في الفترة الأخيرة ظلت مصر تعاني من حالة عدم الاستقرار وحرب مستمرة ضد الإرهاب في العديد من المدن، حيث تبنت بعض الجماعات والتنظيمات الإسلامية المتشددة العديد من أعمال الإرهابية ضد قوات الجيش والأقليات في هذا البلد، يضاف الى ذلك انها عمدت ايضا الى اغتيال عدد من ضباط الشرطة والشخصيات المهمة، فبعد فض اعتصامي رابعة والنهضة وكما نقلت بعض المصادر، نشأت العديد من الحركات وبمسميات مختلفة منها حركة "ولع" و"مشاغبون"، و"العقاب الثوري"، و"المقاومة الشعبية" و"حسم" وتتسم بكونها تقوم بتنفيذ هجمات فردية من خلال مجموعات قليلة من الأشخاص لا يتعدى عددهم 4 إلى 5 أشخاص، يضاف الى ذلك تمكن تنظيم داعش الارهابي من الحصول على موطئ قدم في في سيناء وبعض المناطق الرخوة.
ومنذ فض اعتصامي رابعة والنهضة، شهدت مصر عمليات إرهابية متعددة، وهو ما دفع الحكومة المصرية الى اتخاذ اجراءات وقوانين مشددة ضد هذه الجماعات، حيث عمدت الى اعلان حالة الطوارئ على عموم البلاد، بعد تفجيرين استهدفا كنيستين بمدينتي طنطا والإسكندرية، وأسفرا عن مقتل 45 شخصا وجرح 125 آخرين، وهو ما اثار قلق ومخاوف العديد من الجهات والمنظمات الحقوقية، التي اتهمت السلطات المصرية بارتكاب ممارسات قمعية ضد الخصوم والمعارضين، حيث اشارت العديد من التقارير الى وجود عشرات الآلاف في السجون بدون اتخاذ إجراءات قانونية متكافئة.
وفيما يخص اخر تطورات هذا الملف قال مجلس الوزراء المصري في بيان إنه وافق على مشروع قرار أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي بمد حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر. ومن شأن سريان حالة الطوارئ توسيع سلطات الحكومة في محاربة من تصفهم بأعداء الدولة الذين يشنون مثل تلك الهجمات. ووفقا لعدد الجريدة الرسمية والذي نشر فيه القرار تنتهي الفترة الحالية لسريان حالة الطوارئ في العاشر من يوليو تموز وهو ما يعني أن فترة السريان الجديدة ستستمر حتى العاشر من أكتوبر تشرين الأول. وتواجه مصر تحديا أمنيا يمثله متشددون موالون لتنظيم داعش ينشطون في محافظة شمال سيناء قتلوا مئات من أفراد الجيش والشرطة خلال السنوات الأربع الماضية. كما شنوا خلال الشهور الماضية هجمات خارج المحافظة ضد المسيحيين أودت بحياة نحو مئة منهم منذ ديسمبر كانون الأول.
حرب مستمرة
من جانب اخر قال الجيش المصري في بيان إن القوات الجوية قصفت تجمعا لقيادات جماعة متشددة في محافظة شمال سيناء وقتلت 12 منهم ودمرت أربع عربات دفع رباعي. وقال المتحدث العسكري في البيان: "قامت القوات الجوية بتنفيذ قصف جوي مركز أسفر عن مقتل عدد 12 فردا تكفيريا شديدي الخطورة من قيادات تنظيم أنصار بيت المقدس وتدمير عدد 4 عربات دفع رباعي خاصة عناصر التنظيم".
وبايعت جماعة أنصار بيت المقدس، أكثر الجماعات المتشددة نشاطا في مصر، تنظيم داعش عام 2014 وغيرت اسمها إلى ولاية سيناء. وأعلنت الجماعة مسؤوليتها عن قتل مئات من عناصر الجيش والشرطة منذ إعلان الجيش عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين عام 2013 إثر احتجاجات حاشدة على حكمه. وكثفت الجماعة هجماتها على الأقباط في الشهور القليلة الماضية وقتلت حوالي 100 مسيحي في عدة هجمات شملت تفجيرات انتحارية بكنائس.
وأمر الرئيس عبد الفتاح السيسي بشن ضربات جوية على مواقع للمتشددين في ليبيا ردا على هجوم بالرصاص استهدف مسيحيين الشهر الماضي وخلف 29 قتيلا. ويقول الجيش إنه قتل آلاف المتشددين في عمليات بسيناء. ويقول سكان في سيناء إن عدد القتلى الكبير يشمل مدنيين.
على صعيد متصل قالت وزارة الداخلية المصرية إن الشرطة قتلت قياديا بحركة مسلحة في اشتباك على طريق سريع غربي القاهرة في ثالث حادث من نوعه في أربعة أيام. وقالت في بيان بصفحتها على فيسبوك إن الشرطة تتبعت سيارتين يستقلهما متشددون في نطاق مدينة السادس من أكتوبر وإن اشتباكا وقع بين الجانبين أسفر عن مقتل القيادي الذي كان يقود إحدى السيارتين بينما لاذ الباقون بالفرار في السيارة الأخرى.
وأضافت أن القتيل هو "الإخواني محمد عبد المنعم زكى أبو طبيخ... أحد قيادات حركة حسم ويضطلع بمسؤولية الدعم المالي للحركة مركزيا ومطلوب ضبطه وإحضاره". وكانت حسم قد أعلنت مسؤوليتها عن انفجار وقع في القاهرة أسفر عن مقتل ضابط شرطة وإصابة آخر وثلاثة مجندين. وتبنت الحركة هجمات سابقة في العاصمة ومدن أخرى. وتقول الحكومة إن حسم هي الذراع المسلحة لجماعة الإخوان المسلمين لكن الجماعة تنفي أنها تمارس العنف.
وقالت الحركة في بيان نشر على تطبيق تليجرام إنها قامت "بزرع عبوة ناسفة مضادة للمركبات أسفل الطريق الدائري عند اتوستراد المعادي جنوب القاهرة وتفجيرها لحظة مرور المركبة". وتقول الحكومة إن حسم ذراع مسلحة لجماعة الإخوان المسلمين لكن الجماعة تنفي انخراطها في العنف. وقالت حركة حسم إن منفذي العملية عادوا إلى قواعدهم بسلام وتوعدت بشن المزيد من الهجمات في الأيام المقبلة. وتواجه مصر تحديا أمنيا من قبل إسلاميين متشددين موالين لتنظيم داعش ينشطون في محافظة شمال سيناء حيث قتل مئات من أفراد الجيش والشرطة. وأعلنوا أيضا مسؤوليتهم عن هجمات في القاهرة ومدن أخرى في وادي ودلتا النيل.
اجراءات قضائية
من جهة اخرى أحالت محكمة جنايات القاهرة أوراق 30 متهما في قضية اغتيال النائب العام المصري هشام بركات في 2015 إلى مفتي الجمهورية تمهيدا للحكم بإعدامهم. وحددت المحكمة جلسة 22 يوليو تموز للنطق بالحكم بعد ورود رأي المفتي، وهو غير ملزم للمحكمة. وبعد النطق بالحكم يحق للمحكوم عليهم حضوريا الطعن عليه. وحوكم 67 متهما في القضية بينهم 51 حضوريا. وقتل بركات في انفجار سيارة ملغومة استهدف موكبه في القاهرة وهو الهجوم الذي اتهمت السلطات المصرية جماعة الإخوان المسلمين بتنفيذه بمساعدة نشطاء من حركة حماس الفلسطينية.
وتنفي الجماعتان هذه الاتهامات. وقال المستشار حسن فريد رئيس المحكمة "إن المؤامرة الغاشمة من المأجورين على استهداف النائب العام السابق هشام بركات واغتياله تكاتف فيها قوى الشر والطغيان من ضعاف النفوس والمفسدين في الأرض، لا يقوم بها إلا فئة باغية استحلت دماء طاهرة سفكتها طائفة فاجرة". ونطق رئيس المحكمة أسماء 31 متهما، لكنه كان يشير إلى متهم واحد كرر اسمه مرتين إحداهما خطأ ثم صحح الاسم. بحسب رويترز.
ومن بين من أحيلت أوراقهم إلى المفتي يحيى موسى عضو مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان وهو من بين من حوكموا غيابيا. وأذاعت وزارة الداخلية العام الماضي لقطات فيديو لمتهمين اعترفوا بالسفر إلى غزة وتلقي تدريبات قتالية بمساعدة حماس لكن بعضهم أنكر الاعترافات أمام المحكمة. وقال المتهمون إنهم أدلوا باعترافات تحت التعذيب وطلب محاموهم من المحكمة إحالتهم للفحص الطبي. وقال فريد إن المحكمة استجابت لطلب معظمهم وتبين لأطباء مستشفى السجن "عدم وجود إصابات أو آثار للتعذيب". وبركات أكبر مسؤول مصري يقتله متشددون منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في منتصف 2013 بعد احتجاجات حاشدة على حكمه الذي استمر عاما.
الى جانب ذلك قالت مصادر قضائية إن دائرة الإرهاب بمحكمة الجنايات في محافظة الشرقية المصرية عاقبت 19 متهما تقول السلطات إنهم ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة بالسجن المؤبد لإدانتهم بالتجمهر والتخريب وتنظيم مسيرات معادية للدولة. وقال مصدر إن الحكم بالسجن المؤبد صدر غيابيا على المتهمين ومن بينهم امرأة. كما عاقبت المحكمة متهمين آخرين في القضية بالسجن ثلاث سنوات لكل منهما حضوريا وبرأت متهما حاضرا أيضا.
وأضاف أن المتهمين أحيلوا إلى المحاكمة في عام 2015 بتهم "التجمهر والتخريب وحيازة أسلحة نارية ومطبوعات تحريضية والتحريض على العنف وإثارة الشغب وتنظيم مسيرات معادية للدولة والجيش والشرطة". وتشير الاتهامات إلى مظاهرات شابها العنف نظمها مؤيدون لجماعة الإخوان المسلمين احتجاجا على عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي للجماعة في منتصف 2013 بعد مظاهرات حاشدة طالبت بإنهاء حكمه الذي استمر عاما.
اتهامات جديدة
في السياق ذاته اتهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من وصفهم "بالأشقاء" بدعم وتمويل الإرهاب ابتغاء "أوهام الهيمنة والسيطرة"، وذلك في إشارة واضحة إلى قطر التي قطعت مصر والسعودية والإمارات والبحرين العلاقات معها متهمة إياها بتمويل الإرهاب ودعم إيران. وقال السيسي في كلمة نقلها التلفزيون الرسمي "اسمحوا لي أن أتحدث إليكم بصراحة، فبينما نبذل نحن حكومة وشعبا أقصى الجهد لمكافحة الإرهاب والتصدي له... نجد أشقاء لنا وغير أشقاء.. للأسف أشقاء.. يقومون بدعم الإرهاب وتمويله ورعايته".
وتنفي قطر اتهامات جيرانها بأنها تمول الإرهاب وتثير حالة من عدم الاستقرار في المنطقة وبالارتباط بعلاقة قوية بإيران. وأضاف السيسي "نجدهم يوفرون لجماعات الإرهاب وفكر الإرهاب المنابر الإعلامية والثقافية. ينفقون عليها مليارات الدولارات سنويا ليستميلوا أفئدة الشعوب العربية والإسلامية لهذا الفكر الإجرامي المدمر". وتابع "وكل ذلك لماذا؟ ابتغاء أوهام الهيمنة والسيطرة والعظمة الزائفة. هل أصبحت مقدرات الشعوب لعبة سياسية؟ هل تهون أرواح الشباب والرجال والنساء والأطفال من أجل أحلام الزعامة والمجد الكاذبة؟ هل تستحق هذه الأوهام إزهاق روح إنسانية واحدة؟".
وشدد السيسي على أهمية تصدي المجتمع الدولي لما وصفه بالدول الراعية للإرهاب. وقال "إن التصدي للدول الراعية للإرهاب بكل حسم وقوة أصبح فرضا واجبا إذا ما أردنا نهاية حقيقة لظاهرة الإرهاب". والعلاقات بين مصر وقطر متوترة منذ منتصف 2013 عندما أعلن الجيش عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين بعد احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه. وتتهم القاهرة الدوحة بدعم الإخوان التي تحظرها مصر وتعتبرها جماعة إرهابية. بحسب رويترز.
وفرضت الإمارات والسعودية ومصر والبحرين إجراءات لعزل قطر. وقالت الإمارات إن العقوبات قد تستمر سنوات إذا لم تقبل الدوحة المطالب التي تعتزم الدول العربية كشف النقاب عنها خلال الأيام المقبلة. وقال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن بلاده لن تتفاوض مع الدول التي قطعت العلاقات معها ما لم تتراجع تلك الدول عن الإجراءات التي فرضتها. لكنه أضاف أن الدوحة تعتقد أنه لا يزال من الممكن تسوية الخلاف. وتتوسط الكويت لإنهاء الأزمة. وشككت وزارة الخارجية الأمريكية بشدة في دوافع مقاطعة قطر قائلة إنها "مندهشة" من عدم كشف دول الخليج العربية عن شكاواها بشأن الدوحة. وأضافت أنها تشجع "كل الأطراف على تهدئة التوتر والدخول في حوار بناء".
اضف تعليق