بعد خروج امريكا من الاتفاق النووي المبرم بين ايران والدول العظمى، ازدادت التحركات من قبل ايران و ودول أخرى منها الدول الأوروبية، التي تواجه اليوم ضغوط كبيرة من اجل إنقاذ الاتفاق النووي، حيث جدد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، التأكيد على التزام بلاده بالاتفاق النووي، مرجعا ذلك إلى أهمية الدور الذي يلعبه هذا الاتفاق بالحفاظ على العلاقات الإيرانية مع الدول الأخرى وبتحقيق الأمن والسلام حول العالم...
بعد خروج امريكا من الاتفاق النووي المبرم بين ايران والدول العظمى، ازدادت التحركات من قبل ايران و ودول أخرى منها الدول الأوروبية، التي تواجه اليوم ضغوط كبيرة من اجل إنقاذ الاتفاق النووي، حيث جدد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، التأكيد على التزام بلاده بالاتفاق النووي، مرجعا ذلك إلى أهمية الدور الذي يلعبه هذا الاتفاق بالحفاظ على العلاقات الإيرانية مع الدول الأخرى وبتحقيق الأمن والسلام حول العالم، وقال روحاني: "صمود هذا الاتفاق مفيد للعلاقات الإيرانية مع الدول الأخرى، ولتحقيق الأمن والسلام على مستوى العالم كذلك"، وأضاف الرئيس الإيراني قائلا: "سنبقى ضمن الاتفاق حتى نضمن مصالحنا ونحقق الفائدة منه".
قال روحاني، إن بلاده تنتظر حزمة من الضمانات الخاصة بالدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي لإنقاذه بخطة عمل مشتركة بعد انسحاب الولايات المتحدة منه بقرار من الرئيس دونالد ترامب. واضاف إذا تمكن الاتحاد الأوروبي من الوفاء بالتزامات الولايات المتحدة في الاتفاق، فإن إيران ستبقى فيه"، في إشارة منه إلى الاتفاق النووي الذي تم توقيعه عام 2015. ووصف روحاني انسحاب الإدارة الأمريكية من الاتفاق النووي بـ"العمل غير القانوني"، معتبرا أن ذلك "لا يجب أن يكون أساساً لتجاهل حقوق الدول في العلاقات الثنائية أو متعددة الأطراف".
ووصف روحاني العقوبات الأمريكية على إيران بأنها "عقوبات علي الشعب كله"، وقال إن "هذا الإجراء من حيث إنه لا يأتي في إطار القوانين الدولية يعد جريمة وظلما وانتهاكا لحقوق الشعوب"، حسبما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية. ويرى البعض ان الولايات المتحدة الامريكية ستعمد ايضا وبالاتفاق مع اسرائيل الى ممارسة ضغوط مضادة على الاتحاد الاوروبي، من اجل اضعاف ايران وعزلها من جديد وهو ما سيسهم في خلق صراع خطير .
وحثّ رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني الاوروبيين على اعلان قرارهم "بسرعة" بشأن الاتفاق النووي لضمان بقائه، محذرا من أن وقت المفاوضات على وشك أن ينفد. وتحاول الدول الاوروبية التي تؤيد اتفاق عام 2015 الذي يهدف الى منع ايران من حيازة أسلحة ذرية، انقاذ الاتفاق بعد أن أضعفه اعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده منه.
وقال لاريجاني "يجب أن يكون واضحا أن القادة الايرانيين لن يكتفوا بوعود اوروبا الى ما لا نهاية". وأضاف "وقت المفاوضات على شك أن ينفد وأوروبا يجب أن تقول ما اذا كانت قادرة على الحفاظ على الاتفاق حول النووي .. علنا وبسرعة، وإلا ستنتقل ايران الى المراحل التالية بشأن النووي ومسائل أخرى". ومنذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق الدولي الذي أبرم في فيينا، أعلن الاتحاد الاوروبي والصين وروسيا نيتها انقاذه وحاولوا اقناع طهران الاستمرار فيه.
لكن اعادة فرض عقوبات أميركية على ايران تجعل المستثمرين الأجانب بمن فيهم الاوروبيون، ينسحبون من هذا البلد. وتنتظر الجمهورية الاسلامية بفارغ الصبر المنافع الاقتصادية للاتفاق الذي لطالما حذرت من احتمال الانسحاب منه اذا لم تعد تجد مصلحتها فيه وفرضت على الاوروبيين تقديم سلسلة "ضمانات".
وأعلنت نائبة الرئيس الايراني معصومة ابتكار ان بلادها "لا يمكنها الانتظار الى ما لا نهاية". وأكدت ان ثمة "اعمالا تحضيرية" لاستئناف تخصيب اليورانيوم في حال انهار الاتفاق. وتتهم اسرائيل وادارة ترامب طهران بالسعي الى حيازة الأسلحة النووية، الأمر الذي تنفيه الجمهورية الاسلامية منذ وقت طويل، مؤكدة أن برنامجها لديه طابع مدني فقط. وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مرات عديدة احترام طهران للاتفاق.
ضغوط ايرانية
وفي هذا الشأن اعلنت طهران انها ستطبق خطة لزيادة قدرتها على تخصيب اليورانيوم وزادت بالتالي الضغوط على الاوروبيين الذين يحاولون انقاذ الاتفاق الدولي حول النووي الايراني. ونقلت وكالة انباء فارس عن نائب الرئيس الايراني علي أكبر صالحي قوله ان بلاده أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في رسالة "البدء ببعض الانشطة".
واضاف "اذا سمحت الظروف سيكون بامكاننا ان نعلن في نطنز (وسط) ربما بدء العمل في مركز لتصنيع أجهزة طرد مركزي جديدة". واوضح "ما نقوم به لا يشكل انتهاكا للاتفاق" النووي الموقع بين ايران والقوى العظمى في فيينا في تموز/يوليو 2015 والذي انسحبت منه الولايات المتحدة في الثامن من ايار/مايو الماضي.
وتابع "هذه الاجراءات لا تعني فشل المفاوضات مع الاوروبيين"، في اشارة الى المحادثات بين ايران والاتحاد الاوروبي والمانيا وفرنسا وبريطانيا من اجل بقاء ايران في الاتفاق رغم الانسحاب الاميركي منه. واعلان زيادة عدد اجهزة الطرد ما سيسمح بزيادة القدرة على تخصيب اليورانيوم، سيزيد بالتأكيد الضغوط على الاوروبيين لان هذه المسألة في صلب المخاوف بشأن البرنامج النووي الايراني.
ويتيح تخصيب اليورانيوم انتاج الوقود لتشغيل المحطات النووية لانتاج الكهرباء او يمكن استخدامه لاغراض مدنية اخرى كالمجال الطبي. ويمكن ان يستخدم اليورانيوم عند تخصيبه بنسب عالية وبكميات كافية لصنع قنبلة ذرية. وتشدد ايران على ان برنامجها النووي لاغراض سلمية ومدنية بحتة في حين تتهمها الولايات المتحدة واسرائيل بالسعي الى حيازة السلاح الذري.
وأكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو أن اعلان صالحي يؤكد خطة "لتدمير دولة إسرائيل". وسمح الاتفاق بعودة ايران الى مجموعة الامم بعد سنوات من العزلة وتخفيف العقوبات الدولية التي تطاولها لقاء تعهد بعدم حيازة السلاح الذري.
في المقابل، وافقت ايران على لجم انشطتها النووية وتجري الوكالة الدولية للطاقة الذرية عمليات تحقق منتظمة للتأكد من ان طهران تفي بتعهداتها. لكن استمرارية الاتفاق مهددة منذ انسحاب واشنطن منه ما يفسح المجال امام اعادة فرض عقوبات اقتصادية اميركية. وهذه الخطوة بدأت تدفع بالشركات الاجنبية لمغادرة ايران. وآخر هذه الشركات مجموعة "بي اس ايه" الفرنسية لصناعة السيارات التي اعلنت الاثنين انها تستعد لمغادرة البلاد. وهذ الاعلان يدل على هامش المناورة الضيق جدا للاوروبيين نظرا الى الطابع الرادع للعقوبات الاميركية.
وحذر المسؤولون الايرانيون في ايار/مايو من انهم لن يمهلوا الاوروبيين اكثر من بضعة اسابيع للتفاوض وانهم لن يبقوا في الاتفاق اذا لم يعد بالفائدة عليهم. وهددوا باستئناف ايران تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% علما بان طهران تخصبه بمعدل 3,67% بموجب اتفاق فيينا. وحذر المرشد الاعلى الايراني علي خامنئي الاوروبيين من الاعتقاد ان بلاده يمكن ان تستمر في قبول وقف برنامجها النووي مع البقاء تحت رحمة العقوبات الاقتصادية.
واذا كانت ملامح الخطة التي اعلنها صالحي لا تزال غير واضحة، فان نائب الرئيس الايراني اعلن ان ايران لا تعتزم "البدء بتجميع اجهزة الطرد" بهدف استخدامها فورا. واعلن خامنئي ان "من واجب" المنظمة الايرانية للطاقة الذرية التي يتولى صالحي رئاستها "الاستعداد بسرعة" لزيادة قدرتها على انتاج اليورانيوم المخصب. بحسب فرانس برس.
والهدف المعلن هو التمكن من بلوغ، في موعد غير محدد، عتبة تتماشى مع تلك التي حددها خامنئي قبل توقيع اتفاق فيينا وقادرة على تلبية حاجات ايران بخصوص برنامجها النووي. وهذا التطور قد يثير قلق الاوروبيين الراغبين في ابقاء ايران في اتفاق فيينا، في موازاة سعيهم ايضا الى التطرق مع الجمهورية الاسلامية الى حقبة ما بعد 2025 عندما يكون انتهى العمل ببعض بنود النص، للسماح بمواصلة المراقبة الدولية للانشطة النووية.
مخطط تخريبي
الى جانب ذلك قالت إيران إن بوسعها إثبات عدم وجود صلة لها بمخطط مزعوم لتفجير اجتماع للمعارضة الإيرانية في فرنسا فيما قالت النمسا إنها ستجرد دبلوماسيا إيرانياً من وضعه الدبلوماسي بعد القبض عليه في ألمانيا في إطار القضية. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي إن شخصين مشتبه بهما في بلجيكا هما في واقع الأمر عضوان في حركة مجاهدي خلق وهي جزء من تكتل لجماعات المعارضة في المنفى يسعى لإنهاء حكم الملالي الشيعة في إيران.
ونسبت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى قاسمي قوله ”المحتجزان في بلجيكا هما عضوان معروفان في هذه المنظمة الإرهابية والسلطات الإيرانية... على استعداد لتوفير الوثائق اللازمة لتوضيح أبعاد هذا السيناريو“. واتهم قاسمي حركة مجاهدي خلق ”بتنفيذ سيناريو يهدف للتأثير على الزيارة الأوروبية (للرئيس حسن روحاني) والإضرار بصورة إيران لدى الرأي العام الأوروبي“. وحركة مجاهدي خلق ي الفصيل الأساسي في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومقره باريس والذي تدور المزاعم عن محاولة تفجير اجتماعه في العاصمة الفرنسية.
ورفض مسؤولون فرنسيون التعقيب على القضية قائلين إن طبيعة الواقعة غير واضحة وشديدة الحساسية. وأي مؤشر على أن السلطات الإيرانية تقف وراء المخطط في فرنسا سيجعل من الصعب سياسيا على الزعماء، لا سيما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاستمرار في دعم الاتفاق النووي. وفي سويسرا، بدا أن روحاني يهدد بتعطيل شحنات النفط من دول مجاورة إذا مضت واشنطن قدما في هدفها بإجبار كل الدول على الكف عن شراء النفط الإيراني. ومن المقرر أن يزور النمسا بعد سويسرا. ونفت إيران في وقت سابق أي تآمر لتفجير اجتماع المعارضة ووصفت عمليات الاعتقال بأنها ”مخطط زائف“. بحسب رويترز.
وكانت حركة مجاهدي خلق مدرجة على قوائم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للمنظمات الإرهابية لكن اسمها رفع بعد ذلك. ولطالما دعت طهران لشن حملة على المجلس الوطني في باريس والرياض وواشنطن. وكثيرا ما توجه انتقادات للمجلس في وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية. من جانب اخر دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أوروبا لاتخاذ موقف أشد صرامة تجاه إيران بعد القبض على دبلوماسي إيراني للاشتباه في تآمره على شن هجوم على جماعة إيرانية معارضة في فرنسا. وقال نتنياهو في كلمة ألقاها في شمال إسرائيل ”ليس من قبيل الصدفة إحباط هذا الهجوم“. وأضاف ”أقول لزعماء أوروبا: أوقفوا تمويل النظام الإرهابي الذي يمول الإرهاب ضدكم وعلى أراضيكم. كفى سياسة الاسترضاء والضعف تجاه إيران“. وقال نتنياهو إن إحباط المؤامرة المزعومة، في الوقت الذي يزور فيه الرئيس الإيراني حسن روحاني أوروبا سعيا لحماية مزايا اقتصادية حصل عليها من الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة، هو ”مثال على النفاق والوقاحة الإيرانية منقطعة النظير“.
توجهات عدائية
على صعيد متصل قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن البلدان الأوروبية قلقة من برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني ودعت لإيجاد حلول للتصدي لتوجهات طهران ”العدائية“ في الشرق الأوسط. وقالت لا ينبغي الاكتفاء بمناقشة توجهات إيران العدائية لكننا بحاجة لحلول عاجلة“. ولا تزال ألمانيا ملتزمة بالاتفاق النووي مع إيران، والذي أدى لرفع العقوبات عن طهران مقابل كبح برنامجها النووي، رغم انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منه في مايو أيار.
وقالت ميركل إنه برغم رغبة الدول الأوروبية في الحفاظ على الاتفاق المبرم عام 2015 فإن القلق ينتابها بسبب برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني ووجود طهران في سوريا ودورها في حرب اليمن.
من جانب اخر قال الرئيس الإيراني حسن روحاني للدول الكبرى إن بقاء طهران في الاتفاق النووي الذي أبرمته مع القوى العالمية أمر ”مستحيل“ إذا لم تستطع الاستفادة منه وذلك عقب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق. وأضاف روحاني في اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه راض عن الموقف الأوروبي خاصة الجهود الفرنسية لإنقاذ الاتفاق المبرم عام 2015 لكنه أضاف أن ”مثل هذه التصريحات ينبغي أن يصحبها أفعال وإجراءات ملموسة“.
ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء عن روحاني لماكرون ”إذا لم تستطع إيران الاستفادة من الاتفاق (النووي) فسيكون من المستحيل من الناحية العملية البقاء في الاتفاق“. وقال مكتب ماكرون إنه أبلغ روحاني في نفس المكالمة أن فرنسا ما زالت ملتزمة بالاتفاق النووي ولكن على طهران الالتزام بشكل كامل بتعهداتها. بحسب رويترز.
وأضاف ”رئيس الجمهورية أشار إلى عزم فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين على مواصلة تنفيذ اتفاقية فيينا بكل أبعادها“. وتابع ”الرئيس أبلغ الرئيس الإيراني بالتقدم في العمل الذي نقوم به من جهتنا. وعبر عن أمله في أن تفي إيران بالتزاماتها دون أي التباس“. وأكد مكتب ماكرون عقد اجتماع على المستوى الوزاري كان تم الاتفاق عليه من قبل بين كل الأطراف المتبقية الموقعة على الاتفاق، وهي الدول الأوروبية الثلاث والصين وروسيا، خلال الأسابيع المقبلة في فيينا.
اضف تعليق