q
تسعى كومات بعض الدول الاستعمارية القديمة الى اتباع اسلوب اعلامي جديد، في سبيل تحسين صورتها والا الكشف عن بعض الجرائم السابقة التي نفذتها ضد العديد من الاشخاص، ويرى بعض المراقبين ان تلك الدول تسعى الى اعتماد اسلوب جديد من اجل لاعادة مستعمراتها السابقة...

تسعى كومات بعض الدول الاستعمارية القديمة الى اتباع اسلوب اعلامي جديد، في سبيل تحسين صورتها والا الكشف عن بعض الجرائم السابقة التي نفذتها ضد العديد من الاشخاص، ويرى بعض المراقبين ان تلك الدول تسعى الى اعتماد اسلوب جديد من اجل لاعادة مستعمراتها السابقة في لوجود تنافس دولي كبير، تلك الدول ايضا ما تزال ترفض الاعتراف بالمجازر والجرائم الكبيرة التي نفذتها و عدم تقديم اعتذار رسمي لضحايها خوفاً من اضطرارها لدفع تعويضات مالية اوملحقات قانونية، خصوصا وان بعض الدول ومنها الجزائر والهند ما تزال تطالب بالاعتراف بتلك الجرائم وتقديم اعتذار رسمي وتعويض ضحاياها، وفيما يخص بعض اخبار هذا الملف فقد أصدر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مرسوما نشر في الجريدة الرسمية يرَفِّـع بمقتضاه عددا من الحركى الجزائريين الذين قاتلوا ضمن الجيش الفرنسي في حرب تحرير الجزائر التي استمرت 8 سنوات بين العامين 1954 و1962.

ورفّع ماكرون بموجب المرسوم ستة حركيين سابقين ومؤسسة جمعية لهم إلى درجة جوقة الشرف برتبة فارس، أعلى رتبة تكريم تمنحها الدولة الفرنسية. كما تم ترفيع أربع أشخاص إلى درجة الاستحقاق الوطني برتبة ضابط و15 آخرين إلى رتبة فارس وغالبيتهم ممثلين لجمعيات أو هيئات.. وكانت فرنسا استقبلت بعد حرب الجزائر نحو 60 ألف جزائري تم تجنيدهم في صفوف الجيش الفرنسي بعد توقيع اتفاق سلام مع الجزائر. إلا أنها تخلت عن 55 إلى 75 ألفا آخرين بحسب المؤرخين تعرضوا لعمليات انتقام دامية من قبل قوميين كانوا يعتبرونهم خونة.

وكانت مجموعة عمل شكّلها ماكرون دعت في تموز/يوليو إلى تشكيل "صندوق للتعويض والتضامن" بقيمة 40 مليون يورو لهؤلاء المقاتلين السابقين وأبنائهم. لكن هذا المبلغ أدنى بكثير من مطالب الجمعيات. ودعا ممثلون عن الحركيين ماكرون إلى تعويض عن الأضرار التي تعرضوا لها في نهاية حرب الجزائر وذكروه بالدعم الذي قدموه له في العام 2017 مهددين برفع دعوى ضد الحكومة الفرنسية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. بعدها ببضعة أيام، جددت لجنة الاتصال الوطني للحركيين رغبتها في المضي "حتى النهاية" ورفع قضيتها أمام المحاكم الدولية ما لم تحصل على رد مرض من الحكومة الفرنسية.

مجزرة التوتسي

من جانب اخر اعاد فيديو نشره موقع "ميديا بارت" الفرنسي الجدل حول مسؤولية الجيش الفرنسي في مجزرة "التوتسي" التي وقعت في حزيران/يونيو 1994 بمنطقة "بسيزيرو" غرب رواندا، حيث قتل نحو ألف شخص على يد ميليشيات "الهوتو" في غضون أيام قليلة فقط، فيما كانت القوات الفرنسية مفوضة من قبل الأمم المتحدة لوقف المجازر في إطار عملية "تركواز". نشر موقع "ميديا بارت" الفرنسي شريط فيديو، تم تصويره من قبل جنود فرنسيين في صيف 1994 برواندا، يبين عدم تدخل الجيش الفرنسي لوقف عمليات القتل التي وقعت في بلدة "بسيزيرو" غرب البلاد.

ويظهر الشريط الذي صور في 28 حزيران/يونيو 1994، والمحفوظ من قبل وزارة الدفاع الفرنسية، رئيس العمليات الفرنسية الخاصة في رواندا، وهو الكولونيل جاك روسيه، يتبادل الحديث مع أحد العسكريين الذي أخبره أن "اغتيالات وعمليات قتل واسعة النطاق قد استهدفت أفرادا من قبيلة "التوتسي" في تلال منطقة ""بسيزيرو" غرب رواندا. وقال هذا العسكري الذي لم يكشف عن هويته: "أمس كنا في قرية لا أعرفها. وقعت عمليات اعتداء وضرب طوال اليوم. أحرقت خلالها المنازل الواقعة على التلال، فيما كان بعض الرجال يتنقلون من مكان إلى آخر وفي أياديهم بقايا من الأشلاء المنزوعة من الأجساد". وواصل: "المشكل، أنني لا أدري كيف يعالجون أنفسهم، لا سيما أنهم يعانون من جروح خطيرة".

وواصل العسكري حديثه مع الكولونيل روسيه كاشفا له أن "الدليل الذي يعمل مع الجيش الفرنسي قد يكون ربما ينتمي إلى قبيلة "الهوتو". "نجينا من الموت لأن الدليل الذي كان يرافقنا كان يقود في الأيام الماضية المليشيات (وهو يقصد مليشيات "الهوتو"). وعندما وجدنا أنفسنا وسط جمع غفير من الناس الذين فروا من التلال وهم من قبيلة "التوتسي" وتعرفوا على الدليل، رفع هذا الرجل من حدة صوته ليدافع عن نفسه. كنت أعتقد أنهم سيقتلونه". هذا، وأشار موقع "ميديا بارت" أن الشريط هو بحوزة القضاء الفرنسي الذي أغلق ملف الإبادة الجماعية التي وقعت في رواندا دون أن يوجه أية تهمة، موضحا أن "عسكريا فرنسيا سابقا هو الذي قدم الشريط للقضاء لأنه كان من ضمن الجنود الذين شاركوا في عملية (تركواز) براوندا".

والعديد من الوثائق العسكرية التي نشرها موقع "ميديا بارت" تبين أن القيادة العسكرية الفرنسية تم إخبارها في 27 حزيران/يونيو1994 بوقوع مجازر في منطقة "بسيزيرو" غرب البلاد وبضرورة التدخل بسرعة. ويذكر أن أكثر من 1000 شخص من قبيلة "التوتسي" تم قتلهم من قبل مليشيات "الهوتو" على التلال الواقعة غرب راوندا. عدد كبير من الناجين ومنظمات غير حكومية اتهمت الجيش الفرنسي بالتباطؤ في التدخل لوقف المجازر، على الرغم أن التفويض الذي قدمته الأمم المتحدة لفرنسا في إطار عملية "تركواز" كان يشترط منها إنهاء المجازر. بحسب فرانس برس.

لكن العسكريين الفرنسيين فندوا هذه الرواية وأكدوا أنهم قدموا الدعم والمساعدة للناجين من المذبحة بعد ما اكتشفوا المجازر في 30 حزيران/يونيو 1994. وفي نهاية شهر أيلول/سبتمبر الماضي، انتقدت العديد من الجمعيات، على غرار الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان الطريقة التي تم التعامل بها مع هذا الملف من قبل القضاء الفرنسي مشيرة أنها "ستواصل جمع الوثائق والأدلة اللازمة لكي لا يغلق القضاء الفرنسي هذا الملف".

مقتل موريس

في السياق ذاته اعترف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسميا الخميس بـ "مسؤولية الدولة الفرنسية" في مقتل مدرس الرياضيات موريس أودان، المساند للثورة الجزائرية، في العام 1957. وتوجه ماكرون إلى منزل أودان بحي "بانيوليه" في ضاحية باريس حيث سلم لزوجته جوزيت (87 سنة) وولديها بيانا أكد فيه "أن فرنسا أقامت خلال حرب الجزائر (1954 – 1962) "نظاما أستخدم فيه التعذيب وأدى خصوصا إلى وفاة المعارض الشيوعي موريس أودان، حسب ما ذكره الإليزيه. وأضافت الرئاسة الفرنسية أن ماكرون أعلن فتح الأرشيف المتعلق "بقضايا اختفاء مدنيين وعسكريين من فرنسيين وجزائريين"، علما بأن حرب الجزائر لا تزال أحد الملفات الأكثر إثارة للجدل في تاريخ فرنسا الاستعماري.

وأكد الرئيس ماكرون أنه "على الرغم من أن مقتل موريس أودان كان فعلا منفردا قام به البعض، إلا أن ذلك وقع في إطار نظام قانوني وشرعي". من ناحيتها، رحبت عائلة أودان بهذا الاعتراف وأكدت "أنه يدخل في إطار محاربة سياسة التعذيب التي استخدمت كأداة للقمع ونشر الرعب في العالم". ويذكر أن موريس أودان، المناضل الفرنسي الذي كان ينتمي إلى الحزب الشيوعي ومدرس الرياضيات في جامعة الجزائر أوقف في 11 حزيران/يونيو 1957 في منزله بحي ساحة أول مايو في قلب الجزائر العاصمة وتم اقتياده بالقوة من قبل مظليين من الجيش الفرنسي إلى مبنى مهجور في حي الأبيار بأعالي المدينة، ولم يعد من بعد ذلك.

وبعد عشرة أيام على خطفه، تلقت زوجته مكالمة هاتفية من الجيش الفرنسي مفادها أن زوجها فر من قبضة الجيش أثناء تحويله إلى مكان آخر. وفند الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند هذه القصة في 2014 مؤكدا أن "موريس أودان لم يهرب من قابضيه بل توفي أثناء عملية الاحتجاز". وفي تصريح لجريدة "لوموند الفرنسية" قال المؤرخ الفرنسي بنجمان ستورا إن "تصريح ماكرون يدخل في إطار الاعترافات التاريخية لفرنسا مثل اعتراف الرئيس السابق جاك شيراك بمسؤولية بلاده في قضية مداهمة فال ديف" التي استهدفت اليهود الفرنسيين في العام 1942.

وقالت المؤرخة رفاييل بلانش: "الآن لن يكون ممكنا إنكار استخدام التعذيب في الجزائر". وانتقدت زعيمة حزب "التجمع الوطني" (الجبهة الوطنية سابقا) الذي تتزعمه مارين لوبان قرار الرئيس ماكرون موضحة أن تصريح الأخير بأن فرنسا استخدمت التعذيب في الجزائر خلال الحرب "سيفرق بين الفرنسيين".

وأضافت: "موريس أودان خبأ إرهابيين من جبهة التحرير الوطني ارتكبوا اعتداءات". وتابعت: "خطوة ماكرون هدفها مجاملة الشيوعيين فضلا عن ضرب وحدة الفرنسيين". وتساءلت لوبان: "ما هو هدفه عندما يعيد فتح الجروح بالحديث عن موريس أودان. لقد اختار أن يركب موجة التفرقة بين الفرنسيين عوض أن يوحدهم". وكان النائب عن الحزب الحاكم في فرنسا "الجمهورية إلى الأمام" سدريك فلاني أعلن أن الرئيس إيمانويل ماكرون "سيعترف بمسؤولية الدولة الفرنسية" في مقتل موريس أودان، الذي ناضل لأجل استقلال الجزائر، من قبل عناصر من الجيش الفرنسي في العام 1957 بعد اختطافه وتعذيبه في الجزائر العاصمة. بحسب فرانس برس.

ولم تكف عائلة موريس أودان منذ 61 سنة عن المطالبة بكشف الحقيقة عن هذه المأساة. وتعرفت جوزيت أودان على زوجها موريس في العام 1952 على مقاعد الدراسة بكلية الجزائر. وكانت أسرّت في حوار أن الجملة الأخيرة التي قالها زوجها بعد أن تم توقيفه من قبل الشرطة في منزله: "من فضلك اعتني بالأولاد".

الى جانب ذلك رحبت الحكومة الجزائرية باعتراف فرنسا بنظام التعذيب إبان حرب استقلال البلاد واعتبرت هذا التطور "خطوة إيجابية يجب تثمينها". وقال وزير المجاهدين إن فرنسا والجزائر سيعالجان ملف الذاكرة "بحكمة". ولم يسبق أن اعترفت الدولة الفرنسية بأن قواتها استخدمت التعذيب بصورة منتظمة خلال الحرب.

واعتبر المؤرخ والباحث في معهد البحوث والأنثروبولوجيا بجامعة وهران (غرب الجزائر) محمد عامر في حديث لموقع "كل شيء عن الجزائر" أن "اعتراف فرنسا بمقتل موريس أودان يعيد إلى الذاكرة معاناة الجزائريين من الاستعمار وتعرض آلاف المساندين للقضية الجزائرية، سواء كانوا مسلمين أم يهودا أو مسيحيين، للتعذيب والاختفاء القسري". وواصل: "كان يجب أن يصل شاب إلى الرئاسة الفرنسية لكي يأخذ مثل هذا القرار الشجاع ويقول إن فرنسا كانت تكذب".

من جهته، قال مدرس علم التاريخ في جامعة قسنطينة (شرق) عبد المجيد مرداسي إن اعتذار فرنسا له بعد رمزي للعلاقات الجزائرية الفرنسية "ودون شك ستتبعه اعترافات فرنسية أخرى"، مذكرا أن حرب الجزائر "ميزتها التعذيب والمجازر ضد المدنيين". وواصل مرداسي: "اعتراف الدولة الفرنسية بمسؤوليتها في مقتل الشاب موريس أودان خطوة مهمة لعائلة الأخير ولزوجته جوزيت ولأولاده خاصة أنهم يطالبون بكشف الحقيقة منذ سنين". أما الباحث في التاريخ وعلم الأنثروبولوجيا بجامعة وهران محمد عامر، فقال إن "أودان اختار أن يدافع عن الجزائر، كان هناك العديد من الأوروبيين الذين كانوا يشعرون بأنهم جزائريون وناضلوا ضد النظام الاستعماري الفرنسي".

المانيا وبريطانيا

من جانبها سلمت ألمانيا إلى ناميبيا خلال حفل أقيم بكنيسة في برلين جماجم ورفات بشرية لأفراد قبيلتين قتلوا خلال الحقبة الاستعمارية. وخلال ما يصفه مؤرخون بأول إبادة جماعية في القرن العشرين، ذبح جنود القيصر الألماني فيلهلم حوالي 65 ألفا من قبيلة هيريرو وعشرة آلاف من قبيلة ناما في حملة بين عامي 1904 و1908 بعد تمرد ضد مصادرة الأراضي من قبل المستعمرين الألمان.

وقالت بيترا بوسيه هوبر وهي من الأساقفة البروتستانت ”نريد اليوم أن نفعل ما كان ينبغي القيام به منذ سنوات عديدة وهو أن نعيد رفات من كانوا ضحايا لأول عملية إبادة جماعية في القرن العشرين“. وكانت وزيرة التعليم في ناميبيا كاترينا هانزي هيماروا قالت إن الحكومة ستشكل مجموعة لاتخاذ قرار إما بدفن أو عرض الجماجم والتي تم الاحتفاظ بها في متاحف ألمانية. واعترفت ألمانيا بالمسؤولية الأخلاقية عن المذابح لكنها لم تقدم اعتذارا رسميا لتفادي دفع تعويضات.

على صعيد متصل وضع المفوّض السامي البريطاني لدى الهند إكليلا من الزهور عند نصب تذكاري لإحياء الذكرى المئة لمجزرة أمريتسار، التي تعد من أسوأ الفظاعات التي ارتكبت خلال الحكم الاستعماري ولا تزال لندن تتجاهل تقديم اعتذار عنها. وأطلق الجنود البريطانيون خلال المجزرة التي تعرف في الهند باسم "جليانوالا باج" النار على آلاف الرجال والنساء والأطفال العزّل في مدينة أمريتسار الواقعة في شمال الهند بتاريخ 13 نيسان/أبريل 1919.

ولا يزال عدد الضحايا الذين سقطوا خلال المجزرة التي عززت التأييد للاستقلال غير واضح. فبينما تشير سجلّات من الحقبة الاستعمارية إلى أن حصيلة القتلى بلغت 379، إلا أن الجانب الهندي يقدر العدد بنحو ألف قتيل. وبعد مرور مئة عام، لم تصدر بريطانيا أي اعتذار رسمي. وقال المفوض السامي البريطاني دومينيك أسكويث عند حديقة جليانوالا باج المسوّرة حيث لا تزال علامات طلقات الرصاص ظاهرة "وددنا لو أن بوسعنا إعادة كتابة التاريخ، كما قالت الملكة، لكن ذلك غير ممكن". وأضاف "ما يمكن فعله كما قالت الملكة هو التعلّم من عبر التاريخ. أؤمن أننا نقوم بذلك. لا شك بأننا سنتذكر ذلك على الدوام. لن ننسى إطلاقا ما حصل هنا".

ووصف أسكويث، وهو من سلالة هربرت أسكويث الذي تولى رئاسة وزراء بريطانيا من 1908 إلى 1916، في السجل التذكاري المخصص للزوار الأحداث التي وقعت في أمريتسار بـ"المخزية". وكتب "نشعر ببالغ الأسف لما حصل والمعاناة التي تسببت بها" الحادثة. بدوره، وصف رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي المأساة بـ"المروعة" مشيرا إلى أن تذكّر القتلى "يلهمنا لتكثيف جهودنا لبناء الهند بطريقة تشعرهم بالفخر". وحضر زعيم المعارضة راهول غاندي المراسم في أمريتسار ووصف يوم المجزرة عبر "تويتر" بـأنه "عار صدم العالم بأكمله وغيّر مسار الكفاح الهندي من أجل الحرية".

وفي زيارة أجراها عام 2013 إلى الموقع، وصف رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ديفيد كاميرون ما حصل بالأمر "المخزي للغاية" لكن دون أن يقدم اعتذاراً رسمياً. وعام 1997، وضعت الملكة إليزابيث الثانية إكليلا من الزهور على الموقع لكن زوجها الأمير فيليب الذي لطالما عرف بزلّاته خطف عناوين الصحف التي نقلت عنه قوله إن تقديرات الهند لعدد القتلى "مبالغ فيها بشكل كبير". وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمام مجلس العموم إن المجزرة كانت "وصمة عار في تاريخ بريطانيا في الهند". وبينما قالت ماي "نشعر بأسف بالغ لما حصل" إلا أنها تجنبت كذلك الاعتذار.

وفي رد فعله على تصريحاتها، قال رئيس وزراء ولاية البنجاب أماريندر سينغ إن كلمات ماي غير كافية. وقال إنه من الضروري أن يقدم البريطانيون "اعتذارا رسميا واضحا" على "الوحشية الهائلة" التي تصرّف بها جنودهم حينها. وتجمّع نحو 10 آلاف رجل وامرأة وطفل في حديقة جليانوالا باج العامة المسوّرة في أمريتسار بتاريخ 13 نيسان/ابريل 1919. وكان كثيرون منهم يشعرون بالغضب جراء تمديد اجراءات اعتبرت قمعية وعملية اعتقال قيادين محليين تسببت باندلاع تظاهرات عنيفة قبل ثلاثة أيام.

وكان الـ13 من نيسان/أبريل يصادف كذلك يوم مهرجان كبير بمناسبة فصل الربيع. وشمل الحشد الذي يقدره البعض بعشرين ألفا حجاجا قدموا لزيارة معبد قريب مقدّس بالنسبة للسيخ. ووصل العميد ريجنالد داير مع عشرات الجنود فحاصروا الحديقة وبدأوا بإطلاق النار على المتجمعين دون سابق إنذار. وحاول كثيرون الفرار عبر التسلّق على الأسوار المرتفعة المحيطة بالمكان بينما قفز آخرون إلى داخل بئر عميق في الموقع فيما واصل الجنود إطلاق النار.

ومن الشهادات العديدة التي جمعها مؤرخان ونشرتها صحيفة "إنديان اكسبرس"، شهادة راتان ديفي التي قتل زوجها في الهجوم والتي قالت حينها: "هناك أكوام من الجثث، بعضهم على ظهورهم والبعض الآخر وجوههم مرفوعة إلى الأعلى. عدد كبير من بينهم أطفال أبرياء لا ذنب لهم. لن أنسى هذا المشهد في حياتي". وأما داير، الذي لقّب بـ"سفاح أمريتسار"، فأشار لاحقا إلى أن الهدف من إطلاق النار لم يكن "تفريق الحشد بل معاقبة الهنود على العصيان". بحسب فرانس برس.

وكررت الصحف الهندية دعواتها لبريطانيا للاعتذار عن المجزرة التي وصفها ونستون تشرشل، الذي كان وزير الدولة لشؤون الحرب حينها، بـ"الوحشية". وجاء في افتتاحية صحيفة "هندوستان تايمز" "حتى مع حلول مئوية المجزرة، رفضت بريطانيا (...) اتخاذ هذه الخطوة المهمة" والاعتذار. وبينما أقرت الصحيفة بأن بيان ماي "لربما أقوى بدرجة نوعيا (...) لكنه غير كافٍ على الإطلاق".

بلجيكا تعتذر

من جانب اخر اعتذر رئيس الوزراء البلجيكي، تشارلز ميشيل، عن اختطاف الآلاف من الأطفال المولودين لأزواج من أعراق مختلطة أثناء الحكم الاستعماري في بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا. ونُقل الأطفال الذين ولدوا لمستوطنين بلجيكيين ونساء محليات إلى بلجيكا بالقوة، وأوكلت رعايتهم إلى معاهد ومؤسسات كاثوليكية.

ويعتقد أن عدد هؤلاء الاطفال حوالي 20 ألف طفل، وقد رفض معظم الآباء الاعتراف بأبوة أطفالهم. وُلد هؤلاء الأطفال في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي ونُقلوا إلى بلجيكا في الفترة من عام 1959 حتى استقلال كل المستعمرات الثلاث. ولم يحصل بعض هؤلاء الأطفال على الجنسية البلجيكية، وعاشوا في بلجيكا بدون جنسية.

وقال ميشيل في كلمة ألقاها في البرلمان البلجيكي، إن بلاده انتهكت حقوق الانسان لهؤلاء الأطفال، حين اعتبرتهم بمثابة تهديد لنظامها الاستعماري. واعتبر أن بلاده قد جردتهم من هويتهم وشوهت سمعتهم وفرقتهم عن أشقائهم. وأضاف "أتعهد بأن تمثل هذه اللحظة خطوة نحو التوعية والاعتراف بهذا الجزء من تاريخنا الوطني." وأكد رئيس الوزراء أن العديد من هولاء الأطفال ساهموا في جعل بلجيكا "مجتمعًا أكثر انفتاحًا وتسامحًا".

كما أعرب عن تعاطف بلجيكا مع "الأمهات الأفريقيات اللاتي اختطف أطفالهن". وكانت الكنيسة الكاثوليكية اعتذرت، قبل عامين، عن دورها في هذه الفضيحة. وقد دعا أعضاء البرلمان البلجيكي، الحكومة إلى مساعدة الأطفال المتضررين في العثور على آبائهم. وكذلك منحهم الجنسية البلجيكية. وتقول منظمات محلية تعنى بحقوق هؤلاء الأطفال إن العديد منهم "يعانون بشدة" نتيجة هذه التجربة المريرة.

وبحسب المنظمات لا يزال الكثيرون منهم غير قادرين على الوصول إلى سجلات المواليد ولا العثور على أمهاتهم أو آبائهم البلجيكيين، الذين يعتقد في كثير من الأحيان، أنهم شخصيات معروفة. واعتبر أحد الأطفال الذين نُقلوا إلى بلجيكا ويدعى جورج كاماناو، اعتذار السيد ميشيل، هو "أبلغ اعتراف بالظلم". وقال لصحيفة دي ستاندارد اليومية "شعرنا من فترة طويلة أننا بلجيكيون من الدرجة الثالثة" وأضاف "فُصلنا في المستعمرة عن الأطفال البيض، وكان فصلًا تامًا، رغم محاولتنا الاختلاط بهم". وأردف " دائمًا في بلجيكا نتفاعل مع القضايا بشكل أبطأ قليلاً، فقد سبقتنا بلدان أخرى".

وكانت بلجيكا تتعامل بوحشية خلال الفترة الاستعمارية. فقد قُتل ما بين 10 و 15 مليون أفريقي خلال حكمها في الكونغو البلجيكية، والتي تعلرف الآن باسم جمهورية الكونغو الديمقراطية. وطلب فريق من خبراء الأمم المتحدة، معني بالسكان المنحدرين من أصول أفريقية، من بلجيكا الشهر الماضي، الاعتذار عن الفظائع التي ارتكبت خلال حقبة الاستعمار. بحسب رويترز.

وويقول تقرير خبراء الامم المتحدة إن التمييز العنصري "مستوطن" في المؤسسات البلجيكية. وأضاف التقرير أن "الأسباب الجذرية لانتهاكات حقوق الإنسان في الوقت الحاضر تكمن في عدم الاعتراف الحقيقي بعنف وظلم الاستعمار". ولم يعلق رئيس الوزراء البلجيكي على تقرير الأمم المتحدة، حسب ما ذكرت وسائل الإعلام البلجيكية. إلا انه قال في البرلمان إن اعتذاره للأطفال المختطفين من أعراق مختلطة يجب أن يعزز أيضًا الجهود المبذولة لمكافحة جميع أشكال التمييز والعنصرية في البلاد.

اضف تعليق