تطورات ميدانية مهمة تشهدها الحرب في اليمن، حيث شهدت الفترة الاخيرة تصعيد عسكري كبير من قبل القوات اليمنية الموالية لعبد ربه منصور هادي، التي تشن اليوم بحسب بعض المصادر، هجمات عسكرية بإسناد ودعم مباشر من الجيش الإماراتي على مدينة الحديدة. والإمارات التي تعد الشريك الرئيسي للسعودية في التحالف العربي في اليمن، جمعت في بداية 2018 ثلاث قوى غير متجانسة ضمن قوة واحدة...

تطورات ميدانية مهمة تشهدها الحرب في اليمن، حيث شهدت الفترة الاخيرة تصعيد عسكري كبير من قبل القوات اليمنية الموالية لعبد ربه منصور هادي، التي تشن اليوم بحسب بعض المصادر، هجمات عسكرية بإسناد ودعم مباشر من الجيش الإماراتي على مدينة الحديدة. والإمارات التي تعد الشريك الرئيسي للسعودية في التحالف العربي في اليمن، جمعت في بداية 2018 ثلاث قوى غير متجانسة ضمن قوة واحدة، ووجهتها لشن حملة عسكرية ضد الحوثيين لاستعادة مدينة الحديدة من سيطرة انصار الله. وتتهم الإمارات بأن لها خططا سرية للهيمنة على ثروات اليمن، وفرض الوصاية على قراره السياسي، الأمر الذي تنفيه أبو ظبي، وسبق أن وصف هادي الإمارات بعد توتر بالعلاقات بـ"الاستعمار الغبي".

وأثير الجدل حول الدور الإماراتي لا سيما بعد الفضيحة التي كشفتها منظمة "هيومن رايتس" وتفيد بأن للإمارات سجونا سرية في اليمن، إلى جانب اتهامات بأنها تسعى للهيمنة على ثروات اليمن ومقدراته، وبأنها تدعم الانفصال جنوب اليمن. يأتي ذلك في حين انتقدت الأمم المتحدة بشكل متكرر العملية التي يقودها التحالف العربي في مدينة الحديدة، وحذرت من أن أي عملية تهدف إلى الاستيلاء على الحديدة ستعطل دخول شحنات المساعدات إلى اليمن ، إذ إن 70 في المئة منها تتدفق عبر الميناء الذي يسيطر عليه الحوثيون.

وحذر مسؤولو الأمم المتحدة من أن الهجوم على الحديدة، التي يقارب عدد سكانها 600 ألف، سيسبب كارثة إنسانية. وتقوم خطة طوارئ أعدتها المنظمة الدولية على أن عشرات الآلاف قد يموتون في أسوأ الاحتمالات، وهو حصار طويل الأمد. وقال مسؤول غربي، شريطة عدم الكشف عن هويته: "فيما يتعلق بعملية (للسيطرة) على الحديدة، نحن واضحون تماما في أننا نريد المشاركة على المسار السياسي"، مضيفا أن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث "لديه الآن أفضل فرصة تتاح لأحد منذ فترة.. في دفعه (المسار السياسي) قدما".

وذكر متحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض أن واشنطن تعارض أي جهود من جانب الإمارات والقوات اليمنية التي تساندها للسيطرة على المدنية. وقال "الولايات المتحدة واضحة وثابتة على مبدأ أننا لن ندعم أي أعمال من شأنها أن تدمر البنية الأساسية الرئيسية أو يحتمل أن تزيد من تدهور الوضع الإنساني الرهيب الذي اتسع نطاقه في هذا الصراع المتأزم". وشن تحالف تقوده السعودية ويدعمه الغرب ضربات جوية على حركة الحوثي المسلحة في الحرب الدائرة منذ عام 2015 لإعادة الحكومة المعترف بها دوليا إلى اليمن. وتقول الأمم المتحدة إن الصراع أسفر عن مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص ونزوح نحو ثلاثة ملايين من السكان داخليا وسبب أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

هجوم اماراتي

وفي هذا الشأن اعتبرت الامارات ان القوات اليمنية التي تدعمها في هذا البلد في مواجهة الحوثيين، أصبحت على أعتاب "نصر قريب" مع تقدمها نحو مدينة الحديدة الاستراتيجية غرب البلد الغارق في نزاع مسلح منذ سنوات. وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش في حسابه بتويتر "ونحن نتابع التقدم الملحمي تجاه الحديدة لنا الحق أن نفخر بجيش الإمارات"، الشريك الرئيسي في قيادة التحالف العسكري في البلد الفقير. وأضاف "نعم امتحان اليمن كان ويبقى عسيرا ولكنه الإبتلاء الذي لا خيار دون مواجهته". وتابع "ابشروا فالنصر قريب".

ويدور نزاع مسلح في اليمن منذ سنوات بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا والحوثيين الذين يسيطرون على صنعاء والحديدة ومناطق اخرى. وتدخلت السعودية على رأس تحالف عسكري في آذار/مارس 2015 دعما للسلطة المعترف بها. وفي بداية 2018 اطلقت قوات يمنية بدعم اماراتي عملية واسعة على الساحل الغربي لليمن في محاولته لاستعادته بالكامل، وخصوصا مدينة الحديدة المطلة على البحر الاحمر. بحسب فرانس برس.

وكان التحالف أعلن وصول القوات الموالية للحكومة والمدعومة منه الى منطقة تبعد 20 كلم عن جنوب مدينة الحديدة إثر معارك ضارية خاضتها مع المتمردين. وتقع مدينة الحديدة غرب صنعاء على بعد نحو 230 كلم وتضم مطارا وميناء رئيسيا تمر عبره غالبية المساعدات والمواد الغذائية. لكن التحالف العسكري يقول ان الميناء يشكل منطلقاً لعمليات عسكرية يشنّها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر، ومعبرا لتهريب الصواريخ التي تطلق على السعودية المجاورة من الاراضي اليمنية بشكل مكثّف منذ نهاية العام الماضي.

الى جانب ذلك أكد عبد الملك الحوثي أن الحوثيين قادرون على افشال أي عملية عسكرية قد يشنّها التحالف بقيادة السعودية على جنوب ميناء الحديدة الاستراتيجي. وقال الحوثي في خطاب تلفزيوني بثّته قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين "شعبنا اليمني اليوم سيقف بكل صمود وثبات لدعم هذه المعركة والتصدي للعدوان في الساحل" الغربي اليمني. وأضاف أن "المعتدي (...) يستطيع أن يفتح له معركة هناك (في الحديدة) لكنه يستحيل عليه أن يتمكن من حسم هذه المعركة"، معتبرا أنه "إذا نجح بفعل الغطاء الجوي وبفعل قوته العسكرية من خلال المدرعات أن يحدث اختراقا إلى منطقة هنا أو إلى منطقة هناك، يمكن أن يطوق هذا الاختراق وأن يواجه".

وقال محافظ الحديدة الحسن طاهر المتواجد في مدينة المخا ان العمليات العسكرية "تسير بوتيرة عالية (...) وقد تمكنت القوات من التقدم بعمق قرابة عشرين كلم". وتتقدم القوات اليمنية وسط حقول من الألغام، وتحاول في الوقت ذاته تجنب خوض معارك في المناطق السكنية. وفي 17 أيار/مايو، أعربت منظمة الشفافية الدولية عن قلقها على مصير النازحين الذين اضطروا الى مغادرة منازلهم بسبب المعارك في محافظة الحديدة، مشيرة الى ان أعدادهم تقدر بالآلاف.

وكانت الامارات جمعت ثلاث قوى غير متجانسة ضمن قوة واحدة تحت مسمى "المقاومة اليمنية" من أجل شن العملية في الساحل الغربي في اليمن باتجاه مدينة الحديدة. وتضم هذه القوة "الوية العمالقة" التي ينخرط فيها الآلاف المقاتلين الجنوبين الذين كانوا في السابق عناصر في قوة النخبة في الجيش اليمني، و"المقاومة التهامية" التي تضم عسكريين من ابناء الحديدة موالين لسلطة الرئيس المعترف به عبد ربه منصور هادي.

وثالث هذه القوى "المقاومة الوطنية" التي يقودها طارق محمد عبد الله صالح، نجل شقيق الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي قتل على ايدي الحوثيين، حلفائه السابقين، في كانون الاول/ديسمبر 2017. وطارق صالح لا يعترف بسلطة الرئيس هادي. وأوضح المتحدث باسم "المقاومة الوطنية" صادق دويد ان قوة صالح "تشارك بقوة في معركة الخلاص من اتباع ايران (...) ونقاتل جنبا الى جنب مع ألوية العمالقة و المقاومة التهامية وتقود هذه القوات غرفة عمليات مشتركة تحت غطاء التحالف العربي".

محادثات وتحركات

في السياق ذاته قال مسؤولون من إيران وقوى أوروبية إن الطرفين أحرزا تقدما جيدا في محادثات لإنهاء الصراع الدائر في اليمن إذ أبدت طهران استعدادها للضغط من أجل وقف لإطلاق النار وتخفيف الأزمة الإنسانية هناك. وبدأت المحادثات في فبراير شباط في إطار جهود لتجنب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الموقع عام 2015 وإعادة فرض العقوبات على طهران.

وتهدف المحادثات، التي بدأت ضمن مسار آخر غير المفاوضات النووية، إلى تهدئة المخاوف الأمريكية المتعلقة بدور إيران الإقليمي وإلى أن تظهر لواشنطن أن أوروبا بإمكانها الحصول على تنازلات من طهران. وانصب الاهتمام بالأساس على اليمن، حيث تتقاتل إيران والسعودية من أجل مد النفوذ. وتنفي إيران اتهامات سعودية لها بتقديم الدعم المالي والعسكري للحوثيين في الحرب الأهلية الدائرة في اليمن وتلقي على الرياض اللوم في تعميق الأزمة.

وقال مسؤول إيراني بارز ”وافقنا على العمل مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا لإنهاء الصراع في اليمن بسبب الكارثة الإنسانية هناك“. وأضاف ”الهدف هو التوصل إلى وقف لإطلاق النار لمساعدة المدنيين الأبرياء. سنستخدم نفوذنا لإحضار حلفائنا إلى مائدة التفاوض“. وقال ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين إن المحادثات أحرزت تقدما كبيرا وتسير في الاتجاه الصحيح.

وأقرت إيران لأول مرة، في نوفمبر تشرين الثاني الماضي، بضلوعها في الصراع الدائر في اليمن عندما قال محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني إن بلاده قدمت المساعدات في صورة المشورة لحلفائها في اليمن. ولحماية إيران من عقوبات أمريكية جديدة، تضغط القوى الأوروبية على طهران لتخفيف نشاطها الإقليمي بما في ذلك دورها في الحرب الأهلية الدائرة في اليمن. وقال مسؤول أوروبي طلب عدم نشر اسمه ”الإيرانيون أبدوا مؤشرات على استعدادهم الآن لتقديم خدماتهم في الاتصال بالحوثيين من أجل المضي قدما“.

وأضاف ”الإيرانيون يعترفون الآن على الأقل بأن هناك قناة اتصال. بالطبع لا يقولون إنهم يتحكمون في الحوثيين، ولن يقولوا ذلك، لكنهم يعترفون بأن لهم نفوذا معينا عليهم وأنهم مستعدون لاستخدام هذه القنوات“. وقال عباس عراقجي كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين إن المحادثات بشأن الصراع الدائر في اليمن تمضي بالتوازي مع المحادثات النووية مع الموقعين الأوروبيين على الاتفاق الذي قبلت إيران بموجبه تقليص أنشطتها النووية في مقابل رفع العقوبات الدولية. وقال عراقجي للتلفزيون الحكومي ”الاتفاق النووي غير مرتبط بالقضايا الإقليمية... إيران لن تجري محادثات بشأن نفوذها في المنطقة إلا فيما يتعلق باليمن بسبب الأزمة الإنسانية هناك“.

وقال مسؤول أوروبي ثان إن المناقشات مع الإيرانيين بشأن اليمن تمضي بشكل ”جيد جدا“. وأضاف المسؤول الثاني ”إنهم (الإيرانيون) يقولون لنا إنهم مستعدون للعمل على وقف لإطلاق النار، لكنهم يقولون إن السعوديين ليسوا مستعدين. لذلك فالأمر يشبه سيناريو الدجاجة والبيضة. نريد الآن أن يتحول ذلك إلى شيء ملموس“. ولم يرد مسؤولون من السعودية أو اليمن أو الحوثيين على طلب التعليق. وتدعم واشنطن وباريس ولندن الرياض في تدخلها في اليمن وتمدها بالسلاح ومعلومات المخابرات.

وقال مسؤول إيراني آخر ”هذا جهد إنساني... المسألة حُلت تقريبا. نعمل على وضع إطار عام“. وقال عراقجي إن اجتماعا سيعقد بين إيران والقوى الأوروبية في منتصف يونيو حزيران في بروكسل لبحث الصراع الدائر في اليمن. ومن المقرر أن تشارك فرنسا في استضافة مؤتمر دولي بشأن اليمن مع السعودية في باريس في يونيو حزيران لتقييم المساعدات المطلوبة وربما الإسهام في إنعاش محادثات السلام المدعومة من الأمم المتحدة. وتؤكد فرنسا على أهمية استكمال الاتفاق النووي مع إيران بمحادثات موضوعية بشأن قضايا أخرى. بحسب رويترز.

لكن لم يتضح كيف يمكن دمج المحادثات بين إيران والقوى الأوروبية بشأن الاتفاق النووي مع جهود وسيط الأمم المتحدة في اليمن مارتن جريفيث. وقال جريفيث في أبريل نيسان إنه يريد عرض خطة للمفاوضات خلال شهرين لإنهاء الصراع لكنه حذر من أن أي هجمات عسكرية قد تطيح بالسلام من على مائدة المفاوضات.

اضف تعليق