q

يواجه رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، تحديات كبيرة بسبب الاتهامات والتحقيقات المستمرة بخصوص بعض قضايا الفساد، حيث اكد بعض الخبراء نتنياهو اصبح اليوم في موقف محرج بعد الاتفاق الاخير الذي وقعته الشرطة الإسرائيلية مع مدير مكتبه آري هارو باعتباره "شاهد ملك" ضد نتنياهو. المتهم في قضايا غش وخيانة الأمانة، وكدوا بحسب ما نقلت بعض المصادر ان هاتان التهمتان لم تكونا تكفيان لمحاكمته والزج به بالسجن، ولذلك كانت الشرطة الإسرائيلية تبحث طيلة الفترة السابقة عن أدلة تؤكد وجود رشوة تضمن دخوله السجن وإصدار حكم ضده". وإقدام الشرطة الإسرائيلية على توقيع اتفاق مع المدير السابق لمكتب نتنياهو آري هارو واعتباره كـ "شاهد ملك" يشير إلى وجود أدلة تدين نتنياهو، وهذا ما أكده قرار المحكمة فرض السرية وحظر نشر أي معلومات عن التحقيقات التي تجري في ملفات الفساد، التي يشتبه بتورط نتنياهو فيها لمدة شهر ونصف، والمعلومات التي رشحت عن أن حزب الليكود الحاكم بدأ يستعد لمرحلة ما بعد نتنياهو، الذي تشير التوقعات ان عهده سينتهي خلال عام 2017 أو على أبعد تقدير مع بداية العام 2018 القادم. خصوصا وان 73 ٪ من الإسرائيليين يعتبرون نتنياهو وفق أحدث الاستطلاعات شخصا فاسدا، و53 ٪ يعتبرونه كاذباً.

وبحسب القناة العبرية الثانية، فمن المتوقع أن توصي الشرطة بتقديم نتنياهو للمحاكمة في ملفي فساد، الأول أطلق عليه الملف (1000) والذي يتعلق بتلقي نتنياهو وعائلته هدايا فاخرة بمئات آلاف الدولارات من رجال أعمال مقابل تسهيل أعمالهم. أما الملف الآخر فهو الملف (2000)، والتي يجري في إطارها التحقيق في اتصالات لتنفيذ صفقة رشوة مع ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت" أرنون موزيس والتي تتعلق بقيام الصحيفة بتقديم تغطية إيجابية لأخبار نتنياهو مقابل قيام الأخير بإضعاف صحيفة "يسرائيل هيوم" المنافسة.

من جانبها، عقّبت القناة الثانية الإسرائيلية على التطورات في ملفات التحقيق ضد نتنياهو بالقول، إن "إمبراطورية نتنياهو تتصدع وسقوطه سيكون عاصفا". وأضافت: "لو كان هناك من يعتقد، في وسط قيادة الشرطة والنيابة العامة، أن الاتفاق مع هارو لن يثمر عن معلومات مهمة تعزز الشبهات، وربما تستكمل نسيج الأدلة في الملفين المشتبه بهما نتنياهو لما تم التوقيع معه".

فيما توقعت صحيفة "هآرتس" العبرية أن التحقيقات قد تمتد حتى نهاية العام الجاري على الأقل، حتى تستطيع الشرطة تقديم توصياتها للنيابة بتوجيه لائحة اتهام. وأشارت الصحيفة إلى قضايا مماثلة سابقا مع شخصيات إسرائيلية مثل رئيس الوزراء الأسبق أيهود أولمرت، حيث استمرت التحقيقات أشهر طويلة حتى تم إدانته.

المعارضة الإسرائيلية المتمثلة في حزب “المعسكر الصهيوني”، بزعامة آفي جباي، طالبت بضرورة حل حكومة نتنياهو وإجراء انتخابات مبكرة، في ظل الاتهامات الجديدة التي يواجهها بنيامين نتنياهو، متهمة الاخير بأنه بنى نظامًا فاسدًا خلال عهده في الحكومة الإسرائيلية، وفقد القوة المعنوية والقدرة على إدارة شؤون الدولة منذ اتهام الشرطة له بتلقي الرشوة وخيانة الأمانة.

فضائح الفساد

فضائح الفساد تزعج نتنياهو وأسرته".. تحت هذا العنوان نشرت صحيفة "ذا تايم أوف إسرائيل"، مقالًا للكاتب بن سيلز. واستهل الكاتب المقال بقوله: إن نتنياهو "له قبضة قوية على الحكومة ولكن الفضيحة السياسية المتصاعدة قد تطرحه أرضًا.. كما أن نجله أيضًا يعاني من المشكلات"، مشيرا إلى أن مسئولين في حزبه بدأوا في النأي بأنفسهم عنه، إلا أنه مازال متحديا للظروف.

وأضاف الكاتب: "نتنياهو بدا في خطر متزايد عندما أصبح أري هارو مدير مكتبه السابق شاهد ملك في قضية يجري التحقيق معه فيها". وتابع:" رغم كل هذا إلا أن نتنياهو بقي واثقًا واتهم وسائل الإعلام الإسرائيلية بنشر أخبار مزيفة عن الفضيحة. وتعليقًا على مقال منشور توقع الإطاحة به قال: لن يحدث". وتساءل الكاتب: "لكن هل هذا سيحدث؟ بعد فوزه بأربع انتخابات إسرائيلية هل سيقضي نتنياهو على نفسه بأخطائه؟"

ومن المتوقع أن توصي الشرطة بتقديم نتنياهو، للمحاكمة وبحسب الشرطة، فإنّ "القضية 1000" و"القضية 2000" تتضمنان مخالفات الرشوة والخداع وخيانة الأمانة. وبحسب الملف الأول فإن نتنياهو هو المشتبه به الوحيد بسبب تلقيه الهدايا، أما في الثاني فهو أحد اثنين مشتبه بهما. يشار إلى أن المدير السابق لمكتب رئيس الحكومة، آري هارو، كان قد وقع ، على اتفاقية "شاهد ملك" مع النيابة العامة، وذلك بمصادقة المستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليت، والمدعي العام شاي نيتسان.

وتبيّن أن لهارو دورا مهما في "القضية 2000"، حيث إن جزءًا من المحادثات تم تسجيلها بواسطة جهاز الهاتف النقال الخاص به، كما شارك هو بنفسه في جزء من المحادثات. وتشير الدلائل إلى أن نتنياهو طلب من هارو القيام بعمليات تهدف للفحص الجدي لكيفية تنفيذ الصفقة مع موزيس. كما تجري الشرطة تحقيقا مع نتنياهو في القضية 3000 والتي تتعلق بشراء غواصات وسفن حربية للجيش الإسرائيلي من شركة مسجلة في ألمانيا، تبين لاحقًا حصول مقربين من رئيس الحكومة على مبالغ هائلة منها كعمولات، وتحوم الشبهات حول شراء هذه المعدات البحرية بضغط من نتنياهو بخلاف ما أوصت به المؤسسة الأمنية، ورغم عدم حاجة الجيش لها.

وفي الإطار ذاته ذكر التلفزيون الإسرائيلي أنه من المتوقع أن يتم تقديم لوائح اتهام ضد سارة زوجة نتنياهو في أربع ملفات فساد، تصل قيمتها إلى مئات آلاف الشواكل. وبحسب التلفزيون فإن القضية الأولى تتصل بتشغيل كهربائي، لم يفز بمناقصة، في منزل رئيس الحكومة، أما القضية الثانية فهي استخدام عاملة في مكتب رئيس الحكومة للإشراف على والد سارة، أيضًا على حساب مكتب رئيس الحكومة.

وتتصل القضية الثالثة بشراء أثاث حديقة لمكتب رئيس الحكومة في القدس المحتلة، على حساب المكتب، ثم نقله إلى مسكنه في قيسارية، أما القضية الرابعة فهي تضخيم مصاريف الضيافة في منزل رئيس الحكومة. وبعد سرد تفاصيل القضايا تساءل الكاتب عما يعني كل هذا لرئيس الوزراء الذي حكم إسرائيل منذ عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، معتبرًا الأمر يعتمد على عاملين، الأول هو إذا ما كان سيواجه اتهامات والثاني إذا ما كان سيواجه ضغوطًا كافية لإجباره على الاستقالة. ورأى أنّ عمل الشرطة مع أري هارو كاتم أسرار رئيس الوزراء يعني أنه ربما يقدم معلومات تقود إلى اتهامه.

زوجة نتانياهو

الى جانب ذلك قامت الشرطة الإسرائيلية بالتحقيق مع سارة نتانياهو زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لمدة ساعتين للاشتباه بإنفاقها أموالا عامة بطريقة غير قانونية لدفع مصاريف منزلية. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية العامة أنه تم استجواب سارة نتانياهو في مقر وحدة مكافحة الفساد قرب تل أبيب في شبهة تصرفها بأموال عامة لدفع مصاريف خاصة في مقري سكنها مع زوجها، الرسمي والخاص.

ولم تصدر الشرطة أي بيان متعلق بالتحقيق كما جرت العادة في جولات التحقيق السابقة معها ومع زوجها. ويأتي هذا التحقيق مع بروز تهديد جديد يطال رئيس الوزراء في معركته الخاصة والطويلة مع شبهات الفساد التي تلاحقه، إذ ذكرت تقارير أن هارو رئيس ديوانه السابق يدرس عرضا يتمثل في منحه الحصانة وعدم محاكمته في مقابل تقديمه أدلة ضد رئيسه السابق.

ويخضع هارو للتحقيق منذ أكثر من عامين في شبهات تتعلق بتلقي رشاوى وخيانة الأمانة وتضارب المصالح والاحتيال. هذا وذكرت صحيفة هآرتس أن هارو كان يزود المحققين بمعلومات متعلقة بتحقيقين من التحقيقات الجارية حول نتانياهو. ويستند أحد هذه التحقيقات إلى إدعاءات بأن رئيس الوزراء تلقى هدايا بطريقة غير قانونية من مناصرين أثرياء له منهم الملياردير الأسترالي جيمس باكر والمنتج الهوليوودي آرنون ميلخان. وهناك تحقيق أيضا في شبهات بسعي نتانياهو إلى عقد صفقة سرية مع ناشر يديعوت أحرونوت. بحسب فرانس برس.

وتقضي الصفقة المزعومة التي يعتقد أنها لم تتم بأن يحظى نتانياهو بتغطيات إيجابية في الصحيفة مقابل خفضه عمليات صحيفة "إسرائيل اليوم" المنافس الرئيسي ليديعوت. وقد أثارت هذه التحقيقات تكهنات في الأروقة السياسية الإسرائيلية حول إمكان أن تؤدي إلى إرغام نتانياهو على التنحي. لكن وزيرة العدل إيليت شاكيد قالت في حديث للموقع الإلكتروني ليديعوت أن نتانياهو ليس مجبرا قانونيا على الاستقالة حتى لو قدمت شهادات ضده. وأضافت "في هذه اللحظة ليس هناك اتهام ضده أو توصية بتوجيه اتهام". وأشارت إلى أن "الشخصين الموكلين اتخاذ مثل هذا القرار هما المحامي العام ومدعي عام الدولة". وختمت بقولها "حتى الآن، دعوا رئيس الوزراء يقوم بعمله".

اليسار ووسائل الإعلام

من جانبه اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خصومه اليساريين ووسائل الإعلام في إسرائيل بمحاولة الإطاحة بحكومته من خلال الضغط على المحققين لتوجيه اتهامات له "بأي ثمن". وقال نتنياهو لتجمع حاشد من أعضاء حزبه ليكود اليميني في خطاب بثته على الهواء مباشرة قنوات التلفزيون الرئيسية الثلاث في إسرائيل "اليسار ووسائل الإعلام التي تخدمه... يدبرون فضائح لا نهاية لها وتقارير لا حصر لها وعناوين أخبار بلا نهاية فلربما ..لربما يعلق (في الأذهان) شيء". وأضاف نتنياهو لأنصاره الذين لوحوا بالأعلام الإسرائيلية وهتفوا مرددين لقبه (بيبي..بيبي) "يطلبون من سلطات إنفاذ القانون: اعطونا شيئا ولا يهم ما هو‭‭‬‬‬". وتابع "هدف اليسار ووسائل الإعلام... ممارسة ضغط، وهو أمر خاطئ، على سلطات إنفاذ القانون لإصدار لائحة اتهام بأي ثمن ودون أي صلة بالحقيقة والعدالة".

وصمد نتنياهو، الذي فاز بانتخابات في 2015، أمام العديد من الفضائح وتحقيقات الشرطة خلال 11 عاما في السلطة. وشعبيته قوية بشكل عام مما يجعله متقدما على منافسيه المحتملين. ووصف الزعيم الإسرائيلي جلبة التحقيقات الجنائية المثارة حوله بأنها "جعجعة بلا طحن" ورفض التكهنات بأنه سيضطر للاستقالة مكتفيا بالقول على فيسبوك "لن يحدث". وسخر في خطابه قائلا إن ثمة شائعات بأن السلطات ستستدعي حتى كلبة الأسرة كايا للاستجواب. بحسب رويترز.

وتتعلق (القضية 1000) بتلقي نتنياهو وأفراد أسرته هدايا بصورة منتظمة من رجلي أعمال. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الهدايا شملت سيجارا وشمبانيا. وتخص (القضية 2000) اتفاقا تدور أقاويل بأن نتنياهو بحثه مع مالك يديعوت أحرونوت، أكبر الصحف الإسرائيلية، بشأن تغطية أفضل مقابل قيود على المنافسة من صحيفة حرة مملوكة لقطب صالات القمار الأمريكي شيلدون أديلسون والتي تدعم رئيس الوزراء منذ فترة طويلة. وينفي نتنياهو ارتكاب أي مخالفات. كما اتهم نتنياهو في خطابه المسؤولين الفلسطينيين بالسعي لإسقاطه لكنه قال إنه لن يرضخ لمطالبهم بتنازلات إسرائيلية في محادثات السلام المجمدة منذ 2014. وقال "أصدقائي، سيخيب أملهم أيضا لأن ذلك لن يحدث".

اضف تعليق