التطورات المهمة التي شهدتها المنطقة في الفترة الاخيرة، يضاف اليها التحركات والقرارات الامريكية الخاصة بالقضية الفلسطينية وملف الصراع في سوريا والملف النووي الإيراني، كان لها تاثير كبير في الساحة الاسرائيلية، حيث أسهمت بابعاد رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو عن دائرة الاهتمام الإعلامي الداخلي...
التطورات المهمة التي شهدتها المنطقة في الفترة الاخيرة، يضاف اليها التحركات والقرارات الامريكية الخاصة بالقضية الفلسطينية وملف الصراع في سوريا والملف النووي الإيراني، كان لها تاثير كبير في الساحة الاسرائيلية، حيث أسهمت وبحسب بعض المراقبين بابعاد رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو عن دائرة الاهتمام الإعلامي الداخلي، الذي انشغل كثيرا بقضايا وملفات الفساد التي يتهم بها نتنياهو، الذي يخوض حرب شرسة ضد ما يسمى بمؤسسات السلطة القضائية والادعاء العام والشرطة وما الى ذلك، اضافة الى حربه الشرسة مع وسائل الاعلام التي تتبنها هذه الملفات.
فهو يحاول الاستفادة من هذه التطورات بشكل ايجابي كما يحاول الالتفاف على هذه الفضائح عبر الكثير من العناوين الاخرى، ومن ضمنها العناوين الخارجية والحديث عن الحرب واللجوء الى انتخابات مبكرة وغيرها. ويرى المحللون وصناع الرأي الإسرائيليون، أن نتنياهو يسجل حاليا ذروة في حياته السياسية. فهو يحقق ما أسموها إنجازات؛ مصدرها كلها في البيت الأبيض، بعد وصول دونالد ترامب إلى الحكم، الذي كل سياساته تجاه إسرائيل أو المتعلقة بها، مطابقة كليا لسياسة اليمين الاستيطاني بقيادة نتنياهو. وبالإمكان التخمين أن نتنياهو سينتهز الفرصة للانقضاض على خيار الانتخابات البرلمانية المبكرة، ليوطد حكمه وسياساته أكثر.
ولعل اهم ما يحدث اليوم ويصب بمصلحة نتنياهو وهو قرار إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، وقرار نقل السفارة ، وقد صدرت توصيات الشرطة الإسرائيلية بتقديم نتنياهو للمحاكمة بقضايا فساد. وحينها بات نتنياهو بحاجة إلى دعم سياسي، جاء القرار الأميركي المفاجئ بالاستعجال بنقل السفارة، ليكون بتزامن مع الذكرى الـ 70 لنكبة الشعب الفلسطيني، وهو ما اعتبره نتنياهو أيضا، نصرا له. ولم تتأخر ماكينة استطلاعات الرأي الإسرائيلية المسيّسة، التي تُظهر نتائج لا يتقبلها العقل الإنساني الطبيعي؛ فمسؤول غارق بالفساد، توصي الشرطة بمحاكمته، يتمتع بشعبية غير مسبوقة، وقوته البرلمانية ترتفع باستمرار في تلك الاستطلاعات، وبالذات على حساب شركائه في الائتلاف، وطبعا بعد أن يقضم حصة من المعارضة الصهيونية الوهمية له.
شعبية نتنياهو
وفي هذا الشأن عزز موقف إسرائيل الصارم تجاه إيران شعبية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الداخل، ويمكنه أن يتوقع المزيد من التغطية الصحفية الإيجابية لصالحه في الأيام المقبلة عندما تفتح الولايات المتحدة سفارتها في القدس. ولا يبدو أن تحقيقات الفساد الثلاثة الجارية ضد نتنياهو، الذي لم يكد يغادر عناوين الأخبار الرئيسية لأسابيع، تؤثر في شعبيته بين قاعدة مؤيديه.
وبصفته أقرب حليف في الشرق الأوسط للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كان نتنياهو محوريا في القرارات الأمريكية التي أعادت تشكيل الخريطة السياسية للمنطقة. وفي 30 أبريل نيسان ظهر نتنياهو في وقت ذروة المشاهدة التلفزيونية ليعرض حجج إسرائيل بشأن ضرورة أن ينسحب ترامب من اتفاق إيران النووي الموقع في عام 2015. وقام ترامب بذلك بالفعل بعد نحو أسبوع فقط.
وأشاد نتنياهو علنا بالقرار ثم وجه ضربات جوية إلى مواقع عسكرية إيرانية في سوريا التي تخشى إسرائيل أن يتزايد استخدام إيران لها كقاعدة لانطلاق هجمات عليها. وأظهر استطلاع للرأي أجرته القناة الثانية التلفزيونية في إسرائيل بعد يوم من انسحاب ترامب من الاتفاق النووي أن حزب ليكود اليميني الذي ينتمي له نتنياهو سيضيف خمسة مقاعد لما لديه في البرلمان إذا أجريت الانتخابات الآن، ليجمع 35 مقعدا في الكنيست المؤلف من 120 مقعدا ويعزز موقفه في الائتلاف الحاكم. كان استطلاع آخر أجري في أبريل نيسان قد منح ليكود 28 مقعدا.
واتهمت إسرائيل إيران بإطلاق صواريخ من سوريا على مرتفعات الجولان المحتلة وهي المرة الأولى التي تهاجم إيران فيها إسرائيل بالصواريخ. وردت إسرائيل بشن أعنف ضرباتها الجوية في سوريا منذ بدء الحرب الأهلية هناك عام 2011، وقالت إنها هاجمت كل البنية التحتية العسكرية الإيرانية تقريبا في سوريا. لكن الهجوم لم يلحق باستطلاع رأي نشرته صحيفة معاريف اليومية الإسرائيلية، وعلى الرغم من ذلك أظهر أن 69 بالمئة من المشاركين كانوا راضين عن تعامل نتنياهو مع ”سياسة إسرائيل حيال وجود إيران في سوريا“.
كما أظهر الاستطلاع أن 59 بالمئة من المشاركين قالوا إنهم يعتبرون أن قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق وإعادة فرض العقوبات الأمريكية على طهران سيدعم أمن إسرائيل. لكن 54 بالمئة قالوا إنهم يخشون أن تكون مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران قد أصبحت وشيكة، واتفقوا مع مسؤولين قالوا إن من الأفضل ”خوض القتال الآن وليس في مرحلة لاحقة“ وفق ما نشرته الصحيفة.
ومن المنتظر إجراء الانتخابات الإسرائيلية المقبلة في نوفمبر تشرين الثاني من 2019 لكن نتنياهو قد يسعى لإجراء انتخابات مبكرة للاستفادة من الدفعة التي حدثت لشعبيته. وقال هانان كريستال المحلل السياسي في راديو إسرائيل ”وضع بنيامين نتنياهو رهانه على ترامب وعلى انسحابه من الاتفاق النووي والآن يحتفل بإمكانية الحصول على 35 مقعدا. لقد أثبت أنه ليس هناك من يضاهيه في المجال الدبلوماسي الأمني“. بحسب رويترز.
ويقول أبراهام ديسكين أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية إن من المرجح أن يؤدي الوقوف في وجه إيران إلى زيادة التأييد لنتنياهو، وهو ما كان سيحدث لأي حكومة أخرى سواء يمينية أو يسارية. لكنه يضيف أنه على الرغم من زيادة شعبية ليكود فإن توازن القوى بين تكتلات اليمين واليسار في الكنيست الإسرائيلي لم يتغير بشكل كبير. وقال”وفقا للاستطلاع، فإن نتنياهو لا يملك الأغلبية لكنه يملك بالفعل كل الأوراق في يده“. وأضاف أن تحقيقات الفساد بحق نتنياهو ”يعتبرها أنصاره اضطهادا، ومع طول أمدها يترسخ هذا الاعتقاد لديهم“.
دولة عليلة
الى جانب ذلك اتهم ستة قادة سابقين للمخابرات الإسرائيلية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتعريض مستقبل الدولة للخطر. وأبدى الرؤساء السابقون الباقون على قيد الحياة للموساد آراءهم في الزعيم اليميني الذي يحكم البلاد لفترة ولاية رابعة في حديث مشترك نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت، الصحيفة الأكثر مبيعا في إسرائيل والمنتقدة عادة لنتنياهو، مقتطفات منه على صفحتها الأولى. ولم يرد نتنياهو على الفور لكن عضوا بارزا في ائتلافه الحاكم شجب الانتقادات.
وطالب داني ياتوم الذي رأس الموساد أثناء الولاية الأولى لنتنياهو في أواخر تسعينيات القرن الماضي بالإطاحة بنتنياهو واتهمه ومساعديه ”بتقديم مصالحهم على مصالح الدولة“ وسط تحقيقات فساد. واستجوبت الشرطة نتنياهو فيما يتردد عن تعاملات له مع أكبر شركة للاتصالات في البلاد وذلك في واحدة من بين ثلاث قضايا فساد تخيم على مستقبله السياسي. وينفي نتنياهو ارتكاب أي مخالفة وتشير استطلاعات الرأي إلى أن شعبيته ما زالت مرتفعة. وأبدى ياتوم كذلك قلقه من ”قوة الدفع الذاتي على الساحة الدبلوماسية التي تقودنا إلى دولة ذات شعبين (مع الفلسطينيين) وهو ما يعني نهاية (إسرائيل) كدولة يهودية ديمقراطية“. وتجمدت المفاوضات على ”حل الدولتين“ للصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ عام 2014. ويرى البعض أن إسرائيل، إذا لم تنسحب من الأراضي المحتلة، قد تواجه ذات يوم اختيارا بين الديمقراطية أو حماية الأغلبية اليهودية بحرمان الفلسطينيين من حق التصويت.
وأظهرت بيانات أوردها مسؤولون إسرائيليون أن أعداد اليهود والعرب بين البحر المتوسط ونهر الأردن - وهي أراضي إسرائيل - وفي الضفة الغربية وقطاع غزة، متساوية أو متقاربة. وقال تسفي زامير الذي رأس الموساد في الفترة من 1968 حتى 1974 ليديعوت أحرونوت ”لدينا أبناء وأحفاد وأبناء أحفاد هنا وأنا أريدهم أن يعيشوا في دولة في صحة جيدة والدولة عليلة“. وأضاف ”نحن في حالة صحية حرجة. ربما كانت الدولة تعاني من بعض الأعراض عندما تولى نتنياهو السلطة لكنه أوصلها إلى حالة خطيرة من مرض خبيث“.بحسب رويترز.
وكتب وزير التعليم نفتالي بينيت، وهو من المتشددين في الائتلاف الحاكم المحافظ، على تويتر شاجبا مزاعم قادة الموساد باعتبارها ببساطة ”غير حقيقية“. وقال بينيت الذي يروج لنفسه باعتباره خليفة محتملا لنتنياهو ”الدولة في حالة رائعة“. وأضاف ”صالح الدولة هو المقدم بين أغلب قادتنا ... إسرائيل تسير في اتجاه جيد“.
اضف تعليق