q

تتواصل تداعيات الأزمة الخليجية بين قطر ودول المقاطعة، فالتدخلات الخارجية لحل الأزمة لم تأتي بثمار لإنهاء القطيعة والخلاف، الذي قد يتفاقم بشكل كبير في الفترة المقبلة، بسبب تبادل الاتهامات والدعوة لتشديد العقوبات ضد الدوحة، وقد اكد وزير الخارجية الأمريكي إن أطراف الأزمة في الخليج خصوصا السعودية وقطر، ما زالت غير مستعدة للحوار، وأضاف: "ليس هناك مؤشر قوي على استعداد الأطراف للحوار ولا يمكن إجبار الناس على أن يتحادثوا إن كانوا غير مستعدين لذلك". وتأتي هذه التصريحات عقب زيارة تليرسون للرياض والدوحة في محاولة ثانية، لم تظفر بالقبول، لإيجاد حل للأزمة القطرية مع مصر والسعودية والإمارات والبحرين، وكانت المحاولة الأولى بعد شهر من الأزمة، منتصف يوليو الماضي، والتي انتهت دون التوصل إلى حل.

ويرى محللون سياسيون أن جهود أمريكا في هذا الشأن لا تتسم بالجدية منذ البداية، وهناك آراء تقول أن هذه الزيارة لم يكن هدفها الرئيسي حل الأزمة القائمة، وفقا لموقع "سبوتنيك" الروسي. كما دعا وزير خارجية البحرين، خالد بن أحمد آل خليفة، إلى تجميد عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي حتى تستجيب لمطالب دول الخليج، وهو ما اثار غضب الدوحة حيث قال أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني ، إن السعودية وحلفائها العرب يسعوا إلى الإطاحة بحكومته، وذلك في ظل استمرار الأزمة التي تعصف بالخليج، وأضاف إنهم يريدون تغيير النظام بما يخدم مصالحهم هذا واضح جدا.

وقطعت مصر والسعودية والإمارات والبحرين، 5 يونيو الماضي، علاقاتها مع قطر وفرضت عليها عقوبات اقتصادية بسبب دعم الدوحة للإرهاب والمجموعات المتطرفة والتقرب من إيران. وتعمل السعودية ومن خلفها الولايات المتحدة على الحد من نفوذ إيران في المنطقة، خصوصا في ظل السياسة المتشددة التي يتبعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مواجهة إيران.

تغيير النظام

وفي هذا الشأن اتهم أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، السعودية وحلفاءها بالسعي إلى تغيير النظام في بلاده. وهي المرة الأولى التي تتهم فيها الدوحة جيرانها صراحة بمحاولة زعزعة نظامها في ظل استمرار الأزمة التي تعصف بالخليج. وقال تميم "إنهم يريدون تغيير النظام. هذا واضح جدا". وأضاف "التاريخ يظهر لنا ويعلّمنا أنهم حاولوا فعل ذلك سابقا في العام 1996 بعد أن أصبح والدي أمير (البلاد). وقد أظهروا ذلك في شكل واضح جدا خلال الأسابيع الفائتة".

وقال "إنهم لا يحبون استقلالنا والطريقة التي نفكر بها ورؤيتنا للمنطقة". وتابع أمير قطر "نريد حرية التعبير لشعوب المنطقة. وهم غير راضين عن ذلك. يعتقدون أن هذا يشكل تهديدا لهم". يذكر أنه حتى الآن، لم تكن الدوحة قد اتهمت جيرانها صراحة بمحاولة تغيير نظامها. وصرح الأمير "قالوا في الإعلام إن هذا النظام يجب أن يكون مقبولا بشكل أكبر بالنسبة إلى جيرانه. يريدون القول إن علينا ان نتبعهم بدلا من أن نكون مستقلين. هذا هو ما يريدون قوله، هذا هو ما يريدونه".

من جانب اخر قال الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر إنه مستعد لإجراء محادثات مباشرة تستضيفها الولايات المتحدة بهدف حل أسوأ أزمة دبلوماسية في الخليج منذ سنوات لكنه في انتظار رد على دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للدول العربية الأربع التي تقاطع الدوحة. وقال الشيخ تميم لمحطة (سي.بي.إس) التلفزيونية الأمريكية إنه يريد إنهاء الخلاف الذي بدأ في الخامس من يونيو/ حزيران مع السعودية والبحرين والإمارات ومصر. وأضاف لبرنامج (60 دقيقة) "لا شيء فوق كرامتنا وسيادتنا لكننا نريد إنهاء (الخلاف). أقول ذلك دائما... إذا ساروا مترا واحدا تجاهي فسوف أسير عشرة آلاف ميل تجاههم".

وقال الشيخ تميم إن ترامب أبلغه "لن أقبل أن يتشاجر أصدقائي فيما بينهم". وأضاف أن ترامب عرض عليه خلال محادثات على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول استضافة محادثات في الولايات المتحدة. وقال الشيخ تميم "قلت له على الفور ’سيدي الرئيس نحن جاهزون تماما. فأنا أدعو للحوار من اليوم الأول'" مضيفا أن الاجتماع كان من المفترض حدوثه قريبا جدا وإنه لم يسمع ردا من الدول الأخرى.

وكان ترامب الذي أبدى استعداده للوساطة في الخلاف قد قال في سبتمبر أيلول إن لديه "شعورا قويا للغاية" بأن الخلاف سيحل "سريعا جدا". وفي حديثه مع محطة (سي.بي.إس) قال الشيخ تميم مجددا إن قطر لن تغلق قناة الجزيرة كما تطالب الدول الأربع التي تتهم القناة بالانحياز والتدخل في شؤونها. وتقول الجزيرة التي مقرها الدوحة إنها تقدم خدمة إخبارية مستقلة تنقل أصوات الجميع في المنطقة. وقال الشيخ تميم إنه يخشى على المنطقة في حالة اتخاذ أي إجراءات عسكرية في إطار الأزمة. وأضاف "أخشى أن تغرق المنطقة في الفوضى في حالة حدوث أي شيء... إذا حدث أي عمل عسكري".

تجميد عضوية قطر

الى جانب ذلك اقترح وزير الخارجية البحريني تعليق عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي حتى تقبل مطالب دول المقاطعة في أسوأ أزمة تشهدها المنطقة منذ سنوات. وقال الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة في حسابه على تويتر "الخطوة الصحيحة للحفاظ على مجلس التعاون الخليجي هي تجميد عضوية قطر حتى تحكم عقلها وتتجاوب مع مطالب دولنا. وإلا فنحن بخير بخروجها من المجلس". ويضم مجلس التعاون الخليجي - الذي أسس في عام 1981 - السعودية والبحرين والإمارات وقطر وعمان والكويت.

ونشر الوزير عددا من التغريدات تشدد على ضرورة اتخاذ هذه الخطوة ضد الدوحة التي "تتقرب من إيران يوما بعد يوم وتحضر القوات الأجنبية وهي خطوات خطيرة على أمن دول مجلس التعاون". ومن المقرر أن تجتمع دول مجلس التعاون الخليجي وهي السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة والكويت وعمان وقطر، قبل نهاية العام، غير أن الأزمة قد تؤدي إلى تأجيل القمة السنوية أو إلغائها.

وقال الوزير البحريني "إن كانت قطر تظن أن مماطلتها وتهربها الحالي سيشتري لها الوقت حتى قمة مجلس التعاون القادمة، فهي مخطئة. فإن ظل الوضع كما هو، فهي قمة لن نحضرها". ولفت إلى أن بلاده "أكثر من عانى من تآمر وشرور قطر منذ انسلاخها ككيان منفصل عن البحرين قبل عقود من الزمن"، في إشارة إلى خلاف حدودي قديم بين البلدين. وحذر خبراء من أن الأزمة الدبلوماسية المستمرة لخمسة أشهر قد تؤدي إلى ضعف المجلس.

وقدمت السعودية وحليفاتها في يونيو/حزيران إلى قطر قائمة بعدة مطالب، من بينها إغلاق شبكة الجزيرة، وتقليص علاقاتها مع إيران، وإغلاق القاعدة العسكرية التركية في البلاد. وأغلقت الرياض ودول المقاطعة حدودها البرية ومجالاتها الجوية مع الدوحة، وأوقفت رحلات الطيران معها، وطردت رعاياها من أراضيها. ويقول مراقبون إن عزلة قطر قد تدفعها أكثر باتجاه إيران المنافس الإقليمي للسعودية.

كما أكد وزراء إعلام الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، خلال اجتماعهم في العاصمة البحرينية المنامة، على ضرورة مواجهة تدخل قطري في الشؤون الداخلية للدول العربية. وقال الوزراء إنه "يجب التصدي للدور القطري في التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية من خلال دعم مفهوم الإسلام السياسي المتبني للإرهاب كوسيلة لتحقيق الأهداف، الذي بدأ منذ سنوات وما زال مستمرا في سياسة تخريبية واضحة وبشكل ممنهج"، حسب شبكة "سكاي نيوز".

كما أكد وزراء الإعلام للدول الداعية لمكافحة الإرهاب على أهمية "التصدي لخطاب الكراهية الذي ترعاه حكومة قطر وأذرعها الإعلامية، وتبنيها سياسة عزل الشعب القطري الشقيق عن محيطه الخليجي والعربي". كما رحب الوزراء بالاستراتيجية الأمريكية تجاه إيران أكبر دولة راعية للإرهاب، مؤكدين على أهمية مكافحة الإرهاب وكل من يدعمه.

اضف تعليق