قبل ايام من انطلاق الانتخابات الرئاسية في ايران والمقرر إجرائها في 19 مايو/أيار، تصاعدت الحرب الانتخابية و احتدام التنافس الرئاسي بين المرشحين، حيث ويواجه روحاني الذي يسعى للفوز بفترة رئاسية ثانية في الانتخابات، حاليا منافسة قوية من مرشحين محافظين بعضهم مقرب من الزعيم الأعلى الإيراني آية الله على خامنئي. وانتقد المحافظون الإرث الاقتصادي لروحاني قائلين إن تقاربه مع الغرب والتنازلات بشأن الأنشطة النووية لإيران لم تظهر بعد مزاياها الاقتصادية. وأشارت استطلاعات رأي نقلت نتائجها وكالة "تسنيم" الإيرانية للأنباء، بعد اجراء أول مناظرة انتخابية علنية بين المرشحين الستة للرئاسة الإيرانية. إلى أن شعبية روحاني سجلت تراجعاً مقابل تصاعد لتأييد المرشحين محمد باقر قاليباف، عمدة طهران، وإسحاق جهانغيري، النائب الأول لرئيس الجمهورية، اللذين يرجح أن الأصوات التي خسرها روحاني ذهبت إليهما.
وبالرغم من تراجع شعبيته لا يزال روحاني يتصدر السباق الرئاسي، وإن بفارق أقل مما كان عليه في السابق، فيما اقترب منه قاليباف الذي يحتل المرتبة الثانية. ويليهما إبراهيم رئيسي، الرجل الدين المحافظ ويعد من أفراد دائرة خامنئي المقرَّبة، بفارق 10 بالمئة، وإسحاق جهانغيري بفارق 20 بالمئة. من جانبه حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني الإيرانيين من أنهم قد يواجهون نظاما سلطويا بشكل أكبر إذا اختاروا بدلا منه منافسا محافظا في الانتخابات. وحقق روحاني فوزا مفاجئا في الانتخابات الرئاسية الماضية عام 2013 ليخلف محمود أحمدي نجاد الذي ظل في الحكم لثمانية أعوام. وكان فوز أحمدي نجاد بولاية ثانية عام 2009 سببا في احتجاجات حاشدة وحملة أمنية صارمة في البلاد.
ونقلت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء عن روحاني قوله أمام حشد في مدينة يزد "لن ندعهم يعيدون مناخ (هيمنة) الأمن والشرطة إلى البلد". وأضاف "الإيرانيون سيثبتون للعالم في الانتخابات أن عهد العنف والتطرف والضغوط في بلدنا ولى وأن إيران تسلك طريق العقل". ومن بين منافسي روحاني المرشح إبراهيم رئيسي وهو رجل دين ذو نفوذ وله خبرة على مدى عقود في السلطة القضائية الإيرانية التي تتبع نهجا محافظا ومحمد باقر قليباف رئيس بلدية طهران وهو قيادي سابق في الحرس الثوري.
وكان رئيسي، الحليف المقرب من خامنئي، أحد أربعة قضاة أشرفوا على إعدام آلاف السجناء السياسيين في عام 1988. ويقول محللون إن روحاني لا يزال يحتفظ بتأييد معقول خصوصا بين الكتلة الضخمة من الناخبين الشبان وسكان الحضر المنجذبين لرؤيته بشأن زيادة الحريات الاجتماعية ووضع حد لتدخل المؤسسة الدينية في الحياة الشخصية. لكن نشطاء في مجال حقوق الإنسان قالوا إن إدارة روحاني لم تحقق سوى القليل فيما يتعلق بالحريات الشخصية أو إطلاق سراح السجناء السياسيين وركزت بدرجة أكبر على الحد من عزلة إيران الدولية. وقال روحاني في خطاب أذاعه التلفزيون "الحرية هي المسألة الأهم بالنسبة للإيرانيين" مضيفا أنه أمر وزارة المخابرات بعدم "التدخل في حياة الأشخاص".
حرب الانتقادات
وفي هذا الشأن واجه الرئيس الإيراني حسن روحاني انتقادات من منافسيه المتشددين في مناظرة قبل الانتخابات بسبب الفشل في إنعاش الاقتصاد بعد الاتفاق النووي الذي وقعته إدارته مع القوى الكبرى لكنه رد عليهم بأن صادرات النفط استعادت عافيتها وأن الاقتصاد يحتاج فقط إلى فسحة من الوقت لينتعش. وكان روحاني قد انتُخب بأغلبية كاسحة في 2013 على وعود بإنهاء عزلة إيران التي أصابت الاقتصاد بالشلل وتخفيف القيود على المجتمع في الجمهورية الإسلامية.
ويسعى لإعادة انتخابه في 19 مايو أيار ضد منافسين متشددين رغم أن مؤيدين له يعبّرون عن خيبة أملهم من أدائه في المنصب. وفي مناظرة في طهران أذاعها التلفزيون الرسمي تصدى روحاني لانتقادات بأن قليلين من الإيرانيين هم الذين تمتعوا بأي فوائد ملموسة من الاتفاق النووي لعام 2015 والذي بمقتضاه كبحت إيران أنشطتها النووية في مقابل رفع معظم العقوبات الدولية. وقال المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي، وهو أحد أربعة قضاة أشرفوا على إعدام آلاف السجناء السياسيين في عقد الثمانينات، "ما الذي تغير منذ الاتفاق؟ ما الذي تغير في الحياة اليومية لشعبنا؟"
لكن جميع خصوم روحاني في المناظرة قالوا إنهم يوافقون على الاتفاق النووي على اعتبار أنه ضروري لمستقبل إيران. واتهم مرشح محافظ آخر هو محمد باقر قاليباف، رئيس بلدية طهران السابق وقائد سابق بالحرس الثوري الإيراني، روحاني بالفشل في التغلب على البطالة التي تشير تقديرات إلى أنها تتراوح من 12 إلى 20 بالمئة. ورد روحاني قائلا إن إعادة ربط إيران بالنظام المالي العالمي بعد رفع معظم العقوبات أثمرت بالفعل عن استئناف صادرات النفط وفي حكم المؤكد أنها ستثمر عن وظائف واستثمارات مما يدعم الاقتصاد في السنوات المقبلة.
وأضاف الرئيس الذي يمثل تيار المعتدلين قائلا "كل العقوبات المرتبطة بالنشاط النووي رُفعت. اليوم نحن نصدر مليوني برميل يوميا من النفط. بدون الاتفاق كنا سنصدر فقط 200 ألف برميل يوميا. "إذا حاولنا فإننا يمكننا أن نصل إلى متوسط نمو 8 بالمئة في السنوات الخمس القادمة... سندعم الاقتصاد في الأعوام المقبلة. نحن لا نقول أننا لدينا القدرة بل نقول إننا سنفعل."
وتحسنت مجمل التوقعات الاقتصادية لإيران منذ الاتفاق النووي. وتكهن صندوق النقد الدولي بنمو من 4 إلى 5.5 بالمئة في 2016 وهو ما يزيد كثيرا عن المعدل البالغ 1.3 بالمئة الذي توقعه قبل التوصل للاتفاق النووي. وتعهد رئيسي وقاليباف بإيجاد ملايين الوظائف سنويا إذا انتُخبا رغم أنهما لم يقولا كيف سيحققان هذا ووصف خبراء اقتصاديون مثل تلك الوعود بأنها "غير واقعية".
ورد روحاني قائلا "هذه الوعود في حملة الانتخابات لا تعدو أن تكون شعارات... لا يمكنك الوصول إلى نمو قدره 26 بالمئة في عام... تحتاج لاستثمارات لتحقيق تقدم اقتصادي وخلق وظائف" وهذا سيأتي في جانب منه من خلال سياسة فتح الجمهورية الإسلامية أمام الاستثمار الأجنبي. وأضاف قائلا "لا تكذبوا على الناس. سيتعين على الناس أن يختاروا بين الشعارات والعمل."
ويقول محللون إن شركات أجنبية كثيرة ما زالت مترددة في الاستثمار في إيران لأسباب من بينها استمرار العقوبات الأمريكية الأحادية المفروضة بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان وصلات مزعومة لإيران بالإرهاب والدور المهيمن لرجال الدين والمؤسسات الأمنية في ثاني أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط.
وتقول جماعات حقوقية دولية وناشطون في إيران إن روحاني لم يفعل شيئا يذكر لتحقيق قدر أكبر من الحريات الاجتماعية. وأصدر نظام قضائي متشدد خارج عن سيطرة روحاني أحكاما بالسجن على عشرات النشطاء والصحفيين والمدونين والفنانين. لكن إسحق جهانغيري النائب الأول للرئيس، وهو مرشح أيضا في الانتخابات يعتبره بعض المراقبين مساندا للرئيس، حذر من عودة إلى الحكم السلطوي المطلق في إيران وعزلة في الخارج إذا فاز مرشح متشدد في انتخابات مايو أيار. بحسب رويترز.
وقال جهانغيري "عزيزي شعب إيران.. ما الذي تريدونه؟ هل تريدون قيودا أم المزيد من الحريات؟ هل تريدون توترا دوليا أم سلاما؟ عزلة أم استقامة؟ بإدلائك بصوتك أنت ستحدد مسار إيران." وعلى الرغم من أدائه الضعيف في الاقتصاد يقول محللون إن روحاني لديه بفرصة قوية لإعادة انتخابه لأنه المرشح الوحيد الذي يدعمه معسكر للمؤيدين للإصلاح في حين أن المتشددين فشلوا في الاتحاد خلف مرشح واحد. والمرشحان الآخران هما وزير الثقافة المتشدد السابق مصطفى مير سليم ونائب الرئيس السابق مصطفى هاشمي طبا وهو من المعتدلين.
وانتقد الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي الرئيس حسن روحاني لتصريحات قال فيها إن سياسة الوفاق التي اتبعها مع الغرب ساهمت في تلاشي التهديد بالحرب وذلك في وقت يتصاعد فيه التوتر في طهران قبل الانتخابات الرئاسية في مايو أيار. وفي عام 2015 أيد روحاني، البراجماتي الذي أدى انتخابه في 2013 إلى انفراجة دبلوماسية في العلاقات مع الغرب، اتفاقا تاريخيا وافقت طهران بموجبه على كبح أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات الدولية عليها.
وخلال الشهور القليلة الماضية تصاعدت المواجهة بين روحاني الذي يسعى للفوز بفترة رئاسية ثانية وحلفاء خامنئي الذين يعارضون الاتفاق النووي قبل الانتخابات. ونقلت وسائل الإعلام الرسمية عن خامنئي قوله "البعض يقول منذ أن تولينا المنصب تلاشى شبح الحرب. هذا ليس صحيحا". وتابع "حضور الشعب في المشهد السياسي هو الذي أبعد شبح الحرب عن البلاد". وقال روحاني "الاتفاق النووي كان انجازا وطنيا. علينا أن نستفيد من مزاياه. لكن البعض بدأ معركة بشأنه". وأضاف روحاني خلال افتتاح مصفاة في مدينة بندر عباس بجنوب البلاد أن المشروع الذي يحقق الاكتفاء الذاتي في الإنتاج النفطي كان نتاج الاتفاق و"التفاعل مع العالم".
الارتباط بالغرب
من جانب اخر دعا الزعيم الأعلى الإيراني آية الله على خامنئي مرشحي الرئاسة إلى التركيز على الاكتفاء الذاتي اقتصاديا لينأى بنفسه بشكل أكبر عن سياسة الانفتاح على الغرب والسعي إلى الحصول على استثمارات أجنبية التي ينتهجها الرئيس حسن روحاني. ويأمل حلفاء خامنئي الذين يتطلعون لفوز جناحهم المحافظ بالرئاسة أن يعاقب الناخبون روحاني على بطء وتيرة الانتعاش الاقتصادي على الرغم من رفع العقوبات بموجب اتفاق نووي يعد السمة المميزة لفترته الأولى.
ونقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن خامنئي قوله "يتعين على المرشحين أن يتعهدوا بالتركيز على الإمكانيات الوطنية والطاقات المحلية لحل المشكلات الاقتصادية... بدلا من التطلع للخارج". ووعد رجل الدين الذي يحظى بنفوذ واسع إبراهيم رئيسي وهو المنافس الرئيسي لروحاني في الانتخابات التي تجري في 19 مايو أيار بتوفير ما يزيد على 1.5 مليون وظيفة سنويا إذا تم انتخابه. ووعد مرشح آخر وهو رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف بتوفير خمسة ملايين وظيفة سنويا. بحسب رويترز.
وقال رئيسي وهو حليف وثيق لخامنئي في مدينة بيرجند "علينا أن نعيد مشروعات التصنيع إلى الإنتاج... ولا نحتاج للتطلع للأجانب لتحقيق ذلك". ورفعت معظم العقوبات التي فُرضت على إيران بسبب برنامجها النووي في 2016 بموجب اتفاق مع ست قوى كبرى من بينها الولايات المتحدة في 2015. وعلى الرغم من ذلك أحجمت البنوك العالمية الرئيسية عن التعامل مع إيران بسبب مخاوف من معاقبتها بسبب ما تبقى من عقوبات أمريكية ليس لها صلة بالقضية النووية مما أدى إلى إبطاء جهود إعادة بناء التجارة الخارجية وجذب الاستثمارات. وعلى الرغم من تراجع معدل التضخم ونمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي إلى نحو 7.4 في المئة قال صندوق النقد الدولي في فبراير شباط إن النمو في القطاع غير النفطي بلغ 0.9 في المئة في المتوسط "مما يعكس استمرار المشكلات في تدبير الموارد المالية".
دعم روحاني
في السياق ذاته اعلن محمد خاتمي دعمه للرئيس المعتدل المنتهية ولايته حسن روحاني والمرشح لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية الايرانية، حسب ما ورد على الموقع الرسمي للرئيس الاصلاحي الاسبق. وقال خاتمي الذي تولى الرئاسة بين 1997 و2005 ان "هزيمة روحاني معاناها عودة ممكنة للعزلة الدولية والعقوبات" ضد ايران. وتابع خاتمي "(نائب الرئيس الاصلاحي اسحق) جهانغيري وكل الحكماء فان مصلحة الشعب والبلاد هي في استمرار حكومة الرئيس روحاني".
وروحاني وجهانغيري هما المرشحان الاساسيان من المعسكر الاصلاحي والمعتدل في مواجهة رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف ورجل الدين ابراهيم رئيسي ابرز مرشحين محافظين. ويتنافس ايضا مرشحان اخران غير معروفين هم مصطفى هاشمي طابا (اصلاحي) ومصطفى مير سالم (محافظ).
خلال مناظرة تلفزيونية اولى وفي ظهروه العلني مرات عدة، لفت جهانغيري الانظار في مداخلاته الى حد ان بعض الناخبين قالوا على شبكات التواصل الاجتماعي انه سيكون رئيسا افضل من روحاني. وكان جهانغيري ترشح بدعم من المسؤولين الاصلاحيين وبموافقة الرئيس المنتهية ولايته ل"دعم" هذا الاخير في المناظرات التلفزيونية ازاء المحافظين. ومن المفترض ان ينسحب في الدورة الاولى لصالح روحاني. بحسب فرانس برس.
ولا يزال خاتمي (73 عاما) الزعيم الابرز للمعسكر الاصلاحي رغم خضوعه لقيود اذ لا يحق للصحف نشر صورته او معلومات متعلقة به. وكان خاتمي لعب في العام 2013 دورا كبيرا في انتخاب روحاني عندما حث المرشح الاصلاحي انذاك محمد رضا عارف الى الانسحاب في اللحظة الاخيرة لدعم ترشيح روحاني المعتدل الذي انتخب منذ الدورة الاولى. وكان الرئيس المعتدل الاسبق هاشمي رفسنجاني (1989-1997) الذي توفي في كانون الثاني/يناير الماضي، دعم ايضا الرئيس الحالي روحاني.
الى جانب ذلك قالت مصادر إن سياسيين معارضين مواليين للإصلاح في إيران يعتزمان إعلان تأييدهما لانتخاب الرئيس حسن روحاني لفترة أخرى في سبيل حشد التأييد له وسط استياء بعض الناخبين من بطء وتيرة التغيير. وقال متحدث إن زعيمي حركة الإصلاح في البلاد وهما رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي ورئيس البرلمان السابق مهدي كروبي سيحثان الناخبين على دعم الرئيس.
وقال أردشير أمير أرجمند وهو متحدث باسم الزعيمين الخاضعين للإقامة الجبرية في المنزل ويقيم في باريس "الزعيمان كما في الانتخابات السابقة سيدعمان المرشح الذي يدعمه الفصيل الموالي للإصلاح". وقال مصدر آخر مقرب من زعيمي المعارضة "سيعلن موسوي وكروبي دعمهما لروحاني قبل أيام قليلة من التصويت ".
وسيتطلع الكثير من الناخبين الإصلاحيين إلى إرشاد موسوي وكروبي اللذين ترشحا للرئاسة في 2009 عندما أدى الاحتجاج على فوز المرشح المحافظ محمود أحمدي نجاد بالرئاسة لخروج أكبر مظاهرات في إيران منذ الثورة الإسلامية في 1979. والرجلان رهن الإقامة الجبرية في المنزل لمدة ست سنوات على الرغم من أنهما لم يدانا بأي جريمة. ويتلهف الإصلاحيون لتصريحاتهما عبر الإنترنت من مقر الإقامة الجبرية.
وقالت مريم زاري (19 عاما) وهي إيرانية ستدلي بصوتها للمرة الأولى في الانتخابات الرئاسية المقبلة إنها ستصوت فقط إن تلقت تعليمات بذلك من كروبي وموسوي. وأضافت "سأصوت لأي كان من يدعمونه". وقال آخرون إنهم سيدعمون روحاني ولكن على مضض. وقال مراد بهمانيش وهو مدرس موسيقى في مدينة يزد بوسط البلاد "إنه جزء من المؤسسة. نحن مضطرون للتصويت لأخف الضررين... ماذا حدث لوعود روحاني بالإفراج عن زعيمي المعارضة من الإقامة الجبرية؟"
وصلاحيات الرئيس المنتخب محدودة وفقا لنظام الحكم في إيران إذ تقيدها سلطة منصب الزعيم الأعلى الذي يشغله منذ عام 1989 رجل الدين المحافظ آية الله علي خامنئي. وخلال الفترة الرئاسية لروحاني حظي الرئيس بدعم حذر من خامنئي في الاتفاق النووي. لكن تبين أن إقناع الزعيم الأعلى بقبول تغييرات اجتماعية مهمة أكثر صعوبة. ويقول بعض حلفاء روحاني إنه سيتمكن الآن من تحقيق مزيد من التقدم في أجندته الداخلية إذا فاز بتفويض جديد وواضح بولاية ثانية لأربع سنوات لأن فوزه سيثبت للمحافظين أن الناس تريد التغيير.
وقال مسؤول كبير في حكومة روحاني طلب عدم ذكر اسمه "الإيرانيون يريدون أن يكونوا أحرارا ويعيشون بحرية. إنهم لا يعارضون الجمهورية الإسلامية. الناس سيستمرون في الكفاح من أجل حقوقهم". لكن جماعات دولية معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان ونشطاء في إيران يقولون إن خطوات قليلة للغاية اتخذت نحو حريات سياسية واجتماعية أكبر خلال ولاية روحاني الأولى. ويقبع عشرات النشطاء والصحفيون والمدونون والفنانون في السجن لأسباب سياسية.
وعادة ما يشير روحاني إلى أنه لا يملك سلطة على مثل تلك الاعتقالات التي ينفذها في الأغلب القضاء الذي يغلب عليه المحافظون والحرس الثوري الإيراني. وقال رضا (28 عاما) وهو إصلاحي قضى فترة وجيزة في السجن بعد انتخابات 2009 وطلب عدم ذكر اسمه بالكامل لأسباب أمنية "فقدت أملي في قدرة روحاني على إصلاح البلاد. تركيزه الأساسي كان على الاقتصاد وليس على تحسين الحقوق المدنية".
وحقق الرئيس بعض النجاحات بشأن وعود تخفيف القيود على الإنترنت لكن دخول مواقع التواصل الاجتماعي ظل محظورا رسميا على الرغم من أن روحاني وخامنئي ومسؤولين آخرين لديهم حساباتهم الخاصة على تويتر. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش العام الماضي إن روحاني فشل في الوفاء بوعوده بتحقيق احترام أكبر للحقوق المدنية والسياسية. وفي 2015 قالت لجنة حماية الصحفيين ومقرها نيويورك إن الصحفيين المحبوسين في إيران يفوق عددهم من اعتقلوا في أي دولة في العالم بخلاف الصين ومصر.
ولم تكشف السلطات عن العدد الإجمالي للسجناء السياسيين في إيران. كما اعتقلت السلطات نحو 12 شخصا يحملون جنسيات أخرى لاتهامات تعتبرها جماعات حقوق الإنسان سياسية. وقال لويس شاربونو مدير شؤون الأمم المتحدة في منظمة هيومن رايتس ووتش "من سيفوز بالانتخابات الرئاسية الإيرانية يجب عليه أن يضع تحسين وضع حقوق الإنسان القاتم كأولوية". وتابع قائلا "حافظت إيران على أعلى معدل إعدامات بالنسبة لعدد السكان في العالم لسنوات طويلة... إذ أعدمت 530 شخصا العام الماضي الكثير منهم لتهم متعلقة بالمخدرات وعدد منهم قصر".
وسيستفيد روحاني من عدم وجود خيار آخر غيره أمام الناخبين الإصلاحيين إذ يتعرض المرشحون للتدقيق من هيئة محافظة. وقال سعيد ليلاز وهو اقتصادي بارز سجن في عهد أحمدي نجاد لانتقاده للسياسة الاقتصادية وهو قريب حاليا من حكومة روحاني إن الناخبين الإصلاحيين سيكون عليهم الحكم على روحاني في سياق ما هو ممكن في إطار النظام القائم. وتابع قائلا "فشل روحاني في الوفاء بكل وعوده بشأن الإصلاح الاجتماعي سيؤثر على التصويت... لكن الإيرانيين يدركون جيدا حدوده وإنجازاته".
اصوات اخرى
على صعيد متصل وافقت جمعية بارزة لرجال الدين الإيرانيين على دعم المرشح في انتخابات الرئاسة إبراهيم رئيسي مما يعطيه دفعة قبل الانتخابات. ويعد رئيسي، وهو رجل دين محافظ عمل لأعوام عديدة في القضاء الإيراني، المنافس الأساسي للرئيس حسن روحاني الذي يسعى للفوز مجددا في الانتخابات. ويخوض السباق أيضا أربعة مرشحين آخرون من بينهم رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف ونائب الرئيس اسحق جهانكيري .
والجمعية التي تعرف باسم جمعية معلمي قم هي جماعة تضم معلمي المعاهد الدينية من مدينة قم المقدسة وتضم عددا من كبار رجال الدين المتشددين. وقالت في بيان على موقعها الالكتروني إن مناقشات مكثفة جرت وأنه تم اختيار رئيسي "كأفضل مرشح". وانتقد رئيسي، الذي يعتقد أنه المرشح المفضل للزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي، السجل الاقتصادي لروحاني في كلمات ألقاها في الآونة الأخيرة وقال إن البلد ليس في حاجة لمساعدة أجنبية. كما انتقد خامنئي، أعلى سلطة في إيران، الأداء الاقتصادي لحكومة روحاني ودعا لمزيد من الاهتمام بالبطالة. بحسب رويترز.
وهناك نحو 3.2 مليون إيراني بلا عمل من إجمالي عدد السكان الذي يبلغ 80 مليون نسمة. وفي العام الماضي عين خامنئي رئيسي على رأس مؤسسة دينية تبلغ ميزانيتها مليارات الدولارات. ويقول بعض المراقبين إن من المحتمل أنه يتم تجهيزه ليصبح الزعيم الأعلى المقبل.
اضف تعليق