يقول رفيق الله داودزاي إن حقوله بلغ بها الجفاف حدا تعذر معه نثر البذور بها هذا العام وإنها المرة الأولى التي يضطر فيها لتفويت موسم الزراعة منذ أكثر من 40 عاما، وتقع حقوله التي تبلغ مساحتها 60 فدانا على ضفاف نهر هلمند في أفغانستان غير أن البلاد تفتقر إلى البنية الأساسية لاستغلال المياه في ري المساحات الكبيرة...
(رويترز) - يقول رفيق الله داودزاي إن حقوله بلغ بها الجفاف حدا تعذر معه نثر البذور بها هذا العام وإنها المرة الأولى التي يضطر فيها لتفويت موسم الزراعة منذ أكثر من 40 عاما، وتقع حقوله التي تبلغ مساحتها 60 فدانا على ضفاف نهر هلمند في أفغانستان غير أن البلاد تفتقر إلى البنية الأساسية لاستغلال المياه في ري المساحات الكبيرة.
وأدى الجفاف الحاد الذي تعاني منه قطاعات كبيرة من أفغانستان إلى وضع خطط لبناء سدود جديدة لمساعدة المزارعين من أمثال داودزاي. وزاد هذا الجفاف من حدة التوترات مع إيران بسبب إمدادات المياه في هلمند في نزاع بدأ قبل عشرات السنين وغذى اتهامات بأن لطهران دورا في تمرد حركة طالبان.
وقال داودزاي الذي يزرع القمح والعدس في الإقليم الجنوبي ”نستطيع رؤية مياه نهر هلمند. بل ويمكننا أن نذهب ونلمسها لكن لا نستطيع جلبها إلى أراضينا الزراعية. شيء محبط لكل مزارع أن يرى كميات كبيرة من مياه نهر هلمند تتدفق إلى إيران“.
ويقول مسؤولون أفغان إن بلادهم، التي تعد قدرات تخزين المياه فيها من أدناها في العالم، تحتاج سدودا إضافية لتغذية قطاع الزراعة الذي يمثل عماد الاقتصاد البالغ حجمة 20 مليار دولار والذي تأثر سلبا بشدة بالجفاف.
ومع انتشار الجفاف في المنطقة وتواصل الاحتجاجات على نقص المياه في إيران أدى إعلان أفغانستان في أبريل نيسان أنها ستمضى قدما في تنفيذ خطط لبناء سدود وخزانات جديدة إلى اعتراضات من حكومة طهران التي تخشى قطع إمداداتها.
ويسلط الخلاف الضوء على الأهمية الاستراتيجية للمياه في مختلف أنحاء العالم. فقد شاعت النزاعات على المياه في جنوب آسيا ووسطها وفي مناطق أخرى، وفي وقت سابق من العام الجاري هددت طالبان باجتياح إقليم فراه في غرب أفغانستان على الحدود مع إيران الأمر الذي أدى إلى تحذيرات غاضبة من الساسة المحليين من أن طهران تستخدم المتمردين لخوض حرب بالوكالة على المياه.
وقال جول نبي أحمدزاي القائد السابق لشرطة الحدود الأفغانية ”إيران تدعم طالبان لتعطيل مشروعات التنمية في أفغانستان بما في ذلك سدود المياه“، وأضاف ”يستفيدون من إبقاء أفغانستان غير مستقرة ويريدون السيطرة على مواردنا“.
وامتنع دبلوماسيون إيرانيون في كابول عن التعليق. ونفت طهران مرارا أنها تساعد حركة طالبان، ونقل تقرير من وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء عن بهرام قاسمي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية في مايو أيار بعد الهجمات التي وقعت في فراه قوله ”الحوار بين الحكومتين حول تسوية مشاكل المياه محل متابعة من خلال القنوات الدبلوماسية. والربط بين هذه المسألة والنزاعات الداخلية في أفغانستان ليس منطقيا أو دقيقا أو له أساس عقلاني“.
إمدادات متفاوتة
شهدت أفغانستان، التي يبلغ عدد سكانها نحو 20 مليون نسمة يعتمدون على الزراعة، انخفاضا بنسبة 45 في المئة في الناتج الزراعي هذا العام مع اشتداد حدة الجفاف وفقا لما قاله مسؤولون بوزارة الزراعة.
وقال فهيم الله ضيائي، الذي شغل حتى يونيو حزيران منصب وزير شؤون الري والموارد الطبيعية بوزارة الزراعة وشارك في محادثات مع إيران هذا العام ”علينا حماية المصلحة الوطنية. فلا يمكن أن تملي دولة أخرى علينا كيفية حماية مواردنا الطبيعية“، وقد أبدت إيران قلقها من انخفاض إمداداتها من المياه بسبب سد سالمة الضخم الذي مولته الهند في إقليم هرات الغربي وافتتح في العام 2016، وقال مسؤولان إيرانيان كبيران أحدهما في طهران والثاني في كابول إن اجتماعات عقدت مؤخرا مع مسؤولين أفغانستان حول خطط لإقامة سدود إضافية أذكت نار المشكلة.
وتسعى الحكومة بهمة في الوقت الحالي للحصول على مساعدات من المانحين الدوليين لبناء سدين وزيادة ارتفاع سدود قائمة، ويقع نهر هلمند في قلب النزاع إذ يجري في أفغانستان من منابعه في الجبال الواقعة شمالي كابول ويغذي أراضي سيستان في المناطق الحدودية بين البلدين، ويقتسم البلدان مياه نهر هلمند بموجب معاهدة موقعة في 1973 تخصص لإيران بمقتضاها 820 مليون متر مكعب من المياه سنويا. غير أن الحروب المتواصلة في أفغانستان على مدى الأربعين عاما الماضية أدت إلى تفاوت الإمدادات.
وقال مسؤول كبير في طهران يعمل بإدارة الري ”ليس الأمر وكأننا نرغم أفغانستان على إعطائنا المياه. فعليهم الوفاء باتفاق تقسيم المياه والسعي للحصول على موافقتنا لمنع الأضرار البيئية الناجمة عن سدودهم“.
وأضاف أن على المانحين مثل الهند، التي أبدت اهتماما بالاستثمار في سدين في وسط أفغانستان، التشاور مع إيران قبل دعم مشروعات بناء السدود الكبيرة. ويقول منتقدون إن هذه المشروعات قد تتسبب في أضرار بيئية جسيمة في اتجاهي المنبع والمصب.
وقال دبلوماسي هندي كبير في كابول إن الهند تخطط لبناء سدود في أفغانستان لكنها لا تتدخل في النزاع على المياه بين طهران وكابول، وتابع ”حكومة أفغانستان تريد منا مساعدتها في بناء السدود وسنمضي قدما في تنفيذ الخطط. ولا نرى ضرورة للحصول على إذن من إيران لمثل هذه المشروعات“.
ويقول مسؤولون أفغان إن نقص السدود جعل من المستحيل التحكم في كمية المياه التي تصل إلى إيران ويقولون إنها حصلت على كميات أكبر كثيرا من حصتها المتفق عليها، وقال مسؤولون بوزارة الري في كابول إن إيران حصلت في العام الماضي على أكثر من ثلاثة مليارات متر مكعب في وقت بدأت فيه آثار الجفاف تصبح محسوسة حيث نكب 20 إقليما من أقاليم أفغانستان الأربعة والثلاثين بالجفاف.
اضف تعليق