لم تمضي فترة طويلة من وصول الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب الى البيت الأبيض وصدر العديد من القرارات التي اثارت ضجة إعلامية وزوبعة وسط الأوساط السياسية.. من اول قرار بخصوص منع ست دول عربية مسلمة دخول الولايات المتحدة وصولا الى زيارته الأخيرة الى الرياض.
لكن هنالك غموض واضح من السياسة الامريكية تجاه ليبيا فلن يعلن لحد الان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن سياسته تجاه ليبيا. حتى بعد ان التقى ترامب بـ فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني على هامش القمة الإسلامية الأمريكية المنعقدة.
هذا وقد أجلت الولايات المتحدة طاقم سفارتها من طرابلس في يونيو حزيران 2014 بعدما تصاعدت حدة العنف بين الفصائل المسلحة وما تلا ذلك من ظهور حكومتين متنافستين واحدة في العاصمة والأخرى في شرق البلاد. ومنذ ذلك الحين يتمركز طاقم السفارة الأمريكية في تونس إلى جانب بعثات دبلوماسية غربية أخرى.
تشهد طرابلس حالة من الفوضى الامنية مع تواجد عشرات المليشيات المسلحة في شوارعها منذ سقوط القذافي عام 2011. وانضمت بعض هذه المجموعات المسلحة الى حكومة الوفاق الوطني منذ بدء عملها في اذار/مارس 2016.
اول أيام رمضان
اندلعت اشتباكات عنيفة في العاصمة الليبية طرابلس يوم الجمعة بين جماعات مسلحة متحالفة مع الحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة أثناء تصديها لهجوم كبير من قوات منافسة ذات توجهات إسلامية ومقاتلي فصائل مسلحة. وفق فرانس برس.
وفي صباح اول ايام رمضان، ساد هدوء نسبي العاصمة الليبية رغم اطلاق نار متقطع في جنوبها. وقال المسؤول الامني هاشم بشر ان القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني صدت هجوما لمجموعات معادية كانت تحاول استعادة مواقع في وسط المدينة لكن اعمال العنف ادت الى سقوط 52 قتيلا في صفوف القوات المتحالفة مع حكومة الوفاق.
هزيمة المخربين
أصدرت حكومة الوفاق بيانا يلقي باللوم في الهجوم على خليفة الغويل رئيس "حكومة الإنقاذ الوطني" ذات التوجهات الإسلامية والمعلنة من جانب واحد والتي أنشئت في 2014 وصلاح بادي وهو قائد جماعة مسلحة متحالفة معها. واستبدلت حكومة الغويل إلى حد كبير بحكومة الوفاق الوطني التي وصلت طرابلس العام الماضي لكنها ما زالت تحصل على دعم مسلح خصوصا من مدينة مصراتة بغرب البلاد. وفق رويترز.
وتسعى حكومة الوفاق الوطني جاهدة لممارسة سلطتها في طرابلس وما وراءها أو كبح الفصائل المسلحة التي لها السيطرة على الأرض في ليبيا منذ الانتفاضة التي شهدتها البلاد في 2011 وناشدت حكومة الوفاق الوطني في بيان سكان طرابلس التكاتف معها ومع أجهزتها الأمنية من أجل هزيمة "المخربين".
الهدوء النسبي
تأتي الاشتباكات في أعقاب فترة من الهدوء النسبي في طرابلس منذ مارس آذار عندما دحرت جماعات مسلحة متحالفة مع حكومة الوفاق الوطني فصائل منافسة من الأحياء الواقعة في وسط المدينة. وتركز القتال في أحياء أبو سليم وصلاح الدين وقصر بن غشير.
وأمكن مشاهدة أعمدة من الدخان الأسود تتصاعد في سماء المدينة. واستمر إطلاق النار طوال صلاة الجمعة. وقال عامل إغاثة لرويترز "تلقينا اتصالات من عائلات تريد الخروج لكن للآسف لا يمكننا الوصول إليهم بسبب الاشتباكات."
اعمال شغب
شاهد مراسل لرويترز دبابات ومركبات مدرعة وشاحنات صغيرة مكشوفة تحمل مدافع مضادة للطائرات تسير باتجاه المعركة من شمال المدينة. وأظهرت أيضا صور بثت على الانترنت رجال إطفاء يحاولون إخماد حريق في مبنى للمكاتب في وسط طرابلس تابع لشركة مليتة للنفط والغاز وهي مشروع مشترك بين المؤسسة الوطنية الليبية للنفط وشركة إيني الإيطالية. وأدان مارتن كوبلر مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا العنف في بيان ودعا إلى استعادة الهدوء على الفور.
هجوم على سجن
كان مصدر قضائي ليبي ذكر ان جماعة مسلحة سيطرت على سجن في جنوب طرابلس يُحتجز فيه أبرز المسؤولين السابقين في نظام العقيد معمر القذافي، واشار المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه الى ان حراس سجن الهضبة اضطروا الى الانسحاب اثر هجوم شنته جماعة "كتيبة ثوار طرابلس" الموالية لحكومة الوفاق الوطني لافتا الى سقوط قتيلين من الحراس.
وليلا اعلنت وزارتا الداخلية والعدل في حكومة الوفاق انهما تسلمتا جميع المساجين الذين كانوا في سجن الهضبة. واضافتا في بيان مشترك ان "السجناء بصحة جيدة (...) وتم نقلهم الى مكان آمن". وفق فرانس برس.
بؤرة صراع
في نفس الشأن نشرت قوات موالية للجيش الوطني الليبي تسجيلات ولقطات مصورة لها وهي تقتحم في وقت قاعدة تمنهنت الجوية التي كانت خاضعة لسيطرة لجماعة مسلحة منافسة. ومن شأن السيطرة على تمنهنت الواقعة على بعد نحو 32 كيلومترا شمال شرقي مدينة سبها أن تعزز نفوذ الجيش الوطني الليبي في وسط ليبيا.
وأصبحت المنطقة بؤرة صراع بين قوات موالية للجيش الوطني الليبي ومعارضيه المتمركزين في الغرب وبعضهم متحالف مع حكومة الوفاق الوطني التي تدعمها الأمم المتحدة في طرابلس. وفق رويترز.
انسحاب اوسع
ويقود الجيش الوطني الليبي القائد العسكري خليفة حفتر ويتوغل الجيش غربا وجنوبا منذ أواخر العام الماضي. ويرفض الجيش الوطني حكومة الوفاق الوطني وقال مرارا إنه يتوقع السيطرة على العاصمة طرابلس رغم أن كثيرين يشككون في قدرته على القيام بذلك. وفق رويترز.
وقال مسؤولون من فصيل آخر متحالف مع الجيش الوطني إن القوة المنافسة (المعروفة بالقوة الثالثة) انسحبت من حقل الشرارة النفطي الذي يقع غربي سبها في مؤشر على انسحاب أوسع نطاقا في المنطقة. ولم يتسن على الفور الوصول لأي مسؤول بالقوة الثالثة للتعقيب.
حالة غموض
سرت حالة من الغموض بشأن السياسة الأمريكية في ليبيا في أعقاب انتخاب دونالد ترامب رئيسا في نوفمبر تشرين الثاني. وقال ترامب في أبريل نيسان إنه لا يرى دورا للولايات المتحد في ليبيا غير إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش الارهابي. وتكافح حكومة الوفاق الوطني لأداء مهامها منذ وصولها إلى طرابلس في مارس آذار العام الماضي ولم تتمكن من حل الأزمات الأمنية والاقتصادية الراسخة في غرب وجنوب ليبيا.
المصالحة السياسية
كان السفير الأمريكي لدى ليبيا بيتر بودي، الذي يعمل من مقر له في تونس، والجنرال توماس والدهاوزر قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا قد توجها جوا إلى طرابلس في زيارة لمدة ساعتين للقاء رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني ومسؤولين كبار آخرين. وفق رويترز.
وقال بودي للصحفيين "زيارة اليوم توضح التزام الولايات المتحدة المتواصل تجاه حكومة الوفاق الوطني والمصالحة السياسية في ليبيا." وقال السفير الأمريكي "ندعو كل الليبيين إلى تجنب المزيد من الصراعات التي يمكن أن تقود إلى حرب أهلية وتفسح المجال للإرهاب وتزيد من الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية".
تعديل الاتفاق
بينما ترفض الفصائل التي تسيطر على برلمان في شرق ليبيا تلك الحكومة كما يرفضها القائد العسكري خليفة حفتر الذي تتحالف معه تلك الفصائل. واجتمع رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني فائز السراج مع حفتر في أبوظبي في الآونة الأخيرة لكن لم يتضح ما إذا كانت مباحثاتهما يمكن أن تفضي إلى تعديل الاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وتشكلت بموجبه حكومة الوفاق الوطني.
مكافحة الارهاب
أشاد بودي بالقوات المتحالفة مع حكومة الوفاق الوطني التي هزمت تنظيم داعش في معقلها في سرت العام الماضي وبالتقدم الذي أحرز ضد الإسلاميين المتطرفين في بنغازي حيث تخوض قوات حفتر قتالا منذ ثلاثة أعوام. وقال "نعمل عن كثب مع ليبيا لتعزيز قدرتها على مكافحة الإرهاب وجاهزون لمساعدة ليبيا في تدريب قوات مسلحة محترفة بينما نعزز التعاون بشأن أهدافنا المشتركة للأمن الإقليمي".
حظر السلاح
من جهته قال السراج، الذي التقى مع ترامب لفترة وجيزة على هامش قمة في الرياض، إن حكومته ستقدم طلبا إلى الأمم المتحدة لرفع حظر السلاح على ليبيا. وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية إن المجتمع الدولي يواصل تشجيع ليبيا على تقديم إفادات من شأنها أن "تمكن من دراسة إعفاءات" من الحظر.
تعاون وثيق
فقد ساندت وزارة الخارجية الفرنسية في ظل الحكومات السابقة الحكومة الليبية التي تدعمها الأمم المتحدة برئاسة فائز السراج فيما عملت وزارة الدفاع في تعاون وثيق مع حفتر الذي شن حملة ضد إسلاميين في شرق ليبيا لكنه قاوم التقارب مع السراج. وقال دبلوماسيون لرويترز إنهم توقعوا اتضاح الأمر فور تولي الرئيس الجديد إيمانويل ماكرون السلطة. وأصبح وزير الدفاع السابق جان إيف لو دريان وزيرا للخارجية. وفق رويترز.
لم يذكر السراج
قال رومان نادال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية للصحفيين في إفادة يومية "ليبيا تحتاج لبناء جيش وطني تحت سلطة مدنية بمشاركة كل القوى التي تحارب الإرهاب في أنحاء البلاد بما يشمل قوات الجنرال حفتر" دون أن يأتي على ذكر السراج.
وأضاف "فرنسا ستدرس سبل تعزيز أنشطتها السياسية والأمنية للمساعدة في استعادة المؤسسات الليبية وجيش قادر على هزيمة الإرهابيين من خلال اتصالات بشركائنا الأوروبيين ودول الجوار". ولم تشجع فرنسا علنا من قبل على وجود دور لحفتر.
دبلوماسية مفككة
استضافة الجزائر جولة محادثات وتونس من أجل صيغة أكثر شمولا. لكن المساعي الدبلوماسية مفككة وأحد أسباب ذلك الغموض الذي يحيط بالسياسة الأمريكية في ظل إدارة ترامب وتأجيل تغيير في قيادة بعثة ليبيا لدى لأمم المتحدة. وفق رويترز.
وقال جلال حرشاوي الباحث بجامعة باريس 8 والمتخصص في الشأن الليبي إن ذلك ترك فراغا يتصارع على سده لاعبون متوسطو الحجم ومختلفو الاتجاهات. وأضاف قائلا "إذا اهتمت الولايات المتحدة فعلا بليبيا مرة أخرى فإنها ستكون اللاعب الوحيد الذي يمكنه أن يوحد هذه الجهود."
حل وسط
يبدو أن القائد العسكري الليبي خليفة حفتر، الشخصية القيادية في شرق البلاد، وفائز السراج رئيس الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس مرتاحان بعد أن تجاوزا مأزقا بينهما استمر أكثر من عام في محادثات في أبوظبي . والاجتماع ربما كان وديا لكن من غير الواضح ما إذا كان أي من الرجلين قادرا على قيادة نسق معقد من الفصائل على جانبي الصراع الليبي باتجاه حل وسط. وفق رويترز.
طرابلس خط احمر
وهناك بعض الجماعات المسلحة الأكثر تشددا في مصراتة لا تزال تؤيد حكومة إسلامية التوجه أطيح بها وفقدت في الآونة الأخيرة مواقع لها في طرابلس. وهذه الجماعات مناوئة بشدة لحفتر. لكن حتى الفصائل المسلحة الأكثر اعتدالا المتحالفة مع حكومة الوفاق الوطني في العاصمة عبرت عن شعور بعدم الارتياح بعد اجتماع أبوظبي الذي اعتبرت أنه يعزز على نحو غير منصف وضع حفتر كرجل قوي.
وكتب هاشم بشر، وهو قيادي بارز، في صفحته على فيسبوك يقول "قلنا مرات عديدة لا للحكم العسكري وطرابلس خط أحمر سواء لحفتر أو غيره". وأصبح رد الفعل أوسع وأكثر غضبا بعد أن أدلى محمد سيالة وزير الخارجية في حكومة السراج بتصريحات أشار فيها إلى قبول حفتر كقائد للجيش وطني.
اضف تعليق