بعد أكثر من سبعة أشهر على إجراء الانتخابات العامة، لايزال لبنان يعاني من تفاقم الصراعات السياسية الداخلية بين الاحزاب والقوى اللبنانية والتدخلات الخارجية التي كانت سبباً بتعطل تشكيل الحكومة، ويحتاج لبنان، الذي يعاني من وطأة الديون وانخفاض معدل النمو الاقتصادي، بشدة لتشكيل حكومة لتنفيذ إصلاحات مطلوبة...
بعد أكثر من سبعة أشهر على إجراء الانتخابات العامة، لايزال لبنان يعاني من تفاقم الصراعات السياسية الداخلية بين الاحزاب والقوى اللبنانية والتدخلات الخارجية التي كانت سبباً بتعطل تشكيل الحكومة، ويحتاج لبنان، الذي يعاني من وطأة الديون وانخفاض معدل النمو الاقتصادي وكما نقلت بعض المصادر، بشدة لتشكيل حكومة لتنفيذ إصلاحات مطلوبة منذ فترة طويلة لوضع الدين العام على مسار مستدام. ونقلت صحيفة الأخبار اللبنانية عن رئيس البرلمان نبيه بري قوله إن هناك أحزابا في البلاد لا تريد تشكيل حكومة جديدة في إشارة إلى عمق التعقيدات التي تعرقل إنجاز الخطوة بعد أن بدت قريبة المنال.
وفي تصريحات منفصلة، عبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي عن إحباطه من استمرار الأزمة وقال في خطابه بمناسبة عيد الميلاد ”ما زال أصحاب الشأن يماطلون في تأليف الحكومة منذ سبعة أشهر، ويتفننون في خلق العقد في كل مرة تصل الحلول إلى خواتمها. وهم غير آبهين بالخسائر المالية الباهظة التي تتكبدها الدولة والشعب اللبناني. أليس هذه جريمة؟“
ويحاول رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري إتمام اتفاق لتشكيل الحكومة يقسم الحقائب الوزارية بين الأحزاب والطوائف المتنافسة وفقا لنظام المحاصصة الطائفية. وبدت إمكانية التوصل لاتفاق على حكومة وحدة وطنية جديدة بقيادة الحريري قريبة عندما ساعدت جهود وساطة في تذليل العقبات نحو حل آخر مشكلة كبرى وكانت تتعلق بالتمثيل السني في الحكومة. وقال الحريري إنه يأمل في إتمام الاتفاق لكن تعقيدات جديدة ظهرت. وقال بري ”ما حصل يؤكد وجود أطراف لا تريد للحكومة أن تولد بالمطلق“. وعبر بري عن قلقه بشأن ”ما ينتظر البلد في المرحلة المقبلة“.
وظهر الخلاف بشأن التمثيل السني عندما قال نواب سنة متحالفون مع جماعة حزب الله الشيعية إن من حقهم الحصول على حقيبة وزارية تعكس مكاسبهم الانتخابية لكن الحريري قاوم مطلبهم.
وظهرت خلافات أخرى بشأن كيفية توزيع الحقائب الوزارية على وجه الدقة على الرغم من أن الحقائب الوزارية التي لم تحسم يُنظر إليها باعتبارها ذات أهمية ثانوية في ظل توزيع المناصب الوزارية الأكثر أهمية بالفعل. وقال بري ”الموضوع على ما يبدو أكبر من ثلث معطل وحقائب وحصص“.
عراقيل جديدة
وفي هذا الشأن قال مسؤول رفيع إن الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق بشأن حكومة وحدة وطنية في لبنان تعرضت لعقبات جديدة مما تسبب في تأجيل تشكيلها. ولبنان، الذي يعاني من تراكم الديون وركود الاقتصاد، في حاجة ماسة إلى حكومة يمكنها الشروع في إصلاحات اقتصادية متوقفة منذ فترة طويلة لوضع الدين العام على مسار مستدام.
وقبل عدة أيام بدت إمكانية التوصل لاتفاق على حكومة جديدة، بقيادة رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، قريبة عندما ساعدت جهود وساطة في تذليل العقبات نحو حل آخر مشكلة كبرى كانت تتعلق بالتمثيل السني في الحكومة. وقال الحريري إنه يأمل الانتهاء من تشكيل الحكومة في وقت قريب. ويتعين توزيع مقاعد الحكومة وفق نظام سياسي قائم على توازن طائفي دقيق. وقال المسؤول ”ظهرت عدة عقبات في الساعات الماضية أدت إلى تأخير (تشكيل) الحكومة. شملت العقبات مشكلة التمثيل السني ومشكلة توزيع الحقيبة الوزارية“.
ولم يحدد المسؤول متى يمكن حل هذه المشكلات. ومن المتوقع إجراء المزيد من المحادثات. وظهر الخلاف بشأن التمثيل السني عندما قالت مجموعة من النواب السنة متحالفة مع جماعة حزب الله الشيعية إن من حقهم الحصول على حقيبة وزارية تعكس مكاسبهم الانتخابية لكن الحريري قاوم مطلبهم. وبموجب حل وسط وافقت مجموعة الستة المؤيدة لحزب الله على أن تُمثل في الحكومة بشخصية أخرى تكون مقبولة من جانبهم بحيث يقدم كل نائب من الستة اسم شخصية ويختار الرئيس اللبناني ميشال عون أحدهم. بحسب رويترز.
لكن النواب السنة الموالين لحزب الله سحبوا تأييدهم للمرشح السني الذي اختاره عون وهو جواد عدرا لأنه لم يعتبر نفسه ممثلا حصريا لهم. وظهرت خلافات أخرى بشأن كيفية توزيع الحقائب الوزارية على وجه الدقة وقال المسؤول إن الحقائب الوزارية التي لم تحسم يُنظر إليها باعتبارها ذات أهمية ثانوية في ظل توزيع المناصب الوزارية الأكثر أهمية بالفعل. وأفرزت الانتخابات التشريعية، التي جرت في مايو أيار وهي الأولى منذ تسع سنوات، برلمانا مائلا لصالح حزب الله والذي فاز مع حلفائه السياسيين بأكثر من 70 مقعدا من أصل 128 مقعدا. وفقد الحريري الذي يتمتع بدعم غربي أكثر من ثلث نوابه في الانتخابات الأخيرة رغم أنه ظل أكبر زعيم سني في لبنان وتم تكليفه مرة أخرى بتشكيل الحكومة.
دور حزب الله
من جانب اخر قالت مصادر سياسية ان دور حزب الله في الحكومة اللبنانية سيتوسع عند الإعلان عن وزير الصحة الجديد على الرغم من كونه ليس عضوا في حزب الله، في وقت تصعد فيه الولايات المتحدة عقوباتها على الجماعة الشيعية. ومن المتوقع اكتمال تشكيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري وإعلانها في الأيام القليلة المقبلة مما ينهي أكثر من سبعة أشهر من التنافس السياسي بين الجماعات المتناحرة على مقاعد الحكومة.
وفقد الحريري الذي يتمتع بدعم غربي أكثر من ثلث نوابه في الانتخابات الأخيرة رغم أنه ظل أكبر زعيم سني في لبنان وتم تكليفه مرة أخرى بتشكيل الحكومة. ومنصب رئاسة الحكومة مخصص للطائفة السنية في ظل النظام الطائفي في البلاد. لكن الانتخابات التشريعية، التي جرت في مايو أيار وهي الأولى منذ تسع سنوات، أفرزت برلمانا مائلا لصالح حزب الله المدعوم من إيران والذي فاز مع حلفائه السياسيين بأكثر من 70 مقعدا من أصل 128 مقعدا. وتصنف الولايات المتحدة حزب الله جماعة إرهابية.
وباختيار وزير الصحة فإن الجماعة الشيعية التي تمتلك ترسانة كبيرة من السلاح ستتجاوز الدور الهامشي الذي لعبته في الحكومات السابقة. ويقول وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال غسان حاصباني إن الوزارة لديها رابع أكبر ميزانية في الدولة اللبنانية.
وقال حاصباني إن المساعدات الخارجية الأخيرة لوزارته تضمنت 120 مليون دولار من البنك الدولي ستنفق على مدى خمس سنوات ابتداء من عام 2019. كما تتلقى الوزارة الكثير من الأدوية واللقاحات من منظمة الصحة العالمية والاتحاد الأوروبي. وقال مصدران مطلعان إن وزير الصحة الجديد هو جميل جبق وهو طبيب شيعي وليس عضوا في الجماعة. بالإضافة الى ذلك سيتولى أعضاء من حزب الله وزارتين أقل أهمية من وزارة الصحة.
وبشكل عام من المتوقع أن تنعكس نتيجة الانتخابات على تشكيل الحكومة الجديدة. ومن المتوقع أن تنخفض نسبة مقاعد الحكومة المخصصة لتيار المستقبل بزعامة الحريري والتي تعارض سلاح حزب الله. وبينما ضاعفت القوات اللبنانية المناهضة لحزب الله عدد نوابها تقريبا في الانتخابات إلا أنها لم تتمكن من الحصول على كل المقاعد الوزارية التي طالبت بها وتنازلت لصالح الرئيس المسيحي المنافس ميشال عون والتيار الوطني الحر وهم حلفاء حزب الله السياسيين. بحسب رويترز.
ووفقا لنظام تقاسم السلطة في لبنان فإن المناصب الحكومية تتوزع على أساس طائفي. وينبغي أن يكون الرئيس مسيحيا مارونيا ورئيس الوزراء مسلم سني ورئيس البرلمان شيعيا. ويجب توزيع المقاعد في مجلس الوزراء المكون من 30 وزيرا بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين. وذكر مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة تأمل أن تكون الحكومة القادمة مستعدة للعمل معها وأعربت عن قلقها إزاء النفوذ السياسي المتزايد لحزب الله في البلاد. وتستهدف الإدارة الأمريكية حزب الله في إطار سياستها لتصعيد إجراءاتها ضد إيران وهي تضيق دائرة العقوبات على الحزب وقادتها. وفرضت واشنطن على قيادة حزب الله عقوبات جديدة وشددت التشريعات القانونية الهادفة إلى قطع سبل التمويل لهم من مختلف أرجاء العالم.
تظاهرات واحتجاجات
في السياق ذاته نظم عدة مئات من اللبنانيين احتجاجا بالعاصمة بيروت على الأوضاع الاقتصادية والسياسية، وقام بعض المتظاهرين بسد شوارع رئيسية لفترة وجيزة. واحتشد معظم المتظاهرين قرب مقر الحكومة، وكان بعضهم يرتدي سترات صفراء في محاكاة لاحتجاجات ”السترات الصفراء“ التي شهدتها فرنسا في الأسابيع القليلة الماضية. وشملت المطالب توفير رعاية طبية مجانية وخفض أسعار الغذاء وتقليص الضرائب.
وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن بعض المحتجين خرجوا في وقت لاحق إلى شوارع بيروت وأشعلوا النيران في صناديق قمامة على طريق رئيسي حيث وقع شجار بين المتظاهرين وجنود حاولوا فتح الطريق. ودعا بيان للجيش إلى ”التظاهر السلمي وعدم التعدي على الأملاك العامة والخاصة“. ولم يتفق الساسة اللبنانيون حتى الآن على حكومة وحدة وطنية جديدة بعد مرور أكثر من سبعة أشهر على الانتخابات العامة.
ولبنان، الذي يعاني من تراكم الديون وركود الاقتصاد، في حاجة ماسة إلى حكومة يمكنها الشروع في إصلاحات اقتصادية متوقفة منذ فترة طويلة لوضع الدين العام على مسار مستدام. ويقول البنك الدولي إن أحدث بيانات رسمية متاحة تشير إلى أن ثلث السكان تقريبا يعانون من الفقر.
وخلال الأيام الماضية، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي دعوة للتظاهر ضد الطبقة السياسية والفساد في مؤسسات الدولة، من دون أن يعرف مصدر الدعوة. وأمام مقر رئاسة الحكومة في وسط بيروت، هتف المتظاهرون مطالبين بإصلاح النظام ومحاربة الفساد ووقف هدر المال العام.
وتوجه المتظاهرون لاحقاً إلى شارع الحمراء، وأغلقوا الطريق الرئيسية ووقعت صدامات محدودة مع قوى الأمن اللبنانية التي منعتهم من مواصلة طريقهم. وقالت هناء (43 عاماً)، إحدى المتظاهرات، "هناك فساد وسرقة لأموال الدولة، وليس هناك حتى طبابة، من ليس مسجلاً في الضمان (الاجتماعي) يموت على أبواب المستشفيات". واضافت "تحكمنا طبقة سياسية من السارقين والفاسدين والذين يحكمون بالتعصب الطائفي".
ورفع المتظاهرون شعارات عدة تطالب على قولهم بـ"ابسط حقوقهم"، منها إعادة العمل بقروض الإسكان المتوقفة منذ نحو عام، وتوافر المياه والكهرباء، كما طالبوا بضمان الطبابة لجميع المواطنين، بعدما كانت أثارت قضية وفاة طفل لعدم تمكنه من تلقي العلاج اللازم موجة غضب بين العديد من اللبنانيين. وتظاهر العشرات أيضاً في مدينتي طرابلس (شمال) والنبطية في جنوب البلاد. بحسب فرانس برس.
ويخرج اللبنانيون بين الحين والآخر إلى الشوارع للتعبير عن امتعاضهم من الطبقة السياسية الحاكمة. وقد تظاهر المئات في وقت سابق بدعوة من الحزب الشيوعي اللبناني للاحتجاج على فساد الطبقة السياسية رافعين مطالب معيشية. وشهد لبنان في العام 2015 تظاهرات ضخمة احتجاجاً على أزمة تكدس النفايات في شوارع بيروت وضواحيها.
اضف تعليق