ماتزال الأزمات السياسية والاقتصادية والأوضاع الإنسانية المتردية التي تعيشها فنزويلا، محط اهتمام اعلامي واسع وقد أثارت الانتخابات الاخيرة التي فاز بها نيكولاس مادورو بولاية ثانية تبقيه رئيسا لفنزويلا لمدة ست سنوات قادمة حتى عام 2025، العديد من ردود الأفعال على الصعيد الداخلي والدولي، وهو ما ينذر بدخول فنزويلا في معترك جديد...
ماتزال الأزمات السياسية والاقتصادية والأوضاع الإنسانية المتردية التي تعيشها فنزويلا، محط اهتمام اعلامي واسع وقد أثارت الانتخابات الاخيرة التي فاز بها نيكولاس مادورو بولاية ثانية تبقيه رئيسا لفنزويلا لمدة ست سنوات قادمة حتى عام 2025 وكما نقلت بعض المصادر، العديد من ردود الأفعال على الصعيد الداخلي والدولي، وهو ما ينذر بدخول فنزويلا في معترك جديد، يضاف إلى جملة المصاعب والعقبات التي تعانيها منذ عدة سنوات على كافة المستويات سواء الاجتماعية أو الإقتصادية والتي أدت بها إلى الوصول إلى حافة الانهيار والإفلاس.
ومابين إدانات دولية ومقاطعة المعارضة، أعلن المجلس الوطني للانتخابات في فنزويلا فوز الرئيس المنتهية ولايته نيكولاس مادورو (55 عاما)، و أنه استنادا إلى نتائج فرز 90% من الأصوات فقد حصل مادورو على 6.19 مليون صوت بنحو67.7% من الأصوات، متقدما بفارق شاسع عن منافسه هنري فالكون(56 عاما) الذي حصل على 21٫2% من الأصوات ودعي نحو عشرين مليون فنزويلي للمشاركة في هذه الانتخابات الرئاسية المبكرة، ولكن قاطع الانتخابات 52% من الناخبين المسجلين وهى أعلى نسبة مقاطعة منذ اعتماد النظام الديمقراطي في 1958، كما أن نسبة الإقبال على التصويت بلغت 46% فى مقابل 80 % فى الانتخابات الرئاسية السابقة في 2013.
وعلى الصعيد الدولي تفاقمت الأزمة وسط تنديدات ورفض وفرض عقوبات وعزلة وتهديدات عسكرية، وردود أفعال من كافة الأطراف، فلقد أمر مادورو بطرد القائم بالأعمال الأمريكي تود روبنسون وبريان نارانجو وهو دبلوماسى كبير آخر وطلب منهما مغادرة فنزويلا. بعدما فرضت أمريكا عقوبات اقتصادية جديدة على بلاده بعد إعادة انتخابه، ورفضها الاعتراف بالانتخابات، فيما وصفه مادورو بأنها «مؤامرة وتدخل في الشئون الاقتصادية والسياسية لفنزويلا». وهددت واشنطن بالرد بالمثل على طرد القائم بالأعمال الأمريكي. وللمرة الأولى ربطت واشنطن بين مادورو وتجارة المخدرات.
وقال ترامب في بيان «ندعو نظام مادورو إلى استعادة الديمقراطية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة وإطلاق سراح كل السجناء السياسيين فورا وبدون شروط وإنهاء القمع والحرمان الاقتصادي لشعب فنزويلا». وذلك بعد أصداره أمرا تنفيذيا يقيد قدرة فنزويلا على تسييل الأصول المملوكة وفرض مزيد من العزلة الاقتصادية، وهددت الولايات المتحدة التي وصفت التصويت بأنه «عار ومهزلة» بفرض حظر على قطاع النفط حيث تستورد ثلث النفط الخام الفنزويلي، كما حظرت على الأمريكيين التعامل بالديون الفنزويلية.
وكذلك جاء رد فعل دول الاتحاد الأوروبي رافضا للانتخابات، حيث يفرض عقوبات على غالبية المسئولين الحكوميين الفنزويليين، كما ندد بتجاوزات عديدة شابت الانتخابات الرئاسية في فنزويلا، وقالت منسقة السياسة الخارجية للاتحاد فيديريكا موجيريني فى بيان إن «الاتحاد الأوروبى ينظر في فرض عقوبات»، وأن هناك «عوائق كبيرة أمام مشاركة أحزاب سياسية في المعارضة وقادتها» و«تجاوزات عديدة تخللت يوم الانتخابات بما فيها شراء أصوات». ولكن مادور أتهم الاتحاد الأوروبي بأن لديه أفكارا مسبقة عن الانتخابات فضلوا الغرق فيها وأصدار أحكام لا أساس لها.
جرائم ضد الانسانية
وفي هذا الشأن توصلت لجنة خبراء مستقلين الى "أسباب معقولة" لإحالة فنزويلا الى المحكمة الجنائية الدولية بسبب احتمال ارتكاب جرائم ضد الانسانية هناك، وفق ما أفادت منظمة الدول الأميركية. وذكر تقرير أعدته المنظمة ان الخبراء حددوا أكثر من 8 آلاف و292 حالة "اعدام خارج القانون" منذ عام 2015، "غالبا ما تكون نتيجة مداهمات غير قانونية وعنيفة للمنازل تقوم بها قوات أمنية متنوعة حيث يتم فبركة مواجهات مزيفة لتبرير اعدامات سريعة لشبان بشكل عام".
وحدد التقرير 11 رجلا بينهم الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ونائبه طارق العيسمي كمخططين لعمليات القمع. وقال الحقوقي سانتياغو كانتون من الأرجنتين وهو أحد معدي التقرير "مادورو قد ينتهي الامر به في السجن". وتتضمن توصيات الخبراء فتح تحقيق في جرائم محتملة ضد الانسانية في فنزويلا وتقديم تقرير الى المحكمة الجنائية الدولية. وتجد اللجنة ان هناك "اسبابا معقولة (...) للأخذ بالاعتبار ان الأفعال التي تعرض لها الشعب الفنزويلي والتي تعود على الاقل الى 22 شباط/فبراير عام 2014 تشكّل جرائم ضد الانسانية".
ويقول التقرير ان 131 شخصا قتلوا خلال تظاهرات ضد مادورو منذ عام 2014. ويشير الى ان "التكتيكات المستخدمة تظهر نمطا واضحا من نية القتل، يتضح من مكان الضربة القاتلة (اجزاء حيوية من الجسم وخاصة طلقات في الرأس والعنق) واستخدام ذخيرة حية ومعدّلة، والمدى القريب الذي ترتكب فيه هذه الأفعال". وبالاضافة الى ذلك قال التقرير ان أكثر من 12 ألف فنزويلي اعتقلوا اعتباطيا منذ الانتخابات الرئاسية عام 2013 عندما تم انتخاب مادورو كرئيس لخلافة الراحل هوغو شافيز. كما تم احتجاز أكثر من 1300 شخص كسجناء سياسيين في نفس الفترة. بحسب فرانس برس.
ويعتبر رئيس منظمة الدول الأميركية الأورغوياني لويس ألماغرو من المعارضين العلنيين لمادورو، وهو يشير الى فنزويلا على انها "ديكتاتورية". ويقول التقرير ان "النظام استمر بانتخابات مزورة ويتصرف بحصانة دون خوف من العقاب، وشعب فنزويلا يتحمل التخويف المتصاعد والقمع والخوف والاعتداءات". وقال بيان لبعثة فنزويلا في المنظمة ان التقرير "مهزلة اعلامية مضحكة"، وشكك بامكان ان يملك الماغرو صلاحية اعطاء الأمر باعداد مثل هذه الوثيقة او البحث.
المعارضة والضغوط الدولية
في السياق ذاته أعلنت السلطات في فنزويلا الإفراج عن أربعين معتقل بجنح سياسية ومعظمهم من معارضي الرئيس نيكولاس مادورو بناء على قرار لرئيس الدولة. يتزامن هذا الإجراء مع ضغوط دولية كبيرة يتعرض لها مادورو بعد إعادة انتخابه المثيرة للجدل، لولاية رئاسية جديدة. وتؤكد منظمة فورو بينال غير الحكومية أن في فنزويلا حوالي 350 "سجينا سياسيا"، إلا أن الحكومة الاشتراكية تنفي ذلك.
وفي احتفال رسمي، قالت رئيسة الجمعية التأسيسية ديلسي رودريغيز لبعض السجناء الذين أفرج عنهم "أنتم المجموعة الأولى التي تستفيد من هذه التدابير. ودعت رودريغيز، أمام هؤلاء المعارضين، إلى حل الأزمة التي تشهدها فنزويلا داخليا من دون ضغوط خارجية. وقالت "يتعين علينا أن نحل خلافاتنا من دون أي نوع من التدخلات". وأعلنت المحكمة العليا في البداية أن 39 سجينا أخلي سبيلهم. وفي وقت لاحق، أعلن الإفراج عن الجنرال المتقاعد أنخيل فيفاس، ليرتفع عدد الذين أفرج عنهم الجمعة إلى أربعين سجينا.
وبين الذين أفرج عنهم الجمعة دانيال سيبالوس (34 عاما) رئيس البلدية السابق لسان كريستوبال (غرب فنزويلا)، الذي أوقف في آذار/مارس 2014 خلال احتجاجات ضد رئيس الدولة الاشتراكي. وكان سيبالوس قد شارك قبل أيام في تمرد "سلمي" في سجن أجهزة الاستخبارات للمطالبة بالإفراج عن السجناء. لكن يتعين على العمدة السابق المثول شهريا أمام السلطات وهو ممنوع من مغادرة فنزويلا والتحدث على شبكات التواصل الاجتماعي، كما قال رئيس المحكمة العليا مايكل مورينو الذي أوضح أن بنود إخلاء السبيل تختلف حسب ملفات السجناء السابقين. بحسب فرانس برس.
وأخلي سبيل 14 متظاهرا مسجونا منذ نيسان/أبريل، كما ذكرت منظمة غير حكومية، غداة قسم نيكولاس مادورو اليمين لولاية ثانية. وتحتج الأسرة الدولية بشدة على إعادة انتخابه في 20 أيار/مايو. وأمام الجمعية التأسيسية المؤلفة فقط من أنصاره، اقترح مادورو الإفراج عن معارضين مسجونين "من أجل تجاوز الجروح التي خلفتها التظاهرات والمؤامرات".
من جانب اخر رحّب الرئيس الاميركي دونالد ترامب بافراج فنزويلا عن المبشّر الاميركي جوشوا هولت بعد قضائه نحو سنتين في السجن، وأعرب عن سروره لان السجين السابق في طريق العودة الى بلاده حيث سيتم استقباله في البيت الابيض. ويأتي الافراج عن هولت غداة زيارة رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي بوب كوركر لكراكاس حيث التقى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.
ورحّب سناتور يوتاه اورين هاتش بـ"الجهود المحورية" التي بذلها كوركر من اجل ضمان الافراج عن هولت، مضيفا ان المبشّر، وهو من سكان ولاية يوتاه، في طريقه للعودة الى بلاده. وكتب ترامب في تغريدة على تويتر "نبأ سار مع الافراج عن الرهينة الاميركي في فنزويلا"، ولم يكشف ترامب في بادئ الامر اسم هولت، الا انه فعل ذلك في تغريدة لاحقة. وكان هولت، وهو مبشّر من طائفة المورمون، معتقلا داخل سجن هيليكويد في كراكاس، حيث تعتقل الاستخبارات الفنزويلية "سيبين" السجناء السياسيين.
وقد اوقف بعيد وصوله الى فنزويلا في حزيران/يونيو 2016 بتهمة حيازة اسلحة والتخطيط لزعزعة حكومة مادورو. ووصفه كبار المسؤولين في الحكومة الاشتراكية الفنزويلية بالجاسوس الاميركي. وظهر هولت في تسجيل فيديو نشر على تويتر يطلب فيه المساعدة خلال احتجاج لسجناء المعارضة الذين يحتجزهم جهاز الاستخبارات الفنزويلي في هيليكويد. وقال هولت في التسجيل "انا اتوجه الى الشعب الاميركي. احتاج الى مساعدتكم لاخراجي من هذا المكان". كذلك ظهر هولت في صورة جماعية مع سجناء آخرين في مركز الاعتقال.
عقوبات أوروبية جديدة
من جهة اخرى اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على تبني عقوبات جديدة "بشكل سريع" بحق المسؤولين الفنزويليين الذين شاركوا في عملية إعادة انتخاب الرئيس نيكولاس مادورو التي اعتبروا أنها "تفتقد إلى المصداقية". ويأتي التحرك بعدما أفاد الاتحاد الأوروبي أنه سينظر في اتخاذ اجراءات جديدة لان الانتخابات فشلت في الالتزام بـ"الحد الأدنى من المعايير الدولية" وبسبب تسجيل "مخالفات عديدة" خلال الاقتراع.
وقال الوزراء في اتفاقهم الرسمي إن "الاتحاد الأوروبي سيتحرك بشكل سريع وفقا للاجراءات المعتمدة بهدف فرض مزيد من الاجراءات المحددة الاهداف والتقييدية التي يمكن العودة عنها والتي لا تضر سكان فنزويلا الذي يرغب الاتحاد الأوروبي برفع المعاناة عنهم". وأضافوا أن "الانتخابات ونتائجها افتقدت إلى المصداقية فيما لم تتضمن العملية الضمانات الضرورية من أجل اجراء انتخابات شاملة لجميع الأطراف وديموقراطية". بحسب فرانس برس.
وفاز مادورو بـ68 بالمئة من الأصوات في انتخابات أيار/مايو التي قاطعتها المعارضة ونددت بها معظم دول العالم التي اعتبرتها غير شرعية. واتهمت فنزويلا الاتحاد الأوروبي بتبني "أحكام مسبقة" حيال الانتخابات التي جرت وأشارت إلى أن التكتل رفض الدعوة لإرسال مراقبين. وحذرت بروكسل في نيسان/ابريل من أنها ستفكر في فرض عقوبات إضافية على فنزويلا في حال لم تكن الانتخابات عادلة. وفي كانون الثاني/يناير، أضافت أوروبا سبعة مسؤولين فنزويليين بينهم وزير الداخلية إلى قائمتها السوداء للشخصيات التي تم فرض عقوبات عليها، بعدما فرضت حظرا في الأسلحة والمعدات التي يمكن استخدامها في القمع السياسي على كراكاس في تشرين الثاني/نوفمبر.
اضف تعليق