q
سياسة - تقارير

تيلرسون: الوجه الناعم لترامب

قضية تغيير او بقاء وزير خارجيه الامريكي ريكس تيلرسون، ماتزال محط اهتمام اعلامي واسع داخل الولايات المتحدة الامريكية، ويقف ترامب وتيلرسون، بحسب بعض المصادر، على طرفي نقيض حول عدد من القضايا الأساسية، بينها الملف النووي الإيراني، والمواجهة مع كوريا الشمالية، والخلافات بين حلفائه العرب. وذكرت نيويورك تايمز، أن تيلرسون، وصف ترامب في جلسات خاصة بـ"الأحمق"، فيما انتقد الأخير وزير خارجيته علنا "لأنه يضيع وقته بعملية توعية دبلوماسية لكوريا الشمالية".

ولمح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في وقت سابق إلى احتمال تغيير وزير خارجيته قبل نهاية ولايته، مشيرا إلى أنه "غير راض" عن عدم تأييد بعض موظفي الوزارة لبرنامجه السياسي. وهاجم ترامب الوزارة تحت قيادة تيلرسون، وقال إنه (الرئيس) وحده من يحدد السياسة الخارجية الأميركية. وقال "صاحب الشأن هو أنا. أنا الشخص الوحيد المهم". وعندما سئل هل يخطط للإبقاء على تيلرسون لما تبقى له في فترته الرئاسية، قال "حسنا. سوف نرى. لا أعرف".

ونقلت بعض المصادر عن مسؤولين في الادارة الامريكية، إن البيت الأبيض وضع خطة لإزاحة وزير الخارجية ريكس تيلرسون، وتعيين مايك بومبيو، مدير المخابرات المركزية بدلاً منه. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن المسؤولين (لم تسمهم)، أن الخطة قد تنفّذ "خلال الأسابيع القليلة القادمة". وأشارت إلى أنها جاءت بعد توتر العلاقة بين ترامب وتيلرسون.

وأضافت الصحيفة أنه وفق خطة البيت الأبيض فإن توم كوتون، السيناتور الجمهوري عن ولاية أركانساس، الذي يعد حليفاً أساسياً لترامب في قضايا الأمن القومي، سيحل محل بومبيو، في منصب مدير المخابرات المركزية. وقال المسؤول إن كوتون، أشار الى أنه سيقبل الوظيفة إذا عُرضت عليه. ولم يتضح على الفور فيما إذا كان ترامب، أعطى موافقته النهائية على الخطة، لكن قيل إنه غاضب من تيلرسون، وهو مستعد لإجراء تغيير في وزارة الخارجية، وفق الصحيفة ذاتها. ولفتت الصحيفة أيضاً إلى أن جون كيلي، كبير موظفي البيت الأبيض، أعدّ الخطة وناقشها مع مسؤولين آخرين.

البقاء في المنصب

وفي هذا الشأن قال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون إنه يعتزم البقاء في منصبه خلال 2018 على الرغم من تكهنات بأنه قد يستقيل قريبا بسبب اضطراب علاقته مع الرئيس دونالد ترامب الذي قالت تقارير إنه وصفه بأنه ”أحمق“. وقال تيلرسون خلال مقابلة مع شبكة(سي.إن.إن) إنه يعتقد أن إدارة ترامب حققت ”نجاحا كبيرا“ في 2017 وإنها تطبق حاليا سياسات يأمل بأن تؤدي إلى ”عام ناجح جدا جدا في 2018“.

وعند الإلحاح عليه لمعرفة خططه قال تيلرسون ”أعتزم البقاء خلال السنة كلها“. وتوترت علاقات تيلرسون مع ترامب على ما يبدو على مدار العام. وذكرت محطة(إن .بي. سي) في أكتوبر تشرين الأول أن تيلرسون أشار إلى الرئيس بوصفه ”أحمق“ بعد اجتماع في وزارة الدفاع (البنتاجون) في يوليو تموز. وفي نوفمبر تشرين الثاني ترددت أنباء عن أن البيت الأبيض يفكر في تغيير تيلرسون. وقال تيلرسون لمحطة (سي.إن.إن) إن الرئيس لم يلمح له أن منصبه في خطر.

وتزامنت مقابلة (سي.إن.إن) مع نشر كتاب تضمن انتقادا حادا‭‭ ‬‬عن أول سنة لترامب في السلطة . وصور الكتاب ترامب على أساس أنه يتصرف كما لو كان طفلا ويثير تساؤلات جديدة عن كفاءته لشغل منصب عام. وسئل تيلرسون عما إذا كان يتفق في الرأي مع هذا التقييم بأن ترامب غير لائق ذهنيا للمنصب فقال” لم أشك مطلقا في لياقته الذهنية. ليس لدى ما يدعو للتشكك في لياقته الذهنية“. وقال تيلرسون إن الأمر تطلب منه بعض الوقت كي يعرف أفضل السبل للتواصل مع ترامب الذي لم يكن يعرفه قبل أن يصبح وزيرا للخارجية. وقال تيلرسون الذي كان رئيسا تنفيذيا لشركة إكسون إنه وهو الرئيس لديهما أسلوبين مختلفين في الإدارة واتخاذ القرارات.

ونفى وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون غاضبا اثناء اجتماع لأعضاء الحلف الاطلسي أنباء افاد أن مسؤولي البيت الابيض يضغطون عليه للاستقالة. واحتلت شائعات حول تدهور العلاقات بين تيلرسون والرئيس دونالد ترامب الصحف في وقت سابق التي نقلت عن مصادر مغفلة في البيت الابيض ان وزير الخارجية سيغادر في غضون أسابيع.

ونفى تيلرسون هذه المعلومات مقللا من أهميتها، لكنه لوحق منذ وصوله الى أوروبا لاجراء محادثات مع الاتحاد الاوروبي والحلف الاطلسي ومنظمة الامن والتعاون في اوروبا بأسئلة بشأن مستقبله في هذا المنصب. وردا على سؤال اثناء محادثات للأطلسي عن أسباب امتناعه عن الاستقالة قال تيلرسون للصحافيين بنبرة حاسمة "هناك سيناريو يعاود البروز كل ستة اسابيع، واعتقد انه بات على جميعكم التزود بمصادر جديدة، لأن روايتكم دوما على خطأ".

وعين ترامب رجل الأعمال في قطاع النفط في نيسان/ابريل بعدما حصل على توصيات بشأنه المسؤولين الجمهوريين الرفيعين سابقا على المستوى الامني كوندوليزا رايس وروبرت غيتس. وثبت مجلس الشيوخ تيلرسون في منصبه بسهولة بعد حياة مهنية ناجحة كرئيس مجلس ادارة مجموعة النفط العملاقة اكسون موبيل، باعتباره مديرا يتمتع بخبرة مطولة وتجربة دولية وعلاقات واسعة.

لكن محاولة الاقتطاع من ميزانية وزارة الخارجية وتقليص عديد موظفيها والحد من البيروقراطية لقيت مقاومة الدبلوماسيين المحترفين فيما اثار بطء التوظيف استياء البعض في البيت الابيض. كما وردت معلومات عن خلاف مع ترامب. فتغريدات الرئيس الاميركي بدت احيانا كأنها تقوض جهود تيلرسون الدبلوماسية، على غرار تصريح ترامب ان وزير خارجيته "يضيع وقته" في محاولة التفاوض مع كوريا الشمالية. بحسب فرانس برس.

كذلك اضطرت الخارجية الى نفي معلومات مفادها ان تيلرسون وصف ترامب بأنه "ابله" في حديث خاص مع مسؤولين كبار في البنتاغون. وبرزت معلومات ان تيلرسون سيستبدل قبل نهاية العام الماضي ويحل محله مدير الوكالة المركزية للاستخبارات (سي آي ايه) وكاتم أسرار ترامب مايك بومبيو. لكن ترامب نفى ذلك مقرا باختلافه في السياسة مع تيلرسون، لكنه قال في تغريدته "أنا صاحب القرار".

ورفض وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون تقارير عن خطة من البيت الأبيض يبحث فيها إقالته وتعيين مايك بومبيو مدير المخابرات المركزية الأمريكية خلفا له ووصفها بأنها ”هزلية“. ونقلت تقارير إعلامية، وكان أولها ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز، عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الرئيس دونالد ترامب يعتزم إقالة وزير خارجيته وتعيين بومبيو مكانه. وقال تيلرسون للصحفيين لدى سؤاله عما إذا كان هناك في البيت الأبيض من يريدون منه الاستقالة ”هذا هزلي.. هزلي“. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هيذر ناويرت إن كبير موظفي البيت الأبيض جون كيلي أبلغ كبير موظفي تيلرسون بأن تقارير إقالة تيلرسون ليست صحيحة.

تجنيد الأطفال

الى جانب ذلك كشفت وثائق حكومية داخلية أن مجموعة تضم نحو 12 من مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية اتخذت خطوة غير معتادة إذ اتهمت رسميا وزير الخارجية ريكس تيلرسون بانتهاك القانون الاتحادي الذي يمنع الجيوش الأجنبية من تجنيد الأطفال. وأفادت مذكرة سرية ”معارضة“ للخارجية الأمريكية لم يكشف عنها من قبل بأن تيلرسون خالف قانون حظر تجنيد الأطفال عندما قرر في يونيو حزيران استثناء العراق وميانمار وأفغانستان من قائمة أمريكية تضم المخالفين لقانون حظر تجنيد الأطفال.

ورفع الدول من القائمة السنوية يجعل من السهل تزويدها بالمساعدات العسكرية الأمريكية. والعراق وأفغانستان حليفان وثيقان للولايات المتحدة في الحرب على الجماعات الإسلامية المتشددة بينما ميانمار حليف ناشيء لمواجهة نفوذ الصين في جنوب شرق آسيا. كما تظهر الوثائق أن قرار تيلرسون يتعارض مع توصية بالإجماع من رؤساء المكاتب الإقليمية بوزارة الخارجية الذين يشرفون على السفارات في الشرق الأوسط وآسيا والمبعوث الأمريكي لأفغانستان وباكستان ومكتب حقوق الإنسان بالوزارة وفريق المحامين بها.

وقالت المذكرة المؤرخة في 28 يوليو تموز ”إلى جانب مخالفة القانون الأمريكي، يهدد هذا القرار بالإضرار بمصداقية نطاق واسع من تقارير وتحليلات وزارة الخارجية كما أنه يضعف واحدة من الأدوات الدبلوماسية الأساسية التي تستخدمها الحكومة الأمريكية لردع القوات المسلحة الحكومية والجماعات المسلحة المدعومة من الحكومات عن تجنيد واستخدام الأطفال في القتال وأدوار مساندة في مختلف أرجاء العالم“.

وتظهر الآراء التي أبداها المسؤولون الأمريكيون التوترات القائمة بين الدبلوماسيين المخضرمين والرئيس السابق لشركة إكسون موبيل الذي عينه الرئيس دونالد ترامب وزيرا للخارجية ليطبق سياسة ”أمريكا أولا“ على الدبلوماسية. وينص قانون تجنيد الأطفال الذي سن في عام 2008 على أن الحكومة الأمريكية يجب أن تكون مطمئنة إلى أن الدولة التي ترفعها من القائمة ”لا تقوم بتجنيد أو إدراج أي أطفال (تقل أعمارهم عن 18 عاما) بالجيش أو إجبارهم بأي شكل آخر على الخدمة كأطفال مجندين“.بحسب رويترز.

وتضم القائمة حاليا جمهورية الكونجو الديمقراطية ونيجيريا والصومال وجنوب السودان ومالي والسودان وسوريا واليمن. ورد متحدث باسم وزارة الخارجية على سؤال عن مزاعم المسؤولين بأن الوزير انتهك القانون قائلا ”الوزير راجع بدقة كل المعلومات المقدمة له وتوصل إلى قرار بشأن ما إذا كانت الحقائق المقدمة إليه تبرر الإدراج على القائمة بموجب القانون“.

وأقر براين هوك مستشار تيلرسون في رد كتابي على مذكرة المعارضة في الأول من سبتمبر أيلول بأن الدول الثلاث كانت بالفعل تجند الأطفال. ولكنه قال إن من المهم التمييز بين الحكومات ”التي لا تبذل جهدا يذكر أو أي جهد على الإطلاق لتصحيح انتهاكات تجنيد الأطفال... وبين تلك التي تبذل جهودا مخلصة - وإن لم تستكمل بعد“. وأوضح هوك أن وزير الخارجية الأمريكي فسر القانون حسب تقديره.

يحظر القانون منح الجيوش الأجنبية الواردة بالقائمة أي مساعدات أو تدريب أو تسليح من واشنطن ما لم يصدر البيت الأبيض إعفاء استنادا إلى ”المصلحة الوطنية“ للولايات المتحدة. وفي عام 2016 في عهد إدارة باراك أوباما حصل العراق وميانمار ودول أخرى مثل نيجيريا والصومال على إعفاءات.

وكتبت جو بيكر مديرة قسم حقوق الأطفال في مؤسسة هيومن رايتس ووتش في يونيو حزيران في انتقاد لقرار تيلرسون تقول ”هيومن رايتش ووتش انتقدت مرارا الرئيس باراك أوباما لمنحه إعفاءات للعديد من الدول لكن القانون أحدث اختلافا حقيقيا“. وشدد المسؤولون الأمريكيون المعارضون على أن قرار تيلرسون إعفاء العراق وأفغانستان وميانمار ذهب أبعد مما وصلت إليه سياسة الإعفاءات التي انتهجتها إدارة أوباما من خلال الالتفاف على القانون وتخفيف الضغوط فعليا على هذه الدول لوقف تجنيد الأطفال.

وسلم المسؤولون في الوثائق بأن هذه الدول الثلاث أحرزت تقدما. لكنهم قالوا، حسب تفسيرهم للقانون، إن ذلك ليس كافيا لرفعها من القائمة التي تستخدم لإحراج الحكومات ودفعها للعمل على القضاء نهائيا على تجنيد الأطفال. وكتب بن كاردين العضو الديمقراطي بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي لتيلرسون يقول إن هناك ”مخاوف كبيرة من ألا تكون وزارة الخارجية ملتزمة“ بالقانون ومن أن قرار الوزارة ”يوجه رسالة لهذه الدول بأنها تحصل على موافقة على أفعالها غير المقبولة“.

والمذكرة كانت ضمن العديد من الوثائق السابقة التي لم ينشر شيء عنها والتي أرسلت إلى لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ومكتب المحقق العام المستقل بوزارة الخارجية بشأن مزاعم انتهاك تيلرسون لقانون تجنيد الأطفال. ويقول خبراء قانونيون إنه نظرا إلى نطاق الحرية الذي تتمتع به السلطة التنفيذية في مجال السياسة الخارجية، فليس هناك الكثير من الإجراءات القانونية التي يمكن اتخاذها في مواجهة قرار تيلرسون.

وقال هيرمان شوارتز أستاذ القانون الدستوري بالجامعة الأمريكية في واشنطن إن من المستبعد أن تقبل المحاكم الأمريكية أي طعن على تفسير تيلرسون لقانون تجنيد الأطفال يمنعه من رفع أي دولة من القائمة حسب تقديره. وقال مسؤول مطلع على الأمر إن الموقعين على المذكرة من كبار الخبراء السياسيين الذين يتمتعون بخبرة طويلة في التعامل مع مثل هذه القضايا. وجرى الإعلان عن قرار تيلرسون برفع العراق وميانمار من القائمة ورفض توصية بإضافة أفغانستان إليها عند صدور التقرير الحكومي السنوي عن تهريب البشر يوم 27 يونيو حزيران.

وقبل ذلك بستة أيام أفادت مذكرة لم تنشر من قبل أرسلها دبلوماسيون بارزون بالبريد الإلكتروني لتيلرسون بأن الدول الثلاث انتهكت القانون استنادا إلى أدلة جمعها مسؤولون أمريكيون خلال عام 2016 وأوصت بأن يوافق على إدراج الدول الثلاث على القائمة الجديدة. وأشارت المذكرة إلى أنه فيما يتعلق بالعراق فقد أفادت الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية ”بأن بعض القوات القبلية السنية... جندت واستخدمت أشخاصا تقل أعمارهم عن 18 عاما وفي بعض الأحيان قام الأطفال بدور مباشر في أعمال قتالية“.

ونفى علي كريم عضو اللجنة العليا لحقوق الإنسان العراقية تجنيد أطفال في صفوف جيش البلاد أو أي فصائل تدعمها الدولة. وقال إن سجل العراق نظيف فيما يتعلق بقضايا تجنيد الأطفال. وأفادت المذكرة كذلك بأن ”حالتين مؤكدتين لتجنيد الأطفال“ في جيش ميانمار ”جرى توثيقهما خلال الفترة محل الدراسة“ ويقول مدافعون عن حقوق الإنسان إن عشرات الأطفال ما زالوا مجندين هناك.

وتحدى زاو هتاي المتحدث باسم حكومة ميانمار من يتهمون الجيش بذلك أن يقدموا تفاصيل عن أين وكيف يجرى تجنيد أطفال. وأشار إلى أن أحدث تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية عن تهريب البشر ”أقر بأن ميانمار حدت من تجنيد الأطفال“ - وإن كان التقرير أوضح كذلك أن بعض الأطفال ما زالوا مجندين. وقالت المذكرة إن هناك ”أدلة يعتد بها“ على أن ميليشيا تدعمها الدولة في أفغانستان ”جندت واستخدمت طفلا“ وبذلك ينطبق عليها الحد الأدنى، المتمثل في حالة واحدة مؤكدة، الذي استخدمته من قبل وزارة الخارجية كأساس قانوني لإدراج دولة على القائمة. ونفت وزارتا الدفاع والداخلية في أفغانستان وجود أي أطفال ضمن قوات الأمن في البلاد وهو تأكيد يتناقض مع تقارير وزارة الخارجية الأمريكية ومدافعون عن حقوق الإنسان.

اضف تعليق