تجارة المخدرات وتعاطي المخدرات وعلى الرغم من الإجراءات المتشددة، التي تقوم بها العديد من الدول في سبيل الحد او القضاء على هذه الآفة الخطيرة لما لها من مخاطر وأضرار صحية واجتماعية وأمنية واقتصادية كبيرة، ما يزال هذا الملف من اهم واخطر الملفات العالمية التي تحظى باهتمام كبير، حيث تعتبر تجارة المخدرات وكما نقلت بعض المصادر، من أكبر الأسواق السوداء العالمية مرورا بالزراعة فالتصنيع فالتوزيع فالبيع. أغلب البلاد حظرت هذه التجارة إلا في حالة وجود ترخيص.
وذكر تقرير الأمم المتحدة أن " تجارة المخدرات على مستوى العالم قد تخطى حاجز 321.6 مليار دولار في عام 2003 ". في حين وصل الناتج المحلي الإجمالي لجميع البلدان إلى 36 تريليون دولار في نفس العام، يمكن القول بأن حجم تجارة المخدرات غير المشروعه قد وصل إلى 1٪ من حجم التجارة العالمية. ومازال هذا الرقم في إزدياد. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 1 من كل 20 بالغاً، تراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً، تعاطوا مخدراً واحداً على الأقل في عام 2015. ما يعني أكثر من ربع مليار شخص، تحديداً 247 مليوناً، وهو رقم على ضخامته، لم يشهد زيادة ملحوظة خلال السنوات الأربع الماضية.
يقدر عدد الوفيات المتصلة بالمخدرات بأكثر من 207 ألف حالة عام 2014، نصفها تقريباً بسبب الجرعات المفرطة. وبتحليل نوعية المخدرات الأكثر شيوعاً في العالم، كان القنب في المركز الأول، إذ يقدر عدد متعاطيه 183 مليون شخص. وجاءت الأمفيتامينات Amphetamines في المركز الثاني، بينما المركز الثالث كان من نصيب المواد الأفيونية وأشباهها، الموصوفة طبياً، وعدد متعاطيها 33 مليون شخص. وليس مستغرباً أن يكون القنب النوع الأكثر زراعة حول العالم، كونه الأكثر استخداماً أيضاً. إذ أبلغت 129 دولة عن زراعته، بينما هناك 49 بلداً يزرع خشخاش الأفيون و7 دول تزرع الكوكا. وقد تراجع الإنتاج العالمي للأفيون بمعدل 38%، ووصل أواخر التسعينيات إلى 4770 طناً، مدفوعاً بتراجع الإنتاج في أفغانستان التي تعد أكبر مزرعة لخشخاش الأفيون.
وأكدت الأمم المتحدة أن زراعة الخشخاش في أفغانستان المصدر الرئيسي للهيروين في العالم زاد إلى ثالث أعلى مستوى له منذ أكثر من عشرين عاما في الوقت الذي يحقق فيه تمرد طالبان تقدما. وجاء في النتائج الرئيسية للمسح السنوي للخشخاش في أفغانستان الذي يجريه مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة أن إجمالي مساحة الأرض المخصصة لزراعة الخشخاش زادت عشرة في المئة في 2016 إلى 497 ألف فدان.
وقال يوري فيدوتوف المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة إن "المسح يظهر انعكاسا مثيرا للقلق في جهود مكافحة المشكلة المستمرة المتعلقة بالمخدرات وتأثيرها على النمو والصحة والأمن."وساهم تراخي قبضة الحكومة على الأمن في مناطق كثيرة في انهيار جهود إبادة الخشخاش وهي طريقة أيدتها الولايات المتحدة بعد أن قادت غزوا لأفغانستان عام 2001 عندما كانت تحت حكم طالبان.
وقال فيدوتوف إن عمليات "الإبادة تراجعت بشكل كبير إلى 877 فدانا وهو تراجع بنسبة نحو 91 في المئة." وقال التقرير إن زراعة الخشخاش امتدت أيضا إلى مناطق جديدة مع تراجع عدد الأقاليم الخالية من الخشخاش من 14 إلى 13 من إجمالي 34 إقليما. وأكّد التقرير بيانا صدر عن فيدوتوف في وقت سابق أشار فيه إلى أن المساحة التي تزرع بالخشخاش عام 2016 تجاوزت 494210 فدادين ليصبح هذا العام بين أكثر ثلاثة أعوام شهدت أكبر إنتاج للخشخاش منذ بدأ المكتب إصدار تقديراته عام 1994.
المكسيك
وفي هذا الشأن قالت ثلاثة مصادر في المكسيك إن الجيش سمح للمرة الأولى في عشر سنوات على الأقل للولايات المتحدة والأمم المتحدة بمراقبة عمليات التخلص من مزارع نبات الخشخاش المخدر في خطوة نحو تعاون أعمق في محاربة مهربي الهيروين. وقد تجعل هذه الخطوة المكسيك في توافق أكبر مع دول أخرى منتجة للمخدرات مثل أفغانستان وكولومبيا وبيرو التي تشترك بقوة مع الأمم المتحدة في دراسات عن زراعة النباتات المخدرة وجهود استئصالها.
وقال المسؤولون إن الجيش المكسيكي يأمل في كسب المزيد من المصداقية في الداخل والخارج لجهوده ومعالجة الشكوك التي تساور واشنطن بشأن نوعية البيانات التي يقدمها والنجاح الذي يحققه في برنامج القضاء على المخدرات. ووفقا لاثنين من المسؤولين الذين لديهم معلومات عن العملية قام الجيش بنقل مسؤولين عسكريين أمريكيين ومسؤولين من الأمم المتحدة ومسؤولين من السفارة الأمريكية جوا إلى قلب منطقة إنتاج الهيروين في المكسيك، والتي تعرف بالمثلث الذهبي، لمشاهدة تدمير حقول للخشخاش.
ووفقا لأحد المسؤولين الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الأمر فإن الرحلة هي المرة الأولى التي يسمح فيها الجيش المكسيكي لمسؤولين من الأمم المتحدة والولايات المتحدة بمراقبة جهوده منذ أن اضطلع منفردا في 2007 بأغلب أنشطة التخلص من المخدرات ويجري الترتيب لزيارات إلى ثلاثة مواقع أخرى.
وقال مسؤولان إن الجيش يستعد أيضا هذا الصيف للعمل بأجهزة وبرامج كمبيوتر طورها مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة بما يسمح لجنوده بإرسال بيانات إلى مقر العمليات عن الحقول التي جرى تدميرها أولا بأول. ويتزامن هذا التحول من جانب الجيش مع محادثات ثنائية على مستوى عال بين المكسيك وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن كيفية وقف تدفق الهيروين شمالا إلى الولايات المتحدة والأسلحة والأموال جنوبا إلى المكسيك. بحسب رويترز.
وامتنعت السفارة الأمريكية في المكسيك عن التعقيب وكذلك الجيش المكسيكي ووزارة الخارجية المكسيكية. وتضاعفت زراعات الخشخاش في المكسيك إلى أكثر من المثلين منذ 2013 لتصل إلى نحو 28 ألف هكتار في 2015 وفقا لتقديرات أمريكية. وتكفي تلك المساحة لإنتاج نحو 70 طنا من الهيروين مقارنة بتقديرات للطلب في الولايات المتحدة في الأعوام القليلة الماضية تتراوح من 24 إلى 50 طنا. ووفقا لبيانات الجيش المكسيكي فإنه دمر 25960 هكتارا من حقول الخشخاش في 2015 بزيادة قدرها 77 بالمئة من 14662 هكتارا في 2013.
امريكا
الى جانب ذلك تضاعف عدد الاطفال والمراهقين الذين ادخلوا المستشفى في الولايات المتحدة جراء جرعات زائدة من مسكنات الالام الافيونية بين عامي 1997 و2012، على ما جاء في دراسة نشرتها مجلة "جاما بيدياتريكس" الطبية. ويعزى عدد متزايد من هذه الجرعات الزائدة الى محاولات انتحار فضلا عن تناول هذه المسكنات عرضا من قبل الاطفال الصغار على ما اوضح معدو الدراسة. وسجل معدوها خلال 25 عاما اكثر من 13 الف حالة ادخل فيها اشخاص بين سن السنة والتاسعة عشرة الى المستشفى بسبب جرعات زائدة من مواد افيونية وصفها اطباء. وقد توفي 176 منهم.
وبالنسبة للاطفال بين عمر السنة والاربع سنوات، زادت حالات دخولهم المستشفى بسبب جرعات زائدة كهذه بنسبة 205 % بين عامي 1997 و2012، و161 % لدى فئة 15-19 عاما. وادخل الاطفال المستشفى خصوصا لتناولهم عرضا مسكنات اوجاع. الا ان غالبية من هم فوق الخامسة عشرة ادخلوا في غالبيتهم المستشفى لمحاولتهم الانتحار على ما اوضحت الطبيبة جولي غايثر من كلية الطب في جامعة يال في نيو هايفن (كونيتيكت شرق الولايات المتحدة) التي ساهمت في الدراسة.
اما المراهقون الاخرون فهم تناولوا جرعات زائدة نتيجة على الارجح لاستخدامهم هذه المسكنات الافيونيات كمخدرات. واوضح معدو الدراسة ان الارتفاع الكبير في الجرعات الزائدة هذه لدى الاطفال عائد الى ان ذويهم او بالغين اخرين يقيمون في منزلهم العائلي يتركون هذه الادوية في متناولهم. بحسب فرانس برس.
وقد ارتفع استخدام مسكنات الاوجاع الافيونية بشكل كبير في السنوات الاخيرة في الولايات المتحدة ما دفع السلطات الاميركية الى دق ناقوس الخطر. وفي العام 2012 اعطى الاطباء 259 مليون وصفة طبية تحوي على مواد افيونية. واوضحت الدراسة ان الغالبية العظمى من الاطفال والمراهقين هم من البيض (73,5 %) ويحظون بتأمين طبي خاص (48,8 %). وانتقلت نسبة الشباب الذين يدخلون المستشفى بسبب جرعات زائدة من المواد الافيونية وينتمون الى عائلات متواضعة الحال ويستفيدون من تأمين "ميديكايد" الطبي لافقر السكان، من 24,1 % في العام 1997 الى 44 % في 2012.
من جانب اخر قال مسؤولو صحة أمريكيون إن حالات الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي (سي) ارتفعت بواقع نحو 300 في المئة من 2010 حتى 2015 رغم توافر علاجات للمرض وذلك نتيجة زيادة تعاطي مخدر الهيروين وغيره من المخدرات التي يتم تعاطيها بالحقن. ووفقا لتقرير صدر عن مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها كان متوسط الإصابة بفيروس سي في 2015 هو 0.8 لكل مئة ألف شخص مع ظهور قرابة 34 ألف إصابة جديدة.
وتقول المراكز إن الحصول على محاقن نظيفة وتقليل القيود على توفير العلاجات لبرنامج الرعاية الصحية لمحدودي الدخل يمكن أن يقلص معدلات الوفاة بسبب المرض وانتشار عدوى الفيروس. وبإمكان العلاجات الجديدة لالتهاب الكبد سي، التي تتجاوز نسبة الشفاء فيها 95 في المئة والتي توفرها شركات مثل جيلياد ساينسز وأبفي، أن تقضي تقريبا على المرض الذي قد يسبب تليف الكبد أو السرطان أو الوفاة أو الحاجة لعملية زراعة كبد.
لكن وباء إدمان المخدرات يؤدي فيما يبدو لظهور عشرات الآلاف من الإصابات الجديدة لأسباب على رأسها استخدام المحاقن غير النظيفة. ويقول بعض الخبراء إن من أسباب زيادة تعاطي الهيروين هو أنه أصبح أرخص بكثير من مسكنات الألم التي تحتوي على مشتقات الأفيون التي يصفها الأطباء وبسبب القيود الجديدة التي فرضت على صرف مسكنات الألم القانونية المسببة للإدمان.
وأجرت المراكز تحليلا في كل ولاية للحالات المبلغ عنها من التهاب الكبد سي بالإضافة لمراجعة القوانين المتعلقة بتوفر محاقن نظيفة لمن يتعاطون أدوية عن طريق الحقن ومستوى القيود المفروضة على توفر العلاجات لبرنامج الرعاية الصحية لمحدودي الدخل. وفي 2015 وجدت المراكز أن معدلات الإصابة بالتهاب الكبد سي في 17 ولاية أعلى من المتوسط الوطني. وخلص التحليل إلى أن ولايات ماساتشوستس ونيو مكسيكو وواشنطن فقط لديها مجموعة شاملة من القوانين وسياسة علاجية ميسرة تتيح وصول العلاج لبرنامج الرعاية الصحية لمحدودي الدخل مما قد يساعد في وقف انتشار المرض.
افغانستان
على صعيد متصل يعتمد عدد كبير من سكان افغانستان في معيشتهم على زراعة الخشخاش المنتج للافيون، مستفيدين من ثلاثة مواسم حصاد، ما يجعل هذه النبتة عصية على جهود الدولة لاتلافها، اضافة الى كونها مصدر تمويل للنزاع في هذا البلد. ويقف المزارع نعمة الله متكئا الى شجرة، وفي يده حبيبات من البذور، ويشرح كيف ان ثلاثة مواسم من زراعة الخشخاش تكفيه لتأمين معيشته، وهو واحد من مزارعين كثر في ولاية هلمند في الجنوب، والتي تسيطر حركة طالبان على اجزاء واسعة منها.
وفي الماضي، كان مزارعو الخشخاش في افغانستان على موعد مع موسم حصاد وحيد في الربيع، وكان هذا الموسم كافيا لجعل هذا البلد واحدا من اكبر منتجي الافيون في العالم. اما اليوم فإن المزارعين يحظون بموسمين اضافيين، وهو ما يفسره الخبراء بالمناخ، وتطور وسائل الزراعة، وربما البذور المعدلة وراثيا، في الوقت الذي تفشل فيه حملات اتلاف المحاصيل.
ويقول نعمة الله "كان لدينا في الماضي موسم واحد، والآن صار لدينا ثلاثة، وولاية هلمند تعيش دائما في حالة حرب، ولا وفرص عمل هنا سوى في صفوف حركة طالبان، لذا فالخشخاش نعمة تكسبنا لقمة العيش على مدار السنة". واضطر نعمة الله الى الخروج من قريته التي يسيطر عليها مقاتلو طلبان، لاجراء المقابلة في مدينة لشكر كاه عاصمة الولاية جالبا معه بعض الحبوب المستخدمة.
ولهذه الحبوب التي يبيعها التجار المحليون تأثير جيد على زراعة الافيون، فمعها تتقلص دورة نمو الخشخاش من خمسة اشهر او ستة الى سبعين يوما، مع بقاء الجودة على حالها، بحسب ما اكد لمراسل وكالة فرانس برس عدد من المنتجين. وتقول جيلينا بجيليكا الباحثة في معهد "افغانستان اناليست نتوورك" ان "بعض المناطق في ولاية هلمند قادرة على انتاج موسمين بفضل الطقس الملائم، لكن انتاج ثلاثة مواسم يتطلب اللجوء الى البذور المعدلة وراثيا".
وتأتي هذه الحبوب "من الصين، حيث انتاج الافيون لصناعة الادوية متاح"، وفقا للباحثة، لكنها لا تعرف كيفية توزيعها في افغانستان. واضافة الى هذه الحبوب، يشير الخبراء الى ان التجارب التي دأب المزارعون عليها اوصلتهم الى ثلاثة محاصيل سنوية، يضاف الى ذلك التقنيات المستخدمة، مثل المضخات العاملة بالطاقة الشمسية. ويبدي المزارعون ثقة بقدراتهم على رفع مردود محاصيلهم في المستقبل.
وحظرت حركة طالبان اثناء حكمها لافغانستان زراعة الافيون، لكن مصادر عدة في افغانستان والغرب تؤكد انها تمول انشطتها اليوم من هذه الزراعة، اذ انها تجني ضرائب من المزارعين تؤمن لها دخلا سنويا بقيمة 1,2 مليار دولار. وهذه الوفرة في المحاصيل تشكل مؤشرا جديدا على فشل سياسة مكافحة المخدرات التي تنفذها الولايات المتحدة وتنفق عليها مليارات الدولارات، وتهدد بتعاظم قوة طالبان. بحسب فرانس برس.
فالاموال التي تدرها المخدرات تجعل حركة طالبان اقدر على شراء السلاح وتجنيد المقاتلين من بين السكان الغارقين بمعظمهم في البطالة والفقر. ومن شأن هذه الاموال ايضا ان تفاقم الفساد في صفوف القوات الافغانية. ويقول مصدر امني في هلمند طلب عدم الكشف عن اسمه "تبلغ رواتب الجنود المتمركزين على الحواجز عشرة الاف روبية (87 يورو)، ولذا يمكن للعدو ان يدفع لهم خمسين الفا ويقنعهم بترك مواقعهم". ويضيف "هذا الامر مقلق جدا". ولأن الافيون ما زال المورد الاول للكثير من المزارعين الافغان، فهم يفضلون ان يعيشوا تحت سيطرة طالبان للحصول على الحماية. ويدفع ذلك السلطات احيانا الى غض النظر عن بعض المحاصيل في المناطق الخاضعة لسيطرتها، خوفا من ان تؤدي سياسة الاتلاف الحازمة الى دفع السكان لاحضان المتمردين.
غزة
من جانب اخر تتدفق على قطاع غزة الماريجوانا والعقاقير المسكنة، التي لا يُسمح بتداولها دون وصفات طبية، بشكل لم يسبق له مثيل فيما دفع المسؤولين في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تدير القطاع للسعي من أجل تغليظ عقوبات تهريب المخدرات إلى القطاع المحاصر. وقال مسؤولون إن كمية المخدرات التي تم ضبطها في غزة في يناير كانون الثاني وحده تعادل ما تم ضبطه في عام 2016 بأكمله. واعتقلت السلطات ثمانية من كبار تجار المخدرات في واحدة من أكبر عمليات الشرطة حتى الآن.
وتقوم عصابات فلسطينية ومصرية بتهريب الماريجوانا وعقار "الترامادول" المسكن للآلام من مصر إلى غزة حيث يعيش نحو مليوني فلسطيني في القطاع الذي يبلغ طوله نحو 45 كيلومترا ويصل عرضه إلى 12 كيلومترا ويعاني 40 بالمئة من الشبان فيه من البطالة فيما يدفعهم صوب المخدرات. وقال الأخصائي النفسي فضل أبو هين "في كثير من الأحيان يعتقد البعض أن الترامادول سيغير عالم الواقع وأنه سيشعره بالأمان." وأضاف "هم يريدون أن يكونوا غائبي الوعي عن هذا الواقع، غائبي الإحساس عن هذا الواقع."
وفي أحدث عملية لها ضبطت الشرطة أكثر من 100 كيلوجرام من الماريجوانا بقيمة تصل إلى خمسة ملايين دولار في شوارع غزة إلى جانب 250 ألف حبة من الترامادول الذي يباع بسعر يتراوح بين 130 و170 شيقلا (35-45 دولارا) لكل عشر حبات. وحتى العام 2013 كانت أغلب عمليات التهريب تتم من خلال شبكة من الأنفاق التي شقها فلسطينيون ومصريون تحت الحدود لتهريب كل شيء من الغذاء والسلع الاستهلاكية وصولا إلى السيارات والماشية وحتى الصواريخ.
لكن مصر هدمت الأنفاق، حيث نسفت بعضها وغمرت البعض بالمياه، في حملة في 2014 و2015 على التهريب. ومنذ ذلك الحين ابتدع المهربون سبلا جديدة لتجارتهم. ويتم نقل المخدرات داخل اسطوانات غاز الطهي أو آلات الغسيل. وفي بعض الأحيان يتم قذف كميات صغيرة عبر الحدود من مصر إلى غزة. وتوجد أنابيب تمتد بطول كيلومترات وتستخدم لنقل عبوات صغيرة كما يتم في بعض الأحيان شحن المخدرات داخل بضائع مستوردة من إسرائيل.
وقال العقيد أحمد القدرة مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في غزة "أؤكد أن انتشار المخدرات في قطاع غزة هو مشكلة وليس ظاهرة. ونحن نعاني منها كباقي مشكلات القطاع. وهذه مشكلة ممتدة في أكثر من بلد وعلى مستوى العالم كله." لكنه أضاف أن عقوبات تجارة المخدرات باتت أخف مع مرور السنين الأمر الذي ربما ساعد في انتشارها.
وقال إن القانون يسمح بفرض عقوبة السجن المؤبد بل وحتى الإعدام على مهربي المخدرات لكن الكثيرين يفلحون في الإفلات من عقوبات بالسجن لفترات طويلة.
وقال المستشار يحيى الفرا رئيس التفتيش القضائي بمكتب النائب العام في غزة إنه ينبغي للمحاكم أن تصدر أحكاما مشددة على الأقل مثلما كان الحال في 2009 عندما عوقب تاجر مخدرات بالسجن 15 عاما. وأضاف قوله "التاجر الذي يبيع السموم يعتبر قاتلا للنفس.. كما قاتل النفس بواسطة السلاح أو السكين." وتابع يقول "لذلك فإن القانون شدد بأن تصل العقوبة إلى الإعدام." ويريد الفرا والقدرة زيادة عدد المجندين بإدارة مكافحة المخدرات وإقامة مزيد من المنشآت الطبية لعلاج المدمنين. بحسب رويترز.
وداخل أحد سجون غزة حث مدانون الشباب على نبذ المخدرات. وقال حلاق يبلغ من العمر 26 عاما إنه بدأ بتعاطي نصف حبة ترامادول يوميا بعدما قدم له صديق البعض منها. لكنه سرعان ما أدمنها. وقال "أنصحهم (الشباب) أن يبتعدوا عن أصحاب السوء حتى لا يتدمروا مثل ما أنا تدمرت. كنت إنسانا محترما ومشيت مع واحد فاشل فأصبحت فاشلا مثله." وأضاف آخر وهو صاحب محل للأحذية "لا أنصح أي شخص أن يتعاطاها لأن طريق النهاية إما السجن أو الهلاك."
إسرائيل
في السياق ذاته صوتت الحكومة الإسرائيلية لصالح وقف تجريم استخدام الماريجوانا للترويح عن النفس لتنضم بذلك إلى ولايات أمريكية ودول أوروبية اتخذت هذه الخطوة. وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لوزرائه "ننفتح على المستقبل من جهة ومن جهة أخرى نتفهم المخاطر وسنحاول تحقيق التوازن." ووفقا للسياسة الجديدة التي ما زال يتعين على البرلمان الموافقة عليها فإن من يُضبطون وهم يدخنون الماريجوانا سيدفعون غرامة بدلا من اعتقالهم وملاحقتهم قضائيا. ولن تُتخذ إجراءات جنائية إلا ضد من يُضبطون مرارا وهم يدخنون الماريجوانا. لكن تجريم زراعة وبيع الماريجوانا سيظل ساريا.
وقالت ايليت شاكيد وزيرة العدل الإسرائيلية في بيان "لا يمكن لإسرائيل أن تغمض عينيها أمام التغييرات التي تحدث في أنحاء العالم فيما يخص استهلاك الماريجوانا وتأثيراتها." وفي الولايات المتحدة أقدمت 28 ولاية على إباحة استخدام الماريجوانا لأسباب طبية كما وافقت ولايات أمريكية منذ عام 2012 على استخدامها لأغراض ترفيهية. وأشارت شاكيد إلى أن السلطات الإسرائيلية ستركز حاليا على التوعية بالآثار الضارة المحتملة لاستخدام الماريجوانا. بحسب رويترز.
وقال مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة إن نحو تسعة بالمئة من سكان إسرائيل يستخدمون نبات القنب لكن بعض الخبراء الإسرائيليين يعتقدون أن عددهم أكبر من ذلك. وأظهرت أرقام للشرطة الإسرائيلية اعتقال 188 شخصا فقط عام 2015 لتدخينهم الماريجوانا بهدف الترويح عن النفس وذلك بانخفاض قدره 56 في المئة عن عام 2010. ويحمل نحو 250 ألف شخص في إسرائيل رخصة لاستخدام الماريجوانا لأغراض طبية. وإسرائيل من الدول الرائدة على مستوى العالم في أبحاث الماريجوانا الطبية. وفي فبراير شباط وافقت لجنة حكومية إسرائيلية من حيث المبدأ على تصدير نبات القنب الطبي لكن من المرجح ألا تبدأ الإجراءات التشريعية قبل أشهر.
اضف تعليق