أثار سقوط الطائرة الإثيوبية الشكوك حول سلامة أحدث نسخة من طائرة بوينغ الأمريكية. سقوط هذا النوع من الطائرات هو الثاني في أقل من 6 أشهر بعد سقوط طائرة تابعة لشركة طيران إندونيسية. فما قصة هذه الفئة من بوينغ؟، إذ تواجه بوينغ عملاق صناعة الطيران الأميركية...
أثار سقوط الطائرة الإثيوبية الشكوك حول سلامة أحدث نسخة من طائرة بوينغ الأمريكية. سقوط هذا النوع من الطائرات هو الثاني في أقل من 6 أشهر بعد سقوط طائرة تابعة لشركة طيران إندونيسية. فما قصة هذه الفئة من بوينغ؟
تواجه بوينغ عملاق صناعة الطيران الأميركية، والمنافسة الرئيسية للعملاقة الأوروبية إيرباص، ازمات ومشكلات كبيرة هي الاسوأ منذ تأسيسها عام 1916، بعدما تبوّأت المركز الأول عالمياً سنة 1997. حيث أثار تحطم طائرة الخطوط الجوية الإثيوبية هزة في قطاع الطيران العالمي وألقى بظلاله على طراز طائرات بوينج المميز الذي كان من المفترض أن يظل نموذجيا لعقود، وخاصة بعد حادث مشابه لطائرة من نفس الطراز تابعة لشركة ليون إير خارج العاصمة الإندونيسية جاكرتا في أكتوبر تشرين الأول. وأسفر الحادثان عن مقتل 346 شخصا. ورفعت مؤسسة تابعة لأحد ضحايا طائرة ليون إير دعوى أمام محكمة اتحادية في شيكاجو أشار فيها المدعون إلى حادث الطائرة الإثيوبية لدعم موقفهم في القضية.
لعل أوسع القرارات نطاقاً وأذى للشركة بحسب بعض المصادر، القرار الذي اتخذته وكالة أمن الطيران الأوروبي، بإغلاق المجال الجوي الأوروبي أمام طائرات بوينغ 737 ماكس 8 و9، وتعليق جميع الرحلات الجوية لهذه الطائرات. كما اتّسعت دائرة مقاطعة هذا الطراز من طائرات "بوينغ" التي دافعت عن ناقلتها، إذ أعلنت الصين وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وسنغافورة وأستراليا والصين وإندونيسيا والعديد من الدول العربية، وقف تشغيل الطائرة ذاتها من مطاراتها وإليها، في مراجعة تتعلق بعوامل الأمان.
وتمرّ بوينغ حالياً بأقسى أزماتها منذ أن جرى في عام 2013 منع تحليق طائرة 787 "دريملاينر" الطويلة المدى لأربعة اشهر بسبب عطب على مستوى البطاريات. هذه الازمة اثرت سلباً على العديد من شركات الطيران الامريكية والعالمية، حيث اظهرت حصيلة شركتي "أمريكان إيرلاينز" و"ساوث وست" الأمريكتين بعد أكثر من شهر على منع تشغيل طائرات "بوينغ 737 ماكس" أنهما اضطرتا إلى إلغاء آلاف الرحلات وإعادة ترتيب برامج الخدمات، فضلا عن أن عائداتهما عانت جراء ذلك.
كما بينت الحصيلة ارتفاع تكلفة التخلي عن هذا الطراز على الشركتين؛ فمن المتوقع أن تبلغ في أفضل الحالات 350 مليون دولار لهذا العام بالنسبة إلى "أميركان إيرلاينز" التي أجبرت على خفض طموحاتها المالية لعام 2019، حسب قناة "الحرة" الأمريكية. وقال المدير العام للشركة "داغ باركر": "تأثرت توقعاتنا على المدى القصير بسبب منع طائرات "بوينغ 737 ماكس" من التحليق، حسب المصدر نفسه.
واضطرت "أمريكان إيرلاينز" إلى إلغاء ألف و200 رحلة على متن 24 طائرة 737 ماكس في الربع الأول بتكلفة بلغت 50 مليون دولار، كما علقت كل الرحلات المبرمجة حتى 19 أغسطس/آب؛ ما يعني 115 رحلة في اليوم. لكن الشركة كررت رغم ذلك مساندتها لبوينغ؛ إذ استبعدت أي فكرة لاستبدال طائرات "737 ماكس" بأخرى من نوع إيرباص.
"ساوث وست"، التي تستخدم 34 طائرة من هذا الطراز وتنتظر استلام 41 إضافية خلال العام الجاري، عانت أيضا خسائر مالية جراء التوقف عن استخدام "بوينغ 737 ماكس". إذ ألغت الشركة 10 آلاف رحلة في الربع الأول، وهو رقم قياسي منذ الربع الثالث من عام 2001 بسبب اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول، ولا يعود ذلك فقط إلى أزمة "737 ماكس" وإنما أيضا إلى نزاع وعواصف في بعض المناطق الأمريكية. ورغم إبداء خيبة إزاء طائرات الشركة الأمريكية، إلا أن المدير في "ساوث وست" غاري كيلي أكد أنه "ليس بين مشاريعنا إلا توسعة أسطولنا بطائرات ماكس".
مليار دولار
وفي هذا الشأن أعلنت شركة بوينغ أنّ الكلفة الأولى منذ بداية آذار/مارس لتوقف طائراتها 737 ماكس عن التحليق بلغت مليار دولار، بعدما جرى التشكيك بنظام تعزيز خصائص المناورة فيها بعد وقوع حادثتين مأساويتين متقاربتين زمنياً أدتا إلى مقتل 346 شخصاً. وتغطي هذه الكلفة زيادة غير مقررة مسبقاً في تكاليف انتاج طراز 737 ماكس وخصوصا إدخال الشركة تعديلات لتجنّب اختلالات في نظام تعزيز خصائص المناورة، بالإضافة إلى إجراء تدريبات إضافية للطيارين بغية الغاء قرار منع التحليق.
ولا يتضمن هذا المبلغ تعويضات محتملة ستطلبها شركات الطيران التي ألغت رحلات مبرمجة على متن 737 ماكس، ولا التعويضات التي قد تضطر بيونغ لدفعها إلى أهالي الضحايا. وذُكِر هذا الرقم في وثيقة وضعتها الشركة على موقعها في إطار نشر نتائج الربع الأول من العام. ويرجّح الخبراء ارتفاع الكلفة النهائية إلى عدة مليارات دولار. وأدى منع الطائرة إلى تراجع بنسبة 13,2%، اي الى 2,1 مليار دولار، في صافي إيرادات الربع الأول، وإلى انخفاض بنسبة 1,98%، اي الى 22,9 مليار، في حجم الأعمال. وقررت بوينغ تعليق أهدافها المالية لعام 2019، في ظل الشكوك التي تحيط بطراز 737 ماكس.
وتخلت بوينج عن توقعاتها للعام الحالي وقالت إنها أوقفت برنامجها لإعادة شراء الأسهم في منتصف مارس آذار وأعلنت زيادة التكاليف. وانخفضت الإيرادات وتدفقات السيولة لأكبر شركة لصناعة الطائرات في العالم بشدة عن توقعات وول ستريت بفعل وقف تسليمات الطائرة 737 ماكس التي مُنعت من التحليق في مارس آذار. وخفضت بوينج إنتاج الطائرات بعد الحادثين إلى 42 طائرة شهريا من 52 وانخفضت تدفقات السيولة التشغيلية في الربع الأول نحو 350 مليون دولار عنها قبل عام. وقالت الشركة إنها ستصدر توقعات جديدة مستقبلا عندما تتضح الأمور أكثر بشأن الطراز 737 ماكس. بحسب رويترز.
وانخفضت السيولة التشغيلية في الربع الأول إلى 2.79 مليار دولار من 3.14 مليار، وهو ما يقل عن متوسط توقعات المحللين البالغ 22.98 مليار دولار. وباستبعاد بنود معينة، قالت بوينج إن أرباحها الأساسية انخفضت إلى 3.16 دولار للسهم في الربع الأول من 3.64 دولار للسهم قبل عام. ويتفق هذا مع متوسط توقعات المحللين.
الى جانب ذلك قالت براند فاينانس إن الدعاية السلبية بشأن منع طائرات بوينج 737 ماكس من التحليق بعد حادثين ستمحو 12 مليار دولار من قيمة العلامة التجارة لشركة صناعة الطائرات الأمريكية. وكانت براند فاينانس، التي مقرها بريطانيا والمتخصصة في استشارات العلامات التجارية، حدثت تقديراتها ردا على سؤال بخصوص حث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تغريدة بوينج على إصلاح طائرتها مع ”تغيير اسمها“. وعلامة بوينج التجارية هي الأعلى قيمة في مجال صناعة الطيران في العالم، وشهدت قيمتها ارتفاعا بنسبة 61 بالمئة إلى 32 مليار دولار في 2018، وفقا لبراند فاينانس.
دعوة ترامب
من جانب اخر اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب على مجموعة "بوينغ" المصنعة للطائرات إجراء تحسينات لم يحدد طبيعتها على طرازها "737 ماكس" وتغيير اسم هذا الطراز لتلميع صورته بعد الضربة الكبيرة التي وجهت للشركة إثر حادثتين جويتين لهذه الطائرة. فقد سجل هذا الطراز الذي بدأ العمل به في أيار/مايو 2017 كارثتين جويتين في أقل من خمسة أشهر أوقعتا 346 قتيلا في المجموع. ووقعت الكارثتان بعيد مرحلة الإقلاع في ما ينسبه خبراء إلى نظام تعزيز خصائص المناورة.
وبعد بضعة أيام على تحطم طائرة تابعة للخطوط الجوية الإثيوبية في 10 آذار/مارس، قررت هيئات تنظيم الطيران في العالم منع تسيير هذا الطراز من الطائرات. وكتب ترامب في تغريدة على تويتر "ماذا أعرف عن أصول التسويق؟ ربما لا شيء (لكني نجحت في أن أصبح رئيسا!)، إنّما لو كنت محل بوينغ، كنت أصلحت بوينغ 737 ماكس وأضفت عليها ميزات جديدة خارقة ومنحت الطائرة صورة جديدة واسما مختلفا". وأضاف "لم يعان أي منتج بهذا القدر. لكن كما سبق وقلت، ماذا أعلم عن هذا الأمر؟". بحسب فرانس برس.
وهذه ليست المرة الأولى التي يعلق فيها الرئيس الأميركي على موضوع "بوينغ" منذ حادثة سقوط الطائرة الإثيوبية التي أودت بحياة 157 شخصا. وكتب بعد يومين من الحادثة عبر تويتر أن قيادة الطائرات التجارية باتت "أكثر تعقيدا بكثير". وأضاف ساخرا "لم يعد هناك حاجة لطيارين بل لخبراء معلوماتية من ام اي تي (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)". وأعلنت "بوينغ" تقليص إنتاجها من طراز "737 ماكس" بنسبة تقرب من 20 %. وأعلنت شركة "أميريكان إيرلاينز" إلغاء حوالى 115 رحلة يوميا في جدول رحلاتها الصيفية بسبب تمديد قرار عدم تسيير طائراتها الـ24 من طراز "بوينغ 737 ماكس" حتى 19 آب/أغسطس.
هبوط اضطراري
على صعيد متصل هبطت طائرة "بوينغ 737 ماكس" تابعة لشركة طيران "ساوث ويست" اضطراريّاً، بعد تعرّضها لمشكلة في المحرّك خلال عمليّة نقلها من فلوريدا إلى كاليفورنيا، وفق وكالة الطيران الفدراليّة الأميركيّة "إف إيه إيه". وقالت الوكالة في بيان إنّ "الطائرة عادت وهبطت بسلام في أورلاندو"، مشيرةً إلى أنّه لم يكُن هناك ركّاب على متن الطائرة التي كانت تُنقَل إلى فيكتورفيل في كاليفورنيا. وأضافت الوكالة أنّها "تُحقّق" في الحادث، خاصّةً وأنّها كانت قد أوقَفَت تحليق طائرات "بوينغ ماكس 737 بعد كارثتي سقوط طائرتين من هذا الطراز،
وقالت شركة "ساوث ويست" إنّ الطائرة عانت مشاكل في المحرّك "بُعيد إقلاعها". وأضاف المتحدّث باسم الشركة كريس ماينز أنّ الطاقم اتّبع الإجراءات وعاد "للهبوط بسلام في المطار" ولفت إلى أنّه "سيتمّ نقل طائرة بوينغ 737 ماكس 8 إلى مركزنا للصّيانة في أورلاندو، لإجراء مراجعة عليها". وهذه أحدث نكسات طائرات بوينغ، بعد أن أودت كارثتا طائرتَي "ليون إير" في تشرين الأول/أكتوبر وشركة الخطوط الإثيوبيّة بحياة 346 مسافرًا. ودفع الحادثان اللذان يحملان أوجه شبه مشتركة، السُلطات في أنحاء العالم إلى منع تسيير رحلات على متن بوينغ 737 ماكس. وأجرت بوينغ مذّاك، رحلات تجريبيّة للطائرة، لتقييم إصلاح نظام تعزيز خصائص المناورة "امكاس" الذي تمّ تحديده على أنّه السّبب المحتمل للحوادث المميتة، وفق مصدرين مطّلعين. وانتُقد هذا النظام بسبب احتمال تعرّضه لأعطال، ولأنّه يجعل من الصّعب على الطيارين التحكّم بالطائرة. بحسب فرانس برس.
الى جانب ذلك تحولت رحلة لطائرة من طراز "بيونغ 787-900" تابعة لشركة "يونايتد ايرلاينز" إلى أرخبيل كاليدونيا الجديدة بعد ورود تقارير عن تصاعد الدخان من قمرة القيادة، وفق ما صرح مسؤول محلي وهبطت الطائرة الأميركية التي كانت تقل 257 راكبا لدى توجهها من ملبورن في أستراليا إلى لوس أنجليس بسلام في مطار "لا توتوتا" في نوميا، عاصمة كاليدونيا الجديدة -- وهي من الأراضي التابعة لفرنسا في المحيط الهادئ. وقال مسؤول من غرفة التجارة المحلية التي تدير المطار إن الركاب غادروا الطائرة "بهدوء" مضيفا "يبدو أنه كان هناك بعض الدخان يتصاعد من قمرة القيادة".
النظام الالي
تعتبر زاوية الهجوم أمراً ضرورياً للطيران الآمن، وزاوية الهجوم هي واحدة من أهم المفاهيم في مجال الطيران والملاحة الجوية، وبعبارات بسيطة هي الفرق بين زاوية الأجنحة والاتجاه الذي تحلق به الطائرة. ولتبسيط الأمر، تخيل طائرة على وشك الهبوط، إذ تكون مقدمتها متجهة نحو الأعلى، لكن الطائرة لا تزال تتحرك نحو الأسفل باتجاه المدرج، وهذا الاختلاف هو زاوية الهجوم وفي بعض الأحيان يسمى ألفا.
وإذا كانت الزاوية كبيرة جدًا، أو تجاوزت الطائرة زاوية الهجوم بشكل خطير فإن الطائرة ستهوي نحو الأسفل بشكل حاد. وتحتوي الطائرات على مستشعر لقياس زاوية الهجوم وهي متصلة بأنظمة معينة داخل الطائرة وأحد تلك الأنظمة هو نظام بوينغ الذي يسمى MCAS وهو نظام أوتوماتيكي يمنع الطائرة من السقوط الحاد، وهذا النظام هو ذاته الذي يعمل على طراز "بوينغ 737 ماكس" الذي شهد انتكاسة قوية مؤخراً بعد سلسلة من حوادث التحطم أبرزها حادثة الخطوط الأثيوبية.
وبات هذا النظام محور التحقيق في حادثة تحطم طائرة خطوط ليون ، حيث يقول الخبراء إن هناك أوجه شبه بين هذا الحادث وبين حادث تحطم طائرة الخطوط الجوية الإثيوبية مؤخراً. وإذا شعر نظام MCAS بزاوية هجوم عالية للطائرة يقوم بدفع مقدمة الطائرة نحو الأسفل لتجنب سقوطها، ولكن إذا كانت زاوية مستشعر الهجوم معطلة وتعطي قراءة خاطئة، فقد يجبر النظام الطائرة على الهبوط والسقوط المفاجىء ووقوع عواقب وخيمة.
وانتقل التحقيق الخاص بالدقائق الأخيرة على متن طائرة الخطوط الجوية الإثيوبية في رحلتها رقم 302 إلى التسجيل الصوتي الذي يتضمن أسرار ما دار في قمرة القيادة في حين تتعلق أنظار شركة بوينج وقطاع الطيران العالمي المصدوم بالنتائج. وجرى تفريغ بيانات الصندوق الأسود في فرنسا لكن لم يستمع سوى خبراء من إثيوبيا يقودون التحقيق للحوار بين جيتاتشيو (29 عاما) ومحمد (25 عاما). وقالت مصادر مطلعة إن البيانات وصلت إلى إثيوبيا.
ويعتقد الخبراء إن نظاما آليا جديدا في أسطول طائرات ماكس التي تنتجها بوينج ربما يكون لعب دورا في الحادثتين مع عدم تمكن الطيارين من التغلب عليه عندما هوت الطائرة بمقدمتها. وتحطمت الطائرتان بعد دقائق من إقلاعهما بعد أن أشار الطيار في الحالتين إلى مشاكل عند الإقلاع وفقد القدرة على التحكم. لكن الخبراء يقولون إن كل واقعة تمثل سلسلة فريدة من نوعها من العوامل البشرية والفنية.
وعلى المحك في التحقيقات الآن مكانة شركة الخطوط الجوية الإثيوبية وهي واحدة من أنجح شركات الطيران في أفريقيا وسمعة شركة بوينج وهي أكبر شركة لصناعة الطائرات في العالم ومصدر أمريكي ضخم. ويتساءل المشرعون وخبراء السلامة عن مدى دقة فحص الجهات الرقابية لطراز ماكس ومدى كفاية التدريب الذي حصل عليه الطيارون.
من جانب اخر قالت ثلاثة مصادر اطلعت على فحوى تسجيلات قمرة القيادة في طائرة شركة ليون إير الاندونيسية المنكوبة من طراز بوينج 737 ماكس إن الطيارين تصفحا دليل القيادة وهما يكافحان لفهم سبب اتجاه الطائرة للهبوط لكن لم يسعفهما الوقت قبل اصطدام الطائرة بالمياه.
وقد اكتسب التحقيق في سقوط الطائرة ومقتل 189 شخصا كانوا على متنها في أكتوبر تشرين الأول الماضي أهمية جديدة في ضوء قرار إدارة الطيران الاتحادية الأمريكية وهيئات تنظيمية أخرى وقف تشغيل هذا الطراز بعد وقوع حادث ثان في إثيوبيا. ويدرس المحققون في حادث الطائرة الاندونيسية عدة عوامل من بينها كيف أصدر جهاز كمبيوتر أمرا للطائرة بالنزول استجابة لبيانات من جهاز معيب وما إذا كان الطيارون قد تلقوا تدريبا كافيا على الاستجابة السليمة للطوارئ.
وهذه هي المرة الأولى التي تنشر فيها تفاصيل عن فحوى التسجيلات الصوتية من طائرة ليون إير. وطلبت المصادر الثلاثة عدم الكشف عن هوياتها. وقال متحدث باسم الشركة إن كل البيانات والمعلومات أتيحت للمحققين وامتنع عن الإدلاء بتعليقات أخرى. وقال تقرير مبدئي صدر في وقت سابق إن قائد الطائرة كان يتولى أجهزة القيادة عندما أقلعت الطائرة الجديدة من جاكرتا في الرحلة 610 وكان الضابط الأول يتولى الاتصالات اللاسلكية.
وبعد دقيقتين من الإقلاع أبلغ الضابط الأول برج المراقبة عن وجود ”مشكلة في التحكم بالطائرة“ وقال إن الطيارين ينويان الحفاظ على ارتفاع خمسة آلاف قدم. ولم يحدد طبيعة المشكلة لكن أحد المصادر قال إن سرعة الطيران ذكرت في التسجيلات الصوتية لما جرى في قمرة القيادة وقال مصدر ثان إن مشكلة طرأت على أحد المؤشرات أمام قائد الطائرة ولم تظهر أمام الضابط الأول.
وقال المصدر الأول إن قائد الطائرة طلب من الضابط الأول فحص دليل القيادة الذي يتضمن خطوات قوائم التدقيق في الحالات غير العادية. وفي الدقائق التسع التالية حذرت أجهزة الطائرة الطيارين من أن تدفق الهواء ضعيف على جناحي الطائرة لدرجة لا تتيح للطائرة مواصلة الطيران واستجابة لذلك انخفضت الطائرة بمقدمتها. وبذل الاثنان جهدا لرفع الطائرة لكن الكمبيوتر استمر في دفع مقدمة الطائرة لأسفل باستخدام وحدات التثبيت في ذيلها. وقال المصدر الثالث ”يبدو أنهما لم يكونا على علم بأن وحدات التثبيت كانت تتحرك لأسفل. لم يفكرا سوى في سرعة الطيران ومستوى الارتفاع. هذا كل ما تحدثا عنه“.
وقالت بوينج إن ثمة خطوات موثقة لمعالجة هذا الوضع. وجاء في التقرير المبدئي أن طاقما مختلفا على الطائرة نفسها واجه المشكلة ذاتها لكنه تمكن من حلها بعد تصفح ثلاثة من قوائم التدقيق. وذكرت المصادر الثلاثة أن طاقم الرحلة 610 احتفظ بهدوئه معظم فترة الطيران. وقرب النهاية طلب قائد الرحلة من الضابط الأول تولي القيادة بينما يفحص هو الدليل بحثا عن حل.
وجاء في التقرير المبدئي أنه قبل دقيقة واحدة من اختفاء الطائرة من على شاشات الرادار طلب قائدها من برج المراقبة إخلاء المسار دون ارتفاع ثلاثة آلاف قدم وطلب الطيران على ارتفاع خمسة آلاف قدم وهو ما تمت الموافقة عليه. وقال مصدران إن الضابط الأول (41 عاما) لم يستطع التحكم في الطائرة بينما كان قائدها (31 عاما) يحاول دون جدوى العثور على حل في الدليل. بحسب رويترز.
وقالت المصادر الثلاثة إن الطيار ظل صامتا في النهاية بينما كان الضابط الأول يصيح ”الله أكبر“. ثم هوت الطائرة في المياه. وقالت الهيئة الفرنسية للتحقيق في حوادث الطيران إن مسجل بيانات رحلة الطائرة الاثيوبية التي أسفر سقوطها عن مصرع 157 شخصا أظهر ”أوجه تشابه واضحة“ مع كارثة الطائرة الاندونيسية.
اضف تعليق