التجربة الصاروخية الجديدة التي اجرتها كوريا الشمالية، وعدها البعض تحدي جديد من حكومة بيونغ يانغ، أثارت موجة من الانتقادات والادانات الدولية ودعا الخصوم إلى مزيد من الاجراءات العقابية، التي قد تسهم وبحسب بعض المراقبين في خلق حرب كارثية تهدد امن واستقرار المنطقة والعالم، وقالت كوريا الشمالية، إنها حققت هدفها المتمثل في أن تصبح دولة نووية بعد أن اختبرت بنجاح صاروخا جديدا عابرا للقارات يمكنه استهداف "القارة الأميركية برمتها"، وبعد هذا الاعلان بحث الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، سبل الرد على التجربة الصاروخية الجديدة لكوريا الشمالية، في مكالمتين هاتفيتين منفصلتين، مع نظيره الكوري الجنوبي، مون جاي إن، ورئيس الوزراء الياباني ، شينزو آبي، ذلك بحسب بيانين صادرين عن البيت الأبيض، وأكد الرئيس الأمريكي أن سياسته مع كوريا الشمالية "لم تتغير"، في إشارة إلى تكثيف الجهد الدبلوماسي العالمي من أجل زيادة الضغط على بيونغ يانغ. وطالبت واشنطن المجتمع الدولي اتخاذ اجراءات جديدة تذهب أبعد من العقوبات التي فرضها مجلس الأمن على بيونغ يانغ.
من جهته، دان وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون في بيان بأشد العبارات إطلاق كوريا الشمالية لصاروخ باليستي. ودعا إلى إعلان حظر على النقل البحري للبضائع من كوريا الشمالية وإليها. وطالب تيلرسون جميع الدول بالضغط على كوريا الشمالية عقب إطلاقها الصاروخ الباليستي، وقال"حتى الآن مازالت الولايات المتحدة منفتحة على حل دبلوماسي لقضية كوريا الشمالية". وزير الخارجية الأميركي أوضح أن الولايات المتحدة تبحث مع حلفائها مسألة مواجهة كوريا الشمالية عقب إطلاق الصاروخ الجديد"، معتبراً أن أن صاروخ كوريا الشمالية الجديد يمثل "تهديداً لجيرانها وللاستقرار العالمي".
كما أدان الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-ان إطلاق كوريا الشمالية صاروخا بالستيا عابرا للقارات، متحدثا عن خطر خروج التوتر في شبه الجزيرة الكورية عن السيطرة. وقال الرئيس الكوري الجنوبي إن عملية الإطلاق الصاروخية الجديدة تشكل تهديدا لأمن المنطقة. بدوره عبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن "إدانته الشديدة" لإقدام كوريا الشمالية على إطلاق صاروخ عابر للقارات ودعا بيونغ يانغ الى "الامتناع عن القيام بأفعال جديدة مزعزعة للاستقرار". وقال غوتيريش إن التجربة الصاروخية البالستية الكورية الشمالية "انتهاك صارخ لقرارات مجلس الأمن ويُظهر "ازدراء بيونغ يانغ التام للمجتمع الدولي".
وهذه هي أول تجربة من نوعها لكوريا الشمالية منذ شهرين، وبعد فرض واشنطن عقوبات جديدة عليها وإعلانها دولة راعية للإرهاب. وأطلقت كوريا الشمالية خلال الأشهر الماضية عدداً من الصواريخ البالستية. وأجرت تجارب نووية أثارت قلق واشنطن وحلفائها في آسيا وقوبلت باستنكار دولي واسع. وكان مجلس الأمن الدولي تبنى في 12 أيلول/ سبتمبر الماضي القرار 2375 الذي يفرض المزيد من العقوبات على كوريا الشمالية، بسبب إستمرار تجاربها النووية والصاروخية. كما دان القرار التجربة الكورية الهيدروجينية ولجم قدراتها الإقتصادية. وأعلنت كوريا الشمالية عن اختبار قنبلة هيدروجينية معدة لوضعها على صاروخ باليستي عابر للقارات، بناءً على أمر رئيس البلاد. وقالت وسائل إعلام كوريا الشمالية إنّ علماء بيونغ يانغ بنوا قنبلة هيدروجينية متقدمة يمكن تركيبها على صاروخ باليستي عابر للقارات، كاشفةً إنّ الزعيم كان حاضراً في مصنع عندما جرى تحميل السلاح النووي على صاروخ.
صاروخ جديد
وفي هذا الشأن أعلنت كوريا الشمالية عبر وكالة الأنباء الرسمية للبلاد عن نجاح اختبار صاروخ جديد عابر للقارات يمكنه استهداف "القارة الأمريكية بكاملها". وبذلك اعتبرت كوريا الشمالية أنها حققت هدفها المتمثل في أن تصبح دولة نووية. وبعد إشرافه على إطلاق صاروخ هواسونغ-15 قال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إنه يشعر "بالفخر لأننا تمكنا في نهاية المطاف من تحقيق هدفنا التاريخي الكبير وهو استكمال القوة النووية للدولة"، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية.
وأضافت الوكالة إن صاروخ "هواسونغ -15 البالستي العابر للقارات مزود برأس حربي كبير جدا قادر على ضرب القارة الأمريكية برمتها". وشددت على أن تطوير هذا الصاروخ سيحمي كوريا الشمالية من "سياسة الابتزاز والتهديد النووي للإمبرياليين الأمريكيين". ودفعت هذه التجربة الصاروخية الكورية الشمالية الجديدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى توجيه تحذير لبيونغ يانغ. وأُطلق الصاروخ من موقع سان-ني قرب بيونغ يانغ، وتحطم في البحر قبالة اليابان.
وأوضح البنتاغون أن الصاروخ لم يشكل أي خطر لا على الولايات المتحدة القارية ولا على الأراضي الأمريكية الأخرى، أو أراضي الدول الحليفة. وأضاف وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس الذي كان موجودا إلى جانب ترامب في البيت الأبيض أن الصاروخ البالستي الكوري الشمالي الذي تحطم في البحر قبالة اليابان بعد أن قطع مسافة نحو ألف كلم وصل إلى أعلى ارتفاع مقارنة بكل الصواريخ التي اطلقتها كوريا الشمالية في السابق، معتبرا أن ذلك يمثل "خطرا على العالم أجمع". بحسب فرانس برس.
وقال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي إن الصاروخ بلغ ارتفاعا "تجاوز 4000 كلم". وأضاف آبي للصحافيين إن هذا الصاروخ الكوري الشمالي يشكل "عملا عنيفا لا يمكن التسامح معه". وتابع "لن نخضع لأي عمل استفزازي. سنضاعف ضغطنا" على بيونغ يانغ، وبعيد ذلك أجرى ترامب وآبي محادثة هاتفية طارئة، وجاء في بيان للبيت الأبيض أن "الزعيمين اعتبرا أن الأعمال الاستفزازية للنظام الكوري الشمالي تعرضه للخطر وتزيد من عزلته عن المجتمع الدولي". وأضاف البيان أن "الزعيمين جددا تأكيد التزامهما بمواجهة التهديد الكوري الشمالي".
وطلبت طوكيو وواشنطن وسيول عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولي الذي فرض حتى الآن العديد من العقوبات على كوريا الشمالية على خلفية برنامجيها البالستي والنووي. وقال رئيس الوزراء الياباني إن طلاق الصاروخ الكوري الشمالي "عمل عنيف لا يمكن التسامح معه"، في حين قال وزير الدفاع إن الصاروخ سقط على الأرجح في المنطقة الاقتصادية البحرية لليابان مصرحا للصحافيين "نفترض أنه سقط داخل منطقتنا (البحرية)الاقتصادية".
عمل استفزازي
الى جانب ذلك قال الكرملين إن أحدث تجربة لصاروخ باليستي عابر للقارات أجرتها كوريا الشمالية ستزيد التوترات في المنطقة وستبعد جميع الأطراف المعنية عن النقطة التي يمكن فيها بدء التوصل لتسوية بشأن الأزمة. وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين في مؤتمر صحفي عبر الهاتف مع الصحفيين إن موسكو تأمل أن تلتزم جميع الأطراف المعنية بالهدوء مضيفا أن هذا ضروري لتفادي أسوأ سيناريو في شبه الجزيرة الكورية. كماعبرت الصين، الحليف الكبير الوحيد لكوريا الشمالية، عن ”قلقها البالغ“ بشأن التجربة ودعت كل الأطراف للتصرف بحذر.
وقال وزير الخارجية زيجمار جابرييل إن ألمانيا تدين بقوة أحدث تجارب كوريا الشمالية الصاروخية الباليستية مضيفا أنها ستستدعي سفير بيونجيانج لديها. وأضاف في بيان ”خرقت كوريا الشمالية من جديد القانون الدولي. سلوك كوريا الشمالية المتهور يمثل تهديدا كبيرا للأمن الدولي“. وقالت الحكومة اليابانية إنها "لن تقبل مطلقا السلوك الاستفزازي المستمر من كوريا الشمالية". ووصف الاتحاد الأوروبي تجربة الإطلاق بأنها "انتهاك آخر غير مقبول" من جانب كوريا الشمالية لالتزاماتها الدولية. ووصف مندوب بريطانيا لدى الأمم المتحدة التجربة بأنها "عمل متهور".
وأدانت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند، التجربة الصاروخية الأخيرة لكوريا الشمالية، مشيرة أن هذه الأزمة سيتم تناولها خلال اجتماع لوزراء خارجية عدد من الدول، من المنتظر أن ينعقد في كندا. فيما أدان وزير الخارجية النيوزيلندي ونستون بيترز، اليوم الأربعاء، التجربة الصاروخية الجديدة التي أجرتها كوريا الشمالية. وقال بيترز، في بيان نُشر على موقع وزارته، إن هذه التجارب الصاروخية "تسببت بخيبة أمل عميقة" لدى بلاده. وأكد أن كوريا الشمالية تنتهك بهذه التجارب قرارات العقوبات الصادرة عن الأمم المتحدة، مؤكداً استمرار دعم بلاده لجهود إقناع بيونغ يانغ بتدمير أسلحتها النووية والباليستية. وشدد على دعم نيوزيلندا "التوصل إلى حل دبلوماسي في مواجهة هذا الخطر الذي يهدد الأمن العالمي".
اضف تعليق