تتواصل الاحتجاجات والاعتصامات في بغداد وعدد من المدن الجنوبية، للمطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد وتغير الطبقة السياسية الحاكمة، الاحتجاجات التي انطلقت في الأول من تشرين الأول الماضي شهدت اعمال عنف متصاعدة راح ضحيتها ما يقرب من 500 شهيد وجرح الالاف كان اخرها شهداء مدينة الناصرية والنجف وكربلاء...
تتواصل الاحتجاجات والاعتصامات في بغداد وعدد من المدن الجنوبية، للمطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد وتغير الطبقة السياسية الحاكمة، الاحتجاجات التي انطلقت في الأول من تشرين الأول الماضي شهدت اعمال عنف متصاعدة راح ضحيتها وبحسب بعض المصادر ما يقرب من 500 شهيد وجرح الالاف كان اخرها شهداء مدينة الناصرية والنجف وكربلاء هذه الأحداث الميدانية المتسارعة، والعجز الحكومي الواضح عن ضبط إيقاع الأزمة بسبب الضغط الشعبي المستمر، كان سبباً في اجبار القوى السياسية في العراق على الاعتراف بفشها والعمل على اعادة ترتيب اوراقها وتنفيذ مطالب الشارع العراقي، خصوصا بعد ان اعلن رئيس الحكومة عادل عبد المهدي انه سيقدم استقالتة الى البرلمان، وذلك بعد خطبة المرجعية التي تلاها أحمد الصافي في كربلاء وقال فيها، إن "مجلس النواب الذي انبثقت منه الحكومة الراهنة مدعوّ إلى أن يعيد النظر في خياراته بهذا الشأن ويتصرف بما تمليه مصلحة العراق، والمحافظة على دماء أبنائه، وتفادي انزلاقه إلى دوامة العنف والفوضى والخراب".
وحث فيها ايضا المحتجين والقوى الامنية على الحفاظ على السلمية ورفض كافة أشكال العنف، محذراً من انزلاق العراق إلى الحرب الأهلية أو العودة إلى الاستبداد، قال إن التسويف والمماطلة سيكلفان العراق ثمنا باهظا ويجهضان الإصلاحات. وقال إن "مجلس النواب الذي انبثقت منه الحكومة الراهنة مدعوّ الى أن يعيد النظر في خياراته بهذا الشأن ويتصرف بما تمليه مصلحة العراق والمحافظة على دماء أبنائه، وتفادي انزلاقه الى دوامة العنف والفوضى والخراب". وشدد المرجع الشيعي الأعلى على ضرورة إسراع مجلس النواب بإقرار الإصلاحات للتوصل إلى انتخابات تعكس إرادة الشعب.
يوم دامي
شهدت مدن الناصرية والنجف في الايام السابقة وكما نقلت بعض المصادر، مواجهات عنيفة اسفرت عن سقوط العديد من الشهداء والجرحى، وأعلن رئيس الوزراء العراقي، عادل عبدالمهدي، تشكيل لجنة تحقيق في أحداث محافظتي ذي قار والنجف، وفي الوقت نفسه استقال محافظ ذي قار، عادل الدخيلي، من منصبه بعد سقوط اكثر من 42 شهيد وجرح المئات في المحافظة. وأشارت مصادر طبية إلى أن 16 متظاهرا استشهدوا وأصيب أكثر من 500 جريح في اشتباكات النجف. و أعلنت عشائر عراقية حمل السلاح لحماية المدن والمتظاهرين، حسبما أعلنوا في الناصرية مركز محافظة ذي قار.
ومنذ بدء الاحتجاجات توالت مواقف العشائر حيال التطورات المتسارعة في البلاد في مجملها من تأييد المتظاهرين ورفض الإجراءات القمعية، إذ أكد بعض زعماء العشائر على استمرار دعمهم للاحتجاجات الشعبية حتى رحيل الحكومة، في وقت رفض فيه شيوخ عشائر في وسط وجنوب البلاد دعوة وجهها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي للقائهم أواخر الشهر الماضي.
وجرت أعمال العنف فيما أعلن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي عزمه على تقديم استقالته بعدما دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني في خطبة الجمعة مجلس النواب العراقي إلى سحب الثقة من الحكومة وسط احتجاجات مستمرة منذ شهرين في بغداد وجنوب العراق. وبدا واضحاً دعم المرجع السيستاني للاحتجاجات الغاضبة التي تدعو منذ الاول من تشرين الاول/اكتوبر، الى «إقالة الحكومة» وتغيير الطبقة السياسية التي تسيطر على العراق منذ 16 عاماً، مع اتهامها بالفساد وهدر ثروات هذا البلد
وقال السيستاني في خطبة الجمعة التي تلاها ممثله السيد أحمد الصافي في كربلاء، إن «مجلس النواب الذي انبثقت منه الحكومة الراهنة مدعوّ الى أن يعيد النظر في خياراته بهذا الشأن ويتصرف بما تمليه مصلحة العراق والمحافظة على دماء أبنائه، وتفادي انزلاقه الى دوامة العنف والفوضى والخراب». وبعد ساعاتاعلن عبد المهدي المستقل والذي تولى منصبه منذ اكثر من عام، عزمه على الإستقالة، وقال في بيان «سأرفع الى مجلس النواب الموقر الكتاب الرسمي بطلب الاستقالة من رئاسة الحكومة الحالية ليتسنى للمجلس اعادة النظر في خياراته»
في ساحة التحرير بوسط بغداد قال احد المتظاهرين لوكالة الصحافة الفرنسية «هذا اول نصر لنا، وستكون هناك انتصارات اخرى على الاخرين» .واضاف «إنه إنتصار كذلك للشهداء الذين سقطوا» خلال الاحتجاجات. وقال المحامي سجاد حسين (35 عاما) ، متحدثا من ساحة التظاهر وسط مدينة الكوت، جنوب بغداد، إن "هذه الاستقالة بداية لتنفيذ مطالب المحتجين، وإنطلاقة لتصحيح مسار العملية السياسية وحقن الدماء". واورد المتظاهر علي حسين من ساحة الحبوبي وسط مدينة الناصرية ، جنوب بغداد، ان "هذه خطوة مهمة رغم كونها متأخرة، وبعد ايام دموية خصوصا هنا في الناصرية".
وتمثل الاضطرابات أكبر أزمة يواجهها العراق منذ سنوات بينما يحاول جاهدا التعافي من عقود من الصراعات والعقوبات. وقال ايضا السيستاني ”إن الأعداء وأدواتهم يخططون لتحقيق أهدافهم الخبيثة من نشر الفوضى والخراب والانجرار الى الاقتتال الداخلي ومن ثم إعادة البلد إلى عصر الدكتاتورية المقيتة، فلا بد من أن يتعاون الجميع لتفويت الفرصة عليهم“ دون أن يذكر تفاصيل. ولا يزال العراقيون يواصلون احتجاجاتهم في بغداد والمناطق الجنوبية معتبرين استقالة رئيس الوزراء "غير مقنعة" مصرين على "تنحية جميع رموز الفساد".
مذكرة قبض واستقالات
الى جانب ذلك أصدرت الهيئة القضائية التحقيقية المشكلة للنظر بقضايا أحداث التظاهرات في محافظة ذي قار، مذكرة قبض ومنع سفر بحق الفريق جميل الشمري. وقال مجلس القضاء الاعلى في بيان إن "الهيئة التحقيقية في رئاسة محكمة استئناف ذي قار، أصدرت مذكرة قبض ومنع سفر بحق الفريق جميل الشمري عن جريمة إصدار الأوامر التي تسببت بقتل متظاهرين في المحافظة". وكان رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي، كلف الفريق جميل الشمري برئاسة خلية الأزمة في ذي قار، قبل ان يسحب يده، عقب احداث عنف وقعت في المحافظة راح ضحيتها العشرات من المتظاهرين.
وشهدت الناصرية استشهاد اكثر من 40 متظاهرا خلال الأيام الماضية بسبب القمع الشديد. وأفاد مصدر قضائي بأن مذكرة الاعتقال تضمنت أيضا حجز أموال الشمري المنقولة وغير المنقولة. وقد تزامن ذلك وكما نقلت بعض المصادر مع أنباء عن إضرام متظاهرين غاضبين في الديوانية النار في منزل الشمري. وكان محافظ ذي قار العراقية، عادل الدخيلي قد طالب بإبعاد الفريق جميل الشمري من خلية الأزمة لإخلاله بأمن المحافظة. كما دعا إلى "تشكيل لجنة تحقيقية ومعاقبة كل من تسبب بسقوط دماء أبناء المحافظة".، قبيل ان يقدم استقالته من منصبه احتجاجا على سقوط عشرات الشهداء في الاحتجاجات بمدينة الناصرية.
وذكر بيان سابق للجيش أن عبد المهدي استدعى المشرف على القطاعات الأمنية في محافظة ذي قار، حيث تقع الناصرية، للحضور إلى بغداد ”للتداول بشأن الأسباب التي أدت إلى الأحداث الأخيرة“ في المحافظة. من جانبة أعلن النائب صادق السليطي، إحالة الفريق الركن جميل الشمري للتحقيق العسكري متهما بجرائم قتل المتظاهرين السلميين في الناصرية. وقال السليطي في بيان انه "في الوقت الذي يعاني فيه أبناء الشعب المنتفض على الظلم والفساد.
من جانب اخر أعلن قائد شرطة محافظة ذي قار محمد زيدان القريشي(ابو الوليد) ، استقالته من منصبه. وكان القريشي التقى، بعدد من شيوخ ووجهاء العشائر في مقر قيادة الشرطة بمدينة الناصرية قبل تقديم استقالته. وأمر القريشي الفرق الأمنية بمنع إطلاق النار على المتظاهرين وسحبها إلى مقارها بموجب اتفاق مع العشائر تضمن أيضا وقف المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن.
وتأتي استقالة القريشي بعد استقالة محافظ ذي قار عادل الدخيلي الذي استقال بدوره احتجاجا على حملة القمع "الدامية" للمتظاهرين. وألقى الدخيلي والقريشي باللوم على قائد خلية الأزمة في ذي قار الفريق الركن جميل الشمري وقوات من خارج المحافظة بالوقوف وراء حملة قمع المحتجين، وهو ما دفع رئيس الحكومة عادل عبد المهدي إلى سحب الشمري للتحقيق معه بعد أقل من 24 ساعة من تكليفه بالمهمة. من جهة اخرى أفاد مصدر أمني في محافظة ذي قار، بإطلاق سراح عشرات المعتقلين في مدينة الناصرية مركز المحافظة. وقال المصدر إن "عشرات المعتقلين تم إطلاق سراحهم بعد تدخل وجهاء ورجال الدين في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار".
اضف تعليق