تصاعد الصراع بين الولايات المتحدة الامريكية وإيران، بشكل خطير في الفترة الاخيرة بسبب القرارات والاجراءات الجديدة التي تتبعها إدارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب، الذي يسعى وبحسب بعض المراقبين الى تمزيق الاتفاق النووي لعزل إيران والحد من طموحاتها التوسعية، التي اثارت قلق ومخاوف حلفاء امريكا في المنطقة، حيث سعت ادارة ترامب الى فرض عقوبات أمريكية جديدة تطال شركات ومسؤولين في إيران على خلفية برنامج طهران الباليستي. تحركات ترامب وباقي الحلفاء اثارت ايضا غضب ايران التي سعت هي الى الاخرى الى اعتماد خطط مضادة ضد القرارات الامريكية الاخيرة، وهو ما قد يسهم في تعقيد الامور ويدفع لحدوث صراع جديد في المنطقة خصوصا مع وجود جهات وشخصيات متشددة في كلا البلدين، يضاف الى ذلك التحركات الاخرى التي يقوم بها خصوم ايران. وردا على العقوبات الأمريكية الجديدة صادق مجلس الشورى الإيراني، على تخصيص 520 مليون دولار لتطوير البرنامج البالستي الإيراني وتعزيز النشاطات الإقليمية للحرس الثوري الإيراني، وذلك رداً على "سياسة المغامرة" التي تتبعها الولايات المتحدة.
وصرّح رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني "على الأميركيين أن يعرفوا أن هذا الإجراء ليس إلا خطوتنا الأولى"، وذلك بعد إعلانه نتيجة تصويت البرلمان بغالبية ساحقة على سلسلة تدابير تهدف إلى "مواجهة الأعمال الإرهابية والمغامرة للولايات المتحدة في المنطقة".. وجاء التصديق على مشروع القانون هذا ردا على قانون مجلس الشيوخ الأمريكي بتشديد العقوبات على إيران، غير المتعلقة بالاتفاق النووي. وكانت وزارة الخارجية الأمريكية أعلنت، الثلاثاء 18 يوليو/تموز، إدراج 18 شخصية وشركة إيرانية في قائمة العقوبات بسبب علاقتها ببرنامج طهران الصاروخي الذي ترى واشنطن أنه يتعارض مع القرارات الدولية.
عقوبات جديدة
في هذا الشأن أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامجها للصواريخ البالستية وما تقول دعمها لمنظمات إرهابية. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن الإجراءات الجديدة ستطال 18 من الشخصيات والمؤسسات الإيرانية. وتضيف أن جميع المشمولين ضالعون بدعم برنامج الصواريخ الباليستية أو يعملون ضمن قوات الحرس الثوري الإيراني. وانتقد بيان الخارجية الأمريكية إيران أيضا لدعمها الحكومة السورية وجماعات من أمثال حزب الله وحماس.
وأضاف "تظل الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق بشأن نشاطات إيران الضارة في عموم الشرق الأوسط، التي تقوض الاستقرار الاقليمي والأمن والرخاء" في المنطقة. وشدد البيان على أن "إيران تواصل دعم الجماعات الإرهابية من أمثال: حزب الله وحماس وجماعة الجهاد الإسلامي التي تهدد إسرائيل والاستقرار في الشرق الأوسط، وقد حافظت على تقديم دعم ثابت لنظام الأسد (في سوريا) على الرغم من الفظائع التي ارتكبها ضد شعبه". كما اتهمت إيران بتغذية وإطالة أمد الصراع في اليمن عبر تقديمها الدعم للمتمردين الحوثيين.
وجاء هذا الإعلان بعد يوم من إشارة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى التزام طهران ببنود اتفاق عام 2015 لتحديد برنامجها النووي. وقعت إيران اتفاقا عام 2015 مع الدول الكبرى لتحديد برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها وينبغي على البيت الأبيض إبلاغ الكونغرس كل ثلاثة أشهر بشأن مدى التزام إيران ببنود الاتفاق النووي، وقد قام الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بفعل ذلك مترددا، قائلا إن إيران تنتهك روح الاتفاق، لكن الشهادة المقدمة من البيت الأبيض تعني تواصل تخفيف العقوبات الكبيرة المفروضة على إيران في الوقت الرهن.
وقد أنشأ الحرس الثوري الإيراني بعد الثورة الإسلامية في إيران في عام 1979 للدفاع عن النظام الإسلامي في البلاد ليشكل ثقلا موازننا لثقل لقوات المسلحة التقليدية في إيران. ومنذ ذلك التاريخ بات الحرس الثوري القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية الكبرى في إيران، المرتبطة بالقائد الأعلى للثورة الإسلامية.
زيادة الإنفاق
الى جانب ذلك وافق البرلمان الإيراني بصفة مبدئية على مشروع قانون لزيادة الإنفاق على البرنامج الصاروخي وعلى الحرس الثوري الإيراني ردا على عقوبات جديدة فرضتها الولايات المتحدة عليها. وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية إن المشرعين أيدوا بأغلبية ساحقة الإطار العام لمشروع قانون "لمكافحة الإرهاب والتصرفات الأمريكية المتسرعة" في حين ردد البعض هتافات تقول "الموت لأمريكا". وجاء مشروع القانون ردا على تشريع أقره الكونجرس الأمريكي ووقع عليه الرئيس دونالد ترامب في أوائل أغسطس آب لفرض عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامجها الصاروخي. وتنفي إيران أن برنامجها الصاروخي ينتهك اتفاقها النووي الموقع عام 2015 مع القوى العالمية والذي يطالب الجمهورية الإسلامية بعدم القيام بأنشطة تتعلق بالصواريخ الباليستية المصممة بحيث يمكنها حمل رؤوس نووية. وتقول طهران إنها لا تصمم مثل هذه الصواريخ. بحسب فرانس برس.
وستتطلب خطة إيران من الحكومة والقوات المسلحة وضع استراتيجية لمكافحة الانتهاكات الأمريكية لحقوق الإنسان حول العالم ولدعم الهيئات الإيرانية والأفراد الإيرانيين المتضررين من العقوبات الأمريكية. وسيخصص مشروع القانون كذلك ما يزيد على 260 مليون دولار للبرنامج الصاروخي الإيراني ومثلها لقوة القدس، وهي الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني. وقال عباس عراقجي نائب وزير الخارجية لأعضاء البرلمان إن الحكومة أيدت مشروع القانون الذي قال إنه "صيغ بحكمة بحيث لا ينتهك (الاتفاق النووي) فيوفر ذريعة للجانب الآخر". ويتعين أن يجرى تصويت آخر على التشريع قبل إحالته إلى هيئة من رجال الدين للموافقة عليه ليصبح قانونا.
عهد ترامب
على صعيد متصل فرضت الولايات المتحدة الأمريكية خلال الإدارات المتعاقبة في البيت الأبيض، سلسلة من العقوبات الاقتصادية على إيران منذ عام 1980، على خلفية اتهام طهران بدعم ما تصفه واشنطن بـ"الإرهاب الدولي"، وبسبب برنامجها النووي. ووجَّه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهديدا مستترا لإيران، مطالبا طهران بالامتثال لبنود الاتفاق النووي مع القوى العالمية وإلا فسوف تواجه "مشكلات كبيرة للغاية".
ففي فبراير2017 فرضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات على إيران، ردا على إطلاق صاروخ باليستي متوسط المدى، وحذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طهران من أنها "تلعب بالنار"، وذلك بعد يوم من إعلانه عن توجيه تحذير رسمي إلى إيران بشأن اختبارها صاروخا باليستيا. وفي مارس 2017، اتفق ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال اجتماعهما على أن إيران تمثل تهديدا أمنيا على المنطقة، واتفق الجانبان السعودي والأمريكي حول خطورة التحركات الإيرانية التوسعية في المنطقة، وأن إيران تحاول كسب شرعيتها في العالم الإسلامي عبر دعم المنظمات الإرهابية.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إيران لا تحترم "روح" الاتفاق الموقع في العام 2015 مع القوى العظمى حول برنامجها النووي والذي أدى إلى تخفيف العقوبات الدولية المفروضة على هذا البلد. وصرح ترامب في إشارة إلى الاتفاق الذي وقعه سلفه باراك أوباما "بأنه اتفاق رهيب ما كان يجب توقيعه". وفي منتصف شهر يوليو من العام الجاري، أقرت الإدارة الأمريكية عقوبات جديدة على إيران. وتعهد الرئيس الإيراني حسن روحاني برد موازٍ على العقوبات الأمريكية ضد بلاده، مؤكدا أن هذه عقوبات لن تؤثر على الشعب الإيراني ولن تثنيه عن المقاومة والصمود.
وقد اكد روحاني الى التوقيع انه إذا أرادت أمريكا انتهاك الاتفاق النووي فإن العالم بأسره سيقف أمامها وكل من يريد الإضرار بالاتفاق سيلحق الضرر بنفسه وببلده. واشار الرئيس روحاني في تصريح الى ان الرئيس الامريكي والمعارضين والمناوئين للجمهورية الاسلامية يصفون الاتفاق النووي بانه اسوا اتفاق في تاريخ الولايات المتحدة وبان ايران غررت بالجميع وهذا الكلام غير صحيح وقال: الامر الذي يتسم بالأهمية في الاتفاق النووي هو انه بني على اساس قاعدة "ربح - ربح" وليس امرا اخر، ولا شك انه يصب في مصلحة البلاد والمنطقة والعالم وكل من يحاول الاضرار بالاتفاق سيلحق الضرر بنفسه وببلاده. ولفت الرئيس روحاني الى انه في فترة من الفترات كان الجميع يصطفون ضد ايران وقال: لكننا نرى اليوم بانه لو حاولت امريكا انتهاك الاتفاق النووي فانها ستواجه جميع العالم.
اضف تعليق