ازمة جديدة تعيشها إيران التي تعاني من جملة من المشكلات والازمات الداخلية، بسبب العقوبات الاقتصادية التي اثرت سلباً على الاقتصاد الايراني، واسهمت بارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، وانخفاض قيمة العملة المحلية وزيادة البطالة، وهو ما دفع الحكومة الايرانية الى اتخاذ قرارات واجراءات جديدة...
ازمة جديدة تعيشها ايران التي تعاني من جملة من المشكلات والازمات الداخلية، بسبب العقوبات الاقتصادية التي اثرت سلباً على الاقتصاد الايراني، واسهمت بارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، وانخفاض قيمة العملة المحلية وزيادة البطالة، وهو ما دفع الحكومة الايرانية الى اتخاذ قرارات واجراءات جديدة منها وبحسب بعض المصادر تقنين توزيع البنزين ورفعت أسعاره ، في خطوة تهدف إلى خفض الدعم المكلف الذي تسبب بزيادة استهلاك الوقود وتفشي عمليات التهريب.
وأفادت الشركة الوطنية الإيرانية لتكرير وتوزيع النفط أنه سيكون على كل شخص يملك بطاقة وقود دفع 15 ألف ريال (13 سنتًا) لليتر لأول 60 ليتراً من البنزين يتم شراؤها كل شهر. وسيُحسب كل ليتر إضافي ب30 ألف ريال. وكان سعر ليتر البنزين المدعوم من الدولة يبلغ 10 آلاف ريال (أقل من تسعة سنتات). وقدم التعديل على أنه إجراء ستوزع أرباحه على العائلات التي تواجه صعوبات، في بلد نفطي يفترض أن يواجه اقتصاده الذي تخنقه عقوبات أميركية، انكماشاً نسبته 9 بالمئة.
وما أن أعلنت الحكومة الإيرانية عن رفع سعر البنزين، حتى تفجرت مظاهرات غاضبة، حيث شهدت مدن إيرانية عديدة تظاهرات احتجاجية كبيرة رافقتها أعمال العنف تسببت بسقوط العديد من الضحايا. وشهد الوضع الاقتصادي بإيران تراجعا كبيرا. فبعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي وفرضها عقوبات اقتصادية وضغوط على إيران، فضلا عن خروج متظاهرين إلى الشارع احتجاجا على الوضعية الاقتصادية، صارت إيران تعيش على وقع أزمة مرجح تفاقمها بشكل خطير خصوصا مع وجود دول وحكومات معادية تسعى الى تأجيج الاوضاع والاستفادة من هذه الاحداث.
وفيما يخص اخر تطورا هذا الملف قال التلفزيون الرسمي الإيراني إن الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي ساند رفع سعر البنزين والذي أدى إلى إثارة احتجاجات في شتى أنحاء البلاد منحيا باللوم في ”أعمال التخريب“ على معارضي الجمهورية الإسلامية والأعداء الأجانب. وقال خامنئي ”هذا القرار جعل بعض الناس يشعرون بقلق دون شك.. ولكن أعمال التخريب وإشعال الحرائق يقوم بها مثيرو الشغب وليس شعبنا. الثورة المضادة وأعداء إيران يدعمون دائما أعمال التخريب وانتهاك القانون ويواصلون فعل ذلك“.
احتجاجات واشتباكات
ذكرت وكالات أنباء إيرانية ومواقع للتواصل الاجتماعي أن شرطة مكافحة الشغب وقوات الأمن اشتبكت مع متظاهرين في طهران وعشرات المدن الإيرانية الأخرى ، في الوقت الذي تحولت فيه احتجاجات على ارتفاع سعر البنزين إلى مظاهرات سياسية. وقالت التقارير إن المتظاهرين رددوا هتافات مناوئة للحكومة في مختلف أنحاء البلاد بعد يوم من زيادة سعر لتر البنزين العادي إلى 15 ألف ريال (0.13 سنت أمريكي) من عشرة آلاف بالإضافة إلى ترشيد استخدامه.
وقال التلفزيون الرسمي إن الشرطة اشتبكت مع من وصفهم بمثيري الشغب في بعض المدن وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم. ونقلت وكالة أنباء الطلبة عن مسؤول محلي قوله إن قتيلا سقط في مدينة سيرجان في إقليم كرمان وأصيب عدد آخر. وقالت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء ”هاجم الناس مخزنا للوقود وحاولوا إشعال النار فيها“. وقال وزير الداخلية الإيراني عبدالرضا رحماني فضلي للتلفزيون الرسمي إن قوات الأمن ستتحرك لاستعادة الهدوء إذا ألحق المحتجون على ارتفاع أسعار البنزين ”أضرارا بالممتلكات العامة“ وذلك مع انتشار الاحتجاجات المناهضة للحكومة في أنحاء البلاد.
وأضاف ”قوات الأمن ضبطت نفسها حتى الآن وتساهلت مع الاحتجاجات. لكن الأولوية لدينا هي الهدوء وأمن الأفراد وستنجز (القوات) مهمتها باستعادة الهدوء إذا استمرت الهجمات على الممتلكات العامة والخاصة“. وأظهرت مقاطع مصورة بثت على مواقع للتواصل الاجتماعي في إيران قيام محتجين بإشعال النار في مبان واشتباكهم مع قوات مكافحة الشغب. وفي مقاطع فيديو أخرى أغلق محتجون الطرق وأشعلوا حرائق في شوارع بطهران ومدن أخرى. وردد البعض هتافات ضد كبار المسؤولين.
وقالت وسائل الإعلام الإيرانية إن الاحتجاجات امتدت إلى 40 مدينة وبلدة على الأقل. وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي شرطة مكافحة الشغب وهي تطلق قنابل الغاز المسيل للدموع على المحتجين في عدد من المدن. وأظهر مقطع فيديو نشر على تويتر محتجين يشعلون النار في أحد البنوك. واتهم التلفزيون الذي تديره الدولة ”وسائل إعلام معادية“ بمحاولة تضخيم المظاهرات من خلال ”الأخبار والمقاطع المصورة الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي“.
وقال المدعي العام محمد جعفر منتظري للتلفزيون الرسمي إن المتظاهرين الذين أغلقوا الطرق واشتبكوا مع قوات الأمن ”لهم جذور قطعا خارج البلاد“. وتحدثت تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي عن بطء سرعات خدمات الإنترنت وتقييدها، في محاولة من جانب السلطات فيما يبدو للحد من الاتصالات بين المحتجين. يرى إيرانيون كثيرون أن البنزين الرخيص في الدولة المنتجة للنفط حق لهم وأشعلت زيادة سعره مخاوف من حدوث المزيد من الضغوط المعيشية، على الرغم من تأكيدات السلطات أن عائد الزيادة سيستخدم في مساعدة الأسر الفقيرة.
وباتت قدرة الإيرانيين على شراء لوازمهم أضعف بوضوح منذ العام الماضي عندما انسحبت الولايات المتحدة من اتفاق عام 2015 النووي الذي وقعته إيران مع القوى الكبرى وعودة العقوبات الأمريكية عليها. وبالإضافة إلى ارتفاع التضخم وزيادة البطالة وانخفاض الريال واستشراء الفساد ألحقت سياسة (الضغوط القصوى) التي تنتهجها واشنطن المزيد من الضرر بالاقتصاد الإيراني. بحسب رويترز.
ويحرص رجال الدين الذين يحكمون إيران على منع تكرار الاضطرابات التي حدثت في أواخر عام 2017 في 80 مدينة وبلدة بسبب تدني مستوى المعيشة وترددت فيها دعوات لرجال الدين كي يتركوا الحكم. وقال المسؤولون الإيرانيون إن 22 شخصا لقوا حتفهم في تلك الاحتجاجات. ويتنقل الإيرانيون في المدن والبلدات بسيارات خاصة أو سيارات أجرة في الغالب. ونقلت تقارير إعلامية عن الحكومة قولها إن تعريفات سيارات الأجرة ووسائل النقل العام لن يطرأ عليها تعديل. وقالت الحكومة إنها تتوقع أن تدر زيادة أسعار البنزين نحو 2.55 مليار دولار سنويا ستخصص لزيادة دعم 18 مليون اسرة أو نحو 60 مليون إيراني من محدودي الدخل.
قرار وتأييد
على صعيد متصل أيّد الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي رفع سعر البنزين الذي فجّر احتجاجات في شتى أنحاء البلاد منحيا باللوم في ”أعمال التخريب“ على معارضي الجمهورية الإسلامية وأعدائها الأجانب. وقال في خطاب نقله التلفزيون الرسمي ”هذا القرار جعل بعض الناس يشعرون بقلق دون شك... ولكن أعمال التخريب وإشعال الحرائق يقوم بها مثيرو الشغب وليس شعبنا“. وذكرت وكالات أنباء إيرانية ومواقع للتواصل الاجتماعي أن الشرطة وقوات الأمن اشتبكت مع المتظاهرين في طهران وعشرات المدن الأخرى بعد يوم من رفع سعر البنزين.
وقال خامنئي، قبل ساعات من قول وسائل الإعلام إنه تمت استعادة الهدوء في البلاد، ”الثورة المضادة وأعداء إيران يدعمون دائما أعمال التخريب والإخلال بالأمن ويواصلون فعل ذلك“. وأضاف ”للأسف حدثت بعض المشاكل وفقد عدد من الأشخاص أرواحهم ودُمرت بعض المراكز“. وقال إن زيادة سعر البنزين استندت إلى رأي الخبراء ويجب تطبيقها لكنه دعا المسؤولين إلى الحيلولة دون ارتفاع أسعار السلع الأخرى.
وقالت طهران إنه من المتوقع أن يوفر رفع أسعار البنزين نحو 2.55 مليار دولار سنويا لإضافة مزيد من الدعم لنحو 18 مليون أسرة إيرانية أو نحو 60 مليون شخص من ذوي الدخول المنخفضة. وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن بعض نواب البرلمان، الذين كانوا يعتزمون مناقشة السبل المقترحة لإجبار الحكومة على التراجع عن قرارها، سحبوا اقتراحهم بعد خطاب خامنئي.
ونقلت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء عن بيان لوزارة المخابرات الإيرانية إنها حددت هوية قادة الاحتجاج ويجري اتخاذ ”الإجراءات المناسبة“. وقال الرئيس حسن روحاني في تصريحات بثها التلفزيون الرسمي ”الناس لهم الحق في الاحتجاج. لكن ذلك يختلف عن الفوضى. لا يمكننا أن نسمح بزعزعة الأمن في البلاد بأعمال الشغب“.
وقال مسؤولون إن شخصا قُتل في مدينة سيرجان بجنوب شرق البلاد يوم الجمعة بينما أشارت تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي إلى وقوع عدة وفيات أخرى إذ اتخذت الاحتجاجات منحى سياسيا. وذكرت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء أن شرطيا لاقى حتفه في الاحتجاجات التي اندلعت فيما يزيد على 100 مدينة وبلدة. وذكرت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية أنه تم اعتقال ألف محتج وأنه تم إضرام النار في 100 بنك. بحسب رويترز.
وكثيرا ما تتهم إيران المعارضين المنفيين والولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية بمحاولة زعزعة استقرارها عبر حملات دعاية على الإنترنت. وذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية أنه تم تقييد الوصول إلى الإنترنت بعد الاحتجاجات بناء على أمر من مجلس معني بأمن الدولة. وقالت مورجان أورتاجوس المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية على تويتر”ندين محاولة إغلاق الإنترنت. دعوهم يتكلمون“.
وكان قرار زيادة أسعار الوقود صدر عن المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي المؤلف من الرئيس ورئيس مجلس الشورى ورئيس السلطة القضائية. وقال خامنئي إنه منذ يومين، تبدي بعض الكيانات المعارضة للسلطة "سرورها" بالاضطرابات. وتحدث عن خصوم النظام الإيراني في الخارج بما أسماه "مراكز الاستكبار العالميّ"، مشيرا بذلك إلى عائلة بهلوي التي طردتها الثورة الإسلامية من السلطة عام 1979، وحركة "مجاهدي خلق" المعارضة في المنفى التي تعتبرها إيران منظمة "إرهابية". وقال المرشد الأعلى "ما أطلبه هو ألا يساعد أحد هؤلاء المجرمين" داعيا المواطنين إلى الابتعاد عن مثيري الاضطرابات.
من جهته، حذّر المتحدث باسم الشرطة أحمد نوريان من أن قوات الأمن "لن تتردد في مواجهة الذين يزعزعون السلام والأمن وستحدد قادة هذه المجموعات وستحشد القوات وتواجههم". ودعا، في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الطلابية المواطنين إلى كشف "الانتهازيين والمرتزقة" ومساعدة الشرطة في الحفاظ على السلام.
وتضرر الاقتصاد الإيراني منذ شهر أيار/مايو 2018 بعد ما انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في قرار أحادي من الاتفاق النووي الموقع في العام 2015 وفرض عقوبات كبيرة على طهران. وعلى الإثر، انخفضت قيمة الريال بشدة وبلغ معدل التضخم أكثر من 40 بالمئة، ويتوقع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد الإيراني بنسبة 9 بالمئة في العام 2019 ويعقبه ركود في العام 2020.
وكان وزير النفط بيجن زنغنه قد قال للتلفزيون الرسمي إن الهدف من زيادات الأسعار والتقنين هو ”كبح جماح الاستهلاك المتصاعد وتصدير البنزين ومساعدة الأسر الفقيرة“. ويشعر كثير من الإيرانيين بخيبة الأمل إزاء التخفيض الحاد في قيمة الريال وزيادة أسعار الخبز والأرز وسلع أخرى منذ إعادة فرض العقوبات الأمريكية على البلاد.
واتهم المدعي العام الإيراني، المتظاهرين الذي خرجوا إلى الشوارع في مناطق إيرانية عدة بـ"الفوضويين" متعهدا بالتصدي بـ"كل حزم" لهم ومعتبرا ما يقومون به "جريمة". وقال المدعي العام الإيراني، محمد جعفر منتظري، إن المتظاهرين الذين نزلوا إلى الشارع للاحتجاج على رفع أسعار البنزين "فوضويون" ووصف الاحتجاجات بـ"أعمال الشغب"، وفقا لوكالة فارس شبه الرسمية الإيرانية.
وأشار منتظري إلى أن مثل هذه الأفعال تعتبر "جريمة" وفقا لأحكام القانون لافتا إلى أن "قوى الأمن الداخلي ترى من واجبها وفقا للقوانين التصدي للمخلين بالنظام العام". وأعرب المدعي العام الإيراني عن ثقته بأن من يدعون إلى التظاهر عبر منصات التواصل الاجتماعي لن يؤثروا على الشعب الإيراني، واصفا إياهم بـ"عملاء الأجنبي والتيارات المناهضة للدولة"، وفقا لفارس. وقال منتظري إن الجهات القضائية في إيران ستتصدى بـ"كل حزم" لمن وصفهم بـ"المخلين بالنظام العام" أو من يحاولون "ضرب استقرار الشعب"، مشيرا إلى أن الشعب الإيراني سيتصدى لـ"الفوضى"، على حد تعبيره.
تحقيق التوازن
الى جانب ذلك قال صندوق النقد الدولي إن إيران ستحتاج لسعر للنفط عند 194.6 دولار للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها العام المقبل. وأضاف الصندوق في تقرير أن من المتوقع أن تسجل إيران، وهي عضو رئيسي في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وتعاني من عقوبات أمريكية صارمة، عجزا ماليا بنسبة 4.5 بالمئة هذا العام و5.1 بالمئة في العام المقبل.
وشهدت إيران ارتفاعا في إيرادات النفط بعدما أدى اتفاق نووي أبرمته في عام 2015 مع قوى عالمية إلى إنهاء نظام للعقوبات التي فُرضت عليها قبل ذلك بثلاثة أعوام بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. لكن العقوبات الجديدة التي فرضتها واشنطن بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق في عام 2018 هي أكثر العقوبات الأمريكية ضررا.
وقال صندوق النقد الدولي إن من المتوقع أن ينكمش اقتصاد إيران 9.5 بالمئة هذا العام مقارنة مع انكماش نسبته ستة بالمئة في تقدير سابق، لكن من المتوقع أن يظل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مستقرا العام المقبل. وقال جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بالصندوق لرويترز ”التقدير هو أن... العقوبات التي أُعيد فرضها العام الماضي وجرى تشديدها هذا العام، لن يكون لها تأثير إضافي العام المقبل“. وعرقل تراجع العملة الإيرانية، بعد إعادة فرض العقوبات، التجارة الخارجية لإيران وعزز التضخم السنوي، الذي يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ 35.7 بالمئة هذا العام و31 بالمئة العام المقبل. بحسب رويترز.
وقال أزعور إنه ينبغي أن توفق السلطات الإيرانية بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق للسيطرة على التضخم. وتوقع الصندوق هبوط صادرات السلع والخدمات الإيرانية إلى 60.3 مليار دولار هذا العام من 103.2 مليار دولار العام الماضي، وأن تشهد مزيدا من التراجع في عام 2020 إلى 55.5 مليار دولار.
اضف تعليق