ان التحالفات النهائية والثابتة تعلن بعد إكمال العد والفرز اليدوي ومصادقة المحكمة الاتحادية على النتائج والامر سيستغرق وقتا طويلا، لكن من المحتمل دخول دولة القانون والنصر الى التحالف ليعاد ترتيب البيت الشيعي مجددا وسط محاولات في الطرف الأخر لترتيب البيت السني والبيت الكردي...
اعلن تحالفا سائرون بزعامة السيد مقتدى الصدر والفتح بزعامة هادي العامري القريب من إيران الدخول في تحالف سياسي لتشكيل ائتلاف يقود العراق خلال السنوات الأربع المقبلة، وقال الصدر في مؤتمر صحافي مشترك مع العامري من مدينة النجف، إن الاجتماع كان إيجابيا للغاية وإنهما اجتمعا بهدف إنهاء معاناة البلاد. وأضاف أن التحالف الجديد يهدف "للإسراع في تشكيل حكومة ضمن أطر وطنية". وتابع أن "تحالف الفتح مع سائرون يحافظ على التحالف الثلاثي بين سائرون والحكمة والوطنية".
وفي الأسبوع الماضي وقع الصدر اتفاقا لتشكيل تحالف باسم "الوطنية الأبوية" يجمع "سائرون" وقائمة "الوطنية" التي يتزعمها نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي ويشارك فيها عدد كبير من النواب السنة وقائمة "الحكمة" بزعامة السيد عمار الحكيم.
وبهذا الإعلان يكون مجموع مقاعد التحالف الجديد بين الصدر والعامري 101 مقعدا في البرلمان العراقي المؤلف من 329 مقعدا، وبات يحتاج إلى 64 مقعدا للحصول على الأغلبية وتشكيل الحكومة.
ودخل الصدر في الانتخابات التي جرت في أيار/مايو الماضي في قائمة موحدة ضمت الحزب الشيوعي ومرشحين علمانيين آخرين وأطلق عليها اسم "قائمة سائرون". في المقابل يتألف تحالف الفتح الذي قاده العامري في الانتخابات من جماعات سياسية مرتبطة بفصائل في الحشد الشعبي ومقربة من إيران.
ويأتي إعلان تحالف الصدر-العامري بعد ساعات من دعوة رئيس الوزراء حيدر العبادي السياسيين إلى مواصلة التشاور بشأن تشكيل الحكومة. كما أنه يأتي في ظل اتهامات لمفوضية الانتخابات بالتلاعب بالنتائج ودعوات صدرت من عدة قوى سياسية لإعادة الانتخابات أو إجراء فرز يدوي للأصوات.
حيرة الحزب الشيوعي
وأبدى "الحزب الشيوعي العراقي" "ملاحظات" حول تحالف "سائرون"، الذي يجمعه بالتيار الصدري وقوى مدنية أخرى، عقب إعلان "سائرون" تحالفه مع "الفتح"، الذي يضمّ "الحشد الشعبي"، ويتشاور حاليا أعضاء أقدم حزب في العراق من أجل التوصل إلى قرارٍ نهائي بشأن التوافق مع قادة "الحشد"، الذين يختلفون فكرياً مع المبادئ الشيوعية.
وقال عضو الحزب الشيوعي العراقي، ياسر السالم في تصريح لصحيفة "العربي الجديد" إن الحزب "اجتمع لأكثر من مرة، خلال الساعات الماضية، عقب إعلان مقتدى الصدر تحالفه مع الفتح، في مدينة النجف، من أجل المداولة والنقاش حول مستقبل الحزب داخل سائرون".
وأضاف أن "هناك آراء مختلفة لدى قادة الحزب، وهي في اتجاه التبلور ومن ثم الإعلان الرسمي"، مشيراً إلى أن "الحزب لديه ملاحظات حول التحالف مع الفتح، والموقف الجديد الذي بدَر من الصدر ونحن جزء من سائرون، وحين يكون لنا موقف من التحالف مع جهة معينة، فسيكون لنا موقف من تحالفنا سائرون أيضاً".
ونفى السالم، "توجه الحزب الشيوعي للانسحاب من سائرون"، مبيناً أن "هناك من يقول إن الحزب يشهد خلافات كبيرة، وهذا غير صحيح، لدينا ملاحظات ستصدر في بيان رسمي، خلال الوقت القليل المقبل".
نواة الكتلة الأكبر
وأكد تحالف سائرون الذي يحظى بدعم وتأييد زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، الأربعاء، أن تحالفه مع "الفتح”" يأتي في إطار الانفتاح على الجميع من أجل تكوين الكتلة الأكبر. وقال الناطق باسم التحالف قحطان الجبوري في تصريح اوردته صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية ن "ما تم الإعلان عنه إنما يأتي في سياق الجهود التي يبذلها السيد مقتدى الصدر الذي تولى طوال السنوات الماضية الدفع باتجاه عملية الإصلاح والتغيير".
وأضاف الجبوري، أن "هذا التحالف يأتي أيضاً في إطار الانفتاح على الجميع من أجل تكوين الكتلة الأكبر التي تنبثق عنها حكومة أبوية شاملة".
وجاء التحالف الذي أعلن عنه ليلة الأربعاء بين تحالف "سائرون" و"الفتح" ليضع حجر عثرة أمام طموح رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بتولي ولاية ثانية.
واكد عضو في "سائرون" أن "الاندماج مع "الفتح" يعني أن التحالف الجديد أصبح لديه 101 مقعد"، موضحاً أن هذا العدد من المقاعد "سيمكن "سائرون" من الانطلاق بثقة نحو مفاوضات تشكيل الكتلة البرلمانية الكبرى، التي يحق لها ترشيح رئيس الوزراء الجديد".
وأضاف "سبق لسائرون أن وقع على تحالف أولي مع ائتلاف الوطنية بزعامة نائب الرئيس العراقي إياد علاوي، والذي حصل على 21 مقعداً برلمانياً، وتيار الحكمة برئاسة عمار الحكيم الذي حصل على 19 مقعداً". بحسب صحيفة العربي الجديد.
وتابعت الصحيفة عن العضو بـ"سائرون"، أنه "في هذه الحالة، يصبح تحالفنا هو الأكبر لغاية الآن بحصوله على 141 مقعداً، عدا الكتل الصغيرة التي قد تنضم لاحقاً"، مؤكداً أن صورة تحالف الكتلة الكبرى أصبحت شبه مكتملة.
وتوقع أن يكون ترشيح رئيس الوزراء المقبل محصوراً بين كتلتي "الفتح" و"سائرون"، مستبعداً أن يكون لرئيس الوزراء حيدر العبادي أية حظوظ في تولي ولاية ثانية "لأنه خارج تحالف الكتلة الكبرى، وحتى إن انضم لاحقاً، فإن تحالفه النصر سيلتزم بشروط الكتلة الكبرى".
لماذا استبعد العبادي؟
ورأى المحلل السياسي علي حسين الجبوري أن المواقف الأخيرة للعبادي والمتعلقة بنتائج الانتخابات التشريعية هي التي أبعدته عن "سائرون"، موضحا في تصريح صحفي أن التيار الصدري كان غير راضٍ على خطوات مجلس الوزراء الأخيرة، التي أوصى فيها بإلغاء انتخابات النازحين والخارج، وإعادة العد والفرز يدويا، وتجميد عمل مفوضية الانتخابات".
وقال الجبوري إن "الصدريين يعتقدون أنهم مستهدفون في محاولات إعادة العد والفرز يدويا"، مرجحاً أن يكون تحالف "سائرون" مع "الفتح" ردة فعل على موقف العبادي.
كما أشار إلى أن زيارة مسؤولين إيرانيين من بينهم قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني إلى العراق مؤخراً، كان لها الأثر الواضح في مسألة التقريب بين الصدر وفصائل الحشد الشعبي، التي كان بعضها يوصف بالمليشيات الوقحة من قبل زعيم التيار الصدري".
وفي السياق قلل المحلل السياسي واثق الهاشمي، الأربعاء، من قيمة التحالفات الحالية وقال إن "تحالف سائرون والفتح سبقه تحالف سائرون والحكمة والوطنية وجميعها تحالفات هشة وغير ثابتة ومن المحتمل ان تحصل فيها متغيرات خلال الفترة المقبلة".
القانون وسائرون في تحالف واحد!
وأضاف الهاشمي أن "التحالفات النهائية والثابتة تعلن بعد إكمال العد والفرز اليدوي ومصادقة المحكمة الاتحادية على النتائج والامر سيستغرق وقتا طويلا"، وتابع انه "من المحتمل دخول دولة القانون والنصر الى التحالف ليعاد ترتيب البيت الشيعي مجددا وسط محاولات في الطرف الأخر لترتيب البيت السني والبيت الكردي"، مشيرا الى ان "الحكومة المقبلة ستعود بثوب المشاركة الوطنية والمحاصصة بمسميات أخرى ولا وجود للأغلبية السياسية وغيرها من المسميات".
وتتفق رؤية الهاشمي مع ما ذهب اليه عضو المكتب السياسي لحركة العصائب محمود الربيعي الذي قال رجح "دخول زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ضمن تحالف سائرون والفتح خلال الأيام القادمة".
واضاف إن "الأمين العام لحركة العصائب قيس الخزعلي بحث مع نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي يوم الاثنين، دخوله ضمن تحالف الفتح وسائرون لتشكيل الكتلة الأكبر والذهاب الى تشكل الحكومة المقبلة"، مبينا ان "لقاء الخزعلي والمالكي وصل الى تفاهم جيد وتطابق في وجهات النظر".
احباط سعودي
وبإعلان الصدر تحالفه مع الفتح، يكون خالف كل التوقعات التي كانت ترى انه ينتهج طريقها معارضا بشدة لإيران وحلفائها في العراق، وهو ما جعله عرضة لاتهامات من قوى شيعية بالتبعية للسعودية وقيادة مخطط لتفكيك البيت الشيعي.
فزعيم الفتح هادي العامري يعتبر أحد أكثر المقربين من ايران وهو ما جعل مراقبين يرون أن السعودية فشلت في جرّ العراق لصفها.
الإعلامي السعودي المعروف جمال خاشقجي علق في تغريدة له على "تويتر" قائلاً: "تحالف الصدر والعامري محبط لمن طار بخبر عودة العراق لحضنه العربي وكذا، هذا حال من يستعجل النتائج ويعيش في وهم انتصارات العالم الافتراضي".
واستطرد قائلاً: "لا يعني هذا اليأس وإنما التحول للواقعية السياسية والاستمرار في الانفتاح على العراق مع الصبر وحسن التدبير".
اضف تعليق