مع استمرار الهزائم العسكرية التي يتعرض لها تنظيم داعش الارهابي في سوريا والعراق، تسعى الولايات المتحدة الأمريكية وبحسب بعض المراقبين، الى اعتماد أساليب وخطط جديدة ضد حزب الله اللبناني اهم وأقوى حليف للحكومة السورية والعدو الأول لإسرائيل، وأكدت بعض المصادر ان الولايات المتحدة تحضر لتشريع قوانين جديدة تقضي بزيادة العقوبات الاقتصادية ضد حزب الله الذي حقق انجازات وبتعاون مع باقي الحلفاء انجازات عسكرية مهمة في سوريا، الأمر الذي اثار قلق ومخاوف أمريكا وحلفائها في المنطقة. حيث طالبت الولايات المتحدة الأمريكية، بممارسة مزيد من الضغط على "حزب الله" لنزع سلاحه ووقف سلوكه المزعزع للاستقرار، وقالت "إن تكديس حزب الله للأسلحة، تشكل حالة تتطلب اهتمام المجتمع الدولي لمنع زيادة تصعيد التوترات الإقليمية".
من جانب اخر أشارت بعض المصادر أن قانون جديد قدمه نواب ومشرعون أمريكيون من الحزب الجمهوري، جاء بعد دراسات وتقارير جديدة حصلوا عليها توضح نشاط الحزب الأخيرة في لبنان والخارج، يقضي بزيادة العقوبات الاقتصادية، والقانون الجديد يضم مؤسسات اقتصادية واجتماعية تابعة للحزب أو قريبة منه سياسيا، بالإضافة الى أسماء شخصيات لها نشاطات داعمة للحزب وأفكاره وسياسته. وكشف صحيفة لبنانية ان من بين المؤسسات التي وضعت في القانون وقيد البحث هي مؤسسة بيت المال وجهاد البناء، وجمعية دعم المقاومة. وبالرغم من تصنيفه كمنظمة ارهابية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، لم يتأثر حزب الله بالعقوبات التي كانت أمريكا وحلفاؤها يحاولون فرضها عليه، وأقر الكونجرس الأمريكي قانون تجفيف منابع تمويل حزب الله، وأصدر قائمة بـ95 شخصا ومؤسسة مطلوب محاصرتها ماليا لدعمها حزب الله.
عقوبات جديدة
وفي هذا الشأن قدم أعضاء بالكونجرس الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي تشريعا يسعى لفرض عقوبات جديدة على جماعة حزب الله الشيعية اللبنانية متهمين إياها بالعنف في سوريا ونصب صواريخ على طول الحدود مع إسرائيل. ويسعى التشريع، الذي يمثل تعديلا لعقوبات قائمة على الجماعة، إلى زيادة القيود على قدرتها على جمع الأموال والتجنيد وزيادة الضغط على البنوك التي تتعامل معها واتخاذ إجراءات صارمة ضد الدول التي تدعمها ومنها إيران.
وسيمنع التشريع كذلك أي شخص يتبين أنه يدعم الجماعة من دخول الولايات المتحدة وسيلزم الرئيس بأن يرفع إلى الكونجرس تقريرا بشأن ما إذا كانت المؤسسات المالية الإيرانية تسهل التعاملات المالية للجماعة وسيفرض عقوبات على الجماعة بسبب أنشطتها الإجرامية. ويشعر المسؤولون في لبنان بالقلق من أن المساعي الأمريكية لتوسيع نطاق العقوبات على حزب الله قد تضر بالصناعة المصرفية المهمة في البلاد بسبب تأثير الجماعة الواسع النطاق في لبنان. وزاروا واشنطن للضغط على النواب في مايو أيار.
لكن أعضاء الكونجرس وإدارة الرئيس دونالد ترامب حريصون على الحد من نفوذ إيران وحلفائها في الشرق الأوسط. وفرضت الإدارة الأمريكية عقوبات جديدة على إيران. وقال إد رويس الرئيس الجمهوري للجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب والذي قدم التشريع للمجلس في بيان "هذه العقوبات ستقلص بشدة شبكة حزب الله المالية وأنشطتها الإجرامية العابرة للحدود وستنال كذلك من داعميها وأهمهم إيران". بحسب رويترز.
وشارك إليوت إنجيل، العضو الديمقراطي البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، رويس في تقديم المشروع بالمجلس. وقدمه في مجلس الشيوخ عضوا لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس الجمهوري ماركو روبيو والديمقراطية جين شاهين. ولم يتحدد بعد متى سيطرح التشريع للتصويت في مجلس الشيوخ.
واشنطن تحذر
الى جانب ذلك حذرت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هالي من أن حزب الله يعزز ترسانته من الأسلحة، مطالبة المجتمع الدولي باحتواء أنشطة الحزب الشيعي اللبناني الاهتمام اللازم والضغط عليه لنزع سلاحه. وأتى تصريح هالي إثر اجتماعها بمبعوث الأمم المتحدة إلى لبنان سيغريد كاغ وذلك عشية جلسة يعقدها مجلس الأمن الدولي بشأن بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) المنتشرة في جنوب لبنان.
وقالت البعثة الأمريكية في الأمم المتحدة في بيان إن "السفيرة هالي دقت ناقوس الخطر بشأن مراكمة حزب الله للأسلحة، وهو وضع يتطلب اهتمام المجتمع الدولي لمنع مزيد من التصعيد في التوترات الإقليمية". وأضاف البيان أن السفيرة الأمريكية شددت على وجوب أن يمارس المجتمع الدولي "المزيد من الضغوط على حزب الله لنزع سلاحه والكف عن سلوكه المزعزع للاستقرار، وبخاصة تجاه إسرائيل". وشددت هالي على وجوب أن تبدي اليونيفيل "التزاما تاما في التصدي للتهديد الذي يشكله حزب الله". بحسب فرانس برس.
ويشارك حزب الله منذ العام 2013 بشكل علني في الحرب في سوريا دعما لقوات النظام إلى جانب مقاتلين إيرانيين وعراقيين وآخرين من أفغانستان وباكستان أتت بهم إيران إلى سوريا. وكانت الأمم المتحدة رفضت في نهاية حزيران/يونيو المنصرم اتهامات وجهتها إسرائيل إلى حزب الله بتوسيع مراكز المراقبة التابعة له على الحدود تحت ستار منظمة بيئية غير حكومية. وخاض حزب الله حروبا عدة مع إسرائيل في جنوب لبنان كان آخرها في صيف 2006 وقد استمرت 33 يوما وأسفرت عن سقوط حوالى 1200 قتيل في لبنان معظمهم من المدنيين و160 قتيلا إسرائيليا معظمهم جنود. وانتهت الحرب بتبني القرار 1701 الذي انتشر بموجبه الجيش اللبناني في جنوب لبنان وتم تعزيز اليونيفيل لفرض الاحترام الكامل للخط الأزرق الذي يقوم مقام خط الحدود بين البلدين.
هجمات عسكرية
على صعيد متصل قال قائد في التحالف العسكري الذي يقاتل دعما للرئيس السوري بشار الأسد إن جماعة حزب الله اللبنانية وقوات الجيش السوري شرعت في عملية لطرد المسلحين من آخر معاقلهم عند الحدود اللبنانية السورية. وأضاف القائد العسكري أن العملية تستهدف مسلحين تابعين لجبهة فتح الشام، التي كانت تعرف بجبهة النصرة، في المنطقة الجبلية القاحلة عند مشارف بلدة عرسال اللبنانية والتي تعرف بجرود عرسال والمناطق القريبة من بلدة فليطة السورية.
وذكرت وسائل الإعلام التابعة لحزب الله أن العملية العسكرية تحقق مكاسب كبيرة في مراحلها الأولى. وقال مصدر أمني لبناني إن اللاجئين الذين يعيشون في المنطقة يهربون باتجاه عرسال مشيرا إلى أن الجيش اللبناني يسهل دخولهم تحت إشراف الأمم المتحدة. وأضاف أن عدد النازحين غير معروف حتى الآن.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ليزا أبو خالد إن عددا قليلا من السكان هربوا إلى بلدة عرسال حتى الآن. وأضافت "تلقت المفوضية تأكيدات فقط.. على أن عائلتين سوريتين وصلتا إلى بلدة عرسال من مشارفها". ويعيش آلاف اللاجئين السوريين في مخيمات في جرود عرسال الجبلية القاحلة شرقي البلدة عند الحدود بين لبنان وسوريا والتي شكلت قاعدة لمقاتلي تنظيم داعش ومتشددين آخرين وغيرهم من المقاتلين المشاركين في الحرب الأهلية السورية الدائرة منذ ست سنوات.
وذكر تلفزيون المنار أن مسلحي النصرة يتعرضون لهجوم في جرود عرسال وفي مناطق قرب بلدة فليطة السورية. وتحدث الإعلام الحربي لحزب الله عن ضربات جوية يشنها الجيش السوري على مواقع للنصرة قرب فليطة. وبث تلفزيون المنار لقطات تظهر إطلاق نيران المدفعية من على ظهر شاحنة عليها راية حزب الله. وظهرت أعمدة دخان تتصاعد من التلال. وذكر قائد التحالف العسكري الموالي للأسد والمصدر الأمني اللبناني أن الجيش اللبناني لا يشارك في العملية. وقال المصدر الأمني اللبناني إن الجيش في وضع دفاعي ويراقب تحركات المتشددين ولن يبادر بالهجوم إلا إذا تعرضت مواقعه للهجوم.
لكن الوكالة الوطنية للإعلام، وهي الوكالة الرسمية، أوردت في وقت لاحق أن الجيش أطلق النار على مجموعة من المتشددين أثناء محاولتهم الفرار باتجاه عرسال. ونشر الجيش اللبناني تعزيزات على مشارف عرسال ترقبا للعملية العسكرية لمنع المتشددين من العبور إلى لبنان. وقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إن الجيش سينفذ عملية "مدروسة" في جرود عرسال لكن لا يوجد تنسيق بينه وبين الجيش السوري. بحسب رويترز.
وكانت جبهة النصرة الفرع الرسمي لتنظيم القاعدة في الحرب الأهلية السورية حتى العام الماضي عندما قطعت رسميا علاقاتها مع القاعدة وغيرت اسمها. وتتصدر الجماعة الآن هيئة تحرير الشام وهي تحالف من جماعات إسلامية. وشهدت عرسال عام 2014 أحداثا أمنية خطيرة مرتبطة بالحرب الأهلية السورية بعد أن سيطر متشددون على البلدة اللبنانية لفترة وجيزة. وفشلت المفاوضات في التوصل إلى اتفاق لانسحاب المتشددين من منطقة جرود عرسال إلى أجزاء أخرى داخل سوريا تسيطر عليها المعارضة المسلحة. وكان حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله قال هذا الشهر إن الوقت ينفد أمام المسلحين السوريين على طول الحدود قرب عرسال للتوصل إلى اتفاقات مع السلطات السورية مضيفا أن الوقت حان للقضاء على تهديد الجماعات المتشددة في عرسال.
نصرالله و اسرائيل
في السياق ذاته حذر الامين العام لحزب الله حسن نصرالله اسرائيل من شن حرب على لبنان او سوريا تحت طائلة مشاركة عشرات آلاف المقاتلين من دول عربية واسلامية لمواجهتها. وتطرق نصرالله الى التوتر المتصاعد والمستمر بين السعودية وايران، مؤكدا ان الرياض "اضعف" من ان تشن حربا ضد طهران. وقال نصرالله في خطاب متلفز "يجب ان يعرف العدو الاسرائيلي انه اذا شن حربا اسرائيلية على سوريا او على لبنان فمن غير المعلوم ان يبقى القتال لبنانيا - اسرائيليا او سوريا - اسرائيليا".
واضاف "هذا لا يعني انني اقول ان هناك دولا قد تتدخل بشكل مباشر ولكن قد تفتح الاجواء لعشرات آلاف بل مئات آلاف المجاهدين والمقاتلين من كل انحاء العالم العربي والاسلامي ليكونوا شركاء في هذه المعركة، من العراق ومن اليمن ومن كل مكان آخر ومن ايران ومن افغانستان ومن باكستان". ويشارك حزب الله منذ العام 2013 بشكل علني في الحرب في سوريا دعما لقوات النظام الى جانب مقاتلين ايرانيين وعراقيين وآخرين من افغانستان وباكستان اتت بهم ايران الى سوريا.
ويأتي خطاب نصرالله بعد تصريحات لقائد سلاح الجو الاسرائيلي امير ايشل اكد فيها ان اسرائيل ستستخدم قوة عسكرية "لا يمكن تصورها" في حال اندلاع حرب جديدة في لبنان. وقال ايشل ان "ما تمكن سلاح الجو من القيام به كميا في حرب لبنان على مدار 34 يوما، بامكاننا القيام به اليوم في مدة تتراوح بين 48-60 ساعة". واتهمت اسرائيل عدوها اللدود حزب الله بتوسيع مراكز المراقبة التابعة له على الحدود واصفة ذلك بـ"الاستفزاز الخطير". وخاض حزب الله حروبا عدة مع اسرائيل في لبنان كان آخرها في 2006، وتسببت بدمار كبير في البنى التحتية وبسقوط أكثر من 1200 قتيل في لبنان معظمهم من المدنيين و160 في الجانب الاسرائيلي معظمهم من العسكريين.
واكد نصرالله ان اي حرب مقبلة ستكون "مكلفة جدا على اسرائيل". وتطرق في خطابه الى التصعيد السعودي ضد ايران، ابرز داعميه، معتبرا انه بعد العقوبات الاقتصادية والضغوط التي فرضت عليها ومحاولات عزلها، "هناك مجددا الآن محاولة جديدة بعد قمة الرياض التي كان عنوانها في خطابي ترامب وسلمان عزل ايران"، مشيرا الى مساع لـ"تحويل ايران الى عدو بدل اسرائيل واستنزاف ايران في حروب المنطقة ونقل الحرب الى داخل ايران بواسطة الجماعات التكفيرية".بحسب فرانس برس.
واضاف نصرالله "هناك تحليلات تتحدث عن احتمال قيام حرب سعودية ايرانية، اقول لكم ان النظام السعودي اضعف واعجز من ان يشن حربا على الجمهورية الاسلامية في ايران". وتصاعد التوتر بين ايران والسعودية بعد الاعتداءات التي استهدفت في 7 حزيران/يونيو مجلس الشورى الإيراني ومرقد آية الله الخميني موقعة 17 قتيلا، وقد تبناها تنظيم داعش. ووجه الحرس الثوري الايراني اصابع الاتهام الى المملكة في هذه الاعتداءات. واكد نصرالله ان "معركة الارهاب مع ايران هي معركة خاسرة وفاشلة ولن تؤدي الى اي نتيجة".
اضف تعليق