ملف العلاقات بين روسيا وامريكا ربما سيشهد وبحسب بعض المراقبين تطورات مهمة، قد تسهم بتخفيف حده الصراع وإنهاء الحرب الباردة الحالية، وتدهورت العلاقات بين القوتين العظميين بشكل كبير في السنوات الاخيرة على خلفية خلافات حول النزاع السوري وضم روسيا لشبه جزيرة القرم في غرب اوكرانيا. يضاف الى ذلك قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الموقع مع ايران في 2015، والذي أكدت روسيا تمسكها به...
ملف العلاقات بين روسيا وامريكا ربما سيشهد وبحسب بعض المراقبين تطورات مهمة، قد تسهم بتخفيف حده الصراع وإنهاء الحرب الباردة الحالية، وتدهورت العلاقات بين القوتين العظميين بشكل كبير في السنوات الاخيرة على خلفية خلافات حول النزاع السوري وضم روسيا لشبه جزيرة القرم في غرب اوكرانيا. يضاف الى ذلك قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الموقع مع ايران في 2015، والذي أكدت روسيا تمسكها به.
ويرى بعض المراقبين ان الولايات المتحدة تسعى الى اعتماد خطط وسياسات جديدة ومختلفة مع الكثير من دول العالم ومنها روسيا، من اجل تحقيق مكاسب إضافية قد لا تتحقق مع استمرار الخلافات، خصوصا وان روسيا وكما نقلت بعض المصادر، قد استعادت دورها وحضورها في السياسة الدولية، والصراع على النفوذ في هذه المنطقة الحيوية في تصاعد بين الدولتين كما هو في المناطق الأخرى في الشرق الأوسط والقوقاز وفي أوروبا والقارة الإفريقية وغيرها من مناطق العالم، وتشهد العلاقات الأمريكية الروسية، حاليا، حالة من التوتر، بسبب العقوبات والاجراءات الامريكية ضد مقرات دبلوماسية لموسكو في واشنطن ونيويورك.
ووصفت بعض المصادر تلك الأحداث بأنها تعيد أجواء الحرب الباردة مرة أخرى بعد سنوات، التي ظن الجميع أنها بلا رجعة، وأوردت رد موسكو على لسان وزير خارجيتها سيرجي لافروف بأنها لا تزال تحلل قرار واشنطن الأخير، لكنه لن يبقى دون رد. وأضاف لافروف أن الخطوة الأميركية جاءت إثر قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتن بطرد 755 دبلوماسيا أميركيا من بلاده، وجاء القرار الروسي أيضا بعدما انتظرت موسكو شهورا على طرد الإدارة الأميركية السابقة 35 دبلوماسيا روسيا من أراضيها، ردا على ما قالت إنه تدخل روسي في الانتخابات.
لكن ما أشعل فتيل الأزمة أكثر بين البلدين هو العقوبات الاقتصادية التي أقرها الكونجرس الأمريكي بحق روسيا، في إطار الرد على تدخل الأخيرة في الانتخابات الرئاسية، كما توصلت أجهزة الاستخبارات الأمريكية. إلا أن إغلاق المباني القنصلية الروسية في الولايات المتحدة يعد أكثر الإجراءات الدبلوماسية قسوة من جانب واشنطن ضد موسكو منذ عام 1986، إبان نهاية الحرب الباردة، حين تبادلت "القوتان العظميان" وقتها طرد عشرات الدبلوماسيين.
تحركات جديدة
وفي هذا الشأن رجّح وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو ان يلتقي الرئيس الاميركي دونالد ترامب نظيره الروسي فلاديمير بوتين "في المستقبل غير البعيد"، وذلك في مقابلة مع شبكة "ام اس ان بي سي" الاميركية، بعد ان كان ترامب اشار الى احتمال عقد قمة. واعلن البيت الابيض ان مستشار الامن القومي جون بولتون سيتوجه الى موسكو للاعداد للقاء محتمل بين الرئيسين. وبحسب نص المقابلة مع شبكة "ام اس ان بي سي" الاميركية الذي نشرته الخارجية الاميركية، قال بومبيو "انا اعلم ان السفير بولتون يستعد للتوجه الى موسكو و سيلتقي نظيره، واعتقد انه من المرجح بعد هذا اللقاء ان يلتقي الرئيس ترامب نظيره في المستقبل غير البعيد". وقال بومبيو "لا اعلم ما سيكون عليه جدول مواعيد الرئيس".
وسادت تكهنات في وسائل الاعلام الروسية والغربية حول لقاء مرتقب بشدة بين الرئيسين، كان مدار بحث بينهما في اذار/مارس. وستكون تلك المحادثات، في حال جرت، تحت المجهر بسبب التحقيق الذي يجريه المحقق الخاص حول تدخل روسيا في الانتخابات الاميركية في 2016، واحتمال حصول تواطؤ مع حملة ترامب. وينفي الرئيس الاميركي حصول اي تواطؤ. وأعلن عن زيارة بولتون الى موسكو بعد نحو اسبوعين من دعوة ترامب لاعادة روسيا الى مجموعة السبع بعد استبعادها منها في 2014 لضمها القرم من اوكرانيا.
وسيشارك ترامب في قمة حلف شمال الاطلسي التي تعقد في بروكسل في 11 و12 تموز/يوليو
، قبل توجهه الى بريطانيا للقاء رئيسة الوزراء تيريزا ماي والملكة اليزابيث الثانية. وكان بوتين اعلن مطلع حزيران/يونيو عن استعداده للقاء ترامب موضحا ان العديد من الدول، على غرار النمسا بشكل خاص، مستعدة لاستضافة هذه القمة. واضافة الى قضية سكريبال تشهد العلاقات بين واشنطن وموسكو منذ عدة اشهر توترا ناتجا عن وجود شبهات تواطؤ بين فريق حملة ترامب والكرملين.
وقرار ترامب سحب بلاده من الاتفاق النووي الايراني ساهم في زيادة الخلافات بين البلدين بعد ان اكدت موسكو تمسكها به. ويعود اللقاء الاخير بين بوتين وترامب الى تشرين الثاني/نوفمبر 2017 في فيتنام على هامش منتدى التعاون الاقتصادي لدول اسيا والمحيط الهادئ (ابيك).
من جانبه أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعداده للقاء نظيره الأميركي دونالد ترامب "ما إن" تصبح واشنطن مستعدة لقمة من هذا النوع. وقال بوتين أمام صحافيين أثناء زيارته الصين "ما إن يصبح الجانب الأميركي مستعدا، سيُعقد هذا اللقاء بناء على جدول عملي بالطبع". وتابع أن "الرئيس الأميركي نفسه يقول باستمرار إنه يعتبر مثل هذا اللقاء مفيدا. بوسعي أن اؤكد ذلك. هذا صحيح".
وأوضح أنه لم يناقش مع ترامب المكان المحتمل لهذا اللقاء، لكنه أشار إلى أن "عدة" دول من بينها النمسا مهتمة بالمساعدة في تنظيم هكذا قمة. وقال بوتين "اعتقد أن الأمر تقني"، وتابع "من المهم للقاءات كهذه، إذا عقدت، أن يكون مضمونها عمليا". وذكر تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال نقلا عن مسؤول أوروبي كبير أن بوتين طلب من المستشار النمساوي سباستيان كورتز اثناء زيارته لفيينا في وقت سابق المساعدة في تنظيم اللقاء وأن واشنطن تدرس عقده. ومنذ وصول كورتز للحكم، تحاول النمسا لعب دور الوسيط بين روسيا والغرب. بحسب فرانس برس.
وفرضت النمسا عضو الاتحاد الأوروبي عقوبات على روسيا بسبب أزمة ضم موسكو لشبه جزيرة القرم في 2014 مع باقي دول التكتل. لكن فيينا لم تطرد دبلوماسيين روس مثل بقية الدول الغربية في اعقاب تسميم العميل الروسي السابق المزدوج وابنته يوليا في بريطانيا، الذي اتهمت موسكو بالوقوف وراءه. وتنفي موسكو هذه الاتهامات بشكل قطعي. وكانت العلاقات بين القوتين العظميين تدهورت في السنوات الاخيرة على خلفية خلافات حول النزاع السوري وضم روسيا لشبه جزيرة القرم في غرب اوكرانيا. يضاف الى ذلك قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الموقع مع ايران في 2015، والذي اكدت روسيا تمسكها به. ويعود آخر لقاء بين بوتين وترامب الى تشرين الثاني/نوفمبر 2017 في فيتنام.
واعتبر بوتين أن الحوار مع ترامب "يمكن أن يكون بناء"، وذلك في حديث مع التلفزيون الروسي الرسمي نشرت وكالات الأنباء الروسية. ورأى أن الرئيس الأميركي "شخص جدّي، قادر على الاصغاء والرد على حجج محاوره". وأكد أن روسيا مستعدة لـ"تطوير وتعميق وتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة"، مشيرا إلى أن على واشنطن أن تقوم بالخطوة التالية. ولفت الى أن قرارات السلطات الأميركية لم تعجبه "كثيرا" لكنه أشاد بثبات ترامب. وقال "ترامب يفي بالوعود التي قطعها قبل الانتخابات".
على صعيد متصل عقد رئيسا اركان الجيشين الروسي والاميركي في هلسنكي لقاء "بناء" حول النزاع في سوريا تناول خصوصا تجنب الحوادث، وفق ما اعلنت وزارة الدفاع الروسية. واورد بيان الوزارة الروسية ان رئيس اركان الجيش فاليري غيراسيموف ونظيره الاميركي جوزف دانفورد التقيا في العاصمة الفنلندية "لبحث الجوانب المختلفة لتسوية الازمة في سوريا". واضاف ان الرجلين ناقشا "قضايا متصلة بالعلاقة الثنائية وتجنب الحوادث" و"لاحظا اهمية ضمان استقرار الوضع في سوريا في اسرع وقت". وتابع البيان ان "الاجتماع كان بناء".
وتتدخل روسيا عسكريا في سوريا دعما لدمشق منذ ايلول/سبتمبر 2015، فيما يدعم التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن قوات تقاتل الجهاديين ويقصف المناطق التي لا يزال يسيطر عليها تنظيم داعش. وسبق ان التقى رئيسا الاركان الروسي والاميركي مرارا لتفادي اي مواجهات بين مجموعات تدعمها كل من واشنطن وموسكو ضد التنظيم. ويعود اخر لقاء بين غيراسيموف ودانفورد الى اذار/مارس 2017 في اطار اجتماع عسكري ضم ايضا رئيس الاركان التركي خلوصي اكار.
عقوبات واجراءات
في السياق ذاته فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات إضافية على خمسة كيانات روسية وثلاثة أفراد روس قائلة إنهم عملوا مع جهاز المخابرات الروسي لشن هجمات الكترونية على الولايات المتحدة وحلفائها. وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين في بيان ”الكيانات المذكورة اليوم أسهمت بشكل مباشر في تحسين قدرات روسيا في مجال الفضاء الإلكتروني وتحت الماء عن طريق عملها مع جهاز الأمن الاتحادي الروسي (إف.إس.بي)، مهددة بالتالي سلامة وأمن الولايات المتحدة وحلفائها“. ويسمح ذلك للولايات المتحدة بتجميد كل ممتلكات ومصالح الأفراد الخاضعين للسلطة القضائية الأمريكية.
وقال بيان وزارة المالية إن أنشطة روسيا ”المؤذية والمزعزعة للاستقرار على الانترنت“ شملت الهجوم بفيروس (نوت بتيا) العام الماضي الذي انتشر في مختلف أنحاء أوروبا وآسيا والأمريكتين وهجمات على شبكة الكهرباء الأمريكية وعلى البنية التحتية للشبكات بما في ذلك محولات وأجهزة (راوتر). وأضاف البيان ”إجراء اليوم يستهدف كذلك قدرات الحكومة الروسية تحت الماء“. وتابع ”نشطت روسيا في تعقب كابلات الاتصالات تحت الماء والتي تنقل القسم الأكبر من بيانات الاتصالات في العالم“. والشركات المعنية هي ديجيتال سكيوريتي وإي.ار.بي سكان وإمبدي ومعهد كفانت للأبحاث العلمية ودايف تكنو سيرفيسز. والأفراد الواردة أسماؤهم جميعهم على صلة بشركة دايف تكنو سيرفيسز وهم ألكسندر لافوفيتش تريبون وأولج سيرجيفيتش تشيريكوف وفلاديمير ياكوفليفيتش كاجناسكي.
من جهة اخرى صدق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قانون لمكافحة العقوبات كان قد صاغه نواب ردا على العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا في أبريل نيسان. ويمنح القانون الرئيس، ضمن أشياء أخرى، صلاحية قطع العلاقات مع الدول غير الصديقة وحظر التجارة معها. لكن القانون جرى تخفيفه منذ أن صاغه النواب ردا على الجولة الأولى من العقوبات الأمريكية على الشركات الروسية.
وكان المشرعون في بادئ الأمر يقترحون فرض قيود واسعة النطاق على سلع وخدمات أمريكية تتراوح بين المواد الغذائية والمشروبات الكحولية والأدوية والخدمات الاستشارية. وكان القانون يمثل بندا من بندين في التشريع. وفي البند الثاني ناقش النواب جعل التزام أي مواطن روسي بالعقوبات الأمريكية جريمة يُعاقب عليها بالسجن. وقالت جماعات ضغط تضم شركات روسية وأجنبية إن مثل هذا القانون سيجبر الشركات فعليا على الاختيار بين التعامل مع روسيا والتعامل مع بقية العالم. وقال بوتين إن أي رد انتقامي على العقوبات الغربية يجب ألا يضر الاقتصاد الروسي أو الشركاء الذين يمارسون أنشطة تجارية في روسيا. وفرضت واشنطن عقوبات صارمة على عدد من كبرى الشركات الروسية ورجال الأعمال في السادس من أبريل نيسان مستهدفة حلفاء للرئيس فلاديمير بوتين عقابا لموسكو على تدخلها المزعوم في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 2016 وأنشطة أخرى وصفت بأنها خبيثة.
اضف تعليق