q
تعكس حملة مقاطعة ثلاث علامات تجارية شهيرة بالمغرب كما ذكرت بعض المصادر، غضب المستهلكين لضعف قدرتهم الشرائية، وتبرز أسلوب احتجاج غير مسبوق، إذ تقتصر الدعوة التي لا تعرف بالتحديد الجهة التي أطلقتها، على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنها تلقى تجاوبا فعليا على الارض....

حركة الاحتجاجات الشعبية في المغرب التي بدأت بعد مقتل بائع سمك سحقا في شاحنة لجمع النفايات في تشرين الأول/أكتوبر 2016. دخلت وبحسب بعض المراقبين منعطف جديد بعد اطلاق حملة مقاطعة ثلاث علامات تجارية بالمغرب وهو ما قد تكون له نتائج مهمه يمكن ان تسهم بقلب المعادلة كونها ورقة ضغط مختلفة، ستؤثر بشكل اساسي على شخصيات سياسية معينة استفادت كثيرا، حيث تعكس حملة مقاطعة ثلاث علامات تجارية شهيرة بالمغرب كما ذكرت بعض المصادر، غضب المستهلكين لضعف قدرتهم الشرائية، وتبرز أسلوب احتجاج غير مسبوق، إذ تقتصر الدعوة التي لا تعرف بالتحديد الجهة التي أطلقتها، على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنها تلقى تجاوبا فعليا على الارض. وتتصدر الحملة التي انطلقت على موقع "فيسبوك" من دون أن يتبناها أحد، عناوين الصحف وأحاديث الشارع، وتدعو الى مقاطعة محطات توزيع الوقود "أفريقيا" ومياه "سيدي علي" المعدنية ومنتجات "دانون"، من أجل الضغط على هذه الشركات المستحوذة على حصة الأسد من السوق كي تخفض الأسعار. وسبق للمغرب أن شهد تظاهرات سنة 2007 ضد غلاء الأسعار نظمتها أحزاب وجمعيات يسارية، غير أنها لم تحظ بإقبال كبير لا سيما بعد تحول بعضها إلى صدامات مع الشرطة. ويبدو أن محركي الحملة الحالية يخشون تكرار هذا السيناريو، فيشددون على عدم النزول الى الشارع.

المال والسلطة

تشهد حملة مقاطعة علامات تجارية بالمغرب تجاوبا كبيرا بعد شهر على انطلاقها، رغم الغموض المحيط بالواقفين وراءها. وألقت هذه الحملة الضوء على "زواج المال والسلطة"، وتضارب المصالح لدى أشخاص يتولون مراكز قرار إلى جانب أنشطة اقتصادية. وتستهدف الحملة التي انطلقت على موقع فيس بوك دون أن يتبناها أحد منذ 20 نيسان/أبريل الماضي، محطات توزيع الوقود "أفريقيا" ومياه "سيدي علي" المعدنية ومنتجات "دانون"، من أجل الضغط على هذه الشركات المستحوذة على الحصة الأكبر من السوق كي تخفض أسعارها. لكن محللين يرون فيها أيضا رسالة ضد السياسيين المهيمنين على المجالين السياسي والاقتصادي.

وكشف استطلاع للرأي شمل أكثر من 3700 مستجوب ونشرته جريدة "ليكونوميست" المغربية أن 74 في المئة من منهم سمعوا عن المقاطعة، و57 في المئة يستجيبون لها، موضحة أن "الطبقة الوسطى تقود المقاطعة". ويرى المحلل السياسي عزيز شهير في هذه الحملة "رسالة رمزية تتجاوز المطالب الشعبية حول خفض الأسعار، توجهها الفئات الوسطى ضد هيمنة فاعلين سياسيين على الحقلين السياسي والاقتصادي". ومن أبرز هؤلاء السياسيين، مالك شركة "أفريقيا" عزيز أخنوش الذي يتولى وزارة الفلاحة منذ 2007 والذي يتعرض لانتقادات كثيرة تركز على "تضارب المصالح"، خصوصا في أعقاب كشف تقرير برلماني عن استفادة شركات توزيع المحروقات من أرباح وصفت بـ"غير المستحقة" منذ تحرير القطاع في 2015.

وقدرت نسخة أولية من التقرير بأن هذه الأرباح تجاوزت 15 مليار درهم (حوالى 1,3 مليار يورو) نالت منها شركات "أفريقيا" و"توتال" و"شل" و"بترومين" الحظ الأوفر. وقالت الصحف المغربية إن هذه المعطيات ما كانت لترى النور "لولا ضغط" المقاطعة. ويقول المحلل السياسي أحمد بوز إن "الالتفاف الواسع حول المقاطعة يعبر عن وعي بضرورة الفصل بين المال والسياسة"، دون استبعاد احتمال "تصفية حسابات سياسية".

وأكد بيان لمنظمة الشفافية "ترانسبارنسي المغرب" غير الحكومية أن "مبعث المقاطعة الحقيقي هو منظومة اقتصاد يقوضها الريع والفساد وتداخل السلطة السياسية مع سلطة المال"، معتبرا أن "تحليل مثل هذه الحملة من خلال العامل الوحيد المرتبط بالأسعار هو بالضرورة تحليل اختزالي". وشكل تضارب المصالح بين احتلال مراكز القرار وممارسة أنشطة اقتصادية مادة دسمة للصحافة المغربية في سنوات الألفين وخصوصا بالنسبة إلى الشركة الوطنية للاسثتمار التي تملكها العائلة المالكة، وأضحت اليوم محفظة استثمارية تحمل اسم "المدى".

وتصدر الاحتجاج على "زواج المال والسلطة" وإثراء النخب النافذة تظاهرات حركة "20 فبراير" في مدن مغربية عدة في سياق "الربيع العربي" سنة 2011 والتي تمخضت عن آمال كبرى بتغيير لم يتحول إلى واقع فعلي. وأرجعت الأزمة التي أعقبت انتخابات 2016 وتمثلت في العجز عن تشكيل حكومة لأشهر طويلة بسبب التجاذبات السياسية، إلى الواجهة نفوذ الوزراء التكنوقراط ورجال الأعمال، خصوصا رئيس حزب "التجمع الوطني للأحرار" عزيز أخنوش الذي استطاع فرض شروطه في تكوين الحكومة الحالية وبات يوصف بالرجل القوي داخلها.

لذلك، يرى عدد من المحللين أن استهداف شركة "أفريقيا" يرتبط بالموقع السياسي لمالكها. في الوقت نفسه، تتهم تقارير رجل أعمال آخر هو وزير الصناعة مولاي حفيظ العلمي باستغلال موقعه لإقرار إعفاء ضريبي استفاد منه في صفقة بيع شركته للتأمينات "سهام" إلى مجموعة "سانلام" الجنوب أفريقية. ونفى العلمي هذه الاتهامات، معتبرا أنها "مست بمصداقيته"، وطلب من رئيس الحكومة فتح تحقيق حول المسألة. ولم تعلن بعد نتائج هذا التحقيق.

ويصرح رئيس مجلس المنافسة عبد العالي بنعمور "إن القانون لا يمنع رجال الأعمال من تولي مناصب حكومية، ويشترط فقط تفويض توقيعاتهم لأشخاص آخرين يتكلفون بتسيير أعمالهم، لكن هناك قواعد أخلاقية يجدر بهم احترامها لتفادي تضارب المصالح". ويشرح العضو في "ترانسبارنسي المغرب" فؤاد عبد المومنيمن أن "المشكل سياسي وليس قانونيا، لأن الدولة لم تضع آليات تحدد بدقة حالات التنافي ومراقبة تضارب المصالح وزجر الممارسات غير السليمة، ولم تخلق ثقافة الشفافية والمساءلة". بحسب فرانس برس.

ويتابع متحدثا لوكالة الأنباء الفرنسية أن حملة المقاطعة "خطوة هامة ومفرحة تخلق الثقة في إمكانية التأثير في القرار كما كان الشأن بالنسبة لحركة 20 فبراير، وتساهم في فضح الريع والخلط بين السلطة والمال". وألقى هذا النقاش بظلاله على الحملة التي سبقت انتخاب وزير الخارجية السابق صلاح الدين مزوار على رأس اتحاد المقاولات. وشكل ترشح مزوار ، لهذا المنصب مفاجأة وهو الذي شغل مناصب وزارية بين 2004 و2017. وقال الرئيس الأسبق للاتحاد حسن الشامي عشية الانتخاب إنه "سينال أصوات رجال الأعمال الذين يرون أن على الاتحاد لعب دور سياسي". وأضاف متحدثا لمجلة "تيل كيل" أن "الخلط بين المال والسياسة يشكل خطرا في العالم أجمع".

ناصر الزفزافي

في السياق ذاته قال والد ناشط مغربي إن ابنه زعيم المظاهرات التي هزت مدينة الحسيمة في شمال المغرب في 2017 دخل في إضراب عن الطعام احتجاجا على حبسه انفراديا. واعتقلت السلطات الزفزافي في مايو أيار 2017 ونقلته إلى سجن في الدار البيضاء بعدما نظم مظاهرات في مسقط رأسه الحسيمة فيما أطلق عليه اسم ”الحراك الشعبي“ احتجاجا على المشكلات الاقتصادية. وقال والده إن الزفزافي دخل إضرابا عن الطعام احتجاجا على ظروف حبسه الانفرادي. وأضاف أن ابنه لا يطلب سوى مقابلة زملائه في السجن لكن السلطات ترفض ذلك.

وقالت محاميته نعيمة القلاف على فيسبوك إنه بدأ إضرابا عن الطعام احتجاجا على ما وصفتها بالمعاملة التي تحط من الكرامة في السجن. وكانت الاحتجاجات قد اندلعت في أكتوبر تشرين الأول 2017 بعد وفاة بائع السمك محسن فكري سحقا داخل شاحنة قمامة بينما كان يحاول استعادة سمكه الذي صادرته الشرطة. وبشكل منفصل، دعت منظمة العفو الدولية إلى إطلاق صراح النشط الحقوقي زين العابدين الراضي الذي اعتقل في مطار أغادير بجنوب البلاد في الخامس من أبريل نيسان عند عودته من فرنسا. بحسب رويترز.

وقالت المنظمة إن الراضي الذي وصل إلى المغرب بعد وفاة والده حصل من السلطات الفرنسية على وثائق سفر تسمح له بالذهاب إلى المغرب دون أن يفقد وضعه كلاجئ في فرنسا. ولم يرد وزير حقوق الإنسان مصطفى الرميد على طلب للتعليق. وامتنع مكتب النائب العام عن التعليق بشأن أي من القضيتين.

وأنكر زعيم "حراك الريف" ناصر الزفزافي أثناء مثوله أمام محكمة في الدار البيضاء أية "نوايا انفصالية" عن المغرب. واعتبر محاكمته "سياسية بامتياز" واتهم الشرطة القضائية "بتحريف" أقواله. واتهم الزفزافي الشرطة "بتحريف" أقواله معتبرا محاكمته "سياسية بامتياز". وقال الزفزافي إن "الحراك بالانفصال مجرد ذريعة لثنينا عن كشف اللوبيات المافيوزية"، مؤكدا أن "الشرطة القضائية حرفت أقوالي، ومحاضر الاستماع إلي مزورة".

واعتقلت السلطات الزفزافي بعدما قاطع خطبة جمعة معادية بشكل واضح لحركة الاحتجاجات التي تعرف "بحراك الريف" والتي هزت السنة الماضية هذه المنطقة الواقعة في شمال المغرب. والزفزافي، الشاب الذي أصبح عاطلا عن العمل بعدما عمل حارسا ليليا ثم صاحب متجر صغير لبيع الهواتف النقالة، والذي تميز بموهبة مخاطبة الحشود وبنبرته الحادة ونظراته الغاضبة التي جعلته يصبح رمز "الحراك"، يلاحق اتهامات ثقيلة تصل عقوبتها إلى الإعدام من بينها "المساس بأمن الدولة" و"التحريض ضد الوحدة الترابية" للبلد.

وفي معرض رده على اتهامه "بالمساس بأمن الدولة" استند الزفزافي إلى الدستور المغربي، مشيرا إلى أنه "يضمن حق التظاهر السلمي". لكنه استعان أكثر بخطب العاهل المغربي الملك محمد السادس في بناء الحجج التي عرضها أمام القاضي. وقال إن "هذه الخطب الملكية جاءت برسالة جديدة تؤكد على ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتدين الحسابات السياسوية الضيقة (...) وهذه هي الرسالة نفسها التي جاء بها الحراك"، مشددا على أن "هذه المحاكمة تتناقض مع الخطب الملكية".

وأضاف "إن اتهام الحراك بالانفصال مجرد ذريعة لثنينا عن كشف اللوبيات المافيوزية (...) لقد أظهرنا لأعلى سلطة في البلاد بفضل شجاعة الحراك أن نزاعات سياسية كانت وراء التعثر في إنجاز مشاريع إنمائية". وكانت الحكومة المغربية قد أعلنت في وقت سابق إطلاق مشاريع إنمائية والتسريع بإنجاز أخرى تجاوبا مع مطالب "الحراك"، كما تم إعفاء وزراء ومسؤولين كبار اعتبروا مقصرين في تنفيذ تلك المشاريع. وتراجع زخم "الحراك" إثر اعتقال قادته ونشطائه الذين تقدر منظمات حقوقية عددهم بحوالي 450 فردا، بينما تحدث الزفزافي أثناء مرافعته عن "600 شخص تم إيقافهم لمجرد كونهم خرجوا للتظاهر السلمي مطالبين بحقوقهم الأساسية". لكن السلطات تؤكد مسؤولية متهمين عن أعمال عنف أدت إلى إصابة أكثر من 900 عنصر من قوات الأمن.

احكام قضائية

على صعيد متصل أصدرت محكمة مغربية أحكاما بالسجن تتراوح ما بين أربعة أشهر وعام مع إيقاف التنفيذ بحق سبعة نشطاء على صلة بأحداث ما بات يعرف ”بحراك جرادة“. وقضت المحكمة الابتدائية في وجدة بالسجن لمدة عام لشخصين فيما حكمت على الخمسة الآخرين بأربعة أشهر مع إيقاف التنفيذ. وقال المحامي عبد الحق بنقادة من هيئة الدفاع ”بالرغم من أن الأحكام موقوفة التنفيذ إلا أن المحكمة قضت بالإدانة... رغم أننا في هيئة الدفاع أثبتنا للمحكمة بأن الملف مخالف للمسطرة الجنائية من ناحية الشكل وخال من أي إثبات ضدهم من ناحية الموضوع“.

وأضاف ”القرص المدمج والصور الموجودة بالملف لا يوجد بها أي دليل يثبت تورطهم كما أنهم أنكروا المنسوب إليهم بمحضر الضابطة القضائية وأمام وكيل الملك (النيابة العامة)“. وقال ”المتابعة في حقهم تعتبرهم فاعلين أصليين ومساهمين ومشاركين في نفس الوقت وهذا مخالف للقانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية بل إن بعض التهم المنسوبة إليهم متناقضة فيما بينها ولا يمكن أن تجتمع في مثل هذه الوقائع وبالتالي كان الأجدر بمحكمة الدرجة الأولى التصريح ببراءتهم من جميع التهم المنسوبة إليهم“.

من جهة اخرى استمعت محكمة الاستئناف في الدار البيضاء إلى محمد جلول أحد قادة الحراك إلى جانب ناصر الزفزافي ونبيل أحمجيق، في إطار محاكمة ناشطي حرك الريف بالمغرب. ونفى محمد جلول بشدة تهمة المشاركة في "مؤامرة" تسعى لانفصال الريف. ونفى محمد جلول (47 سنة) بشدة تهمة المشاركة في "مؤامرة" تسعى لانفصال الريف، وهي إحدى التهم الرئيسية التي يلاحق فيها، إلى جانب المساس بأمن الدولة، والتي تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وقال جوابا عن سؤال القاضي حول صلته بـ"حركة 18 سبتمبر (أيلول) لاستقلال الريف"، أنه كان رهن الاعتقال عندما تأسست هذه الحركة في هولندا سنة 2014، ولم تمض سوى أربعين يوما على الإفراج عنه ليعتقل مجددا في نيسان/أبريل 2017 على خلفية دوره في حراك الريف. وتابع متسائلا "كيف يعقل أن أكون متورطا خلال هذه المدة الوجيزة في مؤامرة كهذه؟"، منددا بـ"تغيير مضامين الأقوال التي أدليت بها أثناء استجوابي من الشرطة". بحسب فرانس برس.

واستطرد "إنني أحاكم على وطنيتي ولا أقبل أن يزايد علي أحد في الوطنية، بل أعتبر ذلك إهانة. نحن لسنا متآمرين (...) الريفيون لم يخرجوا للشارع من أجل التمرد وإنكار الدولة، بل من أجل وطن يتسع للجميع، ويريدون فقط حقهم في هذا الوطن". وأوضح أن رفع رموز تعبر عن ثقافة وتاريخ المنطقة أثناء التظاهرات اتخذ ذريعة لاتهام الحراك بالانفصال، في حين أن الأمر يعبر فقط عن "اعتزاز بالخصوصيات الثقافية والتاريخية للمنطقة. فهل خصوصية الريف جزء من هذا الوطن أم لا؟"

اضف تعليق