زادت شبه جزيرة القرم صادراتها من الحبوب إلى سوريا على مدار العام الأخير فيما يتيح لها منفذا لتصريف فائض محصولها ويضمن للرئيس السوري بشار الأسد مصدرا للقمح يمكن التعويل عليه...
(رويترز) - زادت شبه جزيرة القرم صادراتها من الحبوب إلى سوريا على مدار العام الأخير فيما يتيح لها منفذا لتصريف فائض محصولها ويضمن للرئيس السوري بشار الأسد مصدرا للقمح يمكن التعويل عليه.
وأظهرت بيانات الموانيء وتتبع السفن التي اطلعت عليها رويترز وأكدتها مصادر ملاحية أن الشحنات بدأت تزداد في منتصف العام الماضي وأن عشر سفن على الأقل نقلت ما لا يقل عن 170 ألف طن من الحبوب إلى سوريا بين يوليو تموز 2017 ومايو أيار 2018.
وتسهم الزيادة الأخيرة في شحنات الحبوب من القرم في تدعيم حكومة الأسد إذ أن استمرار شحنات القمح يعد ضروريا لتوفير رغيف الخبز المدعم الذي يعتمد كثير من السوريين عليه في غذائهم.
وكان إنتاج القمح المحلي في سوريا قد تأثر بالقتال في مناطق زراعته الرئيسية الأمر الذي أرغم الحكومة على الاعتماد على الواردات رغم شح السيولة المالية.
وعلى الرغم من أن العقوبات الغربية السارية على سوريا لا تفرض قيودا على المواد الغذائية فإن العقوبات المصرفية وتجميد الأرصدة يجعل من الصعب على بعض شركات تجارة الحبوب التعامل مع حكومة الرئيس السوري التي لم تستكمل عددا من مناقصات القمح الكبرى، كذلك فإن شبه جزيرة القرم تخضع لعقوبات غربية منذ أن ضمتها روسيا من أوكرانيا عام 2014 وتم استبعادها من كثير من أسواق التصدير الأمر الذي جعل سوريا شريكا تجاريا مثاليا لها خاصة وأنها مستعدة لاستقبال سلع من سوريا مثل زيت الزيتون مقابل القمح.
وقال جورجي مرادوف نائب رئيس وزراء القرم لرويترز ”ليست لدينا أي مشاكل مع عدد من الدول ومنها سوريا“، وكانت روسيا، ثاني أكبر مصدر للقمح في العالم، قد تدخلت عسكريا في الصراع السوري في 2015 للمساعدة في ترجيح كفة الأسد وعملت على تزويد الحكومة بالحبوب في إطار المساعدات الإنسانية.
كما قالت سوريا في سبتمبر أيلول إنها أبرمت صفقة لشراء ثلاثة ملايين طن من القمح من روسيا على ثلاث سنوات وتسعى للحصول على تمويل ائتماني من موسكو إلا أن بيانات الجمارك الروسية تشير إلى أنه لم يتم تصدير أي كميات من القمح الروسي.
وقالت مصادر بصناعة الحبوب الروسية إن ذلك ربما يرجع إلى أن روسيا تريد أن تتحاشى تعريض تجارة القمح للخطر بالتعامل مع سوريا في حين أن إمدادات المساعدات الرئيسية قد تثقل كاهل ميزانيتها وتقلل إيرادات تصدير القمح.
تزايد الصادرات
قالت وزارة الزراعة الروسية لرويترز ردا على طلب التعليق على زيادة صادرات القمح من القرم إن القطاع الزراعي في شبه جزيرة القرم تلقى حوالي 2.4 مليار روبل (38 مليون دولار) دعما من الدولة الروسية على مدار السنوات الثلاث وإن ذلك أدى إلى التوسع في استخدام التكنولوجيا الحديثة وزيادة الغلة.
وقالت الوزارة الروسية ”بسبب النمو الكبير للمحصول استطاعت القرم تغطية الاحتياجات المحلية لمواطني الجمهورية وتصدير فائض القمح“.
وبالنسبة للقرم الخاضعة للسيطرة الروسية فإن التعامل التجاري مع سوريا باستخدام سفن سورية في القوائم السوداء وسفن أخرى يعني أن بوسعها تفريغ الحبوب التي لا يمكن تصديرها إلى أماكن أخرى بسبب العقوبات الغربية وفي الوقت نفسه تتيح للأسد خطا آخر للإمدادات، وتنتج القرم حوالي 1.4 مليون طن من القمح كل عام ويتبقى للتصدير حوالي مليون طن رغم أن جفاف الطقس قد يؤدي لانخفاض المحصول هذا العام.
وقالت المصادر الروسية إن روسيا تحرص أيضا على تنظيم شبه الجزيرة لتجارتها لتقليل العبء المالي عليها، وقال أحد المصادر إن من غير الواضح مصدر تمويل الشحنات السورية التي أضاف أنها مكنت شبه جزيرة القرم من زيادة نشاطها في موانيها المطلة على البحر الأسود بعد أن توقفت الشركات الدولية عن التعامل معها عندما فُرضت عليها العقوبات.
وتوضح بيانات شبه رسمية في القرم اطلعت عليها رويترز أن صادرات شبه الجزيرة من الحبوب بلغت 428500 طن أغلبها من القمح في النصف الثاني من العام 2017 بزيادة كبيرة عن صادرات موسم 2017-2016 كله والتي بلغت 288 ألف طن.
وتظهر بيانات الموانيء وتتبع حركة السفن أن عددا من السفن الناقلة للحبوب من القرم أفرغت شحنات مباشرة في موانيء سورية خاصة في طرطوس التي توجد فيها قاعدة بحرية روسية، وقال مصادر ملاحية طلبت عدم نشر أسمائها إن شحنات أخرى وصلت إلى لبنان وتم نقلها بعد ذلك إلى سوريا، وأوضحت بيانات الموانيء للفترة يوليو تموز-ديسمبر كانون الأول 2017 أن لبنان كان أكبر مشتر للحبوب من القرم إذ اشترى 175 ألف طن. وجاءت سوريا في المركز الثاني برصيد 75 ألف طن وتركيا في المركز الثالث. ولم تتوفر على الفور بيانات للعام 2018، ولم تتلق رويترز ردا على الفور من السلطات في لبنان وسوريا على طلبات للتعليق، وأظهرت بيانات تتبع السفن أن عدد شحنات الحبوب لسوريا كان قليلا في السنوات التي أعقبت ضم روسيا للقرم وبلغت الكمية في المتوسط 70 ألف طن في السنة.
خطوط اتصال
وفي بادرة أخرى على توثيق العلاقات بين القرم وسوريا قال مسؤولون محليون في مدينة سيفاستوبول حيث يوجد ميناء هذا الشهر إنهم يعتزمون توقيع اتفاق مع طرطوس في 29 يوليو تموز لانشاء خط اتصال دائم.
ونسب هذا الشهر إلى فلاديمير بازاروف نائب محافظ سيفاستوبول قوله بعد زيارة لسوريا ”الاتصال المتواصل تحقق بالفعل بين ميناءي سيفاستوبول وطرطوس بسبب إمدادات الحبوب لسوريا“، وقال إن موانيء القرم تعمل فقط بما بين 20 و30 في المئة من طاقتها بسبب العقوبات الغربية وتريد إيجاد أسواق تصدير أكثر في الوقت الذي تحتاج سوريا فيه لمنتجات مثل المعادن ومواد البناء.
وفي مناسبة نظمت في سيفاستوبول الأسبوع الماضي للترويج لصادرات القرم إلى سوريا تم تحميل 3800 طن من الحبوب على سفينة شحن. وقال ديمتري أوفسيانيكوف حاكم المدينة للصحفيين إن من المتوقع إرسال مزيد من الشحنات إلى سوريا على أساس منتظم لتوريد 200 ألف طن من الحبوب على مدار السنة المقبلة.
وقال أوفسيانيكوف ”وتيرة تطور التعاون في هذا المجال بهذا المستوى الطيب في سيفاستوبول فقط لأن لدينا الطاقة الاستيعابية في الميناء كما أن أسطول البحر الأسود يرابط في طرطوس ومن ثم فمن الأسهل لنا تنظيم هذه الأمور اللوجستية“، وقال مسؤولان إنه في ضوء عدم استطاعة سوريا دفع ثمن الحبوب فإنها سترسل كميات من زيت الزيتون والخضر إلى القرم بدلا من ذلك.
وتقول أوكرانيا إن الشحنات المنقولة من القرم تنتهك العقوبات الغربية. وقد شكت للمنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة في لندن وطلبت من الدول الأعضاء شطب السفن المشاركة في نقل الشحنات.
وقالت ناتاليا جاليبارينكو مندوبة أوكرانيا الدائمة بالمنظمة البحرية الدولية لرويترز ”لعبة القط والفأر حول نشاط الملاحة المخالف للقانون في القرم أبعد ما تكون عن النهاية“، وأضافت ”الجزء الشمالي من البحر الأسود تحول حرفيا إلى ’منطقة رمادية‘ بالنسبة للملاحة الدولية“، وقال مرادوف نائب رئيس وزراء القرم إن شبه الجزيرة لا تعترف بالعقوبات الغربية.
اضف تعليق