انتشار الاحتجاجات في أنحاء السودان بقيادة تجمع المهنيين السودانيين.
- فبراير شباط 2019 - النواب يؤجلون تعديلات على الدستور لأجل غير مسمى بعد أن كانت ستسمح للبشير بالترشح لولاية جديدة.
- مارس آذار 2019 - البشير يعد بإجراء حوار مع المعارضة مع استمرار الاحتجاجات على الرغم من إجراءات الطوارئ ويتخلى عن سلطاته في زعامة الحزب الحاكم.
- السادس من أبريل نيسان 2019 - آلاف المحتجين يقيمون مقرا للاعتصام خارج مجمع في العاصمة الخرطوم يضم وزارة الدفاع ومقر جهاز المخابرات ومقر إقامة البشير.
- 11 أبريل نيسان 2019 - وزير الدفاع عوض بن عوف يعلن على التلفزيون الإطاحة بالبشير واعتقاله مما يطلق احتفالات في أنحاء البلاد.
- 12 أبريل نيسان 2019 - ابن عوف يستقيل من رئاسة المجلس العسكري الانتقالي المشكل حديثا. وتعيين عبد الفتاح البرهان رئيسا ومحمد حمدان دقلو نائبا للمجلس.
- أبريل نيسان ومايو أيار 2019 - المحتجون بقيادة تحالف قوى الحرية والتغيير يطالبون بتسليم سريع للسلطة إلى المدنيين وبدء حملة من الإضرابات والعصيان المدني في أنحاء البلاد.
- الثالث من يونيو حزيران 2019 - قوات الأمن تداهم مقر اعتصام خارج وزارة الدفاع في الخرطوم وتقتل العشرات.
- 11 يونيو حزيران 2019 - قوى الحرية والتغيير تعلق الإضراب والعصيان المدني وتستأنف المحادثات مع المجلس العسكري بعد أن توقفت عقب عمليات القتل في فض الاعتصام.
- 17 أغسطس آب 2019 - وضع اللمسات النهائية على اتفاق لتقاسم السلطة بما يؤدي لتشكيل حكومة انتقالية.
- 20 أغسطس آب 2019 - تشكيل مجلس سيادة بما يشمل ممثلين عن قوى الحرية والتغيير والجيش وبعد يوم يؤدي رئيس وزراء جديد اليمين وهو عبد الله حمدوك.
- 27 نوفمبر تشرين الثاني 2019 - السلطات تعلن حل حزب المؤتمر الوطني وإلغاء قانون النظام العام الذي كان يحكم سلوك النساء في عهد البشير.
- الرابع من ديسمبر كانون الأول 2019 - وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو يقول إن بلاده اتفقت مع السودان على استئناف تبادل السفراء بعد 23 عاما من الانقطاع.
- 14 ديسمبر كانون الأول 2019 - محكمة سودانية تدين البشير بالفساد وتصدر حكما عليه بقضاء عامين في منشأة إصلاحية يواجه البشير اتهامات إضافية بالتحريض على قتل المتظاهرين والتورط فيه وتقويض النظام الدستوري.
اضف تعليق