مع اقتراب موعد التصويت في الانتخابات الرئاسية الايرانية المقررة في 19 مايو/أيار الجاري، ازدادت شراسة الحرب الانتخابية وتصاعدت لغة التسقيط و تبادل الانتقادات بين المرشحين، من اجل الحصول على أصوات الناخبين خاصة أولئك الذين لا ينتمون إلى أي التيارات السياسية أو لا يدلون بأصواتهم على أساس حزبي بحت. وشهدت المناظرات الانتخابية، تراشق لفظي واتهامات بالفساد بين المرشحين الـ 6 وهم الرئيس الحالي حسن روحاني، المحسوب على المحافظين المعتدلين والمدعوم من قبل الإصلاحيين، ونائبه إسحاق جهانجيرى، والوزير الأسبق مصطفى هاشمى طبا، وثلاثة من التيار الأصولى وهم رجل الدين المقرب من خامنئى، إبراهيم رئيسى، وعمدة العاصمة طهران محمد باقر قاليباف، ووزير الثقافة الأسبق مصطفى مير سليم.
فبعد المناظرة الثالثة بحسب بعض المصادر، انتقد المرشح المرشح إبراهيم رئيسي حكومة الرئيس روحاني وقال انها ليس لديها إرادة جادة لمكافحة الفساد. واتهم رئيسي في جموع مؤيديه أن "سياسة الحكومة الحالية هي تخويف الشعب من المرشحين الآخرين بدل أن ترد على الانتقادات لأداءها، وأكثر من ذلك لم تتوان في توجيه الإهانة للذين ينتقدوها."
أما المرشح محمد باقر قاليباف فقال إن حكومة روحاني تفتقر إلى أي برنامج عمل للمستقبل، مؤكداً: عندما قلت إن بإمكاننا توفير خمسة ملايين فرصة عمل في العام استهزأت هذه الحكومة بي، لكنها اليوم تكرر ما طرحته أنا. أما المرشح مصطفى هاشمي طبا فنفى أنباء تحدثت عن انسحابه، مؤكداً أنه سيواصل حتى النهاية السباق الرئاسي. كما انتقد المرشح مصطفى ميرسليم من مدينة أهواز جنوب غرب البلاد غياب دعم الحكومة للعلماء الإيرانيين خاصة في مجال الفضاء. أما الرئيس الحالي حسن روحاني الذي أكدت بعض الاستطلاعات انه سيفوز بفترة رئاسية ثانية نظرا لسجل انجازاته، فقد واصل حملته الانتخابية وانتقاداته لبعض قيادات التيار المتشدد الساعين للإطاحة بروحاني.
وقد نشرت وكالة إيرنا الإيرانية، استطلاعا للرأى لفتت فيه إلى توقعات بمشاركة 67% من الإيرانيين في الانتخابات الرئاسية. وذكرت الوكالة في تقريرها: "في الوقت الذي لم يبق على موعد الانتخابات الرئاسية في دورتها الثانية عشرة سوى أيام أجرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية (إيرنا) استطلاعا للرأي تبين من خلاله إن 67% من الشعب الإيراني سيشاركون فى هذه الانتخابات."
ولفت التقرير إلى أن "الاستطلاع كشف نية 66.7% من المشاركين رغبتهم فى المشاركة بالانتخابات فيما أعلن 16.2% بأنهم لم يقرروا المشاركة بعد، وخلال الاستطلاع أعرب 27.8% من العينات أنهم سيصوتون للإصلاحيين فيما أعلن 23.3 للمبدئيين و14 فى المائة للمعتدلين." على الصعيد الآخر "أعرب 20.7 % من العينات أنهم لا يتفقون مع أي من الأحزاب السياسية المشاركة فى الانتخابات فيما أعلن 14.2% أنهم لا يعرفون شيئا عن هذا الموضوع."
اتهامات بالفساد
وفي هذا الشأن تبادل المرشحون الستة لانتخابات الرئاسة الإيرانية الاتهامات بالفساد وإساءة إدارة الاقتصاد في آخر مناظرة من سلسلة مناظرات تلفزيونية قبيل موعد التصويت. وشكل موضوع الاقتصاد محور مناظرة، حيث منح الركود الاقتصادي وارتفاع معدل البطالة ذخيرة قوية للمرشحين المحافظين لمهاجمة الرئيس حسن روحاني. وركز روحاني، هجومه على منافسه إبراهيم رئيسي، رجل الدين المحافظ الذي ينظر إليه على أنه مرشح التيار المتشدد الرئيسي.
وتشير استطلاعات رأي غير رسمية إلى أن رئيسي جاء ثانيا في ترتيب اختيارات الناخبين بعد روحاني ولكن بفارق كبير بينهما. واتهم روحاني رئيسي، الذي كان يشغل منصبا قضائيا رفيعا، بالتغاضي عن الفساد في حكومة الرئيس السابق أحمدي نجاد. وقال روحاني إن العديد من رجالات الحكومة السابقة يعملون في مقر حملة رئيسي الانتخابية لذا فإن حججه ستكون في الغالب هي نفس ما تقدم به أحمدي نجاد، في إشارة إلى استعارة رئيسي بعض أفكار الجدل بين روحاني وأحمدي نجاد في 2005 و 2013.
وتساءل روحاني مخاطبا رئيسي "كيف تمكن الأمريكيون من حجز 3.6 مليار دولار من أموال الشعب الإيراني في 1386 و1387 (ما يعادل 2008 و 2009 بالتقويم الميلادي) وكان لدينا 10 اشهر لإعادة هذه الأموال والسندات (إلى إيران قبل حجزها)؟ وما الذي فعلته في القضاء وفي دائرة التفتيش العامة التي كنت ترأسها؟ وما الذي فعلته عندما أعطيت صفقات نفطية لشخص فاسد في ظل الحكومة السابقة؟".
ويركز رئيسي في حملته الانتخابية وفي تصريحاته على الوصول إلى جمهور الناخبين الفقراء والمحافظين دينيا. وقال رئيسي "لقد زاد الفقر مع هذه الحكومة من نسبة 23 في المئة إلى 33 في المئة. ويجب أن نزيد المساعدة المباشرة للفقير". واتهم حكومة روحاني بأنها زادت الإعانات الحكومية في الدقيقة الأخيرة لكسب أصوات الناخبين. لقد زاد الفقر مع هذه الحكومة من نسبة 23 في المئة إلى 33 في المئة. ويجب أن نزيد المساعدة المباشرة للفقير.
وقال عمدة طهران، محمد باقر قاليباف، المرشح الذي يحظى بدعم التيار المتشدد إن "البلاد تواجه أزمة اقتصادية، مع بطالة وركود وتضخم. والشجرة التي لم تثمر طوال أربع سنوات لن تعطي أي شيء أيجابي في المستقبل". وأضاف "لقد أغلقت عشرات الآلاف من المصانع لدينا وتواصل أخرى اغلاق ابوابها". وكان قاليباف، الطيار والقائد السابق في القوة الجوية التابعة للحرس الثوري والذي يعد أصغر المرشحين سنا (55 عاما)، حل ثانيا بعد روحاني في انتخابات عام 2013 وحصل على 16 بالمئة من مجموع الأصوات.
ورد روحاني بالدفاع عن جهوده لتحسين الاقتصاد الإيراني، قائلا إن الاتفاق بشأن برنامج بلاده النووي أنهى العقوبات المفروضة عليها وجلب مردودات غير متوقعة من المبيعات النفطية خلال العام الماضي يمكن استثمارها الآن". وأضاف "نريد أن نخصص 15 مليار دولار للاستثمار ... و3 الى 5 مليارات لدعم الفقراء والمحتاجين".
وتبادل قاليباف والمرشح الإصلاحي ونائب الرئيس الحالي، اسحق جهانغيري، اتهامات شديدة اللهجة ووصم أحدهما الآخر بالفساد وتقديم وعود فارغة. ويعتقد الكثير من المراقبين أن جهانغيري إنما رشح نفسه لمساندة الرئيس الحالي ولتوفير صوت معتدل اضافي خصوصا في المناظرات المتلفزة التي تتسم بخطاب عدواني. وقال جهانغيري "يجب أن ندقق في كم من تصريحات المرشحين العديدة كان حقيقيا أم أنه مجرد شعارات لخداع الناس".
واتهم عمدة طهران ببيع عقارات بأسعار مخفضة لأشخاص مقربين منه. ورد قاليباف بالإشارة إلى أن نائب الرئيس نفسه كان حصل على بيوت كبيرة بأسعار رخيصة. وبدا هجوم قاليباف معدا مسبقا، إذ ظهرت بعد دقائق من كلامه على وسائل التواصل الاجتماعي ما وصف بوثائق قيل أنها تسند مزاعمه.
روحاني والتيار المحافظ
من جهة اخرى شن الرئيس الايراني حسن روحاني الاثنين هجوما عنيفا على المحافظين، مؤكدا ان الشعب سيقول في الانتخابات الرئاسية في 19 ايار/مايو، انه "لا يريد الذين لم يستخدموا طوال 38 عاما" إلا الوسائل القمعية، كما ذكرت وكالة إيسنا الطلاىبية. وقال روحاني ان "منطقكم هو منطق المنع، وليس لديكم شيء آخر لتقدمونه"، ملمحا بذلك الى المرشحين المحافظين الذين لم يسمهم مباشرة. واضاف روحاني "انا مرشح لأقول لأنصار العنف والمتطرفين ان زمنهم قد ولى".
واوضح روحاني ان "الشعب الايراني قال" في الانتخابات الرئاسية 2013 التي فاز بها "انه اختار طريق الحرية" و"سیعلن مرة اخرى في الانتخابات الرئاسیة المقبلة رفضه لاولئك الذین لم یتقنوا سوى الاعدامات والسجون فقط طوال 38 عاما"، ملمحا بذلك الى سنة اندلاع الثورة الاسلامية العام 1979. وحذر روحاني الناخبين الذين ينوون الامتناع عن التصويت في 19 ايار/مايو، مؤكدا ان المحافظين "اتخذوا القرار ببناء جدران في الشوارع".
وقال "انتم لا تعرفونهم انا أعرفهم جیدا هؤلاء اتخذوا القرار ببناء جدران في شوارع طهران لفصل النساء عن الرجال، وطبقوا ذلك في محل عملهم ایضا"، رغم ان اي مسؤول لم يتحدث حتى الان عن هذا الفصل. وسارع المسؤول المحافظ علي رضا زكاني الى الرد في تغريدة، قائلا ان "هذا الاتهام السخيف والمتكرر لا يخدع احدا. وفي المقابل، فان الجدار الاقتصادي بين حكومة التجار والصحون الفارغة للناس، واضح للعيان".
ويتنافس ستة مرشحين الى الانتخابات الرئاسية: ثلاثة من التيار المعتدل، هم روحاني ونائب الرئيس الاول اسحق جهانغيري ومصطفى هاشمي طبا، وثلاثة من التيار المحافظ، هم عمدة طهران الحالي محمد باقر قاليباف ورجل الدين ابراهيم رئيسي ومصطفى ميرسليم. وفيما يشدد المحافظون على الوضع الاقتصادي، وخصوصا المساعدة للفقراء وتأمين فرص العمل، يشدد روحاني والمرشحون الآخرون على الحريات السياسية والاجتماعية والثقافية ورفض عزلة ايران على الساحة الدولية. بحسب فرانس برس.
وتستهدف انتقاداته خصوصا عمدة طهران قاليباف، القائد العسكري السابق والمسؤول عن الشرطة الوطنية، وابراهيم رئيسي الذي خدم طوال اكثر من عشرين عاما في السلك القضائي حيث شغل مناصب رفيعة. وروحاني شخصيا هو ايضا من نتاج النظام الاسلامي حيث شغل عددا من المناصب.
من جانب اخر انتقد الزعيم الإيراني الأعلى آية الله على خامنئي حكومة الرئيس حسن روحاني بسبب دعمها لخطة تعليم طرحتها الأمم المتحدة بوصفها "متأثرة بالغرب" وقال عنها حلفاؤه المحافظون إنها تتناقض مع المبادئ الإسلامية. وجاءت تصريحات خامنئي قبل انتخابات رئاسية يسعى فيها الرئيس لإعادة انتخابه. وذكر موقع خامنئي على الإنترنت إنه قال لحشد من المعلمين "في هذا البلد الأسس هي من الإسلام والقرآن. هذا ليس مكانا سيسمح فيه لأسلوب الحياة الغربي الخاطئ والفاسد والمدمر بنشر تأثيره".
وقال خامنئي "ليس منطقيا على الإطلاق قبول مثل تلك الوثيقة في الجمهورية الإسلامية" في إشارة إلى خطة التعليم 2030 التي طرحتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو). ولم يذكر خامنئي بالتفصيل أسباب اعتراضه على خطة اليونسكو لكن معلقين محافظين في إيران قالوا إنها تشجع المساواة بين الجنسين في التعليم بما يتنافى مع الإسلام على حد وصفهم.
وقال خامنئي "كيف يمكن لجهة يطلق عليها دولية تقع تحت تأثير القوى الكبرى أن تسمح لنفسها بأن تكلف دولا بمهام وهي دول لديها تاريخ وثقافات وحضارات مختلفة؟". وعادة ما يحذر خامنئي من "حرب ناعمة" يشنها الغرب لإسقاط نظام الحكم الإسلامي في إيران. ولخامنئي القول الفصل في السياسة في البلاد ونأى بنفسه مرارا عن روحاني في الأسابيع الماضية.
لكنه لم يصل إلى حد دعم أي من منافسي روحاني المحافظين ومن بينهم رجل الدين النافذ إبراهيم رئيسي ورئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف. وقال تقرير عن حقوق الإنسان صادر عن الأمم المتحدة في أغسطس آب 2015 إن إيران حققت تقريبا معدلات عالمية ومساواة بين الجنسين في كل مراحل التعليم. لكن التقرير قال إن سياسات متعلقة بمعدل تمتع كل جنس بالتعليم تبنتها الدولة في 2012 أدت إلى انخفاض في نسبة تسجيل الفتيات في الجامعات.
كما انتقد المتحدث باسم رئاسة اركان القوات المسلحة الايرانية الجنرال مسعود جزائري، تصريحات أدلى بها الرئيس حسن روحاني حول البرنامج البالستي الايراني. وقال الجنرال جزائري دون ذكر روحاني"نطلب مرة اخرى من المرشحين الى الانتخابات الرئاسية ألا يتدخلوا في المسائل العسكرية والدفاعية الحساسة". واضاف ان "وجود قواعد بالستية تحت الأرض عنصر ردع مهم، لمواجهة الاعداء الألداء للثورة الاسلامية والشعب الايراني". وفي انتقاد نادر للحرس الثوري الذي يعد قوات النخبة في ايران، اعرب روحاني عن اسفه لانهم عرضوا صورا لقواعد تحت الارض لصواريخ بالستية، ولأنهم كتبوا رسائل ضد الاسرائيليين على صواريخ، فيما كان الاتفاق النووي يدخل حيز التطبيق في كانون الثاني/يناير 2016. وقال روحاني "رأينا كيف كشفوا القواعد تحت الارض وكتبوا شعارات على صواريخ لتخريب الاتفاق" النووي.
الحرس الثوري
الى جانب ذلك تعمل قوة الحرس الثوري العسكرية في إيران سرا على دعم مرشح متشدد في انتخابات الرئاسة المقررة واضعة نصب عينيها جائزة أكبر ألا وهي خلافة الزعيم الأعلى مع إصرارها على حماية دورها الأمني المهيمن ومصالحها الاقتصادية الواسعة. وحقق الرئيس حسن روحاني المعتدل نسبيا نصرا ساحقا في انتخابات 2013 مدعوما بوعود بانفتاح المجتمع الإيراني وتقليص عزلة البلاد الدولية وينظر إليه على نطاق واسع على أنه الأوفر حظا للفوز بولاية جديدة.
لكن الحرس الثوري وقوات الباسيج، ، تتخذ خطوات لدعم ترشيح منافسه الأول رجل الدين المحافظ إبراهيم رئيسي. وتنتقد وسائل إعلام تابعة للحرس أداء روحاني في السلطة. ويقول خبراء متابعون لشؤون الحرس الثوري إنه سيستخدم على الأرجح أيضا موارده للمساعدة في نقل أنصار رئيسي إلى مراكز الاقتراع.
وقال علي ألفونه الباحث لدى مجلس الأطلسي والذي أجرى بحثا واسعا بشأن الحرس الثوري "سيدير الحرس الثوري حافلات كبيرة وصغيرة لنقل الناس من أجل التصويت. سيعملون على حشد الناخبين ليس فقط في المناطق الريفية وإنما أيضا في الأحياء الفقيرة حول المدن الكبرى". وأضاف "يريدون أن يصوت أنصارهم".
ويخشى المتشددون في مجال الأمن في الجمهورية الإسلامية أن يقلص روحاني، إذا فاز بولاية جديدة، الصلاحيات التي أتاحت للحرس التمتع بنفوذ اقتصادي وسياسي هائل. وسواء فاز روحاني بفترة ولاية ثانية أم لا تكمن الجائزة الأكبر في التحكم فيمن سيخلف الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي الذي ينعم بسلطات أوسع بكثير من سلطات الرئيس المنتخب. وخامنئي البالغ من العمر 77 عاما يتولى السلطة منذ العام 1989. ويقول بعض المحللين إن ترشيح رئيسي للرئاسة اختبار لرجل قد يتم إعداده لخلافة خامنئي.
وقال ألفونه "هذه الانتخابات ليست فقط من أجل اختيار الرئيس وإنما تتعلق أيضا بالخلافة بعد خامنئي". وتابع يقول "يعتقد الحرس الثوري أن هذه فرصته للقضاء نهائيا على التكنوقراط والتحكم في عملية الخلافة بعد خامنئي". وستقوم هيئة تسمى مجلس الخبراء تم انتخابها العام الماضي لفترة ثماني سنوات باختيار خلف خامنئي. وروحاني نفسه عضو في هذا المجلس بوصفه أحد أكبر الحاصلين على أصوات واكتسح هو وحلفاؤه تقريبا مقاعد العاصمة طهران.
ولكن أعضاء كثيرين بالمجلس ليسوا مرتبطين بقوة سواء بالمعسكر الإصلاحي أو التقليدي كما أن الجبهة التي ستفوز في انتخابات الرئاسة قد تكسب ميزة بمحاولة تعزيز التأييد لمرشحها لمنصب الزعيم الأعلى. وجعل الحرس خياراته معروفة. وفي منتصف مارس آذار اعتقل الحرس الثوري الإيراني عشرات من مديري قنوات التواصل الاجتماعي الإصلاحية في موقع تلجرام الذي يحظى بشعبية طاغية في إيران ويستخدمه ملايين الأشخاص.
ودفعت هذه الاعتقالات عضو البرلمان محمود صادقي إلى أن يبعث رسالة إلى قائد الحرس الثوري الإيراني طلب منه فيها عدم تدخل الحرس في انتخابات الرئاسة المقبلة. وكتب أيضا صادقي أن وسائل الإعلام التابعة للحرس "تعمل ضد الإصلاحيين وأنصار الحكومة" وذلك حسبما ذكرت وكالة أنباء العمال الإيرانية التي طبعت نسخة من الرسالة.
وقالت منظمة سنتر أوف هيومان رايتس في إيران والتي تتخذ من نيويورك مقرا لها إن رئيسي كان عضوا في لجنة أشرفت على إعدام آلاف المعارضين في 1988. وأقام رئيسي خلال فترة عمله بالسلطة القضائية علاقات مع كبار أعضاء الحرس الثوري الإيراني. وقال محسن سازكارا وهو عضو مؤسس في الحرس الثوري الإيراني وهو الآن معارض مقره في الولايات المتحدة إن "رئيسي هو مرشح الحرس الثوري". وأضاف أنه "كان يعمل عن كثب مع الحرس الثوري عندما كان في السلطة القضائية". وباءت محاولات الوصول إلى المكتب الإعلامي للحرس الثوري بالفشل.
وعلى الرغم من توخي خامنئي الحذر بشأن خياراته السياسية يبدو أيضا أن رئيسي يحظى بدعم الزعيم الأعلى كمرشح رئاسي وخليفة محتمل. وطبقا لسيرة ذاتية رسمية منشورة على الإنترنت كان رئيسي يحضر منذ أوائل التسعينات محاضرات دينية يلقيها خامنئي لفترة 14 سنة . وفي العام الماضي عين خامنئي رئيسي رئيسا لهيئة دينية تبلغ ميزانيتها عدة مليارات من الدولارات. وقالت وكالة أنباء فارس إن وفدا من كبار قادة الحرس الثوري ذهب لزيارة رئيسي في مدينة مشهد عندما عُين رئيسا لهذه الهيئة العام الماضي.
وكان من أعضاء الوفد قائد الحرس وقائد الباسيج وقاسم سليماني قائد فيلق القدس وهو الفرع المسؤول في الحرس الثوري عن العمليات خارج حدود إيران بما في ذلك العراق وسوريا. والحفاظ على الأمن الداخلي أحد الأسباب الرئيسية في رغبة الحرس الثوري في وجود مرشح له في الرئاسة ومنصب الزعيم الأعلى. وأدت الانتخابات الرئاسية في عام 2009 المتنازع عليها والتي جاءت بمحمود أحمدي نجاد إلى السلطة لفترة ثانية إلى أكبر اضطرابات في تاريخ الجمهورية الإسلامية. وخرج الملايين من المحتجين إلى الشوارع في طهران وغيرها من المدن الرئيسية.
وأشرف الحرس الثوري على حملة صارمة ضد المحتجين من خلال قوات الباسيج في الأساس. وقتل العشرات من المحتجين وألقي القبض على المئات وفقا لبيانات منظمات حقوقية. ويوجد سبب آخر وراء رغبة الحرس الثوري في حليف في المواقع القيادية بالبلاد وهو امتلاكه حيازات اقتصادية كبيرة من قطاع الإنشاءات إلى النفط والتعدين تقدر قيمتها بمليارات الدولارات. اصطدم روحاني مرارا بالحرس الثوري وهو في السلطة بشأن عقودهم ومصالحهم الاستثمارية.
وقال روحاني في خطاب الشهر الماضي وفقا للموقع الرسمي للرئاسة "دخول القوات المسلحة في إغراءات الاقتصاد قد يبعدها عن واجبها وهدفها الأساسي". أما الحرس الثوري فقد وجه انتقادات للاتفاق الذي أبرمته حكومة روحاني مع القوى الغربية ورفعت بناء عليه معظم العقوبات المالية عن إيران مقابل كبح برنامجها النووي. ويصف روحاني الاتفاق بأنه أهم انجازاته. وقال البريجادير جنرال أمير علي حاجي زادة القائد الكبير في الحرس الثوري في تصريحات أواخر أبريل نيسان إن الاتفاق النووي لم يقلل مخاطر نشوب حرب ضد بلاده. وقال لوكالة فارس للأنباء "هذه كذبة إنها إهانة". بحسب رويترز.
ويقول خبراء في الشأن الإيراني إن الحرس الثوري يرى الاتفاق النووي وغيره من الخطوات الرامية لفتح الاقتصاد أمام الشركات الأجنبية تهديدا لمصالحه الاقتصادية. وقال عباس ميلاني مدير برنامج الدراسات الإيرانية بجامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا الأمريكية "الحرس الثوري يسعي في الأساس إلى مكاسبهم الاستثمارية الخاصة. إنه يمتلك نصيبا كبيرا في الاقتصاد ويريد نصيبا أكبر". وأضاف قائلا أن الحرس الثوري "يعتقد أنه إذا فاز روحاني فإن انتصاره سيقلل بعض امتيازاته".
اضف تعليق