التطورات العسكرية المهمة الاخيرة التي شهدتها الحرب في اليمن، ربما ستسهم في ايجاد حلول جديدة قد تساعد في انهاء معاناة الشعب اليمني، حيث ان قيام القوة الصاروخية التابعة لحركة \"أنصار الله\" باستهداف السعودية التي تقود هذه الحرب بصواريخ بالستية، يمكن ان يجبر الرياض التي فشلت في تحقيق اهدافها العسكرية في هذه المعركة على تقديم تنازلات كبيرة...
التطورات العسكرية المهمة الاخيرة التي شهدتها الحرب في اليمن، ربما ستسهم في ايجاد حلول جديدة قد تساعد في انهاء معاناة الشعب اليمني، حيث اكد بعض المراقبين ان قيام القوة الصاروخية التابعة لحركة "أنصار الله" باستهداف المملكة العربية السعودية التي تقود هذه الحرب بصواريخ بالستية، يمكن ان يجبر الرياض التي فشلت في تحقيق اهدافها العسكرية في هذه المعركة على تقديم تنازلات كبيرة في سبيل الحفاظ على مكتسباتها الحالية، خصوصا وان جماعة انصار الله التي نفذت جميع تهديداتها السابقة، قد تعهدت بإطلاق المزيد من الصواريخ على السعودية ما لم توقف قصفها للبلاد. وسبق أن أطلق الحوثيون كما نقلت بعض المصادر، العديد من الصواريخ التي يطلقون عليها "بركان" (سكود)، بعضها ضد أهداف تابعة لمنطقة الرياض، وأخرى باتجاه الطائف، وفي يوليو/تموز الماضي، أعلنت الجماعة إطلاق صاروخ باتجاه منطقة ينبع النفطية، وهو الصاروخ الذي اعتبرته تقارير أميركية تطوراً غير مسبوق، وبأنه حلق بمسافة تصل إلى 930 كيلومتراً داخل السعودية وفقاً لتقرير سابق لشبكة "سي إن إن" الأميركية.
بالإضافة إلى ذلك، كان من أبرز الصواريخ التي أطلقها الحوثيون، صاروخ بالستي باتجاه الرياض، سبق زيارة الرئيس الأميركي ترامب إلى العاصمة السعودية بيوم واحد. ويمثل تهديد "الصواريخ البالستية"، أحد أبرز المواضيع التي تركز عليها السعودية في تصريحاتها الأخيرة المتصلة بالحرب في اليمن، إذ ترى أنها تأكيد على الخطر القادم إليها من اليمن، وتطور الأمر في الشهور الأخيرة، إلى الحديث عن تهديد يطاول الإمارات، بعد أن أعلن الحوثيون أكثر من مرة، أن أبوظبي، باتت في مرمى صواريخهم. وهو ما قد يغير المعادلة في هذه الحرب.
من جانب اخر يرى بعض المراقبين ان هذه التطورات ربما ستسهم بتعقيد الامور خصوصا وان الهجمات الصاروخية على السعودية ستؤكد ادعاءات الرياض بوجود خطر مدعوم من إيران يستهدفها. وتعتبر مخازن الجيش اليمني التي استولى عليها الحوثيون المصدر الذي تخرج منه غالبية إن لم يكن جميع الصواريخ البالستية، من نوع "سكود" على الأقل، وهي صواريخ كانت على مدى سنوات، أحد أبرز مصادر القلق للسعودية، وسط غموض حجم هذه القوة الصاروخية، والتي تشير المراجع المنشورة إلى أنها بين 150 إلى 300 صاروخ.
ومنذ بدء العمليات العسكرية للتحالف بقيادة السعودية في اليمن، كانت "الصواريخ البالستية"، على رأس أهداف عمليات التحالف، الأمر الذي جعل من معسكراتها المعروفة شرق وجنوب غرب صنعاء، هدفاً لعدد كبير من الضربات الجوية، في الأشهر الأولى على نحو خاص، لكن الحوثيين تمكنوا في وقت لاحق، من إعادة الصواريخ، وأطلقوا حتى اليوم 78 صاروخاً بالستياً تجاه السعودية،.
ومنذ أشهر طويلة، وعقب كل عملية قصف صاروخي تستهدف السعودية، تشير الأخيرة بأصابع الاتهام نحو إيران، وبأنها تواصل تهريب الأسلحة والصواريخ البالستية إلى اليمن، لتهديد أمن المملكة، غير أنه ليس مؤكداً ما إذا كانت إيران تستطيع تهريب أسلحة إلى اليمن في ظل الحصار المطبق المفروض من التحالف، براً وبحراً وجواً، وخصوصاً على مناطق سيطرة الحوثيين وحلفائهم.
وتهدد الواقعة بتصعيد خطير في حرب أطلقت شرارة ما تعتبرها الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في العالم. ويعيش ملايين اليمنيين تحت تهديد مجاعة واسعة النطاق ووطأة الأمراض ورحمة مقاتلين قطعوا أحيانا الإمدادات الغذائية والطبية. وقالت القوات السعودية إنها اعترضت ثلاثة صواريخ وأسقطتها فوق الرياض. وسقطت شظايا على منزل في العاصمة وقتلت مقيما مصريا وأصابت اثنين آخرين. وذكر التحالف أن الدفاعات الجوية تصدت أيضا لصواريخ أطلقت باتجاه نجران وجازان وخميس مشيط في جنوب المملكة. وقضت الهجمات على إحساس بالهدوء في مدينة الرياض التي لم تشعر مطلقا بالحرب حتى شهور قليلة مضت.
وتقول الأمم المتحدة إن نحو عشرة آلاف شخص قتلوا في الصراع حتى الآن فيما يواجه الملايين مجاعة محتملة وتفشيا للأمراض بسبب عراقيل تواجه وصول إمدادات الغذاء والمستلزمات الطبية.وتشير أحدث بيانات من الأمم المتحدة إلى أن نحو 22 مليون مدني، يشكلون 75 بالمئة من سكان اليمن، يحتاجون إلى مساعدة إنسانية. وتسبب الصراع في أسوأ تفش لمرض الكوليرا في التاريخ الحديث بنحو مليون حالة إصابة. وحثت دول غربية السعودية وحلفاءها في الخليج على حماية المدنيين والتوصل إلى نهاية سريعة للحرب. لكنها ساندت أيضا ما تقوله الرياض عن حاجتها للدفاع عن نفسها من هجمات عبر الحدود والحد من انتشار النفوذ الإيراني في المنطقة التي تطل على مسارات تجارية مهمة.
اتفاق سلام
وفي هذا الشأن ناشد أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة الأطراف المتحاربة في اليمن التوصل لتسوية سياسية لإنهاء صراع دخل عامه الرابع وترك أكثر من 22 مليون شخص في حاجة ماسة للمساعدات. وقال جوتيريش للصحفيين إن مبعوثه الخاص مارتن جريفيثس سيتوجه إلى الإمارات وعمان ومدينة عدن التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية ضمن مساعي السلام.
وأجرى جريفيثس بالفعل محادثات مع الطرفين في حرب اجتذبت قوى إقليمية حيث اجتمع مع السلطات الحوثية في العاصمة صنعاء ومع الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف به دوليا ومسؤولين سعوديين في الرياض. وقال جوتيريش إنه يرى ”احتمالات إيجابية“ لإعداد خطة تحرك ”لقيادة حوار فعال بين اليمنيين من أجل التوصل لحل سياسي بمشاركة كل الأطراف المعنية في الصراع“. وأضاف ”أنا متفائل بشأن هذا الاحتمال“.
وأسفرت الحرب عن مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص وشردت أكثر من مليونين ودفعت البلد إلى شفا المجاعة. وكان جوتيريش يتحدث على هامش مؤتمر للأمم المتحدة يسعى لجمع ثلاثة مليارات دولار للتعامل مع أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وبعد يوم من ضربة جوية شنها التحالف بقيادة السعودية أسفرت عن مقتل 12 مدنيا في مدينة الحديدة الساحلية كما استهدف المقاتلون الحوثيون المنطقة الحدودية الجنوبية السعودية بصاروخ.
وأعلن أنه جرى التعهد بدفع أكثر من ملياري دولار تلبية لمناشدة أطلقتها الأمم المتحدة لجمع ثلاثة مليارات دولار لليمن هذا العام. وتتضمن تلك التعهدات 930 مليون دولار من السعودية والإمارات اللتين تقودان الضربات الجوية للتحالف. وعندما أطلق الحوثيون صواريخ على الرياض في نوفمبر تشرين الثاني رد التحالف المدعوم من الغرب بإغلاق مطارات وموانئ اليمن. وقالت الأمم المتحدة إن الحصار زاد من خطر حدوث مجاعة واسعة وتم رفعه جزئيا.
وقال ”يجب أن تظل جميع الموانئ مفتوحة أمام الشحنات الإنسانية والتجارية والأدوية والأغذية والوقود. مطار صنعاء شريان حياة أيضا ويجب أن يظل مفتوحا“. وتدخل معظم المساعدات الإنسانية اللازمة لملايين المدنيين الذين يتضورون جوعا من ميناء الحديدة لكن الحكومة تتهم الحوثيين الذين يسيطرون على الميناء بتهريب السلاح عن طريقه. وأيد وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي الدعوة للعودة لطاولة التفاوض وقال إن حكومته المعترف بها دوليا تعمل على فتح الموانئ والمطارات أمام المساعدات الإنسانية. وقال المخلافي إن هناك حاجة لإيجاد الحل المثالي وهو العودة إلى طاولة المحادثات ووضع نهاية للحرب والعودة إلى نظام مستدام يحظى بدعم الشعب اليمني.
وقالت إليزابيث راسموسن مساعدة المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي إن البرنامج يقدم حصصا غذائية لسبعة ملايين يمني مقارنة بثلاثة ملايين العام الماضي. لكن الدكتور نيفيو زاجاريا مندوب منظمة الصحة العالمية في اليمن قال إن معدلات سوء التغذية بين الأطفال في ازدياد. وأضاف أن نحو 1.8 مليون طفل تحت سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد بينما يعاني 400 ألف من سوء تغذية حادة قد تؤدي لوفاتهم. بحسب رويترز.
وقال زاجاريا ”في حجة رأيت طفلا يزن 2.6 كيلوجرام وعمره ستة أشهر. توفي توأمه قبل أسبوع“. وأضاف أنه بعد رصد أكثر من مليون يمني مصاب بالكوليرا فيما يبدو تقوم المنظمة بشحن لقاحات لتفادي تكرار الوباء الذي أدى لمقتل 2267 شخصا. وذكر أن نحو 1.4 مليون جرعة من بين 4.4 مليون جرعة مقررة في طريقها لليمن عبر نيروبي. وقال ”موسم الأمطار بدأ لذا نحن بحاجة لاستغلال الفرصة لبدء حملة تطعيم“.
حرب ومطالب
على صعيد متصل دعت الولايات المتحدة الحوثيين إلى وقف تصعيد الصراع في اليمن وإبداء الالتزام بالحوار وذلك بعد مهاجمة الجماعة المتحالفة مع إيران لناقلة نفط سعودية. وقال بيان للبيت الأبيض ”الولايات المتحدة تشعر بانزعاج بالغ من أحدث محاولة للحوثيين لتصعيد الحرب في اليمن هذه المرة بمهاجمة سفينة تجارية في باب المندب أحد أزحم ممرات الشحن في العالم“.
من جانب اخر أفادت القوة البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي بأن ناقلة النفط السعودية التي هاجمتها جماعة الحوثي اليمنية كانت الناقلة أبقيق. وأظهرت بيانات شحن أن الناقلة العملاقة كانت ترفع العلم السعودي وتحمل مليوني برميل من النفط. ولم ترد الشركة الوطنية السعودية للنقل البحري التي تملك أبقيق على طلب للحصول على تعقيب.
وقال التحالف الذي تقوده السعودية إن جماعة الحوثي اليمنية أصابت ناقلة نفط سعودية قبالة مدينة الحديدة في وقت سابق في هجوم قد يعقد مساعي جديدة تبذلها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب التي أودت بحياة أكثر من عشرة آلاف شخص. وذكرت جماعة الحوثي أنها استهدفت سفينة حربية تابعة للتحالف في البحر الأحمر ردا على ضربة جوية على محافظة الحديدة في اليمن. وزاد التوتر في الأيام الماضية بعد أن شن الحوثيون الذين يسيطرون على معظم شمال اليمن سلسلة هجمات صاروخية على السعودية بعضها على العاصمة الرياض. وفي بيان بثته وسائل إعلام سعودية، قال التحالف إن ناقلة النفط تعرضت ”لهجوم حوثي-إيراني“ في المياه الدولية. وأضاف البيان أن سفينة حربية تابعة للتحالف نفذت عملية ”تدخل سريع“ وأحبطت الهجوم دون أن يوضح نوع السلاح الذي استخدم في الهجوم.
وقال البيان ”نتج عن ذلك الهجوم تعرض الناقلة لإصابة طفيفة غير مؤثرة واستكملت خطها الملاحي والإبحار شمالا ترافقها إحدى سفن التحالف“. وأكدت قوة بحرية تابعة للاتحاد الأوروبي تعمل في المنطقة أن السفينة واصلت الإبحار مضيفة أن طاقمها بخير ولم يلحق به أذى. وذكرت رسالة نصية من الإعلام الحربي التابع للحوثيين ”القوات البحرية تستهدف بارجة تابعة لدول التحالف في البحر الأحمر ردا على جريمة قصف النازحين في الحديدة“. ولم تذكر الرسالة تفاصيل أخرى.
اضف تعليق